إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحمى أنموذج ومثال لنار جهنم فاعتبروا يا أولي الأبصار

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحمى أنموذج ومثال لنار جهنم فاعتبروا يا أولي الأبصار

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمى أنموذج ومثال لنار جهنم فاعتبروا يا أولي الأبصار

    الحمد لله رب العالمين،وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،أما بعد:
    فقد روى البخاري رقم 3264 ومسلم 2209 عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ»
    قال العلامة الإثيوبي في البحر الثجاج 36/196: "الْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ) -بفتح الفاء، وسكون التحتانية، بعدها مهملة- في حديث رافع: "من فوح" بالواو، وفي حديث له بلفظ: "فور" بالراء بدل الحاء، وكلها بمعنى، والمراد: سُطوع حَرّها،ووَهَجُهُ، والحمّى أنواع، كما سيأتي تحقيقه.

    وقال القرطبيّ رحمه اللهُ: قوله: "من فيح جهنَّم"؛ أي: شدَّة حرارتها، وأصله من فاحت القِدْر: إذا غَلَت، وقد يعبَّر عنه بالفور؛ كما جاء في الرواية الأخرى، ولفحُ النَّار: إصابة شدَّة حرارتها، وجهنم: اسم عَلَمٌ من أسماء نار الآخرة؛ مؤنث، ولذلك لم ينصرف، وقد تقدم اشتقاقه. انتهى نقلا عن المفهم.

    وقال ابن القيّم رحمه اللهُ: قوله: "من فيح جهنم" هو شدّة لَهَبها، وانتشارها،ونظيره قوله: "شدة الحر من فيح جهنم"، وفيه وجهان:
    أحدهما: أن ذلك أنموذج، ورقيقة اشتُقّت من جهنم؛ ليستدل بها العباد عليها، ويعتبروا بها، ثم إن الله سبحانه قدّر ظهورها بأسباب تقتضيها، كما أن الرَّوْح، والفرح، والسرور، واللذة من نعيم الجنة أظهرها الله في هذه الدار عبرةً، ودلالةً، وقدّر ظهورها بأسباب توجبها.
    والثاني: أن يكون المراد التشبيه، فشبّه شدة الحمى، ولهبها بفيح جهنم،وشبه شدة الحرّ به أيضًا؛ تنبيهًا للنفوس على شدة عذاب النار، وأن هذه الحرارة العظيمة مشبهة بفيحها، وهو ما يصيب من قَرُب منها من حرّها. انتهى نقلا عن زاد المعاد.

    وقال في "الفتح": واختُلِف في نسبة الحمّى إلى جهنم، فقيل: حقيقةٌ،واللهب الحاصل في جسم المحموم قطعة من جهنم، وقَدّر الله ظهورها بأسباب تقتضيها؛ ليعتبر العباد بذلك، كما أن أنواع الفَرَح واللذة من نعيم الجنة،أظهَرَها في هذه الدار عبرةً، ودلالة، وقد جاء في حديث أخرجه البزار، من حديث عائشة -رضي الله عنها-، بسند حسنٍ وفيه: عن أبي أمامة، عند أحمد، وعن أبي رَيحانة، عند الطبرانيّ، وعن ابن مسعود، في "مسند الشهاب": "الحمى حَظّ المؤمن من النار"، وهذا كما تقدم في حديث الأمر بالإبراد: "إن شدة الحر من فيح جهنم، وأن الله أَذِن لها بنَفَسين".
    وقيل: بل الخبر ورد مورد التشبيه، والمعنى: أن حَرّ الحمّى شبيه بحرّجهنم؛ تنبيهًا للنفوس على شدة حر النار، وأن هذه الحرارة الشديدة شبيهة بفيحها، وهو ما يصيب مَن قَرُب منها من حرّها، كما قيل بذلك في حديث الإبراد، والأول أَولى، والله أعلم، ويؤيده ما في آخر الحديث عند البخاريّ:"قال نافع: وكان عبد الله يقول: اكشف عنّا الرجز"، أفاده في "الفتح"، وهوتحقيقٌ نفيسٌ جدّأ، والله تعالى أعلم.انتهى

    والذي يترجح من الأقوال هو القول الأول أن الحمى من فيح جهنم على حقيقته كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم لا على وجه التشبيه والتمثيل،ولهذا قال المناوي في فيض القدير 3/ 419: والمراد أنها أنموذج ودقيقة اشتقت من جهنم يستدل بها على العباد عليها ويعتبروا بها كما أظهر الفرح واللذة ليدل على نعيم الجنة.

