إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تنبيهان مهمان في الردِّ على المُخَالف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [مذاكرة] تنبيهان مهمان في الردِّ على المُخَالف

    بسم الله الرحمن الرحيم

    تنبيهان مهمان في الرّدّ على المخالف



    التّنبيه الأوّل:
    السلفيُّ الحقيقيُّ هو الذي يبحث عن الدّليل في كُلِّ ما يأتي ويذر ويطالب صاحب كُلِّ قول بدليله؛ لأنَّ مدار الحقِّ والباطل، والصواب والخطأ على الدليل، فلا يأخذ القول بدون دليله لمجرّد أنَّه صدر من مُعَظَّمٍ عنده أو من يعتقد فضله، خصوصا وقد يتهاون إذا تعلَّق القول بمذمّة مخالفٍ له.

    وما أعظم ما قاله الرّجل الصّالح عبد الله بن عمر رضي الله عنه لمَّا أكثروا عليه في مسألة المُتْعَةِ في الحَجِّ وقيل له أتخالف أباك! فكان جوابه سلفيا سُنِّياً رضي الله عنه، فقال «أَفَكِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَحَقُّ أَنْ يُتْبَعَ أَمْ عُمَرُ»[البيهقي رقم ٨٨٧٥/ ج٥ ص٣٠ طبعة العلمية].

    ولهذا فإنَّ اتباع الكلام لعظمة قائله كارثة عظيمة؛ كما قال الشيخ محمّد بن هادي المدخلي حفظه الله

    وما أعظم هذا الكلام من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: «وكثير من النّاس يزن الأقوال بالرّجال، فإذا اعتقد في الرّجل أنّه معَظَّم قَبِل أقوالَه وإن كانت باطلةً مخالفةً للكتاب والسّنّة؛ بل لا يصغي حينئذ إلى مَنْ يردّ ذلك القول بالكتاب والسّنّة؛ بل يجعل صاحبه كأنّه معصوم، وإذا ما اعتقد في الرّجل أنّه غير معَظَّم ردَّ أقوالَه وإن كانت حقًّا، فيجعل قائل القول سببًا للقبول والرّدّ من غير وزن بالكتاب والسنة»[جامع الرسائل والمسائل لشيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله المجلد السابع ص٤٦٢- ٤٦٥ دار عالم الفوائد]

    التّنبيه الثّاني:
    السلفيُّ السُّنِيُّ لا بد أن يَكون رَدُّه على المخالف خالياً من التّعدّي والظّلم ولا يُلْقي التُّهم على مخالفه جِزافا فإنَّ مخالفته لا تُبِيحُ لك ظُلْمَهُ ولا التعدِّي عليه لا بالقول ولا بالفعل فلا بُدَّ أن لا يتجاوز السّلفيُّ حُدُودَ الرّدِّ العلميّ ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله: «وَكَمَا قَدْ يَبْغِي بَعْضُ الْمُسْتَنَّةِ إمَّا عَلَى بَعْضِهِمْ وَإِمَّا عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ بِزِيَادَةِ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَهُوَ الْإِسْرَافُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِمْ: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا}»[مجموع الفتاوى ج١٤ ص٤٨٢].

    وقال أيضا رحمه الله مُبَيِّناً الأمور التي ينبغي أن يُراعِيَها الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر -ومن أعظم ذلك الردُّ على المخالف- قال رحمه الله: «أَنْ يَقُومَ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ مِنْ الْعِلْمِ وَالرِّفْقِ وَالصَّبْرِ وَحُسْنِ الْقَصْدِ وَسُلُوكِ السَّبِيلِ الْقَصْدِ»[نفس المصدر].

    وقال السعدي رحمه الله في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُلتُمۡ فَٱعدِلُوا۟[الأنعام ١٥٢]: «﴿وَإِذَا قُلْتُمْ﴾ قولا تحكمون به بين الناس، وتفصلون بينهم الخطاب، وتتكلمون به على المقالات والأحوال ﴿فَاعْدِلُوا﴾ في قولكم، بمراعاة الصدق فيمن تحبون ومن تكرهون، والإنصاف، وعدم كتمان ما يلزم بيانه، فإن الميل على من تكره بالكلام فيه أو في مقالته من الظلم المحرم. بل إذا تكلم العالم على مقالات أهل البدع، فالواجب عليه أن يعطي كل ذي حق حقه، وأن يبين ما فيها من الحق والباطل، ويعتبر قربها من الحق وبُعدها منه»

    وقد عبَّر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن كلا التّنبيهين في جُمْلَةٍ واحدةٍ في عِدَّةِ مواضِعَ من كلامه فقال في منهاجه رحمه الله: «وَالْكَلَامُ فِي النَّاسِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ، لَا بِجَهْلٍ وَظُلْمٍ، كَحَالِ أَهْلِ الْبِدَعِ»[منهاج السنة النبوية ج٤ ص٣٣٧ تحقيق محمد رشاد سالم]

    وقال في موضع آخر: «وَاَللَّهُ يُحِبُّ الْكَلَامَ بِعِلْمِ وَعَدْلٍ وَيَكْرَهُ الْكَلَامَ بِجَهْلِ وَظُلْمٍ»[مجموع الفتاوى ج١٦ ص٩٧].
    فقوله "بعلمٍ" هذا يتعلّق بالتّنبيه الأوّل وهو الحِرْصُ على طلب الدّليل.
    وقوله "بعدل" هذا يتعلَّق بالتتبيه الثاني وهو البُعْدُ عن التّعدي واجتناب الظُّلْمِ في القول بنسبة أمور للمردود عليه من المخالفين بغير بيِّنَةٍ ولا بُرْهَان.

    وقال رحمه الله: «فَإِنَّ الْعَدْلَ وَاجِبٌ لِكُلِّ أَحَدٍ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ فِي كُلِّ حَالٍ، وَالظُّلْمُ مُحَرَّمٌ مُطْلَقًا، لَا يُبَاحُ قَطُّ بِحَالٍ»[منهاج السنة النبوية ج٥ ص١٢٦ تحقيق محمد.رشاد سالم].

    وأختم بكلام ذهبيٍّ للإمامِ الذهبيِّ رحمه الله حيث قال: «الصَّدعُ بِالْحَقِّ عَظِيْمٌ، يَحْتَاجُ إِلَى قُوَّةٍ وَإِخْلاَصٍ، فَالمُخْلِصُ بِلاَ قُوَّةٍ يَعجِزُ عَنِ القِيَامِ بِهِ، وَالقَوِيُّ بِلاَ إِخلاَصٍ يُخْذَلُ، فَمَنْ قَامَ بِهِمَا كَامِلاً، فَهُوَ صِدِّيْقٌ، وَمَنْ ضَعُفَ، فَلاَ أَقَلَّ مِنَ التَّأَلُّمِ وَالإِنكَارِ بِالقَلْبِ، لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ إِيْمَانٌ -فَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ-»[سير أعلام النبلاء ج١١ ص٢٣٤ طبعة الرسالة]

    فليس كُلُّ من دَخَلَ ميدان الردِّ على المخالف هو من أهله فما أبعدنا عنهم رحمهم الله
    أبو الأشبال أيوب الشلفي
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2023-01-15, 08:50 AM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X