إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رسائل قصيرة وتساؤلات يسيرة موجهة للصعافقة الفراكسة أتباع المقدس فركوس [ الرسالة الموجهة الثانية]

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رسائل قصيرة وتساؤلات يسيرة موجهة للصعافقة الفراكسة أتباع المقدس فركوس [ الرسالة الموجهة الثانية]

    بسم الله الرّحمن الرّحيم


    الرّسالة الموجهة
    [الثّانية]


    الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أمّا بعد:
    اعلم -رحمك الله- أنه قد تقدّم في الرّسالة الأولى ذكر كلام الإمام أحمد -رحمه الله - حين جاءه الفقهاء فناظرهم في مسألة السّمع والطّاعة وأمرهم بعدم نزع اليد من طاعة وليّ الأمر في زمنه مع ما وقع من الوالي من الشّرّ والعدوان ونصرة البدعة الشّنيعة بدعة القول بخلق القرآن، بل والدّعوة إليها، وإرغام النّاس على القول بها، وتعذيب العلماء وقتلهم عليها، وممّا يجدر التّنبيه عليه أنّ الصّعافقة قد تركوا كلّ الفوائد التي يورد العلماء من أجلها هذه القصّة العظيمة والواقعة الكبيرة: كالصّبر على وليّ الأمر ولو جار وظلم، ووقع في الجلائل والعظائم؛ دفعا لمفسدة تفرّق المسلمين، وسفك دمائهم المحرّمة في شريعة ربّ العالمين.

    - وكجمع القلوب عليه وردّها إلى اعتقاد طاعته وولايته وعدم جواز الخروج عليه.
    - وكلزوم الآثار السّلفيّة والأدلّة المرعيّة في معاملته مهما وقع منه.
    - وكالإشارة إلى مذهب السّلف في الباب وهو كلّ ما تقدّم وغيره ممّا لم يذكره رحمه الله.
    - وكالطّريقة السّلفيّة في الإنكار على الحاكم والتي توافق النّصوص الشّرعيّة والأدلّة الجليّة.

    أقول: تركوا هذا كلّه واحتجّوا من الأثر بقوله رحمه الله : "واصبروا حتّى يستريح برّ ويُستراح من فاجر على جواز الإنكار العلنيّ على الحاكم في غيبته وجعلوا هذه الكلمة دليلا على ذلك ونسبوا للإمام أحمد رحمه الله القول بهذه البدعة الشّنيعة -والله المستعان-.
    والجواب على هذه التّفاهة الدّالّة على قلّة العقل والسّفاهة؛ من وجوه:

    الأوّل:
    هل قرّر الإمام أحمد رحمه الله فيما أُثر عنه، ونُقل من كلامه، ولو في موطن واحد من الكلام الكثير الذي رواه الأئمّة عنه: أنّه يجوز الإنكار العلنيّ على الحكّام في غيبتهم، وأنّ هذا هو مذهب أهل السّنّة والجماعة؟ قطعا لا، ودون إثبات ذلك خرط القتاد.

    الثّاني:
    إذا كان الإمام أحمد رحمه الله كما يعتقدون، من خلال هذه الكلمة التي عليها يعتمدون يقول بالإنكار العلنيّ على الحكّام، فأين هي إنكاراته على حكام زمنه؛ الذين أحدثوا في الدّين وفُتنوا ببدعة القول بخلق القرآن عموم المسلمين، وقتلوا العلماء وقطعوا أرزاقهم، وسجنوا وعذّبوا الكثير منهم؟

    الثّالث:
    هل للمقدَّس وأتباعه الغالين فيه أن يسمّوا لنا ولو عالما واحدا من زمن الإمام أحمد رحمه الله وإلى زمن النّاس اليوم احتجّ بهذا الأثر، وبهذه الكلمة بالذّات على جواز الإنكار العلنيّ على الحكّام في غيبتهم؟!
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الرّدّ على الأخنائي (ص 458)(1): "إنّ المجيب -ولله الحمد- لم يقل قطّ في مسألة إلّا بقول قد سبقه إليه العلماء، فإن كان قد يخطر له ويتوجّه له فلا يقوله وينصره إلّا إذا عرف أنّه قد قاله بعض العلماء؛ كما قال الإمام أحمد: "إيَّاك أن تتكلّم في مسألة ليس لك فيها إمام".

