إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأيَّامُ الزّاهيَّةُ الزَّاهِرَةُ ، فِي مَصرَعِ (تَدَخُّـلِ ) الأَقْزَامِ الفَالِحِيَّةِ الْمُجَاهِرَةِ(الْحلقَة 05)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأيَّامُ الزّاهيَّةُ الزَّاهِرَةُ ، فِي مَصرَعِ (تَدَخُّـلِ ) الأَقْزَامِ الفَالِحِيَّةِ الْمُجَاهِرَةِ(الْحلقَة 05)

    الأيَّامُ الزّاهيَّةُ الزَّاهِرَةُ
    فِي مَطْلَعِ العَلَمِ فَرْكُوسٍ وَالأَعْلاَمِ السَّلَفِيَّة الظَّاهِرَةِ([1])
    وَمَصْرَعِ الأَقْزَامِ الفَالِحِيَّةِ الْمُجَاهِرَةِ([2])
    .
    ( الْحَلْقَة الْخَامِسَةُ )
    ( أُصُولِ الأَسْبَابِ ، فِي جِنَايَةِ "الصَّعْفُوقِ" عَلَى العُلَمَاءِ وَأُولِي الأَلْبَابِ )
    (مَصْرَعُ التَّدخُّل )
    ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيـلِ رَبِّكَ بِالْحِكْـمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْنَدَ الْأَمْـــرُ بِالْمَعْرُوفِ إِسْنَادًا مُطْلَقًا ، إِلَّا لِمَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ ، وَالصَّبْرِ عَلَى أَذَى النَّاسِ ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَظِيــــفَةُ الرُّسُــــلِ وَأَتْبَاعِهِم ، وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْأَذَى مِنَ النَّاسِ ؛ لِأَنَّهُمْ مَجْبُولُونَ بِالطَّبْعِ عَلَى مُعَادَاةِ مَنْ يَتَعَرَّضُ لَهُمْ فِي أَهْوَائِـهِمُ الْفَاسِـدَةِ ، وَ أَغْرَاضِهِمُ الْبَاطِلَةِ([3]).
    وَالْحِكمَةُ :وَضْعُ الدَّعوَةِ فِي مَوضِعِهَا ، وَدِعَايَةُ كُلِّ أَحَدٍ بحَسَبِ مَا يَلِيقُ بحَالِهِ ، وَيُنَاسِبُهُ ، وَيَكونُ أَقْرَبَ لِحُصُولِ الْمَقْصُـودِ مِنْهُ([4])، وَالْمَوْعِظَةُ الْحَسَنَةُ هِيَ الْمَقَالَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى الْمَوْعِظَة الْحَسَنَةِ يَسْتَحِسُنُـهَا السَّامِعُ ، وَتَكُونُ فِي نَفْسِـهَا حَسَنَةً بِاعْتِبَارِ انتِفَاعِ السَّـامِعِ([5])، وَقِيلَ : هِيَ الدُّعَاءُ إِلَى اللَّهِ بِالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ ، وقيلَ : هُوَ قَوْل اللِّينِ الرَّقِيقِ مِنْ غَيرِ تَغْلِيظٍ ، وَلَا تَعْنِيفٍ([6]). وَممَّنْ جَمَعَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ- زَعَمًا- هَذَا العَابطُ وَشِلَّتُهُ ، فَقَصَدُوا- زَعَمًا- الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ، والنَّهيَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَصِيانةَ الدِّين ، "وَكَـمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ "([7])؛ حَيْثُ قَالُوا:" فَإن الرَّدَّ عَلَى الأَخطَاءِ مَنْهَجٌ رَبَانِيٌّ ، وَسُنَّةٌ نَبَوِيَّةٌ، وَطَريِقَةٌ سَلَفِيَّةٌ ، بِهَا يُحفظُ الدِّينُ مِنْ أَنْ يُدْخَلَ فِيهِ مَا لَيسَ مِنْهُ، وتُصَانُ الْمِلَّةُ عَنِ التَّحْرِيفِ وَالتَّغْيِيرِ... وَلَم يَكُنْ عُلَمَاءُ الإسْلَام يَتَوَانَوْنَ فِي نَقْدِ الْخَطَأ ، وَلَوْ صَدَرَ مِنْ كَبِيرٍ مُعَظَّمٍ ...ومن هَذَا الْمُنطَلَقِ السَّلَفِيِّ رَأَت «إدَارَةُ مُنتَدَيَاتِ التَّصْفِيَّةِ وَالتَّربيَّةِ» أَنْ تَشرَعَ فِي سِلْسِلةِ: «النَّقْد العِلمِيِّ لأَقْوَالِ وَمَوَاقِفِ الشَّيْخِ فركُوسٍ»...نُصْحًا للشَّيخ أوَّلًا ، وَنُصْحًا لِلمُتَعَصِّبينَ لَهُ ... وَدِفَاعًا عَنِ الْمَنهج السَّلفي وَنَقَائِهِ وَبَرِيقِهِ الَّذي كَادَ أَنْ يـُخمَدَ فِي قُلُوبِ الشَّبَابِ السَّلَفِيِّ ، بِسَبَبِ تَشْوِيشِ الْمُفَرِّقينَ عَلَيْهِ "اهـ([8]).
    قُلتُ :ومِنْ هُنَا انعَقَدَتِ الأَيَّامُ الزَّاهِيَّةُ ؛ فَشَرَعَتْ "في لَفْظِ «الدُّخَلَاءِ» عَلَى هَذِهِ الدَّعْوةِ ، وَنَفْيِهِم كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ([9])، وَالْمَاضِي أَشْبَهُ بِالآتِي مِنَ الْمَاءِ بِالْمَاءِ([10]ومِنْ أَرْشيفِ الزَّمَانِ نَسْتَلُّ شَاهِدًا وَقَّعَهُ رِجَالُ مَجَّلَةِ الاِصْلَاحِ- أَصْلَحَهم الله- في مَقالٍ وَسَمُوهُ بِـ «العُلمَاءِ بَيْنَ الاِزدرَاءِ وَالتَّقدِيرِ ، ونَشَرُوه قَبلَ اثني عَشَرَ عَامًا ؛ حَيثُ قَالُــوا:" وَفَسَادُ النَّاسِ ، وَهَلَاَكُهُم يَكونُ بِمَوْتِ العُلَمَاءِ ، وَبِعَدَمِ الرُّجُوعِ إِلَيْهِم ، وَبِسُوءِ الظَنَّ بِهم ، وَالإعْراضِ عَنـهُم ، وَتَنْصِيبِ الْجُهَّالِ الأَصَاغِرِ رُؤُوسًا يُقْتَدَى بِهم، وَجَعْلِهم أَئِمَّةً يُصْدَرُ عَنْ أَمْرِهِم ... مِنْ أَعْظَمِ البلاَيَا أَنْ يُترَكَ بَابُ العِلمِ مَفْتُوحًا لِكُلِّ مُدَّعٍ ، وَبِمَا لَم يُعطَ مُتَشَبِّعٌ ، وَمِن شَرِّ الرَّزَايَا أَنْ يَتَصَدَّرَ للدّعْوَةِ وَالفَتْوى أَصْحَابُ الأَهْوَاءِ والشُّبُهَاتِ ، وَعَبِيدُ الْمَصَالِحِ وَالشّـهَوَاتِ ... قَالَ ابنُ حَــزْمٍ :" لاَ آفَةَ عَلَى العُلُومِ وَأَهْلِهَا أَضَرُّ مِنَ الدُّخَلاَءِ فِيهَا، وَهُم مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا ، فَإِنَّهم يَجهَلُونَ ، وَيَظنُّونَ أَنّهم يَعلَمُونَ ، وَيُفْسِدُونَ ، وَيُقَدِّرُونَ أَنَّهم يُصلِحُونَوهَذَا كَلاَمٌ مِن خَبِيرٍ، يَنطَبِقُ تَمَامًا عَلَى أُولَئِكَ الَّذِينَ يُقْحِمُونَ أَنفُسَهِم فِي العِلْمِ وَالفَتْوى ، فَيُسَـوِّدُونَ الصَّحُفَ ، وَيُبَذِّرُوَن الْمِدَادَ ، وَيُضَيِّعُونَ الأَوقَاتَ ... لَقَدْ أَصْبَحَ لَهُم - بِكُلِّ أَسَفٍ - مَوَاقِعُ، وَقَنَواتٌ يَنشُرُونَ بَاطِلهُم ، وَيُزَيِّنُونَ شُبَهَهُم ، سِلاَحُهم الطَّعنُ وَالاِفْتِرَاءُ ، وَزَادُهم التَّحْريشُ وَالتَّلْبيسُ ، كَمَا فَعَلَتْ مَعَ شَيْخِنَا الَفاضِلِ مُحَمَّدٍ عَليِّ فَركوسٍ حَفِظَهُ الله تَعَالَى ، وَأَطَالَ عُمُرَهُ في الطَّاعَةِ وَالعِلمِ... وَالهَدَفُ مِن وَرَاءِ ذَلِكَ كُلِّهِ أُمُورٍ ، مِنْهَا : (01) تَنْفيـرُ النَّاسِ عَنهُم ، وَصَدُّهم عَنِ الاِسْتِفَادَةِ مِنْ عِلْمِهِم ، وَالأَخْذُ بِتَوجِيهَاتِهم ، لَقدْ سَـخَّرُوا أَوقَاتَهم وَأَقلاَمَهم فِي صَدِّ النَّاسِ عَنِ العِلْم الصَّحِيحِ النَّافِعِ ، فَهُم نُوَّابُ ابليِسٍ فِي الأَرْضِ .
