إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دروس وعبر من فتنة الصعافقة [ الفائدة الرابعة]

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دروس وعبر من فتنة الصعافقة [ الفائدة الرابعة]

    بسملة

    دروس وعبر من فتنة الصعافقة
    4) الرجوع عن الخطأ رفعة لا سقطة

    ------

    الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل – عليهم الصلاة والسلام – بقايا من أهل العلم، يدعون مَنْ ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصِّرون بنور الله تعالى أهل العمى، فكم قتيلٍ لإبليس قد أحيوه؟!، وكم ضالٍّ تائهٍ قد هدوه!، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم. ينفون عن كتاب الله تعالى تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين[1]. علم الله منهم صدقهم فرفعهم، وأجرى ذكرهم بالتبجيل والتقدير. تميزوا عن غيرهم برجاحة العقول وسمو النفوس. ولزوم الحق وطلبه في الصدور و الورود. والتنبيه عليه في الصغير والكبير. والرجوع عن الأخطاء في العلن، شعارهم ودثارهم مدى أعمارهم. طلبوا الكمال من بابه، ولم يتخذوا سوى الحق والصدق مأوى لهم. فإن بحثت في الأمم عن أمثالهم قليل لا تجد، وإن نظرت في سيرهم وقرأت أخبارهم تلقى العجب.
    قال الإمام المفسِّر البقاعي[2]رحمه الله :« ما تركتُ أحداً ممَّن يلم بي إلا قلتُ له: المراد الوقوفُ على الحق من معاني كتاب الله تعالى، والمساعدةُ على ما ينفع أهل الإسلام، فمَنْ وجد لي خطأ فليخبرني به لأصلحه، ووالله الذي جلتْ قدرته وتعالتْ عظمته لو أنَّ لي سعة تقوم بما أريد لكنتُ أبذل مالاً لمن ينبهني على خطئي، فكلما نبهني أحدٌ على خطأ أعطيته ديناراً. ولقد نبهني غيرُ واحد على أشياءٍ فأصلحتُها، وكنتُ أدعو لهم وأثني عليهم، وأقولُ لهم هذا الكلام ترغيباً في المعاودة إلى الانتقاد، والاجتهاد في الإسعاف بذلك والإسعاد».
    بل أعجب من هذا كله أن يرد على نفسه بنفسه، ويبين أنه أخطأ. وانظر إن شئت في تنبيه واستدراك العلامة أبي عبد المعز محمد علي فركوس - حفظه الله تعالى - على نفسه، في نصِّ الفتوى الموسومةِ ﺑ «عدمِ فاعليّةِ السّببِ الوضعيِّ بنفسِه» التي نشرت بمجلة الإصلاح[3].
    التَّــــبَـصُّرُ فِي الْأُمُورِ كُلُّهُ مَكَاسِبْ *** وَشَواهِــــــدُ الـحَـالِ بِتَحْسِيـــــــــــنُهُ أَدِلَّهْ
    والنَّصِيحَةُ بَثُّهَا فِي الْخَلْقِ وَاجِبْ *** وَالرُّجُوعُ لِلْحَقِّ دِينٌ فِي كُلِّ مِلَّـــهْ[4]


    وإن تعجب فعجب أمرهم، شهد لهم العدو قبل الصديق، والمخالف قبل الموافق. قال أحدهم : الشيخ أزهر سنيقرة رجل أعيى خصومه في سرعة رجوعه إلى الحق. أي ما ترك لهم ولا فرصة*. عكس من ثبتت في حقهم بعض الأخطاء المنهجية. عاندوا وكابروا وتمادوا ولم يعترفوا. بل أصروا عليها فجادلوا عنها بالباطل. واعتبروا الرجوع عنها نقيصة. وما علموا أن الرجوع إلى الحق فضيلة .. يكفيهم لو عقلوا أن من دعائه صلى الله عليه وسلم كان:« اهْدِنِي لَمِا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإذْنِكَ، إنّكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم » [5].
    *******

