إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من أخلاق طالب العلم:معرفة قدر النفس.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من أخلاق طالب العلم:معرفة قدر النفس.

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين،وعلى آله وصحبه أجمعين،أما بعد:فإن من الأخلاق الفاضلة العالية التي تترتب عليها المصالح العظيمة لطالب العلم ودعوته أن يكون عارفا بقدر نفسه هاضما لها متواضعا،بحيث يعرف موقعه وقدره من دين الله ومن الدعوة إلى الله،فلا يتطلب قدرا غير قدره،ولا مكانة فوق مكانته،وكم في هذا الخلق من جلب الخير ودفع الشر،وكم في ضده من الترفع والعلو ومجاوزة الحد من الجناية على النفس والعلم والدعوة بحيث يتصدر الطلب فيما هو أكبر منه في الفتوى أو الدعوة أو العلم روى مسلم 2285 عن
    عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:إنّ اللَّهَ أوْحَى إليَّ: أنْ تَواضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخُرَ أحَدٌ على أحَدٍ وَلَا يَبْغِي أحدٌ على أحَدٍ


    قال المناوي في فيض القدير2/217 في بيان التواضع الذي ينتج منه عدم الفخر: بخفض الجناح ولين الجانب وأن مفسرة (حتى لا يفخر أحد) منكم (على أحد) بتعدد محاسنه كبرا ورفع قدر نفسه على الناس تيها. انتهى.

    فعلى طالب العلم إذا منحه الله نعمة ومن ذلك شيء من العلم وأراد أن ينصر دين الله فعليه أن يلزم هذا الخلق العظيم ويحذر من ضده قال العلامة ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين 2/306: أما المتفيهقون فقد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بالمتكبرين، المتكبر الذي يتكبر على الناس ويتفيهق، وإذا قام يمشي كأنه يمشي على ورق من تكبره وغطرسته، فإن هذا لا شك خلق ذميم، ويجب على الإنسان أن يحذر منه؛ لأن الإنسان بشر فينبغي أن يعرف قدر نفسه، حتى لو أنعم الله عليه بمال، أو أنعم الله عليه بعلم، أو أنعم الله عليه بجاه، فينبغي أن يتواضع، وتواضع هؤلاء الذين أنعم الله عليهم بالمال والعلم والجاه أفضل من تواضع غيرهم، ممن لا يكون كذلك.انتهى

    ومما يعين على التحقق بهذا الخلق العظيم أن يتأمل العبد في عظمة ربه،ويتأمل في ضعف نفسه ومهانتها وحقارتها وقال العلامة ابن عثيمين في شرح بلوغ المرام تحت حديث "اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية، والعقرب"1/553 : أن يعرف الإنسان قدر نفسه، وأن شيئا حقيرا بالنسبة إليه يؤذيه ويقلقه وربما يهلكه، حتى لا يتعاظم ويقول: أما من أنا، ولذلك نجد البعوضة تسلط على الإنسان في فراشه ولا يستطيع النوم وهي ما هي، وقال رجل من الجبابرة: ما هي الفائدة من خلق الذباب؟ فقال له بعض الحاضرين: الفائدة أن يرغم أنفك، أو قال: أن يرغم أنف الجبابرة؛ لأن هذا الذباب بأرجله الملوثة وهو كريه المنظر يقع على أنف الجبار فيرغمه ويهينه ويذله، وهذا أيضا ربما تكون من الحكم.انتهى
    ومما يعين على التحقق بهذا الخلق الجميل أن لا ينظر لغيره نظرة المستهين قال العلامة ابن عثيمين في شرح بلوغ المرام:4/365: فالواجب أن يعرف الإنسان قدر نفسه. ولا يستهين بغيره؛ لأنه إذا استهان بغيره عوقب بأن يستهين الناس به، لا يظن أنه الآن إذا قطف ثمرة الاستعلاء أنها ستبقى له أبدا، لأن من استهان بغيره بغير حق فإن الله تعالى يسلط عليه من يهينه ويذله.

    وقال الشيخ عطية سالم رحمه الله في شرح الأربعين: وأنصح كل طالب علم أن يحتاط، وأن يوقر السلف، وأن يعرف قدر نفسه، وما عنده من علم، وأن يستنير بنور السابقين.انتهى
    ومن توقير السلف توقير أتباع السلف من العلماء والمشايخ بحيث يحترمهم ويقدرهم ويحرص على نشر علومهم وفضائلهم والوفاء لهم،والورود من معين نصائحهم.


    ومما يعين طالب العلم على هذا الخلق أن يجاهد نفسه على التواضع وأن يباعد العجب والغرور قال العلامة ابن عثيمين في مجموع الفتاوى 26/113: وأقول: إن على طالب العلم أن يكون متأدبًا بالتواضع وعدم الإعجاب بالنفس وأن يعرف قدر نفسه.

