إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هل الذبح لله-عز وجل- أعلى العبادات المالية؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [مذاكرة] هل الذبح لله-عز وجل- أعلى العبادات المالية؟

    بسم الله الرحمن الرحيم




    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

    فإن من أفضل ما ينفِق فيه العبد الأوقات، فقه المفاضلة بين العبادات، لاسيما عند تزاحم القربات، وتنازع الطاعات؛ لأنه شأن الصالحين، وسبيل عباد الله المتقين.
    فعن النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ : «كُنْتُ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ رَجُلٌ : مَا أُبَالِي أَنْ لَا أَعْمَلَ عَمَلًا بَعْدَ الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنْ أُسْقِيَ الْحَاجَّ.
    وَقَالَ آخَرُ : مَا أُبَالِي أَنْ لَا أَعْمَلَ عَمَلًا بَعْدَ الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنْ أَعْمُرَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ.
    وَقَالَ آخَرُ : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِمَّا قُلْتُمْ.
    فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ، وَقَالَ : لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ - وَلَكِنْ إِذَا صَلَّيْتُ الْجُمُعَةَ دَخَلْتُ فَاسْتَفْتَيْتُهُ فِيمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : «أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» (التوبة: 19)» (رواه مسلم برقم1879).
    وفي حديث اختصام الملأ الأعلى في رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه، كان من بين اختصامهم مراجعة الملائكة بعضهم بعضا في الدرجات، وهي: إطعام الطعام، ولين الكلام، والصلاة والناس نيام.
    قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: «فيه دلالة على أن الملأ الأعلى -وهم الملائكة المقربون منهم- يختصمون فيما بينهم، ويتراجعون القول في الأعمال التي تقرب بني آدم» (اختيار الأولى شرح حديث اختصام الملأ الأعلى، ص42).
    ومن بين ما يستحق الاختصام، في خير أيام العام، مسألة أعلى العبادات المالية؛ لأننا مقبلون على يوم الحج الأكبر الذي فيه تراق الدماء، وتقدم القرابين، تقربا لمن أودع فيها الحياة، ثم أذن لنا في إذاقتها الوفاة.
    قال العلامة ابن عثيمين-رحمه الله-: «فإن الصلاة أعلى العبادات البدنية، والذبح أعلى العبادات المالية؛ لأنه على سبيل التعظيم لا يقع إلا قربة، هكذا قرر شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه المسألة، ويحتاج إلى مناقشة في مسألة أن القربان أعلى أنواع العبادات المالية؛ فإن الزكاة لا شك أنها أعظم، وهي عبادة مالية» (القول المفيد في شرح كتاب التوحيد، ص140).
    فحُق لهذه المسألة أن تسلط عليها الأضواء، وتُلفت لها الأنظار، كيف لا؟، والعلامة ابن عثيمين يقرر أن قول ابن تيمية -رحمه الله- يحتاج إلى مناقشة.
    وحسبي في هذا المقام، وفي هذا الشهر الحرام، أن أشير إشارات لطيفة، وأقلب صفحات شريفة لبيان قوة قول شيخ الإسلام من جهات متعددة مناسبة للنسك العظيم الذي سنستقبله قريبا دون التطرق لقول العلامة ابن عثيمين بالتفصيل، بله الترجيح بين القولين لضيق المقام، وعسر مثل هاته المهام.

