إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإمعة التقني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإمعة التقني

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الإمعة التقني

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
    أما بعد:
    فالذي يهز زر الإعجاب أو زر القلب الأحمر المعبر عن شدة الإعجاب أو يضغط على زر المشاركة أو يعيد التغريدة أو يقرع الجرس على صفحات تويتر، لا لمجرد استيعاب المنشور وفهم مدلولاته وإدراك أبعاده، بل يقرع الجرس ويمسك بتلك الأزرار ويهزها بقوة لأنه قاله فلان، أو نشره علان، أو أعاد نشره، أو لأنه رأى كثرة المعجبين.
    بعض الدراسات كشفت أن المنشورات الذي تحصد الكثير من علامات الإعجاب، أو الانتقاد، تدفع كثيرا من الناس للمشاركة.

    وبعض هذه المنشورات يظهر جليا -وأحيانا خفيا- فسادها غير أنه ساعد على نشرها وترويجها الإمعة التقني.

    قال الشيخ الفاضل صالح العصيمي حفظه الله كما في تغريدة له: ((الإمعة في (تويتر) من يردد صدى تغريدة، لا يميز هل هي (نعيق بومة) أم (شقشقة عصفور) ؟!)) اهـ.
    فالإمعة التقني مع كمية شارات الإعجابات قلة وكثرة - عَلِيهُم عَلِيهم وِيّاهُم وِيّاهم -، فهو مع كل ناعق.

    قال أبو عبيد القاسم بن سلام ((غريب الحديث)) : ((أصل الإمعة هُوَ الرجل الَّذِي لَا رَأْي لَهُ وَلَا عزم فَهُوَ يُتَابع كل أحد على رَأْيه وَلَا يثبت على شَيْء)) اهـ.
    وقال ابن فارس في ((مجمل اللغة)) : ((الإمعة: الذي يكون لضعف رأيه مع كل أحد)) اهـ.
    وقال ابن الأثير في ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) : ((الذي لا رأي له فهو يتابع كل أحد على رأيه)) اهـ.

    والناظر في هذا العالم التقني يجد من التقنيين الإمعيين يروجون للباطل وينشرون الكذب والدعاية لصفحات ومواقع مخالفة ومنحرفة، لأن هذا التقني المقلد ضعيف الرأي حاطب ليل لا يعرف الكوع من الكرسوع، فيساهم في ترويج الباطل دون وعي ولا إدراك، ونظره قاصر على الإعجاب.
    قال العلامــة صالح الفوزان في ((إتحاف القاري)) : ((أما الذي يذهب مع الناس أينما ذهبوا ويكون إمعة ولا يفكر فيما هم عليه ، ولا يختبر ما هم عليه فهذا صاحب هوى ، يتَّبعُ هواه)) اهـ.
    وقال الشّاعر:
    فلا درّ درّك من صاحب *** فأنت الوزاوزة الإمّعة
    فاحذر أخي التقني الإمعة من أن تقلد دينك رجال لامعة، وتقرع الأجراس وتهز زر الإعجاب من غير حجة ولا برهان، ودُر حيث دار الدليل، ولا تكن إمّعةً بالتقليد الذليل.
    ولست بإمعةٍ في الرجال *** أسائل هذا وذا ما الخبر

    ومما جاء في ذم الإمعة.
    روي عن ابن مسعود رضي الله عنه: (كنا نعد الإمعة في الجاهلية الرجل يدعى إلى الطعام فيذهب بآخر معه لم يدع وهو اليوم فيكم المحقب دينه الرجال).
    أخرجه الحاكم في ((المستدرك على الصحيحين)) والطبراني في ((الكبير)) والطحاوي في ((بيان مشكل الآثار)) وابن عبد البر في ((جامع بيان العلم وفضله)) وأبو الشيخ في ((ذكر الأقران)).
    وفي رواية عنه أيضا: (كنا نسمي الإمعة في الجاهلية: الذي يدعى إلى طعام فيتبعه الرجل، وهو اليوم الذي يحقب الناس دينه، وكنا نسمي العضة السمر، وهو اليوم: قيل وقال).
    قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد ومنبع الفوائد)) : رواه كله الطبراني في الكبير بإسنادين، وكلاهما ضعيف.

    وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (لا يكونن أحدكم إمعة).
    قالوا: وما إمعة؟
    قال: (يجري مع كل ريح).
    أخرجه الخرائطي في ((مساوئ الأخلاق)) والطبراني في ((اعلال القلوب)).

    وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنه كان يقول: (اغد عالما، أو متعلما، ولا تغد إمعة فيما بين ذلك).
    أخرجه الطحاوي في ((بيان مشكل الآثار)) والبيهقي في ((المدخل إلى السنن)) وابن عبد البر في ((جامع بيان العلم وفضله)) والسعدان في ((جزئه)) والحنائي في ((فوائده)).
    قال الألباني في ((نقد نصوص حديثية في الثقافة العامة)) : أخرجه ابن عبد البر في "جامع العلم" (2/ 112) بسند حسن عنه.
    قال العلامة ابن القيم رحمه الله في ((إعلام الموقعين عن رب العالمين)): ((وقد صح عن ابن مسعود أنه قال: اغْدُ عالمًا أو متعلمًا، ولا تكونن إمّعة، فأخرج الإمّعة -وهو المقلد- من زُمرة العلماء والمتعلمين، وهو كما قال -رضي اللَّه عنه-؛ فإنه لا مع العلماء ولا مع المتعلمين للعِلْم والحجة، كما هو معروف ظاهر لمن تأمله)) اهـ.

    والحديث المرفوع في هذا الباب ضعيف.
    وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تكونوا إمَّعَةً؛ تقولون: إنْ أَحسَن الناسُ أحْسَنّا، وإن ظَلَموا ظَلَمْنا، ولكنْ وطِّنوا أْنفُسَكم؛ إنْ أَحْسَن الناسُ أنْ تُحسِنوا، وإنْ أَساؤوا أنْ لا تَظْلِموا)).
    أخرجه الترمذي في ((الجامع)) والبزار في ((المسند)) البغوي في ((شرح السنة)) وضعفه الألباني.
    وَلَسْتُ بإمَّعَةٍ في الخَطُوبِ *** أسائِلُ هذا وَذَا مَا الخَبَرْ
    وَلَكِنِّني مِدْرَهُ الأَصْغَرَيـ
    *** نِ جَلاَبُ خيرٍ وَذَا وَفَرَّاجُ شَرْ
    وأختم بوصية نافعة للعلامة الأثيوبي حفظه الله قال في ((ذخيرة العقبى في شرح المجتبى)) (15/ 199) : ((فعليك أيها المسلم الحريص على دينه أن لا تتبع من أقوال من ينتسب إلى العلم إلا ما استند إلى دليل صحيح، من كتاب أو سنة، أو إجماع، ولا تكن إمعة يجيب كل ناعق، فتكون من الخاسرين. جعلنا الله تعالى ممن يتولاه، وجنبنا الابتداع والزيغ، والانحراف في الاعتقاد، والقول، والعمل، إنه ولي ذلك، والقادر عليه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
    {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب})) هــ.
    هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    كتبه
    عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
    طرابلس الغرب: يوم الأحد 12 ذي الحجة سنة 1441 هـ
    الموافق لـ: 2 أغسطس سنة 2020 ف

  • #2
    جزاك الله خيرا ونفع بنصحك ونصيحتك
    وجنبنا الله وإياك طرق الغواية والردى

    تعليق


    • #3
      آمين أجمعين أخي الكريم أبا الهيثم.

      تعليق


      • #4
        جــــزاكم الله خيرا أخي عزالدين ونفع الله بكم .

        تعليق


        • #5
          آمين أجمعين أخي الكريم.

          تعليق

          الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
          يعمل...
          X