إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نعمة المساجد ؛ النعمة المنسية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نعمة المساجد ؛ النعمة المنسية

    بسم الله الرحمن الرحيم
    نعمة المساجد ؛ النعمة المنسية



    إنَّ الحمد لله، نحمده ونَسْتعينُه ونَسْتغفِرُه، ونعوذ باللهِ مِنْ شرورِ أَنْفُسِنا، ومِنْ سَيِّئات أعمالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هادِيَ له، وأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحْدَه لا شريكَ له، وأَشْهَدُ أنَّ محمَّدًا عَبْدُه ورسولُه؛ أمَّا بعد:

    إن الانغماس في الحياة والتمتع بملذاتها، و الاغترار بنعم الله تعالى ينسينا شكرها، لأن من أسباب جحود النعم وكفرانها هو إلفها. قال الله تعالى : ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ ۖ أَفَلَا تَسْمَعُونَ ۝ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾[1].
    قال السعدي رحمه الله : « وفي هذه الآيات، تنبيه إلى أن العبد ينبغي له أن يتدبر نعم اللّه عليه، ويستبصر فيها، ويقيسها بحال عدمها، فإنه إذا وازن بين حالة وجودها، وبين حالة عدمها، تنبه عقله لموضع المنة، بخلاف من جرى مع العوائد، ورأى أن هذا أمر لم يزل مستمرا، ولا يزال. وعمي قلبه عن الثناء على اللّه بنعمه، ورؤية افتقاره إليها في كل وقت، فإن هذا لا يحدث له فكرة شكر ولا ذكر»[2].
    فالمتفكر المتدبر لأنعم الله سبحانه وتعالى ، شاكر خارج عن ظلمة التعود عليها ؛ عالم بأن مقامها بيده. لأن النعم إن لم تشكر سلبت في الحال، أو بقيت للاستدراج. قال تعالى: ﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ ۝ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ ۚ بَل لَّا يَشْعُرُونَ ﴾[3] . قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : «أيظن هؤلاء المغرورون أن ما نعطيهم من الأموال والأولاد لكرامتهم علينا ومعزتهم عندنا؟! . لقد أخطئوا في ذلك وخاب رجاؤهم ، بل إنما نفعل بهم ذلك استدراجا وإنظارا وإملاء . ولهذا قال : ﴿بل لا يشعرون﴾»[4].
    ولا يحصل الشكر إلاّ بمعرفة النعم. قال أبو الدرداء: «من لم يعرِف نعمَ الله عز وجل عليه إلا في مطعمه ومشربِه فقد قلَّ علمُه ، وحضر عذابه »[5]. لأن نعم الله دائمة. ولا تعرف أقدارها إلاّ بعد فقدها.
    وهذه المساجد التي هي أحب البلاد إلى الله تعالى كما جاء هذا عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه [6]. لأنها بيوت الطاعات وأساسها التقوى. أضافها الله سبحانه وتعالى إلى نفسه تشريفا لها وتكريما ، فقال تعالى : ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾[7]. ما أحسسنا بنعمتها ولا عرفنا قيمتها إلاّ يوم أن حرمنا الصلاة فيها بأمر الله تعالى عن ارتيادها والمكوث فيها بسبب جائحة كورونا. هي نعمة افتقدناها فافتقدنا نعما أخرى متعلقة بها ، منها:
    • نعمة المشي إلى المساجد :
    عن أَبي هريرةَ رضي الله عنه أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «مَنْ غَدا إِلى المسْجِدِ أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللَّه لهُ في الجَنَّةِ نُزُلًا كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ»[8].
    وعنهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قالَ: «مَنْ تَطَهَّرَ في بَيْتِهِ ، ثُمَّ مَضى إِلى بيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ ، لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرائِضِ اللَّهِ ، كانَتْ خُطُواتُهُ ، إِحْدَاها تَحُطُّ خَطِيئَةً ، والأُخْرى تَرْفَعُ دَرَجَةً»[9].
