إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الصواعق السلفية في بيان أنَّ من خالف في أصلٍ من الأصول فلا حظَّ له في السلفية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [جديد] الصواعق السلفية في بيان أنَّ من خالف في أصلٍ من الأصول فلا حظَّ له في السلفية


    الحمد لله الذي تكفَّل بحفظ دينه القويم والصلاة والسلام على من تركنا على النهج المستقيم وبعد:
    فإن اللّه قد سخر رجالا أقامهم لنصرة هذا المنهج الصافي الذي رضيه لعباده وأمر باتباع سبيله فقال: {وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
    وصفة هؤلاء الرجال كما صح في بعض الآثار أنَّهم ينفون عن دين الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، ومن كانت هذه صفتهم فهم من يُرْجّعُ إلى فهومهم للنصوص الشرعية عند حلول الفتن ويستضاء بتقريراتهم عند كثرة الخوض من الملبسين الذين يلبسون على ضعاف العلم أمر دينهم.
    ومن الشبهات التي أثيرت مؤخرا في هذه الفتنة التي رفع لواءها رجل كان السلفيون يحسنون الظَنَّ به حتى كشف الغطاء عن منهجه بتقريراته الأخيرة التي نصرَ فيها منهج السرورية والقطبية نصرا مؤزَّرا وهذه الشبهة مفادها:
    "أنَّ من كان محسوبا على المنهج السلفي ومعدودا من أهله إذا خالف أصلا من أصوله فإنَّ مخالفته ترد وكرامته تُحفظ ولو كان يؤصِّل لهذه المخالفة ويعقد عليها الولاء والبراءً"
    وهذه شبهة لطالما أثارها المدافعون عن متبوعيهم ومُعَظَّميهم بالباطل فبدلَّ نصرة الحقِّ وأهله بالحقِّ اختاروا نُصرة الباطل وأهله بالباطل ورداً على شبهتهم هذه إليك أخي طائفة من النقولات السلفية والتقريرات الأثرية عن أئمة العلم والهدى أصحاب السيرة المرضية.

     قال أبو إسحاق الشاطبي رحمه الل في كتابه الجليل الاعتصام:
    "وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْفِرَقَ إِنَّمَا تَصِيرُ فِرَقًا بِخِلَافِهَا لِلْفِرْقَةِ النَّاجِيَةِ فِي مَعْنًى كُلِّيٍّ فِي الدِّينِ وَقَاعِدَةٍ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ، لَا فِي جُزْئِيٍّ مِنَ الْجُزْئِيَّاتِ، إِذِ الْجُزْئِيُّ وَالْفَرْعُ الشَّاذُّ لَا يَنْشَأُ عَنْهُ مُخَالَفَةٌ يَقَعُ بِسَبَبِهَا التَّفَرُّقُ شِيَعًا، وَإِنَّمَا يَنْشَأُ التَّفَرُّقُ عِنْدَ/ وُقُوعِ الْمُخَالَفَةِ فِي الْأُمُورِ الْكُلِّيَّةِ، لِأَنَّ الْكُلِّيَّاتِ تضم من الجزئيات غير قليل، وشأنها في الغالب أن لا تختص بِمَحَلٍّ دُونَ مَحَلٍّ، وَلَا بِبَابٍ دُونَ بَابٍ".

    - ثم قال رحمه الله:
    وَيَجْرِي مَجْرَى الْقَاعِدَةِ الْكُلِّيَّةِ كَثْرَةُ الْجُزْئِيَّاتِ، فَإِنَّ الْمُبْتَدِعَ إِذَا أَكْثَرَ مِنْ إِنْشَاءِ الْفُرُوعِ الْمُخْتَرَعَةِ عَادَ ذَلِكَ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الشَّرِيعَةِ بِالْمُعَارَضَةِ، كَمَا تَصِيرُ الْقَاعِدَةُ الْكُلِّيَّةُ مُعَارَضَةً أَيْضًا، وَأَمَّا الْجُزْئِيُّ فَبِخِلَافِ ذَلِكَ"
    فقرر في هذه الفقرة أن الرجل إذا كثرت شذوذاته المخترعة في أبواب كثيرة حتى إن لم تكن تلك الشذوذات المخالفة لتقريرات العلماء في أصلٍ من الأصول الكلية فإنه يخرج من دائرة الفرقة الناجية بمجموع شذوذاته تلك لكونها تعود على الشريعة بالمخالفة فكيف إذا خالف في أصل من أصولها.