    وأول ما نبدأ به قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في تفسير سورة الكوثر، قال -رحمه الله- في (مجموع الفتاوى 531/16): «وَقَوْلُهُ: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ»: أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْعِبَادَتَيْنِ الْعَظِيمَتَيْنِ وَهُمَا الصَّلَاةُ وَالنُّسُكُ الدَّالَّتَانِ عَلَى الْقُرْبِ وَالتَّوَاضُعِ وَالِافْتِقَارِ وَحُسْنِ الظَّنِّ وَقُوَّةِ الْيَقِينِ وَطُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ إلَى اللَّهِ وَإِلَى عُدَّتِهِ وَأَمْرِهِ وَفَضْلِهِ وَخُلْفِهِ عَكْسُ حَالِ أَهْلِ الْكِبْرِ وَالنُّفْرَةِ وَأَهْلِ الْغِنَى عَنْ اللَّهِ الَّذِينَ لَا حَاجَةَ فِي صَلَاتِهِمْ إلَى رَبِّهِمْ يَسْأَلُونَهُ إيَّاهَا وَاَلَّذِينَ لَا يَنْحَرُونَ لَهُ خَوْفًا مِنْ الْفَقْرِ وَتَرْكًا لِإِعَانَةِ الْفُقَرَاءِ وَإِعْطَائِهِمْ وَسُوءِ الظَّنِّ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ.
    وَلِهَذَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْله تَعَالَى «قُلْ إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» وَالنُّسُكُ هِيَ الذَّبِيحَةُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ الله.
    وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ الصَّلَاةَ وَالنُّسُك هُمَا أَجَلُّ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ فَإِنَّهُ أَتَى فِيهِمَا بِالْفَاءِ الدَّالَّةِ عَلَى السَّبَبِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّلَاةُ وَالنَّحْرُ سَبَبٌ لِلْقِيَامِ بِشُكْرِ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ إيَّاهُ مِنْ الْكَوْثَرِ وَالْخَيْرِ الْكَثِيرِ فَشُكْرُ الْمُنْعِمِ عَلَيْهِ وَعِبَادَتُهُ أَعْظَمُهَا هَاتَانِ الْعِبَادَتَانِ بَلْ الصَّلَاةُ نِهَايَةُ الْعِبَادَاتِ وَغَايَةُ الْغَايَات، كَأَنَّهُ يَقُولُ: «إنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ» الْخَيْرَ الْكَثِيرَ وَأَنْعَمْنَا عَلَيْك بِذَلِكَ لِأَجْلِ قِيَامِك لَنَا بِهَاتَيْنِ الْعِبَادَتَيْنِ شُكْرًا لِإِنْعَامِنَا عَلَيْك وَهُمَا السَّبَبُ لِإِنْعَامِنَا عَلَيْك بِذَلِكَ فَقُمْ لَنَا بِهِمَا فَإِنَّ الصَّلَاةَ وَالنَّحْرَ مَحْفُوفَانِ بِإِنْعَامٍ قَبْلِهِمَا وَإِنْعَامٍ بَعْدِهِمَا، وَأَجَلُّ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ النَّحْرُ وَأَجَلُّ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ الصَّلَاةُ وَمَا يَجْتَمِعُ لِلْعَبْدِ فِي الصَّلَاةِ لَا يَجْتَمِعُ لَهُ فِي غَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ كَمَا عَرَفَهُ أَرْبَابُ الْقُلُوبِ الْحَيَّةِ وَأَصْحَابُ الْهِمَمِ الْعَالِيَةِ، وَمَا يَجْتَمِعُ لَهُ فِي نَحْرِهِ مِنْ إيثَارِ اللَّهِ وَحُسْنِ الظَّنِّ بِهِ وَقُوَّةِ الْيَقِينِ وَالْوُثُوقِ بِمَا فِي يَدِ اللَّهِ أَمْرٌ عَجِيبٌ إذَا قَارَنَ ذَلِكَ الْإِيمَانَ وَالْإِخْلَاصَ وَقَدْ امْتَثَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَ رَبِّهِ فَكَانَ كَثِيرَ الصَّلَاةِ لِرَبِّهِ كَثِيرَ النَّحْرِ حَتَّى نَحَرَ بِيَدِهِ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً وَكَانَ يَنْحَرُ فِي الْأَعْيَادِ وَغَيْرِهَا».
    فالمتأمل في كلام شيخ الإسلام يعلم أن من أسباب اختياره أن النحر أعلى العبادات المالية كونها عبادة دالة على «الْقُرْبِ وَالتَّوَاضُعِ وَالِافْتِقَارِ وَحُسْنِ الظَّنِّ وَقُوَّةِ الْيَقِينِ وَطُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ إلَى اللَّهِ وَإِلَى عُدَّتِهِ وَأَمْرِهِ وَفَضْلِهِ وَخُلْفِهِ...، وإيثار الله»، فهي قربة وطاعة وشعيرة من شعائر الدين الظاهرة التي تبرهن على صدق إيمان العبد، وخضوعه لمولاه، وتواضعه له، وحاجته وافتقاره إليه، وثقته به، وإيثاره على جميع محبوباته، وطيب نفسه بذلك، ولعلي أبرز هذه الأسباب بشيء من التفصيل في النقاط التالية:

