إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عظمة الخالق سبحانه وعظمة دينه واختلاف بصائر الناس في ذلك لابن القيم .

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عظمة الخالق سبحانه وعظمة دينه واختلاف بصائر الناس في ذلك لابن القيم .

    بسم الله الرحمن الرحيم

    عظمة الخالق سبحانه وعظمة دينه
    واختلاف بصائر الناس في ذلك
    للعلّامة ابن القيّم
    رحمه الله



    الحمدلله وبه نستعين ، و الصلاة والسلام على الرسول الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين :
    فمما يأنس به المسلم في هذا العصر الذي تكالبت فيه طوائف من الناس على تشويه صورة ديننا الحنيف بشتى الصور، أن يقرأ في كتب الأئمة ويستنير ببيانهم لعظمة هذا الدين، لا كما يقوم به من ينتسب -شكلا وادعاء- لخدمته وهو في الحقيقة يعمل على تشويهه وتعميته، و الله المستعان .

    قال ابن القيم رحمه الله [في مفتاح دار السعادة]:
    (( وقد ذكرنا فصلا مختصرا في دلالة خلقه على وحدانيته وصفات كماله ونعوت جلاله وأسمائه الحسنى وأردنا أن نختم به القسم الأول من الكتاب ثم رأينا ان نتبعه فصلا في دلالة دينه وشرعه على وحدانيته وعلمه وحكمته ورحمته وسائر صفات كماله إذ هذا من أشرف العلوم التي يكتسبها العبد في هذه الدار ويدخل بها إلى الدار الآخرة وقد كان الأولى بنا الإمساك عن ذلك لان ما يصفه الواصفون منه وتنتهي إليه علومهم هو كما يدخل الرجل إصبعه في اليمّ ثم ينزعها فهو يصف البحر بما يعلق على إصبعه من البلل وأين ذلك من البحر فيظن السامع ان تلك الصفة أحاطت بالبحروإنما هي صفة ماعلق بالإصبع منه وإلا فالأمر أجل وأعظم وأوسع من أن تحيط عقول البشر بأدنى جزء منه وماذا عسى أن يصف به الناظر إلى قرص الشمس من ضوئها وقدرها وحسنها وعجائب صنع االله فيها ولكن قد رضى االله من عباده بالثناءعليه وذكر آلائه وأسمائه وصفاته وحكمته وجلاله مع أنه لايحصى ثناءعليه أبدا بل هو كما أثنى على نفسه فلا يبلغ مخلوق ثناء عليه تبارك وتعالى ولا وصف كتابه ودينه بما ينبغي له بل لا يبلغ أحد من الأمة ثناء على رسوله كما هو أ هل أن يثني عليه بل هو فوق ما يثنون به عليه ومع هذا فإن االله تعالى يحب أن يحمد ويثني عليه وعلى كتابه ودينه ورسوله فهذه مقدمة اعتذار بين يدي القصور والتقصير من راكب هذا البحرالأعظم واالله عليم بمقاصد العباد دنياهم وهو أولى بالعذر والتجاوز.
    فصل

    وبصائر الناس في هذا النور الباهر تنقسم الى ثلاثة أقسام:
    أحدها: من عدم بصيرة الإيمان جملة فهو لا يرى من هذا الصنف إلا الظلمات والرعد والبرق فهو يجعل اصبعيه في أذنه من الصواعق ويده على عينه من البرق خشية أن يخطف بصره ولا يجاوز نظره ما وراء ذلك من الرحمة وأسباب الحياة الأبدية فهذا القسم هو الذي لم يرفع بهذا الدين رأسا ولم يقبل هدى االله الذي هدى به عباده ولو جاءته كل آية لأنه ممن سبقت له الشقاوة وحقت عليه الكلمة ففائدة إنذار هذا إقامة الحجة عليه ليعذب بذنبه لا بمجرد علم االله فيه .
    القسم الثاني:أصحاب البصيرة الضعيفة الخفاشية الذين نسبة أبصارهم إلى هذا النور كنسبة أبصار الخفاش إلى جرم الشمس فهم تبع لآبائهم وأسلافهم ، دينهم دين العادة والمنشأ ، وهم الذين قال فيهم أمير المؤمنين على بن أبي طالب " أو منقادا للحق لا بصيره له في إصابة " ، فهؤلاء إذا كانوا منقادين لأهل البصائر لا يتخالجهم شك ولا ريب فهم على سبيل نجاة.
    القسم الثالث: وهو خلاصة الوجود ولباب بني آدم ، وهم أولو البصائر النافذة الذين شهدت بصائرهم هذا النور المبين فكانوا منه على بصيرة ويقين ومشاهدة لحسنه وكماله بحيث لوعرض على عقولهم ضده لرأوه كالليل البهم الأسود وهذا هوالمحك والفرقان بينهم وبين الذين قبلهم فإن أولئك بحسب داعيهم ومن يقربهم كما قال فيهم علي بن أبي طالب أتباع كل ناعق يميلون مع كل صائح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا إلى ركن وثيق هذا علامة من عدم البصيرة فإنك تراه يستحسن الشيء وضده ويمدح الشيء ويذمه بعينه إذا جاء في قالب لا يعرفه فيعظم طاعة الرسول ويرى عظيما مخالفته ثم هو من أشد الناس مخالفة له ونفيا لما أثبته ومعاداة للقائمين بسنته وهذا من عدم البصيرة ، فهذا القسم الثالث إنما عملهم على البصائر وبها تفاوت مراتبهم في درجات الفضل كما قال بعض السلف وقد ذكرالسابقين فقال :إنما كانوا يعملون على البصائر وما أوتي أحد أفضل من بصيرة في دين االله ولو قصر في العمل قال تعالى { وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ}[ص 45] ، قال ابن عباس: أولي القوة في طاعة االله والأبصار في المعرفة في أمراالله، وقال قتادة ومجاهد أعطوا قوة في العبادة وبصرا في الدين، وأعلم الناس أبصرهم بالحق إذا اختلف الناس وإن كان مقصرا في العمل ، وتحت كل من هذه الاقسام أنواع لا يحصى مقادير تفاوتها إلا االله .
    إذاعرف هذا فالقسم الأول لا ينتفع بهذا الباب ولا يزداد به إلاضلالة ، والقسم الثاني ينتفع منه بقدر فهمه واستعداده ، والقسم الثالث وإليهم هذا الحديث يساق وهم أولوالألباب الذين يخصّهم االله في كتابه بخطاب التنبيه والإرشاد وهم المرادون على الحقيقة بالتذكرة ، قال تعالى : { وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَاب }[البقرة269])).
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2021-01-17, 08:29 AM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X