إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

[الإتحاف بأمورٍ تعين علىٰ الإنصاف]

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [الإتحاف بأمورٍ تعين علىٰ الإنصاف]

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الإتحاف
    بأمورٍ تعين علىٰ الإنصاف


    الحمد لله، والصَّلاةُ والسَّلامُ علىٰ رسُول الله.
    أمَّا بعدُ:
    فالإنصافُ من أخلاقِ الفضلاء وشيم النبلاء ودرَّةٌ حسيَّة يُرزقُها من كان قلبهُ معلقٌ بالله صفةٌ جُبل عليها الرُّسل والأنبياء وتجلت في ورثتهم من العلماء لم يتصف بها أحدٌ قط إلا وكان محمودًا بهيًّا وما ابتعد عنها أحدٌ قط إلا وكان فاسدًا شقيًّا لا تُنال إلَّا بصدق نيَّة ولا يمكنُ تحصيلها بسريرة غير نقيَّة.

    ولمَّا كانت بهذه المنزلة الرفيعة والمكانة البديعة كان حثيثًا بالمرء أن يتحلَّىٰ بأمورٍ تعينهُ علىٰ التَّخلقِ بها.

    وأوَّل تلك الأمور: تَّعلقُ القلب بالله -عز وجل- والصُّدور في الأمور كلها لاسيما في الأحكام وغيرها عن شرعهِ الذي بعث بهِ نبيه -صلَّىٰ اللهُ عليهِ وسلَّم- وجعل الشرع الحنيف هو الميزان الذي يكتال منهُ لنفسهِ وللنَّاس فليس ثمت موازين أحسن من ميزان الله ورسولهِ قال تعالىٰ: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.

    وثانيها: النِّية الصادقة التي هي ينبوع الخير في الجسد المسلم فهي معيار الأعمال وعلىٰ مدارها ترد وتقبل الأقوال والأفعال وهي حقيقة الإخلاص وفِي الحديث: "إنما الأعمال بالنِّيات"، ومن صدق الله صدقهُ الله.

    وثالثها: إصلاح السريرة تجاه الخلق فمن صَفىٰ صُفي لهُ والحقُّ أنَّ القلوب جنود فلا تتآلفُ إلا لمن يوافقها ولا تستأنسُ إلَّا لمن يريد لها خيرًا فحقيقٌ علىٰ مُحب الإنصاف أن يكون صافي السريرة تجاه الناس جميعًا لا حمالًا ولا خدَّاعًا وفِي الحديث: "المؤمن مرآةُ أخِيهِ".

    ورابعها: الكلمة الطَّيبة فلها أثرٌ في النُّفوس وهي مفتاح القلوب بِها يبتسم العبُوس ويُواسىء الميؤُوس تجبر الخاطر وتسر قلب السامع يُتقىٰ بها من النِّيران وهي سبب للغفران ففي الحديث: "ٱتقوا النَّار ولو بِشقِّ ثمرة فمن لم يجد فبكلمةٍ طيِّبة"، وقوله: "والكلمة الطَّيبة صدقة".

    وخامسها: الحكمة فلا يتصفُ بها إلا رزينٌ حصيف ولا يعدمها إلا أخرقٌ خفيف وحدها وضع منفعة في وقتها ودفع مضرة في وقتها أثنىٰ بها الخبير علىٰ جملة من أنبيائه وثلة من أصفيائهِ وأخبر أن من أُوتيها أُوتي كنزا عظيمًا وخيرًا كثيرًا فقال: ﴿يؤتِي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أُوتي خيرًا كثيرًا﴾ فالجهاد في تحصيلها شرف وتجاهل أمرها عارٌ وقَرف.

    وسادسها: الرجوع لأهل الخبرة واستشارتهم وقت الحيرة ففي الحديث: "البركة مع أكابركم"، وهم علىٰ قسمين: كبار كبّرهم العلم وهم علىٰ قسمين:
    القسم الأوّل: صغار في السن كبار في العلم، وكبار في السّن كبار في العلم، والبركة فيهما جميعا.
    والقسم الثّاني: كبار السّنّ؛ حنّكتهم الأيام والسنون، فتعلموا منها وإن لم يكونوا علماء، فخبرة السنون كبرتهم وعواصف الأزمان بصَّرتهم، فكمال الاتصاف بالإنصاف يكون بمراجعتهم والرجوع إليهم في المعضلات واستشارتهم.

    وسابعها: التأني في اتخاذ المواقف والنظر إلىٰ ما بعد المواقف من عواقب، فالتأني معظمهُ إصابة؛ والعجلة معظمها معابه، والتأني صفة يحبها الله ورسولهُ قال النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- للأشج بن عبد القيس: "إنك فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: (الحلم والأناة)" وهو خلق يتوسط شرين إما إفراط ناتج عن عجلة وطيش وإما تفريط ناتج عن كسل وإضاعة وخير الأمور أوسطها.

    هذا ما تيسر جمعهُ مما أملاه الخاطر وإن كانت بعض النقاط تجتمع بعضها مع بعض إجمالًا، إلا وأن هناك شعيرات حاولت الإشارة إليها بإفراد كل واحدة منها بفقرة معينة راجيًا النفع والانتفاع وقد فاتني ما فاتني فهذه‍ الكتابة إنما هي رؤوس أقلام من كلام في أمر عظيم لا توفيهِ مقالة ويحتاج إلىٰ أقلامٍ سيَّالة.
    واللهُ أعلم وهُو أعزُّ وأكرم وصلَّىٰ اللهُ علىٰ نبيِّنا مُحمَّد وعلىٰ آلهِ وصحبهِ والحمدُ للهِ ربِّ العالمِين.

    كتبهُ:
    أبُو مُحمَّد الطَّرَابُلُسِيُّ
    لأربعٍ خلون مِن رجب ١٤٤٢هـ
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2021-02-17, 08:56 AM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X