إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأيَّامُ الزّاهيَّةُ الزَّاهِرَةُ ، في مَطْلَعِ العَلَمِ فَرْكُوسٍ وَالأَعْلاَمِ السَّلَفِيَّة الظَّاهِرَةِ ( الـحلقة 02 )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأيَّامُ الزّاهيَّةُ الزَّاهِرَةُ ، في مَطْلَعِ العَلَمِ فَرْكُوسٍ وَالأَعْلاَمِ السَّلَفِيَّة الظَّاهِرَةِ ( الـحلقة 02 )

    الأيَّامُ الزّاهيَّةُ الزَّاهِرَةُ
    فِي مَطْلَعِ العَلَمِ فَرْكُوسٍ وَالأَعْلاَمِ السَّلَفِيَّة الظَّاهِرَةِ([1])
    وَمَصْرَعِ الأَقْزَامِ الفَالِحِيَّةِ الْمُجَاهِرَةِ([2]).
    ( الْحلقَة الثَّانِيَّةُ )
    ( الشَّاهِدُ الثَّالثُ : الأعداء )
    ﴿ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ ، وَمِنْ سُنَّةِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنْ يُجْرِيَ الْحَقَّ عَلَى أَلْسِنَةِ أَعْدَائِهِ وَ مُخَالِفِيهِ ؛ وَذَلِكَ بَيَانًا لَهُ، وَتَطْمِينًا لِقُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَإقَامَةً لِلْحُجَّةِ عَلَى أَعْدَائِهِ وَمُنَاوِئِيهِ([3])، وَأَيُّ فَضْـلٍ أَعْظَمُ مِن فَضْلٍ تُشَاهِـدُهُ الْحَسَدَةُ وَالأَعْدَاءُ ، فَلَم يَـجِدُوا فِيهِ مَغْمَزًا لِثَالِبٍ أَو قَادِحٍ ، وَلاَ مَطْعْنًا لِجَارِحٍ ، أَو فَاضِـحٍ ، فَهُو كَـمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
    شَهِدَ الأَنَامُ بِفَضْلِهِ حَتَى العِدَى ***** وَالفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الأَعْدَاءُ ([4])
    وَقَدْ وثَّقَ الزَّمَانُ - قَدَيمًا وحَديثًا - أَثنِيَةً تَفَوَّهَ بِها رُمُوزٌ مِن العِدَى في حَقِّ خاتِـمِ الأَنبيَاءِ صَلَّى الله عَليهِ وَسلَّم([5])، وَالعُلمَاءُ وَرثَةُ الأَنبيَاءِ ، وَقَد سَـجّلَ الزَّمَانُ ثَنَاءَاتٍ نطَقَ بَها فَريقٌ مِن أَهْلِ البِدَعِ والأهواءِ في حَقِّ أَسَاطِينَ مِن عُلَمَاءِ أَهلِ السُّنةِ ، حَيثُ قَالَ- مَثَلاً - قُطبُ الإخْوَانِ القَرضَاوِي (95عَامًا):"إنَّ هَذِهِ الصَّحْوَةَ امتِدَادٌ ، وَتَجْدِيدٌ لِحَرَكَاتٍ إِسْلَامِيَّةٍ ، وَمَدَارِسَ فِكْرِيَّةٍ وَعَمَلِيَّةٍ ... قَامَ عَلَيْهَا رِجــالٌ صَادِقُونَ ، حَاوَلَ كُلُّ مِنهُم أَن يُجَـــدِّدَ الدِّينَ ، أَوْ يُـحْيىِ الأُمَّةَ ... يَذكُرُ التَّارِيخُ مِنْـهُم مُجَدِّدَ الْجَزِيرَةِ العَرَبِيَّةِ ، بَاعِثَ الدَّعْوَةِ السَّلَفِيَّةِ ، خِرِّيـجَ الْمَدْرَسَةِ الْحَنْبَلِيَّةِ الشَّيْخَ مُحمَّد بن عَبْدِ الوَهَّابِ([6]وَيُذْكَـرُ مِنْـهُم : العَالِمُ الدَّاعيَّة الْمُرَبِّي ، الَّذِي عَايَشَ القُرآنَ مُفَسِّرًا وَمُطَبِّقًا ، وَدَعَا إِلَى السَّلَفِيَّةِ الوَاعِيَّةِ ، وَالرُّوحَانِيَّةِ الصَّافِيَّةِ ، وَحَارَبَ الْجُمُودَ وَالفِكْرَ وَالاِنحِرَافِ فِي العَقِيدَةِ ، وَالعَوَجِ فِي السُّلُوكِ ، وَوَصَلَ العِلمَ بِالتَّرْبِيَّةِ ، مُؤَسِّسُ جَمعيّةِ العُلَمَاءِ فِي الْجَزَائِرِ ، وَمُنْشِئُ مَجَلَّةِ الشَّهَابِ الَّتِي كَانَتْ كَاسْمِهَا نُورًا يَهْدِي الْحَائِرِينَ ، وَرَجْمًا يُرْهِبُ الشَّيَاطِينَ : الشَّيُخ الْمُصْلِحُ ابنُ بَادِيسٍ ... "اهـ([7]).
    وَقَدْ ألَّفَ القَرْضَاوِيُّ كِتَابًا وَسَمَهُ ( فِي وَدَاعِ الأَعْلَامِ 830 صَفْحَةً )، وَجَمَعَ فِيهَا - عَلَى ذَوقِهِ - مِنَ الْمُتَرَدِّيَّةِ ، وَالنَّطِيحَةِ ، وَمِمَّا أكلَ السَّبُعُ ، وَزَكَّاهُ عِلمُهُ وَعَـمَلُهُ ، مِنْ أَمْثَالِ ابنِ بَاز ، نَاصِرِ الدِّينِ الأَلبَانِيِّ ، وَابنِ عُثَيْمِينَ ؛ فَقَال :"وَدَّعَتِ الأُمَّةُ الإسْلَامِيَّةُ اليَومَ عَلَمًا مِنْ أَعْلَامِهَا الأَفَذَاذِ ، وَنجْمًا مِنْ نُجُومِهَا السَّاطِعَةِ فِي سَـمَاءِ العِلِم عَلَّامَةَ الْجَزِيرَةِ الشَّيخَ عَبدَ العَزِيزِ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ بَازٍ، الذي كَانَ جَبَلًا مِنْ جِبَالِ العِلم ، وَبـَحْرًا مِن بُحُـورِ الفِقْهِ ، وَإمَامًا مِنْ أَئِمَّة الهُدَى ، وَلِسَانًا مِنْ أَلْسِنَةِ التَّوحِيدِ ، وَعِمَادًا مِن أَعْمَدَةِ الدِّينِ ، وَرُكْنًا مِنْ أَركَانِ الأُمَّة ... وَكَانَ الشَّيْخُ فِي الفِقهِ حَنْبَليَّا ، و لَكِنَّهُ لَم يَكُن مُقَلِّدًا ... وَاتَّصَلَ حَبْلُ الوُدِّ بَيْنِي وَبَيْنَ العَلَّامَةِ ابنِ بَازٍ فِي مُنَاسَبَاتٍ كَثِيرَةٍ .... لا أَعْرِفِ أَحَدًا يَكْرَهُ الشَّيْخَ ابنَ بَازٍ مِنْ أَبنَاءِ الإسْلَام، إلّا أَنْ يَكُونَ مَدْخُولًا فِي دِينِه ، أَوْ مَطْعُونًا فِي عَقِيـــدَتِه ، أَوْ مَلْبُوسًا عَلَيْهِ ... وَلَقَدِ اخْتَلَفْتُ مَعَ الشَّيْخِ العَلَّامَــــةِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِل ؛ نَتِيــجَةً لاختِلَافِ الزَّوَايَا الَّتِي يَنظُرُ مِنْهَا كُلٌّ مِنَّا، وَمَدَى تَأَثُّر كُلٍّ مِنَّا بِزَمَانِهِ وَمَكَانِهِ ، إيجَابًا وَسَلْبًا، وَلَم أَرَ هَذَا الاِختِلَافَ غَيَّرَ نَظْرَتِي إِلَيْهِ ، أَوْ نَظَرَتَهُ إِليَّ([8]وَفي : ... جُـمَادَى الآخِرَة 1420هـ : تُوفي الْمُحَدِّثُ الكَبِيرُ الشَّيْخُ محمَّد نَاصِرُ الدِّين الأَلبَانِيّ ، وَيَبْدُو أَنَّ هَذِهِ السَّنَةِ هِيَ سَنَةُ رَحِيلِ العُلَمَاءِ عُلَمَاءُ الشَّرْعِ وَالدِّينِ ... ابتِدَاءً مِن العَلَّامَةِ الشَّيخِ عَبْدِ العَزِيزِ بن بَازٍ ... وَالشَّيْخِ عَطِيَّةِ سَالِمٍ ... وَأَخِيرًا الشَّيخُ محمَّد نَاصر الدّين الألبَانِيُّ الْمُحَدِّثُ الشَّهِيرُ ، صَاحِبُ الكُتُبِ الْحَدِيثِيّة الَّتِي شرَّقت وَغَرَّبَتْ ... خَرَجَ الشَّيخُ الأَلبَانِيُّ أَحَادِيثَ بَعْضِ كُتُبِي ، كَكِتَابِ ( الْحَلَالِ وَالْحَرَام ) ، وَكِتَاب (مُشكَلَةِ الفَقْر ) ، وَلَا شَكَّ أَنَّ تَـخْرِيـجَ العَلَّامَـةِ الأَلبَانِي لأَحَادِيثَ كُتُبِي ، هُوَ نَوْعٌ مِنَ التَّكْريـمِ لِلكِتَابِ وَصَاحِبِهِ ، فَعُلَمَاءُ الْحَدِيثِ مِنْ قَدِيمٍ لَا يُـخَرِّجُونَ أَحَادِيثَ الكُتُبِ التَّافِهَةِ ، أَوِ الْمَغمُورَةِ إنَّمَا يُخَرَجُّونَ الكُتُبُ الَّتِي لَهَا قِيمَةٌ ، وَوَزْنٌ عِلمِيٌّ ، وَشُهْرَةٌ ([9]وَرَحَلَ مِنْ عَالَمِنَا العَلَّامَةُ الشَّيْخ مُحمَّد بن صَالِح الشَّيخ محمَّد بن صَالِح العُثَيْمِين ... كَان - رَحِمَهُ اللهُ - مِنْ عُلَمَاءِ الْمَملكَةِ العَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ ، وَكَانَ دَورُهُ فِي الإفتَاءِ وَالتَّعلِيم وَالدَّعْـوَةِ وَالإرشَادِ ، وَكَانَ منهجه - رَحِـمَهُ اللهُ - اتَّباعَ الدَّلِيلِ مِنَ الكِتَابِ وَالسنَّةِ، وِفقًا لِمنهَجِ السَّلَفِ الصَّالِح ...إنَّ وَفَاةَ الشَّيخِ العُثَيْمين يُمَثِّلُ خَسَارَةً كَبِيرَةً لِلعِلمِ وَالعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ "اهـ([10]).