    وقال العلامة الهرري في شرحه على مسلم المسمى الكوكب الوهاج 22/246: أما كون الحمى من فيح جهنم فقد حمله بعض العلماء على الحقيقة وفسروا الحديث بأن اللهب الحاصل من جسم المحموم قطعة من جهنم قدر الله ظهورها بأسباب تقتضيها ليعتبر العباد بذلك كما أن أنواع الفرح واللذة من نعيم الجنّة أظهرها في هذه الدار عبرة ودلالة.
    وحمله الآخرون على التشبيه والمعنى أن حر الحمى شيه بحر جهنم تنبيهًا للنفوس على شدة حر النار وأن هذه الحرارة الشديدة شبيهة بفيحها، وقد ذكر الحافظ في الفتح كلا التفسيرين ورجح الأول، ويحتمل أن الحمى نوع من جزاء السيئات يجازى به المؤمن في حياته فتعجل له بها العقوبة فتكون كفارة لسيئاته فتكون قطعة من عذاب جهنم تعجل للمؤمن لئلا يصاب بها في الآخرة، ويؤيده ما أخرجه البزار عن عائشة مرفوعًا (الحمى حظ كل مؤمن من النار) وإسناده حسن كما في مجمع الزوائد.

    وقال أيضا في مرشد ذوي الحجى شرح سنن ابن ماجه 20/276: (من فيح جهنم) أي: من سطوع حر جهنم وفورانها حقيقةً، أرسلت إلى الدنيا نذيرًا للجاحدين، وبشيرًا للمقرين؛ لأنها كفارة لذنوبهم.انتهى

    والمقصود أن تكون الحمى عبرة للمعتبرين،وذكرى للذاكرين،وعظة للمتعظين يتذكرون بها نار جهنم،وما فيها من الحر الشديد،واللهيب الأكيد،وتكون للمؤمن بشارة بتكفير سيئاته،وعذابا على الكافرين المعرضين.

    وإذا كانت هذه الحمى في هذه الأيام قد أفزعت العالم وأرعبتهم،حتى صار بعض الدول إذا وجد في الشخص ارتفاع حرارة جسمه يؤمر بالرجوع للبيت لمدة أسبوعين لا يخرج منها،فما بالنا يا عباد الله ما ينتظر الكفار والعصاة من نار تلظى،تحرق أجسادهم،وتشوي جلودهم،وتقطع أمعاءهم،فاعبروا يا أولي البصائر،واستعيذوا بالله من نار جهنم،وانتقلوا بما ترونه وتشاهدونه من هذه الحمى إلى ما يكون يوم القيامة من الأهوال والشدائد،ولا سيما وقد شاهدتم الناس في حال من الكرب والهم والغم والفزع،وهو مثال وأنموذج للفزع الأكبر يوم يساق فريق إلى نار جهنم،فيلقون فيها معذبين،وليبشر المؤمن بمغفرة ذنوبه ورفعة درجاته،وأن تكون هذه الحمى حظه من النار فيسلم منها برحمة الله رب العالمين،والله أسأل أن يعافينا أجمعين،ويسلمنا ويحفظنا وأهلنا من هذا الوباء،وأن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين،وأن يرفع هذا الوباء عن بلدنا وسائر بلاد المسلمين إنه سميع مجيب.
    كتبه:
    أبو الحسن نسيم
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2020-04-06, 11:15 PM.

  • #2
    جزاك الله خيرا أبا الحسن، نسأل الله السلامة والعافية.
    غفر الله له

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا أخي أبا الحسن

      تعليق


      • #4
        جزاكم الله خيرا

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خيراً أبا الحسن

          تعليق

          الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
          يعمل...
          X