إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رسالة إلى أبي مصعب مجدي حفالة ولمن خلفه؛ كيف يكون حب الرياسة عبادة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رسالة إلى أبي مصعب مجدي حفالة ولمن خلفه؛ كيف يكون حب الرياسة عبادة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    رسالة إلى أبي مصعب مجدي حفّالة ولمن خلفه:
    كيف يكون حبّ الرّياسة عبادة؟


    إنّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لّا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله.
    أمّا بعد:
    فيا طالب الهدى والرّشاد، اعلم وفقك الله أنّ النّيّة الطّيّبة تُصيّر المباحات عبادات تنال بها الأجور العظيمة والدّرجات العالية، ففضل الله عظيم، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الجمعة: 2-4]، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[المائدة: 54].
    فمن تطّع للرّياسة بنيّة العدل بين النّاس، وإقامة الحدود، ونشر العلم والجهاد في سبيل الله؛ يرجى له من الله الخير الكثير.
    عن سهل بن حنيف رضي الله عنه، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من سأل الله الشّهادة بصدق، بلّغه الله منازل الشّهداء، وإن مات على فراشه". أخرجه مسلم.
    فمن تاق للوزارة أو الحكم؛ رغبة في الخير هذا حقّه المدح لا القدح.
    والصّحابة رضوان الله عليهم حقّهم عظيم وحسن الظّنّ فيهم واجب، والطّعن فيهم وفي نيّاتهم قدح في الشّريعة، والقدح في آحادهم جرم عظيم.

    ومن أمثلة هذا القدح ما ضربه أبو مصعب مجدي مثلًا عن حبّ الرّياسة بعبد الله بن الزّبير رضي الله عنهما! فقال -هداه الله-:
    "فإنّ كثيرًا ممّن خاضوا في الفتن؛ السّبب حبّ الرّئاسة والشّواهد كثيرة في تراجم متعدّدة خذ مثلا عبد الله بن الزّبير رضي الله عنه، حصل له ما حصل من فتنة صمّاء، وألجأه الأمر في خصام مع الحجّاج بن يوسف إلىٰ أن يأوي إلىٰ الكعبة ويحتمي ومن معه ببيت الله الحرام" انتهى كلامه.

    فالذي فهم أنّ الصّحابيّ الجليل عبد الله بن الزّبير رضي الله عنهما يحبّ الرّياسة!! فمن حسن الظّنّ بهذا الصّحابيّ أنّ رغبته في الخلافة السّير بها على سنن الخلفاء الرّاشدين ورغبة في تبليغ الدّين إلى مشارق الأرض ومغاربها.
    فحبّ الرّياسة إن كان عن رغبة في إقامة الحدود والحكم بالعدل فهذا ممّا يمدح.
    قال الإمام ابن القيّم رحمه الله في التّبيان في أيمان القرآن (ص: 629) : "ولمحبّة الجاه مصرفا، وهو استعماله في تنفيذ أوامره، وإقامة دينه، ونصر المظلوم، وإغاثة الملهوف، وإعانة الضّعيف، وقمع أعداء الله. فمحبّة الرّياسة والجاه على هذا الوجه عبادة" اهـ.
    وممّا يذكر في بعض الكتب من تمنيّ الرّياسة لسلفنا الأخيار فهو من هذا الباب.
    اجتمع عبد الله بن عمر وعروة بن الزّبير ومصعب بن الزّبير وعبد الملك بن مروان بفناء الكعبة، فقال لهم مصعب: تمنّوا فقالوا: اِبدأ أنت.
    فقال: ولاية العراق وتزوّج سكينة ابنة الحسين وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله، فنال ذلك وأصدق كلّ واحدة خمسمائة ألف درهم وجهّزها بمثلها.
    وتمنّى عروة بن الزّبير الفقه وأن يحمل عنه الحديث فنال ذلك. وتمنّى عبد الملك الخلافة فنالها. وتمنّى عبد الله بن عمر الجنّة". ذكره ابن قتيبة في "عيون الأخبار" (1/ 367).
    وعن دكين الرّاجز قال: أتيت عمر بن عبد العزيز بعد ما استخلف أستنجز منه وعدا كان وعدنيه وهو والي المدينة، فقال لي: "يا دكين! إنّ لي نفسا توّاقة،لم تزل تتوق إلى الإمارة، فلمّا نلتها تاقت إلى الخلافة، فلمّا نلتها تاقت إلى الجنّة". ذكره ابن قتيبة في عيون الأخبار (1/ 334).
    فإن صحّ ما ذكر من الرّغبة في الإمارة والخلافة فيوجّه أنّه لرغبتهم في الخير، لهذا ابن عمر رضي الله عنهما لم ينكره.
    وهذا نبيّ من أنبياء الله تعالى يرغب في الملك.
    قال نبيّ الله سليمان عليه الصلاة والسلام: {قال ربّ اغفر لي وهب لي مُلكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنّك أنت الوهّاب}.
    وممّا يحسن ذكره أنّه فاتني هذا التّوجيه في (الرَّدّ بالمنقُول والمعقول على مجدي حفالة أبي مصعب اللّيبيّ في ضربهِ مثل السّوء بأصحاب الرَّسول ﷺ).
    وقد ذكرت مثل هذا التّوجيه أو قريبًا منه عندما ضرب أبو مصائب مجدي المثل في الصّلاة خلف من يعرف فجوره مثل الوليد بن عقبة بن أبي معيط رضي الله عنه.

    قال هداه الله: "والصّلاة خلف مستور الحال جائزة باتّفاق علماء المسلمين ما تأتي تصلّي تبحث عن عقيدة النّاس في الصّلاة تصلّي خلف مستور الحال حتّىٰ يتبيّن لك أنّه على بدعة مكفّرة أو مضلّلة، الصّلاة خلف مستور الحال جائزة باتّفاق علماء المسلمين، الصّحابة رضوان الله عليهم كانوا يصلّون خلف من يعرفون فجوره صلّى عبد الله بن مسعود وغيره من الصّحابة خلف من؟ الوليد بن عقبة بن أبي معيط ماذا كان يفعل يشرب الخمر وصلّىٰ بهم ذات مرّة الصّبح أربعا قال هل أزيدكم قالوا لازلنا معك في زيادة" انتهى كلامه.
    والشّاهد من الكلام: "تعلّم من هدي النّبيّ ﷺ كيف يرفع منزلة صحابته.
    فعن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، أنّ رجلا على عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله، وكان يلقّب حمارا، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشّراب، فأُتي به يوما فأمر به فجلد.
    فقال رجل من القوم: اللّهمّ العنه، ما أكثر ما يؤتى به؟
    فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "لا تلعنوه، فوالله ما علمت إنّه يحبّ الله ورسوله". أخرجه البخاري.
    وأنا أقول مثل ما قال الرّسول صلى الله عليه وسلم، الوليد بن عقبة بن أبي معيط رضي الله عنه (يحبّ الله ورسوله) على فرض صحّة ما ذكرت، وكما يقال: "أثبت العرش ثمّ أنقش".
    هكذا علينا أن نحسّن ظنّنا بالصّحابة ولا ندع مجالا لوساوس الشّيطان.
    هذا والله أعلم، وبالله التّوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

    كتبه
    عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
    طرابلس الغرب: ليلة الأربعاء 15 جمادى الأولى سنة 1445 هـ
    الموافق لـ: 29 نوفمبر سنة 2023 ف
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2023-12-10, 10:50 AM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X