    (02)
    تَألِيبُ وَلِيِّ الأَمْـرِ ، وَتحرِيضُهُ عَلَيْـهِم .
    (03)
    سَيْطَرَتُهم عَلَى السَّاحَةِ الدَّعَوِيَّةِ ، وَتَزَعُّمُهُم بَابَ العِلْمِ وَالفَتْوَى ، وَتَرَؤُّسُهم عَلَى الدَّهْمَاءِ ، لَكِنّ هَيْهَاتَ ، هَيهَاتَ "انتهَى([11]).

    فَاسْتَفَدْنا مِنْ هَذِه الفِقْرَةِ أَسْبَابًا من أسْبَابِ وَأُصُولِ جِنايَةِ الأَصَاغِرِ عَلى العُلَمَاءِ ، مِنـها : سُـــوءُ الظَنَّ ، والْجَهْلُ ، وَالصِّغَرُ ، التَّشْجِيعُ ، وَحُبُّ الظُّهورِ ، وَتَحقِيقُ غَاياتٍ وَمَصَالِحَ ، ومنْهَا : الإطَاحَةُ بالعُلَمَاءِ ، وَالطَّمَعُ في «الزَّعَامَةِ عَلى العَامَّةِ» .
    فَلِكُلِّ قَوْمٍ وَارِثٌ ، وَلِكُـلِّ أُسْلُوبٍ أَتْبَاعٌ ، وَمُقَلِّدُونَ([12])، وَالغَايَةُ عِنْدَ الأَصَاغِرِ تُبَرِّرُ كُلَّ أُسْلُوبٍ وَوسيلةٍ ، فَلِذا ظَهَرَ الطَّعْنُ ، وَالكَذِبُ ، وَالاِفْتِرَاءُ ، وَالوِشَـايَةُ وَالتَّحْريشُ ... الَـخ ، وَكُلُّـهَا آثَارٌ مِنْ آثَارِ «التَّعَصُّبِ» الذَّمِيـمِ ؛ الَّذِي تَدَنَسَ بِه سَلفُهُم ، وَتَوافَقُـوا فِيهَا ؛ قَالَ رِجَالُ الْمَجَّلَةِ :( هَذَا كَلاَمٌ مِن خَبِيرٍ ، يَنْطَبِقُ تَمَامًا عَلَى أُولَئِكَ الَّذِينَ يُقْحِمُونَ أَنفُسَهِم فِي العِلْمِ وَالفَتْوى ... الِخ )، أيْ أَنَّ الأَصَاغِرَ فِي عَصْرِ ابنِ حَزْمٍ(ت:456هـ) يُشَابِهونَ الأَصَاغِرَ الْجُنَاةَ في عَصْـرِنَا وأيَّامنَا ، إلَى حَدِّ الِانطِبَاقِ التَّامِّ ، بجَامِعِ ( اقْتِحَامِ مَا لَا يُحْسِنُهُ إِلَّا العُلَمَاءُ ).
    في كُلِ عَصْـرٍ (للْجُنَاةِ ) جَرِيرَةٌ **** لَيْسَتْ عَلَى مَـرِّ ( الزَّمَانِ ) تَزُولُ ([13])
    وَفي هَذَا الأَيَّامِ اقْتِحَمِ أقزامُ فالِح( جُنُودُ رِجَالِ مَجَّلَةِ الاِصْلَاحِ) - أصلحنا الله وإياهم - مَا لَا يُحْسِنُهُ إِلَّا العُلَمَاءُ ؛ حَيثُ "أَنْزَلُوا أَنْفُسَهُم مَنْزِلةَ أَهلِ الْحَلِّ وَالعَقدِ"([14])؛ لِيُوهِمُوا العَامَّةَ ِأَنَّ «تَدَخَّلَهُم» في شُؤُونِ الدّعْوَةِ السَّلَفِيَّةِ شَرْعيٌّ ،"وَقَدْ وَصَفَ حَالَهُم شَيْخُنَا أَزهرُ سنيقرَةُ - حَفِظَهُ الله تَعَالَى - في حِوَارِهِ الهَادِئِ مَعَ الّدكتُورِ عَبْدِ الْخَالِق مَاضِي - عَفَا اللهُ عَنْهُ - فِي كَلِمَاتٍ يَسِيرَةٍ تحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا مَعَانٍ كَبِيرَةٍ ، فَقَالَ :" ولأَنَّ جَوْهَرَ الْخِلَافِ بَيْنَنَا هُوَ مَسَائِلُ مَنْهَجِيَّةٌ مَعْلُومَةٌ ، كَانَ بِإمْكَانِنَا أَن نُعَالِجَهَا فِي حِينِـهَا ، قَبْلَ أَن تَتَقَادَمَ ، وَقَبْلَ أَنْ يَدخُــلَ بَيْنَنَا أُولئِكَ الغِلمَانُ الَّذِينَ اسْتَنْسَرُوا عَلَيْنا وَرَفَعُوا عَقِيرَتَهُم عَلَى كِبَارِنَا ، وَزَعَمَوا أَنَّهم يُرِيدُونَ خَيْرًا "اهـ([15]).
    وَ
    قَالَ الشَّيخُ الدّكتُورُ صَالِحٌ الكَشْبُورُ :" بَدَأَتْ الأَحْدَاثُ - بِالْجُملَةِ- بِانتِقَادِ الشَّيْخِ العَالِم مُحمَّدٍ فَركُوسٍ - حَفِظَهُ الله - وَمَنْ مَعَهُ مِنْ إخوَانِهِ - جُـمْلَةً مِنَ الاِنتِقَادَاتِ لِمَشَايِخَ وَطَلَبَةِ عِلم فِي دَارِ الفَضِيلَةٍ ... فَأَحْدَثَ هَذَا الْمَوقِفُ نَوعًا مِنَ التَّصَدُّعِ ... بَيْدَ أَنَّ مَا حَدَثَ كَانَ صِالِحًا لِلتَّرقِيعِ .... إِلَى أَنْ دَخَلَ فِي الأَحْدَاثِ الأَحْدَاثُ ؛ فَتَسَـلَّقُوا مَا لَم يُحسِنُوا ، وَتَسَوَّرُوا مَا لَم يُتقِنُوا ... فَكَانَ هَؤُلاَءِ مِنْ أَعْظَمِ الأَسْبَابِ- مَعَ أَسْبَابٍ أُخَرَ - فِي اِستِوسَاعِ الوَهْيِ ، وَاستِنْهَارِ الفَتْقِ ، وَتَفَاقُمِ الصَّدْعِ ... وَصَدَقَ القَائِلُ :
    إِنَّ الأُمُورَ إِذَا الأَحدَاثُ دَبَّرَهَا **** دُونَ الشُّيُوخِ تَرَى فِي سَيْرِهَا الْخَلَلاَ "اهـ([16])
    فَفِي مَطْلعَ الأَحْدَاثِ الْجَاريَّةِ قَال العَابِطُ:" اِعلَمُـوا أَنَّ شَيَاطِينَ الإنسِ وَالْجِنِّ قَدِ اخْتَرَقُـوا صُفُوفَ مَشَايِخِكم ، وَأَوْغَلُوا فِي الإِفسَادِ وَالتَّحْرِيشِ ، فَكُونُوا عَوْنًا لَهُم عَلَيهِم ، وَاحْذَرُوا التَّخَاذُلَ ، وَالرُّكُونَ إِلَى كِتْمَانِ الْحَقِّ ، وَقُومُـــوا لله قَوْمَةَ الصَّادِقِينَ ، فَالدّعْوَةُ السَّلَفِيَّةُ تَتَعَرَّضُ لِأَشْنَعِ الْهَجَمَاتِ ، وَ أَفْتَكِهَا حَاوَلْتُ وَاجْتَهْدتُ ، صَبَرْتُ وَاصْطَبَرتُ ، لَكِنَّ مَا الْحَيلَةُ ؟! "اهـ([17]).
