إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بشّروا ولاتنفروا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بشّروا ولاتنفروا

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد: فإن نشر الطمأنينة وبعث روح التفاؤل ونشر البشارة خصلة من خصال الملائكة والأنبياء والصالحين بله إن بعثها في الناس من الوصايا الإلهية العظيمة التي لابد أن يعمل بها العبد في كل آن وحين، فالكريم يتشبه بالصالحين وعلى نهج الصلاح يسير ففي كتاب الله قل ماتمر على آية إلا ووجدت فيها التبشير بالخير للمومنين وحسن الظن بالله سبحانه ,كيف لا والله سبحانه يقول عن كتابه ككل أنه هدى وبشرى"قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ" ويقول أيضا " قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ" فقد جاء القران لتبشير عباد الله المومنين وكذلك السنة النبوية فقد كان صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه على تبشير الناس بالخير وبعث روح التفاؤل فيهم، فعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا بَعَثَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ، قَالَ: «بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا.فهذا هو الذي يجب أن يكون عليه المؤمن لكي يحي حسن الظن بربه في قلبه وفي قلوب العباد,ومن الأمور التي تخفف على المؤمن المصيبة والجائحة التي به هي تسلية خبره بأخبار من قبله فتكون سلوة له فيقوى به إيمانه ويزداد حسن ظنه بربه وتبعث روح الفأل فيه من جديد,ومن باب قوله سبحانه"ووَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ" جمعت بعض الأخبار من كتاب الله وسنة رسول الله وكيف كانت عاقبة الصابرين فيها والمحتسبين فدونكم هذه الأخبار:

    -وصية الله لعباده المومنين( وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) قال السعدي رحمه الله: {ولا تهنوا ولا تحزنوا} أي: ولا تهنوا وتضعفوا في أبدانكم، ولا تحزنوا في قلوبكم، عندما أصابتكم المصيبة، وابتليتم بهذه البلوى، فإن الحزن في القلوب، والوهن على الأبدان، زيادة مصيبة عليكم، وعون لعدوكم عليكم، بل شجعوا قلوبكم وصبروها، وادفعوا عنها الحزن وتصلبوا على قتال عدوكم، وذكر تعالى أنه لا ينبغي ولا يليق بهم الوهن والحزن، وهم الأعلون في الإيمان، ورجاء نصر الله وثوابه، فالمؤمن المتيقن ما وعده الله من الثواب الدنيوي والأخروي لا ينبغي منه ذلك، ولهذا قال [تعالى] : {وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}اه وهذا ماينبغي أن يكون عليه المِؤمن في كل مصيبة تجتاحه أن يتقوى بنور الله سبحانه ولايكون من القانطين


    -وصية الله لمريم عليها السلام (فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) قال السعدي رحمه الله :وقال لها: لا تحزني، أي: لا تجزعي ولا تهتمي، فـ {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} أي: نهرا تشربين منه اه.وهذه بشارة لكل مصاب محزون صابر محتسب أن الله تعالى سيجعل له نصرا وفرحا عاجلا غير اجل بإذنه سبحانه

    -وصية الله وبشارته لأم موسى (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) وفي هذا العام الذي ولد فيه موسى عليه السلام كما قال ابن كثير في تفسيره كان فرعون قد أمر بقتل كل ذكر ولد في هذا العام وَكَانَ لفرعون ناس مُوَكَّلُونَ بِذَلِكَ، وَقَوَابِلُ يَدُرْنَ عَلَى النِّسَاءِ، فَمَنْ رَأَيْنَهَا قَدْ حَمَلَتْ أَحْصَوُا اسْمَهَا، فَإِذَا كَانَ وَقْتُ وِلَادَتِهَا لَا يَقْبَلُهَا إِلَّا نِسَاءُ الْقِبْطِ، فإن وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ جَارِيَةً تَرَكْنَهَا وَذَهَبْنَ، وَإِنْ وَلَدَتْ غُلَامًا دَخَلَ أُولَئِكَ الذَّبَّاحُونَ بِأَيْدِيهِمُ الشِّفَارُ الْمُرْهَفَةُ فقتلوه ومضوا، قبحهم الله تعالى فَلَمَّا حَمَلَتْ أُمُّ مُوسَى بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهَا مَخَايِلُ الْحَمْلِ كَغَيْرِهَا، وَلَمْ تَفْطِنْ لَهَا الدَّايَاتُ وَلَكِنْ لَمَّا وَضَعَتْهُ ذَكَرًا ضَاقَتْ بِهِ ذَرْعًا، وَخَافَتْ عَلَيْهِ خَوْفًا شَدِيدًا، وَأَحَبَّتْهُ حُبًّا زَائِدًا، وَكَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ إِلَّا أَحَبَّهُ، فَالسَّعِيدُ مَنْ أَحَبَّهُ طَبْعًا وَشَرْعًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي)