    وَاعتَرَفَ الْجَزْأَرِيُّ الَكَبِيرُ عَبْدَ الرَّزَّاق قَسُّومٌ(88 عَامًا)قَائِلاً :"الشَّيْخُ فَرْكُوسٌ زَمِيلٌ أُسْتَاذٌ عَلّمتُ مَعَهُ، كُنْتُ أَنَا مَسْؤُولٌ عَن مَعْهَدِ أُصُولِ الدِّينِ هُوَ كَانَ أَسْتَاذًا مَعَنَا ، عَلاَقِتِي بِهِ العِلْمِيَّةِ عَلاَقَة طَيِّبَةٌ ، هُوَ ( عَالِمٌ ) أَنَا أَحْتَرِمُـهُ فِي جَانِبِهِ العِلمِيّ ، بَعضُ الفَتَاوَى الَّتِي يُدْلِي بِـهَا نختَلفُ مَعَهُ فِيـهَا هَذَا مَوضُوع ثَانِي لاَ يُفسِدُ لِلوُدِّ قَضِيَّة "اهـ، وَقَالَ عَلِيٌّ حَسَنٌ(ت:1442هـ) (62 عَامًا):"الشَّيْـخ مُحمَّد عَليٌّ فَركُوسٌ مِنْ أَفَاضِلِ أَهْلِ العِلمِ الْمُعَاصِرِينَ فِي الْجَزَائِرِ، وَلَا نُزَكِّيهِ عَلَى اللهِ، وَهُوَ رَجُلٌ مُتَخَصِّصٌ فِي أُصُـولِ الفِقْهِ ، وَلَهُ أَبْـحَاثٌ عِلمِيَّةٌ جَيِّدَةٌ ، وَنَرْجُو لَهُ الرُقَيَّ وَالتَقَدُّمَ فِيمَا هُوَ عَلَيهِ مِنِ استِقَامَةٍ عَلَى مَنْـهَجِ السَّلَفِ ، وَسَيْرٍ عَلَى طَرَائِقِ أَهْلِ العِلمِ الرَّبَّانِيِّينَ كَالشَّيْخِ ابنِ بَازٍ ، وَالشَّيْخِ الأَلبَانِيِّ ، وَالشَّيْخِ ابنِ عُثَيْمِينِ ، بَعِيدًا عَنِ الغُلُوّ بَعِيدًا عَنِ الشِّدَّة وَالعُنفِ ، بَعِيدًا عَنَ الاِنحرَافِ بِكُلِّ صُوَرَهِ ، وَهُوَ مَا نَأمَلُهُ وَنَرجُوُهُ "اهـ، وَقَالَ مَشْهُورٌ حَسَنٌ(62 عَامًا):"اطّلَعْتُ عَلَى مُؤَلَّفَاتِ فَضِيلَةِ الشَّيخِ أَبي الْمُعِزّ الشَّيخِ فَركُوسٍ ، وَرَأَيتُهَا حَسَنَةً مَلِيـحَةً ، وَاطَّلَعْتُ عَلَى بَعْضِ الفَتَاوَى لَهُ ، وَرَأَيتُ أَخَانَا الشَّيخَ - حَفِظَهُ اللهُ - مُؤَصَّلا وَمَنْهَجُهُ مَنْهَجٌ ، يَعني مُرْتَبِطٌ بِمنْهَج أَهْلِ السنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ ، وَعَلَى كَلَامِ مَشَايِخِنَا الكِبَارِ "اهـ([11])... إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الثّناءات الَّتِي لا تُسمِنُ وَلَا تُغْنِي مِنْ جُوعٍ ، لَكَنَّ تَأَبَّطَهَا الصَّعفُوقُ العَابِطُ الْمَفْجُوعِ ؛ لِيُثْبِتَ عَزْمَهُ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ([12])، وَيَطعنَ فِي عَالِم رَبَّانِيٍّ ذَاعَ صَيْتُهُ فِي كُلِّ الرُّبُوعِ .
    فقَالَ الَعابِطُ:" دكتُورُ فَركُوسُ -وَفَّقَكَ اللهُ- وَقَفْتُ كَمَا وَقَفَ غَيْرِي مُنذُ زَمَانِ بَعِيدٍ عَلَى ثَنَاءِ بَعْضِ الْمُخَالِفِينِ الوَاضـحِينَ عَلَيْكَ ، وَاستَمعتُ إِلَى تَأيِيدهم ، وَشَاهَدتُ تَوَدُّدَهُم لَكَ، وَكُنَّا نحسِنُ الظَنَّ بِكُم ، وَنَقُولُ بِأَنَّ سِهَامَ الشَّيخِ لَم تُصِبْ هَؤُلَاءِ ؛ لذلك يَستَغِلُّونَ طِيبَتَهُ ، وَيَسْتَثْمِرُونَ فِي صَمتِهِ عَلَيهِم ، لَكِنّ وبَعدَ مُرُورِ الوَقِتِ أَشْكَل عَلَيْنَا هَذَا الأمـرُ ،لَاسِيَّمَا وَقَدْ أَظْـهَرَتُم فِي هَذِهِ الأَيّام قُوَّةً وَصَلَابَةً ، وَأَلْزَمتُم إِخوَانَكُم بِإظهَارِ مَوَاقِفِهِم مِنَ الْمُخَالِفِينَ ، وَصَارَ ثَنَاءُ أَحَدِ الْمُخَالِفِينَ عَلَى مَشَايخ الإصْلَاحِ منْ أَقْـوَى أَسْبَابِ الْجَرْحِ ؛ فَبِنَاءِ عَلَى ذَلِكَ تَغَيَّرتْ نَظْرَتُنَا إِلَى مَوَاقِفِ أَهْلِ البِدَعِ مِنْكَ وَأَشْكَلَ عَلَيْنَا ثَنَاءُ هَؤُلَاءِ عَلَيْكَ ؛ لأَنَّ فِي عُرْفِ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ قِدِيـمِ الزَّمَانِ أَنَّ مَنْ رَضِيَ عَنْهُ أَهْلُ البِدَعِ فَفِي مَنْهَجِهِ دَخَنٌ([13]لِمَاذا يَا دُكتُورُ لَم يَمتَدِحْ هَؤُلَاءِ رَبيعَ السنَّةِ أَو الشَّيْخَ الفَاضِل عَبْدَ الغَنِيّ؟!، وَلِمَاذَا كَانُوا دَائِمًا يَمتَدِحُونَ مَنْهَجَكَ فِي سِيَاقِ رَدِّهم عَلَى غُلَاةِ التَّجْرِيح؟! ، وَهَل يجُوزُ لَنَا أَن نَعْتَبَرَ هَذِهِ التَزكِيَّاتِ مِنْ جُمْلَةِ الأَدِلَّةِ الَّتِي تُثْبِتُ تَخْذِيلَكَ وَتَمْيِيعَكَ، كَـمَا فَعَلتَ أَنتَ وَمَنْ مَعَكَ فِي هَذِهِ الفِتنَةِ عِندَمَا تَعَلَّقَ الأَمرُ بِمَشَايِخِ الإصْلَاحِ؟! ، إِنْ قُلتَ : لَا ، قُلنَا: أَعْطِنَا الفَوَارِقَ بَيْنَ قَضِيَّتِكَ وَقَضِيَّتهِم؛ لأَنَّ الَّذِي اجتَمَع عِنْدَنَا مِنْ كَلِمَاتِ الْمُخَالِفِينَ فِي مَدْحِكِم أَضْعَافَ مَا وُجِـدَ فِي حَقِّ مَشَايِخِ الإصْلَاحِ ، وَمَا قِيلَ فِيكِم كَانَ سِيَاقُهُ الْمَدحَ الْمُجَرَّدَ بِسَبَبِ سُكُـوتِكَ عَنْهُم وَعَنْ مَنَاهِجِهِم ، أَمَّا مَا قِيلَ فِي مَشَايِخ الإصْلَاحِ فَكَانَ سِيَاقُهُ الطَّعْنَ وَالاِنتِقَاصَ ، كَـمَا فَعَلَ بن حَنِفِيَّةَ وَالرَّمَضَــــانِي وَغَيْرِهِـمَا عِنْدَمَا حَاوَلُوا إثبَاتَ تَغَيَّرِ مَشَايِخِ الإصْلَاحِ بِرِوَايَاتٍ قَدِيـمَةٍ عَلى طَرِيقَةِ :أَخْبَرُونِي وَزَارُونِي ، وَغَرَضُهُم وَاضِحٌ ، وَهُوَ الاِنتقَامُ مِمَّنْ عَارَضَهُم ، وَانتَصَرَ لِلأَئِمّة ، يَقُولُ الإِمَامُ ابنُ القَيِّم .... « وَإذَا تأمّلْتَ أَسْرَارَ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ الكَامِلَةِ وَجَدتَهَا فِي غَايَةِ الْحِكمَةِ ، وَرِعَايَةِ الْمَصَالِحِ ، لَا تُفَرِّقُ بَيْنَ مُتَمَاثَليْنِ ...»."اهـ([14]).
    قُلتُ : وهذه الفقرة تَضَمَّنَتْ جَـهْلًا وَافْتَرَاءَاتٍ ، لَكِـنّ نُرْجِئُـهَا إلَى بَابِـها الآتي إن شَاءَ اللهُ ، وإنَّمَا الْمَقصُودُ هُنَا :أنَّ الأَعْـمَالَ بِالنِّيّات ، فَمِنْ خُصُومِ أَهْلِ السُّنَّةِ مَنْ يَتَمَسَّـحُ بِبعضِ عُلَمَائِهِم تَمَسُّحًا كَاذِبًا ، فَلِذَا يُثنِي عَلَيْهم ، ويتَعَلَّقُ بِهم ، قَالَ العلاَّمَةُ ربيع بن هَادِي :"لاَ يَغُرَنَّكَ مَا تَرَاهُ مِن تَعَلًّقِهِم بِبعضِ العُلمَاءِ الْمُعَاصِرِينَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ كَيْدِهِم ، وَمَكْرِهِم ([15])، وَسيأتي بَسطُ ذَلِكَ في بابِهِ إن شَاءَ الله .
