إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رسالة مودة وتوضيح حقائق إلى شيخنا الوالد ربيع بن هادي المدخلي من تلميذه أبي عبد الأعلى خالد بن محمد بن عثمان المصري (ج2)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رسالة مودة وتوضيح حقائق إلى شيخنا الوالد ربيع بن هادي المدخلي من تلميذه أبي عبد الأعلى خالد بن محمد بن عثمان المصري (ج2)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    رسالة مودة وتوضيح حقائق إلى شيخنا الوالد

    ربيع بن هادي المدخلي –حفظه الله-

    من تلميذه ومحبِّه: أبي عبد الأعلى خالد بن محمد بن عثمان المصري
    (الجزء الثاني)


    إلى شيخنا الوالد العلامة المحدِّث ربيع بن هادي المدخلي –حفظه الله ونفع بعلمه-

    من تلميذه ومحبه: أبي عبدالأعلى خالد بن محمد بن عثمان المصري.

    أما بعد؛ فإنَّا نحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، ونصلي ونسلم على نبي الهدى وخاتم الرسل محمد بن عبدالله وعلى آله وأصحابه ومن اتبع هداه.
    أما بعد؛ فأسأل الله سبحانه أن تصل إليكم هذه الرسالة وفضيلتكم في صحة وعافية في الدين والدنيا، وأن يبارك في عمركم في طاعته ومرضاته.
    وقد استعرضت مع فضيلتكم في الجزء الأول من هذه الرسالة نماذج من خيانات عبدالواحد، والتي كان بعضها سببًا في اعتقاله، ومهما كان فقد خرج عبدالواحد من السجن، لكن التنظيم السري ما زال يعمل، وأعضاؤه الظاهرون –وإن كانوا خمدوا عن الظهور- إلا أنهم ما زالوا يحرّكون السفهاء في شبكة النت حفاظًا على ما حقَّقوه من انتصارات وهمية في إسقاط الدعوات السلفية في عدد من البلدان متسترين –للأسف- بفضيلتكم.
    ولا أمتري أنه لم يصل الجزء الأول من الرسالة إلى فضيلتكم، فضلاً عن وصول هذا الجزء الثاني؛ لأن المندسين حريصون أشدّ الحرص ألاَّ يصل إليكم إلا ما يريدون، مما لا يكشف مكرهم ومخطّطهم السري، وقد قام أخ من إخواننا الأفاضل منذ حوالي عام بالتمكن من الدخول على فضيلتكم وتسليمكم أول مقال كتبته في كشف خيانات هؤلاء، وهو المعنون بـ: "براءة السلفية من مجالس الشورى السرية.. ويتضمن: تأييد بيان الشيخ الوالد حسن بن عبد الوهّاب حول تبرئة العلامة المحدّث ربيع بن هادي المدخلي من المجالس السرية"، وكما أبلغني أن فضيلتكم شرعت في القراءة فيه، ثم اليوم التالي اكتشفت فضيلتك اختفاء المقال، فأمرت أحد أولادك بالاتصال على الأخ طالبًا منه نسخة أخرى، لكن السؤال الآن: من الذي أخفى المقال؟
    وبالطبع تم منع هذا الأخ من الدخول عليكم مرة أخرى، بعد أن قوبل بالإهانة!
    ولو ادعى مدعٍ أنهم لا يمنعون أحدًا من الدخول على فضيلتكم، فاعلم –حفظك الله- أنهم يكذبون، وفي غيِّهم سادرون.
    ولو كانوا صادقين لسلّموا فضيلتك بأنفسهم ما كتبته من ردود علمية في كشف الحقائق في هذه الفتنة العمياء، ولا بأس أن يطلبوا من فضيلتك تفنيد ما فيها على ما عهدناه من طريقتكم، لكنهم لا يستطيعون ذلك؛ لأنهم يعلمون جيدًا أنهم لا قدرة لهم على مجابهة الحقائق الموّثقة في هذه الردود إلا بالكذب والاحتيال والمراوغة شأنهم شأن مَن تصدى فضيلتكم من قبل في كتابة الردود العلمية عليهم.
    ومهما كان، فإنما أسطر هذه السطور –على ما يعتريني من مشاغل وهموم ومرض وتعب- لله ثم للتاريخ، سواء وصلت إليكم أم لم تصل؛ إعذارًا إلى الله سبحانه، وأداء لحقّ النصيحة {لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ}.
    وقد وعدت فضيلتكم أن ألخص لكم في هذه الرسالة بعض قواعد القوم ومقالاتهم الباطلة وتخبطاتهم في العقيدة والمنهج، مع ذكر نماذج يسيرة من إفسادهم للدعوة السلفية، وقد بدأت بذكر خيانات عبدالواحد وتخبطاته، والآن أسرد لكم نماذج أخرى:
    • ثانيًا: عرفات المحمدي:
    هو رأس من رءوس الشرِّ في هذه الفتنة، وقد قعّد قواعد شاذة؛ حماية لنفسه وعصابته من سهام أهل الحق، كما كان يصنع أبو الحسن وعدنان عرعور وعلي الحلبي وفالح الحربي، منها:
    • قاعدة: "ردُّك لجرح العالم جرح فيه"، وهذه هي قاعدة فالح الحربي وفاروق الغيثي الداعِيَيْن إلى تقليد العالم في جرحه دون بيان أسباب الجرح.
    • وقاعدة: "الصبر على المخالف –والتي هي طريقة فضيلتكم- ليست من منهج السلف".
    • وقوله: "لم يخالف الشيخ ربيع الأدلة في مسألة واحدة..." إلخ.
    وهذه المقولة الأخيرة تشبه مقولة فخر الرازي المعتزلي في حقّ الشافعي القرشي؛ حيث قال: "القول بأن قول الشافعي خطأ في مسألة كذا، إهانة للشافعي القرشي، وإهانة قريش غير جائزة، فوجب أن لا يجوز القول بتخطئته في شيء من المسائل.." ([1]).
    وغلو عرفات هذا لا يختلف كثيرًا عن غلو المتمذهبين القدامى؛ حيث كان يدّعي أحدهم أن إمام مذهبه لا يخفى عليه شيء من الأدلة ولا الوقائع.
    وهذه الدعوى مخالفة للواقع؛ حيث إن فضيلتك لا تنكر أنه قد يكون صدرت منكم أخطاء، وإن كانت هذه الأخطاء مغمورة في بحر فضائلكم، لكن صدورها يبطل غلو عرفات في تقعيد هذه القاعدة الجائرة.
    وأذكِّر فضيلتكم بالتراجععن زلة لسانية صدرت منكم في إحدى المحاضرات، وقد كتبت فضيلتك على إثر ذلك نصيحة جليلة عنون لها بـــ"قبول النصح والانقياد للحق من الواجبات العظيمة على الـمسلمين جـميعًاصرّحت فيها بالتراجع عن هذه الزلّة.

    وهذه شهادة الشيخ ناصر زكري حول طريقة عرفات في المكر بفضيلتكم، حيث قال:
    "فإنه في أيام فتنة الحجوري كان لي تواصل مع عرفات المحمدي وذات مرة أثناء التواصل معه قال للأسف إلى الآن الشيخ ربيع لم يجرح الحجوري بل يزكيه ويثني عليه ويُسكت من يرد عليه مع أن ضلالات الحجوري واضحة كالشمس فقلت الحل يا أخ عرفات قال لازم الشيخ ربيع يجرح الحجوري، فإن الحجوري خلاص انتهى من أعين طلاب العلم ما بقي إلا الشيخ ربيع، وقال: لازم نغير رأي الشيخ بطريقة تتعاون معي فيها فقلت إيش هي؟ قال: أنت تأتي من جيزان وتقول أخطاء الحجوري، وما تعرفه من أقوال الشيخ النجمي والشيخ زيد في الحجوري، وأنا آتي من المدينة ومعي ناس يشهدون بأشياء ضد الحجوري، وناس من جُدَّة، وناس من اليمن؛ تتوارد على الشيخ ربيع من غير أن يعلم بأننا متفقون.
    وقال لي: لقد أعطيت أحمد الزهراني بعض أخطاء الحجوري وهو يعرضها عليه، وبهذه الطريقة نقدر نغير رأي الشيخ ربيع في الحجوري.
    وأذكر أنني سألته: هل أنت البرمكي الذي يكتب ملازم في أخطاء الحجوري، فضحك كالمقر، وقال: أهم شيء الآن الحجوري يسقط!
    هذا ما أتذكره في تلك الفترة وفعلاً نجحت خطة عرفات، واقتنع الشيخ ربيع في تلك الفترة، وتكلَّم في الحجوري،
    ويعلم الله بأننا لسنا موافقين الحجوري على ما هو عليه، وإنما ذكرت ذلك لما يفعله الإنسان من المكر مع الشيخ ربيع وهو لا يعلم".

