إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أهمية التكسب لطالب العلم وشناعة استغلال الدعوة إلى الله للتأكل بها ونيل المآرب. (للأخ: عبد الحميد الهضابي)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أهمية التكسب لطالب العلم وشناعة استغلال الدعوة إلى الله للتأكل بها ونيل المآرب. (للأخ: عبد الحميد الهضابي)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    أهميّة التكسّب لطالب العلم
    وشناعة استغلال الدعوة إلى الله للتّأكّل بها ونيل المآرب



    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اقتفى أثره، واستن بسنته إلى يوم الدين، أما بعد:
    فهذه كلمات يسيرات، وتعليقات وتنبيهات مهمّات لبعض إخواننا طلبة العلم الذين تركوا التكسّب في المعاش، والاحتراف في طلب الرزق، أو من باب الطمع ارتموا في أحضان أرباب الأموال مع ماعندهم من مخالفات؛ وذلك على سبيل المصاحبة والمؤاكلة والمشاربة، وهكذا سفرا وحضرا، ومجانسة وتزلّفا لهم، وطمعا فيما عندهم من هذه الدنيا الدنية التي لا تساوي عند الله جناح بعوضة، ولو كانت كذلك ما سقى منها كافراً جرعة ماء.
    وهكذا أيضا يتأكّلون بدين الله تعالى، ويستغلون الدعوة إلى الله لأكل أموال الناس بالباطل، ولنيل مآربهم الشخصية، وما ينتج من جرّاء ذلك من التّنازلات في دين الله، ومجاملتهم في عدم أمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، ونحو ذلك من المصائب والعظائم.
    وهذا لا ينكره إلا جاحد أم مكابر، وكل ذلك عيب وشنار وقبح وسوء القصد والمقصد.
    وداهية الدهياء أن يتنزّل طوليب العلم لهذه المنزلة الخسيسة الوضيعة، ويسأل الناس دنياهم، ويتأكّل بدين الله تعالى في ذلك بدعوته إلى الله، كيف لا؟، وقد خالف نبراسه وقدوته في ذلك -صلى الله عليه وسلم-، وإخوانهم من الأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم، حيث كانوا يترفّعون عن هذا الخلق الذميم، كان أقوامهم يحتاجونهم في أخراهم، وهم لا يطمعون في دنياهم فضلا أن يسألوهم إيّاها، بل يعطونها لهم إن وجدت وتيّسر لهم ذلك، قال الله تعالى عن محمد صلى الله عليه وسلم: {قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد } [سبأ/47].
    والله عزوجل يقول في حقّ نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {ولا يسألكم أموالكم إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم} [سورة محمد آية: 37].
    وقال تعالى عن نوح صلى الله عليه وسلم: {وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين } [الشعراء/109].
    ويقول سبحانه وتعالى حاكيًا عن بعض الصالحين إذ ينصح قومه للهدى ودين الحقّ :{اتّبعوا من لا يسألكم أجرًا وهم مهتدون}
    ويقول سبحانه وتعالى عن نبي الله هود عليه السلام: {وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلاّ على ربّ العالمين}.
    وهكذا حكى عن صالح، ولوط، وشعيب، عليهم السلام.
    فطالب العلم لابدّ أن يتكسّب ولا يبقى عالة على الناس، وأن يتّخذ الأسباب المرضية في طلب الرزق التي هي مثل أنفاس البشر، وأن يكون قنوعا عفيفا متعفّفا، (ومن يستعفف يعفّه الله) كما في الخبر عنه صلى الله عليه وسلم.