    -يقول السعدي رحمه الله هنا: {وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} فبشرها بأنه سيرده عليها، وأنه سيكبر ويسلم من كيدهم، ويجعله الله رسولا وهذا من أعظم البشائر الجليلة، وتقديم هذه البشارة لأم موسى، ليطمئن قلبها، ويسكن روعها اه.فأي رحمة أعظم من هذه يبعثها الله على عباده المومنين وأي ابتلاء أعظم من هذا أن تذبح فلذة كبدك على مرأى منك ولكن تباشير المولى لعباده بأنه هو أرحم الراحمين بعباده المومنين

    -الرسل الذي جاءوا إبراهيم عليه السلام :"قَالُوا۟ لَا تَخَفۡ إِنَّاۤ أُرۡسِلۡنَاۤ إِلَىٰ قَوۡمِ لُوط" قال ابن كثير رحمه الله : وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قِيلَ تُبَشِّرُهُ بِإِسْحَاقَ وَقِيلَ بِهَلَاكِ قَوْمِ لُوطٍ.... وَقَوْلُهُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنِ الْمَلَائِكَةِ: قالُوا لَا تَخَفْ أَيْ قَالُوا لَا تَخَفْ مِنَّا إِنَّا مَلَائِكَةٌ أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ لِنُهْلِكَهُمْ، فَضَحِكَتْ سَارَّةُ استبشارا بهلاكهم لكثرة فسادهم وغلظ كفرهم فَلِهَذَا جُوزِيَتْ. بِالْبِشَارَةِ بِالْوَلَدِ بَعْدَ الْإِيَاسِ، وَقَالَ قتادة ضحكت وعجبت أَنَّ قَوْمًا يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ اه.وماأعظم لطف الكريم بنا سبحانه كيف كان بعد الخوف بشارة تهلل بها وجه زوج إبراهيم عليه السلام وهذا من لطف ربنا سبحانه بعباده

    -وهذا نبينا صلى الله عليه وسلم يقول لصاحبه مبشرا "إِذ یَقُولُ لِصَـٰحِبِهِۦ لَا تَحزَن إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا" يقول السعدي رحمه الله تعالى: فهما في تلك الحالة الحرجة الشديدة المشقة، حين انتشر الأعداء من كل جانب يطلبونهما ليقتلوهما، فأنزل الله عليهما من نصره ما لا يخطر على البال.

    {إِذْ يَقُولُ} النبي صلى الله عليه وسلم {لِصَاحِبِهِ} أبي بكر لما حزن واشتد قلقه، {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} بعونه ونصره وتأييده. {فَأَنزلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} أي: الثبات والطمأنينة، والسكون المثبتة للفؤاد، ولهذا لما قلق صاحبه سكنه وقال {لا تحزن إن الله معنا}اه.فمهما احتدمت مصائب الدنيا وأحيط بالمومنين الذعر والخوف وجاءتهم الأخطار وتسلط عليهم الأعداء فإن الله تعالى يجلّي عنهم هذه الغمة بإذنه سبحانه وهو القادر على ذلك