     وفي هذا السياق قال العلامة الجابري رحمه الله في جواب سؤال وجه له ضمن شريط بعنوان جناية التمييع على المنهج السلفي [وقد فرغ وطبع في كتيب صغير]
    متى يخرج الرجل من المنهج السلفي ويحكم عليه بأنه ليس سلفيا؟
    فأجاب الشيخ حفظه الله::
    "هذا بينه أهل العلم وضمنوه كتبهم ونصائحهم وهو ضمن منهجهم وذلك أن الرجل يخرج من السلفية إذا خالف أصلا من أصول أهل السنة وقامت الحجة عليه بذلك وأبى الرجوع هذا يخرج من السلفية كذلك قالوا حتى في الفروع إذا خالف فرعا من فروع الدين فأصبح يوالي ويعادي في ذلك فإنه يخرج من السلفية"
    فانظر كيف جعل المخالفة في فرع من الفروع مع عقد الولاء والبراء على تلك المخالفة مخرجا من السلفية فكيف إذا خالف في أصلٍ من الأصول وعقد على مخالفته الولاء والبراء.
     وفي نفس الصدد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذا التقرير في المجلد الثالث من مجموع فتاويه ص341 فما بعدها، فقال رحمه الله:
    "وَمِمَّا يَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ الطَّوَائِفَ الْمُنْتَسِبَةَ إلَى مَتْبُوعِينَ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَالْكَلَامِ: عَلَى دَرَجَاتٍ مِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ قَدْ خَالَفَ السُّنَّةَ فِي أُصُولٍ عَظِيمَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إنَّمَا خَالَفَ السُّنَّةَ فِي أُمُورٍ دَقِيقَةٍ..." ثم بين أن من تلك الأمور الدقيقة التي وقعت المخالفة فيها وأخرجت صاحبها من دائرة أهل الحق، أن يجعل خطأه ذاك محلا للولاء والبراء وتضليل المخالف وتفسيقه، فقال:
    "وَمِثْلُ هَؤُلَاءِ إذَا لَمْ يَجْعَلُوا مَا ابْتَدَعُوهُ قَوْلًا يُفَارِقُونَ بِهِ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ؛ يُوَالُونَ عَلَيْهِ وَيُعَادُونَ؛ كَانَ مِنْ نَوْعِ الْخَطَأِ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ خَطَأَهُمْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ. وَلِهَذَا وَقَعَ فِي مِثْلِ هَذَا كَثِيرٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا: لَهُمْ مَقَالَاتٌ قَالُوهَا بِاجْتِهَادِ وَهِيَ تُخَالِفُ مَا ثَبَتَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ بِخِلَافِ مَنْ وَالَى مُوَافِقَهُ وَعَادَى مُخَالِفَهُ وَفَرَّقَ بَيْنَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَكَفَّرَ وَفَسَّقَ مُخَالِفَهُ دُونَ مُوَافِقِهِ فِي مَسَائِلِ الْآرَاءِ وَالِاجْتِهَادَاتِ"
    فانظر رحمك الله كيف فرَّق بين الخطأ المغفور الذي وقع فيه الأئمة -وهو الذي لم يُجعل بعدهم مقالة يُنصَبُ عليها العداء والولاء من جهال متبوعيهم وغلاة مقلديهم والمتعصبة لهم- أمَّا إذا حصل بسبب مقالة ذلك المتبوع الذي خالف فيها الحق الولاء والبراء منه ومن متعصبته، كان ذلك مخرجا له من دائرة أهل السنة والجماعة.
