إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كيف نجوت من الصعفقة؟ للشيخ زيدان بريكة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف نجوت من الصعفقة؟ للشيخ زيدان بريكة

    كيف نجوت من الصعفقة؟ للشيخ زيدان بريكة
    بسم الله الرحمان الرحيم
    بيان تفصيلي لأهم المسائل والدوافع لتوبتي من بياني "البراءة من منهج المفرقة ([1])"
    الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدا عبده ورسوله. «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا» (النساء: 1). «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ» (آل عمران: 102). «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا» (الأحزاب: 70، 71)، أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله تعالى، وخير الهدى هدى محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أما بعد:
    فإن من تمام نعمة الله على العبد هدايتَه إلى الحق، وتوفيقه للرجوع إليه بعد تبيُّنه وتيقُّنه، فلله الحمد والمنة والشكر، ولا يتم للعبد شكر نعمة الحق إلا ببيانه للناس وإعلانه، وبالذب عنه وعن أهله، والرد على كل ما خالفه، وكل من خالفه.
    وانطلاقا من هذا الواجب أحببت ورغبت في نشر بيان تفصيلي لما حدث معي- في الفترة الأخيرة- مذ زلت بي القدم، وانجرفتُ في حمأة الفتنة، فأصدرت البيان الأول الذي كان شرا عليَّ كله، فأستغفر الله -عز وجل-، وأتوب إليه، معتذرا إلى العلماء والمشايخ وسائر السلفيين -الذين هم على الجادة- مما قلته في ذلكم البيان.
    ومما يجب التعرض له وذكره في هذا الصدد، توضيحُ السبب الذي دفعني إلى إصدار ذلك البيان، وهو أنني نظرت إلى المسألة من زاوية خاطئة تماما، وهي ظني حينها أن الشيخ العلامة ربيعا -حفظه الله- قد بخس حقُّه في كونه المرجعية العليا في هذه القضية وما تعلق بها من أحداث، والسبب في هذا الظن الخاطئ أشياء كثيرة، منها: الصوتيات الملفقة التي سمعتُها، والمقالات المضللة التي قرأتها، والأخبار الملَبِّسة التي تلقيتها مباشرة أو بواسطة بعض من كان يسعى في تغيير موقفي تجاه إخواني المشايخ تشويها وتأليبا، ناهيك عن قلة التواصل مع المشايخ الذي كان كفيلا بحل الإشكالات وتوضيح التلبيسات وفهم الأمور على وجهها.
    وكان هذا الظن يدفعني يوما بعد يوم إلى الاقتناع أكثر بوجوب الذب عن الشيخ العلامة ربيع بن هادي -حفظه الله عز وجل-، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي قررت فيه أن أبيِّن موقفي الشرعي بوضوح- نظرًا لموقعي الدعوي في المنطقة -.
    فما إن صدر البيان، ورأيته مزبورًا على النَّت في مواقعَ شتَّى حتى أعدت قراءته عدة مرَّات، ولاحظت أن فيه ألفاظا قبيحة مخالفة للشرع والواقع، مثلَ وصف المنهج الذي يسير عليه إخواني العلماء والمشايخ والطلبة وعامة السلفيين بالظلم، والكذب، والتلاعب بقواعد الشرع، فكان هذا أول موقف هزَّني، وأشعرني بندم شديد جرَّاء هذه الفِعلة.
    شرعت بعد ذلك - على تردُّد مني وتلكؤ- في جمع كلمة الإخوة في المنطقة على محتوى ذلك البيان، فعقدت مجلسا أوَّلَ، ومر بسلام. ثم دُعيت إلى مجلس آخر دام إلى وقت متأخر من الليل، وشرحت فيه دوافع البيان - كما هو مذكور آنفا -، وفي طريق العودة منه انزلقت بنا السيارة، فأخذت تموج بنا يمنة ويسرة في حادث مروع مهول حتى استقرت وسكنت بسلام ، فنجانا الله سبحانه وتعالىبفضله ومنِّه وكرمه- من هذا الحادث، وما إن نزلت أنا ومن كان معي، وحضر الإخوة، حتى أخبرتهم أنها المرة الأولى -منذ ثلاثين عاما- التي أتعرض فيها إلى حادث سيارة وأنا في طريق دعوي، وأن هذا إنذار من الله –تبارك وتعالى- لنا، لكوننا نسعى في فتنة تُفرِّق الصف السلفي، وتضعف الدعوة السلفية وتوهنها، فأنكر علي الإخوة من كل جانب، وردوا علي قولي، فأسررتها في نفسي، وتيقنتها تمام اليقين.
    مضت الأيام تترى، وفي كل يوم يحدث معي ما ينغص عليَّ ذلك اليوم ويؤرقني، فازداد يقيني فيما قطعت به قبل، وبدأت عزيمتي تخور شيئا فشيئا عن المضي في الذي ذهبت إليه من نصرة المظلوم - فيما قدَّرت حينها-.