    وقال الشيخ ناصر زكري في محادثة بينه وبين الشيخ أسامة العمري: "أشهد الله أن عرفات قال لي: "سيسقط الشيخ ربيع من أعين أهل السنة –ويقصد جماعته في اليمن- إذا لم يتكلم في الحجوري بعد هذه الأدلة التي حشدها طلبة العلم على الحجوري، وما زال يدافع عنه ويسكِت طلبة العلم يقول لهم: لا تتكلّموا فيه"، والله قالها في مكالمة هاتفية".
    وقد أقره الشيخ أسامة العمري قائلاً: "نعم، بل وقال: الأخوة مستاءون من موقف الشيخ ربيع من الحجوري!".
    قلت: والشاهد أن عرفات وعصابته استخدموا المكر نفسه؛ لإسقاط مَن يريدون إسقاطه من السلفيين بالباطل!
    • وقد تواطأ عرفات المحمّدي مع محمد غالب وعصابتهما في قضية مطعم "سندشهباز" في الإمارات، و"سندشهباز": اسم لطاغوت يُعبَد من دون الله عز وجل في الهند وفي باكستان في مدينة سند.
    وقد قامَا باستصدار فتاوى من الشيخ عبيد في تأييد هذا الاسم الطاغوتي للمطعم في أول الأمر، مع ثبوت كذبهما على الشيخ عبيد وعدم توضيح حقيقة هذا الاسم له، ثم لما عرف الشيخ عبيد حقيقة الأمر تراجع عن فتواه، فسعيَا إلى إثنائه عن هذا التراجع، وقد اعتبرت فضيلتكم هذا الأمر خيانةً عظيمةً وغشًّا من عرفات ومحمد غالب، وطالبتهما بالتوبة، ولم تبلغنا توبتهما حتى الآن، إنما سعيا إلى المراوغة والهروب فقط.
    ولعرفات طوام أخرى لا يتَّسع المقام لاستقصائها؛ خاصَّةً أنه كثير المراوغة فإذا شعر أن فضيلتكم سوف تحذِّر منه بسبب مخالفة ما؛ سارع بالتوبة، وهو مستمر في مكره بالدعوة السلفية وأهلها.
    • وقد شهد الشيخ محمد بن هادي وعبدالرحمن العميسان وأبو محمد المغربي الأمريكي أن فضيلتكم قلتم لهم –بعد أن تناولتم بعض الفتن والمشاكل التي يعاني منها السلفيون-:
    "أنا أعلم أن هذه المشاكل والفتن كلها من خلفها عرفات".
    وشهادة هؤلاء مقبولة، مع فرض نسيان فضيلتكم لها، أو سعي هؤلاء إلى إيهام فضيلتكم أنكم لم تقولوا هذا!
    • ثالثًا: أبو عبيدة و أبو حذيفة المصراتيين:
    كلاهما قد ناصر أبا الحسن المصري على ضلاله وانحرافه برهة من الزمن، ثم أعلنا توبتهما من منهجه في الأمس القريب، فكانت توبتهما في أول عام 1433 ه، فقد ظلَّا سنوات غارقَيْن في فتنة أبي الحسن.
    ولما خرج الخوارج في ليبيا، وسقط القذافي، وجدنا منهما مواقف مريبة فيها إضعاف للسلفيين وتشويه للمنهج السلفي، بل فيها خيانة للمنهج السلفي وللجيش الليبي، منها ما يلي:
    أولاً: قاما باستصدار فتوى من الشيخ عبيد لمشاركة حزب الإخوان المسلمين في قتال الدواعش في سرت، وفي ليلة 17 من رمضان 1437، جاء إلى فضيلتكم سائل من ليبيا يسألكم: هل يجوز قتال الخوارج مع الإخوان المسلمين؟
    فكانت إجابة فضيلتكم التي يعتز بها كلُّ سلفي عرف السلفية، وعرف خيانة حزب الإخوان للإسلام والمسلمين: "الخوارج متفرعة من الإخوان، فلا يجوز القتال معهم".
    فقام أبو عبيدة بإنكار فتوى فضيلتكم، واتهمكم أنكم لا تدركون الواقع في ليبيا، وأخذ يدافع عن فتوى الشيخ عبيد بالهوى.
    ثانيًا: كذبَا على الشيخ عبيد –حفظه الله- أن المشير خليفة بن حفتر –وفقه الله- ضرب طرابلس بالطيران، وقتل كثيرًا من الأبرياء، وأنه خرج على الحكومة الشرعية هناك، وبناء على ذلك أصدر الشيخ عبيد بيانًا بصوته قال فيه: "حدثني الثقات من مصراته، أن حفتر اللواء الذي هو من بنغازي يقصف المدنيين في العاصمة طرابلس بالطيران".
    واستمر أبو عبيدة وأبو حذيفة على التحريش بين الشيخ عبيد والمشير خليفة حفتر! حتى صرَّح الشيخ عبيد أن المشير خليفة بن حفتر إنما هو ضابط متقاعد ثائر، وأنه خارق للحكم الموجود في ليبيا، ووصَّى الشباب الذين انضموا إلى الجيش الليبي تحت قيادة حفتر أن يلقوا سلاحهم، وأن ينضموا إلى الحكومة الإخوانية القائمة الموالية للغرب الكافر وللخوارج في الباطن، والتي هي ضد حفتر والجيش الليبي الذي يسعى لتطهير ليبيا من الخوارج، ولإحباط خطط الكفار في تقسيم ليبيا، وإقامة دولة إخوانية مواليه لهم.
    وقد حاول بعض الصادقين من طلبة العلم والسلفيين في الجيش الليبي في إيصال الواقع الحقيقي في ليبيا إلى الشيخ عبيد، فأُغلقت الأبواب دونه.
    وبعد برهة، تبينت الحقيقة للشيخ عبيد، فتراجع عن كلامه.
    وهذا حمد بو دويرة نفسه قد كتب مقالين ينكر فيهما أشد الإنكار كذب أبي عبيدة وأبي حذيفة، وكان مما قاله: "هذا كذب صريح إذ حفتر معه من المنطقة الشرقية وحدها قرابة العشرة آلاف جندي حتى أنه لا يقبل في جيشه إلا عسكريًّا نظاميًّا، بل ومن يأته متطوعًا فإنه يكلِّفه بأعمال أخرى لا علاقة لها بالمواجهة المباشرة، كتأمين المدن والمرافق العامة.
    أما عن الطائرات فهذه كذبة صلعاء؛ فقد كنت سمعت الجروشي في أول الحرب يقول: عندنا أكثر من 20 طائرة، وأعلم أخيرا أنهم أحضروا أكثر من 10 طائرات حديثة"، وقال أيضًا: "لا أريد أن أحرجكم وأقول: سلم من ألسنتكم من ذكرت لكم من الخوارج، فهلاَّ بيَّنتم لنا موقفكم منهم وما حكمكم عليهم، فقد أصبحتم موضع شك عندنا.
    مواقفكم كلها مع الخوارج في بنغازي وطرابلس، ولم نر كلامًا لكم في مناهجهم وبيان حالهم، وأيضًا لم نراهم يذمونكم، على شهرة بعضكم، وفي المقابل التكالب على من لمستم منه شيئًا من السلفيين، ممن قد يكون تكلم فيه مشايخنا ولكنه سلفي!
    اكتبوا موقفكم ممن ذكرنا لكم (الغرياني، الصلابي، أبوعبيدة الزاوي، خالد الشريف، عبدالحكيم بالحاج ، وبوزيان عندكم) أظن أن هؤلاء موضع اتفاق بين السلفيين".
    قلت: شهد شاهد من أهلها!
    فهل أمثال هؤلاء الذين عُرِفوا بالتلون والتقلب في الفتن والكذب يؤمَنون ويُصَّدرون لشباب ليبيا؟!
    وهل يقدّمون على ثقات السلفيين الذين ما عُرِف عنهم الكذب ولا التلون ولا التقلب في الفتن؟!
    • رابعًا: أبو سليمان فؤاد بن أحمد الزنتاني:
    قد ظلَّ سنوات مع أبي الحسن وعلي الحلبي، كما اعترف هو بنفسه في رسالة توبته، حيث قال: "ثم دخلنا في فتنة أبي الحسن وتأثرنا بأفكاره وقواعده الضالة، وظننا أنها الحق وتنكبنا وتركنا خلف ظهورنا منهج علمائنا الأفذاذ من أمثال الوالد العلامة الناصح الشيخ ربيع حفظه الله-، ولم نقم لكلامه وزنًا، ولم نرفع لنصائحه رأسا حتى دخلنا في قوله تعالى: {ولكن لا تحبون الناصحين}، ثم جاءت فتنة الحلبي فوقفنا إلى جانبه أيضًا"، وكانت هذه الرسالة بتاريخ 16 رمضان 1434 ه.
    قلت: هكذا شهد على نفسه أنه –حال انحرافه- لم يقم وزنًا لنصائح فضيلتك ضد أبي الحسن وعلي حسن، والتي كانت مؤيَّدة بالدلائل الظاهرة على انحراف كليهما، ورغم ذلك لم يرفع لها فؤاد الزنتاني رأسًا.
    وله فتوى في تخذيل السلفيين عن مساندة الجيش الليبي؛ مما كان سببًا في سفك دماء بعض إخواننا من جنود الجيش الليبي، ولهذا مبحث خاصٌّ –إن شاء الله-.
    ومن عباراته في تخذيل الجيش الليبي وقائده:
    "إن الحرب لو كانت بين الخوارج والسلفيين فقط، لانتهت في ثلاثة أيام"؛ غمزًا منه في الجيش وقائده!
    وقوله: "إن إطالة الحرب أمر مفتعل، ولو أرادت أمريكا إنهاءها؛ لفعلت"؛ إشارة منه إلى ما يردِّده الإخوان المفلسون من أن المشير خليفة حفتر عميل لأمريكا.
    وهذا كلّه تشويش من هذا الغرّ المتعالم على فتوى فضيلتكم في تأييد الجيش الليبي في قتال الخوارج.
    وخلال هذا العبث، نشرت صوتية قديمة بعنوان: "براءة الأخيار من تهم الكذبة المصعفقة الأشرار: براءة الشيخ أبي سليمان الزنتاني من تهمة أنه ضد الجيش"، بتعليق أبي معاذ موسى سالم، وهذه الصوتية كانت في دورة "شحات"، ولم تلق رواجًا حتى عند أتباعه لما فيها من التلاعب الواضح!
    وقد سلك فيها مسلك أبي الحسن المأربي من حمل المجمل على المفصل، وهي من باب ذرّ الرماد في العيون، وكأن الرجل ما زال منهج المأربي يسري في عروقه.
    ولمّا اقترب الجيش الليبي من تطهير طرابلس والغرب من دنس الخوارج، قام فؤاد بتغيير جلده للمرحلة الجديدة، فأظهر وجهًا يناقض مواقفه السابقة، فلما سئل بتاريخ 18 شعبان 1440هـ الموافق 23 أبريل 2019 م: "ما هي نصيحتكم لمن يقول بأن قتال الجيش الآن للمليشيات في العاصمة طرابلس بأنه قتال فتنة، وعليكم بلزوم البيوت؟ والآن صار الكثير من الإخوة في طرابلس ومصراته يتناقلون هذه الفتوى طاروا بها فرحا؟
    فأجاب: "هذا إن دلّ على شيء دلّ على جهلهم وضعف تربيتهم؛ لأن النوازل لا يتكلم فيها إلا الكبار وقد تكلم الشيخ ربيع والشيخ البنا ودعيَا للجيش بالنصر فيأتي طالب علم فيقول فتنة؟! الفتنة مخالفة العلماء الكبار في نازلة لست أهلاً أن تتكلَّم فيها".
    قلت: وهل كان فؤاد الزنتاني متَّبعًا لفتاوى العلماء في النوازل، لما شوّش على فتوى الشيخ ربيع، وخذّل إخوانه في الجنوب، مما ترتب عليه ما ترتب من سفك الدماء المحرّمة بسبب هذا التخذيل؟!
    هل تاب من هذا التخذيل، ومن غمزه في قائد الجيش الليبي –كما تقدّم آنفًا-؟!
    وهل مثل هذا –وإن تاب- يؤمن على شباب المسلمين ويُصدّر للفصل في قضايا السلفيين، ويُقبَل منه الطعن على الأمناء الشرفاء من طلبتكم الذين وقفوا سدًّا منيعًا ضد الباطل في فتنة أبي الحسن وعلي حسن، في الوقت الذي كان فيه فؤاد تائهًا ضائعًا، وكنتم تحذِّرون من أمثاله؟!

