إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

خطورة تتبع عورات المسلمين وبعض الصور المنتشرة بين الناس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خطورة تتبع عورات المسلمين وبعض الصور المنتشرة بين الناس

    بسم الله الرحمن الرحيم


    خطورة تتبع عورات المسلمين
    وبعض الصور المنتشرة بين الناس


    الحمد لله رب العالمين،وصلى الله عليه وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع بهداه،أما بعد:
    فقد روى الترمذي (2032) عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لاَ تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلاَ تُعَيِّرُوهُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ».
    ورو أبو داود (4880) عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ »


    - إن نبينا صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين،ونصح الأمة،وتركها على المحجة البيضاء،ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك،ومن نصحه صلى الله عليه وسلم أنه بيّن خطورة أذية المسلمين وتعييرهم وتتبع عوراتهم.
    - صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر ليراه الناس جميعا،وليعلموا أهمية ما سيلقى عليهم،ثم نادى بصوت رفيع ليَبلُغ ذلك أسماعهم،ويَنفُذ إلى قلوبهم،وناداهم بنداء فيه تخويف لمن عمل هذه الأعمال.
    - (يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه): نداء فيه التحذير والزجر والوعيد يشعر بأن هذه الصفات التي سيذكرها هي من صفات المنافقين،ولا شك أن المؤمن ينفر من صفات أهل النفاق ويجتنبها ويبتعد عنها،ومن يفعل هذه الأفعال فهو ناقص في إيمانه.
    - (
    لا تؤذوا المسلمين) أي لا تذكروهم بما يسوؤهم ولا تتبعوا ذلك مما تكشفون به سترهم، وقد ستروا على أنفسهم وأخفوه عن أعين الناس، ولم يحبوا أن يطلعوا عليه.
    - (ولا تعيّروهم): قال القاري (3157/8): مِنَ التَّعْيِيرِ وَهُوَ التَّوْبِيخُ وَالتَّعْيِيبُ عَلَى ذَنْبٍ سَبَقَ لَهُمْ مِنْ قَدِيمِ الْعَهْدِ، سَوَاءٌ عَلَى تَوْبَتِهِمْ مِنْهُ أَمْ لَا. وَأَمَّا التَّعْيِيرُ فِي حَالِ الْمُبَاشَرَةِ أَوْ بُعَيْدَهُ قَبْلَ ظُهُورِ التَّوْبَةِ، فَوَاجِبٌ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا يَجِبُ الْحَدُّ أَوِ التَّعْزِيرُ، فَهُوَ مِنْ بَابِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ.
    - (ولا تتبعوا عوراتهم): قال ابن رسلان في شرح أبي داود:(608/18): والعورات: جمع عورة، وكل خلل أو عيب أو نقص في الآدمي فهو عورة، فالمؤمن لا يتبع عيوب أخيه، بل يتبع عيوب نفسه الذي يسأل عنها.انتهى
    تتبع العورات له صور كثيرة،ومظاهر مختلة يجمعها أن كل عيب أو خلل أو نقص في الآدمي فهو من العورة التي يحرم تتبعها.