    ومنَ الْخُصُـــومِ مَنْ يَعْتَرِفُ بِفَضْلِ العالِمِ ضُعْفًا وَاستِسْلاَمًا ، مِثْلَـمَا حَصَـلَ للِقَاضِي ابن مَخْلُوفٍ الْمَالِكيِّ(ت:718هـ) ؛حَيثُ قال : "مَا رَأَينَا مِثلَ ابن تَيْمِيَّةَ حَرَّضنَا عَلَيْهِ ، فَلَم نَقْدِرْ عَلَيْهِ ، وَقَــدَرَ عَلَيْنَا ، فَصَفَـحَ عَنَّا ، وَحَاجـجَ عَنَّا "اهـ([16]) ، فَإذَا أَثْنَى الْمُنَاوِئُ ثَناءً خَالِــصًا لله كَانَ مِن بَابِ قَولِه :﴿ وَجَحَـدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾،﴿ وَشَـهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا ﴾ ؛ لأَنَّ أهَلَ السُّنَّةِ لاَ يَفْتَقرُونَ إلَى شَهَادِة الْمُنْحَرفِيـن ؛ لِيعْلُوَ رَجُـــلٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ إِلَى طَبَقَةِ العُلَمَاءِ ، وَإنَّمَا تُذكَرُ شَهَادِةُ الْمُنْحَرفِ مِن بَابِ إلزَامِ أَنصَارِهِ ، وَإلْجَامِهِ .
    وَمِنْ هَذَا البَابِ نُذَكِّــرُ الصَّعْـفُوقَ بَثَناءِ شَيْخِهِم الدّكتُورِ عَبْدِ اللهِ البُخَارِيِّ ؛ حَيْثُ قَاَل :" قَرْأتُ (نَصِيحَةً وَتَوْجَيهًا إِلَى مُنتَدَى التَّصْفِيَّةِ وَالتَّرْبِيَّة ) لِلشَّيخِ محمَّدٍ عَلِي فَرْكُوسٍ - حَفِظَهُ الله -، فَأَلْفَيتُهُ تَوْجِيـهًا مُوَفَّقًا مُسَـدَّدًا ، يَدُلُّ عَلَى فِقْهِ الرَّجُــلِ وَعِلمِـهِ ، حَتَّى أَنِّي قَرَأتُهُ مَرَّتَيْنِ .... الشَّيخُ مُحَمَّــدٌ فَرْكُوسُ قَدْ عَهِدْنَاهُ رَجُــلاً صَاحِبَ كِتَابَاتٍ عِلْمِيَّةٍ مَتِينَةٍ ، وَفَتَاوَى شَرْعِيَّةٍ مُوَفَّقَةٍ ، يُعَظِّمُ الدَّلِيـــلَ وَيَدُورُ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ .... هُوَ صَاحِبُ عِلمٍ وَفِقْهٍ ، وَقَدْ عَدَّهُ شَيْخُنَا الْجَليِــلُ رَبيـعُ بنُ هَادِي مِنْ العُلَمَاءِ الذِينَ يُرْجَعُ إِلَيهِمْ "اهـ([17]وَقَالَ الْمُنَاوئُ مُصْطَفَى مُبَرَّمٌ - أَصْلحَهما الله -:"لَوْ أَنصَفَ أَهْلُ الْجَزَائِرِ لَعَلِمُوا أَنَّ بَيْنَ أَظْهُرِهِم عَالِمًا رَاسِخًا لاَ يَحتَاجُونُ مَعَهُ إِلَى رِحْلَةٍ ، وَأَخْشَى أَنْ يَصْدُقَ عَلَيـْهِمِ قَولُ الشَّافِعيِّ فِي أَهْل مِصرَ ، وَاللَّيثِ بن سَعْد ، لَوْ أَنْصَفَ هَؤلاَءِ وَاللهِ ، وَأَقُولُهَا - حَقِيقَةً حَالِفًا غَيرَ حَانِثٍ - لَوْ أَنصَـفُوا مِنْ أَنفُسِهِم هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ طَلَبَةِ العِلِم فِي تِلكَ البِلاَدِ ، وَجَلَسُوا عِندَ ذَلِكَ العِالِمِ يَدرُسُونَ العِلم، وَيَتَلَقَوَّنَهُ، وَيَنقُلُونَ لِطَلَبَةِ العِلمِ فَوَائِدَ هَؤُلاَءِ الْمَشَايِخ ، لَكَان هَذَا مِنَ الْخَيْر الَّذي يُغبَطُونَ عَلَيهِ ... كَيْفَ تَتَكَلَّمُونَ فِي هَؤُلاَءِ الْجِبَالِ وَالأَئِمَّةُ وَالعُلَمَاءُ مِن الْمُعَاصِـرِينَ يُثنُونَ عَلَيهِم ؟! ، أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِأنفُسِكم؟، أَنتُـم - وَاللهِ - نَكِرَاتٌ ، مَا ازْدَادَ النَّاسُ فِي مَعْرِفَةِ ظُلمِكِم إِلاَّ بَصِيرَةً ...مِن نَكَدِ الدُّنيَا أَنَّ مِثَلَنَا يَنْصَحُ بِمثِلِ الشَّيْخِ محمَّدٍ عَلِيِّ فَركُوسِ ، أَنَا أَقُولُهَا دِيَانَةً ، والله أَقُولُهَا دِيَانَةً لاَ تَمَلُّقًا ، وَلاَ ادِّعَاءً لِلتَّوَاضُعِ "اهـ([18]).
    ( الشَّاهِدُ الرَّابعُ : النَّعْمَاءُ )
    ﴿يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ﴾، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ([19])، قَالَ الشَّيْخُ عَليٌّ الرَّمْلِيُّ :" اِحْمَدُوا اللهَ عَلَى مَا أَنعَمَ اللهُ بِهِ عَلَيكم بِإيجَادِ عُلَمَاءٍ بَيْنَ أَظهُرِكِم مِثلِ الشَّيخِ فَركُوسٍ وَاحْذَرُوا مِنْ جَحْد هَذِهِ النِّعمَةِ ، فَيَنْزِعُهَا مِنْكُـم ، وُجُودُ عَالِمِ سُنَّةٍ فِي بَلَدٍ اليَومَ أَعْظَــمُ نِعمَةٍ يُنعِمُ اللهُ بِهَا عَلَيْـهم ، فَمِنَ الْجَهْلِ وَالغَبَاءِ وَعَدَمِ التَّوفِيقِ تَضْيِيعُهَا ، عَن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِي الله عنهما - قال : سَـمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : « إِنَّ اللهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا ، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُـهَّالًا ، فَسُئِلُوا ن فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا »، إذَا تَرَكْتـم الشَّيخَ فَركُوسًا وَأَمثَالَهُ عِندَ مَنْ سَتَطْلُبُونَ العِلمِ، عِندَ أَنصَافِ الْجُهَّالِ الْمُتَمَعْلِمِينَ ؟!"اهـ([20])
    قَالَ ابنُ الصَّـلاَحِ (ت : 643 هـ) :" فَإِنَّ مَعْرِفَةَ الْإِنْسَـانِ بِأَحْوَالِ الْعُلَمَاءِ رِفْعَةٌ وَزَيْنٌ ، وَإِنَّ جَهْلَ طَلَبَةِ الْعِلمِ وَأَهْلِهِ بِهِم لَوَصْـمَةٌ وَشَيْنٌ ، وَلَقَدْ عَلِمَتِ الأَيقَاظُ أَنَّ الْعِلمَ بِذَلِكَ جَمُّ الْمصَالِحِ وَالْمَرَاشِدِ وَأَنَّ الْجَهْلَ بِهِ إِحْـدَى جَوَالِبِ الْمَنَاقِصِ وَالْمَفَاسِـدِ ، مِنْ حَيْثُ كَونِـهِم حَفَظَةَ الدّينِ ، الَّذِي هُوَ أُسُّ السَّعَادَةِ الْبَاقِيَةِ ، وَنَقَلةَ الْعِلمِ الَّذِي هُوَ : الْمَرْقَاةُ إِلَى الْمَرَاتِب الْعَالِيَة ، فَكَمَالُ أَحَدِهـم يُكْسِبُ مُـؤَدَّاهُ مِنَ الْعِلـمِ كَـمَالاً ، وَاخْتِلاَلُهَا يُورِثُ خَلَلاً وَخَبَالاً ، وَفِي الْمَعْرِفَـةِ لَهُم مَعْرِفَةُ مَنْ هُوَ أَحَـقُّ بِالاقتِدَاءِ وَأَحْرَى بِالاقتِفَاءِ، وَالْجَاهِلُ بِهِم مِنْ مُقْتَبِسَةِ الْعِلمِ مُسَوٍّ لإمْحَالِه عِنْد اخْتلَافهمْ بَين الغَثِّ والسَّمِينِ غَيرِ مُمَيّزٍ بَينَ الرَّثِ وَالوَزِينِ ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ مُسْلمٍ بن الْحَجَّاج صَاحِبُ "الصَّحِيح"- رَضِي الله عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ :" إِنَّ أَوَّلَ مَا يجِبُ عَلَى مُبْتَغِي الْعِلمِ وَطَالِبِهِ أَن يَعْرِفَ مَرَاتِبِ الْعُلمَاءِ فِي الْعِلمِ ، وَرُجْحَانِ بَعضِهِم عَلَى بَعْضٍ "، وَلِأَنَّ الْمَعْرِفَة بِالْخَوَاصِ آصِرَةٌ وَنَسَبٌ ، وَهِي يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَصْلَةٌ إِلَى شَفَاعَتِهِم وَسَبَبٌ ، وَلِأَنَّ الْعَالم بِالنِّسْبَةِ إِلَى مُقْتَبِسِ عِلمِهِ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِد بَلْ أَفْضَلُ ، فَإِذا كَانَ جَاهِلاً بِهِ فَهُوَ كَالْجَاهِلِ بِوَالِدِه ، بَلْ أَضَلُّ " اهـ ([21]).