    الأولى: أنها قربة عظيمة، وعبادة كريمة لها منزلتها الكبيرة في دين الله -جل وعلا-.
    «حيث اعتنى بها الشارع الحكيم اعتناء بالغا وجعل لها وقتا مخصوصا، ومكانا مخصوصا، وصفات مخصوصة لا تقبل إلا بشروطها وأركانها وواجباتها إذا كانت خالصة للباري -جل في علاه-.
    وقد جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- الذبح لله شعارا من شعارات المسلمين يعرف به حال الرجل من حيث إسلامه وعدمه، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله؛ فإذا قالوها وصلوا صلاتنا، واستقبلوا قبلتنا، وذبحوا ذبيحتنا، فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله -عز وجل-» (رواه البخاري 392).
    وهذا الجمع بين الشهادتين والصلاة والذبح في هذا الحديث من أعظم ما يدل على أهمية الذبح والذبائح في الإسلام ووجوب العناية بها.
    وأمر الله -جل في علاه- أن تجعل الذبائح خالصة صافية له، فقال -جل وعلا-: «والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف» (الحج:36)، فقدقال القرطبي-رحمه الله-:«وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَالْأَعْرَجُ وَمُجَاهِدٌ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ: "صَوَافِيَ" أَيْ خَوَالِصَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُشْرِكُونَ بِهِ فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى نَحْرِهَا أَحَدًا» (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 396/14)» (ملخص بتصرف من رسالة الأحكام العقدية المتعلقة بالذبائح للشيخ محمد بن عبد الوهاب العقيل-حفظه الله-).

    الثانية: التواضع لله والخضوع له والافتقار إليه واستشعار تكريمه للإنسان.
    قال تعالى: «وَلِكُلِّ أُمَّة جَعَلنَا مَنسَكا لِّیَذكُرُوا ٱسمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِیمَةِ ٱلأَنعَـٰمِۗ فَإِلَـٰهُكُم إِلَـٰه وَٰحِد فَلَهُۥۤ أَسلِمُوا وَبَشِّرِ ٱلمُخبِتِینَ» (الحج: 34).
    قال العلامة صديق حسن خان القنوجي في (فتح البيان في مقاصد القرآن 49/9):
    «(ولكل أمة) هي الجماعة المجتمعة على مذهب واحد (جعلنا منسكاً) مصدر من نسك ينسك إذا ذبح القربان، والذبيحة نسيكة...
    (ليذكروا اسم الله) والمعنى جعلنا لكل أهل دين من الأديان أو لجماعة مسلمة سلفت قبلكم ذبحاً يذبحونه ودماً يريقونه أو متعبداً أو طاعة أو عيداً أو حجاً يحجونه ليذكروا اسم الله وحده ويجعلوا نسكهم خاصاً به (على) ذبح (ما رزقهم من بهيمة الأنعام) سماها بهيمة لأنها لا تتكلم، وقيد بالأنعام لأن القربان لا يكون إلا من الأنعام دون غيرها وإن أجاز أكله...
    (فإلهكم إله واحد) الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها، ثم أمرهم بالإسلام والانقياد لطاعته وعبادته فقال: (فله أسلموا) أي انقادوا وأخلصوا وأطيعوا...
    (وبشر المخبتين) من عباده، أي المتواضعين الخاشعين المخلصين. وقال مجاهد: أي المطمئنين، وقال عمرو بن أوس: هم الذين لا يظلمون الناس، وإذا ظلموا لم ينتصروا، وهو مأخوذ من الخبت وهو المنخفض من الأرض، والمعنى بشّرهم يا محمد بما أعد الله لهم من جزيل ثوابه وجليل عطائه، ولا يخفى حسن التعبير بالمخبتين هنا من حيث إن نزول الخبت مناسب للحجاج لما فيهم من صفات المتواضعين، كالتجرد عن اللباس وكشف الرأس والغربة عن الأوطان، ولذا وصف سبحانه هؤلاء المخبتين بقوله: الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (35) وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37)» اهـ.