    ومن صور تتبع العورات:
    - منها: ما سبق إيراده أن يتجسس الإنسان على أخيه ليُخرج عيوبه،وما تستر به فلم يُرد إظهاره وكشفه.
    - ومنها: الاطلاع على العورات والكشف عنها بالنظر إليها، وقد استجدت في هذا الزمان هذه الوسائل التي ستعملها ضعاف الإيمان يبثونها في الأماكن المختلفة ليكشفوا عورات الناس، فما أقبح هذا العمل الذي يدل على رقة في الدين، وسخافة في العقل، وخبث في الطباع ودناءة في المروءة.
    - ومن صور ذلك مما له تعلق بهذه الأجهزة أن يتتبع الإنسان أخاه المسلم في حال لا يُجب أن يُرى فيها لتغير أحواله، وتقلب أموره، كمن يصور حوادث المرور، أو نكبات الدهر أو غيرها مما يقع على المسلم من موت أو جراح أو حزن أو ألم وشدة أو ذهاب مال ونقصه، فيأتي من يصوره على تلك الحال ويبثها في الآفاق ربما حتى بالبث المباشر، والعجيب أنه بدل أن يمد له يد العون في كربته تجده يبث هاتفه متوجها إليه ليحظى بتصوير متقن دقيق، والله المستعان، وهذه الصورة داخلة في الحديث لأنه يشملها عموم تتبع العورات التي فيها تتبع كل حلل ونقص لا يحب الإنسان أن يطلع عليه.
    - ومن صور التتبع للعورات تتبع عورات ولاة الأمر قال العلامة ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: وكذلك غيبة الأمراء وولاة الأمور الذين جعل الله لهم الولاية على الخلق فإن غيبتهم تتضاعف لأن غيبتهم توجب احتقارهم عند الناس وسقوط هيبتهم وإذا سقطت هيبة السلطان فسدت البلدان وحلت الفوضى والفتن والشر والفساد ولو كان هذا الذي يغتاب ولاة الأمور بقصد الإصلاح فإن ما يفسد أكثر مما يصلح وما يترتب على غيبته لولاة الأمور أعظم من ذنب ارتكبوه لأنه كلما هان شأن السلطان في قلوب الناس تمردوا عليه ولم يعبئوا بمخالفته ولا بمنابذته وهذا بلا شك ليس إصلاحاً بل هو إفساد وزعزعة للأمن ونشر للفوضى.
    - ومن صور تتبع العورات تتبع عورات العلماء قال العلامة ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين (393/2): ((ومن النصح أيضاً لعلماء المسلمين: أن لا يتتبع الإنسان عوراتهم وزلاتهم وما يخطئون فيه؛ لأنهم غير معصومين، قد يزلون وقد يخطئون، وكل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، ولا سيما من يتلقى العلم فإنه لا يجب أن يكون أبلغ الناس في تحمل الأخطاء التي يخطئ بها شيخه، وينهه عليها، فكم من إنسان انتفع من تلاميذه؛ ينبهونه على بعض الشيء؛ على الخطأ العلمي، أو على الخطأ العملي، وعلى أخطاء كثيرة؛ لأن الإنسان بشر.
    لكن الشيء المهم أن لا يكون حريصاً على تلقي الزلات، فإنه جاء في الحديث: ((يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه؛ لا تؤذوا
    المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه فضحه الله ولو في بيت أمه))، هذا وهم مسلمون عمامة فيكف بالعلماء.
    إن الذين يلتقطون زلات العلماء ليشيعوها ليسوا مسيئين للعلماء شخصياً وحسب، بل مسيئون للعلماء شخصياً، ومسيئون إلي علمهم الذي يحملونه، ومسيئون إلي شريعة التي تتلقى من جهتهم؛ لأن العلماء إذا لم يثق الناس فيهم، وإذ اطلعوا على عوراتهم التي قد لا تكون عورات إلا على حسب نظر هذا المغرض، فإنه تقل ثقتهم بالعلماء وبما عندهم من العلم، فيكون في هذا جناية على الشرع الذي يحملونه من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام.