    ( الشَّاهِدُ الْخامس : الزُّهْدُ وَالْجَفَاءُ )
    ﴿ يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا ﴾ ،عَن نُعَيْمِ بنِ حَـمَّادٍ : حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ، عَنْ عَاصِمٍ ، قَالَ : تَبِعْتُ الشَّعْبِيَّ ، فَمَرَرْنَا بِإِبْرَاهِيـمَ ، فَقَامَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عَنْ مَجْلِسِهِ ، فَقَالَ لَهُ الشَّعْبِيُّ : " أَمَا إِنِّي أَفْقَهُ مِنْكَ حَيّاً ، وَأَنْتَ أَفْقَهُ مِنِّي مَيْتاً، وَذَاكَ أَنَّ لَكَ أَصْحَاباً يَلْزَمُوْنَكَ ، فَيُحْيُوْنَ عِلْمَكَ "اهـ([22])، وَعَن أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْـمَنِ بنِ وَهْبٍ : " سَـمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ : "اللَّيْثُ أَفْقَهُ مِنْ مَالِكٍ ، إِلاَّ أَنَّ أَصْحَابَه لَمْ يَقُوْمُوا بِهِ"([23])، وَقَالَ العلاَّمَة حَمَّادٌ الأَنصَارِيُّ (ت 1418هـ ) :" إنَّ الشَّيْخَ تَقِيَ الدِّين الهِلاَلِيَّ ضَيَّعَهُ تَلاَمِذَتُهُ "، يَعْنِي : لَم يَنشُـرُوا عِلمُهُ وَلَم يُتَرْجِـمُوا لَهُ "([24])
    قَالَ أبو نُعَيمٍ الأَصبَهَانِي (ت: 430هـ) :" كَانَ يُقَالُ: « أَزْهَدُ النَّاسِ فِي عَالِمٍ أَهْلُهُ »، وَكَانَ يَضْرِبُ مَثَلَ ذَلِكَ كِالسِّـرَاجِ بَيْنَ أَظْهُرِ الْقَوْمِ يَسْتَصْبِحُ النَّاسُ مِنْهُ ، وَيَقُولُ أَهْلُ الْبَيْتِ : " إِنَّمَا هُوَ مَعَنَا وَفِينَا "، فَلَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلَّا وَقَدْ طُفِئَ السَّرَّاجُ ، فَأَمْسَكَ النَّاسُ مَا اسْتَصْبَحُـوا مِنْ ذَلِكَ "([25])، وَقَالَ الْمَاوَردِيُّ (ت : 450هـ) : " وإِذَا قَرُبَ مِنْك الْعِلْمُ فَلَا تَطْلُبُ مَا بَعُدَ ، وَإِذَا سَهُلَ مِنْ وَجْهٍ فَلَا تَطْلُبُ مَا صَعُبَ .... رُبَّمَا تَتْبَعُ نَفْسُ الْإِنْسَـانِ مَنْ بَعُدَ عَنْهُ ؛ اسْتِهَانَةً بِمَنْ قَرُبَ مِنْهُ ، وَطَلَبَ مَا صَعُبَ؛ احْتِقَارًا لِمَا سَهُلَ عَلَيْهِ ... قَالَتْ الْعَرَبُ فِي أَمْثَالِهَا : الْعَالِمُ كَالْكَعْبَةِ يَأْتِيهَا الْبُعَدَاءُ ، وَيَزْهَدُ فِيهَا الْقُرَبَاءُ ، وَأَنْشَدَني بَعْضُ شُيُوخِنَا لِمَسِيحِ بْنِ حَاتِمٍ:
    لَا تَـرَى عَالِـمًا يَـحِلُّ بِقَـــوْمٍ ***** فَيُحِلُّـوهُ غَيْرَ دَارِ الْهَــوَانِ
    قَلَّ مَا تُوجَدُ السَّلَامَةُ ***** وَالصِّحَّـةُ مَجْمُوعَتَيْنِ فِي إنْسَانِ
    فَإِذَا حَلَّتَا مَكَانًا سَـحِيقًا ***** فَهُـــمَا فِي النُّفُـوسِ مَعْشُوقَتَانِ
    هَذِهِ مَكَّــــةُ الْمَنِيعَةُ بَيْتُ اللَّهِ ***** يَسْعَى لِحَجِّـــهَا الثَّقَـلَانِ
    وَيُرَى أَزْهَـدُ الْبَرِيَّةِ فِي الْحَجِّ لَهَا ***** أَهْـلَهَا لِقُرْبِ الْمَـكَانِ ([26])
    وَفي خِضَمِّ هَذِه الأَحْدَاثِ الْجَاريَّةِ في الْجَزَائِرِ اِعْتَرفَ العَابِطُ وَشلَّتُهُ قَائلِينَ :"الْمَشَايِخُ وَطَلَبَةُ العِلْمِ لَم يَطْعَنُوا فِي الشَّيْـخِ الدُّكتُورِ مُحَـمَّدٍ عَليٍّ فَركُـوسٍ - وَفَّقَه الله - ، فَهُم يَعرِفُونَ مُنذُ القَدِيم مَنْزِلَتَهُ وَمَكَانَتَهُ"اهـ([27])، وَقُبَيْلَ الأَحْدَاثِ الْجَارِيَّة قَالَ شَيْخُ العَابِطُ:"بِكُلِّ صَرَاحَةٍ مِثلُ الشَّيْخِ فَركُوسٍ فِي الْحَقِيقَةِ مَعْرُوفٌ ، لَا يحتَاجِ إِلَى تَعْرِيفٍ يَعْرِفُهُ القَاصِي وَالدَّانِي ، القَرِيبُ وَالبَعِيدُ ، الْمُحِبُّ حَتَّى الْمُبْغِضُ ... وَأَنَا مَعْرِفَتِي بِهِ تَعُودُ إِلَى عُقُودٍ يَعْنِي بَعِيدةً يَعْنِي أكثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ سنَةً ...بَلْ هُو سَبَبٌ فِي ثُبُوتِ الكَثِيرِ مِنَ النَّاسِ ... الْحَمْدُ للهِ بِتَوْجِيهَاتِهِ السَّدِيدَةِ الرَّشِيدَةِ - مَا شَاءَ اللهُ - وَإرْشَادَاتِهِ العِلمِيَّةِ الأَثَرِيَّة ... أَبْلى بَلَاءً حَسَنًا "اهـ([28])
    بَلْ أَجْـمعُوا إجْـمَاعًا سُكُوتيًّا عَلى قَولِ شَيخهِم :"نَحنُ صَنَعْنَا الشَّيخَ فَركوسًا ... مَنْ ؟!، نَحنُ صَنَعْنَا الشَّيخَ فَركُوسًا ، مُفتِي الْمَجَلَّةِ ، وَنَرْجِعُ لَهُ فِي الْمَسَائِل، وَإذَا اختَلَفنَا ، وَقَالَ هُوَ كَلِمَةً نُوقِفُ الْخِلاَفَ ، وَنَقُولُ بِقَولِه "اهـ ([29]).
    وَهَذَا الثَّنَاءُ - وَإِنْ سِيقَ مَسَاقَ التّحَسُّر، وَالْمَنِّ الكَاذِب - يَدُلُّ عَلى أَهَليَّة الشّيْخِ فَركُوسٍ، وَإلاَّ كَيْفَ انتَخَبَهُ رِجِالُ مَجَلَّة الاِصلاَحِ مُفْتيًا مَرْجِعًا ؟!، وَهَا هُوُ الصَّعْفُوقُ حَمُّودَةُ يَستنْصَــحُ شَيْخَهُ يُوسفَ الدَّخِيـلَ - قَبلَ وَفَاتِهِ - في العَودَةِ إلَى بَلَادَهِ الْجَزَائِرِ ، وَفِي ذِهْنِهِ أَنَّ شَيْخَهُ - رَحِمَه الله - سَيَمنَعُهُ ، لَكنَّهُ أَشَفَقَ عَلَيْهِ نَاصِـحًا : " مَنْ عِنْدَهُ الشَّيخُ فَرْكُوسٌ لاَ يَحْتَاجُ لأَحَدٍ " اهـ([30]) .
    عَلَّقَ العَابِطُ عَلَى نُصْحِ الشَّيْخِ الدَّخِيلِ مُتَحَسِّرًا :" تَذَكَّرتُ هَذِهِ الوَاقعَةَ ، وَأَنَا أُعَذِّبُ نَاظِرِي بَيْنَ أَسْطُرٍ رَأَيتُهَا قَدْ دُوِّنَت عَلَى صَـحَائِفِ الْجُبْنِ فِي النَّت ، فَتَذَكَّرتُ سَاعَتَئِذٍ أَنَّ نِعْمَةَ ( العُلَمَاءِ ) لاَ تَعْرِفُ حَقِيقَتَهَا ، إِلاَّ إِذَا تَفَكَّرَتَ مَلِيًّا فِي نِقْمَةِ ( الْجُـــهَلاَءِ ) ، وَإِنَّ مِنْ صِدْقِ القَوْلِ أَن يُقَالَ : إنَّ الْمُتَعَالِمِينَ فِي زَمَانِنَا أَشَـرُّ وَأَخطَرُ مِنَ الْمُتَعَالِمِينَ فِي سَائِرِ العُصُورِ ، وَمَنْ أَمعَنَ تَفْكِيـرًا فِي وَقَائِعِ اليَومِ يَعْرِفُ حَقِيقَةَ هَذَا !! ، فَنَسْأَلَ اللهَ أَن يَحفَظَ لنَا شَيْخَ الْجَمِيـعِ مُحَمَّد عَلِيّ فركُوس "اهـ([31])
    وَفِي مَوْضِعٍ قَالَ العَابِطُ :"اللَّهُمَّ احْفَظْ لأَهْلِ السنَّةِ شَيْخَهُم الكَبِيرَ ، وَعَالَمهم النَّحْرِير مُحمَّد عَلي فَركُوس "اهـ([32])، وَمثلُهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ حَيدُوشٍ :"شَيْخُ الْمَغَارِبَةِ ، وَإمَامُ أَهلِ السنَّةِ، الشَّيْخُ العَلاَّمَةُ ، الأُصُـولِيُّ ، الفَقِيهُ([33]شَيْخُ مَشَايخِنَا ، وَإمَامُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ بِالْجَزَائِرِ ، مُجَدِّدُ علمَ الأُصُولِ ، الَّذِي عَرَفَ لَهُ قَدْرَهُ العُلَمَاءُ الفُحُولُ "اهـ([34])
    فَائِدَةٌ : قَالَ العَلَّامَةُ رَبِيع بن هَادِي : " أَنَا لَا أَعْرِفُ أَحَــدًا مِن أَهْلِ السُّنَّةِ يَصِفُنِي بِأَنِّي إِمَامُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَــةِ ، وَلَم أَسْـمعْ بِذَلِكَ ، وَأَهلُ السُّنَّةِ يَعْلَمُونَ جَيِّدًا أَنَّنِي لَا أَرْضَى مِثلَ هَذَا ، وَلَا دُونَهُ ، وَمَا أَظُنُّ هَذَا إِلَّا مِنْ أكاذِيبِ الْحِزبِيِّينَ الْحَاقِدِينَ"اهـ ([35])، وفي موضِعٍ آخَــرَ قَالَ " أَنَا أَبْرَأُ إِلَى اللهِ مِنَ الغُلُوِّ ، لَا تَقُولُوا : الشَّيخُ رَبيعٌ إِمَامُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ أَبَدًا ؛ أُشْهِدُ اللهَ أَنِّي أكْرَهُ هَذَا الكَلَامَ ، اتركُوا هَذِهِ الْمَبَالَغَاتِ يَا إِخْوَةُ ، وَاللهِ أَنَا مِنْ زَمَانٍ بِفِطَرَتِي أكْرَهُ هَذِهِ الأَشْيَاء ... اترُكُوا هَذِهِ التَّهَاوِيلَ "اهـ([36]).
