إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دروس وعبر من فتنة الصعافقة [ الفائدة الثالثة ]

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دروس وعبر من فتنة الصعافقة [ الفائدة الثالثة ]

    بسم الله الرحمن الرحيم
    دروس وعبر من فتنة الصعافقة
    3)
    من البر؛ السكوت عن طعن العالم وترك الرد عليه:

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه والتابعين. ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،أما بعد:
    لقد حث السلف رحمهم الله إلى تعلم الأدب قبل العلم، لأن الأوعية السيئة إذا حشيت علما أساءت إليه وحطت من مكانته. قال يوسف بن حسين الرازي: « بالأدب تفهم العلم، وبالعلم يصح لك العمل، وبالعمل تنال الحكمة، وبالحكمة تفهم الزهد، وبالزهد تترك الدنيا وترغب في الآخرة، وبذلك تنال رضا الله» إهـ [1]. ولا يُنالُ العلم إلا بإلقاء السمع مع التواضع، فعن الشعبي رحمه الله قال: « صلى زيد بن ثابت على جنازة ثم قرّبت له بغلة ليركبها، فجاء ابن عباس فأخذ بركابه، فقال له زيد: خل عنه يا ابن عم رسول الله ﷺ فقال ابن عباس : هكذا يُفعل بالعلماء» إهـ [2].
    أُهِينُ لَهُمْ نَفْسِي لأُكْرِمَهَا بِهِمْ *** وَلَنْ يُكْرِمَ النَّفْسَ الَّذِي لَا يُهِينُهَا [3]
    فالعالم حقه التوقير والتبجيل من غير تقديس، لا يُنسى فضله فَيُثنى عليه كلما ذُكر، ويُدعى له ولا يُسمى باسمه حتى في غَيبته، تُرد غِيبته ويُغضَبُ لها. يُراعى فيه العلم والأدب. فيُقتدى بحركاته وسكناته. بل كان السلف رحمهم الله يتصدقون ببعض أموالهم يرجون بركة علم معلمهم[4]. بل لهم من الفضائل ما يطول ذكره. ومِن أقلّها أن يُعامل معاملة الوالد، لإن الرحم التي بين طالب العلم وشيخه لا تقل عن الرحم بين الأقارب وذوي الأرحام. قال النووي رحمه الله : « الشيوخ في العلم آباء في الدين، ووصلة بينه وبين رب العالمين، فكيف لا يقبح جهل الأنساب، والوصلة بينه وبين ربه الكريم الوهاب، مع أنه مأمور بالدعاء لهم، وبرهم، والثناء عليهم، والشكر لهم » إهـ [5]. قال الشاعر:
    أُفَضِّلُ أُسْتَاذِي عَلَى فَضْلِ والِدِي *** وَلَنْ يُكْرِمَ النَّفْسَ الَّذِي لَا يُهِـــينُــــــــــهَا
    فَــهَـــــذَا مُربِّـي الرُّوحِ وَالرُّوحُ جَوْهَـرٌ *** وَذَاكَ مُرَّبِي الجِسْمِ والجِسْمُ كالصَّدَف

    فلما كان العالم والشيخ مع طالبه بمنزلة الوالد مع ولده، وجب الصبر عليه. لأن الوالد قد يصدر منه بعض الجفاء وشيء من الغلظة، قال ابن جماعة رحمه الله : «أن يصبر على ما قد يصدر منه من جفوة أو سوء خلق، ولا يصده ذلك عن ملازمته والاستفادة منه، ويحسن الظن بأستاذه، ويتأول أفعاله التي يظهر أن الصواب خلافها على أحسن تأويل، ويبدأ هو عند جفوة أستاذه وشيخه بالاعتذار، وينسب التقصير إلى نفسه، ويجعل العَتْبَ عليها، فإن ذلك أبقى لمودة شيخه، وأحفظ لقلبه »
    إِنَّ الــمـُـعـَلِّمَ والطَّــبِــيـــــبَ كِلاهُـــــــمَا *** لاَ يَنْصَـــــحـــــَـانِ إِذا هُـــــــمَا لــم يُـــكْـــَرمَا
    فَاصْبِرْ لِدَائـِــــــكَ إِنْ أَهَــــنْـــتَ طَبِيبَهُ *** وَاصْـــبِرْ لـــِـجَهـْـــلكَ إِنْ جَفَوْتَ مُعَلِّمًا[6]
    وعلى الحاذق الرصين تحمل الجفاء والإجلال من شيخه بل الضرب أحيانا، فما بالك بالطعن أو التحذير منه. قال العلامة محمد بن هادي المدخلي - حفظه الله تعالى- : « الشيخ ربيع والدي وللوالد أن يقول في ولده ما يشاء. ثم قال : وشيخنا حفظه الله تعالى معذور لأنه لم ير. والآن ولله الحمد قد رأى العالم كله بعض الدلائل التي كانت عندي »[7] . وقال الشيخ أبو عبد الله أزهر سنيقرة – حفظه الله تعالى- : «لأجل هذا عَذَرْنَا صَنِيعَ الشّيخ، وحملنا كلامه على ما أدّاه إليه اجتهاده بناء على ما نُقل إليه مِن أخبار مُجانبة للصّواب، فيكون في ذلك مجتهدًا أصاب أجر الاجتهاد إنْ شاء الله تعالى» [8].
    ليتحلى جواب الولد مع والده بحسن البيان والأدب الراقي حال مخاطبته، محتسبا مجيبا لا رادا. مادا يد الصلح والاجتماع على الحق لا على غيره لمن رام الاجتماع حقيقة وصدقا لا كذبا وادعاء.