    قُلْتُ : سُبَحانَ اللهِ !، تَأمَّلْ - يَا مُنْصِفُ - تجِدُ أَنَّ العَابِطَ يُحَرِّضُ شَبَابًا مِنْ أَقْرَانِهِ في مَجْمُوعَتِه الْمُغْلَقَةِ (رَوْضَةِ الْمُحِبِّينَ)، لِيَتَدَخَّلُوا بَيْنَ مشَايِخَ ؛ حِـمَايةً - فِي زَعَمِهِم- للدّعْوَةِ السَّـلَفِيَّةِ ، وَالذَّبُ عَنهَا وَاجِبٌ شَرْعيٌّ ؛ يَا عَابِطُ :"أَرَأَيْتَ - يَا صَدِيقِي- كَيْفَ تَرَكَ الشَّبَابُ أكَابِرَهُم ، وَتَوَجَّهُوا إِلَى أَمْثَالِكَ... لِيَطْلُبُوا "([18])، أَو يَنتَظرُوا "مِنهُم التَّوجِيهَاتِ الْمَنهَجِيَّةِ؟!... لَيْسَتْ في مَسَائِلَ عَامَّةٍ ، بَل فِي قَضَايَا مَنهَجِيَّةٍ لِلأَسَفِ الشَّدِيدِ "([19]).
    قَالَ حَـمَّادٌ الأَنصَاريُّ(ت:1418هـ): "وَإنَّ التَروِّي والتَأَنِّي فِي طَالِبِ العِلمِ يَزِيدَانِ فِي عَقْلِهِ ، وَإنَّ طَالِبَ العِلمَ الصَّغِيرَ العَقلِ وَالسِّنِّ يُضَيِّعُ الأَمَّةَ إِذَا تَدَخَّلَ فِيـمَا لَا يَعْنِيهِ ، وَلَا يَعْرِفُهُ "اهـ([20]).
    وَهَا هُوَ الْعَابِطُ يُخَاطِبُ عَالِمَنَا قَائلاً:"
    كَتَبْتُ قَبْلَ مَا يُقَارِبُ الشَّهْرَ... إِشْكَالَاتٍ وَأَسْئَلةً ...؛ نِيَابَةً عَنِ الكَثِيرِ مِن أَهْلِ السُّنَّةِ، لَكِنّ لِلأَسَفِ لَم نَحْظَ بِجوَابٍ ... وَأَسْئَلَتِي يَسْتَحِيلُ أَنْ تَكُونَ مِنَ النَّوعِ الَّذِي اسْتَثنَاهُ أَهْلُ العِلمِ في مَسْـأَلَةِ الكِتْمَانِ ؛ لِأَنَّ الْمَصلَحَةَ مَنُوطَةٌ بِالرَدِّ عَلَيـْهَا "اهـ([21])، بَلْ قَبْل الفِتنَةِ بِسَنَةٍ أَو سَنَتَيْنِ قَالَ الْعَابِطُ للشَّيْخَ لَزْهَـرَ : "يَا شَيْخُ : الًّذِي أَعْتَقِدُ أَنَّ مَصْلَحَةَ الدَّعْوَةِ فِي بَلَدِنَا تَقْتَضِي أَن تَضُمُّوا مَعَكَم آيت عِلجَت في «مجَمَّعِ الإصْلَاحِ» فَهُوَ أَوْلَى مَنْ جَلْوَاح "اهـ([22]).

    فَنَفَسُ« التَّدَخُّلِ» خُلُقٌ ابْتُلِيَ بِهِ العَابطُ قَبْلَ الفِتْنَةِ ، وَلَيسَ أَشْكَالُهُ مِنَ «الدُّخَلاَءِ»-عَبْرَ التَّارِيخِ - إلاَّ صعَافِقَةً ، قَاَل العَلاَّمَةُ عَبْدُ الرَّزَاقُ البَدْرُ :"قَالُوا عَنْ هَؤًلاَءِ صَعَافِقَةٌ ؛ لأَنّهَم يُدْخِـلُونَ أنَفْسَهُم فِي أُمُـورِ الدِّينِ العِظَامِ ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ حَـظٌّ مِنْ نُصُـوصِ الشَّرِيعَةِ ، وَلاَ فِقْهَ فِي دِينِ اللهِ ، ولَكِنَّهُ يَدْخُلُون مَدَاخِـلَ لَيْسَتْ إِلاَّ لِأَكَابِرِ الأَئِمَّةِ "اهـ([23])، ومَنْ تَأَمَّلَ حَالَ أَقْزامَ فَالِحٍ وَجَدَهُم - كَمَا قَالَ عَالِمُنَا -"شَبَابًا ... حَمَلَهُم جَهْلُهُم وَقِلَّةُ زَادِهِم عَلَى أَنْ أَنْزَلَ أَنفُسَهُم مَنْزِلةَ أَهْلِ الْحَلِّ وَالعَقْدِ "اهـ([24])
    وَالصَّعَافِيقُ - مِنْ حَيْثُ الْمَبنَى- وَاحِدُهُمْ صَعْفَقٌ ، وصَعْفَقِيّ وصَعْفُوقٌ([25])بفَتْح الصّادِ([26])، وَبَعضُهم يَضُمُّها ، وقَالَ الصّاغانيّ : صَعْفُوقُ ممْنُوعٌ مِنَ الصَّرْفِ لِلعُجْمَةِ وَالْمَعرِفَةِ ، وَهُوَ وزْنٌ نَادِرٌ([27]). أَمَّا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى : فَالصَّعْفَقَةُ - بِتَقْدِيـمِ الفَاءِ عَلَى القَافِ - تَضَاؤُلُ الْجِسْمِ([28])، وَالضَّئِيلُ نَعْتٌ لِلشَّيْءِ فِي ضَعْفِهِ ، وَصِغَرِهِ ، وَدِقَّتِهِ([29])، وَقَدْ يُطلَقُ الصَّعْفُوقُ وَيُرَادُ بِه اللِّصُّ الْخَبِيثُ ، أَوْ رُذَالَةُ النَّاسِ ، أَوِ اللَّئِيمُ مِنَ الرِّجَالِ ، وَكَانَ آباؤهم عَبِيدًا ، فَاسْتَعربُوا([30])، وَهَذَا لَهُ وَجهٌ صَحِيحٌ ؛ "لِأَنَّ الْكَــرَمَ فِي الْأَحْـرَارِ ؛ كَـمَا أَنَّ اللُّؤْمَ فِي الْعَبِيدِ([31])، وَقِيلَ :"إنَّ العَبدَ إذَا شَبِعَ فَسَقَ ، وَإن جَـاعَ سَرَقَ ، شَـرُّ الْمَالِ تَربِيَّةُ العَبِيدِ "([32])، قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ - رَضِي الله عَنهُ - :
    لَوْ أَنَّ اللُّؤْمَ يُنْسَبُ كَانَ عَبْدًا **** قَبِيحَ الْوَجْهِ أَعْوَرَ مِنْ ثَقِيفِ "([33]).
    وقَدْ قِيلَ إنَّ اللُّكَعَ هُوَ: العَبْد اللَّئِيمُ ، وَقيلَ هُوَ : الأَحْمَقُ"([34])، وَقيلَ هُوَ :العَبْدُ ، ثُمَّ اسْتُعمِلَ فِي الْحُمْقِ وَالذَّمِّ ... وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ فِي النِّدَاءِ ، وَهُوَ اللَّئِيم ، وَقِيلَ : الوَسِـخُ ، وَقَدْ يُطْلق عَلَى الصَّغِيرِ ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَاءَ يَطْلُب الْحَسن بْنَ عَلِيٍّ ، قَالَ :أثَمَّ لُكَعُ ؟»، فإنْ أُطْلِقَ عَلَى الْكَبِيرِ أُرِيـد بِهِ الصَّغِيرُ العِلمِ وَالعَقل([35]).
    وَمَنْ تَأمَّلَ حَالَ العَابِطِ وَشِلَّتِهِ لَيَلْمَسُ مِنْهم لُؤْمًا وَحُمْقًا وَخُبْثًا ، وَصِغَرًا في العِلْمِ وَالعَقْلِ ، وَلَيُدْرِكُ أنَّهم - فِعْلاً - عَبِيدٌ للْمَصَالِحِ وَالشَّهَوَاتِ ، فَرَحِمَ اللهُ شَيْخَنَا حَيًّا وَمَيِّتًا ؛ حَيثُ اخَتَصَرَ لَنا داءهم قَائلاً :"لَسْنَا عَبِيدًا لِعُبَيْدٍ "، وَسَيأتِي - إن شَاءَ اللهُ- بَسْطُ ذَلِكَ في تَفَارِيق هَذِهِ الصَّفَحَاتِ .