    ومما يعينه على تحقيق ذلك أن يكون ورعا في دين الله فلا يفتي بغير علم،ولا يستحي أن يقول لما لا يعلم الله أعلم،قال العلامة ابن عثيمين في مجموع الفتاوى 26/235: إن بعض الناس لجرأته، وعدم ورعه، وعدم حيائه من الله، وعدم خوفه منه يقول عن الشيء المحرم الواضح تحريمه: ما أظن هذا حرام، أو عن الشيء الواجب والواضح وجوبه يقول: ما أظن هذا واجبًا، إما جهلاً منه أو عنادًا ومكابرة، أو تشكيكًا لعباد الله في دين الله. وإن من العقل والإيمان ومن تقوى الله وتعظيمه أن يقول الرجل: عما لا يعلم لا أعلم، لا أدري، اسأل غيري، فإن ذلك من تمام العقل؛ لأن الناس إذا رأوا تثبته وثقوا به؛ ولأنه يعرف قدر نفسه.

    ويزداد الأمر في تجاوز الطالب حده وقدره أن يجعل الفتوى حرفة يتكسب بها الشهرة والرفعة والعلو مع عدم الأهلية ويدعي لنفسه ما ليس فيه لذلك قال العلامة ابن عثيمين في مجموع الفتاوى 26/410: اتخذ بعض الناس الفتوى حرفة يترفع بها على من أفتاه، ويري الناس أنه ذو علم، وهذا خطأ وسفه في العقل وضلال في الدين، إن الله تعالى قال في كتابه: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) ولم يقل: الذين يفتون فعلى المرء أن يعرف قدر نفسه، وأن يكل الأمر إلى أهله، وأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ويذكر الوعيد فيمن قال على الله ما لا يعلم.انتهى

    فهذا تذكير في هذا الموضوع الخطير الكبير الذي يطرقه طالب العلم مرة بعد أخرى،ويجاهد نفسه على الاستقامة فيه،ويأخذ نصائح الشيوخ فيه حتى يخرج من الأمراض التي قد تعتريه،والله يحفظنا أجمعين من منكرات الأخلاق والأهواء والأدواء،ويهدينا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنا إلا هو ويصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا هو.

    تنبيه:مما اشتهر على ألسنة الناس الأثر رحم الله امرءا عرف قدر نفسه،وقد جاء في فتوى اللجنة الدائمة: السؤال الأول من الفتوى رقم (20355)
    س1: (رحم الله امرءا عرف قدر نفسه) ، (كثرة الضحك تميت القلب) . هل هذان أثران أم حديثان، ومن ذكرهما أو رواهما، وما نسبة صحتهما؟
    ج 6: العبارة التي ذكرتها بلفظ: "رحم الله امرءا عرف قدر نفسه" لا نعلم لها أصلا في المرويات بعد البحث والتتبع، فلم نجدها في كتب أئمة الحديث المعتمدة، ولم تؤثر عن أحد من الصحابة أو التابعين فيما نعلم، وهو من العبارات الدارجة على الألسن ولا نعلم قائلها.

    قال العلامة ابن عثيمين في نور على الدرب: ماصحة هذا الحديث (رحم الله امرأً عرف قدر نفسه) هل له أصل وهل هو وراد في الأحاديث
    فأجاب رحمه الله تعالى: لا أعلم له أصلا لكن معناه صحيح لأن الإنسان إذا عرف قدر نفسه خضع لربه وقام بعبادته وعرف أنه لا غنى له عن ربه طرفة عين وإذا عرف نفسه عرف قدره بين الناس فتحمله هذه المعرفة على أن لا يتكبر عليهم ولا يحتقرهم لأن الكبرياء من كبائر الذنوب وغمط الناس من الأمور المحرمة ولهذا لما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الكبر قالوا يا رسول الله كلنا يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً فقال عليه الصلاة والسلام (إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس) فبطر الحق يعني رده وغمط الناس يعني احتقارهم وازدراءهم فإذا عرف الإنسان قدر نفسه عرف منزلته بين الناس ونزل نفسه منزلتها فتواضع لخلق الله عز وجل ومن تواضع لله رفعه الله.


  • #2
    جزاك الله خيرا واحسن إليك اخي نسيم ونسأل لنا ولكم التوفيق والسداد.

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا وبارك فيك أخي الكريم.
        غفر الله له

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خيرا وبارك فيك.
          اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
          وسيم بن أحمد قاسيمي -غفر الله له-

          تعليق

          الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
          يعمل...
          X