إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تبصير السلفيين بعدم إشتراط النصيحة قبل الرد على المخطئين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تبصير السلفيين بعدم إشتراط النصيحة قبل الرد على المخطئين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    تبصير السلفيين
    بعدم اشتراط النصيحة قبل الرد على المخطئين



    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
    إن من أهم سمات المنهج السلفي الرد على المخالف كائنا من كان ، ومحاصرة آرائه ومغالطاته وشبهاته ، وذلك لئلَّا تتأثَّر قلوبُ المسلمين بأخطائه ؛ حمايةً لدِينهم وصيانةً لعقولهم منها.

    قـال العلامة محمد علي فركوس حفظه الله: "محاربةُ علماءِ السوء ودُعَاة الفِتَن مِنْ أهل الخرافة والبِدَعِ والأهواء، والتشديدُ في النهي عن مجالستهم أو سماعِ شُبَههم أو عرضِها؛ وعِلَّةُ محاربتهم تكمن في إنكار المُنكَر والزجرِ لهم والتأديب حتَّى يَدَعوا بِدَعَهم وضلالهم؛ ومحاصرة آرائهم ومغالطاتهم وشُبُهاتهم؛ لئلَّا تتأثَّر قلوبُ المسلمين بها؛ حمايةً لدِينهم وصيانةً لعقولهم منها".(1)

    كما لا تشترط النصيحة قبل الرد على المخطىء، ولا يشترط الإجتماع معه في انفراد لتبيين خطئه إذا أخطأ، بل قد يكون الرد عليه في العلانية أنفع له ولمن يحضر معه.
    فعن عدي بن حاتم رضي الله عنه أن رجلا خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله".(2)
    والشاهد أنه رد عليه مباشرة لما أخطأ ،ولم يمهد له بالنصيحة.

    وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أقبل رجل بناضحين وقد جنح الليل، فوافق معاذا يصلي، فترك ناضحه وأقبل إلى معاذ، فقرأ بسورة البقرة -أو النساء- فانطلق الرجل وبلغه أن معاذا نال منه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فشكا إليه معاذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معاذ، أفتان أنت» -أو «أفاتن»- ثلاث مرار: «فلولا صليت بسبح اسم ربك، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى، فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة».(3)

    وعن أبى نهيك رحمه الله أن أبا الدرداء رضي الله عنه كان يخطب الناس فيقول: لا وتر لمن أدركه الصبح، قال: فانطلق رجال إلى عائشة فأخبروها فقالت: كذب أبو الدرداء، كان النبى صلى الله عليه وسلم يصبح فيوتر.(4)
    والشاهد أن عائشة رضي الله عنها ،لم تمهد له بالنصيحة وردت على خطأه مباشرة .

    وقد سُئِل الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله-؛ هل يشترط إيصال نسخة إلى المردود عليه حتى ينظر فيها قبل طباعة الرد؟ فأجب -رحمه الله- بقوله: "هذا ليس شرطـاً، لكن إن تيسّر وكان يُرجى من هذا الأسلوب التقارب بدون تشهير القضية بين الناس فهذا لا شك أنه أمر جيّد، أما أولاً أن نجعله شرطاً، وثانياً أن نجعله شرطاً عاماً فهذا ليس من الحكمة في شيء إطلاقاً، والناس كما تعلمون جميعاً معادن كمعادن الذهب والفضَّة، فمن عرفت منه أنه معنا على الخط وعلى المنهج وأنه يتقبّل النصيحة فكتبت إليه دون أن تُشهّر بخطئه على الأقل في وجهة نظرك أنت فهذا جيّد، لكن هذا ليس شرطاً، وحتى ولو كان شرطاً ليس أمراً مستطاعاً، من أين تحصل على عنوانه؟! وعلى مراسلته؟! ثم هل يأتيك الجواب منه أو لا يأتيك؟! هذه أمور ظنية تماماً ... هذا الشرط تحقيقه صعب جداً ولذلك المسألة لا تُأخذ شرطاً".اهـ (5)