    وَالْمَشْهُورُ- في كُتُبِ الغَرِيبِ - أَنَّ الصَّعَافقَةَ " قَوْمٌ يَشْهَدُون السُّوقَ لِلتِّجَارَةِ ، لَيْسَتْ لَهُم رُؤُوسُ الأَمْـوَالِ ، فَإِذَا اشْتَرَى التُّجّارُ شَيْئًا دَخَـلُوا مَعَهُم "([36]قَالَ الشَّعْبِيِّ(ت:103هـ):"مَا جَـــاءَكَ مِنْ أَصْحَابِ محَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخُذْهُ ، وَدَعْ مَا يَقُولُ هَؤُلاءِ الصَّعَافِقَةُ "اهـ([37])، أَرَادَ الشّعْبِيُّ أَنَّ هَؤُلاَءِ لاَ عِلْمَ لَهُم ، وَلاَ فِقْهَ ، فَهُم بِمَنْزِلَة التُّجَّارِ الَّذينَ لَيْسَ لَهُم رُؤُوسُ أَمْـوَالٍ([38])، وَإِنَّمَا رَأْسُ مَالِ أَحَـدِهِمُ الْكَلامُ([39])، فَإِذَا اشْتَرَى التُّجَّـارُ شَيْئًا دَخَـلَ مَعَهُم([40])، ثُمَّ يُـحَـاوِلُ أَنْ يَكُونَ شَــرِيكًا لأَصْحَابِ رُؤُوسِ الأَمْوَالِ([41]).
    فَالصّعْفُوقُ : كُلُّ مَنْ لَم يَكُنْ لَهُ رَأسُ مَالٍ فِي شَيْءٍ([42])، قَالَ العَلَّامَةُ مُحمَّد بن هادي:" الصَّعَافِقَةُ هُم الَّذِينَ لَيْسَ لَدَيْـهِم رَأْسُ مَالٍ فِي جَـميعِ الأُمُورِ ، فَفِي العِلم لَا شَيْءَ عِنْدَهُم ، وَفِي الدُّنيَا وَالدَّرَاهَمِ وَالدَّنَانِيرِ لَا شَيْءَ عِنْدَهُم ، فَأَمَّا الَّذي يَهُمُّنَا هُو بَابُ العَلمِ قَدْ رُوِيَ فِي هَذَا ...(خُذُوا مَا جَاءَكُم عَنْ أَصْـحَابِ رَسُولِ اللهِ وَدَعُوا عَنْكُم مَا جَاءَ عَن هَؤُلَاء الصَّعَافِقَةِ ) ، يَعْنِي الَّذِينَ لَا عِلمَ عِنْدَهُم ، يُرِيـدُ بِهِم أَهْلَ الاِبْتِدَاعِ ، وَالّذين لَا عِلْمَ عِنْدَهُم ، فَعَلَيْكُم بِالسُّنَّةِ، وَعَلَيْكُم بِالأَخْبَارِ النَّبَوِيَّةِ فِي هَذَا عَلَيْكُم بِأَهْلِ العِلمِ خُذُوا عَنْهُم ، وَأَمَّا الَّذي لَيْسَ لَدَيْهِ رَأَسُ مَالٍ فَهَؤُلَاءِ صَعَالِيكُ، صَعَافِقَةٌ ، فَكَمَا أَنَّ هَذَا لَا مَالَ فَهُوَ صُعْفُوقٌ ، فَالصَّعَافِقَةُ فِي العِلمِ :... مَا عِنْدَهُم رَأسُ مَالٍ فِي العِلْم ... فَهَؤُلَاءِ هُمُ الفَرَارِيـجُ ظَنُّوا أَنْفُسَـهُم دِيَكَةً ، غَزِيري العِلمِ مِثْلُ الدِّيكِ بَعِيــدُ الصَّـوْتِ .... رَبَّمَا يَكُونُ دِيكًا وَاحِـدًا يَسْمَعُهُ أَهْلُ القَرْيَةِ جَـميعًا ، فَهَكَذَا مَنْ عِنْدَهُ عِلمٌ يَأْخُذُ عَنْهُ النَّاسُ جَـمِيعًا ، ويَسْمَعُونَ بِهِ ، وَيَتَوَارَدُون عَلَيْهِ ، يَبْلُغُهُم خَبَرُهُ ، يَشْتَهِرُ بَيْنَ النَّاسِ ذِكْرُهُ .... أَمَّا الفَرُّوجُ لَا أَحَـدَ يَعْلَمُ بِه "اهـ([43]).
    وَقَدِ اشْتَكَى ابنُ القَيِّمِ(ت:751هـ)مِنْ عَدَمِ نَفَاقِ بِضَاعِتَهِ هَذِهِ ، وَأَنَّ العُلَمَاءَ الكِبَارَ الَّذينَ هُم أَهْلٌ لَهَا قَدْ سَافَرُوا عَنْ هَذِهِ البُلدَانِ وَالأَوطَانِ ؛ أَيْ: مَاتُوا ، وَلَم يَجِدُوا إلاَّ الصَّعَافِقَةَ([44])؛ حَيثُ قَالَ:
    هَذِي بِضَاعَةُ ضَارِبٍ فِي الأَرضِ يَبـْ ***** ـغِي تَاجِرًا يَبْتَاعُ بِالأَثْمَانِ .
    وَجَدَ التُّجَّارُ جَـمِيعُهُم قَدْ سَافَرُوا ***** عَنْ هَذِهِ البُلدَانِ وَالأَوْطَانِ .
    إِلَّا (الصَّعَافِقَةَ ) الَّذِينَ تَكَلَّفُوا ***** أَنْ يَتَجِرُوا فِينَا بِلَا أَثَمَانٍ .
    فَهُمُ الزَّبُونُ لَهَا فَبِالله ارْحَـمُوا ***** مَنْ بَيْعُه مِنْ مُفلِسٍ مديَانٍ اهـ([45]).
    أي: فَبِاللَّهِ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمين :ارحَمُوا تَاجِرًا قَدْ جَاءَ بِبِضَاعَةٍ ، فَإِذَا التُّجَّارُ قَدْ سَافَرُوا، وَلَم يجِدُوا إلَّا هَؤُلَاءِ الصَّعَافِقَةَ الَّذين لَا مَال لَهُم ، بَلْ هُم مَفَالِيسَ مَدْيُونِينَ([46]).
    وَذَمَّهُم ابنُ سَحْمَانَ(ت:1349هـ) بِـ :"الْمُتَعَمِّقِينَ الْمُتَمَعْلِمِينَ الصَّعَافِقَة الَّذين تَكَلَّفُوا أَنْ يَتَّجِرُوا فِينَا بِلَا أَثْمَانٍ([47])، وَفِي مَوضْعٍ قَالَ:" هَؤُلَاءِ الْجَهَلةُ ، الصَّعَافِقَةُ، الْحَمْقَى الَّذِينَ لاَ عِلْمَ لَهُم ، وَلاَ مَعْرِفَةَ لَدَيـهِم بِحَقَائِقِ الأُمُورِ ، وَمَدَارِكِ الأَحْكَامِ ، الَّذِينَ لاَ يَفْهَمُـونَ مَوَاقِعَ الْخِطَابِ ، وَتَوْقِيعَ الأُمُورِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيهِ "اهـ([48])، وَفي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ :"مَنْ يُوسُفُ النَّبَهَانِيُّ ؟وَمَا يُوسُفُ؟ لَا أكثَرَ اللهُ فِي النَّاسِ أَمْثَالِهِ، وَقَطَعَ دَابِرَهُ وَشَتَّتَ أَوْصَالَهُ ، وَمَنْ كَانَ عَلَى طَرِيقَتِهِ وَنحلتِهِ مِنْ أَحْزَابِهِ وَإخوَانِهِ وَأَهْلِ مِلَّتِهِ؛ لأَنَّهُم مِنْ الغُوَاةِ الصَّعَافِقَةِ الْمُتَمَعْلِمِينَ، وَمِنْ أَهْلِ الْجَهَالَةِ الْمُتَمَرِّدِينَ الغَالِينَ ، الْمُتَبِعِينَ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤمِنِينَ "اهـ([49]).
    وَصَنَّفَ ابنُ قَاسِمٍ النَّجْدِيّ(ت:1392هـ)( الدُّرَرَ السّنِّيَّةَ ، فِي الأَجْوِبَةِ النَّجْدِيَّةِ )، وَقَرَّظَهُ محمَّدُ عَبدُ اللَّطِيفِ آل الشَّيْخ(ت:1367هـ)، وَعَبدُ اللهِ العَنْقَرِيُّ(ت:1373هـ)، وَقَد ذَمَّ ابن قاسمٍ النَّجْدِيّ الصَّعَافِقَةَ فيِ(الدُّرَرَ السّنِّيَّةَ)قَائلاً:" الْمُتَنَطُّعُونَ الصَّعَافِقَة الْمُجَّانُ ، الَّذِينَ تَكَلَّفُوا أَن يَتَّجِرُوا فِينَا بِلاَ أَثْمَانٍ([50]هَؤُلاَءِ الْجَهَلَةُ الصَّعَافِقَةُ، الْحَيَارَى الْمَفتُونُونَ قَدْ رَكِبُوا غاَرِبَ الزُّورِ وَالبُـهْتَانِ ، وَتَعَاوَنُوا عَلَى الإثْم وَالعُدوَانِ ، وَأَنَّـهُم فِي سَكرَتِهِم يَعْمَهُونَ ... وَأَنَّهُم فِيمَا يَقُولُونَهُ وَيَنْقُلُونَهُ - إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ - قَدِ اقتَرَحُوا كَذِبًا وَزُورًا([51]وَلاَ يَلْتَفِتُ إِلَى هَؤُلاء الصَّعَافِقَةِ ، إِلاَّ مَنْ قَلَّ حَظُّهُ ، وَضَاعَ نَصِيبُه مِنَ العِلمِ وَالإيمَانِ "اهـ([52]).