    وقد كانت هذه الأحداث كافية في دفعي إلى تغيير جهة النظر وزاويته التي كنت أرى من خلالها الأحداث إلى زاوية أخرى، أريد بذلك العدل والإنصاف بدل الهوى والعاطفة والاعتساف، ثم مع كثرة الدعاء وفقني الله -عز وجل- لتقليب القضية على جميع وجوهها، إلى أن استقرت الصورة النهائية، واتضحت جلية بحمد الله عز وجل-، وبيانها المختصر على النحو الآتي:
    أولا: انقدح في نفسي -بوضوح- أن الشيخ العلامة أبا عبد المعز، والشيخ الفاضل أزهر سنيقرة، والشيخ الدكتور عبد المجيد جمعة، لم يظلموا أحدا، ولم يعتدوا على أحد، بل سمعت من الشيخين الفاضلين: عبد المجيد وأزهر -بعد اتصالي بهما مؤخرا-كل عبارات الحب والإعظام، والتقدير والاحترام، للشيخ ربيع-كالمعهود عنهما-، وسمعت منهما كل عبارات التحسر والأسى مما ارتكبه الصعافقة، من تلبيس وتدليس، وتشويه وتشغيب، في حق حملة الدعوة السلفية والذابين عنها، وما جنوا به عليها بقطع الصلة بين الشيخ ربيع وأبنائه وتلامذته وأحبائه في كل قطر. وإنما الذي وقع أن غالبية السلفيين اجتمعت كلمتهم على معالي الدكتورفركوس وأخويه، وأن هذا الرجل قد دان له أهل السنة في هذا البلد، واعترفوا له بالأهلية العلمية والمقدرة التربوية، ولم يجبر أو يرغم أحدا من السلفيين على محبته وموالاته، والانحياز له، بل كان ذلك فضلا من الله - تبارك وتعالى -، ومنة على عبده إذْ أخلص لله وصدق معه.
    ثانيا: ثم نظرت، فإذا بالخلاف بينه وبين من يخاصمه قد مَرَّ عليه ثلاث سنوات، وفي كل يوم يزداد حب السلفيين له، والتفافهم حوله، وإكبارهم له، والانصياع لتوجيهاته، من غير أن يجيِّش لهم الجيوش، أو يسل عليهم السيوف، خبِرت ذلك ورأيته من خلال ما ورد إليَّ من اتصالات من داخل البلاد وخارجها، من طرف كبار طلبة العلم وصغارهم، ومن عامة إخواني السلفيين، وكلٌّ يعاتبني بشدة - حرصا علي-، ويدعو الله -تعالى- أن يوفقني إلى التوبة مما اقترفَته أناملي وأملاه عليَّ خاطري في هذه القضية، وفي هذه الفتنة الشعواء.
    فانعقد في نفسي بعد هذا كله- يقينٌ بأبلغ درجةٍ أن الحق في هذه القضية مع معالي الدكتور محمد علي فركوس ومن معه من المشايخ حفظهم الله جميعا-، وأن الجماعة الواجب نصرتها والوقوف معها هي جماعة السلفيين المجتمعين على هؤلاء المشايخ، ذلك أن الواقع والحس، يشهدان أنَّ الشيخ أبا عبد المعز ومن معه اجتمعت عليهم كلمة غالب السلفيين في هذا القطر المبارك حرسه الله من كيد الكائدين-، يخبرك بهذا القاصي والداني، والعدو والصديق، والموافق والمخالف ولا ينكر هذا إلا مكابر معاند، وإلا مسفسط وجاحد، ولا أظنُّ في مخالفِي الشيخ العلامة من يُقْدم على إنكار كون غالبية السلفيين يؤيِّدون الشيخ، ويوالونه ويذبون عنه المناوئين، وكفى بها شهادة. ولا يخفى على مسلم أمرُ الشرع بالاجتماع ونهيه عن التفرق، قال الله –تبارك وتعالى-: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا» (آل عمران: 103)، ووجه الاستدلال ظاهر من الحال في قوله: «جَمِيعًا». وقال –سبحانه وتعالى-:« إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ»( الأنعام :159)، وقد ثبت عن ابن عمر –رضي الله عنهما- قوله : «يدُ الله معَ الجماعةِ، ومَن شذَّ شذَّ إلى النَّارِ» ([2])، وثبت عن عمر –رضي الله عنه- قوله : «عليكُم بالجماعَةِ وإيَّاكُم والفُرقةَ« ([3])، و عنه أيضا قال : «مَن أراد بحبوحةَ الجنةِ فلْيلزَمِ الجماعةَ» ([4])، والإجماع منعقد على عدم جواز تفريق كلمة المسلمين.
    من المفرق الآن؟
    أقول: إذا تقرر ذلك، تبين أني كنت المفرق ببياني الأول، وأن السلفيين كانوا مجتمعين على الشيخ الدكتور فركوس وصاحبيه، وأني كنت الساعي بموقفي السابق- في تفريقهم بعد اجتماع كلمتهم، وأستغفر الله العظيم من ذلك، وأن الذين وصفوا المشايخ بـ "المفرقة" هم المفرقة حقا، أقصد بذلك الصعافقة ومن انتهج سبيلهم من مشايخ الإصلاح في بلادنا ومن شاكلهم.
    لذا فإني أبرأ إلى الله تعالى من هؤلاء ومن الطريقة التي سلكوها، لما تسببوا به من شر وفتنة، وتعطيل لمسار الدعوة، وللسبل التي ينتهجونها للوصول إلى غاياتهم ومآربهم.

