إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مطوية (●تحذيرُ أهل الإيمان من نَشْر "طَابْ وَلاَّ مَا زَالْ" بين الوِلدان●)) للشيخ د. أبي حذيفة محمد طالبي -حظه الله -

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مطوية (●تحذيرُ أهل الإيمان من نَشْر "طَابْ وَلاَّ مَا زَالْ" بين الوِلدان●)) للشيخ د. أبي حذيفة محمد طالبي -حظه الله -

    بسملة


    تحذيرُ أهل الإيمان
    من نَشْر (طَابْ وَلاَّ مَا زَالْ) بين الوِلدان


    الحمد لله الملك العلاَّم، والصَّلاة والسَّلام على أشرف من صلَّى وصام وقام، صلَّى الله عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
    فإنَّه كلَّما حلَّ علينا هذا الشَّهر المبارك، واقتربت العشر الأواخر منه، إلا وظهرت عند النَّاس في ولايتنا عادةٌ، صارت مألوفة عند صغار الولدان، ويشجِّعهم عليها الوالدان، والإخوان، وهي عادةٌ شبيهةٌ بالتَّسوُّل، ولا تمتَّ بصلة إلى شرعنا الحنيف، وسنَّة نبيِّنا الأمين صلى الله عليه وسلم؛ بدليل قوله تعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّهُ ليس شيءٌ يُقَرِّبُكُمْ إلى الجنةِ إلَّا قد أَمَرْتُكُمْ بهِ و ليس شيءٌ يُقَرِّبُكُمْ إلى النارِ إِلَّا قد نَهَيْتُكُمْ عنهُ" [رواه الحاكم وغيره وصححه الألباني في الصحيحة (٢٨٦٦)]، ومن تأمَّل في نصوص الكتاب والسُّنَّة، وسيرة سلف هذه الأمَّة، فإنَّه لن يجد ما يشيرُ إلى مشروعية هذه العادة، فضلاً عن استحبابها، أو الأمر بها، بل إنَّ هناك من النُّصوص ما يدلُّ على التَّحذير منها، وطرحها وعدم المشاركة فيها، كقوله تعالى: {وَما آتاكُمُ الرَّسولُ فَخُذوهُ وَما نَهاكُم عَنهُ فَانتَهوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقاب}، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ"، وبعد نظر وتأمُّل فيما بلغني، وحفظته، وفهمته من النُّصوص الشَّرعية، والآثار السَّلفية، ومنها ما تقدَّم، أقول وأنا على يقينٍ ممَّا أقول:
    إنَّ هاته العادة لا أصل لها في الشَّرع، ولا أعلم لها وجهًا فيه تستندُ إليه، ولا أرى أنَّها تحقِّق مصلحةً شرعيَّة، بل على العكس من ذلك، أرى أنَّها من العادات السَّيِّئة، التي يجبُ الحذر والتَّحذير منها، لما يصحبُها، ويتبعُها من آثار سيِّئة كما سيأتي.
    وحتَّى لا أطيل عليكم في التَّقديم، وقد تطلَّعت النُّفوسُ إلى معرفة كُنْهِ هاته العادة سنشرع أولاً في بيان اسمها، ثمَّ توضيح صورتها، وما فيها من المفاسد، ونختمُ بقول أهل العلم في حكمها.

    المبحث الأوَّل: تسميتها
    هذه العادة تُسمَّى عندنا "طَابْ وَلاَّ مَا زَالْ" أو "افِّلَهْ افِّيلْتِينْ"، وتُسمَّى في دُول الخليج "القُرْقِيعَانْ"، وربَّما تكون لها تسمياتٌ أخرى؛ لأنَّ لكلِّ حيٍّ أو ولايةٍ في بلدنا الجزائر مثلا، عادات وتقاليد مختلفة، فكيف إذا نظرنا إلى سائر دُول العالم، وما بينها من التَّباعد إقليميًّا، وفكريًّا، وعقائديًّا، فلا ريبَ أنَّ التَّسميات ستختلف، لكن على حسب ما اطَّلعتُ عليه أنَّ حقيقتها تقريبا واحدة، وإنِ اختلفت في بعض الأشياء كما سيأتي في المبحث الآتي.