    فَالْمَقْصُودُ : أَنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ فُرْقَانًا بَيْنَ الْمُشْتَبِهَاتِ أَعْظَمُ النَّاس بَصِيرَةً ، وَالتَّشَابُهُ يَقَعُ فِي الْأَقْـوَالِ والأَعْـمَالِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَمْوَالِ وَالرِّجَالِ([53])، وَمنْ أَربَابِ البَصائِر :الشَّعْبِيُّ ؛ فقد سُئِلَ عَن رَجُلٍ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَان ، فَقَالَ : مَا يَقُول فِيهِ الصَّعَافِقَةُ ؟، وَرُوِيَ : مَا يَقُول فِيهِ الْمَفَالِيقُ؟، وَهُم الَّذِينَ يَفْلَقُونَ ، أَيْ: يَجِيئُونَ بِالفَلَقِ ، وَهُوَ الْعَجَبُ وَالدَّاهِيَّةُ مِنْ جَوَابَاتِـهم فِيـمَا لاَ يَعْلَمُونَ([54])؛ وَفُلَانٌ مِفْلَاقٌ : إِذَا كَانَ شَدِيدَ الْخُصُـومَةِ([55])، دَنِيئًا ، رَدِيئًا فَسْلاً، رَذْلًا ، قَلِيلَ الشَّيْءِ([56])، لاَ مَالَ لَهُ ، شَبَّهَ بِهِ مَنْ لاَ عِلْمَ لَه ، وَلاَ بَصِيرَةَ عِنْدَهُ بِالفَتْوَى([57]) وَهُو تَشْبِيهٌ حَسَنٌ([58]).
    وَكَذَلِكَ أَبْصَرَ - في عَصْرِنَا - العَلاَّمَّةُ مُحَمَّدُ بن هَادِي قَوْمًا يَجِيئُونَ بِالْعَجَبِ وَالدَّاهِيَّةِ مِنْ جَوَابَهم فِيمَا لاَ يَعْلَمُونَ يَتَدَخَّلُونَ فِي شُؤُونِ الدَّعْوَةِ السَّلَفِيَّةِ ، مَعَ تَوَافُرِ العُلمَاءِ ، وَعَدَمِ أَهلِيَتِـهِم([59])، حَتَّى لِلتَّصَدُّرِ لِلدَّعْــوَةِ وَالتَّدْرِيس ، فَضْـلاً عَن أَن يَقُــودُوا الدَّعْوَةِ فِي كَثِيرِ مِنَ البِلاَدِ ، وَيَتَحَكَّمُونَ فِي تَوْجِيـهِهَا فِي خَفَاءٍ ، وَبِاسْتِخِدامِ أَسَالِيبَ غَيْرِ مَرْضِيَّةٍ شَرْعًا ، وَلَدَيْهِ شَهَادَاتٌ مُستَفِيضَةٌ عَن عَدَدٍ مِن الثِّقَاتِ فِي بِلاَدٍ مُخْتَلِفَةٍ ، تُحِيلُ العَادَةَ أَن يَتَوَاطَؤُوا عَلى الكَذِبِ عَلَى هَؤُلاَء([60]فَنَعتَهُم العَلمُ مُحَمَّدُ بن هَادِي بِـ « الصَّعَافِقَةِ »؛ تأَسِّيًّا بسَلَفِهِ .
    وَكَذَلِكَ طَلَبَ العَابِطُ وَخَدَنُهُ حَـمُّودَةُ مِنْ الشَّيْخِ جُـمُعَةَ أَنْ يُكلِّمَا رِجَالَ مَجلَّة الاِصْلاَحِ ، فَأَمَرَهُمَا بِالعُـدُولِ ، وَأَنَّ الأَمْرَ لَيْسَ إِلَيْـهِمَا ، ثُمَّ طَلَبَا مِنْهُ النَّصِيحَةَ ، فَأَجَابَـهُمَا بِأَنْ يَلْتَزِمَـا الصَّمْتَ ، كَـمَا أَوْصَى بِذَلِكَ العَلاَّمَّةُ مُحَمَّدٌ عَلَيّ فَرْكُوسٌ([61])، وَقَدْ نَعَتَهُم بِـ «الغِلْمَانِ»([62])، وَحَدَّثَنِي بعْضُ الثِّقات أنَّه ارْتَضَى وَصْفَهُم بِـ «الصَّعَافقَةِ» .
    وَإنَّ العَابِطَ - كَمَا يَقُولُ الْمثلُ - أَكْذَبُ مِنْ صَبِيٍّ([63])، فَلَا عَجَبَ أَنْ يَزعُمَ قَائِلاً:" كُنْتُ قَدْ نَقَلْتُ في السَّنَةِ الْمَاضِيَّةِ تَعْيِيرَ الْحَلَبِيِّ لِلسَّلَفِيِّينَ بِالصَّعَافِقَةِ ، وَقُلْتُ يَومَهَا: هُوَ أَوّلُ مَنْ تَلَفَّظَ بِـهَذَا قَبْلَ محمَّد بنِ هَادِي ، وَاليَومُ أَقُولُ: قَدْ سَبَقَ عُتَاةُ فَالِحٍ الْحَرْبِيِّ جَمَاعَةَ الْمُفَرِّقَةَ وَجَمَاعَةَ الْحَلَبِيّ إِلَى هَذَا التَّعْيِيرِ "اهـ([64]).
    قُلْتُ :سُبْحَانَ اللهِ !، وَكأنَّ العَابِطَ مُؤَرِّخٌ محَقِّقٌ بَحَّاثَةٌ ، وَكأَنَّ قَوْلَهُ نَصٌّ في البَابِ ، وإلَّا فَلْيَذُكُـرْ شَاهِدًا مَقُبُولاً يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عُتَاةَ فَالِحٍ الْحَرْبِيِّ هُـمُ أَوَّلُ مَنِ عَيَّرُوا السَّلَفِيِّين بِـ «الصَّعَافِقَةِ»، وَبَيْننَا وَبَيْنَهُ سَنَوَاتُ العُمرِ ، فَنَعُوذُ باللهِ مِنَ الكَذِبِ وَالتَّحْريفِ .
    وَإنَّ شَيْخَ العَابِطِ في ( نَسْفِ التّصْرِيـحِ) اِعْتَبَرَ مُصْـطَلَحَ «الصَّعَافِقَةِ» مُحْدَثًا ؛ لَأنَّهُ لَم يـَجِـدْ مَنِ اسْتَعْمَلَهُ مِنَ العُلَمَاءِ مِنْ قَبْلُ([65])، وَكَأَنَّ شَيْخَ العَابِطِ بَحَثَ بَحْثًا ؛ حَتَّى حَكَمَ بِأنَّهُ محْدَثٌ ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ادَّعَى أَنْصَارهُ أَنَّ الشَّيْخَ رَبِيعًا قَرَأَ (نَسْفَ التّصْرِيحِ ) ثَلَاثَ سَاعَاتٍ قِرَاءَةً مُتَأَنِّيَةً ، وَأنَّه أَثَنَى عَلَيْهِ ، وَنَصَحَ بِنَشْرَهِ ، غَرَّدَ الدّكْتُورُ عَبْدُ العَزِيـزِ الْمُبَارَكِي قَائلاً :"يَوْمُ الفِتْنَةِ كُنتُ أُرْسِلُ مَقَالَاتِي عَلَى أَنَّهَا تَعْرِضُ عَلَى الشَّيْخِ رَبِيعٍ ، وَفِيهَا مِنَ التَّجَاوُزَاتِ الشَّرْعِيَّةِ مَا فِيها وَيَأْتِينِي الْجَوَابُ :"انشُرْ فَقَدِ اطَّلَعَ عَلَيْهَا الشَّيْخُ وَأَيَّدَهَا " ، وَاللهِ إِنَّ الشَّيْخَ بَرِيءٌ مِنْ أَنْ يُقِـرَّ مِثْلَ ذَلِكَ، وَعِنْدِي الكَثِيرُ مِنَ الْمَوَاقِفِ ، وَمَنْ جَرَّبَ مِثْلَ تَجْرِبَتِي عَرَفَ مِثْلَ مَعْرِفَتِي "اهـ([66]).
