إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في بيان الأسئلة الواردة على حديث ابن عمر رضي الله عنهما

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في بيان الأسئلة الواردة على حديث ابن عمر رضي الله عنهما

    بسم الله الرحمن الرحيم

    حديث وفَوَائِدُه
    «في بيان الأسئلة الواردة على حديث ابن عمر»


    قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ".رواه البخاري ومسلم. راجع في هذه الأسئلة: "عمدة القاري" 1/ 120 - 121، و"فتح الباري" 1/ 65 - 66. وقد نقلها العلامة محمد الإثيوبي رحمه الله في كتابه البحر المحيط الثجاج فارجع إليها زادك الله حرصا.

    الأول: ما قيل: ما وجه الحصر في هذه الخمسة؟
    وأجيب: بأن العبادة إما قوليّة، وهي الشهادة، أو غير قوليّة، فهي إما تَركيّ، وهو الصوم، أو فعليّ، وهو إما بدنيّ، وهو الصلاة، أو ماليّ، وهو الزكاة، أو مركّبٌ منهما، وهو الحجّ.

    الثاني: ما قيل: ما وجه الترتيب بينها؟
    وأجيب: بأن الواو لا تدلّ على الترتيب، ولكن الحكمة في الذكر أن الإيمان أصل للعبادات، فتعيّن تقديمه، ثمّ الصلاة؛ لأنّها عماد الدّين، ثمّ الزّكاة؛ لأنّها قرينة الصّلاة في كتاب الله تعالى، ثمّ الحجّ للتّغليظات الواردة فيه ونحوها، فبالضّرورة يقع الصّوم آخرًا.

    الثالث: ما قيل: الإسلام هو الكلمة فقط، ولهذا يُحكم بإسلام من تلفّظ بها، فلم ذكرت الأخوات معها.
    وأجيب: بأنها أظهر شعائر الإسلام، قال النوويّ رحمه الله تعالى: حكم الإسلام في الظاهر يَثبُت بالشهادتين، وإنما أُضيف إليهما الصلاة ونحوها؛ لكونها أظهر شعائر الإسلام، وأعظمها، وبقيامه بها يتمّ إسلامه، وتركه لها يُشعر بانحلال قيد انقياده، أو اختلاله. انتهى.

    الرابع: ما قيل: إن الإسلام هو هذه الخمسة، والمبنيّ لا بدّ أن يكون غير المبنيّ عليه.
    وأجيب: بأن الإسلام عبارة عن المجموع، والمجموع غير كلّ واحد من أركانه، وحاصله أن المجموع غيرٌ من حيث الانفراد، وعينٌ من حيث الجمع، ومثاله البيت من الشَّعْر يُجعل على خمسة أعمدة، أحدها أوسطٌ والبقيّة أركان، فما دام الأوسط قائمًا فمسمّى البيت موجود، ولو سقط ما سقط من الأركان، فإذا سقط الأوسط سقط مسمّى البيت، فالبيت بالنظر إلى مجموعه شيء واحد، وبالنظر إلى أفراده، أشياء، وأيضًا فبالنظر إلى أسّه وأركانه، الأسُّ أصلٌ، والأركان تبعٌ وتكملة.

    الخامس: ما قيل: الأربعة الأخيرة مبنيّة على الشهادة؛ إذا لا يصحّ شيء منها إلا بعد الكلمة فالأربعة مبنيّة، والشهادة مبنيّ عليها، فلا يجوز إدخالها في سلك واحد.
    وأجيب: بأنه لا محذور في أن يُبنى أمرٌ على أمر، ثم يبنى عليهما أمرٌ آخر.
    ويقال: لا نسلّم أن الأربعة مبنيّة على الكلمة، بل صحّتها متوقّفة عليها، وذلك غير معنى بناء الإسلام على الخمس.
    وقال التيمي رحمه الله تعالى: قوله: "بني الإسلام على خمس"، كان ظاهره أن الإسلام مبنيّ على هذه، وإنما هذه الأشياء مبنيّة على الإسلام؛ لأن الرجل ما لم يشهد لا يُخاطب بهذه الأشياء الأربعة، لو قالها فإنّا نحكم في الوقت بإسلامه، ثم إذا أنكر حكمًا من هذه الأحكام المذكورة المبنيّة على الإسلام حكمنا ببطلان إسلامه، إلا أن النبيّ - ﷺ - لَمّا أراد بيان أن الإسلام لا يتمّ إلا بهذه الأشياء ووجودها معه جعله مبنيًّا عليها، ولهذا المعنى سوّى بينها وبين الشهادة، وإن كانت هي الإسلام بعينه.
    قال الكرمانيّ: حاصل كلامه أن المقصود من الحديث بيان كمال الإسلام وتمامه، فلذلك ذكر هذه الأمور مع الشهادة، لا نفس الإسلام، وهو حسنٌ، لكن قوله: ثم إذا أنكر حكمًا من هذه حكمنا ببطلان إسلامه ليس من البحث؛ إذ البحث في فعل هذه الأمور وتركها، لا في إنكارها، وكيف وإنكار كلّ حكم من أحكام الإسلام موجبٌ للكفر، فلا معنى للتخصيص بهذه الأربعة. انتهى.