    وَمِمَّا كَتَبَهُ خَالِدٌ حَمُّودَةُ في (التَّنْكِيل) :"الشَّيخُ الكَبِيرُ وَالعَلَمُ الْمُستَنِيرُ ... الَّذِي صَارَ مِحْنَةً يَتَمَيَّزُ بِهَا السُّنِّي الصَّادِقُ مِنَ الْمُبْتَدِعِ الغَارِقِ "اهـ([37])، وَ عَلَّقَ العْكِرمِيُّ قَائِلًا:" بَارَك الله فيك - شَيخُ خَالِدُ - عَلَى مَا ذَبَبْتَ بِهِ عَنْ عَلمٍ وَفَضْلِ وَمَكَانَةِ العَلَّامَةِ أَبي عَبْدِ الْمُعَزِّ ، وَمِثْلُ هَذَا الصَّعْفُوقِ لَا يَغُرَنَّكَ ادِّعَاءُهُ لِلأَدَبِ "اهـ([38]).
    وَنُذَكِّرُ العُقَلاَءَ بَثَناءِ العَيَّابِ حَـمُّودَةَ (في 2012 م)؛ حَيثُ قَالَ :" الشَّيْخَ فَركُوسُ قَدْ صَارَ عَلَمًا عَلَى السَّلَفِيَّةِ وَالسنَّةِ ، وَقَدْ أَعَـزَّهَا الله ، وَصَـانَ جَنَابَـهَا ، وَحَــلاَّهَا وَقَارًا وَهَيْبَةً بِسَبَبِ انتِسَابِ الشَّيْخِ إِلَيْهَا ، وَ جَهْرهِ بِذَلِكِ ، وَلِمَا لَهُ مِنْ الوَقَارِ وَالهَيْبَةِ عِنْدَ الْمُوَافِقِ وَالْمُخَالِفِ ، فَقَدْ أَحْيَا اللهُ بِهِ مِن الْحَقِّ سُنَنًا وَأَحْكَامًا ، وَقَمَعَ بِهِ مِنَ الْمُخَالَفَاتِ وَالْمُحْدَثَاتِ مَا يَشْهَدُ بِهِ كُلُّ مُنْصِفٍ ، فَإنْ صَدَقَ امْرُؤٌ نَفسَهُ فِي قَصْدِ ظُهُورِ الدِّينِ وَرِفْعَةَ أَهْلِهِ، فَلَنْ تَحْمِلَهُ إِلاَّ عَلَى مَحَبَّةِ الشَّيخِ ، وَنُصْرَتِهِ ظَاهِــرًا وَبَاطِنًا ، وَإنْ كَـان إِنَّمَا يُرِيـــدُ شَيْئًا وَرَاءَ ذَلِكَ مِن سُـمْعَةٍ ، أَو شُـهْرَةٍ ، أَو ذِكْــرٍ - وَلَـوْ بَلَغَنَ-، فَلاَ عَلَيْهِ أَن يُنَاصِبَ الشَّيْخَ وَإخْوَانَهُ مِنْ حَمَلةِ السُّنَّةِ وَدُعَاتِهَا فِي بِلاَدِنَا العَدَاءِ، وَيُكَاشِفُهُم بِالبَغْضَاءِ ، فَإِنَّمَا هُوَ صَوْبُ مَا يَبْغِي... مَا لِلحَدَّادِيَّةِ أَصْـحَابُ العُقُولِ الْمُغَلَّفَةِ وَهَذَا الكَلاَمُ ، فَإنَّمَا هَمُّ الوَاحِدِ مِنْهُم الطَّعْنُ... لِيَرْفَعَ نَفْسَهُ ، بِدعَوَى نُصْرَةِ الْحَقِّ وَالسُّنَّةِ... لَكنّ أَعْوَزَنَا مَنْ يحِلُّ مَحَلَّ فَرْكُوسٍ فِي تَأصِيلِ الْمُعَامَلاَتِ الْمُسْتَجَدَّةِ وَتَكْييِفِهَا، وَفِي حَلّ مُعْضِلاَتِ الطَّلاَقِ وَالتَّركَاتِ ، وَفِي تَفْصِيـلِ أَحْوَالِ التَّأمِيـنِ وَالأَسْهُمِ وَالشَّرِكَاتِ "([39]) .
    فَتَأَمَّلُوا - يَا عُقَلاَءُ - قَوْلَ حَمُّودَةَ : " لِمَا لَهُ مِنْ الوَقَارِ وَالهَيْبَةِ عِنْدَ الْمُوَافِقِ وَالْمُخَالِفِ ... مَا يَشْهَدُ بِهِ كُلُّ مُنْصِفٍ فَالوَقَارُ وَالهَيْبَةُ وَالإنْصَافُ حَـملَ الْمُخَالِفَ عَلَى مَدْحِ الشَّيخِ فَرْكُوسٍ ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ، وَكَذَلِكَ حَمَلَ الإنصَافُ بَعْضَ الْمُنَاوِئِينَ ، وَكَثْرَةُ الْمَحَامِدِ وَالْمَنَاقِبِ الَّتِي يَتَمَيَّزُ بِهَا ابنْ تَيْمِيَّة - رَحِمَه الله - عَلَى مَدْحِهِ ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، وَإنْ كَانَ ذَلِكَ فِي لَحْنِ القَولِ ، مَعَ بُغْضِهِم لَهُ ، وَالقَدْحِ فِيهِ ، وَالنَّيلِ مِنْهُ كُلَّمَا أَمكَنَهم ذَلِكَ وَهَؤُلاَءِ كَثِيرٌ ([40]) .
    وَلِسَانُ الْحَــالِ أَبْلَغُ مِنْ لِسَانِ الْقَالِ ، فَهَا هِيَ مَجَـلَّةُ الاِصْــلاَحِ([41])تَحْذِفُ رُكْـنَ «فَتَاوَى شَرْعِيَّةٍ » الَّذِي كَان الشَّيخُ فَرْكُوسٌ يَمْلأُهُ بِعِلْمَهِ ؛ فصَدَّقَ حمُّودَةُ في قولِه: "أَعْوَزَنَا مَنْ يَحِلُّ مَحَلَّ فَرْكُوسٍ فِي تَأصِيلِ الْمُعَامَلاَتِ الْمُسْتَجَدَّةِ وَتَكْييِفِهَا، وَفِي حَلّ مُعْضِلاَتِ الطَّلاَقِ وَالتَّركَاتِ ، وَفِي تَفْصِيـلِ أَحْوَالِ التَّأمِيـنِ وَالأَسْهُمِ وَالشَّرِكَاتِ "([42])
    وَإذَا كَانَ الظُّلمُ كُلُّهُ سَيِّئًا فَإِنَّ مِنْ أَسْوَءِ الظُّلمِ ظُلْمُ القَرَابَةِ ، فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الْخَسَاسَـة وَالنَّذَالَةِ وَ الدَّنَاءَةَ([43])، قَالَ الشَّاعِرُ:
    ظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَـدُّ مَضَاضَـةً *** عَلَى الْمَرْءِ مِن وَقْعِ الْحُسَّامِ الْمُهَنَّدِ([44])
    ( الشّاهِدُ السادس: اللُّؤَمَاءُ )
    ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَـدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ﴾، قَالَ أَبُو الَوفَاءُ ابنُ عَقِيلٍ (ت:513 ه) :" إِذَا أَرَدتَ أَن تَعْلَـمَ مَحَلَّ الإِسْلاَمِ مِنْ أَهْلِ الزَّمَـانِ ، فَلا تَنظُرْ إِلى زِحَامِـهِم في أَبوَابِ الْجَوَامِعِ ، وَلاَ ضَـجِيجِهِم في الْمَوقِفِ بِـ (لَبَّيكَ) ، وَ إِنَّمَا انظُرْ إِلى مُوَاطَأَتِهِم أَعدَاءَ الشَّرِيعَةِ "اهـ([45]). وَالعُلَمَاءُ هُمُ السِّلْسِلَةُ الْمُوَصِّلَةُ إِلَى صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ([46])، وشَبَكَةُ «الْحَدَّادِيَّةِ» هِيِ الْمُعَادِيَةُ لِعُلَمَاءِ السُّنَّةِ([47] وَ «مَحَمُودٌ الْحَدَّادُ» - مُؤَسِّسِ الْمَذْهَبِ الْحدَّادِيِّ الْخَبِيثِ ، الْمُحَارِبُ لأَهْلِ السنَّةِ وَعُلَمَائهم -([48]).