    وَقَدْ صَدَقَ عَبْدُ العَزِيـزِ الْمُبَارَكِيُّ ؛ حَيثُ ذكَـرَ أَقزامُ فَالِحٍ بأنَّ الشَّيخَ رَبيعًا رَكَّـزَ عَلَى مَوَاضِعَ مِن (نَسْفَ التّصْرِيحِ) ، وَكَانَ بِيَدِهِ قَلَمٌ ، صَوَّبَ بَعْضَ الكَلِمَاتِ فِي مَوَاطِنَ يَسِيرَةٍ ، وَكَانَ ذلِكَ بِبَيْتِهِ فِي 21 شَعْبَانَ 1439هـ([67]لَكَنَّهم لَمْ يذكُـرُوا شَيْئًا مِمَّا صَوَّبَهُ الشَّيْخُ رَبيعٌ . فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ يُوَافِقُ شَيْخَ العَابِطِ في بِدْعِيَّةِ مُصطَلَحِ الصَّعَافِقَةِ ، وَإذَا كَانَ الشَّيْخُ رَبيعٌ مُقَرًّا بِبْدِعيَّتِهِ ، فَلِمَاذَا لَمْ يُنْكِرْهُ عَلَى تِلمِيذِهِ العلَّامة امحمَّد بنِ هَادِي ؟! حَيْثُ قَالَ:" لِلشَّيخِ مُحمَّد بن هَادِي تَصَرُّفَاتٌ شَوَّهَت كَثِيرًا مِنَ السَّلَفِيِّينَ ؛ يُلَقِّبُـهُم بِالصَّعَافِقَةِ ، وَيَقُولُ عَنهُم مُلْحَـقُونَ بِأَهْلِ الأَهْوَاءِ وَهَذَا تَبْدِيعٌ لَهُم "اهـ([68])، وَنُشِرَ هَذَا بُعَيْدَ مَا قَرَأَ (نَسْفِ التّصْرِيحِ) في03 شَوَّالٍ 1439هـ .
    بَلْ إنَّ الصَّعَافِقَة يَنْقُلُونَ في حِسَابَاتِهِم عنِ الشَّيخَ رَبيعٍ أنَّهُ قَالَ:" الَّذِينَ يَطْعَنُونُ فِي إِخْوَانِـهِم بِأنَّهُم صَعَافِقَةٌ هُمُ الصَّعَافِقَةُ "اهـ([69])، وفي رِوايةٍ :"الَّذِينَ يَقُولُونَ عَنهُم صَعَافِقَةٌ هَؤُلَاءِ هُمُ الصَّعَافِقَةُ .. قُولُوا لَهُم أَنْتُم هُم الصَّعَافِقَةُ "اهـ([70])، وَهَذَا النَّقْلُ غَرِيبٌ مِن وَجْـهَينِ :
    الوَجْهُ الأَوَّلُ : أَنَّ العَلَّامَةَ رَبِيعًا لَم يَرْضَ مِنْ تِلمِيذِهِ محمَّدِ بنِ هَادِي تَنْزيلَ لَفْظِ الصَّعَافِقَةِ عَلَى ذِي شَهَادَةٍ جَامِعِيَّةٍ ؛ حَيْثُ قَالَ :"هَؤُلاَءِ الَّذِيـنَ أَكثَرتَ مِنْ رَمْيِـهِم بِالصَّعَافِقَةِ مِنْـهُم مَنْ يـَحْمِلُ شَهَادَةَ دُكتُورَاه فِي الشَّرِيعَةِ ، وَمِنهُم مَنْ يَحمِلُ شَهَادَةَ مَاجَسْتِير، وَمِنهُم مَنْ يَحمِلُ شَهَادَةً جَامِعِيَّةً ؛ فَهَذَا الرَّمْيُ غَلَطٌ كَبِيرٌ ، وَتَجْهِيلُكَ لَهُم خَطَأٌ فَادِحٌ "اهـ([71])

    وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الشَّيْخَ محمد بنَ هَادِي عَالِمٌ ، دُكتُورٌ ، مُدَرِّسٌ في الْجَامِعَةِ ، أَمَّا عَنْ إخْوَانِهِ وَأَنصَارِهِ فِفيهم عُلَمَاءٌ دَكَاتِرَةٌ مُدَرِّسونَ في الْجَامِعَةِ ، وَعَلَى رَأْسِهِم : شَيْخُنَا العَلّامَةُ فَركُوسٌ([72])، وَالَعلَّامَـةُ أَحْـمدُ بَازمُولُ ، وَالشّيخُ الدّكتُورُ عَبدُ الْمَجيدِ جُمُعَةُ ، وَالشَّيخُ أَزهَرُ سنيقرَةُ([73])، لَكنَّ الصَّعَافِقَةَ يَأْبَونَ إلَّا أَنْ يُفَرِّقُوا بَينَ الْمُتَمَاثَلَينَ .
    الوَجْــهُ الثَّانِي :أَنَّ العَلَّامَــــةَ رَبِيعًا في هَذَا النَّقَلِ جَعَلَ الطَّاعِنينَ وَالْمَطْعُونِينَ إخْوَانًا ؛ فَقَال :"الَّذِينَ يَطْعَنُونُ فِي إِخْوَانِهِم بِأنَّهُم صَعَافِقَةٌ..."، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ لَفْظَ (الصَّعَافِقَةِ) لاَ يَنْصَرِفُ إلَى التَّبْديعِ إذا أُطِلقَ ، وَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الشَّيْخ رَبيعٍ:( وَهَذَا تَبْدِيعٌ لَهُم ) يَنْصَرفُ إِلَى قَولِ الشَّيْخِ محمَّد بن هَادِي:( مُلْحَقُونَ بِأَهْلِ الأَهْوَاءِ )([74])؛ "وَ كَانَ السَّلَفُ يُسَمُّونَ أَهْلَ الْبِدَعِ وَالتَّفَرُّقِ - الْمُخَالِفِينَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ - أَهْلَ الْأَهْوَاءِ ؛ حَيْثُ قَبِلُوا مَا أَحَبُّوهُ ، وَرَدُّوا مَا أَبْغَضُوهُ بِأَهْوَائِهِمْ ، بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ([75])، قَالَ الشَّيْخُ رَبيعٌ :" الْمُبْتَدِعُ وَصَاحِبُ الهَوَى وَاحِدٌ "اهـ([76]).
    لَكِنَّ العَلَّامَةَ محمَّد بنَ هَادِي قال :" والله ، لاَ نُضَلِّلُهُم ، بَلْ هُم عِنْدَنَا مَعْذُورُونَ ؛ لأَنَّـهُم جَـهَلَةٌ([77])... وَيَقُولُونَ : إِنَّ مـحمّد بنَ هَادي يُبَدِّعُهُم ، لَا وَاللهِ، « هُمْ مُلْحَقُونَ بِأَهْلِ الأَهْوَاءِ»، نَعَم فِي أَفْعَالِهِم هَذِه الأَفْـعَالِ الَّتي يَفْعَلُونَـهَا بِأَهْلِ السُّنَّةِ ، وَيَفْعَلُونَـها بِالسَّـلَفِيِّينَ فِي كُـلِّ مَكَانٍ ، وَكَـمْ مِنَ الكَلَامِ لأَهْلِ العِلمِ فِي هَذَا فِي تَشْبِيهِ مَنْ ضَلَّ بِبعْضِ أَهْلِ الضَّــــلَالِ ؟!، النَّبِيُّ - صَلَّى الله عَليهِ وَسَلَّمِ - يَقُولُ:« ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا »، فَهَلْ كَانُوا هَؤُلَاءِ مَنُافِقِينَ نِفَاقٌ اعتِقَادِيٌ ؟!، نِفَاقٌ عَمَلِيٌّ وَالنّفِاقُ العَمَلِيُّ لَا يَخْرُجُ صَاحِبَهُ مِنَ الإيمَانِ ، فَهَؤُلَاءِ إِذَا سَلَكُوا بَعْضَ طَرَائِقِ أَهْلِ الضَّلَالِ لَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُم صَارُوا أَهْلَ الضَّلَالِ "اهـ([78]).
