الحمد لله و صلى الله م سلم على رسول الله و على آله و صحبه ومن اهتدى بهداه.
و بعد، فإن من المصنفاتِ في العقيدةِ التي اهتمَّ علماءُ السنةِ و طلبةُ العلمِ بشرحِها، كتابُ أصولِ السنةِ للإمامِ أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، فإنّه على وَجازته جمعَ مسائلَ العقيدةِ و أصولَها.
و إنَّ ممن قامَ بشرحِ هذا الكتابِ الماتعِ الشيخُ الفاضلُ أبو معاذٍ حسن العراقي، فقد شرحه شرحًا نافعا ماتعا حلّاه بالفوائدِ و القواعدِ، سمّاه " الفوائدُ العقديةُ و القواعدُ المنهجيةُ المستنبطةُ من تأصيلاتِ أصولِ السنةِ للإمام أحمد السلفية "، و قد قرأه الشيخ العلامة عبيدُ بن عبدِ الله الجابري حفظه الله تعالى و حثَّ على نشره.
و من الفوائدِ التي ذكرهَا الشارحُ و التي أحببت نقلها هي :
الفرقُ بين الإسلامِ و الإيمانِ
الإسلامُ :
لغة : الانقيادُ.
و شرعًا : استسلامُ العبد لله ظاهرًا و باطنا بفعل أوامره و اجتنابِ نواهيه، فيشملُ الدين كلَّه قال الله تعالى {و رضيتُ لكم الإسلامَ دينا} ، {إنّ الدينَ عند اللهِ الإسلام} ، {و من يبتغِ غيرَ الإسلامِ دينًا فلن يقبلَ منه}.
و أما الإيمانُ :
فهو لغة : التصديقُ، قال الله تعالى {و ما أنت بمؤمن لنا}.
و في الشرع : إقرارُ القلبِ المستلزمُ للقولِ و العملِ، فهو اعتقادٌ و قول و عمل، اعتقادُ القلب، و قولُ اللسان، و عملُ القلب و الجوارح.
و بذلك عُرِفَ أن الإيمان يشمل الدين كله، وحينئذ لا فرقَ بينه و بين الإسلام، و هذا حينما ينفردُ أحدهما عن الآخر، أما إذا اقترن أحدهما بالآخر فإن الإسلامَ يفسر بالاستسلامِ الظاهر الذي هو قولُ السان و عمل الجوارح، و يصدر من المؤمنِ الكاملِ الإيمان، و الضعيفِ الإيمان قال الله تعالى {قالت الإعراب آمنا قل لم تؤمنوا و لكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الإيمان في قلوبكم} و من المنافقِ لكن يسمى ظاهرا و لكنه كافر باطنا.
و يفسر الإيمانُ بالاستسلام الباطن الذي هو إقرارُ القلب و عملُه، و لا يصدرُ إلا من مؤمنٍ حقًّا كما قال تعالى : {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم و إذا تليت عليهم آيات الله زادتهم إيمانا و على ربهم يتوكلون (2) الذين يقيمون الصلاة و مما رزقناهم ينفقون (3) أولئك هم المؤمنون حقا} .
و بهذا يكون الإيمان أعلى، فكل مؤمن مسلم و لا عكس.
و الحمد لله رب العالمين