إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مقالة الامام البوشنجي في ذمه لعلم الكلام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقالة الامام البوشنجي في ذمه لعلم الكلام

    بسملة



    مقالة الامام البوشنجي رحمه الله
    في ذمه لعلم الكلام
    ------



    إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهدي الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الاخيار رضي الله عنهم​ اما بعد :
    فإن أهل السنة والجماعة الذين ساروا على نهج الصحابة رضي الله عنهم، يصدرون من كتاب الله تعالى وإليه يرجعون، وبه يحكمون وإليه يتحاكمون، يعملون بمحكمه، ويردون إليه متشابهه، ويصدقون بأخباره، ويذعنون لأوامره، ويسلمون لأحكامه، حتى نبتت في الإسلًام نابتة ناقص إيمانها، ضعيف يقينها قد استحكمت الشبهات فيها، فأعرضت عن كتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم​، وابتغت الحق والعلم في غير ما أنزل الله تعالى، وكان من هؤلاء من افتعل أزمات حادة بين العقل والوحي، رفعوا العقل فيها إلى منصب القاضي، في عقائدهم ونهجهم حتى زرعوا شبههم بين الناس؛ لكن بفضل الله وحده ، انبرى لهؤلاء علماء جهابذة وردوا على هذه الشبه وبينوا للناس معتقد أهل السنة والجماعة وسلف هذه الأمة والحق الذي جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم.

    ومن هؤلاء الجهابذة؛ الإمام الفقيه المحدث أبو عبد الله البوشنجي رحمه الله​ الذي ظهر في عصره كالشوكة في حلوق أهل الكلام وبيان وحي ربها ومنهج سلفها رضي الله عنهم​ إنه الإمام العلًامة، الحافظ، ذو الفنون، شيخ الإسلًام، أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم بنسعيد بن عبد الرحمن بن موسى العبدي، الفقيه المالكي، البوشنجي، شيخ أهل الحديث فيعصره بنيسابور.
    ولد سنة 204 هجري، وارتحل شر قا وغربا ، سمع من الإمام أحمد وسعيد بن منصور وغيرهما من الكبار، وجمع وصنف، وسار ذكره، وبعد صيته.
    وتوفي في غرة المحرم سنة 291 هجري .فدفن من الغد، وصلى عليه ابن خزيمة (١) رحمه الله.
    كتب مقالة بيّنََ فيها معتقد أهل السنة والجماعة، وذم فيها أهل الكلام.

