الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فالعبث بالقرآن له صور كثيرة، منها:
ما يفعله السحرة ومن وضع المصحف في القاذورات وكتابته بالبول والحيض والنجاسات وعمله كالحداء والمش به وغير هذا من صور العبث وهذا كله كفر والعياذ بالله ليتقرب الساحر للشياطين ليخدموه في أعماله الشيطانية.
ومن صور العبث بالقرآن إخضاع آيات القرآن للإعجاز العلمي.
ومن هذا العبث تحرف ألفاظ القرآن ومعانيه، ومنه ادعاء الباطنية أن للقرآن معاني ظاهرة وباطنة، ويأتون من هذه المعاني الباطنة بالكفريات والتأويلات البعيدة.
وهذه الأفعال منها ما هو أشد مما فعله أهل الجاهلية الأولين بالقرآن.
قالت كفار قريش: {لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه} [فصلت: 26].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) : (({والغوا فيه} أي: إذا تلي لا تسمعوا له. كما قال مجاهد: {والغوا فيه} يعني: بالمكاء والصفير والتخليط في المنطق على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآن قريش تفعله.
وقال الضحاك، عن ابن عباس: {والغوا فيه} عيبوه.
وقال قتادة: اجحدوا به، وأنكروه وعادوه)) اهـ.
وقول: {والغوا فيه}، يدل على شناعة قولهم وفعلهم، وفيه مشابهة لهم بالحيوان.
قال ابن منظور رحمه الله في ((لسان العرب)) : ((وقال غيرهما: اللاغية واللواغي بمعنى اللغو مثل راغية الإبل ورواغيها بمعنى رغائها، ونباح الكلب لغو أيضا)) اهـ.
فمن عبث بالقرآن فيه شبه بالحيوان بل منهم من هو أضل {أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون} [الأعراف: 179].
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.