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «وَالْحَجُّ مَبْنَاهُ عَلَى الذُّلِّ وَالْخُضُوعِ لِلَّهِ وَلِهَذَا خُصَّ بِاسْمِ النُّسُكِ و
    " النُّسُكُ " فِي اللُّغَةِ الْعِبَادَةُ...

    وَلِهَذَا كَانَ فِيهِ مِنْ الْأَفْعَالِ مَا لَا يُقْصَدُ فِيهِ إلَّا مُجَرَّدُ الذُّلِّ لِلَّهِ وَالْعِبَادَةِ لَهُ كَالسَّعْيِ وَرَمْيِ الْجِمَارِ.
    قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إنَّمَا جُعِلَ رَمْيُ الْجِمَارِ وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا والمروة لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّه» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَخَصَّ بِذَلِكَ الذَّبْحِ الْفِدَاءَ أَيْضًا دُونَ مُطْلَقِ الذَّبْحِ؛ لأنَّ إرَاقَةَ الدَّمِ لِلَّهِ أَبْلَغُ فِي الْخُضُوعِ وَالْعِبَادَةِ لَهُ وَلِهَذَا كَانَ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا لَا يَأْكُلُونَ الْقُرْبَانَ؛ بَلْ تَأْتِي نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ فَتَأْكُلُهُ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: «الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللَّهَ عَهِدَ إلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ».
    وَكَذَلِكَ كَانُوا إذَا غَنِمُوا غَنِيمَةً جَمَعُوهَا ثُمَّ جَاءَتْ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا لِيَكُونَ قِتَالُهُمْ مَحْضًا لِلَّهِ لَا لِلْمَغْنَمِ وَيَكُونَ ذَبْحُهُمْ عِبَادَةً مَحْضَةً لِلَّهِ لَا لِأَجْلِ أَكْلِهِمْ وَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ لِكَمَالِ يَقِينِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ وَأَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَ لِلَّهِ وَلَوْ أَكَلُوا الْمَغْنَمَ وَيَذْبَحُونَ لِلَّهِ وَلَوْ أَكَلُوا الْقُرْبَانَ وَلِهَذَا كَانَ عُبَّادُ الشَّيَاطِينِ وَالْأَصْنَامِ يَذْبَحُونَ لَهَا الذَّبَائِحَ أَيْضًا فَالذَّبْحُ لِلْمَعْبُودِ غَايَةُ الذُّلِّ وَالْخُضُوعِ لَهُ» (مجموع الفتاوى 17/484).