    المبحث الثَّاني: صورتها وبعض مفاسدها.
    صورةُ هذه العادة عندنا فيما رأيناهُ بأمِّ أعيننا في زمن الصِّبا؛ هي أنْ يخرج الأطفال من بيوتهم صبيحة اليوم السَّادس والعشرين من رمضان، قبل طلوع الفجر، وفي بعض المناطق يخرجون صباحا قبيل الشُّروق، ثمَّ يشرعون في التَّسوُّل، كلُّ واحد منهم يحملُ معه كيسًا، وهم يُردِّدون كلمات كالأناشيد، أو الكلام المسجُوع، ويطوفون بين بيوت الجيران، وكلُّ جارٍ يُعطيهم من الحلوى والمكسرات ونحوها، ما جادت به نفسه، ثمَّ يرجع الأولاد إلى بيوتهم لأكل ما جمعوه في أكياسهم، هذه هي الصُّورة المنتشرة عندنا، وفي بعض بلدان الخليج يجعلونها في منتصف شهر رمضان، ويخرجون على السَّاعة العاشرة ليلاً، وعلى كلِّ حال الصُّورة متشابهة، وإن اختلفت في يوم الخروج، وزمنه، وما يُعطى للأولاد، وهذه بعض مفاسدها:
    ١/أنَّها تعلِّم الأولاد التَّسول لغير حاجة ولا يخفَى علينا حكمُه وهو أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ سأل وعنده ما يُغْنِيه؛ فإنَّما يستكثِر من نار جهنم"، قالوا: يا رسول الله، وما يُغْنِيه؟ قال "ما يغذِّيه أو يعشِّيه" [رواه أبو داود وصححه الألباني].
    ٢/ما يصحَبُ هذه العادة من صَخَبٍ، ورفع للصَّوت لغير حاجةٍ، خاصَّة وأنَّ بعضَهم إذا وجد الباب مغلقًا قرعه بشدَّة، وهذا بلا شكٍّ يؤذي أهل البيت، وخاصَّة النَّائمين من المرضى، وصغار السِّنِّ، وغيرهم، وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "لا يجهر بعضُكم على بعضٍ بالقرآن" [رواه الطَّبرانيُّ في الأوسطِ وغيرُه، وصححه الألباني في الصَّحيحة (١٦٠٣)]، فإذا كان هذا النَّهي عن رفع الصَّوت بالقرآن، فالصَّخب ورفع الصَّوت لغير حاجة من باب أولى.
    ٣/ما يَتْبعُ هذه العادة من تضييع لصلاة الفجر؛ لأنَّ الأُمَّهات يحرصن على إيقاظ أولادهن لهذه العادة السَّيِّئة، ولا يُبالين بترك أولادهن لصلاة الفجر، بل هي لا تُوقظه لها في سائر الأيام، وهذا من مصائب الزَّمان نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعفوَ عنا.
    ٤/ما يَتْبع هذه العادة من سبٍّ وشتم متبادل بين الأولاد؛ بسبب التَّدافع على أخذ حصَّتهم من الحلوى ونحوها ممَّا يوزَّع عليهم.
    ٥/أنَّ هذه العادة السَّيِّة قد صارت في بعض البلدان كالعيد، يحتفل بها النَّاس ويجتمعون فيها، ويصحبُ ذلك غناءٌ، ورقصٌ، واختلاطٌ، وغير ذلك من المنكرات.
    ٦/أنَّ بعض النَّاس في زماننا، من الذين زيَّن لهم الشَّيطان سُوء عملهم فرأوه حسنًا، قالوا إنَّ الاحتفال بهذه المناسبة صار يعدُّ نوعًا من تُراث ولايتنا، الذي يجبُ إحياؤه، وعرضه في المعارض في فُلْكُلُور شَعبيٍّ على أنَّه من عاداتِ وتقاليدِ الآباء والأجداد.
    وواحد من هذه المفاسد كافٍ في ردِّ هذه العادة، التي ما أنزل الله بها من سلطان، فكيف إذا اجتمعت أو اجتمع أكثرها.