    لماذا قال الشيخ: همشوهم؟
    وإنما قـال الشيخ العلامة محمد علي فركوس عبارته الشهيرة: «همِّشوهم»، لعلمه أن الغالبية الساحقة ممن يكتب ويرد على فضيلته لا يُحسن إلا الشَّغب والكلام الذي لا طائل تحته، فليُفهم كلام الشيخ على وجهه، فإن الالتفات إلى هؤلاء فيه تضييع الأوقات والأعمار، واستنزاف الطاقات والمجهودات والأقدار، قـال الله تبارك وتعالى-: «خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ» (الأعراف: 199).

    عبـــــر ونصائــــح
    1. عدم التسرع في قبول الأخبار وبخاصة في الفتن، قال الله -تعالى-: «يَاأيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ» (الحجرات: 6).
    فالتبين واجب كما دلَّ عليه الأمر في قوله: «فتبينوا»، والفتنة مظنته.
    1. معرفة أقدار العلماء، وتوقيرهم، والحذر من الوقوع فيهم، قال ابن عساكر: "وَاعْلَم يَا أخي وفقنَا الله وَإِيَّاك لمرضاته، وجعلنا مِمَّن يخشاه ويتقيه حق تُقَاته، أن لُحُوم الْعلمَاء -رَحْمَة اللَّه عَلَيْهِم- مَسْمُومَة، وَعَادَة الله فِي هتك أَسْتَار منتقصيهم مَعْلُومَة، لِأَن الوقيعة فيهم بِمَا هم مِنْهُ برَاء أمره عَظِيم، والتنَاولَ لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم، والاختلاقَ على من اخْتَارَهُ اللَّه مِنْهُم لنعش الْعلم خلق ذميم، والاقتداء بِمَا مدح اللَّه بِهِ قَول المتبعين من الاسْتِغْفَار لمن سبقهمْ وصف كريم، إِذْ قَالَ مثنيا عَلَيْهِم فِي كِتَابه وَهُوَ بمكارم الْأَخْلَاق وضدها عليم، «وَالَّذين جاؤوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا للَّذين آمنُوا رَبنَا إِنَّك رؤوف رَحِيم»([5]).(الحشر: 10)".
    2. التفريق بين احترام العلماء وتقديرهم وبين التعصب لهم وتقليدهم: فالأول مأمور به، والثاني منهي عنه، قال أبو حنيفة رحمه الله: "لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه"([6])، وقال أحمد رحمه الله: " لا تقلدني، ولا تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا"([7]).
    3. الحذر من وسائل التواصل المعاصرة: إن هذه الوسائل شديدة الخطورة على الشباب السلفي، فإن الخبر من خلالها محفوف بكثير من المخاطر، منها: التزوير والتلفيق، والتهويل والتشويش، والتشويه والتلبيس والخيانة، اللواتي هنَّ أُخيَّات الكذب والظلم والجور وكل كبيرة، قال الله تعالى-: «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله تَوَّابٌ رَحِيمٌ» (الحجرات: 12).
    وحقيق بما كان هذا حالها ألا توصف بالتواصل، بل هي بضده أولى، والأدهى والأمرُّ كونها تقطع الشباب عن علمائهم وعن أولي الفضل فيهم، فصارت مسارح يرفع فيها الجهال والأغمار، ويهان فيها الأفاضل والأخيار، ويقدم فيها الأصاغر، ويؤخر فيها الكبار، -فليت شعري- من للشباب بعد العلماء، ومن للأمة إذا غُيِّب ورثةُ الأنبياء.