    خامسًا: فواز المدخلي:
    وهو صاحب شعار: "الخير جاي"، وما ندري ماذا يقصد بهذا الشعار، ففيه نوع غموض؟! وإن كان يشبه شعارات حزب الإخوان المسلمين الفارغة من المضمون الحقيقي، إنما هي سراب يخدعون به أتباعهم.
    وقد رُوي عن فضيلتكم أنكم قلتم في حقِّه: "إن ثباته في هذه الفتنة، كالجبال الرواسي"، و"أنه أعلم من محمد بن هادي"! وهذا –والذي نفسي بيده- أساء إلى فضيلتكم إساءة كبيرة عند العقلاء أن يقال مثل هذا في مثل هذا الجاهل الذي أنكر عليه بعض أصحابه جهله لظهوره.
    ولعلَّ فضيلتكم لم تطلعوا على تخبطاته العقدية، وتغريداته السفيهة التي بلغت الآفاق!
    • فمن تخبطاته العقدية:
    1. قول فوَّاز: "إن (الله) ليس من أسماء الله الحسنى!". ولَمَّا سئلت فضيلتك عمّن يقول هذا، أجبت -حفظك الله-: "هذه سفاهة، وكلام خطير جدًّا!"، كما في ليلة الأحد 3 رجب 1440.
    2. سؤال فوّاز بصيغة الاستفهام الإنكاري عن قول رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»: لماذا لم يتواضع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هنا؟!
    قلت: وهذا سوء أدب ظاهر مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وجهل منه مركب بمعنى الحديث!
    1. قول فوَّاز عن إسلام أبي لهب: "فإن الله شاءه كونًا، ولم يشأه شرعًا، ما أسلم.. لم يقع شرعًا".
    قلت: فوَّاز لا يميز بين الإرادة الشرعية والكونية، فادَّعى أن الله لم يشأ شرعًا إسلام أبي لهب! والصواب: أن الله سبحانه أراد شرعًا إسلام أبي لهب فهو سبحانه يحبّ لعباده أن يكونوا مسلمين، لكنه سبحانه أراد كونًا –لحكمة بالغة- أن يكفر البعض، فأراد سبحانه كفر أبي لهب كونًا لا شرعًا.
    فالمحبة مرادفة للإرادة الشرعية، وقد يقع المراد منها وقد لا يقع.
    والمشيئة مرادفة للإرادة الكونية، وهذه لا بد أن يقع المراد منها؛ وهذا التفصيل لا يخفى على صغار طلاَّب العلم.
    1. قول فوّاز: "أصحاب وحدة الوجود يقولون: الله غير موجود"، وهذا خطأ ظاهر، فإن أصحاب وحدة الوجود يقولون: إن الله سبحانه هو عين كل المخلوقات، فليس ثمَّ إلا وجود واحد.
    2. إثبات فوَّاز صفة "الكاهل" لله عز وجل، مما لا نعلم عليه دليلاً من كتاب ولا سنَّة!
    وقد سئل العلامة الفوزان عمّن يقول: "إن الله لا يثقل كاهله شيء" -وهو قول فوَّاز-، فأجاب: "هذا كلام باطل، إن الله لا يُوصَف بالكاهل!".
    1. قول فوّاز: "أدلة صفة النزول ثابتة في القرآن الكريم وفي السنة والإجماع، منها قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر}.
    قلت: وهذا خطأ ظاهر لا يخفى على أصغر طالب علم، بل لا يخفى على العامّي؛ حيث إن الآية ليست في إثبات نزول الله تعالى، إنما هي في إثبات نزول القرآن من عند الله، وفيها إثبات صفة العلو لله سبحانه.
    1. قام بإلقاء شبهات حول مسألة وصف الله بالحركة والانتقال، ووصف الله بالجسمية، مما لم يثبته السلف الصالح أو ينفوه، وترك الطلاب حيارى دون أن يبين لهم الصواب في هذه المسألة!
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "شرح صفة النزول" (ص187-189): "والمقصود هنا أن الناس متنازعون في جنس [الحركة العامة] التي تتناول ما يقوم بذات الموصوف من الأمور الاختيارية كالغضب والرضا والفرح، وكالدنو والقرب والاستواء والنزول، بل والأفعال المتعدية كالخلق والإحسان وغير ذلك على ثلاثة أقوال:
    أحدها: قول من ينفي ذلك مطلقًا وبكل معنى، فلا يجوز أن يقوم بالرب شيء من الأمور الاختيارية. فلا يرضى على أحد بعد أن لم يكن راضيًا عنه، ولا يغضب عليه بعد أن لم يكن غضبان، ولا يفرح بالتوبة بعد التوبة، ولا يتكلم بمشيئته وقدرته إذا قيل: إن ذلك قائم بذاته.
    وهذا القول أول من عرف به هم [الجهمية] و[المعتزلة] وانتقل عنهم إلى الكُلابية والأشعرية والسالمية ومن وافقهم من أتباع الأئمة الأربعة، كأبي الحسن التميمي، وابنه أبى الفضل، وابن ابنه رزق الله، والقاضي أبى يعلى، وابن عقيل وأبي الحسن بن الزاغوني، وأبى الفرج بن الجوزي؛ وغير هؤلاء من أصحاب أحمد -وإن كان الواحد من هؤلاء قد يتناقض كلامه-، وكأبي المعالي الجُوَيْنِيّ وأمثاله من أصحاب الشافعي، وكأبي الوليد الباجي وطائفة من أصحاب مالك، وكأبي الحسن الكَرْخي وطائفة من أصحاب أبي حنيفة.
    والقول الثاني: إثبات ذلك، وهو قول الهشامية والكرامية وغيرهم من طوائف أهل الكلام، الذين صرحوا بلفظ الحركة.
    وأما الذين أثبتوها بالمعنى العام حتى يدخل في ذلك قيام الأمور والأفعال الاختيارية بذاته، فهذا قول طوائف غير هؤلاء، كأبي الحسين البصري، وهو اختيار أبى عبد الله بن الخطيب الرازي، وغيره من النظار، وذكر طائفة: أن هذا القول لازم لجميع الطوائف.
    وذكر عثمان بن سعيد الدارمي إثبات لفظ الحركة في كتاب نقضه على بِشْر المرِّيسِي، ونصره على أنه قول أهل السنة والحديث، وذكره حرب بن إسماعيل الكرماني، لما ذكر مذهب أهل السنة والأثر عن أهل السنة والحديث قاطبة، وذكر ممن لقى منهم على ذلك: أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، وعبد الله بن الزبير الحميدي، وسعيد بن منصور، وهو قول أبى عبد الله بن حامد وغيره.
    وكثير من أهل الحديث والسنة يقول: المعنى صحيح، لكن لا يطلق هذا اللفظ لعدم مجيء الأثر به، كما ذكر ذلك أبو عمر بن عبد البر وغيره في كلامهم على حديث النزول.
    والقول المشهور عن السلف عند أهل السنة والحديث: هو الإقرار بما ورد به الكتاب والسنة من أنه يأتي وينزل، وغير ذلك من الأفعال اللازمة.
    قال أبو عمرو الطلمنكي: أجمعوا -يعني أهل السنة والجماعة- على أن الله يأتي يوم القيامة والملائكة صفّا صفّا لحساب الأمم وعرضها كما يشاء وكيف يشاء، قال تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ} [البقرة: 210] . وقال تعالى: {وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22] .
    قال: وأجمعوا على أن الله ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا على ما أتت به الآثار كيف شاء، لا يحدون في ذلك شيئًا، ثم روى بإسناده عن محمد بن وضاح قال: وسألت يحيى بن معين عن النزول فقال: نعم، أقر به، ولا أحد فيه حدًا.
    والقول الثالث: الإمساك عن النفي والإثبات، وهو اختيار كثير من أهل الحديث والفقهاء والصوفية، كابن بطة وغيره. وهؤلاء فيهم من يعرض بقلبه عن تقدير أحد الأمرين، ومنهم من يميل بقلبه إلى أحدهما، ولكن لا يتكلم لا بنفي ولا بإثبات. والذي يجب القطع به أن الله ليس كمثله شيء في جميع ما يصف به نفسه. فمن وصفه بمثل صفات المخلوقين في شيء من الأشياء فهو مخطئ قطعًا، كمن قال: إنه ينزل فيتحرك وينتقل، كما ينزل الإنسان من السطح إلى أسفل الدار، كقول من يقول: إنه يخلو منه العرش، فيكون نزوله تفريغًا لمكان وشغلا لآخر، فهذا باطل يجب تنزيه الرب، عنه كما تقدم.
    وهذا هو الذي تقوم على نفيه وتنزيه الرب عنه الأدلة الشرعية والعقلية".اهـ
    1. قول فوّاز: "قام جماعة آخرون قالوا: نريد أن نقتص ممن قتل عثمان، فقال لهم علي بن أبي طالب: انتظروا حتى تتضح الأمور، فقالوا: لا، فحدث بينهم خلاف، فخرجوا على مَن؟ على علي بن أبي طالب، يطالبون بدم عثمان رضي الله عنه، وهذا بزعمهم، هم لا يريدون الدم، هم يريدون الفتنة! المهم خرجوا على علي بن أبي طالب في معركة صِفين ومعركة الجمل، وهذه من المعارك المعروفة!".
    قلت: مَن الذين كانوا يطالبون بدم عثمان رضي الله عنه؟ هم أولياء الدم: معاوية رضي الله عنه ومَن كان معه من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين!
    فهل يُقال في حقّ معاوية ومن وافقه من الصحابة رضي الله عنهم: إنهم خرجوا على علي رضي الله عنه؟!
    أليس هذا طعنًا في هؤلاء الصحابة يشبه طعن الرافضة، وخوضًا فيما شجر بين الصحابة مما يخالف عقيدة أهل السنة في الكفِّ عمَّا شجر بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟!
    وقد قلت فضيلتك –حفظك الله- في "شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث" (ص250/ط مجالس الهدى): "فلا يبحث في هذه الأشياء إلا أهل الفتن من الخوارج والروافض، أما أهل السنة فيرون السكوت عمَّا جرى بين الصحابة؛ لأنهم كلهم مجتهدون".
    وقلتم: "لهذا نحن لا ندخل فيما جرى بينهم في الجمل ولا في صِفِّين؛ هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، فنحن نعتقد في الجميع أنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم من أبعد الناس عن الأهواء والأغراض، وأن كلاًّ منهم مجتهد".
    قلت: والإشكال أن فوازًا أوتي من جهله المركب، فكأنه لا يدري أن الذين طالبوا عليًّا بدم عثمان، هم طائفة من أفاضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وخلط بينهم وبين الخوارج، فهو لم يقصد الطعن في الصحابة، إنما أُوتي من جهله وتعالمه، هذا إن أحسنا الظنَّ به!
    1. قول فوّاز: "اللي لازم يفهمه كلُّ فلسطيني:
    • إننا لما ندعم القضية هذا تفضل وإحسان وليس واجب –كذا-.
    • إننا لما نعطيكم مليارات هذا صدقة وإحسان وليس واجب –كذا-.
    • وأخيرًا: أن المال السعودي هو للشعب السعودي فقط، وليس للعرب والمسلمين في بقاع الأرض؛ لأن السعودية مو جمعية خيرية، كما تنظرون لها".
    قلت: ولما عُرِض هذا الكلام المتهافت على شيخنا عبدالرحمن محيي الدين -حفظه الله- قال: "ليس بصحيح.. كذب على السعودية".
    وقد قيل: إنه تراجع عن بعض هذه التخبطات لما بُيِّنت له، والبعض الآخر لا نعلم منه تراجعًا عنها.
    لكن الإشكال –حفظكم الله- ليس في تراجعه من عدمه، كما لا يخفى على فضيلتكم، إنما الإشكال أن يُصَدَّر من يقع في هذه التخبطات العقدية التي نشأت عن جهل مركب، بل يُوصف بأنه أعلم ممن لم يبلغ مدّه ولا نصيفه في الحفظ والعلم، مما تعجَّب منه كلُّ من يعرف حقيقة مستوى فوَّاز العلمي، حتى لو خلا من هذه التخبطات، فكيف بها؟!
    أضف إلى هذا، أنه –حال تراجعه المدّعى- يعتذر لنفسه –ويعتذر له المتعصِّبون له- أن هذه التخبطات هي من قبيل زلة اللِّسان، ولم تنشأ من جهل مركب؛ وهذا تدليس ظاهر، بل كذب!
    وفوَّاز لم يتأدب مع الله عز وجل، فكيف ننتظر منه الأدب والأمانة مع العلماء؟!
    فقد وقع في الاستهزاء بقول الله تعالى: {وأن إلى ربّك المنتهى}، على صفحته حيث قال -متهكمًا بعد أن نقل قول الفتَّانين المحرِّشين المنسوب إلى فضيلتكم-: "خالد عثمان انتهى"، فردّ عليه أحد العقلاء: ليس إلى الشيخ ربيع المنتهى، بل إلى الله المنتهى! فردّ عليه فواز بالقهقهة ساخرًا من قوله: هه.. هه..!!
    فهل تراجع فوّاز عن سخريته من قول الناصح له: "ليس إلى الشيخ ربيع المنتهى، بل إلى الله المنتهى"؟!
    وهذا يؤكد غلو هؤلاء القوم وسفاهتهم التي فاقت سفاهة الحدَّادية الأوائل، ويؤكد أنهم من حدثاء الأسنان وسفهاء الأحلام!!
    وهذه بعض "تغريدات" فوّاز التي تظهر لفضيلتكم مستواه العلمي والأخلاقي:
    1. "أسأل الله أن يرزق كل واحد منكم زوجة يكون عمرها آخر رقمين في جواله، كلُّ واحد وحظُّه!".
    2. "هل تعلم أن الإنسان العادي يستطيع القذف من الطائرة بدون مظلة، لكن مرة واحدة في حياته!".
    3. "اللّي متزوج في السرِّ لا ينسى يطلع عنها زكاة الفطر"!
    4. "الذين تم حظرهم من الخرفان في صفحتي أكثر من البقر الذي استوردته قطر!".
    5. "يا حريم السلطان هذا بإذن خليفتكم، وعلى مرأى ومسمع منه، فهل سيحرر الأقصى من كان فعله هذا، فماذا أنتم قائلون، وبماذا سوف تدافعون عنه؟".
    6. "حطُّوا له عصفورة بلاستيك، وانبسط معها، ويوم جات زوجته انكتم ولا حركة، ما فيه أمان حتى عند الطيور.. الشكوى لله!".
    7. "فاصل للترويح: السلام عليكم فيه مخالفة حبيت –كذا بالعامية- أنبهكم عليها، يقع فيها أغلب الناس، وهي قول "مساء الأنوار"، وهذا خطأ، والصحّ –كذا- أن نقول: "مساء النور"، ليش الإسراف، لمبة واحدة تكفي وشكرًا.. مع السلامة.. بروح أعلّم غيركم ..".
    8. "أصدقائي هم رأس مالي، وأحبهم في الله جميعًا، أخبرني مارك –هداه الله للإسلام- أن أصدقائي المتابعين أعجبوا بمنشوراتي 3833000 مرة، فلا أملك لكم إلا الدعاء، فجزاكم الله خيرًا جميعًا!".
    9. "شكرًا لكم ولثقتكم في حسابي، فقد قارب العدد على 100،000 متابع .."!
    10. "يقولون إن صفحتي ترفع الضغط، ما مدى صحة هذه التهمة؟".
    ومن سفاهته التي تشبه سفاهة الحزبيين وسطحيتهم وضعف عقولهم قيامه بالرسم الكاريكاتيري الذي يتضمن رموزًا على طريقة السياسيين والصحفيين الفارغين من العلم، وأضرب لفضيلتكم مثالين لهذه السفاهة التي تدل على حداثة:
    الأول: قام على رسم يد مرفوع فيها الأربع أصابع –دون الإبهام- والتي تمثل شعار "رابعة" عند حزب الإخوان المسلمين، والذي اتخذوه شعارًا بعد اعتصام "رابعة العدوية"، وجعل في كل أصبع علمًا من أعلام أربع دول إسلامية، وهي: السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين؛ ثم كتب أعلى هذا الشعار: "أهنئ فرقة الإخوان المسلمين بشعارهم الجديد"، وفي أسفله: "فكرة فواز المدخلي"!
    والثاني: قيامه على رسم ثمرة "موز" لها جناحان؛ إشارة إلى "موزة" والدة "أمير قطر"؛ تهكمًا بها!
    و اترك التعليق لفضيلتكم –حفظكم الله- !!
    فهل هذه أخلاق مَن تربى على كتب السلف الصالح، وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وكتب محمد بن عبدالوهّاب –رحم الله الجميع-؟!
    و والله أني لأستحي من نقل بعض هذه الترهات وإشغال وقت القارئ بها، لكنه مما ابتلينا به وعظُم به الخطب، والله المستعان.
    وقد اختلف أصحاب فوّاز فيه بعد انتشار هذيانه وتعالمه في وسائل التواصل على فريقين:
    فريق يتمسك بتزكية فضيلتكم له، ويعتبرونها مانعًا من جرحه وإن ضرب ألف مثل في الجهل والتعالم.
    وفريق يتظاهر بالإنصاف، ويرميه بالجهل المركب، لكنهم حاروا في تزكية فضيلتكم له، وجبنوا أن يبينوا لكم حقيقة جهله وتعالمه!

    سادسًا: هاني بن بريك:
    هاني بريك نبذ المنهج السلفي نبذًا، وتبرأ من الانتساب إليه صراحة دون تورية، وحاله لا يخفى على فضيلتكم، فهذا نصُّ كلمة فضيلتكم فيه:
    "هاني بن بريك كان يدعي السلفية ولكن السياسة جرفته فانحرف انحرافًا شديدا؛ فصار ديمقراطيًّا، واشتراكيًّا مع الاشتراكيين وأدار ظهره للمنهج السلفي؛ فلا يُعبأ به، ولا يُركَن إليه، وإذا أنشأ مركزًا لا يُشارَك فيه، لا يشارِك فيه السلفيون أبدًا".
    قلت: بل تردى به الحال إلى الدعوة الصريحة إلى وحدة الأديان والأخوة الإنسانية، فقد غرَّد هاني بن بريك بتاريخ (7/2/2019م) قائلاً:
    "كان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد يعرف بالضبط ما كان يفعله عندما دعا البابا فرنسيس لزيارة شبه الجزيرة العربية؛ لافتتاح عام التسامح".. الزيارة رسالة عميقة للعالم الإسلامي ثم لغيره لها هدف واضح التأكيد على عهد جديد في العالم العربي لجيل ضاق ذرعًا بالإساءة إلى الإسلام من قبل المتطرفين".
    قلت: ما أشبه كلامه بكلام علي الحلبي في دفاعه عن رسالة عمَّان الداعية إلى وحدة وأخوة الأديان!
    وغرّد مؤخرًا معلِّقًا على زيارة أحد اليهود إلى الدوحة بقطر قائلاً: "أهلاً بابن العم الإسرائيلي اليهودي الذي زار بلدنا العربية قطر، وشعر بالأخوة الإنسانية، فأبناء عمّنا إسحاق كانوا معنا في كل بلد عربي، ولا زالوا موجودين في بعض بلداننا العربية مواطنين في بلدهم ومنها اليمن، بس –كذا!- مَن يُقنع حكومة قطر والجزيرة التي تحرِّض ضد اليهود، وضد كلّ من يفتح خط –كذا، والصواب: خطًّا- للسلام العادل!!!".
    قلت: هكذا يصوّر اليهود بصورة المسالمين العدول، وكأن عدوانهم الغاشم المستمر وكيدهم الظاهر والخفي ضد المسلمين وهمٌ لا وجود له!
    ثم يستخدم أسلوب تورية خبيث متظاهرًا أن قطر وقناة الجزيرة تحرّض ضد اليهود، وكأنه لا يدري –ولا ريب هو يدري- أن عزمي أنطون بشارة –عضو الكنيست اليهودي السابق- هو المحرّك الرئيسي لدولة قطر وقناة الجزيرة! وأن هذه القناة هي المنفذ الإعلامي لمخطّطات اليهود في بلاد الإسلام، وأن اليهود لا يجدون راحة وحرية مثلما يجدونها في قطر، فهم –باعترافه- في التغريدة يتجوّلون في أرجاء الدوحة بكل حرية وأريحية.
    وكأن هاني بريك قد رُفِع من قلبه قوله تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}!
    وقد صار هاني بن بريك الداعية المبرّز إلى انفصال جنوب اليمن عن شمالها، فقد قال صراحة في لقاء تليفزيوني: "نسعى إلى فك الارتباط –أي بين جنوب وشمال اليمن-، وإلى قيام دولتين في الشمال والجنوب"، بعد أن كان داعية إلى وحدة اليمن، منددًا بمن يدعو إلى انفصال جنوبه عن شماله.
    وكذلك كان يدّعي في أول أمره لما نصِّب في الوزارة أنه لا يريد المناصب ولا يسعى إليها، وأنه سوف يعود إلى مسجده إذا تم بعد انتهاء مهمته، وإذ به أسرع الناس إلى المناصب وأحرصهم عليها، بل قد يقاتل عليها.
    وبهذا انتكس هاني بريك وصار ينكر ما كان يعرف، ويعرف ما كان ينكر، وهذه هي الضلالة كلّ الضلالة!
    فأين القوم الذين أقاموا الدنيا وأقعدوها تحت دعوى وقوع الظلم عليهم، وجنَّدوا مَن استطاعوا على مستوى العالم لنصرتهم بالباطل، مع تشويه كلّ مَن يخالفهم بحقّ أم بباطل!
    أين سيوفهم التي أشهروها في وجه أهل السنة –علماء وطلبة علم-، ثم إذ بها تختبئ في أغمادها عند مواجهة هاني بريك وأصحابه؟!
    مَن الأخطر على الإسلام والمنهج السلفي بميزانهم الباطل: محمد بن هادي أم هاني بن بريك؟!
    ‏ولما كَتَبَ البعض مقالاً أو مقالين بَيَّنوا فِيهِ بعض انْحِرَافَاتِ هاني بن بريك، خاصة في مسألة الدعوة إلى وحدة الأديان، لم يتحرك أَحَدٌ مِنْ مُشْرِفِي شَبَكَةِ سَحَاب بأي تأييد أو إعجاب! كَمَا كَانُوا يصنعون مع مقالات أخرى تؤجّج الفتن ولا تنصر حقًّا أو تكسر باطلاً، بَلْ تَمَّ حَذَفُ هذه المقالات ومنع أصحابها مِنَ الكِتَابَةِ!
    والآن بعد انتهاء دور شبكة سحاب –عند مَن أنشأها أو مكَّن لها لغاية معيّنة- ونُفِذ مخطّط الصعافقة، تم إغلاق الشبكة مكتفين بما حقّقوه من نجاح في إحداث الفتن بين السلفيين.
    وقد فجر القوم في الخصومة مع الشيخ محمد بن هادي، وغلّوا في هذا الأمر غلوًّ شنيعًا، حتى بلغ الأمر بأحد أذنابهم المغمورين أن يقول عبر وسائل التواصل:
    "حال محمد بن هادي يذكّرنا بحال عبدالله القصيمي، وما آل إليه حتى مات على الكفر والإلحاد!!".
    قلت: وهل أخطاء محمد بن هادي –لو وُجِدَت –ولا يسلم أحدٌ من الخطأ- تبلغ هذا الحدَّ الذي تجعله يصير إلى ما صار إليه القصيمي؟!
    فما هو الموقف الشرعي من هذا الغلو الشنيع حيث يحومون حول تكفير محمد بن هادي؟!
    وهذا الغلو يذكّرنا بغلو الحدادية بدءًا من محمود الحداد، ومرورًا بعبداللطيف باشميل، وفالح الحربي، ويحيى الجوري، وانتهاء بعماد فرّاج المصري الذي كفَّر شيخ الإسلام ابن تيمية، والألباني، وكفَّر فضيلتكم!