    المبحث الثَّالث: حكمها.
    من تأمَّل في المبحثين الأوَّلين لا يتردَّد في الحكم على هذه العادة بالبدعة، وهذا ما أفتى به عُلماء اللَّجنة الدَّائمة للإفتاء، برقم: (١٥٥٣٢)، برئاسة الشِّيخ ابن باز -رحمهم الله- حيثُ قرَّروا بأنَّها بدعة محدثةٌ، يجب إنكارها والقضاء عليها، وأنَّه لا يجوز إقرارها والمساهمة فيها، وبيَّنوا بأنَّ المشروع في ليالي رمضان بعد العناية بالفرائض، الاجتهاد بالقيام وتلاوة القرآن والدُّعاء، وجاء في نص الفتوى ما يأتي: (الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
    فتوى رقم (15532) بتاريخ 24/ 11/1413هـ
    فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من المستفتي / مدير مركز الدعوة بالدمام بالنيابة والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (5054) وتاريخ 6/10/1413هـ وقد سأل المستفتي سؤالا هذا نصه:
    أنه جرت العادة في دول الخليج وشرق المملكة أن يكون هناك مهرجان (القرقيعان) وهذا يكون في منتصف شهر رمضان أو قبله وكان يقوم به الأطفال يتجولون على البيوت يرددون أناشيد ومن الناس من يعطيهم حلوى أو مكسرات أو قليل من النقود وكانت لا ضابط لها إلا أنه في الوقت الحاضر بدأت العناية بها وصار لها احتفال في بعض المواقع والمدارس وغيرها وصارت ليست للأطفال وحدهم وصارت تجمع لها الأموال..
    وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء المذكور أجابت عنه بأن الاحتفال في ليلة الخامس عشر من رمضان أو في غيرها بمناسبة ما يسمى مهرجان القرقيعان بدعة لا أصل لها في الإسلام (وكل بدعة ضلالة) فيجب تركها والتحذير منها ولا تجوز إقامتها في أي مكان لا في المدارس ولا في المؤسسات أو غيرها والمشروع في ليالي رمضان بعد العناية بالفرائض الاجتهاد بالقيام وتلاوة القرآن والدعاء.

    والله الموفق.. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

    وفي الختام أذكِّر من يتهاون ويتساهل في شأن الإنكار على هذه البدعة، والتَّحذير منها، بقول الإمام البربهاري -رحمه الله- في شرح السُّنَّة (ص/٣٧-٣٨) محذِّرًا من البدع ولو كانت صغيرة: ((واحذر صغار المحدثات من الأمور، فإنَّ صغار البدع تعود حتَّى تصير كبارًا، وكذلك كلُّ بدعة أُحدثت في هذه الأُمَّة كان أوَّلُها صغيرًا يُشبه الحقَّ؛ فاغترَّ بذلك من دخل فيها ثمَّ لم يستطع المخرج منها، فعظمت وصارت دينًا يُدان بها؛ فخالف الصِّراط المستقيم فخرج من الإسلام)) انتهى، فاحرصوا أيُّها الإخوة على الحذر والتَّحذير من هذه البدعة خصوصًا، وجميع البدع عموما، خاصَّة وأنَّ من أهل العلم من قال إنَّ أصل هذه العادة السَّيِّئة، والبدعة الممقوتة، هو احتفال الرَّافضة بمولد إمام من أئمتهم، واحرصوا أيضًا أيُّها الإخوة على نشر السُّنَّة فيما بينكم، وعلى العمل بها، ظاهرًا وباطنًا، تنالوا السَّعادة في الدَّارين.
    هذا ما تيسَّر لي كتابته في هذه المسألة، التي أسأل الله أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، وأن ينفعني بها يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله العليِّ العظيم.

    كتبه أخوكم، ومحبُّكم في الله،
    أبو حذيفة محمد بن سعد طالبي
    وادي سوف، الجزائر،
    في يوم الجمعة ١٥ رمضان ١٤٤١ هجري
    الموافق ٨ ماي ٢٠٢٠ ميلادي.
    الملفات المرفقة
    التعديل الأخير تم بواسطة إدارة الإبانة السلفية; الساعة 2020-06-11, 11:43 AM.

  • #2
    جزاك الله خيراً

    تعليق

    الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
    يعمل...
    X