    قال الشيخ صالح آل الشيخ -حفظه الله- في شرح فتح المجيد (435/1):
    «من حق الله -عز وجل- أن يكون هذا الدم السائل الذي سال بالذبح أن يكون سال لله -عز وجل- ؛ لأنه هو الذي أودع الـحيـاة فـي هذه المخلوقات، وإذا كان كذلك فإزهاق النفس إنما يكون لله؛ لأن الله -عز وجل- هو الذي خلقها، وهو الذي أودع فيها سر الحياة، فهو الذي له أن يأخذ روح هذا الحي، أو أن يسيل دمه له.
    فإذا فعل البشر شيئا من ذلك لحاجتهم، فالله -عز وجل- رخص في هذا، وأذن لنا أن ننتفع بالطيبات التي أحلت لنا، لكن أن يكون الذبح لمن وهبها الحياة: «قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له» (الأنعام: 162)، فكما أن الله -عز وجل- هو الذي أعطاها الحياة، وهو الذي جعلها حية كذلك إزهاق نفسها يكون لله -عز وجل- لا لغيره، فلهذا المسلم حين يذبح تقربا لله -جل وعلا- في الأضحية أو في غيرها، فإنه يزهق النفس تقربا لله -عز وجل- ، يعلم أن إسالة هذا الدم، وأن إزهاق هذه النفس تكريم من الله -عز وجل- له، وأنه كان معرضا لأن تزهق نفسه، ويسال دمه بتسلط مخلوق أعظم منه عليه، لكن الله -عز وجل- منَّ عليه بذلك، ولهذا يصاحب قلوب أهل الإيمان حين إراقة الدم يصاحبها من الذل، والخضوع لله -عز وجل- ما يعلمون به المنة التي امتن الله -عز وجل- عليهم بها، إذا جعل هذه الذبائح، وهذه الدماء، وهذه الحياة تبذل فيما فيه نفع لابن آدم؛ حيث سخر الله -عز وجل- لنا ما في السموات، وما في الأرض جميعا منه».

    الثالثة: إيثار الله على جميع المحبوبات مهما سكنت القلب ولامست شغاف الفؤاد.
    قال العلامةُ عبدُ الرحمٰن بن محمد بن قاسم -رَحِمَهُ الله- مؤيدا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية أن النحر أعلى العبادات المالية- عند كلامه على قوله تعالى: «قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين» (الأنعام: 162):
    «وقد جمع تعالى بين هاتين العبادتين، اللتين هما أفضل العبادات، وأفضل القربات لله تعالى في هذه الآية، كما جمع بينهما في الآية الثانية.
    وهي قوله تعالى: «فصل لربك وانحر» أي: أخلص لربك الصلاة، ونحر البدن ونحوها على اسمه وحده.
    فَالصَّلاةُ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ، وَالذَّبْحُ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ.
    وَإِنَّمَا كَانَ الذَّبْحُ أَفَضْلَهَا؛ لأَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِيه أَمَرَانِ:
    الأَوَّلُ: أَنَّهُ طَاعَةٌ لِلّهِ.
    وَالثَّانِي: أَنَّهُ بَذَلَ مَالَهُ وَطَابَتْ بِهِ نَفْسُه، وَالْبَذْلُ مُشْتَرِكٌ فِي جِنْسِ الْمَالِ، لٰكِنْ زَادَ الذَّبْحُ عَلَىٰ غَيْرِهِ، مِنْ حَيْثُ أَنَّ الْحَيَوَانَاتِ مَحْبُوبَةٌ لأَرْبَابِها، يُوجَدُ لِذَبْحِهَا أَلَمٌ فِي النُّفُوسِ مِنْ شِدَّةِ مَحَبَّتِهَا، فَإذا بَذَلَهُ لِلّهِ وَسَمَحَتْ نَفْسُه بِإِيذَاقِ الْحَيَوَانِ الْمَوْتَ؛ صَارَ أَفْضَلَ مِنْ مُطْلَقِ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ» (حاشية ثلاثة الأصول، ص44).
    وكأن العلامة ابن قاسم -رحمه الله- يشير في قوله: «والبذل مشترك في جنس المال، لكن زاد الذبح على غيره...» إلى أفضلية الذبح على الزكاة لأهمية ما انفرد به عليها.
    وقد أشار لهذا التفضيل ابن القيم -رحمه الله- في «تحفة المودود بأحكام المولود، ص92» فقال: «فَكَانَ الذّبْح فِي مَوْضِعه أفضل من الصَّدَقَة بِثمنِهِ وَلَو زَاد كالهدايا وَالْأَضَاحِي فَإِن نفس الذّبْح وإراقة الدَّم مَقْصُود فَإِنَّهُ عبَادَة مقرونة بِالصَّلَاةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى «فصل لِرَبِّك وانحر» (الكوثر:2)، وَقَالَ «قل إِن صَلَاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب الْعَالمين» (الأنعام: 162)، فَفِي كل مِلَّة صَلَاة ونسيكة لَا يقوم غَيرهمَا مقامهما وَلِهَذَا لَو تصدق عَن دم الْمُتْعَة وَالْقرَان بأضعاف أَضْعَاف الْقيمَة لم يقم مقَامه وَكَذَلِكَ الْأُضْحِية
    وَالله أعلم» اهـ.
    ومما يدل على فرط محبة الإنسان للحيوان وقوة علاقته به عظم الألم الواقع في النفوس عند إزهاق روحه، وشاهد ذلك أن «أن العرب تحدثواعن الإبل وأطالوا الكلام، تحدثوا في نعتها فلم يذروا دقيقة من دقائقها، وتكلموا في جملها ونتاجها، ورأمها وحنينها، وحلبها وألبانها، وألوانها ونِجارها وأنسابها، وأصواتها ودعائها، ورعيها وشربها، وسَيرها وسُراها...» (مقدمة كتاب الحيوان للجاحظ بتحقيق عبد السلام هارون، ص18).
    وقل مثل ذلك في بقية الحيوانات؛ فكتبهم مشحونة بذلك في أشعارهم، وأحاديثهم وأسمارهم؛ الأمر الذي يوحي بعلاقة وطيدة، ومشاعر فريدة.