    1. الحذر والاحتراز من التسجيلات والصوتيات الملفَّقة: أخبركم إخواني- أنني كنت ضحية بعض الصوتيات الملفقة التي وصلتني من بعض من كنت أحسن بهم الظن، ومنها -على سبيل المثال لا الحصر-: الصوتية التي فيها قسمُ الشيخ الدكتور عبد المجيد جمعة بين يدي الشيخ العلامة ربيع بن هادي، أقول: أخبرني الشيخ جمعة بعظْمة لسانه -وجعل يدعو على نفسه بكل ما أوتي- أنَّ قسَمه كان على حسب السُّؤال الموجه إليه، معتقدا أنه لم يأمر بحرق أي رسالة أو كتاب على طرته أو في طياته ذبٌّ أو دفاع عن الصحابة رضوان الله عليهم-، وإنما أمر بحرق رسائل ذلك المسؤول عنه، ولم يكن يدري أن فيها مضمونَ السؤال الذي وجهه إليه الشيخ ربيع -حفظه الله تعالى-، ثم تبينتُ أن الشيخ عبد المجيد بريء مما ألصِق به براءة الذئب من دم يوسف-عليه السلام-.
    2. نصيحتي للشباب السلفي كافة- أن يتركوا السعي في الفتن، والخوض فيها، وعليهم بالحرص على أوقاتهم بدل الاشتغال بمحاولة الانتصار لفلان على فلان على حساب الحق، فكم من وقت يضيع، وكم من جهد يهدر بلا فائدة تذكر، قال رسول الله : « سَتَكُونُ فِتَنٌ القاعِدُ فيها خَيْرٌ مِنَ القائِمِ، والقائِمُ فيها خَيْرٌ مِنَ الماشِي، والماشِي فيها خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، ومَن يُشْرِفْ لها تَسْتَشْرِفْهُ، ومَن وجَدَ مَلْجَأً أوْ مَعاذًا فَلْيَعُذْ بهِ ِ».([8])
    3. الاعتناء بأصول منهج أهل السنة والجماعة تعلُّما وتعليما، والتزاما وتحكيما، فإنما يقع الخلل من الجهل بها، أو عدم امتثالها، وتقديم الهوى والرأي والعاطفة عليها، ومن تلك الأصول صَمُّ الآذان عن سماع المخالفين وصون الأعين عن النظر في كتبهم، فإن القلوب ضعيفة والشبه خطافة، والسلامة لا يعدلها شيء، قال الذهبي في ترجمة أيوب السختياني –رحمه الله-:" وقال له رجل من أصحاب الأهواء: يا أبا بكر، أسألك عن كلمة، فولَّى وهو يقول: ولا نصفِ كلمة –مرتين-"([9]). "ودخل رجلان من أصحاب الأهواء على محمد بن سيرين، فقالا: يا أبا بكر، نحدثك بحديث؟،قال: لا. قالا: فنقرأ عليك آية؟، قال: لا، لَتقومانِ عنِّي، أو لأقومَنَّهْ. فقاما. فقال بعض القوم: يا أبا بكر، وما عليك أن يقرأ عليك آية؟، قال: خشيت أن يقرآ آية فيحرِّفانها، فيَقِرُّ ذلك في قلبي"([10]).
    ولأهمية هذا الباب تتابع علماؤنا –رحمهم الله تعالى- على التأليف في بيان أصول أهل السنة والجماعة فصنفوا في ذلك المصنفات، جوامع ومُفرَدات، ومختصرات ومطوَّلات، منها: أصول السنة للإمام أحمد ولابن أبي حاتم، والسنة للخلال وابن أبي عاصم، وخلق أفعال العباد للبخاري، والشريعة للآجري، والإبانة لابن بطة، وأصول اعتقاد أهل السنة للالكائي، والحجة للأصفهاني، وغيرها كثير.
    أقول: الحمد لله الذي وفَّقني لأن رجعت إلى منهج الحق مع إخواني المشايخ: فضيلة الشيخ الدكتور محمد علي فركوس، وفضيلة الشيخ الدكتور محمد بن هادي المدخلي، وفضيلة الشيخ أزهر سنيقرة وفضيلة الشيخ الدكتور عبد المجيد جمعة.
    أقول: رجعت إلى الحق خوفًا من الله جلَّ وعلا- وحده، والحمد لله على توفيقه وامتنانه على عباده.
    كما لا يفوتني أن أدعوَ الشباب السلفي جميعا إلى الالتفاف حول هؤلاء المشايخ الفضلاء- المذكورين آنفًا -والله أعلم.