    فصل :
    مما يحجز في النفس ويكلم الفؤاد أن تجد من طلبة العلم وبعض المنتسبة إليهم لا يرقبون في المؤمنين إلاّ ولا ذمة، تزداد قناعتك وثقتك أكثر بما حوته الأدلة والبراهين التي أدانتهم، يدعون غيرهم من دعاة الحق إلى الاجتماع.
    قال فضيلة الشيخ العلامة الفقيه المحدث أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله :« ﻻ اﺟﺘﻤﺎﻉ للأﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻖ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻉ ﻟﻠﻌﻠﻤﺎء اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﻴﻦ؛ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭاﻟﺴﻨﺔ؛ ﻋﻠﻰ ﻓﻬﻢ ﺳﻠﻒ اﻷﻣﺔ، ﻭاﻷﺧﺬ ﻋﻨﻬﻢ، ﻭﺣﻔﻆ ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﻢ، ﻓﻬﻞ ﻧﺮﻯ ﺭﺟﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﺎﺓ ﻭﺟﻤﺎﻫﻴﺮﻫﻢ ﻟﻬﺆﻻء اﻟﻌﻠﻤﺎء؟! ﻫﻞ ﻧﺮﻯ ﻋﻮﺩﺓ ﺻﺎﺩﻗﺔ، ﻭﺗﻮﺑﺔ ﻧﺼﻮﺣﺎ؟!
    ﺇﻧﻨﺎ ﻧﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﺪﻋﺎﺓ ﻋﻮﺩﺓ ﺻﺎﺩﻗﺔ؛ ﺻﺎﻓﻴﺔ؛ ﻧﺮﻳﺪ ﺭﺟﻮﻋﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ؛ ﻻﺗﺮاﺟﻌﺎ ﺷﻜﻠﻴﺎ ﻳﺆﻣﻦ ﻟﻬﻢ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﺪاﻓﻬﻢ اﻟﻤﺸﺒﻮﻫﺔ، ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺃﺻﻮﻟﻪ، ﻭﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻭﺻﻮﻟﻪ؛ ﻻﻧﺮﻳﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺮاﺟﻌﺎﺕ اﻟﺘﻲ ﻻﺗﻌﺪﻭ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺮاﻭﻏﺎﺕ ﻗﺪﻣﻮﻫﺎ ﺛﻤﻨﺎ ﻟﻠﺘﻐﺰﻝ ﺑﺎﻟﺼﺤﻒ ﻭاﻟﻘﻨﻮاﺕ اﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ، ﻓﺘﺼﺪﺭﻭا ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻴﺼﺪﺭﻭا ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﻨﺎﻫﺠﻬﻢ؛ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻲ ﺿﻼﻝ اﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺱ، ﻓﺎﻟﺴﺎﺣﺔ ﺃﻛﺒﺮ، ﻭاﻟﺴﺎﻣﻊ ﺃﻛﺜﺮ»[6]
    فمن علامات الخزي والخذلان إنتهاجهم لطرق أهل الغواية والأهواء، لإضلال السلفيين والانحراف بهم عن أصول منهجهم، يخدعونهم بطرق من التلبيس والخداع والمكر، متمسحين بالأكابر ليظهروا الحق في صورة الباطل، ويبطلون الباطل في صورة الحق. فمن إعتقد منهم أن الناس قد اتفقوا على الخطأ في ذلك فهو أولى بالخطأ منهم. وقد اشتد حنقهم على إخوانهم ممن خالفوهم فرموهم بمنهج الحدّادية. وقّعدوا بعدم موافقة الأكابر طعنا لهم.
    قال العلامة ربيع بن هادي المدخلي – سلّمه الله تعالى – في رده على المليباري : « تجرّأ هذا المتهور على هذه الأحاديث كلها فنسفها نسفا بناءً على منهجه الخطير الفاسد المُؤدِّي إلى تدمير صحيح الإمام مسلم الذي تلقَّته الأمَّة بالقبول ,ثمَّ ادَّعَى أنَّها كلها منتقدة ثمَّ لماَّ أدرك هول ما ارتكبه عمدا خوفا من ملاحقته وإدانته بهذه الكارثة قال متخلصا من جريرته الشنعاء : ( قد أخطأت خطأ فاحشاً في قولي :" مع أنَّ الشواهد كلها منتقدة " ) .
    وأسباب تبديل قوله : ( كلُّها منتقدة ) بقوله : ( بعضها منتقدة ) أنِّي طلبت هذا البحث منه بواسطة الأخ سيف الرحمن فاضطرَّ إلى هذا التبديل الذي لا دافع له إلاَّ الخوف من البشر لا من الله (!) ولو كان يُراقب الله لما فعل هذه الأفاعيل »[7]إهـ.
    أليس هذا ما اشترطه مشايخنا على مشايخ الإصلاح أول الأمر، لأن لا يقع منهم التلاعب في الأصول، كما أدرك حفظه الله تعالى تلاعب الميليباري.
    ليُقال: تابوا، من غير إصلاح ولا بيان. ﴿مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [8].


    ـــــــــــــــــــــــــــ
    [1]- اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية ، لإبن القيم الجوزية (ص١٠٦) ؛
    [2]- مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السِّوَرِ(١/١٠٥)؛
    [3]- تنبيه واستدراك. أنظر المقال على موقع فضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس - حفظه الله تعالى -؛
    [4]- ميزان الذهب في صناعة شعر العرب (ص۱٤٥)؛
    *- تراجع الوالد الشيخ أزهر سنيقرة – حفظه الله تعالى – و إعتذاره لا يعني أنه كل مرة يكون مخطئا، فليس كل إعتراض أو انتقاد يكون صحيحا. بل هو دليل على تقديره العلاقة مع الآخرين وأنه يمنحها أهمية كبيرة؛
    [5]- رواه مسلم (٧٧٠
    [6]- الفتاوى الجليَّة عن المناهج الدَّعويَّة ، الصفحة : (٢/١٥) ؛
    [7] - عقيدة المليباري و منهجيته الخطيرة في دراسة السنة و علومها – أنظر المقال على موقع الشيخ ربيع حفظه الله تعالى؛
    [8]- [ الصافات ١٥٤].
    يتبع بإذن الله تعالى ...
    أبو عبد الرحمن محمد صالحي
    -عفا الله عنه وغفر لوالديه-
    عين مران في ٠٦ من رمضان ۱٤٤١ هـــ

    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2020-05-03, 11:58 AM.

  • #2
    جزاك الله خيرا وبارك فيك أبو عبد الرحمن

    تعليق

    الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
    يعمل...
    X