    الرابعة: حسن الظن بالله والثقة به وطمأنينة القلب إلى عُدَّتِهِ وَأَمْرِهِ وَفَضْلِهِ وَخُلْفِهِ.
    قال بعض المفسرين في قوله تعالى: «فصل لربك وانحر»: «وأيْضًا فِيهِ إشارَةٌ إلى أنَّكَ بَعْدَ فَقْرِكَ تَصِيرُ بِحَيْثُ تَنْحَرُ المِائَةَ مِنَ الإبِلِ».
    بخلاف أهل التكبر الذين وصفهم شيخ الإسلام بقوله:«عَكْسُ حَالِ أَهْلِ الْكِبْرِ وَالنُّفْرَةِ وَأَهْلِ الْغِنَى عَنْ اللَّهِ الَّذِينَ لَا حَاجَةَ فِي صَلَاتِهِمْ إلَى رَبِّهِمْ يَسْأَلُونَهُ إيَّاهَا وَاَلَّذِينَ لَا يَنْحَرُونَ لَهُ خَوْفًا مِنْ الْفَقْرِ وَتَرْكًا لِإِعَانَةِ الْفُقَرَاءِ وَإِعْطَائِهِمْ وَسُوءِ الظَّنِّ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ».

    ويمكن أن أضيف بعض النقاط الأخرى التي تقوي ما ذكرته أعلاه:

    الخامسة: أن الذبح لله في الأضحية يقع في أفضل أيام الدنيا.
    لقوله صلى الله عليه وسلم: « أعظمُ الأيامِ عند اللهِ يومُ النَّحرِ ، ثم يومُ القُرِّ» (صحيح الجامع برقم 1064).
    «سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ:أَيُّمَا أَفْضَلُ: يَوْمُ عَرَفَةَ أَوْ الْجُمْعَةِ أَوْ الْفِطَرِ أَوْ النَّحْرِ؟فَأَجَابَ:
    الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ يَوْمُ الْجُمْعَةِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.
    وَأَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ يَوْمُ عَرَفَةَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ فِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «أَفْضَلُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ» لِأَنَّهُ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «يَوْمُ النَّحْرِ هُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ».
    وَفِيهِ مِنْ الْأَعْمَالِ مَا لَا يُعْمَلُ فِي غَيْرِهِ: كَالْوُقُوفِ بمزدلفة وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَحْدَهَا وَالنَّحْرِ وَالْحَلْقِ وَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّ فِعْلَ هَذِهِ فِيهِ أَفْضَلُ بِالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَم» (مجموع الفتاوى 288/25).

