إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في اختلاف أهل العلم في الموضع الذي يبدأ المسافر بقصر الصلاة فيه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في اختلاف أهل العلم في الموضع الذي يبدأ المسافر بقصر الصلاة فيه

    بسم الله الرحمن الرحيم

    في اختلاف أهل العلم في الموضع الذي يبدأ المسافر بقصر الصلاة فيه


    الشيخ المحدّث محمد بن علي بن آدم الاتيوبي رحمه الله :
    قال ابن رُشد -رحمه الله-: قال مالك -رحمه الله- في «الموطأ»: لا يقصر الصلاة الذي يريد السفر حتى يخرج من بيوت القرية، ولا يتم حتى يدخل أول بيوتها، وقد رُوي عنه أنه لا يقصر إذا كانت قرية جامعةً حتى يكون منها بنحو ثلاثة أميال، وذلك عنده أقصى ما تجب فيه الجمعة على من كان خارج المصر في إحدى الروايتين عنه، وبالقول الأول قال الجمهور.
    والسبب في هذا الاختلاف معارضة مفهوم الاسم لدليل الفعل، وذلك أنه إذا شَرَع في السفر، فقد انطلق عليه اسم مسافر، فمن راعى مفهوم الاسم،
    قال: إذا خرج من بيوت القرية قَصَرَ، ومَن راعى دليل الفعل أعني فعله -ﷺ- قال: لا يقصر إلا إذا خرج من بيوت القرية بثلاثة أميال؛ لِما صَحَّ من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: كان النبيّ -ﷺ- إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال، أو ثلاثة فراسخ -شعبة الشاكُّ- صلى ركعتين، رواه مسلم. انتهى (١).
    وقال الإمام أبو بكر بن المنذر -رحمه الله-: قد أجمع كلُّ من نَحْفظ عنه من أهل العلم على أن للذي يريد السفر أن يقصر الصلاة إذا خرج عن جميع بيوت القرية التي منها يخرج، واختلفوا في تقصير الصلاة قبل الخروج عن البيوت، فقال كثير من أهل العلم: لا يقصر الصلاة حتى يخرُج من بيوت القرية، رَوَينا حديثًا فيه أنهم خرجوا مع عليّ بن أبي طالب، قال الراوي: فقصرنا الصلاة، ونحن نرى البيوت، ثم رجعنا، فقصرنا، ونحن نرى البيوت، وروينا عنه أنه خرج من البصرة، فرأى خُصًّا، فقال: لولا هذا الخصّ (٢) لقصرنا، وكان ابن عمر يقصُرُ الصلاة، وهو ينظر إلى المدينة.
    قال: وروينا عن علقمة، وعمرو بن ميمون، وأبي فاختة (٣) أنهم قصروا حين خرجوا من البيوت، وبه قال النخعيّ، وقال قتادة: إذا جاوز الجِسر، أو الخندق يصلي ركعتين، وممن قال: إنه يقصر إذا خرج من بيوت القرية: مالكٌ، والأوزاعيّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.
    وفيه قولٌ ثالثٌ، روينا عن الحارث بن أبي ربيعة أنه أراد سفرًا، فصلّى بهم ركعتين في منزله، وفيهم الأسود بن يزيد، وغير واحد من أصحاب عبد اللَّه، وقال عطاء بن أبي رباح: إذا خرج الرجل حاجًّا، فلم يخرج من بيوت القرية حتى حضرت الصلاة، فإن شاء قصر، وإن شاء أوفى، وقال سليمان بن موسى: إذا خرج الرجل من بيته ذاهبًا لوجهه، فلم يخرج من القرية
    حتى حانت الصلاة، فليقصُر، وكذلك إذا دخل القرية راجعًا من سفره، ثم حانت الصلاة، فليقصُرها حتى يدخل بيته.
    قال: وقد روينا عن مجاهد قولًا ثالثًا، لا أعلم أحدًا قال به، روينا عنه أنه قال: إذا خرجت مسافرًا، فلا تقصُر الصلاة يومك حتى الليل، وإن رجعت، أو خرجت ليلًا طويلًا، فلا تقصر الصلاة حتى تُصبح.
    قال ابن المنذر -رحمه الله-: يلزم المقيم ما دام مقيمًا إتمام الصلاة، فإذا عزم على السفر، وخرج من منزله، ولم يبرُز عن قريته، واختلفوا في أمره، فعليه الإتمام على أصل ما كان عليه حتى يبرُز عن بيوت القرية، فإذا برز عنها قصر إذا كان سفره يقصر في مثله الصلاة؛ إذ لا أعلم أحدًا يمنعه من ذلك، ولا نعلم النبيّ -ﷺ- قصر في شيء من أسفاره إلا بعد خروجه عن المدينة، فأما ما رُوي عن مجاهد، فقد تُكُلّم في إسناده، والسنّة تدلّ على خلافه، صلّى النبيّ -ﷺ- بذي الحُليفة ركعتين، وليس بينها وبين المدينة يوم، ولا نصف يوم. انتهى كلام ابن المنذر -رحمه الله- (٤).
    قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي قاله ابن المنذر تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا.
    والحاصل أن من أراد سفرًا، فخرج من بيوت القرية قصر، سواء كان قريبًا أم بعيدًا، وإلا فلا يقصر؛ لأنه -ﷺ- ما قصر إلا بعد خروجه من المدينة، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. [(البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج) (37/15-39)].
    ____________
    (١) «بداية المجتهد» ١/ ١٦٨ - ١٦٩.
    (٢) «الخُصّ» بالضمّ: بيتٌ يُعمل من الخشب والقصب، وجمعه خُصاص، وأخصاص، وسُمّي به؛ لما فيه من الخُصاص، وهي الفُرَجُ والأنقاب. انتهى. «النهاية» ٢/ ٣٧.
    (٣) هو سعيد بن علاقة الهاشميّ الكوفيّ، مولى أم هانىء بنت أبي طالب، وثقه جماعة، وتوفّي في ولاية عبد الملك، أو الوليد بن عبد الملك.
    (٤)«الأوسط» ٤/ ٣٥١ - ٣٥٤.
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2020-11-18, 08:39 AM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X