    فقال في نفس الموضع بعد ما ذكر ما ينتج عن تلك المقالات الخاطئة من تفرقة وتفسيق وتضليل بل وتكفير من بعض الطوائف: "فَهَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ التَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافَات"
    فانظر كيف حكم عليهم بأنهم أهل فرقة واختلاف وهم من قصدهم عز وجل بقوله تعالى {مِنَ ٱلَّذِینَ فَرَّقُوا۟ دِینَهُمۡ وَكَانُوا۟ شِیَعࣰاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَیۡهِمۡ فَرِحُونَ﴾ قال البغوي رحمه الله: "َقِيلَ: هُمْ أَهْلُ الْبِدَعِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ".
    فتبيَّن مِمَّا سبق أن الرجل قد يفارق أهل السنة إذا خالف أصلا من أصولها الكلية التي قررها أهل الشأن في كتبهم وأيضا يخرج من دائرة السنة إذا خالف في كثير من الجزئيات المتعلقة بأصل كلي وشذَّ بها عن قول أهل الحقِّ فيها وإن لم يخالف في أصل من الأصول الكلية إذا صاحب ذلك عقدٌ للولاء والبراء على شذوذاته، وأيضا حكم بعض أهل العلم على من خالف حتى في فرعٍ واحد إذا عقد على مخالفته الولاء والبراء ونشأ عن ذلك تضليل وتفسيق وتجهيل لمن تمسك بالقول الحقِّ في المسألة خصوصا إذا نُوصح فأبى إلا رُكوب رأسه والإصرار على مخالفته.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه مُقَرّقا بين من يُعذرُ في اجتهاده الخاطئ ومن لا يُعذر كما في مجموع الفتاوى المجلد السادس ص61 :

    "إذَا رَأَيْت الْمَقَالَةَ الْمُخْطِئَةَ قَدْ صَدَرَتْ مِنْ إمَامٍ قَدِيمٍ فَاغْتُفِرَتْ؛ لِعَدَمِ بُلُوغِ الْحُجَّةِ لَهُ؛ فلَا يُغْتَفَرُ لِمَنْ بَلَغَتْهُ الْحُجَّةُ مَا اُغْتُفِرَ لِلْأَوَّلِ فَلِهَذَا يُبَدَّعُ مَنْ بَلَغَتْهُ أَحَادِيثُ عَذَابِ الْقَبْرِ وَنَحْوِهَا إذَا أَنْكَرَ ذَلِكَ وَلَا تُبَدَّعُ عَائِشَةُ وَنَحْوُهَا مِمَّنْ لَمْ يَعْرِفْ بِأَنَّ الْمَوْتَى يَسْمَعُونَ فِي قُبُورِهِمْ؛ فَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ فَتَدَبَّرْهُ فَإِنَّهُ نَافِعٌ. وَهُوَ أَنْ يَنْظُرَ فِي " شَيْئَيْنِ فِي الْمَقَالَةِ " هَلْ هِيَ حَقٌّ؟ أَمْ بَاطِلٌ؟ أَمْ تَقْبَلُ التَّقْسِيمَ فَتَكُونُ حَقًّا بِاعْتِبَارِ بَاطِلًا بِاعْتِبَارِ؟ وَهُوَ كَثِيرٌ وَغَالِبٌ؟ ثُمَّ النَّظَرُ الثَّانِي فِي حُكْمِهِ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا أَوْ تَفْصِيلًا وَاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِيهِ فَمَنْ سَلَكَ هَذَا الْمَسْلَكَ أَصَابَ الْحَقَّ قَوْلًا وَعَمَلًا وَعَرَفَ إبْطَالَ الْقَوْلِ وَإِحْقَاقَهُ وَحَمْدَهُ فَهَذَا هَذَا وَاَللَّهُ يَهْدِينَا وَيُرْشِدُنَا إنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ"
    فكيف أخي السلفي إذا اجتمع في الشخص الواحد جميع هذه الأمور:
    - المخالفة في أصلٍ من أصول أهل السنة والجماعة
    - الشذوذ في كثير من الفروع ومنها ما لها علاقة بالأصول الكلية باعتبارها مندرجة ضمنها
    - ركوب رأسه وإصراره على مخالفته بعد النصح والبيان
    - عقده الولاء والبراء على مخالفاته وتضليله لمخالفه وتفرقته للصف السلفي
    - وانضاف إلى ذلك جملة من الطعونات في أهل العلم ووصفهم بتسييس الفتاوى وترك النصوص واتباع المنظمات الماسونية –كبرت كلمة خرجت من فم قائلها- وثبت في حق ذلك الشخص جملة من السرقات العلمية –الثابتة على تقريره والمرء يحاسب بمذهبه- التي تسقط العدالة كما قرره جمع من العلماء.