    الرّابع:
    من عجيب أمر هؤلاء الصّعافقة السّروريّة أن يتركوا المحكم ويحتجّوا بالمتشابه؛ حتىّ صار هذا الأسلوب ديدنا لهم ولشيخهم الذي لبّس عليهم، وعن الصّراط المستقيم أضلّهم؛ فتركوا كلام الإمام أحمد المحكم في الأثر نفسه، والموافق للنّصوص الشّرعيّة والآثار السّلفيّة وهو قوله رحمه الله: عليكم بالإنكار في "قلوبكم"، واحتجّوا بالمتشابه من كلامه وهو قوله: "واصبروا حتّى يستريح برّ، ويُستراح من فاجر"، بالله عليكم أيّ الكلمتين أجدر أن يُعلم من خلالها مذهب الإمام أحمد رحمه الله في مسألة الإنكار على الحكّام؟ أهي الكلمة الأولى التي أمر بها غيره وهي صريحة في مسألة الإنكار أم الكلمة الثّانية التي قالها ولها محامل يكون بها للإمام الاعتذار؟
    ومعلوم أنّ ترك المحكم والاحتجاج بالمتشابه هو فعل أهل الزّيغ والأهواء الذين أخبر الله عنهم وعن مقاصدهم إذ يقول سبحانه: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ، فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ، وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ؛ وَالرَّاسِحُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)}سورة آل عمران.

    الخامس:
    أنّ هذه الكلمة التي قالها الإمام أحمد رحمه الله تحتمل أنّه قصد الولاة بها، ويحتمل أنّه قال كلمة عامّة تتعلّق بالصّبر على جور من جار من الحكّام وغيرهم، وأنّ غرضه حضّ الفقهاء على الصّبر، وأنّ الأمر قريب؛ وأنّه مع الصّبر إمّا أن يذهب ما يكرهون، وإمّا أن ينتقل المؤمن إلى ربّه بعد صبره ليجد الرّاحة من هموم الدّنيا وغمومها، وهذا هو الذي يظهر من هذه الكلمة؛ حيث يقول: "واصبروا حتّى يستريح برّ، ويُستراح من فاجر فهي كلمة عامّة ليست خاصّة بالولاة والسّلاطين وإن قصد الولاة فهي عامّة في كلّهم لم يقصد بها حكّام زمنه خاصّة، ومثلها كمثل الأحاديث التي جاء فيها الأمر بالصّبر على ولاة الأمر؛ مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ" رواه البخاري ومسلم. يوضحه:

    السّادس:
    أنّ هذه الكلمة ليست من كلام الإمام أحمد رحمه الله أصلا، وإنّما هي من الآثار التي كان يأمر بها، ويوصي غيره بالاعتماد عليها، فرويت عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه:
    روى ابن أبي الدّنيا في الصّبر والثّواب عليه: عن يُسَيْرِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ أَبَا مَسْعُودِ الْأَنْصَارِيِّ، لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ رضي اللهُ عَنْهُ احْتَجَبَ فِي بَيْتِهِ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ، فَسَأَلْتُهُ، أَوْ قَالَ: فَسَأَلَ عَنْ أَمْرِ النَّاسِ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَجْمَعَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ضَلالَةٍ، وَاصْبِرْ حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَر، وَيُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِرٍ". قلت: والرّواية ظاهرة في أنّها لم تقل في الحاكم أصلا.

    ورواه الحاكم في المستدرك: عَنْ أَبي الشَّعْثَاءِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَبي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقُلْنَا لَهُ: اعْهَدْ إِلَيْنَا. فَقَالَ: "عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَلُزُومِ جَمَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَنْ يَجْمَعَ جَمَاعَةَ مُحَمَّدٍ عَلَى ضلَالَةٍ، وَإِنَّ دَيْنَ اللَّهِ وَاحِدٌ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّلَوُّنَ فِي دَيْنِ اللَّهِ، وَعَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَاصْبِرُوا حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَر وَيُسْتَرَاحُ مِنْ فَاجِرٍ" وقال: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخْرِجَاه ووافقه الذهبي.

    إذن فهي من الكلمات المأثورة التي قالها قاصدا الأمر بمضمونها من الحثّ على الصّبر، ولم يقصد حاكم زمنه إلّا أن يكون المتكلّم بها أوّلا قصد حاكم زمن الإمام أحمد رحمه الله ، فهذا هو حال الاحتجاج والاستدلال عند القوم. والله المستعان.

    السّابع:
    فإن احتملنا أنّه قالها في حاكم زمنه الذي كان الفقهاء يُشاورون الإمام أحمد في الخروج عليه وعَيَّنه بوصفه بالفجور في غيبته، فليس فيه دليل على جواز الإنكار على الحاكم في غيبته؛ لأنّه يحتمل أنّ الإمام أحمد رحمه الله إنما دفع الأعلى بارتكاب الأدنى؛ أي: دفع المفسدة الكبرى بارتكاب الصّغرى، فصرفهم عن الخروج عليه ولو بالكلام الشّديد فيه، وهذه قد يفعلها العلماء رحمهم الله فلا يكون فيها حينئذ دليل على جواز الإنكار في الغيبة؛ بل يبقى على الأصل وهو التّحريم، وإلّا لماذا قال لهم الإمام أحمد رحمه الله: "عليكم بالإنكار في قلوبكم" إذا كان الإنكار جائزا بألسنتهم؟

