بسم الله الرحمن الرحيم
الفرح بزوال النعمة عن المسلمين مشابهة لأبي الشيطان
الفرح بزوال النعمة عن المسلمين مشابهة لأبي الشيطان
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فالحاسد للمسلمين على ما أتاهم الله من فضله فيه شبه بإبليس؛ لما حسد أبانا آدم عليه الصلاة السلام بما فضله الله تعالى عليه، ولم يمتثل لأمر الله عز وجل بالسجود له، ويزداد الطين بلة عندما يفرح بزوال هذه النعمة عن أخيه المسلم.
قال الله تعالى:{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة: 36].
ففرح إبليس بنزول آدم عليه الصلاة والسلام وإن كان إخراج إبليس ونزوله إلى الأرض قبله.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله في ((الفوائد)) (ص: 51) : ((فرح إبليس بنزول آدم من الجنة، وما علم أن هبوط الغائص في اللجة خلف الدر صعود)) اهـ.
ومن صور فرح الشياطين الفرح بموت العالم، والعلماء العاملين من أفضل النعم.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (والله ما أظن على ظهر الأرض اليوم أحب إلى الشيطان هلاكًا مني!
فقيل: وكيف؟!
فقال: إنّه ليحدث البدعة في مشرق أو مغرب فيحملها الرجل إليَّ، فإذا انتهت إليَّ قمعتها بالسنة، فتُرد عليه كما أخرجها).
أخرجه ابن الجوزي في ((تلبيس إبليس)).
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((الشرح الممتع)) (5/322): ((يذكـر أن جـنود الـشيطـان جـاءوا إلـيه فقالـوا لـه: يـا سيدنـا نراك تفـرح بمـوت الواحد من الـعلماء، ولا تفـرح بمـوت آلاف الـعباد، فـهذا الـعابد الـذي يعـْبُد الله لـيلاً ونهـاراً يسـبّح ويهـلل ويصـوم ويتصـدق لا تفـرح بموت الألـف منهم فرحك بالـواحد من الـعلماء.
قـال: نعم أنـا أدلُّـكم على هذا، فـذهـب إلى عـابد فقـال لـه: يـا أيهـا الـشيخ هـل يقـدر الله أن يجعـل الـسموات في جـوف بيـضة؟
قـال الـعابد: لا، وهـذه غلـطة كـبيرة.
ثم ذهـب إلى الـعالم وقـال له: هل يقدر الله أن يجعـل الـسموات في بيضـة ؟ .
قـال الـعالم: نعم، قـال: كيف؟ قـال: إنمـا أمره إذا أراد شيئـاً أن يقـول له: كـن فـيكون، فـإذا قـال للـسموات: كـوني في جـوف بيضة كانت.
فقـال : انظـروا الـفرق بين هذا وهذا)) اهـ.
ومن صور فرح إبليس الفرح بالتفريق بين الزوجين وهدم البيت.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئا قال ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال فيدنيه منه ويقول نعم أنت)).
أخرجه مسلم.
أما ما روي: (المرأة وزوجها إذا اختصما في البيت يكون الشيطان يصفق يقول: فرح الله من فرحتي).
هذا الحديث لا يصح فقد أودعه العلامة الشوكاني في ((الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة)).
فالذين يفرحون بزوال النعمة عن إخوانهم المسلمين فيهم مشابهة لأبي الشياطين وفرحه بنزول آدم عليه الصلاة السلام من جنة رب العالمين.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
✍️ كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأثنين 30 شوال سنة 1441 هـ
الموافق لـ: 22 يونيو سنة 2020 ف
تعليق