    اعتـــذار وتحــــلُّل
    أقول: من الآثار السيئة عليَّ في هذه الفتنة، أنني تناولت المشايخ - الذين حسبتهم مخطئين - تناولا شديدا ببعض الألفاظ الجارحة، بناء على الأخبار التي وردت إليَّ، والتي كنت أظنها صحيحة، وأعني بالمشايخ فضيلة الشيخ الدكتور محمد علي فركوس، وفضيلة الشيخ الدكتور محمد بن هادي المدخلي، وفضيلة الشيخ أزهر سنيقرة، وفضيلة الشيخ الدكتور عبد المجيد جمعة.
    هذا وإني أستغفر الله -عز وجل- مما قلته، وإني راجعٌ عنه، كما أتحلل وأعتذر بإلحاح شديد من المشايخ المذكورين، آملا منهم قبول عذري، والعذر عند أهل الفضل والعلم والحلم مأمول.
    والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    وأملاه: أخوكم أبو محمد زيدان بريكة الإمام بفرجيوة الضاحية- في جلسات
    وكان الفراغ من إملائه في مساء الأربعاء 29 ذي الحجة 1441 الموافق لـ: 19/08/2020 نصرانية.
    وقد نسقه وعمل عليه بعض إخواني جزاهم الله خيرا.


    ([1])الصادر مساء السبت يوم: 16 ذو القعدة 1441 الموافق لـ: 04/07/2020 نصراني.
    ([2]) رواه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، الرقم: 2167.
    ([3]) صححه الألباني في ظلال الجنة في تخريج "السنة"، الرقم: 88.
    ([4]) قال الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب " وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين» ووافقه الذهبي. ينظر: إرواء الغليل، الألباني، ج6 ص215، طبعة: المكتب الإسلامي.
    ([5]) تبيين كذب المفتري، ابن عساكر، ص28.
    ([6]) ابن عبد البر في الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء ص 145.
    ([7]) ابن القيم في الإعلام 2/302.
    ([8]) صحيح البخاري: 3601، مسلم: 2886.الحديث عن أبي هريرة.
    ([9]) سير أعلام النبلاء 6/21.