    هل بقي عندك أخي السلفي شكٌّ أبعد هذا في طرح هذا الرجل من دائرة السلفيين فإنَّ هذا المنهج كمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفي الخبث عن نفسه.
    - ومع هذا قد يقول قائل: ومن سبق الشاطبي بهذا التأصيل الذي نقلته عنه: أنَّ من خالف في أصلٍ من الأصول فإنَّه يخرج من دائرة أهل السنة والجماعة وإن كانت بقية أصوله سلفية ؟؟
    فيحسن في هذا المقام جوابا على هذا القائل أن أنقل له نقلين عن إمامين مجمع على إمامتهما مع تعليق علمائنا على كلاميهما.
     الأول:
    ما ذكره إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في أصول السنة كما في رواية عبدوس حيث قال رحمه الله:
    "وَمن السُّنَّة اللَّازِمَة الَّتِي من ترك مِنْهَا خصْلَة لم يقبلهَا ويؤمن بهَا لم يكن من أَهلهَا .." ثُمَّ أخذ يعدد أصول السنة.
    قال الشيخ فلاح مندكار -رحمه الله- معلقا على قول الإمام أحمد السابق:
    "وإذا لم يكن من أهل السنة فهو من أهل البدعة"
    وقال العلامة عبيد بن عبد الله الجابري رحمه الله معلقا على نفس الكلام:
    ثم هنا تنبيه في قول المصنف رَحِمَهُ اللَّهُ: "ومن السنة اللازمة التي من ترك منها خصلة لم يقبلها ويؤمن بها لم يكن من أهلها"
    "أن من خالف سُنَّةً عالما عامدا لا يُعدُّ من أهل السنة حتى ينقاد بالسنة كلها، ولا يدع شيئا منها عمدا وعنادا عنها؛ وهذا ما تواتر به النقل عن السلف الصالح فكانوا يزجرون المخالف وإن كانت المخالفة ليست بدعية؛ من ذلكم ما رواه الشيخان عن عبد الله بن مغفل رَضَ اللَّهُ عَنْهُ أنه كان قريب له يخذف بالحصى فقال لا تفعل سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إنها لا تقتل صيدا ولا تنكأ عدوا وإنما تكسر السن وتفقأ العين فأعاد الرجل الخذف فأعاد عليه الحديث ثم في الثالثة قال: لا أكلمك أبدا.» والنقل متواتر عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم؛ ولهذا أخرج الأئمة فرقًا كثيرة من السنة أخرجوهم من أهل السنة وإن كان عندهم صلاح وتقوى وورع وزهد وكانوا صوّامين قوامين لأنهم ركبوا بدعة هذا الذي يجب أ أن يعلمه كل مسلم ومسلمة، فمن ركب بدعة عالمًا عامدًا معاندًا فهو ليس صاحب سنة؛ إذا قامت عليه الحجة فإنه يكون مبتدعا ضالاً. ثم شرع المصنف في تفصيل أصول السنة".
    - ولكن قد يعترض معترض فيقول: مع أنَّك ما صرحت ولكن رُبَّ تلميحٍ أبلغ من تصريح فقد فهمت أنَّك تشير إلى مسألة النصيحة والإنكار على ولاة الأمور: فهل ذكر الإمام أحمد أنَّ النصيحة سرا أصل من أصول منهج أهل السنة والجماعة.
