إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الفوائد الجلية مما استفدناه في فتنة الصعافقة والإحتوائية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفوائد الجلية مما استفدناه في فتنة الصعافقة والإحتوائية

    بسملة
    الفوائد الجلية
    مما استفدناه في فتنة الصعافقة والإحتوائية

    ------

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ[1]
    ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا[2]
    ﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا[3].
    أما بعد:
    فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
    إن القاعدة عند أهل السنة والجماعة في مسائل الفتن؛ أن العلماء وهم الراسخون في العلم إذا أقبلت الفتنة لا يعلمها إلا هم. فيحذرون منها ويجتهدوا ما إستطاعوا في دفعها بالإجتهاد، والجد في تحقيق قاعدة درء المفاسد وجلب المصالح. فإن تعذر عليهم إلتجؤوا إلى الأخرى؛ وهي إذا تعارضت مفسدتان فإدفع بالأعظم وإن بقت أدناها. كما قال إبن القيم رحمه الله : العلماء الربانين والراسخين منهم قد جاء أمر الله جل وعلا بأن ترد إليهم مثل هذه المسائل كما في قوله تعالى ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾[4]
    فهم الذين يبصرون الناس بالحق ويوضحون لهم السبيل؛ فهم مصابيح الدجى في ظلمات الليل الدهماء، فيقطعون دابر الفتنة أو يخففون من شرها.
    أما عامة الناس فيعرفونها إذا أدبرت لكن على جميع الناس أن يعتبروا بالفتن ويستفيدوا منها حتى لا يقع فيها مرة أخرى ويحذروها وهذا هو الكيس الفطن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « لا يُلْدَغُ المؤمنُ من جُحْرٍ مرتين »[5]
    ولا يخفى على كل سلفي ما وقع من محنة الصعافقة وإخوانهم أصحاب المنهج الإحتوائي الأفيح؛ الذين هم بمثابة النظارات التي يبصرون بها في هذا الشر. فإن الناظر في حالة الدعوة السفلية نظرة إنصاف وعدل. وهذا لا يكون إلا ممن سلم الله قلبه من كل شبهة وهوى وحسد وبغضاء، وجنبه التقليد الأعمى ووفقه إلى الإتباع الحق والإقتداء بما كان عليه سلف الأمة؛ وهم أهل الهدى. ليستفيد مما جرى ويبصر ما لم يبصره قبل المحنة في حال الرخاء.
    فالذي عشناه وعايشناه ممن أظهروا لنا الولاء قَبلُ، سواء حقيقة أو إدعاء أن الناس في هذه المحنة. وأخص بالقول طلبة العلم سواء كانوا حقيقة في هذا الوصف أم كانوا من أهل الإدعاء، وتصدروا المجالس من غير بينات ولا هدى. وهذا الصنف هو الذي أشبع بما لم يعط
    وهم على ثلاثة أنواع ( وقد عرضته على شيخي حفظه الله وبارك فيه فأقرني على هذا التقسيم وبالله أستعين)

    النوع الأول :
    هم الذين ظاهرين بالحق صادعين بالمنهج السلفي، عالمين بكل جديد فيه. وهم يرفعون على أنفسهم وإخوانهم الحيرة ويبصرونهم بأقوال مشايخهم وتوجيهاتهم الحكيمة. فإنهم كالغيث النافع أينما يقع ينفع؛ وهذا النوع هو النخبة الذي إتصف بالثبات في الفتن والنصرة لأهل الحق والفضل لأجل الحق الذي معهم من غير تقليد ولا تضليل. فندعوا الله أن يكثرهم وأن يقربنا وإياكم منهم فهذه هي الجماعة الحق التي أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله « يدُ اللَّهِ مع الجماعَةِ ومن شذَّ شذَّ إلى النَّارِ»[6].
    ومن حديث ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: خطبنا عمر بالْجَابِيَةِ فقال: يَا أَيَّهَا النَّاسُ! إِنِّي قُمْتُ فِيكُمْ كَمقَامِ رسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا؛ فَقَالَ: « أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمُ، ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ وَلاَ يُسْتَحْلَفُ، وَيَشْهَدُ الشَّاهِدُ وَلاَ يُسْتَشْهَدُ، أَلاَ لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ كَانَ ثَالِثَهُمَا الشّيْطَانُ، عَلَيْكُمْ بِالْجَماعَةِ، وَإِيّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ، فَإِنَّ الشّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنّةِ فَلْيَلْزَمِ الْجَماعَةَ، مَنْ سَرّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيّئتُهُ فَذَلِكُمْ المُؤْمِنُ»[7].