    قُلْتُ :قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ(ت:224هـ):" كَذَلِكَ الْحَدِيثُ :"آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ ..." ... لَيْسَ وُجُوهُ هَذِهِ الْآثَارِ كُلِّهَا مِنَ الذُّنُوبِ :أَنَّ رَاكِبَهَا يَكُونُ جَاهِلًا ، وَلَا كَافِرًا ، وَلَا مُنَافِقًا ، وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ ، وَمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِهِ ، ومؤدٍ لِفَرَائِضِـهِ ، وَلَكِنْ مَعْنَاهَا أَنَّهَا تَتَبَيَّنُ مِنْ أَفْعَالِ الْكُفَّارِ ، مُحَرَّمَةٌ ، مَنْهِيٌّ عَنْهَا فِي الْكِتَابِ ، وَفِي السُّنَّةِ ؛ لِيَتَحَامَاهَا الْمُسْلِمُونَ ، وَيَتَجَنَّبُوهَا ، فَلَا يَتَشَبَّهُوا بِشَيْءٍ مِنْ أَخْـلَاقِهِمْ وَلَا شَرَائِعِهِمْ ، وَلَقَدْ رُوي ... "إِنَّ السَّوَادَ خِضَابُ الْكُفَّارِ"، فَهَلْ يَكُونُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّهُ يَكْـــفُرُ مِنْ أَجْلِ الْخِضَــابِ؟! وَكَذَلِكَ حَدِيثُهُ فِي الْمَرْأَةِ إِذَا استَعطَرَتْ ، ثَمَّ مَرَّتْ بِقَوْمٍ يُوجد ريحُها (أَنَّهَا زَانِيَةٌ)، فَهَلْ يَكُونُ هَذَا عَلَى الزِّنَا الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الْحُدُودُ ؟! وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ : "الْمُسْتَبَّانِ شَيْطَانَانِ يَتَهَاتَرَانِ ، وَيَتَكَاذَبَانِ "، أَفَيُتَّهَمُ عليه أنه أَراد الشَّيْطَانَيْنِ الَّذِينَ هُمْ أَوْلَادُ إِبْلِيسَ ؟! "اهـ([79]). وَقَالَ ابنُ عُثَيْمِين(ت:1421هـ):" وَالْحُكْمَ الْمُعَلَّقَ عَلَى الأَوصَـافِ لاَ يَنْطَبِقُ عَلَى الأَشْخَاصِ ، إِلاَّ بِتَحَقُّقِ شُرُوطِ انْطِبَاقِهِ ، وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ .... فَدُعَاءُ القَبْرِ شِـرْكٌ ، لَكنْ لاَ يُمْكِنُ أَنْ نَقُولَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَعَـلَهُ : هَذَا مُشْـرِكٌ ؛ حَتىَّ نَعْرِفَ قِيَامَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ ، أَوْ نَقُولُ : هَذَا مُشْـرِكٌ بِاعِتِبَارِ ظَاهِرِ حَالِهِ "اهـ([80])
    وَرَدَّ العَلَّامَةُ رَبِيعٌ عَلَى غُلَامِ فَالِحٍ فَوزِي البَحْرِيِنيُّ([81])قائلا: " كَتَبتُ مَقَالاً بَيَّنتُ فِيهِ أَوجُهَ الشَّبَهِ بَينَ (الْحَـدَّادِيَّة وَالرَّوَافِضِ )، وَلَم أَصِفْهُم بِأَنَّهُم رَوَافِضُ وَبَاطِنِيَّةٌ ، وَصَـرَّحتُ بِنَفْيِ ذَلِكَ عَنْهمُ فِي الْمَقَالِ نَفْسِهِ ، فَهَذَا الرَّجُلُ لِجَـهْلِهِ بِاللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ وَبِمَدلُولَاتِ الأَلفَاظِ وَاصْطِلَاحَـاتِ العُلمَاءِ ، وَأَنَّ الْمُشَبَّهَ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِثلَ الْمُشَبَّهِ بِهِ([82]إنْ كَانَتْ هَذِهِ الفِئَةُ تَتَحَلَّى بِمُشَابَـهَةِ الرَّوَافِضِ ... فَإنَّا - وَمِنْ مُنْطَلَقِ الإنْصَـافِ - لاَ نَقُولَ بِأَنَّهُم رَوَافِـضُ ، وَلَكِـنّ مَا نَقُــولُهُ فَمِنْ بَابِ مِنْ بَابِ قَوْلِ النَّبِي- صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : إِنَّكَ امْـرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةِ ... وَلَم يَعتَقِد رَسُولُ اللهِ- صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا أَصْحَابُهُ ، وَلَا العُلَمَاءُ بَعْدَهم أَنَّ مَنْ تَشَبَّهَ بِالكُفَّارِ فِي بَعْضِ أَعمَالِهم وَأَخْلَاقِهم أَنَّه قَد صَارَ كَافِراً ، وَمَعَ كُلِّ هَذا فَقَد تجَاوَزَ هَذَا الْجَاهِلُ مَنهجَ السَّلَفِ فِي فَهْمِ هَذِهِ الأَلفَاظِ وَمَا شَاكَلَهَا وَمِنْهَا قَوْلِي :( إِنَّ هُنَاكَ أَوجُهَ شَبَهٍ بَيْنَ الْحَدَّادِيَّةِ وَالرَّافِضَةِ)، وَمَعَ التّنْبِيهِ السَّابِقِ عَلَى قَصْدِي مِنْ سَوْقِ ( أَوجُهِ الشَّبَهِ بَينَ الْحَــدَّادِيَّةِ وَبَيْنَ الرَّافِضَـةِ ) بِمَا يَتَّفِقُ مَعَ فِقهِ السَّلَفِ ، وَمَنهَجِهِم وَتَنَزِيلِهِم لِلْأَلْفَاظِ مَنَازَلَهَا ، فَذَهَبَ هَذَا الْجَـاهِلُ الْمُتَـهَوِّرُ مَعَ هَذَا كُلِّهِ ، وَيَقُـــولُ : إنِّي رَمَيْتُ أَهلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَة بِالبَاطِنِيَّةِ وَالرَّافِضِيَّة وَالْخَارِجِيَّة وَاليَهُودِيَّةِ ... وَالْحَدَّادِيَّةِ وَالصُّوفِيَّةِ "اهـ([83]).

    ( يُتبَعُ إن شَاءِ الله ) ...

    ([1])عطف العلم فركوس على الأعلام من باب ( عطف العام على الْخاص) ، وَأُفْرِدَ الْأَوَّلُ بِالذِّكْرِ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهِ ، ومن أمثلته: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} والنسك العبادة فهو أعم (الإتقان 3/241 ) السيوطي(911هـ)
    ([2])الْمُجَاهِرَةُ : أي الإعلان ، وَفِي الْحديث :«كلُّ أمَّتي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِين» هُم الَّذِينَ جَاهَرُوا بِمَعَاصِيهم ، وأظْهَرُوها، وكَشَفُوا مَا سَتَر اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْها ، فَيَتَحدَّثون بِهِ ، والْمراد هنا : الْمعلنون لعداوتهم للعلمَاء ، وقد كانوا من قبل يطعنون سرا .
    ([3])(أضواء البيان 1/464 )محمد الأمين الشنقيطي (المتوفى : 1393هـ)
    ([4])(تيسير اللطيف المنان 2/353 ) عبد الرحمن بن ناصر آل سعدي (المتوفى: 1376هـ)
    ([5])(فتحُ البيان في مقاصد القرآن 7/ 340 ) صديق خان (المتوفى: 1307هـ)
    ([6])(معالم التنزيل في تفسير القرآن 3/103 ) البغوي (المتوفى : 510هـ)
    ([7])(سنن الدارمي 1/266 ) أبو محمد عبد الله الدارمي (ت: 255هـ)
    ([8])(طليعة (النقد العلميّ لأقوال ومواقف الشيخ فركوس) ) منتديات التصفية والتربية .
    ([9])(الأيام الزاهية ، كلمة لابد من قولها ) يونس تباني ( منتديات الإبانة السلفية ).
    ([10])( ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب ص14 ... ) عبد الرحمن بن خلدون (ت: 808هـ)
    ([11])(مَجلة الاِصلاح - الجزائر - العدد 12 )
    ([12])(كشف أكاذيب وتحريفات وخيانات فوزي البحريني ص166 ) للعلامة د. ربيع بن هادي .
    ([13])(ديوان حافظ إبراهيم ص113 - قصيدة الشَعبُ يَدعو اللَهَ يا زَغلولُ .. - )
    ([14]) (نصيحة وتوجيه إلى منتدى التصفية والتربية ) للعلامة د. محمد علي فركوس – حفظه الله -
    ([15])((تسلط الصغار على الكبار في القديم والحديث... - منتديات الإبانة السلفية) أبوعبد الرحمن عبدالله بادي.
    ([16]) ( ركوب المغمّضة والمعمّة ) الشيخ الدكتور صالح الكشبور منتديات الإبانة السلفية .
    ([17]) (رسالة إلى خالد حمودة ، ومن كان على شاكلته ) للشيخ الدكتور عبد المجيد . منتديات الإبانة السلفية
    ([18]) هذا من أجوبة العابط ، جعلته عليه انظر (نقضُ الدّواهي من مقالةِ «التّشنيع» لنَبِيل بَاهِي - منتديات التصفية و التربية ) محمد مرابط في رجب 1440هـ
    ([19]) هذا من أجوبة محمد مرابط ، جعلته عليه انظر (نقضُ الدّواهي من مقالةِ «التّشنيع» لنَبِيل بَاهِي - منتديات التصفية و التربية ) محمد مرابط في رجب 1440هـ
    ([20])(المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري (رحمه الله) 2/562 )
    ([21])(حوار هادئ مع الشيخ الدكتور محمد علي فركوس -وفقه الله- الحلقة 02 ) محمد مرابط منتديات التصفية والتربية
    ([22]) (القطعة النّادرة من أيّام آيت علجت الغابرة ) محمد مرابط منتديات التصفية والتربية .