    وَهُوَ مِن مَوَالِيدِ(1374هـ) دَرَسَ فِي كُلِّية الزِّرَاعَةِ ، انتَقَلَ إِلَى مَدِينَةِ الرِّيَاضِ ، وَعَمِلَ كَمحَاسِبٍ فِي جَامِعَةِ الإمَامِ محمَّد بن سُعُودٍ ، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ ، وَعَمِلَ عَلَى إِخْرَاجِ بَعْضَ الكُتُبِ مَع دَسِّ سُـمُومُهِ في طيَّاتِهَا([49])، وَهُوَ رَجُلٌ صَاحِبُ هَوَى ، صَاحِبُ حَسدٍ ، وَبُغْضٍ ، وَاحتِقَارٍ لِلعُلَمَاءِ([50])، وَهُوَ فِي مِصْرَ- قَبْلَ أَن يَأَتِيَ إِلَى هَذِه البِلَادِ- مَعْرُوفٌ بِالطَّعْنِ فِي العُلَمَاءِ ، وَالإِسَاءِةِ إِلَيْهِم([51])، طَعَنَ فِي الأَلبَانِيِّ ، وَأَلَّفَ فِيهِ كِتَابًا سَـمَّاهُ «الْخَمِيس» في حَوَالِي400 صَفحَةً ، مَلَأَهَا بِالكَذِبِ وَالفُجُور ، وَضَعَ عُنْوَانَهُ "لَسنَا بِالْخَوَارِجِ ، وَلاَ الْمُرْجِئَةِ"، وَمِنْ ذَلِكَ الوَقْتِ وَهُوَ يَـهذِي بِالإرْجَاءِ([52])، إِلَى أَنْ طُرِدَ من هذه البِلاَدِ -أي :بِلَادِ الْحَرَمينِ -([53])، وَلَقَد تَصَدَّى للحَدَّادِ حَـمَلَةُ الشَّريعةِ عُلمَاءُ أهلِ السُّنَّةِ ، فكَتبَ العَلاَّمَة رَبيع بن هَادِي «مُجَازَفَاتِ الْحَدَّادِ »، وَنَصَحَ العَلاَّمَةُ مُحمَّد بن هَادِي في« القَوْلِ الْمُرَادِ فِي أَخْطَاءِ مَحْمُودٍ الْحَدَّادِ»([54]).
    وَلِلْحَدَّادِ حِزْبٌ لَئِيمٌ ، قَامَ عَلَى الفُجُورِ وَالكَذِبِ ، وَعَلَى أَردَئِ الأَخْلاَقِ ... السَّبُّ ، وَالشَّتْمُ ، وَ الْحَطُّ مِنْ كُلِّ عُلَمَاءِ الْمَنْــهَجِ السَّلَفِيِّ([55])، وَامْتَازُوا باللَّعْنِ وَالْجَفَاءِ([56])، إِلَى دَرَجَةِ التَّكفِيرِ لِبعْضِ العُلمَاءِ .... لَقَد لَعَنَ أَحَـدُهُم أَبَا حَنِيفَةَ فِي مَجلْسٍ وَاحِــــدٍ عَشْـرَ مَـرَّاتٍ ([57])، لَكنَّهم هُم تَكْفِيـريُّونَ مُتَسَتِّرُونَ ([58]وَقَدْ قِيلَ :إنَّ الصَّعْفُوقَ هُوَ اللَّئِيمُ([59])، لَكنَّ الشَّاعِرَ نَصحنَا قَائلاً :
    قُلْ لِلكِرَامِ اعْرِفُوا حَقَّ اللَّئَام لَكُم ****** إنَّ اللِّئَامَ لَهُم عِنْدَ الكِرَامِ يَدُ
    لَوْلَا اللِّئَامُ لَمَا عَدُّوا الكِرَامَ وَلَا ***** بَانُوا بِفَضْلٍ إذَا مَا حَصَلَ العَدَدُ
    لَكِنَّهُم جَنَحُوا لِلنَّقْصِ فَانْتَقَصُوا **** وَزَادَ غَيْرُهُم فَضْلًا بِمَا اعْتَقَدُوا([60])
    وِإنِّي شِقِيٌّ بِاللِّئَامِ وَلَنْ تَـرَى**** شَقِيًّا بِـهِم إِلاَّ كَريـمَ الشَّمَائِلِ
    وَإذَا أَتَتْكَ مَذَمَّتِي مِنْ نَاقِصٍ**** فَهِي الشَّهَادَةُ لي بِأَنِّي كَامِلُ([61])
    مَنْ يَظْلِم اللُّؤَمَاءَ فِي تَكْلِيفِهِم **** أَنْ يُصْبِحُوا وَهُم لَهُ أكفَّاءُ
    وَنَذُمُّهْم وَبِـهِم عَرَفْنَا فَضْلَهُ **** وَبِضدِّهَا تَتَبَيَّنُ الأَشْيَاءُ([62])اهـ
    أي : نَحنُ نُعَيِّرُ اللّئَامَ وَنَذُمُّهم وَلاَ يَجبُ أَن نَذُمَّهم ؛ إِذْ بِـهِم عَرَفَنَا فَضْلَ الْمَمْدُوحِ ؛ لأَنَّـهُم لَوْ كَانُوا مِثلَهُ لَمَا عَرَفنَا فَضْلَهُ، وَإنَّمَا عَرَفنَا فَضْلَهُ لِقُصُورِهِم عَنْهُ ؛ لأن الشَّيءَ إِنَّمَا يَتَبَينُ إِذَا قُرِنَ بِضِدِّه ([63])
    أَلقَى الظّلاَمُ عَلَى الضِّيَاءِ فَزَانَهُ **** وَالشَّيءُ يَحْسُنُ أَنْ يُقَاسَ بضدّهِ ([64])اهـ
    قَالَ الفَخْرُ الرَّازِي([65])(ت: 606هـ) :" ثُمَّ ضَـرَبَ لِهَذَا مِثَالًا فَقَالَ :﴿ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَـهُمْ مَعِيشَتَـهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ﴾ ، أي: أَنَّا أَوْقَعْنَا هَذَا التَّفَاوُتَ بَيْنَ الْعِبَادِ فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ ، وَالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ ، وَالْحَذَاقَةِ وَالْبَلاَهَةِ ، وَالشُّهْـرَةِ وَ الْخُمُولِ ؛ لأَنَّه لَوْ سَوَّى بَيْنَهُمْ فِي كُـلِّ هَذِهِ الأَحْـوَالِ لَمْ يَـخْدُمْ أَحَدٌ أَحَدًا ، وَلَمْ يَصِرْ أَحَدٌ مِنْـهُمْ مُسَخَّرًا لِغَيْرِهِ ، وَحِينَئِذٍ يُفْضِي ذَلِكَ إِلَى خَــرَابِ الْعَالَمِ ، وَفَسَادِ نِظَامِ الدُّنْيَا "اهـ([66]وَقَدْ كَانَ مِنْ مُقْتَضَى تَحَقُّقِ مَعَانِيَ أَسْـمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى ، وَصِفَاتِهِ الْعُلَى أَنْ يـَخْلُقَ مَا عَلِمْنَا، وَمَا لَمْ نَعْلَمْ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَخْلُوقَاتِ ، وَأَنْ تَكُونَ الْمُـقَابَلَاتُ وَالنِّسَبُ بَيْنَ بَعْضِهَا مُخْتَلِفَةً ، مِنْ تَوَافُقٍ ، وَتَبَايُنٍ ، وَتَضَادٍّ ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ فِي نِظَامِ الْخَلْقِ أَنَّ الضِّدَّ يُظْهِرُ حُسْنَهُ الضِّدُّ، وَأَنْ تَكُونَ مَصَائِبُ قَوْمٍ عِنْدَ قَوْمٍ فَوَائِدُ ، وَأَنْ يُسِيءَ بَعْضُهُمْ إِلَى نَفْسِهِ ، أَوْ إِلَى غَيْرِهِ ، وَأَنْ يَكُونَ بَعْضُـهُمْ مَفْطُـورًا عَلَى طَاعَـةِ رَبِّهِ ، دَائِبًا عَلَى عِبَادَتِهِ وَحَمْدِهِ وَشُكْرِهِ ، وَأَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ مُخْتَارًا فِي عَمَلِهِ ، مُسْتَعِدًّا لِلْأَضدَادِ فِي مَيْلِهِ وَطَبْعِهِ([67]).
    وَ «الْخَوَارِجُ» مِمَّنْ مَتَّعَهُم اللهُ بِهَذَا الاِسْتِعْدَادِ ، وَفَطَرَهُم عَلَى الطَّعْنِ وَالاِسْتِبْدَادِ ، وَيَسَّرَهم مِنَ « الأَضْـدَادِ » ؛ حَيثُ سَلَقُوا عُلَمَاءَ الصَّحَابَة - رَضِيَ الله عَنهم - بأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ([68])، ثُمَّ طَلَعَ - في عَصْـرِنَا - قَرنُ «القُطْبِيِّينَ» وَرَثَةِ الْخَوَارِجِ الأَجْدَادِ([69])، وِمِنْ أَفَرَاخِهِم وَأذْنَابِـهم : حِزبُ «مَحْمُودٍ الْحدَّادِ»([70])، حَيثُ جَدَّدُوا فِكْـرُهُ ، واستَمرُّوا عَلَى خَطِّهِ ، بَلْ أشَّدَّ مِنْهُ، وَمِنْ رُؤُوسِهم : عَبدُ اللَّطِيفِ بَاشـمِيلُ([71])، العَدُوُّ اللَّدُودُ لِحَـمَلَةِ الْمَنْـهَجِ السَّـلَفِيِّ وَأَهْــلِهِ ، وَهُوَ : حَامِلُ لِوَاءِ الْحَدَّادِيَّةِ مُنْذُ فَتَرَ الْحَدَّادُ، وَهُوَ الْمُطُوِّرُ، وَالنَّاشِرُ لِهَذَا الْمَنْهَجِ الْهَدَّامِ لِلحَقِّ وَأَهلِهِ([72]) ، ظَلَّ مُلاَزِمًا وَمُؤَيِّدًا لِفَرِيـدٍ الْمَالكيّ([73])، وَكَانَ فَالِـحٌ صَدِيقًا لَهُــمَا ، إِلَى أَنْ رَفَعَ لِوَاءَ الْحَـدَّادِيَّةِ([74])، نَبَذُوا مَحمُوداً ؛ لأَنَّهُ لاَ يَستَطِيعُ مُجَارَاتهم فِي الغُلُوِّ وَالفُجُورِ ، فَوَجدُوا طِلبِتَهُم فِي فَالِحٍ، وَهُمْ فِي شَرِّ أَحوَالِهِم وَفُجُورِهِم فَاحْتَضَنَهُم ، وَاحْتَضَنُوهُ([75])، الآنَ الْحَدَّاديَّةُ - وَعَلَى رَأسِهِم فَالِحٌ - يُعِيدُونَ نفسَ الأُسطُوَانَةَ - كَمَا يُقَالُ - أُسطُوَانَةَ الْخَوَارِجِ وَغَيرِهِم مِن أَعدَاءِ السُنَّةِ([76]).
