الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فهذا تفصيل في مسألة الفرق بين قنوت الوتر وقنوت رمضان، نسأل الله أن ينفع بها *.

الوترُ أو دعاءُ الوترِ في رمضان، هناك تنبيهات يَغفلُ عنهَا كثيرٌ من الأئمة في رمضان :
أولاً: دُعاءُ قنوت الوتر الذي أخرجَه النسائي من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما وصححه الإمام الألباني وغيره رحمهم الله: "أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّمه دعاء قنوت الوتر قَبل الركوع - هكذا الرواية - قنوت الوتر، قال: - قبل الركوع - "اللهم أهدنا أو اللهم أهدني فيمن هديت وعافني ..." الحديث.
فهذا القُنوت هو قُنُوتُ الوتر وليس قنوت رمضان.

إيضاحه من أوجهٍ:
الوجه الأول: ما رواه ابن خزيمة وغيره، وصححه الألباني رحمه الله: "أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقنتون في النصف الآخر من رمضان، فيَقنتُون بعد الرفع من الركوع، ويَدعُون للمؤمنين، ويَدعُون على الكافرين"، إذاً هذا القُنوت هو قنوت رمضان، لا يكون في أول رمضان، وإنَّمَا يكون في النصف الآخر من رمضــان.
الوجه الثاني: أنَّهُ بعد الركوع ، بَينَما قُنوت الوتر قبل الركوع .
الوجه الثالث: أن قنوتَ الوتر مُحَدَّدٌ بألفاظٍ مَعلُومَة، لا يُزاد عليها، وأمَّا قنوت رمضان - في النصف الآخر - فيَدعُوا بحسَبِ مُقتَضى الحَال؛ يَدعُوا للمؤمنين، ويَدعُوا على الكافـرين. فَتَبَيَّن الفَرق بين قنوت الوتر وبين قنوت رمضان:
1. قنوت الوتر في سائـر السنة كُلّهـا يُفعَل أحيَاناً ويُترَك أحيَاناً .
2. قنوت رمضان في النصف الآخر .
3. قنوت الوتر قبل الركوع .
4. قنوت رمضـان بعد الركوع .
5. قنوت الوتر بألفَاظٍ معلومَة وهي دعاء قنوت الوتر المعلوم .
6. قنوت رمضان بِمَا يَقتَضي مُقتَضى الحال فيقنتون ، فيَدعون للمؤمنين ويدعون على الكافرين .

ثانيا:وهو مسألة التَّغَنِّي بالدعاء حتى لا يَدري السَّامع الذي لا عِلمَ لَهُ بحفظِ كتاب الله - لا يَدرِي هَل هذا الذي يَقُوله الإمام الآن هو قرآن أم ليس بقرآن، ثم أن يُنزلَ أحكامَ التلاوة في دعاء القنوت ؛ هذا من البِدع المُحدثَة، فتَجدُه يَتعامل مع دعاء القنوت كأنَّه يَقرأ قُرآناً، وهذا من البدع المحدثات، زِد على ذلك إذَا كانَ الإمامُ مُفَوَّهاً، فَخُد من السَّجع ما يُمِلَّكَ من نَفسِكَ، هذا كلُّـه من الضلال، والبِدَع، والانحِرَافَات، واتّباع الهوى، و الوَاجِبُ التَّأَدُّب، أمَّا التمطِيط و التَّغَنِّي والتلحِين؛ هذا لم يَكن من هدي السلف.
فقد بَوَّبَ الإمام الدارمي - صاحب السنن - في أخر بابٍ من كتابه، قال: بابُ كَرَاهيَة الألحَان في القرآن.
وقال الإمام أحمد رحمه الله: أكرهُ للرَّجلِ إن يُلَحِّن بالقُرآن إلَّا رجلاً يَقرأ بِصَوتٍ حسن، - أي دون تكلف -.
أمَّا إنَّهُ يُنَزِّلُ القرآن، ويُنَزِّلُ الأدعِيَة، على أوتارِ الغناءِ، وعلى النَّغمَة المُوسِيقِيّة؛ هذا لا هو من الأدَب، ولا هو من الدِّيَانة، ولا هو من فِعل السلف، بل كَرِهَ السلفُ قَاطِبَة كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "اللَّحن أو التَّلحين في القرآن". فهذا كُلُّهُ مِمَّا ينبَغي أن يُنتَبَهَ وأن يُتَحَفَّظَ فِيه، نعـم.


ــــــــــــــــــــــــــــــ
* أصلها تفريغ من صوتية: ٩ / رمضـان ١٤٣٥هـ