    وعن أُبَيِّ بنِ كعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: كانَ رجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ لاَ أَعْلم أَحدًا أَبْعدَ مِنَ المسْجِد مِنْهُ ، وَكَانَتْ لا تُخْطِئُهُ صَلاةٌ ، فَقيلَ لَهُ: لَوِ اشتَريْتَ حِمَارًا ِتَرْكَبهُ في الظَّلْمَاءِ وَفِي الرَّمْضَاءِ ، قالَ: مَا يَسُرُّني أَنَّ مَنْزلي إِلى جنْبِ المَسْجدِ ، إِنِّي أُريدُ أَنْ يُكتَب لِي مَمْشاي إِلى المسْجِدِ، وَرجُوعِي إِذا رَجَعْتُ إِلى أَهْلي. فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم : «قَدْ جَمَع اللَّه لكَ ذَلكَ كُلَّه» [10].
    • نعمة شهود صلاة الجماعة :
    عن ابنِ عمَر رضي اللَّه عنهما أَنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: « صَلاةُ الجَمَاعَةِ أَفضَلُ مِنْ صَلاةِ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ درَجَةً »[11].
    وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: « صَلاةُ الرَّجُلِ في جَماعةٍ تُضَعَّفُ عَلى صلاتِهِ فِي بَيْتِهِ وفي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرينَ ضِعفًا، وذلكَ أَنَّهُ إِذا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلى المَسْجِدِ، لا يُخْرِجُه إِلاَّ الصَّلاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوةً إِلاَّ رُفِعَتْ لَه بهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّتْ عَنْه بهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذا صَلى لَمْ تَزَلِ المَلائِكَة تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ في مُصَلاَّه، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارحَمْهُ. وَلا يَزَالُ في صَلاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاةَ»[12].
    • نعمة صلاة الجمعة :
    عن أوس بن أوس رضي اللَّه عنه أَنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: « مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَغَسَّلَ، وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَدَنَا وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا »[13].
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « مَنِ اغْتَسَلَ ثُمَّ أتَى الجُمُعَةَ، فَصَلَّى ما قُدِّرَ له، ثُمَّ أنْصَتَ حتَّى يَفْرُغَ مِن خُطْبَتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي معهُ، غُفِرَ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى، وفَضْلُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ »[14].
    وعنه رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وآله وسلم كَانَ يَقُولُ: « الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ، إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ»[15].
    قال سعيد بن المسيب رحمه الله : شهود الجمعة أحب إليّ من حجة نافلة.[16]
    • نعمة انتظار الصلاة :
    عنْ أَبي هريرةَ رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم قالَ: « لا يَزَالُ أَحَدُكُمْ في صَلاةٍ مَا دَامتِ الصَّلاَةُ تَحْبِسُهُ، لا يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إِلى أَهْلِهِ إِلاَّ الصَّلاةُ »[17].
    وعنه رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: « المَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلاَّهُ الَّذي صَلَّى فِيهِ مَا لمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ»[18].
