إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لُبس على الأنبياء فما بالك بالعلماء (بتعليق الشيخ الفاضل زاهد الساحلي حفظه الله)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لُبس على الأنبياء فما بالك بالعلماء (بتعليق الشيخ الفاضل زاهد الساحلي حفظه الله)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    لُبس على الأنبياء فما بالك بالعلماء
    (بتعليق الشيخ الفاضل زاهد الساحلي حفظه الله)

    قال الشيخ الفاضل زاهد الساحلي حفظه الله: ((الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فقد اطلعت على رسالة الأخ عزالدين أبوزخار بشأن إمكانية التضليل والتمويه على أهل العلم والفضل من بعض مقربيهم وخاصتهم ومحاولة إيقاعهم في معمعة التدليس وتلبيس الحق بالباطل ولو بلغ علمهم وفضلهم عنان السماء، كيف لا ولم يسلم من هذه الطائفة حتى أنبياء الله ورسله، لولا مانع العصمة لهم، فرأيتها رسالة ممتازة في بابها ومدعومة بالأدلة والشواهد الشرعية ولهذا فإني أشير على كاتبها ومن نظرها أن يستفيد منها ومن ثم يحرص على نشرها لتعم فائدتها.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    )) اهـ .

    كتبه/ أبو حمزة زاهد الساحلي.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
    أما بعد:
    فالبعض يحاول إضفاء ثوب القداسة على العلماء فيقرر استحالة إمكانية التلبيس عليهم، فادعى لهم العصمة من حيث لا يشعر فساواهم بالأنبياء عليهم الصلاة السلام، وهذا لا يتفق مع قواطع القرآن الكريم من محاولة الكفار التلبيس على أنبياء الله فقال تعالى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} [النساء: 113]، فلولا لطف الله وعنايته بأنبيائه الكرام لجرى عليهم التلبيس والخداع من أقوامهم، كما يجري على بقية الناس، وهذا لا يمكن سريانه على الأنبياء بسبب مانع اللطف الذي من الله به عليهم، وهذا النوع من اللطف والتوفيق خاص بأنبياء الله العظام ملازم لهم حماية لدعوتهم من التشويش والتدليس، وهذا غير ملازم لبقية البشر، وبناء على هذا فقد يحصل لخاصة أهل العلم شيء من التلبيس والتشويش في دعوتهم ممن يخالطهم ويجالسهم، وقصة الوليد بن عقبة رضي الله عنه دليل قاطع على إمكانية صدور التشويش حتى على الأنبياء والمرسلين ابتداء لولا أن الله عصمهم بالوحي.

    ومن صور التلبيس على نبينا عليه الصلاة والسلام.
    قال الله تعالى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} [النساء: 113].
    أخرج الطبري في ((جامع البيان)) عن عكرمة، قال: استودع رجل من الأنصار طعمة بن أبيرق مشربة له فيها درع، وخرج فغاب. فلما قدم الأنصاري فتح مشربته فلم يجد الدرع، فسأل عنها طعمة بن أبيرق، فرمى بها رجلا من اليهود يقال له زيد بن السمين. فتعلق صاحب الدرع بطعمة في درعه؛ فلما رأى ذلك قومه أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فكلموه ليدرأ عنه فهم بذلك، فأنزل الله تبارك وتعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم} [النساء: 106] يعني طعمة بن أبيرق.
    قال العلامة ابن الجوزي رحمة الله في ((زاد المسير في علم التفسير)): ((قوله تعالى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ}
    في سبب نزولها قولان:
    أحدهما: أنها متعلقة بقصة طُعمة وقومه، حيث لبَّسُوا على النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر صاحبهم، هذا قول ابن عباس من طريق ابن السائب)) اهـ.
    قال محقق الزاد: هذا واه، ابن السائب هو الكلبي كذبه غير واحد)) اهـ.

    وقد جاء في السنة أنه لُبس على بعض الأنبياء.
    عن الحارث بن أبي ضرار الخزاعي رضي الله عنه، قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاني إلى الإسلام، فدخلت فيه، وأقررت به، فدعاني إلى الزكاة، فأقررت بها، وقلت: يا رسول الله، أرجع إلى قومي، فأدعوهم إلى الإسلام، وأداء الزكاة، فمن استجاب لي جمعت زكاته، فيرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا لإبان كذا وكذا ليأتيك ما جمعت من الزكاة، فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له، وبلغ الإبان الذي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليه، احتبس عليه الرسول، فلم يأته، فظن الحارث أنه قد حدث فيه سخطة من الله عز وجل ورسوله، فدعا بسروات قومه، فقال لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان وقت لي وقتا يرسل إلي رسوله ليقبض ما كان عندي من الزكاة، وليس من رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلف، ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطة كانت، فانطلقوا، فنأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة، فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق، فرق، فرجع، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: يا رسول الله، إن الحارث منعني الزكاة، وأراد قتلي.
    فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم البعث إلى الحارث، فأقبل الحارث بأصحابه إذ استقبل البعث وفصل من المدينة، لقيهم الحارث، فقالوا: هذا الحارث، فلما غشيهم، قال لهم: إلى من بعثتم؟
    قالوا: إليك.
    قال: ولم؟
    قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بعث إليك الوليد بن عقبة، فزعم أنك منعته الزكاة، وأردت قتله.
    قال: لا، والذي بعث محمدا بالحق، ما رأيته بتة، ولا أتاني.
    فلما دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: منعت الزكاة، وأردت قتل رسولي؟
    قال: لا، والذي بعثك بالحق ما رأيته، ولا أتاني، وما أقبلت إلا حين احتبس علي رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم، خشيت أن تكون كانت سخطة من الله عز وجل، ورسوله.
    قال: فنزلت الحجرات {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة، فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} [الحجرات: 6] إلى هذا المكان: {فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم} [الحجرات: 8].
    أخرجه أحمد.
    قال محقق المسند: حسن بشواهده دون قصة إسلام الحارث بن ضرار.

    ومن صور التلبيس على الأنبياء ما وقع لنبي الله داود عليه الصلاة والسلام في قصة المرأتين التي عدى الذئب على طفل أحدهما.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كانت امرأتان معهما ابناهما، جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت لصاحبتها: إنما ذهب بابنك، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك، فتحاكمتا إلى داود عليه السلام فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود عليهما السلام فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينهما، فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله هو ابنها فقضى به للصغرى)).
    متفق عليه.

    وقد جاء التحذير من هذا التلبيس.
    عن أم سلمة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئا، بقوله: فإنما أقطع له قطعة من النار فلا يأخذها)).
    أخرجه البخاري.

    فمن استبعد تأثر أهل العلم بالتلبيس والتدليس مطلقا فقد أبعد النجعة، ورفعهم فوق درجتهم، وادعى لهم من العصمة ما للأنبياء أو أكثر.

    تنبيه:
    أريد منكم التصويب للفهم السقيم.
    الأنبياء لا يلبس عليهم في الأمور الشرعية.
    أما الأمور الدنيوية والأحكام القضائية قد يقع لهم شيء من التلبيس.

    هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    ✍️ كتبه
    عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
    طرابلس الغرب: يوم الأحد 21 ذي القعدة سنة 1441 هـ
    الموافق لـ: 12 يوليو سنة 2020 ف
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X