    فتنبّه واحذر؛ أيّها السّلفي أن يلبّس عليك بمثل هذه الشّبهات الواهيات والاحتجاج بالمتشابهات، وهذا حال كلّ دليل احتجّ به المقدّس وأتباعه على جواز الإنكار العلنيّ في غيبة، الحاكم، فتركوا الواضح الجليّ الصّريح الفصيح؛ مثل قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِذِي سُلْطَانٍ فَلا يُبْدِهِ عَلانِيَةً وَلَكِنْ يَأْخُذُ بِيَدِهِ فَيَخْلُوا بِهِ فَإِنْ قَبلَ مِنْهُ فَذَاكَ وَإِلا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ" رواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة عن عِياض بن غنم وصحح إسناده العلامة الألباني رحمه الله في ظلال الجنة رقم 1096، وراحوا يحتجّون بالمحتمل؛ بل المتشابه؛ كهذه الكلمة وأمثالها من كلام علمائنا وسلفنا الصّالح.

    الثّامن:
    ثمّ حتّى لو افترضنا من باب التّنزّل أنّ الإمام أحمد رحمه الله قالها منكرا على حاكم، زمنه وأنّه يرى جواز الإنكار العلنيّ على السّلطان في غيبته، فلا نقدّم قوله على النّصوص الشّرعيّة والأدلّة الثّابتة الجليّة كالحديث المتقدّم، ونعتذر له بما يليق بمقامه، وبمعرفتنا بتمسّكه بالسّنّة ولزومه لها، وعدم تعمّده مخالفتها؛ كأن نقول: إنّ الدّليل لم يبلغه ونحو هذه الأعذار التي تناسب أمثال هذا الإمام، أمّا من بلغته وتنكّبها، وأبى الانصياع لها وقعّد القواعد الباطلة لتركها، وعقد الولاء والبراء على الإصرار عليها، ونوصح فأبى الرّجوع عن ذلك كلّه؛ فهذا يُعامل بما يليق به من التّحذير منه، والتّنفير عنه، والحكم عليه(2) بما هو أهله من بدعة ونحوها.

    وأخيرا أقول:
    هذه عينة من شبهات القوم تدلّ على انحرافهم واتّباعهم لأهوائهم وسلوكهم سبيل أهل الضّلال من قبلهم، وهذا الذي وصلوا إليه يدل على خذلان الله لهم؛ حيث أضحوا على طريق أهل البدع وهم لا يدرون ويستعملون طرائقهم وهم غافلون نسأل الله السّلامة والعافية.

    فأنصح كلّ سلفيّ على الجادة أن يتجنّبهم، ويحمد الله على النّجاة من فتنتهم، والسّلامة من الشّبهات التي أمرضت قلوبهم، ومن الغلوّ في المقدّس الذي أفسد عليهم أديانهم بل وعقولهم.
    كما أنصح كلّ من ابتليَ بهذه الأمراض أن لا يحُسن الظّنّ بنفسه، ولا بالجهلة الذين يقودونه إلى هلكته، ولينظر في كلام أهل العلم الذين انتقدوا المقدَّس وبيّنوا أخطاءه، وليعرض حالة مقدَّسه التي هو عليها الآن بل يعرض حالته هو على ما كان عليه قبل هذه الفتنة، وهل تغيّر في منهجه ونظرته إلى حكّامه وعلمائه أم لازال على ما كان عليه قبلها؟
    فوالله لن ينفع إلّا الإخلاص والصّدق في معاملة الله سبحانه؛ فتجرّد للحقّ طالبا الدّار الآخرة وما ينفعك فيها دون أيّ اعتبار آخر سواها، فاحذر أن تغرّ نفسك بنفسك، وتهلكها اتّباعا لغيرك ممّن لا ينفع يوم القيامة بين يدي ربّك.
    هذا
    والله أعلم
    وصلّى الله وسلّم
    وبارك على نبيّنا محمّد
    وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدّين
    وكتبه: أبو عبد السلام عبد الصمد بن الحسين سليمان
    كان الله له، وغفر له ولوالديه؛ يوم الجمعة 16 صفر 1445هـ 2023/09/01



    ـــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) طبعة دار الخراز تحقيق أحمد العنزي
    (2) والحكم على الرجال لأهل العلم طبعا وليس لأحاد الناس ممن لا علم لهم ولا دراية لديهم=
    والحكم على المقدَّس فركوس بالبدعة والسرورية إنما فعله أهل العلم والحمد لله ربّ العالمين.
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2023-09-03, 10:48 AM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X