    لذلك من نصيحتك لأئمة المسلمين من أهل العلم أن تدافع عن عوراتهم، وأن تسترها ما استطعت، وأن لا تسكت إذا سمعت شيئاً بل نبّه العالم، وابحث معه واسأله، ربما ينقل عنه أشياء غير صحيحة، وقد نُقل عنا وعن غيرنا أشياء غير صحيحة، لكن الناس- نسأل الله العافية- إذا كان لهم هوى وأحبوا شيئاً وعرفوا أحداً من أهل العلم يقبل الناسُ قوله، نسبوه لهذا العالم، ثم إذا سألت نفس الذي نسب إليه القول، قال أبداً ما قلت كذا، وقد يخطئ السائل مثلاً في صيغة السؤال، فيجب العالم على قدر السؤال ويفهمه السائل على حسب ما في نفسه هو، فيحصل الخطأ وقد يجيب العالم بالصواب بعد فهم السؤال لكن يفهمه السائل على غير وجهه فيخطئ في النقل.
    وعلى كل حال من النصيحة لأئمة المسلمين في العلم والدين أن لا يتتبع الإنسان عوراتهم، بل يلتمس العذر لهم، اتصل وقل سمعت عنك كذا وكذا هل هذا صحيح فإذا قال: نعم، قل: أظن أن هذا خطأٌ غلط حتى يبين لك وربما يشرح شيئاً لا تعرفه وتظن أنه أخطأ فيه، وربما قد خفي عليه شيء فتنبهه أنت، وتكون مشكوراً على هذا، وقد قال أول إمام في الدين والسلطة في هذه الأمة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر رضي الله عنه، حيث خطب أول خطبة، قال للناس وهو يخاطبهم يتحدث عن نفسه: إن اعوججت فأقيموني. وذلك لأن الإنسان بشر.
    فقوّم أخاك ولا سيما أهل العلم، لأن العالم خطره عظيم، الخطر الزللي، والخطر الرفيع، لأن كلمة الخطر تكون للعلو والنزول، فهو خطره عظيم، إن أصاب هدى الله على يده خلقاً كثيراً، وإن أخطأ ضلّ على يد خلق كثير فزلة العالم من أعظم الزلات.
    ولهذا أقول: يجب أن نحمي أعراض علمائنا، وأن ندافع عنهم، وأن نلتمس العذر لأخطائه من ولا يمنع هذا أن نتصل بهم، وأن نسألهم، وأن نبحث معهم، وأن نناقشهم حتى نكون مخلصين ناصحين لأئمة المسلمين.
    انتهى
    ولا يدخل في هذا جرح المجروحين والكلام على المخالفين، فإن بيان أخطائهم للناس من النصيحة في دين الله عز وجل حتى لا تختلط المفاهيم التي تجعل بعض الناس يستعمل هذه الأحاديث في غير محلها ويجعل ما هو من النصيحة في دين الله غيبة وتتبعا للعورات.
    ومثل هذه المسالك يسلكها أهل الشبهات من أهل الأهواء من المتتعبين لعورات العلماء والأمراء والطاعنين فيهم فيحولون بين الناس وبين الشرع المبين ويزكون المنحرفين ويطعنون في الأمناء العدول الثقات.
    - (فإن من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته،ومن تتبع الله عورته يفضحه الله ولو في جوف رحله): من الجزاء لهؤلاء المتتبعين لعورات الناس أن يسلط الله عليهم من يتتبع عوراتهم ويظهرها حتى في المكان الذي يستتر فيه عن الناس.
    فليحذر العبد من هذه الصفات التي توقعه في المحرمات،وتكسبه الآثام.

    ومن جميل الشعر الذي يُختم به ما أورده السفاريني في غذاء الألباب شرح منظومة الآداب 1/265:وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ:
    لَا تَلْتَمِسْ مِنْ مَسَاوِي النَّاسِ مَا سَتَرُوا :::: فَيَكْشِفَ اللَّهُ سِتْرًا مِنْ مَسَاوِيكَا
    وَاذْكُـرْ مَحَاسِنَ مَا فِيهِمْ إذَا ذُكِرُوا :::: وَلَا تَعِبْ أَحَـدًا مِنْهُمْ بِمَا فِيكَا
    وَاسْـتَغْنِ بِاَللَّهِ عَنْ كُلٍّ فَـإِنَّ بِهِ :::: غِنًـى لِكُلٍّ وَثِـقْ بِاَللَّهِ يَكْفِـيكَا




    التعديل الأخير تم بواسطة إدارة الإبانة السلفية; الساعة 2020-12-07, 08:04 AM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X