    فهذه نماذج يسيرة من مواقف وقواعد هؤلاء الطلبة، و تخبطاتهم العقدية و المنهجية التي تبيّن لفضيلتكم طرفًا من حجم إفسادهم في البلاد!
    وهي بعض الأدلة التي تؤكد لكلِّ عاقل فضلاً عن العالم استحقاق هؤلاء أن يوصفوا بـ: "الصَّعافقة"!
    وما أردت الاستقصاء ولا التفصيل، فهذا جاء مفرَّقًا في مباحث الكتاب.
    وأنا ما زلت أتعجب كيف يُصوَّر للناس في مشارق الأرض ومغاربها أن هؤلاء يمثلون بطانة فضيلتكم، وهم بهذه المثابة من الأخلاق الرديَّة والضحالة العلمية!
    بل كيف يوصفون أنهم من الطلاَّب الكبار لفضيلتكم الملازمين لكم، وأغلبهم ما دخلوا على فضيلتك إلا من سنوات قريبة باستثناء البخاري، والزهراني، لكنهما للأسف قد أضرَّا بفضيلتكم والدعوة السلفية ضررًا كبيرًا، والله المستعان؟!
    بل إن أحدهم كان معروفًا منذ سنوات ليست بعيدة بين أقرانه في الجامعة الإسلامية بعدم قبوله التحذير من رءوس الحزبيين التكفيريين، وكان لا يرتضي منهج فضيلتكم في الجرح والتعديل، ولا يقبل تحذيركم من أدعياء السلفية، فضلاً عن التحذير من القطبيين السروريين.
    ومستواه العلمي معروف بين أقرانه بأنه ضعيف جدًّا علميًّا، ولذلك تعجَّب الذين يعرفونه من دفاع فضيلتكم عنه وعن أمثاله، بل تعجَّبوا أن يُنسَب إلى بطانتكم، وأن يكون من المتصدرين للدعوة السلفية فجأة هكذا!
    وهل يصدق عاقل يحترم عقله يعرف قدر فضيلتكم وجهادكم السابق، ويعرف حال هؤلاء الطلبة أن هؤلاء هم بطانة الشيخ ربيع وأخصُّ أصحابه؟!
    ومن ثَمَّ يروّج الجهلة والمرتزقة المأجورون أن الطعن في هذه البطانة المزعومة يعتبر طعنًا في فضيلتكم!
    وقد قدَّمت فضيلتك النصيحة للشيخ بكر أبي زيد من بطانة السوء التي تكاد أن تهدم ما شيَّده في خدمة السنة، فقلت –حفظك الله- كما في " مجموع الكتب و الرسائل" (٧/١٠٢): "ألا ترى نفسك أيها الشيخ أنك تمر بأصعب مرحلة في حياتك، و ألا ترى أن قولك هذا يهدم ما شيدته في خدمة السنة و نصرة الحق، أنصحك بالعودة إلى قراءة كتب السلف و قراءة كتبك، والابتعاد عن بطانة السوء وجلساء السوء".
    قلت: أين أصحابكم وتلامذتكم القدامى الذين تتراوح صحبتهم لفضيلتك بين العشرين والثلاثين سنة، والذين درسوا عليكم وقرءوا عليكم الكتب والأبحاث، وكانوا –دائمًا- عونًا لكم فيما دخلتم فيه من المعارك العلمية ضد أهل الفتن بالردود العلمية المتينة، والتي كانت سببًا في نصرة الحقِّ وأهله؟!
    و أين كان هؤلاء الصغار؟!
    و أين ردودهم على أهل البدع الظاهرين؟
    أين كتاباتهم التأصيلية في الردِّ على سيد قطب، وحسن البنا، والمودودي، وأبي الحسن، والمغراوي، وعدنان عرعور، وعبدالرحمن عبدالخالق، وعلي الحلبي، وفالح الحربي، وفوزي البحريني ... إلخ؟!
    إنما نشطوا فقط في فتنة الحجوري، وإن كانوا هم سبب رئيسي في اضطرامها، ولولا مكرهم الخفي كان من الممكن أن تسير الأمور على خلاف ما سعوا إليه!
    فهل يقاس الثرى بالثريا.. تلك إذن قسمة ضيزى؟!
    • وأقول:
    وإن الأمر أعظم وأكبر من مسألة اختلاف فضيلتك مع تلميذك وصاحبك محمد بن هادي حول مجموعة من الطلبة تسلَّطوا على الدعوة السلفية وأهلها بجهل وتعالم ومكر خفي.
    فإن الأمر –كما يتبين للباحث المدقِّق- يمثل خطة خبيثة سريَّة لإسقاط الدعوة السلفية وحملتها في شتى البلدان مستخدمين في هذا كل خسيس خائن من الهمج الرّعاع في كل بلد، خاصّة من طلاَّب الدنيا، ممن يريد مالاً أو جاهًا وشهرة، فيعدون كلاًّ بما تهواه نفسه إن صار معهم!
    وقد طلبتم من أبنائكم وتلامذتكم والسلفيين عامّة أن يصدعوا بالحق وأن ينتصروا لهؤلاء الطلبة –ظنًّا من فضيلتكم أنهم مظلومون-!.
    لكن المظلومين الذين يطالب فضيلتكم بنصرتهم هم في –واقع الأمر وحقيقته كما دلت الدلائل الظاهرة ظالمون، وبادئون بالظلم للعلماء وطلبة العلم السلفيين –الذين لا يجارونهم على مكرهم-، وكأني بهم يتمثلون بقول عمرو بن كلثوم:
    نُسَمَّى ظَالِمِينَ وَمَا ظَلَمْنَا ... وَلَكنَّا سَنَبْدَأُ ظاَلِمِينَا
    ويروى (بُغاة ظالمين، وما ظلمنا)، وقوله:
    أَلاَ لاَ يَجْهَلنْ أَحَدٌ عَلَينا ... فَنَجْهَلَ فوق جَهْل الجاهلِينا
    بل كما يظهر لكلِّ ذي بصيرة أن هؤلاء الطلبة يريدون إسقاط جهاد ربيع بن هدي عبر سنوات طويلة من الكفاح ضد أهل البدع، وقد نيط بهم –شعر البعض منهم أم لم يشعروا- مهمة الانتقام من فضيلتكم بأيادي سلفية –في الظاهر-، فاعتبروا يا أولى الأبصار!
    وقد سلكوا مسالك الحدادية –لكن في الخفاء- في ضرب الدعوة السلفية، وأهلها دون أن يشعر أحد.
    ورجاء من فضيلتك –حفظكم الله- أن تأذن لي أن أقول:
    إن كثيرًا مِمّن يخوضون في الخلاف الحاصل بين فضيلتكم والشيخ محمد بن هادي المدخلي بسبب هؤلاء الطلبة لا يدركون نكتة الخلاف، والبعض منهم يدركون لكن يكتمون الحقَّ، وهم يعلمون.
    والذين يرون أن الحقّ مع فضيلتكم إنما هم مقلِّدون، ويردِّدون كالببغاوات قول فضيلتكم -دون أن يفقهوا مغزاه-: "إن محمد بن هادي ليس معه أدلة، ولا نصف دليل".
    وقولكم –حفظكم الله-: "محمد بن هادي يحارب السلفيين، ويسقط الذين عندهم ماجستير ودكتوراة، ويقول عنهم صعافقة، ثم يروح يفرِّق في العالم، هذا خالف منهج السلف".
    وقولكم –حفظكم الله-: "هل عندهم تعطيل الصفات؟ هل عندهم طعن في الصحابة أو في صحابي واحد؟ هل عندهم مخالفات لأئمة السلف في العقيدة والمنهج؟ ما عندهم شيء، والله ما عندهم إلا منهج سلفي".
    • وظاهر عبارات فضيلتكم –حفظكم الله- أنكم تنفون وجود أدلة على رمي هؤلاء بأنهم "صعافقة"؛ من وجهين:
    الوجه الأول: أن كلمة "صعافقة" يلزم منها –عند فضيلتكم- التجهيل المطلق لهؤلاء الطلبة، والواقع أن هؤلاء حصَّلوا نوعًا من العلم، وبعضهم حصل على شهادة "ماجستير"، أو "دكتوراة".
    والوجه الثاني: أن فضيلتكم يرى أن هذا الإطلاق يلزم منه "التبديع" لهؤلاء، وهم ليس لديهم أخطاء في العقيدة، فليس لديهم أخطاء في الأسماء والصفات، ولا في الطعن في الصحابة، ونحو ذلك.
    والواقع أن الشيخ محمد بن هادي يعرف هؤلاء الطلبة معرفة جيدة، ويعرف حقيقة مستواهم العلمي؛ حيث إن بعضهم كانوا طلاَّبًا عنده، وقد خبِرَهم وعلِم أنهم ليسوا أهلاً للتصدر للدعوة والتدريس، خاصَّةً والعلماء متوافرون، فكيف يتصدرون لإقامة دورات علمية في عقر دار العلماء في المدينة، ولم يبلغوا مدَّ واحد من أصغر علماء المدينة ولا نَصيفه؟!
    وهذا الإطلاق منه يتوافق مع المعنى اللُّغوي لكلمة "صعافقة"؛ حيث إن هؤلاء الطلبة قد دخلوا سوق الدعوة وأرادوا أن يتصدروا لها في المحافل، وليس لهم رأس المال الكافي من العلم الذي يؤهلهم لهذا التصدر، بل ليس لدى أغلبهم إلا التبجح والتعالي على مَن سبقهم في تحصيل العلم والدعوة والمجالسة للعلماء، ولذلك سماهم كذلك "فراريج" من هذا الباب؛ لأنهم صغار ويريدون أن يلبسوا لباس الكبار، وإنما تستروا بالكبار ودخلوا معهم من أجل أن يتقووا بهم، مثل التاجر الصَّعفوق الذي يدخل مع التجار الكبار؛ متسترًا بهم؛ من أجل أن يحصِّل مكاسب على حساب التاجر الكبير، وكذلك هؤلاء تستروا بالعلماء الكبار؛ من أجل أن يحصّلوا مكاسب شخصية لأنفسهم تحت مُسمَّى الدعوة إلى الله عز وجل، وفي حقيقة الأمر هم لا تعنيهم الدعوة إلى الله، ولا يلتفتون إلى مصلحتها، ولا إلى هداية الناس وإرشادهم، إنما غرضهم تلميع أنفسهم وتحصيل الجاه والمال والرئاسة، وإن خربت الدعوة في شتى البلدان، والله المستعان.
    وقد لمس الشيخ محمد بن هادي عقوق هؤلاء الطلبة وتلاعبهم بالدعوة في عدد من البلدان، وكانت تأتيه الأخبار المتوالية عن قيامهم بإيذاء علماء وطلبة علم ودعاة سلفيين لهم جهود بارزة في التعليم والتدريس والدعوة، خاصَّة من كبار طلبتكم، وقيامهم بمحاولة السيطرة على الدعوة في هذه البلدان؛ لتولي قيادتها وتوجيهها باسم العلماء، وهذا متواتر عند السلفيين الذين وقع عليهم هذا الأذى من هؤلاء عبر سنوات، قبل أن يتكلّم محمد بن هادي، وعليه عشرات الشهود العدول.
    فلَمَّا أطلق محمد بن هادي على هؤلاء الطلبة هذا المصطلح: "الصعافقة" إنما أطلقه عليهم؛ لأنهم ضعفاء في العلم –وإن كان بعضهم جامعيين وأصحاب دكتوراة-، فهم متعالمون يتظاهرون بالعلم، لكنهم لم يضبطوا أصوله؛ ولأنهم تستروا بالعلماء لبثِّ تعالمهم وإنفاذ سمومهم في إفساد الدعوة السلفية والتحكم فيها، لكنه لم يَدَّعِ عليهم الجهالة المطلقة، ولا أنهم أهل بدع، وإن كانت له عبارات شديدة في حقّهم، فهذا من باب الزجر والتأديب من الأب لأبنائه، ليس من باب التبديع والإسقاط، وذلك بعدما أيِس من إصلاحهم، وتبين له مكرهم الخفي في ضرب الدعوة السلفية في الخفاء متسترين بالعلماء.
    وقد أطلق الشعبي كلمة "الصعافقة" على أهل الرأي والإرجاء، وهم وإن كانوا أهل أهواء، لكن لديهم نوع علم، فلم يكونوا جهالاً بالمرة، بل منهم حماد بن أبي سليمان –شيخ أبي حنيفة-، فليس المقصود بنفي العلم عن الصعافقة نفي مطلق العلم إنما نفي انتفاعهم بالعلم الذي حصَّلوه.
    وما أشبه حال هؤلاء الصعافقة بشجرة الدُّبَّاء التي تثمر في أسبوعين فقط، لكنها لا تثبت في رياح الخريف، كما قال ابن القيم في "بدائع الفوائد" (3/236): "شجرة الصنوبر تثمر في ثلاثين سنه، وشجرة الدُّبَّاء تصعد في أسبوعين فتقول للصنوبرة: إن الطريق التي قطعتها في ثلاثين سنة قطعتها في أسبوعين، ويقال لي شجرة ولك شجرة، فقالت لها الصنوبرة: مهلاً حتى تهب رياح الخريف، فإن ثبت لها تم فخرك".
    ويصدق على هؤلاء الأصاغر ما قاله الشيخ محمد بن عبدالوهّاب العقيل في وصف جرأتهم على الكبار: "لَا تَحكُكِ بِالقُحُومِ يَا حَاشِي!".
    فهذا هو تحرير نكتة الخلاف بين فضيلتكم وتلميذكم محمد بن هادي.
    • وأما قول فضيلتكم: كيف يكون هؤلاء صعافقة، وفيهم حملة ماجستير ودكتوراة؟!
    فأقول –حفظكم الله-: منذ متى أصبحت هذه الشهادات ميزانًا لقوة العلم أو صحة المنهج؟!
    وكما قيل:
    "كثير همو أهل الشهادات بيننا ولكن قليل مَن أفادوا وأثمروا
    وقد قال الإمام عبدالعزيز بن باز –رحمه الله-: "صاروا قضاة ومدرسين، وهم لا يعرفون العقيدة السلفية لا يعرفون العقيدة الصحيحة... فصاروا دكاترة وهم صفر في العقيدة، أخذوا الشهادة العالية: الماجستير والدكتوراة، وهم صفر في العقيدة!".
    وقال الشيخ مقبل بن هادي الوادعي –رحمه الله-: "فكم من شخص عنده دكتوراة في الفقه الإسلامي، وهو لا يفقه شيئًا، وكم من شخص عنده دكتوراة في الحديث، وهو لا يفقه حديثًا، فهذه الشهادات تؤهل كثيرًا من الناس لمناصب لا يستحقونها، وماذا يغني عنك لقب دكتور و أنت جاهل بشرع الله".
    وقال العلامة الأديب محمود شاكر –رحمه الله- كما جمهرة مقالاته (1/59): "إن الشهرة والشهادة هما شيئان لا قيمة لهما في العلم والأدب، فبناءُ العلم على نجاح التجربة واستواء المنطق وإقرار العقل، وبناء الأدب على صدق الإحساس ووحدة الإدراك وسمو العاطفة وقوة حشد وبراعة العبارة والأداء، فإذا لم تكن الشهرة من هذا تستفيض وعنه تشرع، فما غناؤها على صاحبها إلا بعض الأباطيل التي تنفش في عقول الأمم الضعيفة والأجيال المستعبدة بالأوهام والتهاويل.
    والشهادة ما هي إلا إجازة الدولة لأحد من الناس أنه قد تحرَّر من طلب العلم والأدب على القيود التي تتقيَّد بها المدارس والجامعات في أنواع بعينها من الكلام، وأنه قد حصل في ورقة الامتحان ما فرض عليه تحصيله بالذاكرة، ثم ترفع الشهادة يدها عن معرفة ما وراء هذا التحصيل وما بعده، وما يصير إليه من الإهمال أو النسيان أو الضعف أو الفساد، فحين يغادر أحدهم الجامعة حاملاً شهادته مندمجًا في زحمة الجماعة تفقد الشهادة سلطانها الحكومي _ أو هكذا يجب أن يكون _ ولا يبقى سلطان إلا للرجل وأين يقع هو من العلم أو الأدب أو الفن؟ وهل أصاب أو أخطأ؟ وهل أجاد أو أساء؟ و هكذا فهو لا ينظر إليه إلا مغسولاً غفلاً من ((مكياج)) الدبلوم والليسانس والماجستير والدكتوراة .. وما إليها، وإذن، فأولى ألا ينظر إليه عن شهادة قوم لم يكن سبيلهم إلى التحكم في أسواق العلم والأدب إلا الشهادات المستحدثة، والشهرة النابغة على حين فترة وضعف واختلاط وجهل كان في الأمة حين كان أقل العلم وأشف الأدب يرفعان صاحبهما درجات من التقدير والإجلال والكرامة.
    إن هذه التجارة التي تقوم على استعباد العلم والعلماء والأدب والأدباء تجارة باغية ينبغي أن تفنى نخاستها وأن تغلق أسواقها، وينبغي أن يتحرر الأدباء والعلماء المستعبدون قليلاً من أغلال الضرورات المستحكمة ليحاربوا بغي هذه التجارة بالنبل والسمو والترفع، وليهتكوا تلك الأستار الحريرية الرفيعة المسدلة على بيوت الأوثان الجاهلية التي تستعبد الأحرار باستغلال ضراعة الضرورة والحاجة والفقر ...".اهـ