    فيقال جوابا على اعتراضه:
    -الإمام أحمد رحمه الله وغيره ممن أملى في هذا الباب أو ألَّف خصوصا في المختصرات ما قصد حصر أصول السنة وإنَّما ذكر أبرزها وما كان الخلاف منتشرا فيها في زمنه ولهذا قال العلامة عبيد الجابري رحمه الله: "وقول الإمام أحمد رحمه الله في مستهل هذه الرسالة: "أصول السنة عندنا" لا يعني جميع أصول السُنَّة فإنَّه يعني أهمَّها وأولاها بالعناية، فإنَّ أصول السنة في العبادة والمعاملة تزيد على ما احتوته هذه الرسالة، فبان بهذا التقرير أنَّ قوله رحمه الله: "أصول السنة عندنا" الى آخر ما ساقه في هذه الرسالة هو ذكر المثال لا الحصر".
    - ثُمَّ إنَّ غير الإمام أحمد قد ذكر هذا الأصل كما فعل ابن أبي عاصم رحمه الله في كتابه "السنة"حيث عقد بابا قال فيه:
    "كَيْفَ نَصِيحَةُ الرَّعِيَّةِ لِلْوُلَاةِ" ثُمَّ أورد تحته حديث عياض بن غنم الأشجعي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:
    "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِذِي سُلْطَانٍ فَلَا يُبْدِهِ عَلَانِيَةً، وَلَكِنْ يَأْخُذُ بِيَدِهِ فَيَخْلُوا بِهِ، فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ، وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ"
    وتراجم الإمام ابن أبي عاصم إنَّما ساقها مساق الأصول فهذا دليل على أنَّ هذا الأصل كان متقررا عند الأئمة ودرج عليه السلف.
    - ثُمَّ يقال أيضا: أنَّ أئمة السنة مِمَّن جاء بعدهم إلى زمننا لا يُعْلَمُ عن أحدٍ منهم أنَّه صرَّح بخلاف هذا أو جعل مسألة الإنكار العلني على ولاة الأمور في غيبتهم مسألة اجتهادية أو فرعا من الفروع.
    - بل وجدنا منهم التنصيص على أصالتها كما فعل الشيخ أحمد بن عمر بازمول في كتابه السنة في معاملة ولي الأمة وقرظ له الإمامان النجمي وزيد اىمدخلي حيث قال حفظه الله ورحم الله الإمامين:
    "النصيحة لولي الأمر سرا أصل من أصول المنهج السلفي الذي خالفه أهل الأهواء والبدع كالخوارج"
    وكذلك قال الإمام حسن بن عبد الوهاب البنا رحمه الله في تقريظه لكتاب الحدود الفاصلة بين منهج السلف الصالح ومنهج القطبية السرورية لأبي عبد الأعلى المصري معددا رحمه الله ملاحظاته على أبي إسحاق الحويني أصلحه الله:
    "المخالفة الخامسة : سلوكه مسلك الخوارج القعدية في تهييج العامة والغوغاء على الحكام، واستخدامه في سبيل تحقيق هذا ألفاظا عامية لا تليق بمقام ورثة الرسل والموقعين عن رب العالمين، وكأنه تأثر بشيخه كشك غفر الله له، والذي امتلأت خطبه النارية بالإنكار العلني على الحكام، وهذا المسلك مناقض لما كان عليه السلف الصالح، وهو سمة بارزة من سمات السروريين القطبيين الذين هم خوارج العصر"
    - ثم أقلب على السائل المسألة: هل يوجد من أهل العلم من صرح بأنَّ الإنكار العلني على ولاة الأمور فرع من الفروع ؟؟؟
     الثاني
    قول الإمام البربهاري رحمه الله: في كتابه "شرح السنة" "ولا يحل لرجل أن يقول: فلان صاحب سنة حتى يعلم منه أنه قد اجتمعت فيه خصال السنة، لا يقال له: صاحب سنة حتى تجتمع فيه السنة كلها"
    - قال شيخنا أبو الحسن علي الرملي الأردني حفظه الله معلقا على كلام البربهاري السابق:
    "هكذا كان السلف رضي الله عنهم يحكمون على الشخص بالسُّنَّة، يعني:
    - إذا اجتمعت خصال السنة في الشخص؛ إلّا أنّه يرى رأي الخوارج؛ فلا يسمى سنيّاً؛ إنما يسمى خارجياً
    - وإذا اجتمعت فيه خصال السنّة؛ إلّا أنّه يرى رأي المرجئة؛ فهو مرجئ
    - وإذا كان يقول بقول القدرية؛ فهذا قدري
    - وإذا كان يقول بقول الشيعة هذا شيعي.
