إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الصلاة خلف التلفاز والمذياع عند انتشار الوباء (كرونا)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الصلاة خلف التلفاز والمذياع عند انتشار الوباء (كرونا)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الصلاة خلف التلفاز والمذياع عند انتشار الوباء (كرونا)

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
    أما بعد:
    فمما يحسن التنبيه عليه أن صلاة الجمعة والجماعة واجبة في المسجد، ومما يدل على وجوبها في المسجد أنها شرعت جماعة في صلاة الخوف أن تيسر.
    قال الله تعالى: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك} [النساء: 102].
    كذلك من الأدلة على وجوبها أن رسول الله عليه الصلاة والسلام لم يعذر ابن أم مكتوم وهو رجل أعمى للتخلف عن الصلاة في المسجد.
    عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له، فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى، دعاه، فقال: ((هل تسمع النداء بالصلاة؟)).
    قال: نعم.
    قال: ((فأجب)).
    أخرجه مسلم.

    كما أن من يصلي خلف التلفاز والمذياع ربما وقع في مخالفة أخرى وهي الصلاة منفردا في الصف، وبعض المحققين من أهل العلم رجحوا بطلان الصلاة.
    عن ابن شيبان رضي الله عنه، وكان من الوفد قال: خرجنا حتى قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم، فبايعنا وصلينا خلفه، فرأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فوقف عليه نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى انصرف، فقال: ((استقبل صلاتك، فلا صلاة للذي خلف الصف)).
    قال الإمام الألباني رحمه الله في ((إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل)) : ((أخرجه ابن أبى شيبة (2/13/1) : حدثنا ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر قال: حدثني عبد الرحمن بن على بن شيبان عن أبيه.
    ورواه ابن ماجه (1003) من طريق ابن أبى شيبة , والطحاوي وابن سعد (5/551) وابن خزيمة (1/164/2) وابن حبان في صحيحه (401 و402) والبيهقي وأحمد (4/23) وابن عساكر (15/99/1) من طرق عن ملازم به.
    قلت: وهذا سند صحيح ورجاله ثقات كما قال البوصيري في الزوائد)) اهـ.

    ومن تعذر عليه حضور الجمعة والجماعة لأي عذر من مرض أو انتشار وباء (كورونا) أو خوف أو غير ذلك من الأعذار، فلا يجوز له الصلاة خلف التلفاز أو المذياع لتخلف شرط الاجتماع في المكان، ومن كان خارج المسجد يلزم اتصال الصفوف على الراجح من كلام العلماء.
    ومن يصلى خلف التلفاز أو المذياع أخل بهذا الواجب.
    قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)): ((إذا كان خارج المسجد فيشترط لذلك شرطان:
    الشرط الأول: سماع التكبير.
    الشرط الثاني: رؤية الإمام أو المأمومين، إما في كل الصلاة على ظاهر كلام المؤلف، أو في بعض الصلاة على المذهب.
    وظاهر كلامه: أنه لا يشترط اتصال الصفوف فيما إذا كان المأموم خارج المسجد وهو المذهب.
    والقول الثاني: وهو الذي مشى عليه صاحب ((المقنع)) : أنه لا بد من اتصال الصفوف، وأنه لا يصح اقتداء من كان خارج المسجد إلا إذا كانت الصفوف متصلة؛ لأن الواجب في الجماعة أن تكون مجتمعة في الأفعال ـ وهي متابعة المأموم للإمام ـ والمكان. وإلا لقلنا: يصح أن يكون إمام ومأموم واحد في المسجد، ومأمومان في حجرة بينها وبين المسجد مسافة، ومأمومان آخران في حجرة بينه وبين المسجد مسافة، ومأمومان آخران بينهما وبين المسجد مسافة في حجرة ثالثة، ولا شك أن هذا توزيع للجماعة، ولا سيما على قول من يقول: إنه يجب أن تصلى الجماعة في المساجد.
    فالصواب في هذه المسألة: أنه لا بد في اقتداء من كان خارج المسجد من اتصال الصفوف، فإن لم تكن متصلة فإن الصلاة لا تصح.