    ([10]) نفس المصدر 11/285.

  • #2
    جزى الله خيرا الشيخ وحفظ الله أنفاسه وجعلها في سبيل الله وجعله قدوة لمن زلت بهم القدم في الرجوع إلى الحق واتباعه.

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا ونسأل الله لنا ولكم الثبات ولسائر إخواننا.

      تعليق


      • #4
        جزاكم الله خيرا على هذا البيان المفصَّل، ونسأل الله تعالى أن يهدي كلَّ مَن أراد الحق وغَرّر به المخالفون لمنهج السلف.

        أعجبني كلام للعلامة المُعلِّمي اليماني رحمه الله يوافق ما عليه مشايخنا حفظهم الله في معاملة المخالفين من دعاة الإصلاح وما يلاقونه من المدافعين عنهم بالباطل:

        قال العلّامة المعلِّمي رحمه الله:

        "وأهل العلم إذا بلغهم خطأ العالم أو الصالح وخافوا أن يغتر الناس بجلالته ربما وضعوا مِن فضله وغبَّروا في وَجه شُهرته مع مَحبَّتهم له ومَعرفَتهم بمنزلته، ولكن يُظْهِرُون تحقيره لئلا يَفتَتِن به الناس".

        ثم قال:
        "وبالجملة؛ فمن عَلِم القاعدة الشرعية في تعارض المفاسد لم يعذل العلماء في انتقاصهم مَنْ يخافون ضلال الناس بسببه، ولو عَلِم مُحبُّو المطعون فيه هذا المعنى لما وقعوا فيما وقعوا فيه من ثَلْبِ أولئك الأكابر حميَّة وعصبيَّة، والله المستعان".

        [ آثَار الشّيخ العَلّامَة عَبْد الرّحمن بْن يحْيَي المُعَلّمِيّ اليَماني 2/295].

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خيراً، والحمد الله على نعمة الرجوع للحق، ونسأل الله أن يثبت شيخنا زيدان بريكة .

          تعليق


          • #6
            الحمد لله على رجوع الشيخ زيدان للحق البيِّن الواضح .

            تعليق


            • #7
              جزاكم الله خيرا على هذا البيان الطيب

              تعليق


              • #8
                جزاك الله خيرا وثبتنا وإياك على الحق إلى أن نلقاه.

                تعليق


                • #9
                  ‏-بشرى من إخواننا في ميلة-الحمد لله-
                  اتصل بي أخي ناصر الفرجيوي الميلي معلنا توبته إلى الله هو وكثير من إخوانه عما صدر منهم من طعن في خيار علماء هذه الأمة وطلبتها، معتذرا من كل نالته كلماته من طعن، مقرا بندمه على خوضه فيما لا يحسن بعد أن اشتبهت عليه الأمور.
                  التعديل الأخير تم بواسطة أبو عائشة حشمان; الساعة 2020-08-31, 12:43 PM.

                  تعليق


                  • #10
                    والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

                    تعليق


                    • #11
                      جزاكم الله خيرا ، ولصدق التراجع عن الخطأ دلائل وعلامات ضمنتها مقالك هذا ، حفظك الله وبارك فيك

                      تعليق


                      • #12
                        الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

                        تعليق


                        • #13
                          جزاكم الله خيرا

                          تعليق


                          • #14
                            جزاكم الله خيرا ورفع الله قدركم

                            تعليق


                            • #15
                              جزاك الله خيرا على هذا الموقف المشرف نسأل الله العلي العظيم لكم التوفيق والسداد
                              التعديل الأخير تم بواسطة طارق العنابي; الساعة 2020-08-29, 01:06 PM.

                              تعليق

                              الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
                              يعمل...
                              X