    ولا يشترط في النصيحة أن تكون دائما سرا ، بل تكون أحيانا في العلن أنفع ،وخاصة إذا شاع الخطأ وانتشر، لأن ترك المنكر الذي أعلن وشاع معناه إقرار بالباطل.
    كما في جواب الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله تعالى- حين سئل: متى -حفظكم الله- تكون النصيحة سراً ومتى تكون علنـاً؟
    الجواب : "يعمل الناصح بما هو الأصلح، إذا رأى أنها سراً أنفع نَصَحَ سـراً، إذا رأى أنها في العلن أنفع فعل؛ لكن إذا كان الذنب سـراً لا تكون النصيحة إلا سراً؛ إذا كان يعلم من أخيه ذنبـاً سـراً ينصحه سـراً لا يفضحه، ينصحه بينه وبينه، أما إذا كان الذنب معلنـاً يراه الناس مثلاً في المجلس قام واحد بشرب الخمر ينكر عليه أو قام واحد يدعو إلى شرب الخمر وهو حاضر أو إلى الربا يقول: يا أخي لا يجوز هذا، أمّا ذنب تعلمه من أخيك تعلم أنَّ أخاك يشرب الخمر أو تعلم أنه يتعاطى الربا تنصحه بينك وبينه سـراً تقول: يا أخي بلغني كذا .. تنصحه، أما إذا فعل المنكر علانية في المجلس وأنت تشاهد المنكر أو شاهده الناس تنكر عليه، إذا سَكتَّ معناه أنك أقرَّيت الباطل، فإذا كُنَّا في مجلس ظهر فيه شرب الخمر تنكره إن استطعت، وكذلك ظهر فيه منكر آخر من الغيبة تقول: يا إخواني ترى ما تجوز الغيبة أو ما أشبهه من المعاصي الظاهرة، إذا كان عندك علم تنكرها لأنَّ هذا منكر ظاهر لا تسكت عليه من باب إظهار الحق والدعوة إليه".(6)

    وقد سئل الشيخ ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله- مانصه: هل النصيحة واجبة لمن انتشر خطئه قبل الكلام عليه والرد على أخطائه وأنه لا يُرَّد على خطئه حتى يُنصح؟
    فأجاب: "إذا انتشر خطؤه فلا علاج له إلا أن يُعالج علانية، إذا أعلن خطؤه فأنت لابد أن تبيّن للناس الحق، لأن الناس سيقعون في حبائل الشيطان وسيركضون وراء هذا الخطر لا سيما إذا كان من العالم، فبيّن بالحجة والبرهان خطئه، بشرط أن يكون قصدك وجه الله وقصدك النصيحة لا التشهير واطلب منه التراجع". اهـ (7)

    وقد سُئل الشيخ عبيد الجابري -حفظه الله- عن كيفيه النصيحة للمخطئ، هل يشترط فيها الملازمة له والمداومة على لقائه والجلوس معه، فأجاب -حفظه الله-:
    "أحياناً يكون الخطأ بدعة، المخالفة بدعية، وقد طار بها الناسُ وشاعت وانتشرت؛ فهذه لا بد من الرد عليها بالدليل الذي يكشف حالها ويبين أنها بدعة مخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا عليه الأئمة من الصحابه ومن بعدهم إلى اليوم، أئمة الإسلام على هذا، حتى يقلعها من الرد العلني، حتى يقلعها من أذهان الناس، ويبين الحق لطالب الحق. أما إنْ كانت البدعة في نفس الإنسان لا يدعو إليها ولا يقررها ولا ينشرها فينُصح في نفسه؛ نعم، فالمسأله فيها تفصيل"(8).
    ​​​​

    كتبه:
    أبو عبد المؤمن الجيجلي.



    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    [1]: الكلمة الشهرية (رقم: 136).
    [2]: أخرجه مسلم في صحيحه "كتاب الجمعة".
    [3]: رواه البخاري.
    [4]: أخرجه أحمد بإسناد صحيح.
    [5]: [شريـط مفرغ (الموازنة في النقد - الوجه الأول) من سلسلة (الهدى والنور، رقم 63)].
    [6]: [مجلة الإصلاح العدد (241-17) بتاريخ 23/6/1993].
    [7]: [المجموع(11-133)].
    [8]: محاضرة "من أسباب محبة الله للعبد" ضمن اللقاءات السلفية القطرية بتاريخ (14/12/2011)].
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2020-11-22, 08:29 AM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X