    قلت: وهؤلاء "الصَّعافقة" قد بيّنا لفضيلتكم موقعهم من العلم وأهله، لذلك بدت الرَّكاكة على ردودهم، ومن ثَمَّ كنا نتعجب من تبجحهم بالإعلان عن إذن فضيلتك لنشر هذه الردود الهزيلة ...!!!
    وقد عانى محدّث مصر العلامة أحمد شاكر –رحمه الله- من هذا الصنف أيَّما معاناة، وقد ظهر هذا في قوله في مقدِّمة تحقيقه على كتاب "الشعر والشعراء" لابن قتيبة (ص34): "إن كثيرًا من الناس تغرُّهم المناصب والرتب وتخدعهم الألقاب العلمية الضخمة، وما كان شيء من هذا ميزانًا صحيحًا للعلم، ولقد نقدت كثيرًا من أمثال هؤلاء، فتعاظموا واستكبروا، فمنهم من أنِف أن يرد عليَّ، ومنهم من سلَّط بعض أذنابه يشتمني، فما عبأت بهذا ولا بهذا، لا استكبارًا ولا تعاظمًا، ولكن لأني طالب علم ورائد حقيقة، ولكن لأني لم أضع نفسى في موازينهم قط".
    قلت: وإن حمل هؤلاء لدرجات جامعية، يشبه حال مَن يمتلك مكتبة كبيرة لكنه لا يدري شيئًا عن محتواها، وإذا طلبت منه أن يخرج كتابًا منها، ما استطاع!
    قال محمد بن يزيد المبرد، أبو العباس في "الكامل في اللّغة والأدب" (3/91):
    "وقال الله جل وعز وهذا البين الواضح: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} والسفر الكتاب، وقال: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ} في أنهم قد تعاموا عنها، وأضربوا عن حدودها وأمرها ونهيها، حتى صاروا كالحمار الذي يحمل الكتب ولا يعلم ما فيها.
    وهجا مروان بن سليمان بن يحيى بن أبي حفصة قومًا من رواة الشعر بأنهم لا يعلمون ما هو، على كثرة استكثارهم روايته، فقال:
    زواملُ للأشعار لا عِلمَ عندهم ... بجيِّدها إلاَّ كعلم الأَباعرِ
    لعمرك ما يدرى البعيرُ إذا غدَا ... بأوساقه أو راحَ ما في الغرائرِ".اهـ
    وفي هذا الخضم اختلط الحابل بالنابل واختلطت الطرق وتشابهت المسالك، وربما كان هذا هو ما أغرى أثرياء المسلمين وأصحاب المقامات الرفيعة أن يحصِّلوا هذا اللقب: "الدكتوراة" استكمالاً للأبهة والعظمة.
    وكان من الطبيعي أن تظهر في هذه المعمعة أسواق التزييف ابتداء من تزييف الأوراق والأختام والتوقيعات -وهذه يقوم بها سفلة الناس في العادة- إلى تزييف المادة العلمية -البحث العلمي-، وهذه مهمة يقوم بها من ينتمون إلى نادي صفوة المثقفين إلى سرقة وانتحال جهود الآخرين في غفلة أو تغافل المشرفين وأعضاء لجان المناقشة والحكم إلى غير ذلك من ألوان التزييف التي يعجز عن تصورها إبليس اللعين.
    ولذلك فإن [استمراء هذا اللفظ –دكتور- والاعتزاز به ضربًا من ضروب التشبه في الظاهر، ونوع ركون في الباطن، ولا يجمل بالمسلم تكثير سوادهم... وأقل ما في هذا الوجه من المحاكاة أنه من مظاهر الذلّة والضِّعة وتبعية المغلوب للغالب، والمسلم مطالب بالعزة والأنفة من التبعيات الماسخة المجردة من العوائد النافعة... وأيضًا فإنه من مبناه "دكتور" غربي محدث لا يمت إلى اللسان العربي بصلة، فهو أَتيٌّ لا أصل له.
    ففي إطلاقه نبذٌ للغة العرب في سُنَن كلامها، ومناحي لُغتها، وغضٌّ من شأنها، فهو إذن من مواطن التخذيل، والمسلم مطالب بإحياء لُغة القرآن وشدّ الأمّة إليه وتحريرها مما يشُوبَها... يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم": "إن اللسان العربي شعار الإسلام وأهله، واللُّغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون"]([2]).
    وصدق مَن ذكر جناية الجامعيين على نصوص التراث، فقال: "إذ كان فريق منهم قد اتخذوه مركبًا سهلاً للحصول على الشهادات الجامعية، والترقيات العلمية، وأصبح تراث الآباء نهبًا لكل مجترئ لا يرجو لله وقارًا، ولا يرعى للعلم حرمة، وقلَّ الصرحاء، وكثر الأدعياء، وغاب الناقد البصير، فلا رقيب ولا حسيب، والكلُّ يخطب في هوى المال والشهادات والترقيات؛ واندفع بعضهم في التحقيق والنشر يقفز ويركض..." ([3]).
    وفضيلتكم أدرى بأن الحرص على ربط الناس بالألقاب العلمية الغربية: "دكتور"، ونحوه هي طريقة حزب الإخوان المسلمين، فهم دائمًا يغرِّرون بالعامة عن طريق انتحال هذه الألقاب.
    ويصدق عليهم جميعًا قول القائل: "يلقي ببارجته الحربية المصنوعة من (المقوَّى) في عرض البحر الهائج، تحيط به زمر من الشكوك والرّيب والآفات!!" ([4]).
    فما أشبه "الصعافقة" الذين يتبجحون بهذه اللَّقب؛ ليغرِّروا به السُّذَّج بطريقة حزب الإخوان المسلمين!
    إن علماء السوء هم الذين لا يعملون بعلمهم، لا تنفعهم شهادات جامعية ولا رتب دنيوية:
    ومن نفيس كلام ابن القيم في هذا الباب، ما ذكره في "إعلام الموقعين" (1/127): "وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الجمعة: 5] فَقَاسَ مَنْ حَمَّلَهُ سُبْحَانَهُ كِتَابَهُ لِيُؤْمِنَ بِهِ وَيَتَدَبَّرَهُ وَيَعْمَلَ بِهِ وَيَدْعُوَ إلَيْهِ ثُمَّ خَالَفَ ذَلِكَ وَلَمْ يَحْمِلْهُ إلَّا عَلَى ظَهْرِ قَلْبٍ، فَقِرَاءَتُهُ بِغَيْرِ تَدَبُّرٍ وَلَا تَفَهُّمٍ، وَلَا اتِّبَاعٍ وَلَا تَحْكِيمٍ لَهُ وَعَمَلٍ بِمُوجِبِهِ، كَحِمَارٍ عَلَى ظَهْرِهِ زَامِلَةُ أَسْفَارٍ لَا يَدْرِي مَا فِيهَا، وَحَظُّهُ مِنْهَا حَمْلُهَا عَلَى ظَهْرِهِ لَيْسَ إلَّا؛ فَحَظُّهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَحَظِّ هَذَا الْحِمَارِ مِنْ الْكُتُبِ الَّتِي عَلَى ظَهْرِهِ؛ فَهَذَا الْمَثَلُ وَإِنْ كَانَ قَدْ ضُرِبَ لِلْيَهُودِ فَهُوَ مُتَنَاوِلٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِمَنْ حَمَلَ الْقُرْآنَ فَتَرَكَ الْعَمَلَ بِهِ، وَلَمْ يُؤَدِّ حَقَّهُ، وَلَمْ يَرْعَهُ حَقَّ رِعَايَتِهِ.
    وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ، فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ - وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: 175 - 176]، فَشَبَّهَ سُبْحَانَهُ مَنْ آتَاهُ كِتَابَهُ وَعَلَّمَهُ الْعِلْمَ الَّذِي مَنَعَهُ غَيْرَهُ، فَتَرَكَ الْعَمَلَ بِهِ، وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَآثَرَ سَخَطَ اللَّهِ عَلَى رِضَاهُ، وَدُنْيَاهُ عَلَى آخِرَتِهِ، وَالْمَخْلُوقَ عَلَى الْخَالِقِ؛ بِالْكَلْبِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَخْبَثِ الْحَيَوَانَاتِ، وَأَوْضَعِهَا قَدْرًا، وَأَخَسِّهَا نَفْسًا، وَهِمَّتُهُ لَا تَتَعَدَّى بَطْنُهُ، وَأَشَدُّهَا شَرُّهَا وَحِرْصًا، وَمِنْ حِرْصِهِ أَنَّهُ لَا يَمْشِي إلَّا وَخَطْمُهُ فِي الْأَرْضِ يَتَشَمَّمُ وَيَسْتَرْوِحُ حِرْصًا وَشَرَهًا، وَلَا يَزَالُ يَشُمُّ دُبُرَهُ دُونَ سَائِرِ أَجْزَائِهِ، وَإِذَا رَمَيْت إلَيْهِ بِحَجَرٍ رَجَعَ إلَيْهِ لِيَعَضَّهُ مِنْ فَرَطَ نَهْمَتِهِ، وَهُوَ مِنْ أَمْهَنِ الْحَيَوَانَاتِ، وَأَحْمَلِهَا لِلْهَوَانِ، وَأَرْضَاهَا بِالدَّنَايَا، وَالْجِيَفُ الْقَذِرَةُ الْمُرَوِّحَةُ أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ اللَّحْمِ الطَّرِيِّ، وَالْعُذْرَةُ أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ الْحَلْوَى، وَإِذَا ظَفِرَ بِمَيْتَةٍ تَكْفِي مِائَةَ كَلْبٍ لَمْ يَدَعْ كَلْبًا وَاحِدًا يَتَنَاوَلُ مِنْهَا شَيْئًا إلَّا هَرَّ عَلَيْهِ وَقَهَرَهُ لِحِرْصِهِ وَبُخْلِهِ وَشَرَهِهِ، وَمِنْ عَجِيبِ أَمْرِهِ وَحِرْصِهِ أَنَّهُ إذَا رَأَى ذَا هَيْئَةٍ رَثَّةٍ وَثِيَابٍ دَنِيَّةٍ وَحَالٍ زَرِيَّةٍ نَبَحَهُ وَحَمَلَ عَلَيْهِ، كَأَنَّهُ يَتَصَوَّرُ مُشَارَكَتَهُ لَهُ وَمُنَازَعَتَهُ فِي قَوْلَتِهِ، وَإِذَا رَأَى ذَا هَيْئَةٍ حَسَنَةٍ وَثِيَابٍ جَمِيلَةٍ وَرِيَاسَةٍ وَضَعَ لَهُ خَطْمَهُ بِالْأَرْضِ، وَخَضَعَ لَهُ، وَلَمْ يَرْفَعْ إلَيْهِ رَأْسَهُ".
    وقال في الفوائد (ص101): "فَهَذَا مِثلُ عَالم السوء الَّذِي يعْمل بِخِلَاف علمه".
    قلت: والفتّانون لا يريدون إظهار هذه الحقائق؛ من أجل أن يظلُّوا متمتعين بظلال هذا الخلاف متسترين تحته متغافلين عن سنن الله عز وجل التي لا تتخلّف ولا تتبدل، ومنها قول الله تعالى: {اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الأوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً}، وقوله تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ}، وقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}.. والله لهم بالمرصاد، فليحذروا !!
    • وأنا أسأل فضيلتكم أسئلة صريحة أناشدكم أن تتأملوا فيها:
    أولاً: هل إسقاط الدعوة السلفية في جلّ بلاد الإسلام بإسقاط حملتها من العلماء والدعاة الصادقين عن طريق حملات هؤلاء الذين وُسموا بـ"الصعافقة" وأذنابهم ضد هذه الدعوات -أحيانًا جهرًا وأخرى في الخفاء-؛ متخذين محمد بن هادي غرضًا لإسقاطها؛ متسترين بفضيلتكم، يعتبر عدلاً وإنصافًا ودفاعًا عن الحقِّ واجتماعًا لكلمة السلفيين؟!
    فإذا سقطت دعوات هؤلاء في هذه البلاد، مَن يخلُفُهم؟!
    هل يخلُفُهم الجهلة والمتعالمون من رويبضة النت المحجوبين خلف الشاشات، الذين تتلمذوا على برامج التواصل (الواتس آب – الفيس بوك – التويتر)، ولا شغل لهم إلا نشر الأخبار التي تثير الفتن وتشعلها من خلال هذه المواقع، بل جلُّ تصريحات هؤلاء المنشورة على مواقعهم إنما تدور في هذا الفلك، والأشياء التي لا يستطيعون التصريح بها يجنّدون لها مَن يقوم بها؟!
    و ثانيًا: هل هذا يتوافق مع نداء فضيلتكم منذ سنوات بالحفاظ على قوة السلفيين والعمل على لمِّ شملهم وتآلف قلوبهم والتآم صفوفهم ضد أصحاب الدعوات الماكرة؟!
    والقوم يسلكون مسلك ذي الوجهين، والذي جاء ذمُّه في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو الوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ».
    ونحن نعلم صبر فضيلتكم عدة سنوات على بعض أدعياء السلفية، نحو: عبدالرحمن بن عبدالخالق، وسفر الحوالي، وسلمان العودة، وأبي الحسن المصري، وعدنان عرعور، والمغراوي المغربي، وفالح الحربي، وعلي حسن عبدالحميد، ويحيى الحجوري.
    أفلا تصبرون على طلبتكم ومحبيكم الذين صحبوكم السنوات الطوال، حتى بلغت صحبة أحدهم ثلاثين سنة أو أكثر، والذين لم تجدوا منهم طوال هذه السنوات إلا الوفاء والصدق في المعاملة والأمانة والحرص على نصرة الدعوة السلفية وأهلها، والقوة العلمية في زجر وقمع أهل البدع والأهواء؟!
    وقد نشر الفتَّانون عن فضيلتكم أنكم حذَّرتم من عدد من المشايخ وطلبة العلم الفضلاء في عدد من البلدان!
    والسبب الجامع في التحذير من هؤلاء الأفاضل –المنسوب إلى فضيلتكم-: أنهم لا يحذِّرون من محمد بن هادي ويسكتون عنه أو يناصرونه!
    فهل يسقط كل هؤلاء وتسقط صحبتهم في أيام معدودات بسبب هذه المسألة، وبسبب وشايات كاذبة من أناس لا خلاق لهم؟!
    ولا نعلم أن أحدًا من هؤلاء ناصر محمد بن هادي على باطل، أو أقره على خطأ، بل بعضهم قد يخالفونه في بعض المسائل، وبعضهم ساكت لا يريد أن يدخل في الفتنة.
    ولا يعني هذا أني أبرئ محمد بن هادي من الخطأ، لا –والذي نفسي بيده-، فهو ليس معصومًا، ولا نتعصَّب له، ولا نقلِّده في خطئه إذا أخطأ!
    ولو سلّمنا جدلاً أن محمد بن هادي اشتد على هؤلاء الطلبة بصلَفٍ وتيهٍ –كما قال فضيلتكم-، فهذا لا يسوّغ لنا الطعن فيه وإسقاطه، بل اتهامه أنه أخسّ من الحدادية، وأنتم أدرى وأعلم بما ذكره ابن حبّان في "الثقات" (8/25) في ترجمة أحمد بن صالح المصري؛ حيث قال:
    "وَكَانَ أَحْمد هَذَا فِي الحَدِيث وَحفظه وَمَعْرِفَة التَّارِيخ وَأَسْبَاب الْمُحدثين عِنْد أهل مصر كأحمد بن حَنْبَل عِنْد أَصْحَابنَا بالعراق وَلكنه كَانَ صلفًا تيَّاهًا لَا يكَاد يعرف أقدار من يخْتَلف إِلَيْهِ فَكَانَ يحْسد على ذَلِك..."، ثم قال: "فَأَما هَذَا فَإِنَّهُ مُقَارن يحيى بن معِين فِي الْحِفْظ والإتقان كَانَ أحفظ بِحَدِيث المصريين والحجازيين من يحيى بن معِين، وَكَانَ بَينه وَبَين مُحَمَّد بن يحيى النَّيْسَابُورِي مُعَارضَة لصلفه عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ أَبُو زرْعَة الرَّازِيّ دخل عَلَيْهِ مُسلِّما فَلم يحدثه فَوَقع بَينهمَا مَا يَقع بَين النَّاس".
    قلت: ثم ذكر ابن حبّان هذه القاعدة التي تنفعنا في هذه الفتنة، وهي:
    [وَإِن من صحت عَدَالَته وَكثر رعايته بالسنن وَالْأَخْبَار والتفقه فِيهَا لما يجرى أَن لَا تخرج لصلف يكون فِي تيه وجد مِنْهُ، وَمن الَّذِي يتعرى عَن مَوضِع عقب من النَّاس أَو من لَا يدْخل فِي جملَة من لَا يلزق فِيهِ الْعَيْب بعد الْعَيْب].