    و عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « إنَّ أعظم الناس أجرًا في الصَّلاة أَبْعَدُهم إليها مَمشًى فأبعدُهم، والذي يَنتظر الصلاة حتى يصلِّيها مع الإمام أعظمُ أجرًا من الذي يصلِّيها ثم ينام»[19].
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ألا أدلُّكم على ما يمحو اللهُ به الخطايا ويرفعُ به الدرجاتِ؟»، قالوا: بلى يا رسولَ الله، قال: «إِسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثْرةُ الخُطَى إِلَى المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ ، فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ»[20].
    • نعمة تسوية الصفوف:
    عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلاةِ وَيَقُولُ : « اسْتَوُوا , وَلا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ » [21].
    وعن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم يُسَوِّي صُفُوفَنَا حَتَّى كَأَنَّمَا يُسَوِّي بِهَا الْقِدَاحَ ، حَتَّى رَأَى أَنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ ثُمَّ خَرَجَ يَوْمًا فَقَامَ حَتَّى كَادَ يُكَبِّرُ ، فَرَأَى رَجُلا بَادِيًا صَدْرُهُ مِنْ الصَّفِّ ، فَقَالَ: « عِبَادَ اللَّهِ ، لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ »[22].
    وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، عن زوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أنّه قال: « إنَّ الله وملائكته يُصلُّون على الذين يَصِلُون الصُّفوف »[23].
    ومن عظيم نعمة تسوية الصفوف ؛ « تساوي الناس غنيهم وفقيرهم ،كبيرهم وصغيرهم ، قويهم وضعيفهم ، حتى إذا ما رأى الضعيف من هو أقوى منه والفقير من هو أغنى منه ، والصغير من هو أكبر من هو مساويا له في حركة الحياة التعبدية في الركوع والسجود لله وحده ، حينما يستقر مرأى هذا المشهد في مكان واحد أمام الإله الواحد يستقر في أذهان الجميع أنهم خلق الله وعبيده»[24] .
    • نعمة لقاء الأحبة في المساجد :
    عن أَبي موسى الأَشعَرِيِّ رضي الله عنه أَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «إِنَّما مثَلُ الجلِيس الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ : كَحَامِلِ المِسْكِ ، وَنَافِخِ الْكِيرِ ، فَحامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحًا طيِّبةً ، ونَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَن يَحْرِقَ ثِيابَكَ ، وإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا مُنْتِنَةً » [25].
    ومن شمائله صلى الله عليه وسلم أنه كان يتفقد إخوانه في المسجد رضي الله عنهم ؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، افْتَقَدَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ رضي الله عنه ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ، فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ، مُنَكِّسًا رَأْسَهُ ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ ؟ فَقَالَ: شَرٌّ ، كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَتَى الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ مُوسَى بْنُ أَنَسٍ: فَرَجَعَ المَرَّةَ الآخِرَةَ بِبِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ، فَقَالَ: « اذْهَبْ إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَكِنْ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ »[26].
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المُؤْمِنُ مِرْآةُ المُؤْمِنِ وَالمُؤْمِنُ أَخُو المُؤْمِنِ ، يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ»[27] .

