تغريد
بسم الله الرحمن الرحيم
تنبيه السلفي إلى قواعد منهجية
من رد الشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي على عبد الحي الكتاني
من رد الشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي على عبد الحي الكتاني
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين،أما بعد:فهذا جواب أثري سلفي من عالم جليل فيه قواعد منهجية ودرر سلفية ذكرت فيها بعض الفوائد أسأل الله أن ينفع بها.:
قال العلامة محمد البشير الإبراهيمي في آثاره 3/544: ولقد كان من مقتضى كون الرجل محدِّثًا أن يكون سلفيّ العقيدة وقّافًا عند حدود الكتاب والسنَّة، يرى ما سواهما من وسواس الشياطين، وأن يكون مستقلًّا في الاستدلال لما يؤخذ ولما يترك من مسائل الدين، وقد تعالت همم المحدّثين عن تقليد الأئمة المجتهدين، فكيف بالمبتدعة الدجّالين؛ وعرفوا بالوقوف عند الآثار والعمل بها، لا يعْدونها إلى قول غير المعصوم إلا في الاجتهاديات المحضة التي لا نصّ فيها؛ ولكن المعروف عن هذا المحدّث أنه قضى عمره في نصر الطرقية وضلالات الطرقيين ومحدَثاتهم بالقول والفعل والسكوت، وأنه خصم لدود للسلفيين، وحرب عوان على السلفية، وهل يرجى ممن نشأ في أحضان الطرقية، وفتح عينيه على ما فيها من مال وجاه وشهوات ميسّرة ومخايل من المُلك، أن يكون سلفيًّا ولو سلسل الدنيا كلها بمسلسلاته؟
إن السلفية نشأة وارتياض ودراسة، فالنشأة أن ينشأ في بيئة أو بيت كل ما فيها يجري على السنّة عملًا لا قولًا؛ والدراسة أن يدرس من القرآن والحديث الأصول الاعتقادية، ومن السيرة النبوية الجوانب الأخلاقية والنفسية، ثم يروّض نفسه بعد ذلك على الهدي المعتصر من تلك السيرة وممن جرى على صراطها من السلف، وعبد الحي محدّث بمعنى آخر، فهو "راوية" بكل ما لهذه الكلمة من معنى. تتصل أسانيده بالجن والحن ورتن الهندي وبكل من هبّ ودبّ. وفيه من صفات المحدّثين أنه جاب الآفاق، ولقي الرجال، واستوعب ما عندهم من الإجازات بالروايات، ثم غلبت عليه نزعة التجديد فأتى من صفات المحدَثين (بالتخفيف) بكل عجيبة، فهو محدّث محدِث في آن واحد؛ وهمّه وهمّ أمثاله من مجانين الرواية حفظ الأسانيد، وتحصيل الإجازات، ومكاتبة علماء الهند والسند للاستجازة، وأن يرحل أحدهم فيلقى رجلًا من أهل الرواية في مثل فواق الحالب، فيقول له: أجزتُك بكل مروياتي ومؤلفاتي إلى آخر (الكليشي) (معناه الشريط بالفرنسية)؛ فإذا عجز عن الرحلة كتب مستجيزًا فيأتيه علم الحديث بل علوم الدين والدنيا كلها في بطاقة ... أهذا هو العلم؟ لا والله. وإنما هو شيء اسمه جنون الرواية.انتهى
هذا من عيون الكلام،وجميل التقريرات المنهجية على طريقة أهل السنة المحضة الذين يسيرون على معتقد السلف في التعامل مع أهل البدع والأهواء والرد عليهم ،ففيه::
-تسمية المخالف والتشهير به والمناداة به على رؤوس الأشهاد وقد تكرر هذا في كلامه بالتصريح على المردود عليه،ونسبته إلى الطرقية..
-وفيه أن العبرة ليست بكثرة العلم والإجازات بل بالاستقامة على السنة والطريقة النبوية مع العناية بالعلم وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ،فالإجازات قائدتها عظيمة لطالب العلم من جهة بقاء سلسلة السند واستمرارها موصولة بين أهل العلم إلى عصر النبوة،وهي رأس مال لطالب العلم يحصله بسهولة ويسر،مع ما فيها من توثيق نسبة بعض الكتب إلى مؤلفيها من خلال الأثبات والبرامج كما بينه أهل العلم،لكن لا بد أن تقرن بالفهم الصحيح والعمل على السنة،أما يُعتنى بتحصيل الإجازة للتكثير والفخر والمباهاة وكثرة الدعاوى مع خلو صاحبه من السير الصحيح في طلب العلم فهذا الذي يعيبه العلماء. .
