إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الكذب التقني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكذب التقني

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكذب التقني

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
    أما بعد:
    فلا ينفك أهل الزيغ والضلال والفسق عن الكذب والبهتان، ولما كانت هذه بضاعتهم، عملوا على تطويرها مع تطور العالم، فركبوا الكذب التقني، واستخدموا اساليب ملتوية لترويج الباطل ومحاربة الحق وأهله، ولهم أغراض دنيئة منها النصب والاحتيال والإيقاع بالمؤمنات الغافلات وغير هذا من الأشياء الوضيعة والأمور المنحطة.

    وقد جاءت النصوص الشرعية تأمر بالصدق وتحذر من الكذب.
    عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن، كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها؛ إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)).
    متفق عليه.
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم)).
    أخرجه البخاري.

    بل جاء حديث صحيح يخص فيه التحذير من الكذبة التي تبلغ الأفاق؛ ومنها هذه الكذبة التقنية.
    عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: رأيت الليلة رجلين أتياني قالا: ((... الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يكذب بالكذبة تحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به إلى يوم القيامة)).
    أخرجه البخاري.

    وكما سلف الأغراض للكذب عبر هذه الشبكة متعددة:
    أولا: لتشوية صورة عالم ومنه الفبركة والدبلجة لكلام العلماء.
    قال العلامة ابن عثيمين رحمة الله في ((تفسير القرآن الكريم سورة النساء)) (1/127) : ((والدبلجة هذه مشكلة كبيرة، نسأل الله أن يكفينا شرها، فقد بدؤوا يدبلجون الكلام، يأخذون مثلا من بعض كلامي حرفا في كلمة من الكلمات، وحرفا من كلمة أخرى، ويركبون بعضها على بعض، فينشؤون خطبة بصوتي على ما يريدونه، والصوت صوتي، ونبرات الكلام نبرات كلامي، فأي إنسان يرد أن يتقول على شخص فإنه يمكنه ذلك، لكن أسأل الله أن يسخر فيروسًا لهذه الآلات)) اهـ.
    وقد نشر أحد هؤلاء الضلال شريطا مزورا مكذوبا لتشوية صوة الإمام ابن باز رحمه الله وذلك فيه تبرير للبس الصليب لأحد الأمراء.

    ثانيا: ترويج الطعن في الصادقين والتزكية للمخالفين.
    وما نشر من فضيحة القوم في كذبهم بقولهم قرأه وأذن بنشره الشيخ العلامة ربيع المدخلي حفظه الله، وفي هذا الكذب من المخالفات التي لا تروج على صغار طلاب العلم.

    ثالثا: التأكل بالدعوة؛ فمنهم من يزور منشورا للتبرع للعمل على إنشاء مركز لتحفظ القرآن وعقد الدروس العلمية، بل منهم من يسطو على أرقام المشايخ وطلاب العلم ليعمل على جمع التبرعات زعموا بالكذب.

    رابعا: مهنة التسول؛ البعض اتخذ التسول عبر الشبكة حرفة، تجد الواحد منهم يتنقل عبر مجموعات التواصل ليس له هم إلا معرفة أصحاب الخير وليس له شغل إلا طلب الصداقة من أهل المعروف، واللعب على عاطفتهم الدينية، وحبهم للخير، ولهم في هذا طرق وأساليب لسلب الأموال، ويأتي بقصص تقطع القلب من نسج الخيال، وهو لا يكل ولا يمل، فإذا افتضح أمره غير رقمه وبدل حسابه.
    هذا حال البعض في هذا العالم التقني، وهو حال البعض في الواقع كما صوره العلامة مقبل الوادعي رحمه الله في كتابه ((ذم المسألة)) فقال: ((قوم يتلصّصون لأخذ الزكوات وليسوا مصرفًا، ثم يصرفونها في مصالحهم الشخصية.
    وأقبح من هذا ما يحصل من بعض طلبة العلم يضيع وقته، ويهين العلم والدعوة، ركضًا من أرض الحرمين إلى الكويت، إلى قطر، إلى أبي ظبي، مالك يا فلان؟ فيقول: عليّ دين، أو أريد أن أبني مسجدًا وسكنًا للإمام (وهو نفسه الإمام)، وأريد سيارةً للدعوة، وأريد أن أتزوج.
    آه آه، وإنّ طلب علم نهايته الشحاذة لا خير فيه:
    ولو أنّ أهل العلم صانوه صانهم *** ولو عظّموه في النّفوس لعظّما
    ولكن أهانوه فهان ودنّسوا *** محيّاه بالأطماع حتى تجهّما
    ولم أر أحدًا أبصر في التلصص لاستخراج المال، من الإخوان المفلسين، فهم يصورون للناس أن القضية التي يدعون إليها هي الإسلام، وإذا لم يبذل المال في هذه القضية، انتصر الكفر على الإسلام، وهكذا القضية تلو القضية، وكلما انتهت تلك القضية ولم ير الناس لها أثرًا في نصرة الدين، بل ربما تكون عارًا على الإسلام، شغلوا الناس بقضية أخرى، فأين ثمرة تلكم المظاهرات التي يقلّدون فيها أعداء الإسلام، وأين ثمرات مؤتمر الوحدة والسلام؟ وأين ثمرات الانتخابات الطاغوتية؟ نحن نقول هذا حزنًا على الدين، وتألّمًا من قلب الحقائق، لا أننا نغبطهم على جمع الأموال، فهم سيسألون عنها يوم القيامة)) اهـ.

    خامسا: ايقاع الشابات في الشراك؛ والقصص في هذا الفعل الشنيع كثيرة جدا، وألوان الكذب والتحايل لهؤلاء الذئاب تتغير وتتشكل، ومن لم يفتك بعرضها، لعب بها، وخسرت خسارة عظيمة، وتذكر احدهم قصته المؤلمة وتجربته الفاشلة وفي أخرها تقول: دخلت داعية وخرجت عاشقة.

    سادسا: تهيج العامة على الحكام؛ وأكبر شاهد ما حدث في الخريف العربي عبر هذه التقنيات من كذب وقلب الحقائق وتهيج الغوغاء، وما تسبب من سفك الدماء وانتهاك الأعراض والتلاعب بأموال الدولة وخطف وسرقة وسيطرة دول كافرة على خيرات دول اكتسحها ذلك الطوفان وغير ذلك من المفاسد.
    الاشاعات؛ لرفع أحزاب وإسقاط أخرين، أو لتروج صورة أشخاص وتشويه صورة الخصوم.
    هذه بعض صور ونماذج من الكذب التقني والبيب تكفيه الإشارة، فلا نلقي بقلوبنا لكل ما تقذفه برامج التواصل الإلكتروني.
    هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    كتبه
    عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
    طرابلس الغرب: ليلة الأحد 26 ذي الحجة سنة 1441 هـ
    الموافق لـ: 16 أغسطس سنة 2020 ف

  • #2
    جـــــزاك الله خيرا أخي عزالـــدين

    تعليق


    • #3
      وأنت جزاك الله خيرا أخي الفاضل.

      تعليق


      • #4
        بارك الله فيك اخي عزالدين وجزاك الله خيرا

        تعليق


        • #5
          آمين أجمعين أخي أبا يونس.

          تعليق

          الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
          يعمل...
          X