إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الوجيز في مسألة الإتباع و التقليد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الوجيز في مسألة الإتباع و التقليد

    بسملة


    الوجيز في مسألة الإتباع و التقليد
    ------


    الحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. أما بعد:
    فإن مسألة التقليد والإتباع من المسائل التي خاض فيها كثير ممن ينتسب إلى أهل السنة والجماعة فضلا عن غيرهم من أهل الأهواء. وهذا الخوض قد جعلهم أقساما بين الجفاة والغلاة ووفق الله جل وعلا أهل العلم إلى القول الوسط المبني على الأدلة والجامع لهذه الأحكام.


    أولا: التقليد:
    التقليد هو: مأخوذ من القلادة تقول قلدتك القلادة أي جعلتها في عنقك وقلدتك المنصب والمكان أي جعلته أمانة في عنقك.
    وأما إصطلاحا فهو كما قال الشيخ محمد إبن هادي المدخلي حفظه الله ( هو الرجوع إلى قول لاحجة لقائله عليه)
    وقد استقرأ أهل العلم حال التقليد فوجدوه أن الأصل فيه محرم إلا لمضطر قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ( التقليد بالنسبة للمؤمن كالميتة للمضطر)
    قال الله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )
    النحل، وهذا للصنف الجاهل الذي لا يعلم الأدلة فيكون دينه في غيره وأما تتمة الآية بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ فإن هذا هو الأصل سؤال أهل العلم والأخذ بفتواهم الموصلة للأدلة من الكتاب والسنة قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (كل ما عدا الله ورسوله يحتج له لا يحتج به)
    وأجود من قسم التقليد وفصل فيه الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين فقسمه إلى التقليد السائغ والتقليد الواجب والتقليد المحرم وبينها نذكر منها على سبيل الإختصار قال: (ففيها ما يحرم القول فيه والإفتاء به وفيه ما يجب المصير إليه وفيها مايسوغ من غير إيجاب)
    قال الشيخ محمد ابن هادي المدخلي حفظه الله مفصلا: (النوع الأول الذي يحرم القول فيه والإفتاء به فهو على ثلاثة أنواع :
    أ- الإعراض عما أنزل الله جل وعلا وعدم الإلتفات إكتفاءا بتقليد الآباء ( كما هو صنيع الكفرة وأهل البدع من المتصوفة والمنحرفين)
    ب- تقليد من لا يعلم المقلد أنه أهل لأن يؤخذ بقوله ( كتقليد الجهال والمتصدرة المتشبهين بأهل العلم وهم ليسوا منهم فلم يعرفوا لا بطلب علم ولا بمكانة في الدين ولا دراية)

    ج- التقليد بعدم قيام الحجة وظهور الدليل على خلاف قول المقلد ( وهذا يكون في الذين إدعوا العصمة في أئمتهم وظنوا بأنهم أحاطوا بما لم يحط به غيرهم وأَصَّلوا قاعدة باطلة كما هو شأن المتصوفة كن مع شيخك كما يكن الميت مع غساله وقولهم الباطل إعتقد ولا تنتقد وهذا كله مذموم وليس بحال الصعافقة ببعيد وهذا لا يخف عن فضيلتكم الذين يعتقدون إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام).
    وقد ذم الله جل وعلا هذه الثلاثة في غير موضع من كتابه وقال ابن القيم رحمه الله في اعلام الموقعين بعد ذكر التقليد: (للتقليد المحرم أيضا إتخاذ أقوال رجل بعينه بمنزلة نصوص الشريعة ولايلتفت إلى قول من سواه بل ولا إلى نصوص الشرع إلا إذا وافقت نصوص شرع قوله) انتهى كلامه رحمه الله.
    فإن هؤلاء جعلوا الميزان هو أقوال من قلدوا فتعرض أقوال الكتاب والسنة على أقوال من قلدوا فإن وافقت أخذوا وإن لم توافق أعرضوا عن أحكام الشريعة نسأل الله العافية.
    قال الشيخ محمد ابن هادي المدخلي حفظه الله: (وأما من عدل عن الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وعن معرفة الحق بالدليل مع تمكنه ثم ذهب إلى التقليد فهو كمن عدل إلى الميتة مع قدرته على المذكى.
    النوع الثاني: الذي ما يجب المصير إليه
    قال في اعلام الموقعين عليه رحمة الله: (إن الله سبحانه أمر بسؤال أهل الذكر والذكر هو القرآن والحديث الذي أمر الله نساء نبيه أن يذكرونه بقوله (
    وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا 34)
    الأحزاب
    فهذا هو الذكر الذي أمرنا الله بإتباعه وأمر من لا علم عنده أن يسأل أهله وهذا هو الواجب على كل أحد أن يسأل أهل العلم بالذكر الذي أنزله على رسوله ليخبروه به فإذا أخبروه به لم يسعه غير إتباعه) انتهى كلامه
    وهنا ينقسم الناس إلى مقلد ومتبع فالمقلد الذي لا يدرك الأدلة فيسأل من يثق في دينه وعلمه في ما أفتاه عمل به
    وأما المتبع يسأل من يثق في دينه وعلمه ويتبع البينات التي بنى عليها هذه الفتوى فيحقق قاعدة كل يحتج له لا به إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبقى الميزان الصحيح لقوله هو قول الله وقول رسوله وإجماع السلف