-وفيه بيان من هو السلفي حقا صدقا وهو الذي يعظم الكتاب والسنة ويجانب التقليد ما استطاع إلى ذلك سبيلا،وبحسب القدرة والطاقة،ولو كان المقلَد من الأئمة الأعلام..
-وفيه أن من أبرز علامات المنحرفين عن الحق نصرتهم للباطل وأهله وعداوتهم للحق وأهله،وهذا نتيجة اعتقاد الباطل أو مصاحبة المبطلين الذين يهونون في قلبه الولاء والبراء،ويُبغضون إليه من يقوم بهذا الأصل العظيم ممن لهم مواقف من أهل الأهواء والبدع..
-وفيه أن من أعظم الكواشف التي تكشف أهل الباطل،ولو انتسبوا إلى السنة وأهلها أنهم يسكتون عن المبطلين،بل ويركنون إليهم ويهاودنوهم ويجالسونهم ويألفونهم ويأنسون بهم،وهذا من أعظم الفوارق التي تكشف لك من يلبس لباس السلفية وهو مخالف لها ولو انتسب إلى الأئمة الكبار ونشر علمهم،فإذا به يخالط المنحرفين وهم يعيثون في عقائد المسلمين فسادا،وهو يجتمع معهم،بل ينطوي وينضم تحت جمعيتهم في نشاطهم يحضر اجتماعهم ويجتمع مع رؤوسهم،وما يتبع ذلك من التنسيق والتعاون والصدور عن تلك الجمعية..
-وفيه أن من أعظم أسباب الانحراف المنهجي ومن أعظم الموانع التي تمنع صاحبها من قبول الحق فتنة المال والمناصب والجاه الذي يُغري به أهل الباطل من ينتسب إلى السنة ويدعوا إليها ويحتف الناس به ويلتفتون حول دعوته ويعرفون قدره ومكانته، فإذ بهم يفتنونه بالمناصب والمال ليحرفوه،ولا يزال هؤلاء الدعاة يتبعون خطوات الشيطان ولا يحذرون مكر أهل الباطل ولا ينتبهون ولا يتيقظون لما حذر إليه أهل العلم من هذا الباب الخطير فيقع أحدهم على أم رأسه،ويصير تحت رحمة تلك الجمعيات والأحزاب وأهل الشر وإحسانهم مما يجعله تابعا لهم ولاؤه وبراؤه مبنيا على تلك الجهات التي تغدقه بالأموال..
-وفيه أن المحدث حقا هو من جمع بين العلم والعمل واتباع السلف الكرام مع نصرة الحق وأهله والحذر من الباطل وأهله،وليس المحدث من يتسع حفظه وتكثر مروياته ويشار إليه بالبنان..
-وهذا أيضا كاشف يكشف من ينتسب للدعوة والعلم والتعليم ويلمع من أهل الباطل ويرفع عند الناس أنه المحدث الكبير والعالم النحرير والداعية الجليل فإذا به تجده بعيدا عن العلم الأصيل النافع والعمل الصالح تراه قد ارتمى في أحضان الصوفية أو الإخوان أو الجماعات الحزبية المعاصرة ينافح عن مبادئها ويغضب وتصيبه الحمية إذا تكلم في رؤوسها..
وفي الأخير هذا بعض ما ظهر من الفوائد، وهو يدلك على عظيم علم هذا العالم النبيل وسيره على طريقة السلف الكرام الصالحين مما يفتح المجال الرحب لاستخراج هذه الفوائد المنهجية من كلامه وكلام إخوانه العلماء من هذا البلد الكريم وهذه الجمعية المباركة وهو طريق مبارك للدعوة إلى الله لأنه تذكير الناس بمن يحترمونهم ويعظمونهم من علماء هذا القطر،ويطلعك أيضا الرد على أهل الباطل الذين انتسبوا لهؤلاء العلماء الأفذاذ وهم ليسوا على هذه الطريقة السنية السلفية ويحاولون التلبيس على الناس أنهم على طريقتهم ويشنعون وينفرون من السلفيين حقا وصدقا الذين عرفوا بولائهم الحق للكتاب والسنة على فهم سلف الأمة ،وبرائتهم من المبطلين والرد عليهم ومجانبتهم والتحذير منهم..
تعليق