    السادسة: أن عبادة الذبح من أكبر ما حرف فيها الشيطان الإنسان.
    قال الشيخ صالح آل الشيخ -حفظه الله- في شرح فتح المجيد (425/1):
    «والذبح لغير الله -عز وجل- مما كان موجودا في الجاهلية، بل لا يكاد قوم يضلون عن الإسلام، أو يضلون عن الدين الحق إلا ومن أعظم ما يفتنهم الشيطان به أن يتقربوا بالدم الذي جعله الله -عز وجل- في أجسام الكائنات الحية الحيوانية، إلا ويضلهم الشيطان بأن يتقربوا به إلى غير الله، فالذبح لغير الله قديم، ولهذا كان من شعائر الجاهلية الظاهرة أن يوجد ذبح لغير الله.
    وأهل الشرك الذين بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- فيهم: قريش ومن جاورها من
    العرب، بل والعرب جميعا، كانوا يتقربون بالذبائح، أي: بالدم، يتقربون به إلى أوثانهم.
    سبق بيان أن مناة من أوجه تسميتها أنها سميت مناة؛ لأجل كثرة ما يُمنى عندها من الدماء للصخرة، فكانت الدماء تراق لهذا الوثن» اهـ.

    السابعة: أن من تشملهم عبادة الذبح أكثر عددا ممن تشملهم عبادة الزكاة.
    قال بعض المفسرين في قوله تعالى: «فصل لربك وانحر» (الكوثر:2):
    «المَسْألَةُ الثّامِنَةُ: في الآيَةِ سُؤالانِ:
    أحَدُهُما: أنَّ المَذْكُورَ عَقِبَ الصَّلاةِ هو الزَّكاةُ، فَلِمَ كانَ المَذْكُورُ هَهُنا هو النَّحْرَ ؟...
    والجَوابُ: عَنِ الأوَّلِ، أمّا عَلى قَوْلِ مَن قالَ: المُرادُ مِنَ الصَّلاةِ صَلاةُ العِيدِ، فالأمْرُ ظاهِرٌ فِيهِ، وأمّا عَلى قَوْلِ مَن حَمَلَهُ عَلى مُطْلَقِ الصَّلاةِ، فَلِوُجُوهٍ:
    أحَدُها: أنَّ المُشْرِكِينَ كانَتْ صَلَواتُهم وقَرابِينُهم لِلْأوْثانِ، فَقِيلَ لَهُ: اجْعَلْهُما لِلَّهِ.
    وثانِيها: أنَّ مِنَ النّاسِ مَن قالَ: إنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ ما كانَ يَدْخُلُ في مِلْكِهِ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيا، بَلْ كانَ يَمْلِكُ بِقَدْرِ الحاجَةِ، فَلا جَرَمَ لَمْ تَجِبِ الزَّكاةُ عَلَيْهِ، أمّا النَّحْرُ فَقَدْ كانَ واجِبًا عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ: «ثَلاثٌ كُتِبَتْ عَلَيَّ ولَمْ تُكْتَبْ عَلى أُمَّتِي: الضُّحى والأضْحى والوِتْرُ» وثالِثُها: أنَّ أعَزَّ الأمْوالِ عِنْدَ العَرَبِ، هو الإبِلُ فَأمَرَهُ بِنَحْرِها وصَرَفَها إلى طاعَةِ اللَّهِ تَعالى تَنْبِيهًا عَلى قَطْعِ العَلائِقِ النَّفْسانِيَّةِ عَنْ لَذّاتِ الدُّنْيا وطَيِّباتِها، رُوِيَ «أنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ أهْدى مِائَةَ بَدَنَةٍ فِيها جَمَلٌ لِأبِي جَهْلٍ في أنْفِهِ بُرَةٌ مِن ذَهَبٍ فَنَحَرَ هو عَلَيْهِ السَّلامُ حَتّى أعْيا، ثُمَّ أمَرَ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلامُ بِذَلِكَ، وكانَتِ النُّوقُ يَزْدَحِمْنَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ، فَلَمّا أخَذَ عَلِيٌّ السِّكِّينَ تَباعَدَتْ مِنهُ» اهـ.