    -وفي هذا الباب نصوص كثيرة من الكتاب والسنة فالله تعالى لم يجعل عباده المومنين ليعذبهم كما يعذب القوم الكافرين وإنما يبشرهم وينذرهم وما جعله لهم من ابتلاء ومحن ليرفعهم به عنده في عليين وهذا لمن صبر واحتسب، وشكر وذكر, والله ولي الذين آمنوا فنعم المولى ونعم النصير ،ومن هذا أيضا ماجاء في السنة من التباشير ومنها نذكر يوم إسلام عمر كما جاء في مختصر السيرة حيث أعز الله به الإسلام وكان الصحابة حينها قلة قليلة يخافون بطش الكفار وعدوانهم وهم في دار الأرقم يخافون الخروج وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأيام" اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك : إما عمر بن الخطاب ، أو أبي جهل بن هشام ' فكان أحبهما إلى الله : عمر رضي الله عنه فكانت البشارة أن أسلم عمر رضي الله عنه حينها وقال للنبي صلى الله عليه وسلم أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد . فقلت : يا رسول الله ، ألسنا على الحق ، إن متنا أو حيينا ؟ قال : بلى . فقلت : ففيم الاختفاء ؟ والذي بعثك بالحق لنخرجن ، فخرجنا في صفين . حمزة في صف ، وأنا في صف - له كديد ككديد الطحن - حتى دخلنا المسجد . فلما نظرت إلينا قريش أصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها قط . فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' الفاروق ' . وقال صهيب : لما أسلم عمر رضي الله عنه جلسنا حول البيت حِلقاً ، فطفنا واستنصفنا ممن غلظ. فدائما رحمة الله وبشائره تتوالى على المومنين الصادقين بل إن العبد المؤمن بعد الابتلاء والصبر يأتيه الفرج ويكون أقوى مما كان عليه

    وفي هذا الباب أيضا مما جاء أيضا أن المومن عليه بالرضا بقضاء الله وقدره وألا يجزع فمن هدي النبي صلى عليه وسلم أيام الغزو والصحابة في القتال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم مخبرا بأن الله ناصرهم فيحثهم على القتال فتُبعث فيهم روح الإيمان فيزدادون صبرا وقتالا وموتا في سبيل الله وقد نهج نهج النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة من بعده فهذا أبو بكر رضي الله عنه كما جاء في الجامع الصحيح يقول يوم موت محمد صلى الله عليه وسلم باعثا في الأمة روح الإيمان والتفاؤل وناشرا في الناس الخير بعد موت نبيها: فبعد أن حمد الله وأثنى عليه قال مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ، أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ؟ , وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا , وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: وَاللهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَهَا حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ) فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ فَمَا يُسْمَعُ بَشَرٌ إِلَّا يَتْلُوهَا. فانجلت بعض غمائم المصيبة على من كان هناك يومها، وهذه هي أعظم مصيبة حطت بالإسلام وأهله وهذا هو نهج الأنبياء والرسل والصحابة ومن كان على نهجهم أنهم يبعثون روح الإيمان في عباد الله ولايكون هذا إلا بتذكيرهم وتسلية أخبارهم بأخبار من كان قبلهم فيقوى حسن الظن بربهم ويزيد تعلقهم به ولو أصابهم ماأصابهم من أمراض ووباء وحروب
    قال العلماء كما في شرح مسلم للنووي: حسن الظن بالله تعالى، أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه والذي يتأمل في أحوال الرسل عليهم السلام، والصالحون من بعدهم يجد أنهم متفائلون في أحلك الظروف، والشدائد، فهذا موسى عليه السلام ومن معه عندما لحق بهم فرعون وجنوده وأصبح البحر أمامهم، والعدو خلفهم كان متفائلًا ومحسنًا للظن بربه، قال تعالى حاكيًا عنه ﴿ فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُون * قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِين. فإنّا ولله الحمد راضون بقدر الله ومااختاره لنا فنحن عباده وهو ولينا والقادر على كل شيئ وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

    سيف أبو حفص غفر الله له ولوالديه وسائر المومنين
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X