    ( الشَّاهِدُ السَّابعُ : الْبلَاءُ )
    ﴿ الَم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ﴾ ، وَإنَّ مِنْ أَشَـدِّ النَّاسِ بَلاَءً الأَنبِيَاءُ([77])، لَمْ يَأتِ رَجُلٌ قَطّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ عُودِيَ ، وفي روايةٍ :أُوذيَ([78])، وَإنَّ العُلمَاءَ وَرَثَـةُ الأَنْبِيَاءِ([79])، قَالَ الأَلْبَانِيُّ (ت: 1420هـ):" قَـدَّرَ عَلَيَّ أَنْ أُسجَنَ فِي عَـام 1389هـ الْمُوَافِق لِسَنَةِ 1969م مَعَ عَدَدٍ مِنَ العُلَمَاءِ مِنْ غير جَرِيـرَةٍ اقتَرَفنَاهَا ، سِوَى الدَّعْوَةِ إِلَى الإِسْلاَمِ وَتَعْلِيـمِهِ لِلنَّاسِ ، فَأُسَاقُ إِلىَ سـِجْنِ القَلْعَةِ وَغَيْرِهِ فِي دِمَشْـقَ ، ثُم يُفرَجَ عَنِّي بَعدَ مُـدَّةٍ ، لأُسَاقَ مَرَّةَ ثَانِيَّةً وَأُنفَى إِلَى الْجَزِيرَةِ، لأَقْضِيَ فِي سِجْنِهَا بِضعَةَ أَشْهُرٍ، أَحتَسِبُهَا فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ "([80])اهـ .
    قَالَ العَلاَّمَـةُ عَبْدُ الرَّحْـمَنِ مُحْي الدّينِ في ( رجب 1441 الْموَافِقِ 22 مارس 2020) :" أُوصِي الشَّيْخَ فَركُوسًا بِالصَّبْرِ ، وَالاِحْتِسَابِ، وَهَكَذَا العُلَمَاءُ الرَبَّانيّون يُمْتَحَنُونَ ، وَشَيْخُ الإسْلاَمِ ابنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ عُلَمَاءِ الْمَنْـهَجِ السَّلَفِيِّ ، امتُحِن وسُجِنَ ، وَمَاتَ في السِّجِنِ ، و الإمَامُ أَحْمَدُ إمَامُ أَهلِ السنَّةِ ضُرِبَ وسُجِنَ ، وَ غَيْرُه ، وَغَيْرُهُ كَثِيرٌ ، لَنَا أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ في الرَّعِيلِ الْمُبَارَكِ مِن هَؤُلاَءِ "([81])اهـ . وَ﴿ عَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ ، وَعَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ([82])، قَالَ شَيخُ الاِسلاَمِ (ت:728هـ) :"مَا يَجْرِي مِنْ نَوْعِ تَغْلِيظٍ أَوْ تَخْشِينٍ عَلَى بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَالْإِخْوَانِ مَا كَانَ يَجْرِي بِدِمَشْقَ ، وَمِمَّا جَرَى الْآنَ بِمِصْـرِ ، فَلَيْسَ ذَلِكَ غَضَاضَةً، وَلَا نَقْصًا فِي حَقِّ صَاحِبِهِ، وَلَا حَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ تَغَيُّرٌ مِنَّا، وَلَا بُغْضٌ ، بَلْ هُوَ بَعْدَ مَا عُومِـلَ بِهِ مِنْ التَّغْلِيـظِ وَالتَّخْشِيـنِ أَرْفَـعُ قَدْرًا ، وَأَنْبَهُ ذِكْـرًا ، وَأَحَبُّ وَأَعْظَمُ ، وَإِنَّمَا هَـذِهِ الْأُمُورُ هِيَ مِنْ مَصَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ الَّتِي يُصْلِحُ اللَّهُ بِهَا بَعْضَهُمْ بِبَعْضِ ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْيَدَيْنِ تَغْسِلُ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى "([83])اهـ
    قَالَ الْمُحدِّثُ الأَلبَانِيُّ (ت : 1420هـ ) :" قَدَّرَ عَلَيَّ أَنْ أُسـجَنَ ... وَقَدْ قَـدَّرَ الله أَلَّا يَكُونَ مَعِي فِيهِ إِلاَ كِتَابِي الْمُحَبَّبِ : صَحِيحَ الإِمَامَ مُسْلمٍ ، وَقَلَمِ رَصَاصٍ وَمِمحَاةٍ، وَهُنَاكَ عَكَفْتُ عَلَى تَحقِيقِ أُمنِيَّتي فِي اختِصَارِهِ وَتَهْذِيبِه ... وَبِذَلِكَ انقَلَبَ مَا أَرَادَهُ أَعْدَاءُ الأُمَّةِ ؛ انتِقَامًا مِنَّا إِلَى نِعْمَةٍ لَنَا، يَتَفَيَّأُ ظِـلاَلُهَا طُلاَّبُ العِلمِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ ، فَالْحَمْدُ لِله الَّذِي بِنعمَتِه تَتِـمُّ الصَّالِحَاتُ ، كَمَا يَسَرَّ الله تَعَالى لِي التَّفَرُّغَ لِعَـدَدٍ كَبِيرٍ مِنَ الأَعْـمَالِ العِلْمِيَّةِ ، مَـا كَانَ يُتَاحُ لِي أَنْ أُعْطِيـهَا الوَقْتَ اللاَّزِمَ لَوْ بَقِيَتْ حَـيَاتِي تَسِيـرُ عَلَى النَّـهْجِ الْمُعْتَادِ ، فَقَدْ قَامَتْ بَعْضُ الْحُكُومَـاتِ الْمُتَعَاقِبَّةِ بِمَنْعِي مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُدُنِ السُّورِيَّةِ فِي الزِّيَارَاتِ الشَّهْرِيَّةِ الَّتِي كُنتُ أَقُومُ بِهَا فِي الدَّعوَةِ إِلَى الكِتَابِ وَالسنَّةِ ، وَهُوَ نَوْعٌ مِـمّا يُسَمَّى فِي العُرفِ الشَّائِع بِـ"الإِقَامَةِ الْجَبْرِيةِ"، كَمَا أَنَّنِي قَدْ مُنِعْتُ - خِلاَلَ فَتَرَاتٍ مُتَلاَحَقِّةٍ - مِنْ إِلقَاءِ دُرُوسِي العِلْمِيَّةِ الكَثِيرَةِ الَّتي كَانَ التَّحْضِيرُ لَهَا يَأخُذُ جُزْءاً كَبيـرًا مِن وَقْتِي، وَهَذَا كُلُّهُ قَدْ صَرَفَ عَنِّي الكَثِيرَ مِنَ الأَعمَالِ، وَحَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ لِقَاءِ عَدَدٍ كَبِيرٍ مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ كَانُوا يَأخُذُونَ مِنْ وَقْتِي الشَّيءُ الكَبِيرُ"([84])اهـ قَالَ العلاَّمَةُ مُحمَّد بن هَادي :" إنَّ مَا يَلْقَاهُ الشًّيْخُ فَرْكُوسٌ - وَهُوَ ثَابِتٌ مُحْتَسِبٌ - أَعْظَمُ لأَجْرِهِ ، وَأَرْفَعُ لِقَدْرِهِ ، وَأَبْقَى لِذِكْرِهِ "([85])اهـ، قَالَ الشَّيْخُ نَاصرٌ زَكْـرِي - :"هَذِهِ الفِتنَةُ مِنْ حَسَنَاتِـهَا : بَصَّرتنَا بِـهَذَا الْجَبَلِ الأَشـمِّ ، والطَّودِ الكَبِيرِ وَعَالِمِ الْجَزَائِرِ وَمُفتِيـهَا ، وَعِلْمُهُ امتَدَّ إِلَى شَـمَالِ إفرِيقِيَّا بِكُلِّ دُولَها ، وَإِلَى دُوَلِ أُرُوبَا ، فَهُو مَرْجِعٌ مِن مَرَاجِعِ الْمُسلِمِينَ الْمُعتَمَدَةِ الرَّاسِـخَةِ الثَّابِتَةِ "([86])اهـ .

    ( ويتبع إن شاء الله ) .....


    ([1])عطف العلم فركوس على الأعلام من باب ( عطف العام على الْخاص) ، وَأُفْرِدَ الْأَوَّلُ بِالذِّكْرِ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهِ ، ومن أمثلته: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} والنسك العبادة فهو أعم (الإتقان 3/241 ) السيوطي(911هـ)
    ([2])الْمُجَاهِرَةُ : أي الإعلان ، وَفِي الْحديث :«كلُّ أمَّتي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِين» هُم الَّذِينَ جَاهَرُوا بِمَعَاصِيهم ، وأظْهَرُوها، وكَشَفُوا مَا سَتَر اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْها ، فَيَتَحدَّثون بِهِ ، والْمراد هنا : الْمعلنون لعداوتهم للعلمَاء ، وقد كانوا من قبل يطعنون سرا .
    ([3])(دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية - عرض ونقد ص 92 ) د. عبد الله صالِح الغصن
    ([4])(أعلام النبوة 1/232 ) الماوردي (ت: 450هـ )
    ([5]) انظر مثلا (شهادات المنصفين من غير المسلمين في خاتم النبيين ) إيهاب كمال أحمد
    ([6])(الصحوة الإسلامية وهموم الوطن العربي والإسلامي ص 29 ) يوسف القرضاوي .
    ([7])(الصحوة الإسلامية وهموم الوطن العربي والإسلامي ص 31 ) يوسف القرضاوي .
    ([8])(في وداع الأعلام ص435 )
    ([9])(في وداع الأعلام ص479)يوسف القرضاوي .
    ([10])(في وداع الأعلام ص502 )يوسف القرضاوي .