    ويكفي الإشارة إلى أنّ أخوة المسجد تضمن لك صديقا يعينك على الطاعة، وينصحك إذا شردت، ويتفقدك إذا غبت. قال الحسن البصري رحمه الله : « إخوانُنا أحَبُّ إلينا من أهلِنا وأولادِنا ؛ لأنَّ أهلَنا يُذكِّرُوننا بالدنيا، وإخواننا يُذكِّرُوننا بالآخرة»[28]. وسُئلَ محمد بن واسع رحمه الله :« أي العمل في الدنيا أفضل ؟ قال: صُحْبةُ الأصحاب، ومحادثةُ الإخوان، إذا اصطحبوا على البرِّ والتَّقْوى »[29].
    ولقد صدق من قال[30]:
    لَعَمْرُكَ مَا مَالُ الفَتَى بِذَخِيرَةٍ *** وَلَكِنَّ إِخْوَانَ الثِّقَاتِ الذَّخَائِرُ

    هذه بعض النعم التي كنا نتقلب فيها ، شعرنا بذلك أم لم نشعر. لكن القلوب قست وتحجرت ، وما استشعرت النعم إلاّ يوم أن فقدت. فلنرجع إلى بارئنا سبحانه وتعالى ، ولنندم على ما فرطنا في جنب الله تعالى ، ولنكثر من الاستغفار يرجع إلينا ما كنا افتقدناه . قال ابن القيم الجوزية رحمه الله : « مِن أعظم أسباب ضِيق الصدرِ الإعراضُ عن الله، والغفلةُ عن ذكره، ولا يزال الاستغفارُ الصادق بالقلب حتى يردَّه بالصحة والسلامة»[31].
    وما الذي أعاد عافية نبي الله أيوب عليه السلام
    وأهله، لولا رجوعه إلى ربه ، قال سبحانه وتعالى :﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ۝ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ۝ وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ۝ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ۗ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾[32].
    فاللَّهُمَّ إنّا ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا ، ولا يغفر الذنوب إلاّ أنت . فاغفر لنا مغفرة من عندك وارحمنا ، فإنا والله لنخشى أن نموت قبل أن نصلي في مساجد أحيائنا. بعدما كنا نمني الأنفس بالصلاة في المسجد الأقصى.
    اللهم أعدنا عودا حميدا ، واعمره بالنشاط والعمل . وأدم علينا النعم وارزقنا شكرها.
    اللهم اكشف عنا هذا الوباء واصرفه عنا ، فقد اشتدت فاقتنا وضعفت قوتنا ، وقلت حيلتنا.. آمين.

    هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
    أبو عبد الرحمن محمد صالحي
    عين مران ؛ ليلة الجمعة ٢٦ من ذي القعدة ١٤٤١ هجرية
    الـمـوافق لــــ : ١٧ يوليو ٢٠٢٠ نـــــصراني


    [1]- [ القصص: ٧١-٧٢].
    [2]- تفسير السعدي ( ص ٥٥٨).
    [3]-[ سورة المؤمنون : ٥٥-٥٦].
    [4]- تفسير ابن كثير ( ٣/ ٢٧٤).
    [5]- الشكر لله عز وجل - لابن أبي الدنيا ( ص ٣٣).
    [6] - قال عليه الصلاة والسلام : «أَحَبُّ البِلَادِ إلى اللهِ مَسَاجِدُهَا ، وَ أَبْغَضُ البِلَادِ إلى اللهِ أَسْوَاقُهَا».
    [7] - [ سورة الجن : ١٨].
    [8] - أخرجه البخاري (٦٦٢)، ومسلم (٦٦۹) واللفظ له.
    [9] - رواه مسلم ( ٦٦٦).
    [10] - رواه مسلم ( ٦٦٣).
    [11] - رواه البخاري (٦٤٥)، ومسلم (٦٥٠) واللفظ له.
    [12] - متفقٌ عَلَيهِ. وهذا لفظ البخاري.
    [13] - صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (٤۹٦).
    [14] - رواه مسلم ( ٨٥٧).
    [15] - رواه مسلم (٢٣٣).
    [16] - لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي رحمه الله ( ص ٣٥٠).
    [17] - رواه البخاري ( ٦٥۹).
    [18] - رواه البخاري ( ٤٤٥).
    [19] - رواه مسلم ( ٦٦٢).
    [20] - رواه مسلم ( ٢٥١).
    [21] - رواه مسلم (٤٣٢).
    [22] - رواه البخاري ( ٧١٧) ومسلم (٤٣٦).
    [23] - رواه أبو داود (٦٦٤).
    [24] - الشيخ محمد بن سعد الدبل رحمه الله .
    [25] - رواه البخاري ( ٥٥٣٤) ومسلم (٢٦٢٨).
    [26] - رواه البخاري ( ٦٦١٣).
    [27] - رواه أبو داود ( ٣۹٠٧).
    [28] - إحياء علوم الدين ( ٢/١٧١).
    [29] - الإخوان ، لابن أبي الدنيا ( ١٢٨).
    [30] - عيون الأخبار، لابن قتيبة الدينوري (٣/٤).
    [31]-
    الوابل الصيب ( ص ۹٢).
    [32]- [ الصافات : ٤١-٤٤].


  • #2
    جزاك الله خيراً أخي محمد

    تعليق


    • #3
      مقال طيب
      التعديل الأخير تم بواسطة بلال الجيجلي; الساعة 2020-07-18, 01:22 PM.

      تعليق


      • #4
        جزاكم الله خيرا وبارك فيكم. الله المستعان.

        تعليق

        الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
        يعمل...
        X