    النوع الثالث: وهو السائغ من غير إيجاب فقد ذكره ابن القيم رحمه الله في اعلام الموقعين
    في مجلد 2 ص 169 قال: ( وأما تقليد من بذل جهده في إتباع ما أنزل الله وخفي عليه بعضه فقلد فيه من هو أعلم منه فهذا محمود غير مذموم ومأجور غير مأزور)
    قال الشيخ محمد ابن هادي المدخلي حفظه الله: (وهذا الذي ذكره ابن القيم رحمه الله قد ذكره قبله شيخ الإسلام في الفتاوى قال فأما القادر على الإجتهاد فهل يجوز له التقليد؟ هذا فيه خلاف والصحيح أنه يجوز حيث عجز عن الإجتهاد
    • إما لتكافئ الأدلة
    • إما لضيق الوقت عن الإجتهاد
    • وإما لعدم ظهور دليل له
    فإنه حيث عجز سقط عنه وجوب ما عجز عنه وإنتقل إلى التقليد) انتهى كلامه
    وقال في موضع آخر: (إن المتبع وطالب العلم والعالم إذا عجزوا عن إدراك الدليل فإنهم ينزلون إلى درجة التقليد وقد وقع هذا في زمان السلف كما نقل هذا الإمام أحمد وغيره
    وهذا ماتيسر في التقليد على قلة الباع وضعف البضاعة).


    ثانيا: الإتباع:
    فهو ما ثبتت عليه الحجة وكل من أوجب عليك إتباع الدليل الذي في قوله فأنت متبع له.
    قال ابن عبد البر في كتابه
    جامع بيان العلم وفضله مجلد 2 ص 993: (التقليد في دين الله غير صحيح والإتباع في الدين مسوغ والتقليد ممنوع)، وهو منقول كذلك عن ابن القيم رحمه الله في أعلام الموقعين
    وقال ابن القيم رحمه الله: (الإتباع هو سلوك طريق المتبع والإتيان بمثل ما أتى)
    وطريقة المتبعين حقا أنهم يكونون على طريقة من يتبعون الحجة وينقادوا للدليل ولم يتخذ رجلا يعينه سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم يجعله ميزانا على الأقوال مثل كتاب الله جل وعلا وهو التحقيق الحقيقي لقولك في الشهادة وأشهد أن محمد رسول الله أي لا متبع حقا إلا رسول الله وغيره يُتبع لإتباعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو التوحيد الذي قسمه بعض أهل العلم وجعلوه رابعا ويسموه توحيد الإتباع

    هذا ما يسر الله نقلا عن الأعلام في ضبط مسألة الفرق بين التقليد والاتباع
    وآخر دعوانا أن الحمد رب العالمين.
    ------
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2020-05-09, 10:56 AM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X