    لذا احرص يا رعاك الله، أن تلتحق بالركب الصحيح من العلماء الثقات. فمن ذا الذي يخلف العالم إن هو مات. قال بعض السلف[9] : «العالم مثل الحمى، والحمى هي عين الماء الحار الذي يستشفى به بالاغتسال فيه، يأتيه البعداء ويتركها الأقرباء، فبينما هي كذلك إذا غار ماؤها، يعني مات العالم، وقد انتفع بها، وبقي قوم يتفكنون، يتندمون: يا ليتنا لحقنا على فلان، يا ليتنا أتينا فلانا!» إهـ.

    *******
    = فصل

    لقد أدرك الصعافقة أعداء العلماء، أهمية الصلة التي تجمع المشايخ بعضهم بعضا، بل السلفيين مع علمائهم عموما. فسعوا ليل نهار إلى التحريش بين الشيخ ومحبه، بإثارة القلائل وتناقل الأكاذيب. حين انسلخوا من أخلاق السلف كما تنسلخ الحية من جلدها، لا يراعون لشيخ حرمة ولايوجبون لطالب ذمة، مستثمرين البغاة مستنسرين البغاث. يريدون أن يضعوهم ويأبى الله إلاّ أن يرفعهم.
    هم يعرفون لعلمائنا حقهم، لا يخنعون ولا ينكسرون. يتقربون إلى الله بحب المشايخ غير مندفعين، لا يغلون فيهم ولا يطرونهم. قال الشيخ أزهر سنيقرة – حفظه الله تعالى- : «الشّيخ ربيع شيخُنا وحبيبنا والحقّ أحبّ إلينا مِن النّاس جميعا، ووالله وبالله مكانته محفوظة في قلوبنا، والخطأ إذا ظهر منّا فإنّا راجعون عنه تائبون منه لأنّنا لسنا عبيدًا إلاّ للواحد الأحد، هو وليّنا فنِعم المولى ونِعم النّصير»[10]. وقال العلامة ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله تعالى-: «يغيظ هؤلاء الحزبيين أن يروا أهل السنة يحترمون ويوقرون علماءهم وأهل السنة فيهم فيرون أو يوهمون رعاعهم أنه تمجيد وتعظيم من جنس تعظيم وتمجيد غلاة الصوفية وغلاة الحزبية لشيوخهم فيصدقونهم ويسيرون وراءهم كالأنعام لا يفرقون بين حق وباطل، بل يرون باطلهم حقا وحق أهل الحق باطلا ولسان حالهم ﴿وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ﴾»[11]. وهذا هو الفرق بين تنزيل أهل العلم منزلتهم وبين الغلو فيهم. قال رسول الله ﷺ : « ليس منَّا مَنْ لم يُجِلَّ كبيرَنا، ويرحمْ صغيرَنا ويَعْرِفْ لعالِمِنا حقَّهُ »[12].




    [1]- السير ( ١٤/٤٥٠)
    [2]- ذكر الطبراني في الكبير ، رواية الشعبي هكذا : « إن زيد بن ثابت كبَّر على أُمه أربعا ، ثم أُتي بدابة ، فأخذ له ابن عباس الركاب ، فقال له زيدٌ : دعه أو ذرهُ، فقال ابن عباس : هكذا نفعلُ بالعلماء الكبراء». مجمع الزوائد للهيثمي (٩/٣٥٤)؛
    [3]- الشافعي رحمه الله حين عوتب على تواضعه للعلماء . جامع بيان العلم وفضله لإبن عبد البر (۱/٣٩۱)؛
    [4] - قال ابن تيمية رحمه الله في شرح حديث جبريل المعرف باسم كتاب الإيمان الأوسط ( ص ٢٢٧) : « كان بعض المتقدمين إذا خرج إلى شيخه تصدق في طريقه بشيء من المال. وقال : اللهم استر عيب معلمي عني، ولا تذهب بركة علمه عني » إهـ ؛
    [5]- مواهب الجليل (۱/٨)؛
    [6]- تذكرة السامع والمتكلم (ص۱٠٠
    [7]- صوتية: الشيخ محمد بن هادي يحكي ما جرى في بيت الشيخ ربيع عند عرضه للأدلة وفيه رد قوي على الصعافقة أهل الكذب ؛
    [8]- التوضيحُ والتَّفنِيد لما ضُمِّن من مؤاخذات في نصيحة الشيخين ربيعٍ وعبيد حفظهما الله. مقال على موقع التصفية والتربية ؛
    [9]- تهذيب اللغة للأزهري ( ١/١٤٦
    [10]- تغريدة الشيخ على حسابه في التويتر ، بتاريخ ( ۱٨ماي ٢٠۱٨ نصراني) ؛
    [11]- حوار مع حزبي متستر ( ص۱٨) ؛
    [12]- صححه الألباني في صحيح الجامع (٥٤٤٣).


    يتبع بإذن الله تعالى ...
    أبو عبد الرحمن محمد صالحي
    عين مران في
    ٢٦ شعبان ١٤٤١ هـ




  • #2
    جزاك الله خيرا أخي أبو عبد الرحمن

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك اخي

      تعليق

      الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
      يعمل...
      X