    وقال أيضًا في الثقات (6/287):
    "وَلَا يسْتَحق الْإِنْسَان التّرْك بالْخَطَأ الْيَسِير يخطىء وَالوهم الْقَلِيل يهم حَتَّى يفحش ذَلِك مِنْهُ؛ لِأَن هَذَا مِمَّا لَا يَنْفَكّ مِنْهُ الْبشر، وَلَو كُنَّا سلكناه المسلك للزمنا ترك جمَاعَة من الثِّقَات الْأَئِمَّة لأَنهم لم يَكُونُوا معصومين من الْخَطَأ بل الصَّوَاب فِي هَذَا ترك من فحش ذَلِك مِنْهُ والاحتجاج بِمن كَانَ مِنْهُ مَا لَا يَنْفَكّ مِنْهُ الْبشر".
    قلت: وأما قضية القذف التي بنى عليها الصعافقة قصورًا من الرمال، فقد غلَوا فيها غلوًّا شديدًا، وحوَّلوها إلى قضية ولاء وبراء؛ كي يشغلوا السلفيين بها عن الانتباه إلى مخطّط التنظيم السري في إسقاط السلفيين في كافَّة البلدان مع إبقاء الضعفاء الذين اشتروا ذممهم ودينهم بوعود كاذبة من مال وشهرة ومتاع زائل.
    والأمر لا يتعدى أن يكون ذلَّة لسان من محمد بن هادي، والأمر –كما لا يخفى على فضيلتكم- صار مردُّه إلى القضاء في هذه المسألة، لكن هؤلاء صاروا يتلاعبون ويكذبون عند فضيلتكم؛ ليصوّروا لكم أن كلَّ مَن لا يتَّبعهم على إسقاط محمد بن هادي –وإن كان قد يخطِّئه- بأنه لا يرضى حكم الله عز وجل في مسألة القذف، وهذا كذب مبين يستحي منه كلُّ عاقل يحترم عقله، لكنه الهوى! فمن ذا الذي لا يقبل حكم الله سبحانه إلا كافر أو منافق زنديق، فهم بهذا الغلو ولجوا في منهج الخوارج دون أن يشعروا، متدثرين بكلمة حقٍّ أرادوا بها باطلاً! كما صنع الخوارج الأوائل لما تظاهروا رافعين شعار: "لا حكم إلا لله"، فقال عليٌّ: "كلمة حقٍّ أريد بها باطل".
    ولما حكم القضاء –بعد مداولات واستئناف- ببراءة محمد بن هادي، لم يقبلوا الحكم، وشغَّبوا عليه أيَّما تشغيب على طريقة حزب الإخوان المسلمين في كلّ من يخالفهم!
    وقد يوجد من يتعصّب لمحمد بن هادي من بعض الطلبة على جهل، كما يوجد مَن يتعصَّب لفضيلتكم على جهل أيضًا.
    وكذلك قد يوجد مندسون من المنافقين يسعون لإشعال الخلاف بين السلفيين، كما كان حال المنافقين قديمًا وحديثًا!
    وصدق أَيُّوبُ السختياني في قوله: «لَيْسَ تَعْرِفُ خَطَأَ مُعَلِّمِكَ حَتَّى تُجَالِسَ غَيْرَهُ».
    لكن الشاهد أنهم جعلوا محمد بن هادي غرضًا لإسقاط السلفية والسلفيين!
    فهل يُستبدل أفاضل القائمين بالدعوة السلفية –والذين تشهدون بجهودهم العلمية والدعوية- بأناس ما بلغ أحدهم مدَّ واحد من هؤلاء ولا نصيفه في الفضل والعلم والجهاد في نصرة المنهج السلفي؟!
    فكيف إذا كان هؤلاء ما زالوا –في الواقع- هم الذين يحملون على أكتافهم أعباء إقامة الدعوة السلفية –دعوة الفرقة الناجية-، ويرفعون لواءها في شتى البلدان.
    وأما الأدعياء فليس لهم –كما ذكرت- إلا حمل لواء الفتن عبر مواقع التواصل، أما جهودهم في التعليم والدعوة في واقع الناس فشبه معدومة ولا تأثير لها إلاّ قليلاً؟!
    فهذه آثارهم في كافة البلدان في إيذاء المسلمين، يشهد عليها عشرات الشهود الثقات، فكيف إذا ظهر جهلهم وتعالمهم في عدد من مسائل العقيدة والمنهج –مما بيّنا شيئًا منه-، مِمَّا لم يصر خافيًا على العقلاء.
    قال الأفوه الأودي:
    لا يصلح القوم فوضى لا سَراة لهم ولا سَراة لهم إذا جهالهم سادوا
    تهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت فإن تولت فبالأشرار تنقاد
    ولا يخفى على فضيلتكم ما نتج على هذه الدعوة بسبب الإسراف في الجرح، ومن قديم كان أئمة الجرح والتعديل يذمُّون هذا الإسراف، كما في ترجمة "أبان بن إسحاق المدني" –وهي أول ترجمة في ميزان الاعتدال للذهبي (1/5)، حيث نقل –رحمه الله- عن أبي الفتح الأزدي أنه قال في حقّ أبان: "متروك"، ثم ردّ عليه الذهبي قائلاً: "لا يُترَك، فقد وثَّقه أحمد والعجلي، وأبو الفتح يسرف الجرح، له مصنَّفٌ كبير إلى الغاية في المجروحين، جمع فأوعى، وجرح أناسًا بنفسه لم يسبقه أحد إلى التكلُّم فيهم..".
    بل لقد أنكرتم فضيلتكم على فالح الحربي هذا الإسراف في الجرح وإسقاط السلفيين المعروفين دون إبداء أسباب واضحة لهذا الإسقاط!
    وفي الأمس القريب قبيل وفاة الإمام الألباني –رحمه الله- بسنوات ظهر قرن سلمان العودة وسفر الحوالي وناصر العمر، وكان الشيخ الألباني –رحمه الله- يحسن الظن بهم، وإن كان لديه عليهم ملحوظات، وكان يأتي إليه طلبة العلم يجادلونه في شأنهم، وهو –رحمه الله- يسعى إلى تقليص هوة الشقاق وينصح المجادلين، ويطالبهم بالحجج على الطعن فيهم، في الوقت الذي كان فضيلتكم مع بقية علماء المدينة قد اتخذتم موقفًا صارمًا من مكرهم وتلاعبهم بالدعوة السلفية.
    وما أشبه الليلة بالبارحة! والأيام دول! فها هي الأيام تدور ونبتلى بما ابتليتم به في حياة مشايخكم، فنواجه عدوًا خسيسًا يكيد للسلفية وأهلها متسترًا بفضيلتكم، كما كان سفر وسلمان وناصر العمر يتسترون بابن باز والألباني وابن عثيمين –رحمهم الله-، فما الفرق؟!
    بل لقد عانيت فضيلتك أشد المعاناة من تستر أدعياء السلفية بالعلماء، فكم عانيت من تستر أبي الحسن مصطفى بن إسماعيل المصري، وعلي بن حسن الحلبي، وعدنان عرعور بالألباني وابن الباز والفوزان والعبّاد!
    وكذلك عانيت فضيلتك من تستر الحدادية بالمفتي والفوزان واللَّحيدان –حفظ الله الجميع-، مع إسقاطهم بقية العلماء السلفيين في كافة البلدان، فقد قلت فضيلتك في "شرح عقيدة السلف أصحاب الحديث" للصابوني (ص90-91/ط مجالس الهدى-الجزائر):
    "الآن علماء السلفية في المملكة سقطوا وما بقي إلا اثنان أو ثلاثة، وهم يتسترون وراءهم، مثلما كان يتستر ابن سبأ وراء أهل البيت؛ وراء علي!! كل صاحب فتنة يأتي له بستارة لا يأتيك هكذا مكشوفا (150) بالمائة، وإنما يضع له ستارة يقاتلك من ورائها وهكذا الحدادية الآن!
    الآن؛ علماء المملكة وعلماء الشام وعلماء الجزائر وعلماء الهند وعلماء الدنيا كلها، وكل علماء السلفية في العالم كلهم, هم وطلابهم أهل بدع! والحدادية هم أهل السنة المحضة ! لماذا سلفيتهم محضة؟ لأنها قائمة على الكذب والفجور! لهذا أئمتهم معصومون لا يخطّئون! بل صاروا كلهم معصومين إذا كانوا من هذه العصابة، لا يخطّئون؛ ولا أحد يخطِّئ أحدًا مهما كذب، مهما افترى، مهما خان، مهما ظلم، ومهما أجرم لا اعتراض عليه أبدًا، والحرب إنما هي على أهل السنة !!
    الآن؛ أهل الجزيرة سقطوا؛ الدعوة لمن؟ لأهل البدع! في مكة علماء السنة سقطوا لمن صارت الدعوة ؟ لأهل البدع! في المدينة علماؤها سقطوا لمن الدعوة؟ لأهل البدع! فالحدادية يخدمون سادتهم من أهل البدع؛ فتنبهوا لهم! لا أرى شرًّا منهم الآن، الروافض عندهم شيء من الأخلاق والأدب؛ الروافض عندهم كذب وفجور وخبث لكن لا يلحقون هؤلاء في الفجور والكذب وقلة الحياء وسوء الأدب وقلة المروءة! لا تجد أسوأ من هذه الطائفة وأقل أدبًا وأسوأ أخلاقًا وأقذر أخلاقًا منهم! افهموها واثبتوا على الأخلاق الإسلامية وربُّوا أنفسكم على الصدق والأخلاق العالية واحترام أهل العلم والفضل واحترام بعضكم بعضًا.
    هذه الفرقة تقوم على الكذب وهدفها التشتيت والتمزيق وغرس الأحقاد في نفوس السلفين خاصة".
    قلت: الله أكبر! وهذا عين ما يفعله "الصَّعافقة" –الحدَّادية الجدُد- اليوم! فكأن فضيلتك تنعت مكر "الصَّعافقة" نعتًا دقيقًا، والمضمون واحد، وإن اختلفت الصور والأجسام.
    فها هم يسقطون العلماء في كافة البلدان: في المدينة ومكة وجازان وجدَّة والكويت ومصر والجزائر وأندونيسيا والصومال ...إلخ! متسترين في هذا الإسقاط بفضيلتك وبالشيخ عبيد!
    وهذا عين صنيع الحدّادية الذي ذكرته فضيلتك، لكن هؤلاء الصَّعافقة –الحدَّادية الجدُد- يختلفون عن السابقين في استخدامهم المكر الخفي في هذا الإسقاط، مع التظاهر بأنهم هم الذين اعتُدي عليهم وظُلِمُوا، فقد مكروا مكرًا كُبَّارًا، فكان جزاؤهم من الملك الجبَّار أن استدرِجوا من حيث لا يعلمون، وما زالوا يُستدرجون إلى أن يُقضى على شرِّهم –بقوة الله- قضاء مبرمًا، ويذهبون إلى مزبلة التاريخ مع الحدَّادية القدامى!
    وقد تعلّمت من فضيلتك أصول وقواعد الردّ على المخالف، والتي من أهمها: أن يُؤتى بكلام المخالف ثم يردُّ عليه بالأدلة من الكتاب والسنة وفقه سلف الأمة، وهذا ما سلكته –والحمد لله- في ردودي في هذه الفتنة، وسلكته في سائر ردودي.
    وقد خضت مع فضيلتكم عددًا من المعارك العلمية ضد أعداء الدعوة السلفية والمخالفين لها، وتعلّمت من فضيلتكم خلالها كيفية الردود العلمية، وكانت هذه الردود سببًا في إحقاق الحق وإبطال الباطل، وما زلنا على ما نحن عليه –والحمد لله- لم نبدل ولم نغيّر.
    فأين كان هؤلاء لما كنا –وما زلنا- نتعرض للأذى من عدة جهات في داخل مصر وخارجها بسبب دفاعنا عن منهج فضيلتكم في التحذير من أهل البدع {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ ركزًا}.
    وفي خلال هذه المعارك السابقة مع المخالفين –المشار إليهم آنفًا-، كان يخالف فضيلتك عدد من العلماء، ولم يصدر من فضيلتك هذا الإلْحاق والإسقاط للعلماء وطلبة العلم –الذين قد يخالفونك في الحكم- بالجملة، بل كنت فضيلتك تبين خطأهم بالدليل والبرهان، مع حفظك لمكانتهم وعدم إهانتهم، بل كنت تعتبر الإلزام لهم بحكمك فيه نوع غلو، وقد أنكرت فضيلتك على فالح الحربي طريقة الإلحاق والإلزام، وبيّنت أنها أضرت الدعوة السلفية ومزَّقت أهلها.
    فلو سلّمنا جدلاً أن محمد بن هادي انحرف كما انحرف المذكورون، فإن سكوت بعض العلماء عنه ليس مسوِّغًا للطعن فيهم وإسقاطهم جملةً بطريقة الإلحاق والإلزام!
    فكيف إن كان هؤلاء الصعافقة قد ظهر شرُّهم في الآفاق، وسعوا إلى الفتنة والفرقة بكلّ ما أوتوا من أسباب طالبين العلو في الأرض بغيًا وعدوانًا وظلمًا، يحرّكهم تنظيم سري يريد تمزيق السلفيين.
    بل إن فضيلتك قد نصحت محمد بن إبراهيم آل سعدة المصري –المتعصِّب للحجوري- وذلك في الجلسة التي جمعتني مع فضيلتكم بهذا المتعصِّب منذ سنوات في بيتكم العامر بمكة في عصر 23 جمادى الثانية 1430 والجلسة مسجلة-، بأن يترك هذه الطريقة، وقلت له:
    " أنا أتكلّم، وابن باز، والألباني وغيرهما ساكتون.. أنا أتكلّم وأكتب، والمشايخ ساكتون، هل أقول لهم: تكلَّموا.. تكلَّموا..؟ كلٌّ يتكلَّم في حدود طاقته.. لا تلزم الناس أنك إذا تكلَّمت أن كلَّهم يأتون يقفون معك ويحاربون؛ لا، والله نحن نتكلَّم، وما أحد يساعدنا، ومع ذلك نراهم سلفيين".
    فقال محمد بن إبراهيم معترضًا على فضيلتكم: "هؤلاء أصولهم سلفية".
    فأجبتم –حفظكم الله-: "الذي أصله سلفي يُلام أكثر.. لكن يُصبَر عليه".
    وكان من روائع ونفيس كلمات فضيلتكم في هذه الجلسة، ما يلي:
    • "إذا رأيت في أخيك عيبًا أو نقصًا، فبينك وبينه، وكلُّنا لا نسلم من النقص، كلُّنا ذلك الرجل..".
    • "أنتم في ظروف ومواقف.. روافض غزوا بلادكم شيوعيون علمانيون صوفية قبورية غلاة كذا وكذا.. إذا رأيت بارقة أمل تنصر الدعوة السلفية تفرح بها وتشجّعها، لكن أنتم عددكم قليل في هذه الأمم والملل والفتن، ثم يأكل بعضكم بعضًا!.. ولو خالفك في بعض الجزئيات تفرح به تنصره وينصرك".
    • "إخوانك عندهم مواجهات: يواجهون الروافض بكتابات، يواجهون التيارات الجديدة التي تدَّعي السلفية، وهم كاذبون مثل محمد حسَّان وأمثاله، يواجهون هؤلاء، يواجهون الصوفية، هذه الأشياء كلّها..
    هذا أمر عظيم ليس سهلاً لا نستهين بهذا الأمر.. يُشجَّعون ويُثنَى عليهم، وفي مجلسك لا تتكلم بكلام يضره وينقصه! تكلّم بشيء ينفعه، تجعل الشباب الذين حولك يحترمونه، أنتم في غربة!".
    • "أنت تريد ناسًا معصومين؟!".
    • "أنت، وإن كنت تتبرأ من الحدادية ولكنك تشابههم".
    • "احترام الكبير في الإسلام له منزلة: ليس منا مَن لم يوقر كبيرنا ..".
    • "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وإن الله رفيق يحبُّ الرفق في الأمر.. هذا منهج يا شيخ {وإنك لعلى خُلُق عظيم}، الأخلاق لازمة ولا تمشي الدعوة إلا بهذه الأخلاق".
    • "القصيمي ألّف كتبًا كأنه شيخ الإسلام ابن تيمية، ثم وجد هذه المضايقات صار ملحدًا.. ألحد من هذه المضايقات ! القصيمي كتب –والله- وكأنه ابن تيمية، وكتب مؤلفات في الدعوة السلفية والذبّ عنها، وإذا قرأت له كأنك تقرأ لابن تيمية، قوة شخصية وقوة علمية عجيبة، وجد مضايقات من أناس متشدّدين..راح! ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نُزِع من شيء إلا شانه، وما فإذا نزعت الرفق من دعوتكم هانت وشانت وأصبح أصدقاؤكم أعداء!".
    • "نحن لما اختلفنا مع الحدَّادية، إذا واحد مريض طاح من المرض نشيله ونذهب به إلى المستشفى ونعالجه، والحدادي إذا طاح –وهو مريض- ينزل عليه، فإذا هو مات".