    ([23]) مقطع صوتي بعنوان " من هم الصعافقة للشيخ عبد الرزاق البدر"
    ([24]) ( نصيحة وتوجيه غلى منتديات التصفية والتربية ) العلامة محمد فركوس .
    ([25])( لسان العرب 10/199 ) .
    ([26])(المحيط في اللغة 1/131 ) ابن عباد ( ت: 385ه ـ).
    ([27])(تاج العروس 26/20 ) الزَّبيدي (ت: 1205)
    ([28])(مجمل اللغة 501 ) ابن فارس (ت: 395هـ)( شمس العلوم6/3752 ) نشوان الحميرى (ت:573هـ)
    ([29])(تهذيب اللغة 12/47) أبو منصور الأزهري (ت:370هـ).
    ([30])( العين 2/289 ) الفراهيدي(ت:170هـ)،(المحكم والمحيط الأعظم 2/ 399 ) أبو الحسن الْمرسي (ت:458هـ)
    ([31])(البحر المحيط في التفسير 4/21 ) لأبي حيان الأندلسي (ت: 745هـ)
    ([32])(المستطرف في كل فن مستطرف 1/328 ) أبو الفتح الأبشيهي (ت: 852هـ)
    ([33]) (الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي 11/26 ) أبو عبد الله القرطبي (المتوفى: 671هـ)
    ([34])( تهذيب اللغة 1/205 ) الأزهريّ(ت: 370هـ)
    ([35])(النهاية في غريب الحديث والأثر4/268 ) ابن الأثير (ت: 606هـ)
    ([36])(العين 2/288) (ت:170هـ)،(المحكم والمحيط الأعظم 2/ 399 ) ، (لسان العرب 10/199 )، (القاموس المحيط ص900) .
    ([37])(الإبانة الكبرى ) 2/ 514 ابن بَطَّة العكبري (المتوفى: 387هـ)
    ([38]) ( تهذيب اللغة ) 3/180 الأزهري (ت: 370هـ)
    ([39])الإبانة الكبرى 2/516 - ابن بَطَّة العكبري (ت: 387هـ)
    ([40]) كتاب ( العين ) 2/288 - الفراهيدي البصري (ت: 170هـ)
    ([41]) مقطع صوتي بعنوان ( من هم الصعافقة للشيخ عبد الرزاق البدر) .
    ([42]) ( غريب الحديث ) 4/ 443 أبو عُبيد القاسم بن سلاّم (ت: 224هـ)
    ([43])مقطع يوتيوب (معنى الصعافقة للشيخ محمد بن هادي المدخلي )
    ([44])(توضيح المقاصد ، وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم 2/615 ) أحمد عيسى (ت:1327هـ)
    ([45]) (متن القصيدة النونية : فصل: في حال العدو الثالث ص 364 )
    ([46])(توضيح المقاصد ، وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم 2/615 ) أحمد عيسى (ت:1327هـ)
    ([47])(كشف الأوهام والإلتباس ص40 ) سليمان بن سحمان النجدي (ت: 1349هـ)
    ([48])(منهاج أهل الحق والاتباع ص 20 ) سليمان بن سحمان النَّجدي (ت: 1349هـ)
    ([49])(كشف غياهب الظلام ص297 ) سليمان بن سحمان النجدي (ت: 1349هـ)
    ([50])( الدرر السنية في الأجوبة النجدية 10/ 476) عبد الرحمن قاسم الحنبلي النجدي (ت: 1392هـ)
    ([51])( الدرر السنية في الأجوبة النجدية 12/ 505) عبد الرحمن قاسم الحنبلي النجدي (ت: 1392هـ)
    ([52])( الدرر السنية في الأجوبة النجدية10/ 488 ) عبد الرحمن قاسم الحنبلي النجدي (ت: 1392هـ)
    ([53]) ( الروح ص 260 ) ابن قيم الجوزية (ت: 751هـ)
    ([54]) ( الفائق 2/301 ) الزمخشري جار الله (ت: 538هـ)
    ([55]) (تهذيب اللغة 1/164 ) أبو منصور الأزهري(ت:370هـ) .
    ([56]) (لسان العرب10/312 ) .ابن منظور (ت: 711هـ)
    ([57]) (غريب الحديث 3/118) الخطابي(ت: 388هـ ) .
    ([58])( عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ3/ 251 ) السَّمِين الحلبي ( ت: 756 ) .
    ([59])( منشأ الخلاف بين فضيلة الشيخ محمد بن هادي–حفظه الله- وبين الصعافقة ) أشرف أحمد البيومي .
    ([60])( رسالة الشيخ أبي عبد الأعلى إلى أحد العلماء ... ص 3 ) الشيخ أبي عبد الأعلى المصري وفقه الله .
    ([61]) (الجواب عن الجواب وردع الطَّاعن العَيَّاب الحلقة 02 ) للشيخ الدكتور عبد المجيد .
    ([62]) (الـمآخذ على البيان الأخير لرجال مجلة الإصلاح ـ أصلحهم الله ـ ) العلامة د/ محمد فركوس ( منتديات الإبانة )
    ([63])(الثبات على السنَّة ص 30 ) للعلامة د. / ربيع بن هادي
    ([64]) (تغريدة) في: 18 نوفمبر 2020 م .
    ([65])(نَسْفِ التّصْـرِيحِ ص29 )
    ([66]) (تغريدة) في: 07/08/2020 ، تنبيه : الكثير من التغريدات كتبها المباركي ضد إخوانه الصعافقة ، ثم حذفها .
    ([67])(نسف التَّصريح وبيان ما فيه من التَّشغيب والتَّلبيس الصَّريح ) توفيق عمروني منتديات التصفية والتربية
    ([68])(تعليقات على طعونات الشيخ محمد بن هادي في أناس أبرياء مما يصفهم به ) موقع العلامة د . ربيع بن هادي
    ([69])من ذلك : (إذاعة ابن أبي زيد القيرواني ) ، ( فتنة الكذابين المراجيج الأخس من الحدادية )، ( الرد على المخالفين من أهل البدع والأهواء والصعافقة )
    ([70])حساب فايس بوك ( من هم الصعافقة )
    ([71])( تعليقات على طعونات الشيخ محمد بن هادي في أناس أبرياء مما يصفهم به ) موقع العلامة د/ ربيع بن هادي
    ([72])حدّثني بعض الثقات أنّ سَـمع شيخنا يقول : حتى أنا اتهمني الصعافقة بالسرقة العلمية .
    ([73])تخرَّج من «الْمعهد الوطني العالي لأصول الدِّين»، بالْجامعة المركزيَّة ، سنة (1407) (1987م) ، انظر ترجْمَةَ موجزة لشيخنا لزهر منتديات الآجري ، وقد نقلتها من منتديات التصفية والتربية قديـمًا ، لكن الرابط معطل.
    ([74]) ( صوتية )( كلمة موجهة لطلاب العلم بمدينة رداس التونسية )
    ([75]) (مجموع الفتاوى 4/190) ابن تَيْمية (ت: 728هـ)
    ([76])سؤال :(هل هناك فرق بين صاحب الهوى والمبتدع؟ ) موقع العلامة د . ربيع بن هادي .
    ([77]) صوتية ( كلمة موجهة لطلاب العلم بمدينة رداس التونسية دقيقة 51 و47ثا) إصدار "زدني العلمية "
    ([78])صوتية ( كلمة موجهة لطلاب العلم بمدينة رداس التونسية دقيقة 54 / 57 ثانية) إصدار "زدني العلمية "
    ([79])(الإيمان - ص91 وما بعدها ) أبو عُبيد القاسم بن سلاّم (ت: 224هـ)
    ([80])( القول المفيد على كتاب التوحيد 1/52 ) ص 20 للعلامة محمد بن صالح العثيمين (المتوفى: 1421هـ)
    ([81])الآن انقلب على شيخه فالِح وصار عدوا له ومستقلا برأيه ، ويوصف بالعلامة .
    ([82]) ( كشف أكاذيب وتحريفات وخيانات فوزي البحريني ص07 ) العلامة د/ ربيع بن هادي .
    ([83]) ( كشف أكاذيب وتحريفات وخيانات فوزي البحريني ص35 ) للشيخ ربيع بن هادي .
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو خليل عبد الرحمان; الساعة 2021-03-28, 07:04 PM.

  • #2
    يرفع للأهمية .

    تعليق

    الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
    يعمل...
    X