بسم الله الرحمن الرحيم
مقطع مقتطفٌ عن شدّة الكرمِ!
،،،
مقطع مقتطفٌ عن شدّة الكرمِ!
،،،
"قال الأصمعيُّ:
قصدتُ في بعض الأيامِ رجلاً كنتُ أغشاهُ لكرمهِ
فوجدتُ على بابهِ بوَّابًا؛ فمنعني من الدخول إليه! ثم قال: واللهِ! يا أصمعيُّ؛ ما أوقفني على بابِهِ لأمنعَ مثلكَ؛ إلاَّ لرقةِ حالِهِ، وقصورِ يدِهِ!
فكتبتُ رقعةً فيها:
إذا كانَ الكريمُ لهُ حجابٌ ... فما فضلُ الكريمِ على اللَّئيمِ؟!
ثم قلتُ لهُ: "أوصلْ رقعتي إليه"
ففعلَ، وعادَ بالرقعةِ، وقد وقَّعَ على ظهرِها:
إذا كانَ الكريمُ قليلَ مالٍ ... تَحَجَّبَ بالحجابِ عن الغريمِ!
ومعَ الرّقعةِ صرةٌ فيها خمسمائةِ دينارٍ!
فقلتُ: "والله! لأتحفنَّ المأمونَ بهذا الخبرِ!
فلما رآني قالَ: من أينَ يا أصمعيُّ؟!
قلتُ: "من عندِ رجلٍ من أكرمِ الأحياءِ؛ حاشا أمير المؤمنين"!
قالَ: ومن هو؟
فدفعتُ إليه الورقةَ والصّرّة، وأعدتُ عليه الخبرَ.
فلما رأى الصّرّة قالَ: هذا من بيتِ مالي! ولا بدَّ لي من الرَّجُلِ!
فقلتُ: "والله! يا أميرَ المؤمنين، إني أستحْيي أن تروعَهُ برُسُلكِ"!
فقالَ لبعض ِخاصَّتِهِ: امضِ مع الأصمعيِّ؛ فإذا أراكَ الرَّجُلَ؛ فقلْ له: أجبْ أميرَ المؤمنينَ، من غيرِ إزعاجٍ!
فلما حضرَ الرَّجُلُ بينَ يدي المأمونِ؛ قالَ لهُ:
أنتَ الذي وقَّعْتَ لنا بالأمسِ، وشكوتَ رقّةَ الحالِ، وأنَّ الزمانَ قد أناخَ عليكَ بكَلْكَلِهِ، فدفعْنَا إليكَ هذه الصّرّة لتصلحَ بها حالَكَ، فقصدَك الأصمعيُّ ببيتٍ واحدٍ؛ فدفعتَها إليه؟؟
فقالَ: نعمْ يا أمير المؤمنين! واللهِ! ما كذبتُ فيما شكوتُ لأميرِ المؤمنين من رقّةِ الحالِ؛ لكني استحْيَيْتُ من اللهِ تعالى أن أُعيدَ قاصدي إلا كما أعادَني أميرُ المؤمنين!
فقال له المأمون: لَلَّهِ أنتَ؟!! فما ولدت العربُ أكرمَ منكَ*!" اهـ
،،،
* هذا على سبيلِ المبالغةِ؛ وإلا فالرسولُ عليه الصلاة والسلامُ هو أكرمُ النّاس.
قصدتُ في بعض الأيامِ رجلاً كنتُ أغشاهُ لكرمهِ
فوجدتُ على بابهِ بوَّابًا؛ فمنعني من الدخول إليه! ثم قال: واللهِ! يا أصمعيُّ؛ ما أوقفني على بابِهِ لأمنعَ مثلكَ؛ إلاَّ لرقةِ حالِهِ، وقصورِ يدِهِ!
فكتبتُ رقعةً فيها:
إذا كانَ الكريمُ لهُ حجابٌ ... فما فضلُ الكريمِ على اللَّئيمِ؟!
ثم قلتُ لهُ: "أوصلْ رقعتي إليه"
ففعلَ، وعادَ بالرقعةِ، وقد وقَّعَ على ظهرِها:
إذا كانَ الكريمُ قليلَ مالٍ ... تَحَجَّبَ بالحجابِ عن الغريمِ!
ومعَ الرّقعةِ صرةٌ فيها خمسمائةِ دينارٍ!
فقلتُ: "والله! لأتحفنَّ المأمونَ بهذا الخبرِ!
فلما رآني قالَ: من أينَ يا أصمعيُّ؟!
قلتُ: "من عندِ رجلٍ من أكرمِ الأحياءِ؛ حاشا أمير المؤمنين"!
قالَ: ومن هو؟
فدفعتُ إليه الورقةَ والصّرّة، وأعدتُ عليه الخبرَ.
فلما رأى الصّرّة قالَ: هذا من بيتِ مالي! ولا بدَّ لي من الرَّجُلِ!
فقلتُ: "والله! يا أميرَ المؤمنين، إني أستحْيي أن تروعَهُ برُسُلكِ"!
فقالَ لبعض ِخاصَّتِهِ: امضِ مع الأصمعيِّ؛ فإذا أراكَ الرَّجُلَ؛ فقلْ له: أجبْ أميرَ المؤمنينَ، من غيرِ إزعاجٍ!
فلما حضرَ الرَّجُلُ بينَ يدي المأمونِ؛ قالَ لهُ:
أنتَ الذي وقَّعْتَ لنا بالأمسِ، وشكوتَ رقّةَ الحالِ، وأنَّ الزمانَ قد أناخَ عليكَ بكَلْكَلِهِ، فدفعْنَا إليكَ هذه الصّرّة لتصلحَ بها حالَكَ، فقصدَك الأصمعيُّ ببيتٍ واحدٍ؛ فدفعتَها إليه؟؟
فقالَ: نعمْ يا أمير المؤمنين! واللهِ! ما كذبتُ فيما شكوتُ لأميرِ المؤمنين من رقّةِ الحالِ؛ لكني استحْيَيْتُ من اللهِ تعالى أن أُعيدَ قاصدي إلا كما أعادَني أميرُ المؤمنين!
فقال له المأمون: لَلَّهِ أنتَ؟!! فما ولدت العربُ أكرمَ منكَ*!" اهـ
،،،
* هذا على سبيلِ المبالغةِ؛ وإلا فالرسولُ عليه الصلاة والسلامُ هو أكرمُ النّاس.