    وهذا لأجل ما تعود آثارهم الخيرية على السلفية والسلفيين، ونذكر على سبيل الإختصار بعض الأثار الزكية منها :
    • نصرة المشايخ والذب عن أعراضهم؛
    • إنشاء المنهج السلفي الحق الخالي من الإحتواء والتكتل؛
    • إعمال قاعدة الولاء والبراء على أكمل وجه من غير إفراط ولا تفريط؛
    • التميز على أهل التخذيل والمميعة؛
    • الإعانة على تربية ناشئة يَعْلَمون السلفية الحق بعيدة عن الغموض والإنزواء؛
    • ربط المستقيمين الجدد بعلمائهم؛
    • التوفيق بين طلب العلم الشرعي وإظهار شعائره في الناس؛
    • المحبة لكل سلفي غيور على هذا المنهج الحق؛
    • إحترام كل سلفي من غير نظر إلى مكانته في الدنيا، فقير كان هو أو غني حاكم أو محكوم؛
    النوع الثاني :
    فهو الذي علم بجميع المسائل المنهجية؛ وأعطاها عناية معتبرة غير أنه لايتصدر الكلام فيها وهذا لطبعه كتوم. أما إذا سئل يروي الغليل ويشفي العليل فهو من السلفين، وليس بمخذل ولكن النوع الأول أفضل منه. وهذا ندفعه إلى أن يكون مثل النوع الأول ما إستطعنا لذلك سبيلا.

    النوع الثالث :
    وهو الذي لا عَلِم بالمستجدات فضلا على أن يتكلم فيها. فهذا على أنواع كثيرة بعضها أخطر من بعض على السلفية والسلفين فمنهم :
    • من لا للحق ناصرا ولا للإحتوائية والتمييع كاسرا؛
    • وصنف يجهل هذه المسائل المنهجية، وتجده إذا سئل عنها يسكت لجهله بها وتجاهله إياها. وأما إذا سألته في الفقه أو غيره لا يكاد يسكت. فهذا ينشأ لنا جيل إلى التمييع أقرب منه إلى السلفية مرتابا غير ثابت وتجده مبغضا لمن هو متصف بالصدارة في هذه المسائل وينعته بالتشدد وتارة بالنَفَسْ الحدادي.
    • من لا يقر بالجرح والتعديل؛ ويعتقد أنه يخص أمثال المشايخ الكبار فقط. وإذا إعترضت عليه يأتيك بشبهة مزعومة ( يحبوننا أن يتكلموا في الجرح والتعديل في كل آن ووقت) وهذا باطل في دعواهم جعلوها ذريعة للفرار من هذا العلم الزكي لأنه يفضح ضعاف العلم والمنهج.
    وقد ذكرنا هذه الأمثال على سبيل الإختصار؛ ولو فتحنا لها المجال تطول. وهؤلاء نصيحتنا لهم أن يرجعوا للعلماء، ويستفيدوا من هذه الفتنة بما كانوا مقصرين فيها. وعلم الجرح والتعديل هو أزكى العلوم. فلولاه لقال من شاء ما شاء وهو يخدم الإسناد الذي هو عزة هذه الأمة. لقول عبد الله ابن مبارك : نحن أمة أعزنا الله بالإسناد.
    ولقد عرضت على أحد العلماء من مشايخنا الأفاضل كيف تكون المعاملة مع تنوع هذه الأصناف :
    • فأما النوع الأول فهو منا ونحن منه ونقترب إليه ونقربه إلينا ما إستطعنا؛
    • النوع الثاني فهو كذلك منا ونحن منه ونتعاون معه على أن يصدع أكثر بالحق الذي معه؛
    • وأما النوع الثالث فقد احترت في التعامل معه. فقال لي الشيخ الفاضل؛ تتعامل معه بالظاهر :
    - فمنهم من يريد أن يقترب فقربوه وأعينوه؛
    - ومنهم من يبتعد أكثر ولا يعبأ بالنصيحة. إن كان لايطعن في المنهج الحق ومشايخه فاتركوه وامضوا في ما أنتم عليه بطلب العلم والإستزادة منه، وإظهار الحق وإقامة الحجة وإظهار المحجة والنصح في السر بالمعروف.
    وهذا هو دأب أهل السنة الذين كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : أهل السنة والجماعة هم خير الناس للناس أعلم الناس بالحق وأرحم الناس على الخلق خيرهم للناس نازل وشر الناس إليهم صاعد. فلا يبلغ المرتبة الزكية إلا بالصبر واليقين لقول الله جل وعلا ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾[8] .


    ندعوا الله جل وعلا أن نكون من الذين إذا أخطؤوا استغفروا وأنابوا وتابوا وإذا أعطوا حمدوا وشكروا؛ وإذا منعوا صبروا ورضوا. وأن يهدنا للهدى، ويجنبنا الرداء ويوفقنا لما يحبه ويرضى. إنه سميع مجيب. والله أعلم؛
    وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت؛ أستغفرك وأتوب إليك.

    أخوكم أبو أسامة فيصل الأهراسي
    سوق اهراس في : ١٥رمضان ١٤٤١ هـ


    [1] - [آل عمران: ١٠٢]
    [2] - [النساء: ١]
    [3] - [الأحزاب: ٧٠،٧١]
    [4] - [النساء:83]
    [5] - رواه البخاري ومسلم
    [6] - نيل الأوطار للشوكاني
    [7] - رواه الترمذي
    [8] - [ السجدة :٢٤]




  • #2
    بارك الله فيك أخي فيصل على هذه الفوائد الطيبة؛ وحفظ الله شيخنا الذي أقرك على هذه التقسيمات؛ وأفادنا وأرشدنا إلى كيفية التعامل مع الصنف الثالث. وجميع مشايخنا

    تعليق

    الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
    يعمل...
    X