    الثامنة: أنها عبادة يشرع لها الإعلان والظهور.

    لأنها إحياء لسنة خليل الرحمن الأمة القانت لله شيخ الأنبياء ابراهيم -عليه السلام-بعدما ابتلاه ربه بذبح ابنه وفلذه كبده؛ لذلك كان من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- إحياؤها في المصلى على مرأى ومسمع الجميع.
    قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في (جلاء الأفهام، ص313): «ولما اتَّخذه ربُّه خليلاً؛ والخَلّة هي كمال المحبَّة، وهي مرتبة لا تَقبَلُ المشاركةَ والمزاحمةَ، وكان قد سأل ربَّه أن يهَبَ له ولدًا صالحًا، فوهَب له إِسماعيلَ، فأخذ هذا الولدُ شعبةً من قلْبه، فغار الخليلُ على قلب خليلِه أن يكونَ فيه مكانٌ لغيرِه، فامتحَنَه بذَبْحِه ليظهرَ سرُّ الخَلّة في تقدِيمه محبّةَ خليلِه على محبَّةِ ولدِه، فلمَّا استسلم لأمر ربّه، وعزم على فعله، وظهر سلطان الخَلَّة في الإقدام على ذبح الولد إيثارًا لمحبَّة خليله على محبّته، نسخ الله ذلك عنه، وفداه بالذِّبح العظيم، لأنَّ المصلحة في الذَّبح كانت ناشئةً من العزم وتوطين النَّفس على ما أمر به، فلمَّا حصلت هذه المصلحة، عاد الذَّبح مفسدة، فنُسخ في حقِّه، فصارت الذَّبائح والقرابين من الهدايا والضَّحايا سُنَّة في اتّباعه إلى يوم القيامة».

    هذا ما فتح الله به من أوجه مقوية، ولفتات مدعمة لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله- رغم ما في قول العلامة ابن عثيمين -رحمه الله-من القوة والوجاهة كذلك.

    ولعلي أسرد في ذلك ما قيدته الأنامل باختصار:
    الأول: أن الزكاة ركن من أركان الإسلام.
    الثاني: أن الله قرنها بالصلاة في سبعة وعشرين موضعا.
    الثالث: أنها واجبة بالكتاب والسنة والإجماع، بخلاف الذبح فبعض أفراده مختلف في حكمه كالأضحية مثلا.
    الرابع: أن المتخلف عنها متوعد بالعذاب والنكال بخلاف الذبح فبعض أنواعه لا تثريب على من تركه في بعض قولي أهل العلم.
    الخامس: ما جعل الله فيها من الحكم الباهرة، والمنافع العظيمة، ومن أعظم من تكلم في ذلك، وأجاد وأفاد كعادته في تبيين تلكم المدارك، العلامة ابن القيم -رحمه الله- في (أعلام الموقعين عن رب العالمين 400/2) فراجعه غير مأمور.
    هذا والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
    التعديل الأخير تم بواسطة أبوعبدالرحمن عبدالله بادي; الساعة 2020-08-02, 04:50 PM.

  • #2
    جزاك الله خيراً

    تعليق


    • #3
      أحسن الله إليك يا طيب

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا اخي الفاضل أبا عبد الرحمن

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خيرا أخي عبد الله ونفع بك.

          تعليق

          الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
          يعمل...
          X