    وهكذا خصلة واحدة لكنها أصل عندئذ يُحسب المرء على أصحاب تلك الخصلة. فالمسألة ليست مسألة عدد كما يُدندِنُ البعض يقول خالف في كم مسألة اثنتين ؟ ثلاث؟ لا تخرجه من السلفية إذا خالف في مسألة أو مسألتين، المسألة ليست مسألة عدد عند أهل السنة وإنَّما عندهم هل خالف في مسألة أو أربعة أو خمسة؛ المهم في الموضوع ماهي المسألة؟ صفة المسألة؛ هي قضية نوع المسألة: ما هي هذه الخصلة التي خالف فيها ؟
    الخوارج حذر منهم النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر صفتهم ؛ وقال : يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان"، يكفيك هذا كي تحكم على الشخص بأنه خارجي
    فلا يُحكم على شخص بأنّه سنّي سلفي حتى تجتمع فيه السنة، أما إذا قال بقول أهل البدع؛ فهو منهم، لا يُنسب إلى أهل السُّنَّة على التفصيل الذي تقدّم معنا في أوّل الكتاب في هذه المسألة. لكن هنا يؤكد لنا المؤلف ما كان عليه السّلف رضي الله عنهم في ذلك؛ أنهم لا يذكرون الرّجل بأنه سنّي صاحب سنة؛ حتى تجتمع فيه خصال السنّة كلّها، لا أن تجتمع خصلة وتفترق أخرى".
    • ثُمَّ في الأخير: كمثال تطبيقي على ما سبق تأمل أخي السلفي قول العلامة السلفي محمد بن هادي المدخلي حفظه الله حيث وجه له في نهاية محاضرته القيِّمة والتي كانت بعنوان: "ثوابت عادوا للتشكيك فيها" سؤالا مفاده:
    -إذا رأينا شَيئًا أو طالب علم تكلّم عن السلطان علنا فيما ارتكبوا من المحارم؛ هل فعله يُخرجه من السُّنَّة ؟
    فكان جوابه:
    "نعم، نحنُ نُخرج هذا الإنسان، ونقول له: هذا الكلام لا يجوز لك، أولًا. فإذا أخرجناه ونصحناه وكلَّمناه، ثم أصر؛ حينئذ لا شكَّ هذه طريقة الخوارج؛ هم الذين يشهرون أحوال السَّلاطين على النَّاسِ عَلَنَّا؛ لأنَّ هذا طريق «الخوارج القَعَدِيَّة"
    فانزر رحمك الله كيف أنَّ هذا العالم السلفي لم يفرق بين كون هذا القائل ممن يَنْتَسِبُ للسلفيين أو لا؟؟ فإذا أصرَّ على قوله فإنَّ أهل العلم يُبَدِّعونه هذا هو المعروف عنهم تأصيلا وتطبيقا.
    فهل بقي بعد هذه النقول السلفية الأثرية عن الأئمة من السلف والخلف إلا الهوى والتعصب وكما قال سبحانه وتعالى {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ﴾

    والحمد لله ربِّ العالمين

    ك/ أبو الأشبال أيوب الشلفي
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X