    مثال ذلك: يوجد حول الحرم عمارات، فيها شقق يصلي فيها الناس، وهم يرون الإمام أو المأمومين، إما في الصلاة كلها؛ أو في بعضها، فعلى كلام المؤلف تكون الصلاة صحيحة، ونقول لهم: إذا سمعتم الإقامة فلكم أن تبقوا في مكانكم وتصلوا مع الإمام ولا تأتوا إلى المسجد الحرام.
    وعلى القول الثاني: لا تصح الصلاة؛ لأن الصفوف غير متصلة. وهذا القول هو الصحيح، وبه يندفع ما أفتى به بعض المعاصرين من أنه يجوز الاقتداء بالإمام خلف (المذياع)، وكتب في ذلك رسالة سماها: ((الإقناع بصحة صلاة المأموم خلف المذياع))، ويلزم على هذا القول أن لا نصلي الجمعة في الجوامع بل نقتدي بإمام المسجد الحرام؛ لأن الجماعة فيه أكثر فيكون أفضل، مع أن الذي يصلي خلف (المذياع) لا يرى فيه المأموم ولا الإمام، فإذا جاء (التلفاز) الذي ينقل الصلاة مباشرة يكون من باب أولى، وعلى هذا القول اجعل (التلفزيون) أمامك وصل خلف إمام الحرم، واحمد الله على هذه النعمة؛ لأنه يشاركك في هذه الصلاة آلاف الناس، وصلاتك في مسجدك قد لا يبلغون الألف.
    ولكن؛ هذا القول لا شك أنه قول باطل؛ لأنه يؤدي إلى إبطال صلاة الجماعة أو الجمعة، وليس فيه اتصال الصفوف، وهو بعيد من مقصود الشارع بصلاة الجمعة والجماعة)) اهـ.
    وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((تعليقات على الكافي)): ((اشترط المؤلف للاقتداء فيمن كان خارج المسجد أن تتصل الصفوف وظاهره أنها إذا لم تتصل لم يصح الاقتداء ولو سمع صوتاً وهذا هو الأقرب لأن المراد بالجماعة الاجتماع أن يجتمع الناس في المكان كما يجتمعون في الأفعال ولأننا لو قلنا بصحة الاعتماد على مطلق الصوت لانفتح علينا باب لا يمكن سده الباب الذي لا يمكن سده أن يقول قائل أنا أصلي في بيتي خلف إمام المسجد الحرام لأن الصلاة تنقل على الهواء في التلفزيون وجماعتي أكثر من جماعتكم ومكان إمامي أفضل من مكان إمامكم فأنا صلاتي أتم من صلاتكم لأني أسمع وأشاهد حتى أسمع نَفَس الإمام وربما يكون سماعي لذلك أقوى من سماع بعض الذين في المسجد الذي في بلدي ولو فتح هذا الباب لحصل في ذلك شر كثير وإن كان بعض المعاصرين نسأل الله لنا ولهم الهداية قال إنه يصح أن يصلي الإنسان خلف المذياع قبل أن يأتي التلفزيون وكتب في ذلك رسالة سماها الإقناع في صحة الصلاة خلف المذياع وعلى هذا تجعل الراديو أمامك وتصلي خلف الإمام الذي تسمعه والصحيح أنه لابد أن يكون اجتماع في المكان)) اهـ.
    وسئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله كما في ((مجموع فتاواه ورسائله)): ((هل للمسلم أن يصلي مع الصلاة التي تنقل في التلفزيون أو الإذاعة من دون أن يرى الإمام خصوصاً للنساء؟
    فأجاب فضيلته بقوله:
    لا يجوز للإنسان أن يقتدي بالإمام بواسطة الراديو أو بواسطة التلفزيون؛ لأن صلاة الجماعة يقصد بها الاجتماع, فلا بد أن تكون في موضع واحد, أو تتصل الصفوف بعضها ببعض, ولا تجوز الصلاة بواسطتهما, وذلك لعدم حصول المقصود بهذا, ولو أننا أجزنا ذلك لأمكن كل واحد أن يصلي في بيته الصلوات الخمس, بل الجمعة أيضاً, وهذا مناف لمشروعية الجمعة والجماعة, وعلى هذا فلا يحل للنساء ولا لغيرهن أن يصلي أحد منهم خلف المذياع أو خلف التلفاز. والله الموفق)) اهـ.
    وسئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((فتاوى نور على الدرب)): ((إذا كانت الصلاة تنقل في الإذاعة أو التلفاز على الهواء مباشرة هل يجوز للمرأة أن تصلى مع الإذاعة أو التلفاز صلاة التهجد في شهر رمضان المبارك وكذلك صلاة الجمعة مع العلم أن هناك فارق توقيت لمدة ساعة تقريبا وتقصد متابعة مكة المكرمة؟
    فأجاب رحمه الله تعالى:
    لا يجوز للإنسان أن يتابع الإمام بواسطة التلفزيون ولا بواسطة الإذاعة وذلك لأن من شرط المتابعة أن يكون الإنسان في المكان الذي فيه الإمام فيحضر إلى المسجد الذي فيه الإمام إلا إذا امتلأ المسجد واتصلت الصفوف فإن الصلاة تصح ولو خارج المسجد ومن المعلوم أن الذي يشاهد التلفاز من المسجد الحرام أو المسجد النبوي وهو في أماكن أخرى لا ينطبق عليه هذا الشرط فلا يصح الائتمام بإمام تنقل صلاته عبر التلفزيون أو عبر الهاتف سواء كان المصلى امرأة أو رجلا مريضا أو رجلا صحيحا بل يقال من قدر أن يحضر إلى المكان فليحضر ومن لم يقدر فلا يقتدي بإمام بعيد عنه)) اهـ.
    وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((فتاوى نور على الدرب)): ((لا تصح الصلاة خلف المذياع أو خلف التلفزيون اقتداءً بالإمام الذي يسمعه من خلال ذلك لأن صلاة الجماعة لا بد أن يكون الناس فيها مجتمعين وأن تتصل صفوفهم فإذا كانوا خارج المسجد ولم تتصل الصفوف فإن صلاتهم لا تصح ولو سمعوا تكبير الإمام وتسميعه وقراءته لأن الجماعة مشتقة من الجمع ولا بد من الاجتماع والاجتماع لا يحصل مع هذا البعد والتفرق ثم إنه لو فتح للناس هذا الباب لتكاسل الناس عن صلاة الجماعة ولصار كل واحد منهم يصلى خلف المذياع أو خلف التلفزيون ويقول أنا أدركت الجماعة ولا حاجة إلى أن أخرج وأتعب نفسي)) اهـ.
    وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((فتاوى نور على الدرب)): ((وأما صلاتك خلف المذياع فإن هذا لا يجوز وذلك لأن الجمعة لابد أن يكون فيها اجتماع على إمام واحد وكيف الاجتماع وبينك وبين هذا الإمام مسافات بعيدة جداً هذا إذا قُدر أن صلاة الجمعة تنقل مباشرة على الهواء من المسجد فكيف ويحتمل أنها لم تنقل على الهواء ولكننا نقول إن كانت لم تنقل على الهواء فإنها لا تصح بلا إشكال في ذلك وإن كانت تنقل على الهواء مباشرة فإنها لا تصلح أيضاً وذلك لفوات المقصود من الجمعة وهو الاجتماع على إمام واحد في المكان والأفعال والمسافات البعيدة هذه لا يتحقق معها هذا الشرط الذي لابد منه في الجمعة والجماعة أيضاً)) اهـ.

    مما سبق يتبين بطلان ما قاله أحمد بن محمد ابن الصديق الغماري في كتابه ((الإقناع بصحة الصلاة خلف المذياع))، وأن من صلى خلف التلفاز أو المذيع فصلاته لا تصح وعليه أن يعيدها.
    قال العلامة ابن باز رحمه الله في ((فتاوى نور على الدرب)): ((لا شك أن صلاة الجمعة واجبة على المسلمين، ولكن ليس لك أن تصلي خلف المذياع)) اهـ.
    وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((فتاوى نور على الدرب)): ((الاقتداء بالإمام خلف المذياع أو التلفاز غير جائز، تعاد الصلاة لمن صلى خلف المذياع أو التلفاز مقتدياً بالإمام وهو جالس في بيته وصلاته غير صحيحة وتجب إعادتها)) اهـ.
    هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    كتبه
    عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
    طرابلس الغرب: يوم الخميس 7 رمضان سنة 1441 هـ
    الموافق لـ: 29 أبريل سنة 2020 ف
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X