    وأن يكون مقتصدا في معيشته، ولا يسأل غيره من حطام الدنيا الدنية إلا للضّرورة، وعلى قدر الحاجة، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «قد أفلح من أسلم، ورزق كفافا، وقنّعه الله بما آتاه».[1]
    وبين صلى الله عليه وسلم أن عزّ المسلم استغناؤه عن سؤال الناس، فعن سهل بن سعد رضي الله عنهما قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل، وعزّه استغناؤه عن الناس.[2]
    وكان عليه الصلاة والسلام يبايع أصحابه على عدم سؤال الناس شيئا ، فعن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنهما قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أو ثمانية أو سبعة، فقال: "ألا تبايعون رسول الله؟"، وكنا حديثي عهد ببيعة، فقلنا: قد بايعناك -يا رسول الله-، ثم قال: "ألا تبايعون رسول الله؟"، فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله، ثم قال: "ألا تبايعون رسول الله؟"، قال: فبسطنا أيدينا وقلنا: قد بايعناك -يا رسول الله-؛ فعلام نبايعك؟ قال: "على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، والصلوات الخمس، وتطيعوا" وأسر كلمة خفية: "ولا تسألوا الناس شيئاً"، فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحداً يناوله إياه.[3]
    وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن يتقبل لي بواحدة ،أتقبل له بالجنة؟» قلت: أنا، قال: «لا تسأل الناس شيئا» قال: " فكان ثوبان يقع سوطه وهو راكب، فلا يقول لأحد: ناولنيه، حتى ينزل فيأخذه.[4]
    فينبغي لطالب العلم أن يكون متحليّا بالزهد الحقيقي الذي يرضاه الله تعالى من طالب العلم، والذي رغّب فيه نبيّنا صلى الله عليه وسلم، وحثّ الأمة عليه ، كما في حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنهما قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل، فقال: يا رسول الله دلني على عمل إذا أنا عملته أحبني الله وأحبني الناس؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس».[5]
    وعلى ذلك مضى سلفنا الصالح حيث قال عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه : إنِّي لأرى الرَّجل فيعجبني، فأقول: له حِرفة؟ فإن قالوا: لا، سَقَطَ من عيني.
    ويروى عن الفاروق رضي الله عنه أيضا أنه رأى قوما قابعين في ركن المسجد بعد صلاة الجمعة، فسألهم من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون على الله، فعلاهم عمر بِدِرَّتِهِ ونهرهم وقال: لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق، ويقول اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، وإن الله يقول: { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} [الجمعة: 9، 10]،
    وقال ابن عباسٍ رضي الله عنهما: كانَ أهل اليمنِ يحجون ولا يتزودونَ ويقولونَ: نحنُ متوكلونَ، فيَحجونَ فيأتونَ مكةَ فيسألونَ الناسَ فأنزل اللهُ: {وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197].
    وقد كان محمَّد بن سيرين رحمه الله إذا أتاه رجلٌ من العرب، قال له: ما لكَ لا تتَّجر؟! كان أبو بكر تاجرَ قُريش.
    وسأل رجل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله فقالَ: أيخرجُ أحدُنا إلى مكةَ متوكلاً لا يحملُ معه شيئاً؟ قال : لا يعجبُني فمن أينَ يأكلُ؟ قالَ: يتوكلُ فيعطيه الناسُ، قال: فإذا لم يُعطوه أليس يَتشرفُ حتى يُعطوه؟ لا يُعجبني هذا، لم يبلغُني أن أحداً من أصحابِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم والتابعينَ فعل هذا، ولكن يعملُ ويطلبُ ويتحرى.
    وقيل لأحمد بن حنبل رحمه الله : ما تقول في رجل جلس في بيته أو مسجده ؟ وقال : لا أعمل شيئا حتى يأتيني رزقي ؟ فأجابه رحمه الله بقوله : هذا رجل جهل العلم ؛ أما سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله جعل رزقي تحت ظل رمحي، وقال حين ذكر الطير: تغدو خماصا وتروح بطانا، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجرون في البر والبحر ويعملون في نخلهم والقدوة بهم.[6]
    وكان سفيان بن مسروق الثوري رحمه الله : إذا أتاهُ الرجلُ يطلب العلمَ سَأَلَهُ: هل لك وَجْهُ معيشةٍ؟ فإِنْ أخبره أنه في كفايةٍ أَمَرَهُ بطلب العلم، وإِنْ لم يكن في كفايةٍ أَمَرَهُ بطلب المَعاش.[7]
    وقال ـ رحمه الله ـ أيضًا : يا مَعْشَرَ القُرَّاء، ارْفَعوا رؤوسَكم فقَدْ وَضَحَ الطريقُ، واعْمَلوا ولا تكونوا عالةً على الناس.[8]
    وقد رغّب الشارع الحكيم في التكسّب والاحتراف بالحرف المباحة أيّما ترغيب ، وحثّ على ذلك أيّما حثّ ، والنصوص الشرعية في ذلك كثيرة جدا ، من ذلك :
    ماجاء عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا، فيأكل منه طير، أو إنسان، أو بهيمة، إلا كان له به صدقة»[9]
    وعن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الكسب أطيب؟ قال: «عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور».[10]
    والأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام على علوّ قدرهم ، ورفعة منزلتهم ومكانتهم كانت لهم مهن يتكسّبون من ورائها ، فكانوا كلهم رعاة ، وهكذا كانت لهم مهن أخرى، من ذلك :
    آدم عليه الصلاة والسلام كان مزارعا.
    ونوح عليه الصلاة والسلام كان نجاراً.
