إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دروس وعبر من فتنة الصعافقة [ الفائدة الثانية ]

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دروس وعبر من فتنة الصعافقة [ الفائدة الثانية ]

    بسم الله الرحمن الرحيم
    دروس وعبر من فتنة الصعافقة
    2) إتباع الحق وعدم تعليقه بالخلق


    كان ولا يزال الخلاف الفقهي والعقدي سببين في اختلاف شديد بين المسلمين من بعد القرون الأولى، بل ما زاد في افتراقهم وأكل وحدتهم هو التعصب لغير الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة. قال عليه ﷺ من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : «قَدْ يَئِسَ الشَّيْطَانُ بِأَنْ يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ وَلَكِنَّهُ رَضِيَ أَنْ يُطَاعَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا تُحَاقِرُونَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَاحْذَرُوا يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ فَلَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ ﷺ »[1].
    فالمخالف لأهل الحق إنـّما يكون خلافه في أصل الاعتصام بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، وفي تقدير الخير والشر. والواجب هو قبول الحق من أي أحد قال به، ورَد الباطل من أي أحد قال به ، سوى كلام الله و رسوله ﷺ. قال الإمام مالك بن أنسٍ - رحمه الله تعالى – ،كما جاءت المقولة سائرة مروية عنه : «كُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ إِلاَّ صَاحِبُ هَذَا القَبْرِ».
    قال الإمام الذهبي- رحمه الله تعالى - : قال شيخ : إن الإمام لمن التزم بتقليده، كالنبي مع أمته، لا تحل مخالفته. قلت: قوله لا تحل مخالفته: مجرد دعوى، واجتهاد بلا معرفة، بل له مخالفة إمامه إلى إمام آخر، حجته في تلك المسألة أقوى، لا بل عليه اتباع الدليل فيما تبرهن له، لا كمن تمذهب لإمام، فإذا لاح له ما يوافق هواه، عمل به من أي مذهب كان، ومن تتبع رخص المذاهب، وزلات المجتهدين، فقد رق دينه، كما قال الأوزاعي أو غيره: من أخذ بقول المكيين في المتعة، والكوفيين في النبيذ، والمدنيين في الغناء، والشاميين في عصمة الخلفاء، فقد جمع الشر.[2]
    و قال ابن عبد البر –رحمه الله تعالى- : وقال أهل العلم والنظر: حد العلم التبيين وإدراك المعلوم على ما هو [عليه]، فمن بان له الشيء فقد علمه، قالوا: والمقلد لا علم له ، ولم يختلفوا في ذلك. [3]
    إلا أنه - ومن المؤسف في وقتنا الحاضر - بعض الشباب اتخذ من بعض العلماء رموزاً يقتدي بهم، ويوالي من والاهم، ويعادي من عاداهم، ولو كان الذي عاداهم بحق، والذي والاهم بغير حق[4] . يتركون حبل الله ويعيشون بحبل من الناس، يلزمون الناس بأخذ قول المجتهد العالم الراسخ في العلم. خصوصا من ثبت بالدليل سوء بطانته[5]، تثير بعضا من أقواله ومواقفه كما حدث مع مشايخنا أول الفتنة. وما زالوا يلبسون على العالمين الجليلين في أمر بيّن جليّ كان يحتاج تدقيقا، كونهما بشرين غير معصومين في اجتهاداتهما، وأعمالهما عُرضةٌ لكُلِّ ما يدخل في الطبيعة البشرية مِن سهو وغفلة وتقصير ونحوِ ذلك مِنْ صور النقص.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- : فإذا اجتهدوا وأصابوا فلهم أجران، وإذا اجتهدوا وأخطأوا فلهم أجر على اجتهادهم، وخطؤهم مغفور لهم، وأهل الضلال يجعلون الخطأ والإثم متلازمين، فتارة يغلون فيهم ويقولون: إنهم معصومون، وتارة يجفون عنهم ويقولون: إنهم باغون بالخطأ. وأهل العلم والإيمان: لا يعصمون, ولا يؤثمون.[6]
    قال الشيخ عبيد الجابري - حفظه الله تعالى-: والعالِم من أهل السنة السلفي، بَشَرٌ يذهل، ينسى، يكون عُرضة للتلبيس من بطانةٍ سيئة[7] ـ تحيل بينه وبين إخوانه الذين يحبهم ويحبونه في الله. لأجل أن لا يُهتك ستر من أراد تغيير مسار هذه الدعوة السلفية والمتاجرة بها ، ( بتصحيحِ مواقف رجالٍ مِنَ الدُّعَاة ركبوا منهجَ التمييع - في الجملة - وإِنْ نفَوْه عن أَنْفُسهم، ولكنَّه جليٌّ واضحٌ في مواقفهم وصُحبتهم ودعوتهم، وأرادوا فَرْضَه ـ تدريجيًّا ـ على غيرهم مِنَ الدُّعَاة نموذجًا بديلًا عمَّا يُسمُّونه بمنهجِ «الغُلُوِّ والتبديع»، ودعَّموه بطُرُقٍ شتَّى، وجنَّدوا له ـ بإملاءاتهم ـ شبابًا مِنْ ذوي العَجَلة، بإشاعة الأخبار والقلاقلِ وترويجِها وإذاعتِها، وعدمِ الانضباط بالقواعد العامَّة في الردِّ على المخالف )[8].
    فعمدوا إلى ترجيح أقوال العالم والتعصب لمذهبه في تصحيح جرحه لإخوانه، زاعمون أن أصل الخلاف شخصي ولا يعدوا أن يكون إلا انتصارا للنفس غير منهجي، يبثون سمومهم بين العام والخاص بإيراد الشبه والأخطاء التي ثبتت في حق بعض المشايخ والدعاة [ كثناء الشيخ الوالد أبي عبد الله أزهر سنيقرة – حفظه الله تعالى وزاده حرصا – على الجمعوي الحزبي بن حنفية العابدين – هداه الله تعالى –][9]. ليزيدوا على الكلمة مائة كذبة من عندهم، ويفعلون ما لا يفعله الساحر ربما في شهر.
    فالسلفي اللبيب اليوم تعلم من هذه الفتنة، أن كلام العالم يحتج له ولا يحتج به، والعبرة بالدلائل لا بعظمة القائل. قال محمد بن إسماعيل البخاري -رحمه الله تعالى – : وقد أكثر عنهما في الموطأ، وهما مما يحتج بهما، ولم يَنْجُ كثيرٌ مِنَ الناس من كلام بعض الناس فيهم، نحو ما يُذْكَر عن إبراهيم من كلامه في الشعبي، وكلام الشعبي في عكرمة، وفيمن كان قبلهم، وتناوُلِ بعضهم في بعض في العِرْضِ والنَّفْس، ولم يَلْتَفِت أهلُ العلم في هذا النحو إلا ببيانٍ وحُجّة، ولم تَسْقُط عدالتهم إلا ببرهانٍ ثابتٍ وحُجّة، والكلام في هذا كثير[10].
    وقال الإمام ربيع المدخلي -حفظه الله تعالى -: الإمام محمد بن يحيى الذهلي وأصحابه قد بدّعوا الإمام البخاري وآذوه، ولكن العلماء وعلى رأسهم مسلم إلى يومنا هذا خالفوا الإمام محمد بن يحيى. لأنه ليس معه ولا مع أصحابه حُجّة. فمدار القبول والرد هو الحُجة وعَدَمُها لا الهوى كما قررت أنت في قضايا الاختلاف، أي اختلاف أئمة الجرح والتعديل[11].