    • "لا تشهِّر بهم –أي بمن تخالفه- في المجالس، يطلعون تلاميذك كلهم مجانين!".
    • "أنا صابر على أبي الحسن أكثر من سبع سنوات، وصابر على فالح أكثر من عشر سنوات، وصبرت على عبدالرحمن عبدالخالق اثنى عشر سنة، أصبر ولا أشهِّر به ولا شيء.. إلى أن تمرد وطعن في العلماء وطعن في المنهج السلفي، ومجّد الأحزاب ومجّد الديمقراطية.. أنا أصبر.. الصبر طيب".
    فهذا نموذج لطالب مريض سلك مسلك الحدادية، وقد استعلى بنفسه، وظنَّ أنه –رغم حداثته وصغر سنِّه وتعالمه- له الحقُّ أن يتحكم في الدعوة السلفية، وأن يوجهها بما شاء! فوجد هذه الصفعات والنصائح العلمية من فضيلتكم.
    وقد قلت فضيلتكم: "مَن كان رافعًا لراية السنة، ونسقطه لخطئه؛ هذا مذهب الخوارج" [جلسة مع فضيلة الشيخ ربيع: الوجه ب].
    وهؤلاء الصَّعافقة لا يدركون منهج فضيلتك في الردِّ على المخالف المبني على الحلم والصبر والرفق والعلم، ولم يخوضوا مع فضيلتك أي معركة علمية ضد أدعياء السلفية، ولا يحسنون الردود العلمية أصلاً، ولا يعرفون أصولها، ولذلك بدت الركاكة والهذيان والضعف الشديد في نقولاتهم وردودهم، وصاروا في كل يوم ينشرون تصريحات وبيانات وعبارات ركيكة –وينسبون بعضها إلى فضليتك- دون مراعاة المصالح والمفاسد مما أساء إلى الدعوة السلفية –وإلى دعوتكم- أيَّما إساءة، وغرضهم الانتصار لأنفسهم وإسقاط كلّ مَن لا يوافقهم ويصير تبعًا لهم.
    وقد قلت فضيلتك في الإنكار على محمد إبراهيم سعدة:
    "والله يفرح الأعداء بهذه المواجهات، وتضعف الدعوة السلفية وتهون في أعين الأعداء، ويقولون: هؤلاء لو كانوا على دين صحيح، ما كنت ترى هذه المهاترات".
    وقال فضيلتكم في مقال "الحلبي يدمر نفسه بالجهل والعناد والكذب: الحلقة الثانية" (ص220-221/عمدة الأبي):
    "وكم لي أنا خاصة من الدعوة إلى هذا المنهج، لا أكاد أفتر منه في دروسي وفي نصائحي، وخاصة في مخاطبتي للسلفيين، ولقد كان السلفيون من عرب وعجم، وفي مختلف البلدان متآخين متحابين، لا اختلاف بينهم في العقائد والمناهج والأصول، وقد أدركتُ هذا أنا وغيري ممن يهمه أمر السلفية والسلفيين، حتى جاء أهل الفتن والتحزب الفاجر، ومنهم حزب الحلبي، وعلى رأسه هو وعدنان عرعور، وأبو الحسن المصري المأربي، فأثاروا الفتن وأسباب التفرق والتمزق، ومنها الدفاع عن الضلالات الكبرى، وتولي أهل البدع والضلال، ومحاربة أهل السنة، والتأصيل الخبيث لهذه الحرب وهذه الفتن، دائبين على ذلك، على امتداد عقدين من الزمن، ولا سيما هذا الحلبي الذي يضرب ويضرب، ويشتكي ويبكي ويتباكى، ثم يلصق أفاعيله وأفاعيل حزبه الماكر بالسلفيين الأبرياء".
    قلت: وكذلك نقول ... بعد أن خمدت فتنة أبي الحسن، وعدنان عرعور، ثم فتنة الحلبي، ثم فتنة فالح الحربي، ثم فتنة الحجوري، وفتن الحدّادية، وبدأ السلفيون في لمّ الشمل ومحاولة استعادة القوة خاصة بعد فشل مخطَّط الربيع العربي؛ فجاء "الصعافقة" –الحدَّاية الجدُد- ومزقوا السلفيين كلَّ ممزق، وأفرحوا فيهم أعداءهم!
    وكان الأعداء يمهدون لهذا الشرِّ -في الخفاء- منذ سنوات عن طريق تجنيد من استطاعوا تجنيده من أعضاء المجالس السرية، الذين كانوا يستخفون في هذه المجالس لوضع الخطط الماكرة لإسقاط السلفيين.
    وقد صدق عليهم ما ذكرتموه في مقال "بيان الجهل والخبال في مقال حسم السجال "الحلقة الأولى" (ص359-360/عمدة الأبي): "وهي فتن قد خطَّطوا لها قبيل وفاة الشيخين ابن باز والألباني-رحمهما الله-، وهذا التخطيط الإجرامي لإحداث الفتن وإسقاط العلماء، وربط الشباب والدعوة السلفية بأشخاصهم أمر ثابت، وعندنا وثيقة أطلعنا عليها بعض من يهمهم أمر الدعوة السلفية وعندنا شهود على هذا الربط، وواقعهم أكبر شاهد على هذا الإسقاط وهذا الربط ومواقفهم وتأصيلاتهم وأعمالهم وولاآتهم لخصوم الدعوة السلفية واضحة.
    ومن مكايدهم ومكرهم أنهم يتباكون على الدعوة ويتباكون على العلماء الثلاثة ابن باز والألباني والعثيمين.
    وهذا بكاء التماسيح فهم من أشد الناس فرحًا بموتهم، والدليل على هذا مؤامرتهم على الدعوة وعلمائها وشبابها قبيل وفاة هؤلاء الأعلام.
    ثم تنفيذهم لهذه المؤامرة الدنيئة بعدوان وإثارة عدنان عرعور للفتنة في أوربا، ووقوف الحلبي وأبي الحسن والمغراوي إلى جانبه.
    ثم ببغي المغراوي وعصابته على أهل السنة ووقوف هذه العصابة إلى جانبه.
    ثم ببغي أبي الحسن وعدوانه ووقوف هذه العصابة إلى جانبه، ثم ببغي علي الحلبي وعدوانه ووقوف هذه العصابة إلى جانبه.
    كل هذا يعقبه ويرافقه صبر طويل ومناصحات من أهل السنة".اهـ
    قلت: ما أشبه الليلة بالبارحة!
    فهذا البخاري، وعرفات، والزهراني، وعبدالإله، وفوَّاز، وعبدالواحد، وصعافقة ليبيا، وصعافقة اليمن، وصعافقة الجزائر، وصعافقة أوروبا... إلخ يقومون –قبيل وفاة: ربيع بن هادي وحسن عبدالوهَّاب –حفظهما الله- بالتخطيط لإحداث الفتن وإسقاط العلماء والقائمين بالدعوة السلفية في كافة البلدان، وربط الشباب والدعوة السلفية بأشخاصهم، وهذا أمر ثابت قد تقدم ذكر بعض الدلائل والبراهين عليه! وواقعهم أكبر شاهد على هذا الإسقاط!
    ومن مكايدهم ومكرهم أنهم يتباكون على الدعوة، ويتباكون على: ربيع بن هادي، ويدّعون أنهم هم المدافعون عنه، وهذا بكاء التماسيح، والدليل على هذا مؤامرتهم على الدعوة السلفية وعلمائها.
    ورغم بغي هذه العصابة وعدوانها الظاهر على السلفيين، إلا أن هناك مَن يزال يتعاطف معهم ويقف بجانبهم ويساندهم في الظاهر والباطن، والله المستعان!
    وكم صبر السلفيون على بغي الصعافقة وأذنابهم في كافة البلدان، وكان هذا البغي يعقبه ويرافقه صبر طويل ومناصحات، لكن لا حياة لمن تنادي!
    هذا هو الواقع الأليم الذي يعيشه السلفيون بسبب هذه العصابة!
    والمحلّل البصير بالأحداث يدرك أن السيطرة على الشيخ عبيد كانت خطوة أولى على الطريق، وقد نجحوا فيها من سنوات؛ حيث تمكنت هذه العصابة من حصر الشيخ فيهم، فلا يدخل أحد عليه إلا بإذنهم، ولا يُبلَّغ بالأخبار الخارجية إلا عن طريقهم، فتخرج فتواه على حسب هواهم؛ تبعًا لما يلقونه على مسامعه!
    ثم كان الهدف الأكبر هو إخضاع العلامة ربيع بن هادي المدخلي –وكان أمر صعب المنال بادي الرأي-، لكن القوم لديهم دأب عجيب في الإلحاح لإثارة الفتن!
    وكان من تمام المخطّط أن يسعوا جاهدين إلى إسقاط هيبة ربيع بن هادي عند السلفيين عن طريق الالتفاف حوله بهذه المجموعة، تحت دعوى خدمة ومساعدة الشيخ، وأنهم أولى بذلك من غيرهم؛ فكانوا يظهرون له أمورًا ويخفون أخرى؛ لتمرير المخطّط الخبيث لإسقاط مَن يريدون إسقاطه بالتحريش والكذب أحيانًا، وأخرى بإبراز أخطائه وتتبع عثراته؛ مستغلين حبّ فضيلتكم لنصرة الحق وجمع الكلمة.
    فمن هو الذي فرَّق السلفيين؟ ومن هو الأخس من الحدادية؟ ومن هو ... إلخ؟!
    ووالله ما صدعت بهذه الحقائق إلا التزامًا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي جاءت في حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ فِي حَقٍّ إِذَا رَآهُ، أَوْ شَهِدَهُ أَوْ سَمِعَهُ"، قَالَ: وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: "وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ".
    وفي رواية: قَالَ: فَبَكَى أَبُو سَعِيدٍ، وَقَالَ: «قَدْ، وَاللَّهِ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ فَهِبْنَا»([5]).
    وما أروع الكلمة التي تفضلتم بها كما في " نفحات الهدى والايمان من مجالس القرآن" (ص128):
    "الذي يدعي السلفية، إذا جاءت الفتن ينسى الشهادة لله -مع الأسف الشديد-، أما السلفي الصادق، فيؤدي الشهادة لله - تبارك وتعالى - ويقول الحقَّ وينتصر للحق ويشهد بالحق.
    والسلفي المزيف تظهره الفتن وتكشف حقيقته وتكشف زيفه، فكونوا شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين أو الأقربين".اهـ
    قلت: فقد تعلمنا منكم أن نقول الحق، ولو كان مرًّا، أو غير مقبول عند الأكثرية، وها نحن نسير على خطاكم في قولة الحق محتسبين غير مبالين بإرهاب المتعصِّبين.
    وما أحسن ما رواه أبو بكر أحمد بن محمد بن الحجَّاج المرُّوذي في "أخبار الشيوخ وأخلاقهم" (351) حيث قال: سمعت الوَرْكاني أو غيره يقول: سمعت سفيان بن عيينة يقول: ها هنا رجل يقول: "إذا كنت عبدًا لله كنت رجلاً صالحًا، فما أبالي ما قال الناس فيَّ".
    • ومن ثَمَّ نقول بصوت مرتفع:
    نحن أحقُّ من الصعافقة بربيع بن هادي وعلمه وأصوله –التي هي أصول المنهج السلفي التي قضى عمره في الدفاع عنها قبل أن يغتالها الصعافقة-: هذه حقيقة واقعة؛ حيث إن هؤلاء الصعافقة ما قدَّموا للعلامة ربيع إلا الفتن والأذى وتشويه دعوته التي قضى فيها عمره، فقد ابتُلي بهذه الحثالة التي أساءت إليه إساءات ما تمكن منها أعداؤه الظاهرون طوال رحلة دعوته.
    وأما طلبته الأوفياء –إن شاء الله- فقد كانوا عبر رحلة دعوته مناصرين له في الحقِّ عبر ردود علمية رصينة كانت سببًا في إعلاء راية السنة والمنهج السلفي في شتى البلاد، ونالهم في سبيل هذا من الأذى ما نالهم، ثم يأتي هؤلاء الأحداث كي يشوهوا جهاد هؤلاء الصادقين ويصورون أنفسهم حماة للشيخ ربيع ودعوته .. خسئوا!
    وأقول: لك الله يا شيخنا!
    فقد عشت حياتك في جهاد شريف تدافع عن معتقد أهل الحق ضد المحرّفين والمؤولين والمتلاعبين والمتعصِّبين من أهل الأهواء والبدع والحزبية، ثم ابتليت في آخر العمر بأبناء عقَقَة! {وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}.
    هؤلاء الأبناء الذين فتحت لهم بيتك العامر، وأكلوا على مائدتك، ثم إذ بهم –في غفلة منك- يدسون السمَّ –لا في الطعام- إنما في قلبك على أبنائك الشرفاء الأمناء البَرَرَة.
    وما زال أبناؤك الشرفاء الأمناء البَرَرَة –الذين هم حافظون للعهد- يتابعون نظرات الخيانة والغدر في أعين هؤلاء العقَقَة الخونة كلّما زاروا فضيلتك!
    هؤلاء العقَقَة قد امتلأت قلوبهم غلاًّ وحقدًا وحسدًا على أبنائك البرَرَة الذين ربيتهم على عينك، وكانوا دائمًا درعًا واقيًا للحقِّ الذي بذلت عمرك في الذبِّ عنه، في الوقت الذي كان فيه جلُّ هؤلاء يترنحون في أهواء شتى، فمنهم من كان سروريًّا أو مأربيًّا أو حلبيًّا أو كان ما زال في رحم أمِّه لا يعلم شيئًا.
    وهذا حسامك الشريف الذي طالما أشهرته لتفلق به رءوس المبتدعة والمبطلين، أراد الصعافقة أن يشهروه كي يفلقوا به رءوس السلفيين.
    وهذا جوادك المضمّر الذي طالما امتطيته لإغاثة الحقّ وأهله، أراد الصعافقة أن يمتطوه لإضعاف الحق وأهله.
    لكن الصعافقة العقَقَة لما علِموا قوة حسامك البتّار وسرعة جوادك المهزار؛ سعوا بخبث ومكر ودهاء في خلسة إلى تحييدهما من فوق رءوس أمثالهم؛ كي يُوَجَّهوها إلى نحور أبنائك البَرَرَة.
    لكن أبشر شيخنا الهمام فقد خلَّفت رجالاً ربيتهم على عينيك؛ كي يحموا المنهج السلفي إذا أراد العدو الخائن الخسيس أن يطعن فيه من الخلف، بعد أن سرق حسامك، وامتطى جوادك متلثمًا ليخدع الحمقى.
    فو الذي نفسي بيده، لن نكلَّ ولن نملَّ –مستعينين بالقوي العزيز- عن المضي في جهادنا الشريف لكشف ألاعيب الخسيس الغادر الخائن الذي لا يخفى له طمع –وإن دقّ- إلا خانه.
    فأقول: وكأني أشعر باستجابة الله سبحانه لدعائك الذي دعوته لولدك خالد من حوالي خمسة عشر عامًا حيث قلت: "وإني لأرجو له أن ينفع الله به، أرجو له الثبات على هذا المنهج، وأن ينفع الله به الشباب في مصر، لنشر المنهج السلفي في أوساطهم، ودفع الشبهات التي يقذفها أهل الفتن والأهواء على هؤلاء الشباب، وأسأل الله أن يُكثِّر من أمثاله".
    قلت: وكما صنَّفت "دفع الجائر الصائل على العلامة ربيع بن هادي والمنهج السفلي وأئمته بالباطل" انتصارًا لفضيلتك وللمظلومين من السلفيين، أصنَّف "انتصارًا للمظلومين..! إحقاق الحق وإبطال الباطل في فتنة الصعافقة المفسدين"!.
    والذي نفسي بيده ليس لي غرض من هذه الرسالة إلا النصيحة والحرص على الإصلاح ما استطعت؛ حفاظًا على الدعوة السلفية وعلى الأمناء القائمين بها، ومن باب رفع الأمانة عن عاتقي في هذا الشأن إعذارًا إلى الله سبحانه {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
    والله من وراء القصد، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.
    وصلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.
    وكتب
    أبو عبدالأعلى خالد بن عثمان المصري
    شهر رجب 1441 ه
    القاهرة – مصر
    وانتهاء في ضحى الأربعاء 6 رمضان 1441
    نواكشوط - موريتانيا
    رابط الملف PDF