    وإدريس عليه الصلاة والسلام كان خيّاطا.
    وإبراهيم عليه الصلاة والسلام كان بزازاً، أي تاجر أقمشة.
    وإسماعيل عليه الصلاة والسلام كان قنّاصاً.
    وداوود عليه الصلاة والسلام كان حدادا.
    وإلياس عليه الصلاة والسلام كان نسّاجاً.
    وخاتمتهم نبينا صلى الله عليه وسلم كان يرعى الغنم ثم أصبح تاجرا
    وكذلك أصحابه رضي الله عنهم كانوا يعملون، ويسعون في طلب الرزق، ولم يكونوا عالة على الناس :
    فكان أبو بكر رضي الله عنه تاجر أقمشة.
    وعمر بن الخطاب رضي الله عنه كان تاجرا.
    وعثمان بن عفان رضي الله عنه كان تاجرا.
    وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه كان عاملا وكان يقول مفتخراً:
    لحملي الصخر من قمم الجبال.....أحب إلي من منن الرجال
    يقول الناس لي في الكسب عار.....فقلت العار في ذل السؤال

    وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه كان تاجراً.
    وهكذا سلفنا الصالح من أئمة الإسلام منهم : الزيّات ،والسمان ، والتاجر ، والحداد ،والنسّاج ,وهكذا غيرهم كثير ، ممتثلين قوله تعالى : { وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا } [القصص: 77]، وبقوله تعالى : { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } [الملك: 15]، وما ثبت عن المقدام رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: « يدهما أكل أحد طعاما قط، خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام، كان يأكل من عمل».[11]
    ولو ذكرنا مهن البقية من الصحابة رضي الله عنهم وسلفنا الصالح من الأئمة الأعلام لطال بنا المقال ، والشاهد من ذلك : أن طالب العلم لابد أن يصون نفسه ، ووأن يصون ماتعلّمه من ميراث النبي عليه الصلاة والسلام ، ولا يتأكل بدين الله تعالى كما نراه عيانا من بعض إخواننا الدعاة السلفيين -للأسف- يصاحب أرباب الأموال ولو كانوا فساقا فجارا سفرا وحضرا ، مؤاكلة ومشاربة ، ويترك إخوانه السلفيين من الفقراء والمساكين.
    قال شيخنا صالح الفوزان حفظه الله : فعلى المسلم أن يجدَّ ويجتهد في طلب الرزق ليغني نفسه عن الناس وليغني من تلزمه نفقته، وليتصدق ولينفق في وجوه الخير إذا رزقه الله مالاً فنعم المال الطيب للرجل الطيب، ووجوه طلب الرزق كثيرة والحمد لله وميسرة...
    وكذلك من وجوه الكسب المباحة أن يتعلم الإنسان المهن والحرف التي يكتسب من وراءها من الصناعة وغير ذلك من المهن التي يستفيد منها أموال مباحة، وكان نبي الله داوود عليه السلام يصنع الدروع ويبيعها ويأكل من ثمنها ولهذا جاء في الحديث: إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده ، إن أطيب ما يأكل المؤمن من كسب يده، وإن داود عليه السلام كان يأكل من كسب يده مع أنه نبي وملك لكنه لا يأكل إلا من كده ومن عمل يده فكذلك المؤمن يطلب الحرف والصناعات والمهارات التي يعيش من وراءها ويستغني من مردودها، فيتعلم ما يدر عليه من الرزق مما أباح الله سبحانه وتعالى، يتعلم الهندسة يتعلم الطب يتعلم الحدادة يتعلم كل ما فيه نفعٌ وفيه مردود حلال ليحصل على الرزق، وكذلك من وجوه الاكتساب الاحتراف والكد باليد الاحتراف والكد ولهذا جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله شيئا من المال فرأى فيه قوةً وجلداً، رأى فيه الرسول انه قوي فقال: ماذا عندك؟ فذكر له أشياء يسيرة في بيته فأمره أن يحضرها فأحضرها فباعها الرسول صلى الله عليه وسلم وأخذ ثمنها وأعطاه إياه وقال: أذهب واحتطب ولا أراك مدة كذا وكذا ، فذهب الرجل وصار يحتطب ويبيع حتى اكتسب دراهم كثيرة، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه دراهم فأخبره بذلك فقال: هذا خير لك من المسألة ، قال عليه الصلاة والسلام: لئن يذهب أحدكم بأحبله إلى الجبل فيحتطب ويبيع خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه.اهـ
    ومِن تعظيم الله تعالى في طلب التكسّب الحلال مع حسن النية أن جعله في سبيل الله تعالى ، وهو : ما رواه عن كعب بن عجرة قال: مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل، فرأى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من جلده ونشاطه ما أعجبهم، فقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله، وإن خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج رياء وتفاخرا فهو في سبيل الشيطان.[12]
    وهكذا أيضا بالمقابل الشارع الحكيم زجر أيّما زجر ، من ترك التكسّب وسأل الناس أو طمع فيما عندهم ، فعن الزبير بن العوام رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لأن يأخذ أحدكم حبله، فيأتي بحزمة الحطب على ظهره، فيبيعها، فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه».[13]
    والأخبار والآثار في ذلك كثيرة جدا ، وليس هذا موضع بسطها وذكرها.