    قال الشيخ محمد آدم الإثيوبي رحمه الله: وأيضًا قوله: لا يخاطب إلخ فيه نظر؛ إذ هذا مذهب مرجوح، فالحقّ أن الكافر مخاطب بفروع الشريعة، فكان الأولى أن يعبّر بقوله: فلا يُعتدّ بهذه الأشياء إلخ. وللعينيّ اعتراض على كلام الكرمانيّ المذكور، تركت ذكره لعدم جدواه فتنبّه. والله تعالى أعلم.

    السادس: ما قيل: لم يذكر الإيمان بالأنبياء والملائكة عليهم السلام وغير ذلك مما تضمّنه سؤال جبريل عليه السلام؟
    أجيب: بأنّ المراد بالشّهادة تصديق الرسول - ﷺ - فيما جاء به، فيستلزم جميع ما ذُكر من المعتقدات، وقال الإسماعيليّ رحمه الله تعالى ما محصّله: هو من باب تسمية الشيء ببعضه، كما تقول: قرأت "الحمد"، وتريد جميع الفاتحة، وكذا تقول مثلًا: شهدتُ، برسالة محمد - ﷺ -، وتريد جميع ما ذُكر (الفتح 1/ 65). والله تعالى أعلم.

    السابع: ما قيل: لمَ لم يذكر فيه الجهاد؟
    أجيب: بأنه فرض كفاية، ولا يتعيّن إلا في بعض الأحوال، ولهذا جعله ابن عمر رضي الله عنهما جوابًا للسائل، وزاد في رواية عبد الرزّاق في آخره: "وإن كان الجهاد من العمل الحسن".
    وأغرب ابن بطّال، فزعم أن هذا الحديث كان في أول الإسلام قبل فرض الجهاد، وهو خطأ بَيِّنٌ؛ لأن فرض الجهاد كان قبل وقعة بدر، وكانت في رمضان في السنة الثانية، وفيها فُرض الصيام، والزكاة بعد ذلك، والحجّ بعد ذلك على الصحيح.
    وقال الداوديّ: لما فُتحت مكة سقط فرض الجهاد على من بعد من الكفّار، وهو فرض على من يليهم، وكان أوّلًا فرضًا على الأعيان، وقيل: هو مذهب ابن عمر - رضي الله عنهما -، والثوريّ، وابن شُبْرُمة، إلا أن ينزل العدوّ فيأمر الإمام بالجهاد، وجاء في البخاريّ في هذا الحديث في "التفسير": "أن رجلًا قال لابن عمر: ما حملك على أن تحجّ عامًا، وتعتمر عامًا، وتترك الجهاد"، وفي رواية عكرمة بن خالد الآتية في أولها: "أن رجلًا قال لابن عمر: ألا تغزو، فقال: إني سمعت رسول الله -ﷺ - يقول: "إن الإسلام بُني على خمس ... " الحديث، فهذا يدلّ على أن ابن عمر كان لا يرى فرضيّته إما مطلقًا، كما نُقل عنه، أو في ذلك الوقت ( "عمدة القاري" 1/ 121). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. [البحر المحيط الثجاج ، 310_308 /1]
    ​​​​​​انتقاه: أبو عبد الرحمن محمد بن عمار
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2023-01-16, 09:05 AM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X