    ([1]) انظر: "إرشاد الطالبين إلى المنهج القويم" (ص392)، و"التمذهب: دراسة نظرية نقدية" (3/1438).
    ([2]) تغريب الألقاب العلمية (ص18-19).
    ([3]) مقدّمة تحقيق كتاب "الشعر" لأبي علي الفارسي (ت 377)؛ تحقيق: محمود الطناحي.
    ([4]) "مقالات كبار العلماء في الصحف السعودية القديمة" (5/228).
    ([5]) أخرجه أحمد في مسنده (17/61) من طريق سُلَيْمَانَ بن طرخان عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وإسناده صحيح، وتابع سلميان: عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، أخرجه الترمذي (2191)، وابن ماجه (4007)، والحديث صحَّحه العلامة الألباني –رحمه الله-.



    التعديل الأخير تم بواسطة أسامة أبو عبد الرحمن; الساعة 2020-05-03, 11:32 PM.

  • #2
    حفظ الله شيخنا الهمام خالد عثمان على مايقوم به من جهود جبارة في قطع دابر الصعافقة.

    تعليق


    • #3
      ماشاء الله ، والله الشيخ خالد دائما ما يثلج صدري بهذه المقالات والردود ..
      جزاه الله خيرا

      تعليق


      • #4
        جزى الله الشيخ خالدًا خير الجزاء على كشفه لهذا الحزب الجديد

        تعليق

        الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
        يعمل...
        X