    لذا تنبه يا رعاك الله ، فإن الكيس لا يحقب دينه الرجال ليميل مع كل صائح. فما مات أبو طالب على ملة عبد المطلب إلاّ بتقليد من حوله وتضليلهم إيّاه. الذي لم تنفعه رجاحة عقله ولا محبة رسول الله ﷺ له. ولا تكن كمن أعمى النور بصيرته.
    خَفَافِيشَ أَعْمَاهَا النَّهَارُ بِضَوْئِهِ *** وَوَافَقَهَا قِطَعٌ مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمٌ [12]



    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    [1]
    - صحيح الترغيب والترهيب للألباني –رحمه الله تعالى- (٢٨۱٢)؛

    [2]- سير أعلام النبلاء ( ٨/٩٠ )
    [3]- جامع بيان العلم وفضله (٢/ ٩٩٢)
    [4]- التحذير من التعصب للأشخاص ومن اتحاذ بعض العلماء رموزاً يوالى ويعادى عليهم. صوتية مفرغة للعلامة محمد بن صالح العثيمين ؛
    [5]- أنظر إلى : الأدلة والبراهين على سوء بطانة الشيخين العلامتين ربيع وعبيد حفظهما الله. للأخ عبد الصمد سليمان وفقه الله على موقع التصفية والتربية السلفية ؛
    [6]- مجموع فتاوى ابن تيمية (٣٥/٦٩).
    [7]- أنظر إلى : ضوابط التعامل مع أهل السنة وأهل الباطل. صوتية مفرغة على موقع سحاب؛
    [8]- أنظر إلى : نصيحة وتوجيه إلى منتدى التصفية والتربية. لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس؛
    [9]- أنظر إلى : التعليق المختصر على ما نشر من صوتية قديمة للشيخ أزهر – رد على موقع التصفية و التربية؛
    [10]- القراءة خلف الإمام ( ٣٨)؛
    [11]- المجموع (٩ /٣٩)
    [12]- التقليد وحكمه في ضوء الكتاب و السنة و الآثار السلفية للشيخ وصي الله عباس ( ص ۱٠٤).
    يتبع بإذن الله تعالى ...
    أبو عبد الرحمن محمد صالحي
    عين مران في ١٥ من شعبان ١٤٤١

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الرحمن محمد الجزائري; الساعة 2020-04-12, 01:04 AM.

  • #2
    جزاك الله خيرا أخي محمد.

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك أخي على هذا المقال الطيب

      تعليق

      الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
      يعمل...
      X