    ولريحانة اليمن مقبل بن هادي رحمه الله رسالة مهمّة في بابها ،فينبغي لطويلب العلم أن ينظر فيها ،ويتصفّحها ،ويمتثل ما جاء فيها ،وذلك لما اشتملته وتضمّنته من النصوص الشرعية والأخبار والآثار السلفية في ذلك.
    وبهذا يتقرّر جليّا عدم انفصالِ طلب الرزق ،والتكسّب بالحلال عن طلبِ العِلم والدعوة إلى الله، والقدوة في ذلك ماذكرناه آنفا من هدي الأنبياء والمرسلين عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم ، وهكذا من مضى على دربهم من الصحابة الميامين ، وأئمة الدين والصالحين وعباد الله المؤمنين.
    وقد أجاد من قال :
    لَحَمْلُ الصَّخْرِ مِنْ قِمَمِ الْجِبَالِ.....أَحَبُّ إِلِيَّ مِنْ مِنَنِ الرِّجَالِ
    يَقُولُ النَّاسُ كَسْبٌ فِيهِ عَارٌ.....فَقُلْتُ الْعَارُ فِي ذُلِّ السُّؤَالِ

    ولنختم بكلام ماتع جميل لعالم إفريقية العلامة محمد علي فركوس حفظه الله ،حيث قال :
    مِنْ أعظمِ أسبابِ حِفْظِ مكانةِ الداعية إلى الله وتعظيمِ شَرَفِه وعِزِّه أَنْ يعمل على تكوينِ دخلٍ ماليٍّ لنَفْسِه مِنْ مصدرِ رِزقٍ مُناسِبٍ يدفع به حاجتَه، ويقنع بما آتاهُ اللهُ مِنْ فضله، ويُحقِّق به الكفافَ ويتعفَّف عن السؤال فيما يحتاجه في مَطْعَمِه ومَلْبَسِه ومَسْكَنِه ونحوِ ذلك، لا يسأل إلَّا اللهَ تعالى، ويرغب إليه فيه، ويستغني به عن الناس؛ فإذا ضُمَّ المالُ إلى العِلم حَازَ الداعيةُ على الكمال والعِفَّة والقناعة.
    هذا وصلى الله على نبيا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.
    كتبه : عبد الحميد الهضابي
    12 / 06 / 1439
    مكة المكرمة


    ــــــــــــــــــــــــ
    الحواشي :
    [1] ـ أخرجه مسلم (1054)
    [2] ـ أخرجه الطبراني في "الأوسط"(4/ 306) (4278)، وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"( 627).
    [3] ـ أخرجه مسلم (1043)
    [4] ـ أخرجه أحمد (37/90)( 22405)،و ابن ماجه (1/588)( 1837)،وصححه الألباني في "صحيح الجامع"( 7307).
    [5] ـ أخرجه ابن ماجه (2/1373( 4102) ،والطبراني(6/193)( 5972) ، والحاكم (4/348)(7873) وقال: صحيح الإسناد. والبيهقي في "شعب الإيمان" (7/344)( 10522)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع"( 922).
    [6] ـ "المجالسة وجواهر العلم"(3/123)
    [7] ـ «حِلْية الأولياء» (6/381)
    [8] ـ «حِلْية الأولياء» (6/381)
    [9] ـ أخرجه مسلم (1553)
    [10] ـ أخرجه أحمد (4/141)( 17304) ، والطبراني (4/276) (4411) ، والحاكم (2/13)( 2160) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (2/85)( 1229) ، وصححه الألباني في "صحيح الجامع"( 1033).
    [11] ـ أخرجه البخاري (2072).
    [12] ـ أخرجه الطبراني في "المعجم الوسيط"(7/56)( 6835)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع"( 1428).
    [13] ـ أخرجه البخاري (1471).
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2020-07-25, 11:56 AM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X