    ([11]) (حوار هادئ مع الشيخ الدكتور محمد علي فركوس - وفقه الله- الحقة السابعة والثامنة ) محمد مرابط
    ([12]) قال مرابط مخاطبا شيخنا :" اطمئن –وفقك الله- فإنّني لم أشترط في إكمال سلسلتي هذه أن تجيبني عن كل حلقة لأنّي عازم -بإذن الله- على إكمال المشوار، وترسيم هذه الحلقات في صفحات التاريخ... "اهـ ( حوار هادي الحلقة 02 )
    ([13])(حوار هادئ مع الشيخ الدكتور محمد علي فركوس - وفقه الله- الحلقة السابعة )
    ([14])(حوار هادئ مع الشيخ الدكتور محمد علي فركوس - وفقه الله- الحلقة الثامنة ) محمد مرابط
    ([15])(كشف أكاذيب وتحريفات وخيانات فوزي البحريني ص 25 ). للعلامة د. / ربيع بن هادي المدخلي
    ([16])(دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية - عرض ونقد ص 94 ) د. عبد الله صالح الغصن ( رسالة دكتوراه بإشراف عبد العزيز الراجحي )
    ([17])(جديد) ثناء فضيلة الشيخ د. عبد الله البخاري حفظه الله على مقال ( نصيحة وتوجيه لمنتدى التصفية والتربية ) للعلامة محمد علي فركوس حفظه الله) منتديات التصفية والتربية في ربيع الثاني 1439ه
    ([18]) (تحذير فضيلة الشيخ مصطفى مبرم من المتعالم عبد الحميد العربي ، وثناء طيب على علماء الجزائر ) 2014 م
    ([19])( صحيح البخاري رقم 6496 )
    ([20])واتساب في جانفي 2019 م (‏ و تتوالى البشائر و لله الحمد ، تزكيات لمشايخنا أسود السنة في الجزائر ص2 ) منتديات الإبانة .
    ([21])حديث حسن رقـم 212 ( مشكاة الـمصابيح 1/74 ) تخريـج : مـحمد ناصر الدين الألباني .
    ([22]) (سير أعلام النبلاء 4/526 ) الذهبي (ت : 748هـ )
    ([23]) (سير أعلام النبلاء 8/156) الذهبي (ت : 748هـ )
    ([24]) (المجموع في ترجمة العلامة المحدث الشيخ حماد بن محمد الأنصاري (رحمه الله) 2/606 ) عبد الأول بن حماد الأنصاري
    ([25]) (حلية الأولياء وطبقات الأصفياء 4/245 ) أبو نعيم الأصبهاني (ت: 430هـ)
    ([26])(أدب الدنيا والدين 1/71 ) الْمَاوَردِيُّ (ت: 450هـ)
    ([27]) بيان ( إحقاق الحق ) .
    ([28])صوتية رفعه الأخ عبد الله محمد ( التويتر ) في 28/03/2020
    ([29]) صويتة منتشرة .
    ([30]) باختصار من ( هذا ما قاله فقيد أهل السنة يوسف الدخيل- رحمه الله - في الشيخ فركوس ) محمد مرابط
    ([31]) في عام 1433 ه / 2012 م - ( هذا ما قاله فقيد أهل السنة يوسف الدخيل .. ) لأبي معاذ محمد مرابط
    ([32]) تعليق (لتَّنكيل بما جاء به ميلود الباتني من أباطيل في تعقُّبه على الشَّيخ الجليل)
    ([33]) في 06/ 2017 م منتديات التصفية والتربية .
    ([34]) تعليق (تهنئة فضيلة الشيخ الوالد أبي عبد المعز محمَّد علي فركوس حفظه الله ) منتديات التصفية والتربية .
    ([35]) (بيان فساد المعيار حوار مع حزبي متستر ص5 )
    ([36]) الذريعة:3/213 ، جواب مفرغ (تواضع ، ونصيحة من شيخنا الوالد العلامة ربيع بن هادئ المدخلي حفظه الله) منتديات الآجري
    ([37])( التَّنكيل بما جاء به ميلود الباتني من أباطيل... ) خالد حمُّودَةُ - أصلَحَهُ اللهُ -
    ([38])( التَّنكيل بما جاء به ميلود الباتني من أباطيل... ) خالد حمُّودَةُ - أصلَحَهُ اللهُ -
    ([39])(هل يعلم غلام السوء يوسف العنابي لماذا يُعرض الفضلاء عن الرد عليه؟) خالد حمودة .
    ([40])(دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية - عرض ونقد ص 94 ) د. عبد الله صالح الغصن
    ([41])لـم أقرأ المجلة ، ولكن وقفت على الفهرس فقط العدد الأخير (64) والعدد (60) .
    ([42])(هل يعلم غلام السوء يوسف العنابي لماذا يُعرض الفضلاء عن الرد عليه؟) خالد حمودة .
    ([43])(صيد الأفكار ص 1/638) القاضي/حسين بن محمد المهدي - عضو المحكمة العليا للجمهورية اليمنية
    ([44])أي : ظلم الأقارب أشد تأثيرًا في تهييج نار الحزن والغضب من وقع السيف القاطع الْمحدَّد أو المطبوع بالهند. ( شرح المعلقات السبع ص 113 ) الزَّوْزَني (ت: 486هـ)
    ([45])( الآداب الشرعية 1/ 237 ) ابن مفلح (ت : 763هـ )
    ([46])( من هم العلماء ؟ ) شريط مفرغ العلامة عبد السلام البرجس(ت:1425هـ)
    ([47]) (كشف أكاذيب وتحريفات وخيانات فوزي البحريني ص 25 ) للشَّيخِ ربِيعِ المدخلي – حفظه الله -
    ([48]) (البيان لما اشتمل عليه البركان ص 17 ) للشَّيخِ ربِيعِ المدخلي – حفظه الله -
    ([49]) (التعريف بالحداد ، والْحدادية ، وأصولهم الفاسدة ) منتديات التصفية والتربية .
    ([50])( فتاوى في العقيدة والمنهج (الحلقة الأولى) ص 28 ) للعلامة د. / ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله - .
    ([51])( فتاوى في العقيدة والمنهج (الحلقة الأولى) ص 28 ) للعلامة د. / ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله - .
    ([52])( كلمة في التوحيد... وتعليق على بعض أعمال الحدادية الجديدة ص 13 ) أشرطة مفرغة للشيخ ربيع المدخلي
    ([53]) (إزهاق أباطيل عبد اللطيف باشـَميل ص 33 ) للعلامة د. ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله
    ([54])صوتية مدتها أزيد من سَاعَتين .
    ([55]) (إزهاق أباطيل عبد اللطيف باشـميل ص 11 ) د . العلامة الشيخ ربيع بن هادي
    ([56]) (منهج الحدادية ص 2 ) للشَّيخِ ربِيعِ المدخلي – حفظه الله -
    ([57]) (إزهاق أباطيل عبد اللطيف باشـميل ص 11 ) د . العلامة الشيخ ربيع بن هادي
    ([58])(فتاوى في العقيدة والمنهج (الحلقة 03) ص 22 ) أشرطة مفرغة : العلامة د/ ربيع بن هادي
    ([59]) (المحكم والمحيط الأعظم 2/ 399 ) أبو الحسن الْمرسي [ت: 458هـ]
    ([60])(بهجة المجالس وأنس المجالس ص137 ) أبو عمر بن عبد البر (ت: 463هـ)
    ([61])(الوساطة بين المتنبي وخصومه ص 247 ) أبو الحسن الجرجاني (ت: 392هـ)
    ([62]) (ديوان المتنبي ص 127 )
    ([63]) (معجز أحمد (شرح لديوان المتنبي 1/110) أحمد أبو العلاء المعري (ت: 449هـ)
    ([64]) (خريدة القصر وجريدة العصر ص 111 ) عماد الدين الكاتب الأصبهاني (ت: 597هـ)
    ([65])قَال الفوزان :"تفسير الرازي أغلبه مبني على علم الكلام والمنطق والجدال ، فيه اشياء كثيرة منتقدة عليه ، ولكن لا يمنع أين يكون مع هذا فيه بعض الفوائد ، فطالب العلم المتمكن يقرأ فيه ، ليستفيد فيه مما فيه من الفوائد "( مقطع يوتيوب بعنوان يسأل عن تفسير الرازي )
    ([66]) (مفاتيح الغيب 27/630) فخر الدين الرازي (ت: 606هـ)
    ([67])( تفسير المنار 8/303 ) مـحمد رشيد رضا (ت: 1354هـ )
    ([68])من كلام مقيد المقال
    ([69])قال الشيخ ربيع : " كُلُّ أَهْلِ السنَّةِ يعلمون منهج الإمام أحمد، وأنه من أشد الأئمة تمسكاً بالسنة، وأنه يحارب الخوارج الْمُكَفِرين الذين هم أسلاف سيد قطب، بل زاد عليهم في الغلو في التكفير " (انقضاض الشهب السلفية على أوكار عدنان الخلفية ص42 )
    ([70]) (كشف أكاذيب وتحريفات وخيانات فوزي البحريني ص 26 ) للشَّيخِ ربِيعِ المدخلي – حفظه الله -
    ([71])(كلمة في التوحيد: .. وتعليق على بعض أعمال الحدادية الجديدة ص 13 ) للشيخ ربيع بن هادي الْمدخلي .
    ([72]) (براءة الأمناء ص 34 ) للعلامة د. ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله
    ([73]) (إزهاق أباطيل عبد اللطيف باشَـميل ص 4 ) للعلامة د. ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله
    ([74]) باختصار من ( كلمة في التوحيد .... ص 13 ) للعلامة د. ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله
    ([75])( براءة الأمناء ص 34 ) للعلامة د. / ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله -
    ([76])( كلمة في التوحيد: ... وتعليق على بعض أعمال الحدادية الجديدة ص 20 ) العلامة د. ربيع بن هادي
    ([77]) (سلسلة الأحاديث الصحيحة 7/795 ) الألباني (ت: 1420هـ)
    ([78]) (مُخْتَصَر صَحِيحُ الإِمَامِ البُخَارِي 1/17 ) الألباني (ت: 1420هـ)
    ([79]) (صحيح الجامع الصغير وزياداته7/1079 ) الألباني (ت: 1420هـ)
    ([80]) (مُخْتَصَر صَحِيحُ الإِمَامِ البُخَارِي 1/8 ) الألباني (المتوفى: 1420هـ)
    ([81]) (دفاع الشيخ عبدالرحمن محيي الدّين عن أخيه الشيخ محمد علي فركوس حفظهم الله*) (فايس بوك صدقة جارية) نقله : عبدالحق رابح سعدي الجزائريّ . ظهر يوم الأحد بتاريخ 27 رجب 1441 الموافق ل 22 مارس 2020
    ([82]) (بدائع الفوائد3/231) ابن القيم (ت: 751هـ)
    ([83]) (مجموع الفتاوى 28/53 ) ابن تيمية (ت: 728هـ)
    ([84]) (مُخْتَصَر صَحِيحُ الإِمَامِ البُخَارِي 1/8 ) الألباني (ت: 1420هـ)
    ([85]) نقله ( أبو لقمان الكيفاني ) يوم السبت 10/01/1442ه
    ([86]) هَذَا الكلام متداول عبر وسائل التواصل .



الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X