    قال رحمه الله​:
    ( الواجب على جميع أهل العلم والإسلًام:
    - أن يلزموا القصد الاتباع وأن يجعلوا الأصول التي نزل بها القرآن وأتت بها السنن من الرسول غايات للعقول، ولايجعلوا العقول غايات للأصول
    فإن الله عز وجل​ ورسوله صلى الله عليه وسلم​ قد يفرق بين المشتبهين، ويباين بين المجتمعين في المعقول؛ تعبدا وبلوى ومحنة ومتى ورد على المرء وارد من وجوه العلم،لا يبلغه عقله، أو تنفر منه نفسه، وينأى عنه فهمه، وتبعد عنه معرفته وقف عنده، واعترف بالتقصير عن إدراك علمه، وبالحسور عن كنه معرفته ويعلم أن الله عز وجل​ ورسوله صلى الله عليه وسلم​ لو كشف عن علة ذلك الحادث، وأبان وأوضح عن سببه، وعن المراد من مخرجه: لأدركته عقولنا ولو كان كل ما أتى به الحكم من الله عز وجل​ والأمر بتعبده أتانً مكشوفا بيانه، موضحة علته، لم يكن للعباد بلوى ولا محنة وإنما المحن الغلًاظ والبلوى الشديدة للأمور والفروض التي لا تكشف عللها؛ ليسلم العباد لها تسليما، ويقفوا عندها إيمانًا
    ولولا ما وصفناه كان الذي سبق إليه فكر العقول منا أن واجبا في كل ما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم​ ربه عز وجل​ أن يجيبه، وأن ينزل عليه فيه شفاء؛ ليزداد الناس به علما، ولملكوته فهما ولسنا نرى الأمر كذلك فقد سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم​ وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم​ ربه عز وجل​ عن الروح، فما أجابه، قال الله عز وجل​:
    {ويسألونك عن الروح قل الروح أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلً}[الاسراء]
    وعلى ذلك خالف ربنا بين ما أنزل من شرائعه، وإعلًم دينه، ومعالم فروضه وعباداته في الأمم الخوالي، فأحل لطائفة ما حرمه على أمة، وحرم على أمة ما أطلقه لغيرها من أمة، وحظر على آخرين ما أباحه لمن سواهم. وكذلك الأمر فيما أنزل من كتبه، وخالف بينها في أحكامه، كالتوراة والإنجيل والزبور والفرقان وصحف من مضى من الرسل؛ ليسلم الموفق منهم لأمره ونهيه، وينكص المخذول فيهم على عقبيه، نفارا من التفريق بين المجتمعين، ومن الجمع بين المتفرقين وعلموا أن السلًامة فيما أنزل عليهم: في الاتباع والتقليد لما أمروا به، والإعراض عن طلب التكييف فيما أجمل لهم، وعن الغلو والإيغال في التماس بنهاياتها، للوقوع على أقصى مداخلها؛ إذ كان ذلك لا يبلغ أبدا فإن دون كل بيان بيانً، وفوق كل متعلق غامض متعلق أغمض منه، وإذ كان الأمر كذلك، فالواجب الوقوف عند المستبهم منه، ومن أجل ذلك أثنى الله عز وجل​ على الراسخين في العلم: بأنهم إذا أفضى ببعضهم الأمر إلى ما جهلوه آمنوا به، ووكلوه إلى الله عز وجل​، ومن أجل ذلك ذم الله عز وجل​ الغالين في طلب ما زوى عنهم علمه، وطوى عنهم خبره، فقال:{وأما الذين في قلوبهم زيغ} ، إلى قوله: {وما يذكر إلا أولوا الألباب}
    ومن أجل بعض ما ذكرنًا اشتدت الخلفاء المهديون على ذوي الجدل والكلًام في الدين، وعلى ذوي المنازعات والخصومات في الإسلًام والإيمان، ومتى نجم منهم نًاجم
    في دهره أطفؤوه وأخَدوا ذكره، وأنعموا عقوبته فمنهم من سيره إلى طرف، ومنهم من ألزمه قعر محبس، إشفاقا على الدين من فتنته، وحذارا على المسلمين من خدعات شبهته، كما فعله الإمام الموفق عمر بن الخطاب رضي الله عنه​ حين سأله صبيغ عن {الذاريات ذروا}وأشباهه، فسيره إلى الشام، وزجر الناس عن مجالسته وفعله علي بن أبي طالب رضي الله عنه​ بعبد الله بن سبأ؛ فسيره إلى المدائن. ولقد أتى محمد بن سيرين رجل من أهل الكلًم، فقال: ائذن لي أن أحدثك بحديث، قال: لا
    أفعل، قال: فأتلو عليك آية من كتاب الله؟ قال: ولا هذا، فقيل له في ذلك، فقال ابنسيرين:{ لم آمن أن يذكر لي ذكرا يقدح به قلبي}
    وقد بين الله ما بالعباد إليه حاجة في عاجلهم ومعادهم، وأوضح لهم سبيل النجاة والهلكة، وأمر ونهى، وأحل وحرم، وفرض وسن، فما أمر العباد من أمر سلموا بائتماره
    والعمل عليه، وما نهوا عنه من شيء سلموا بترك ركوبه ومتى عتوا عن ظاهر ما أمروا به ونهوا عنه؛ ليبلغ وا القصوى من غاية علم أمره ونهيه؛لم يؤمن عليه الحيرة، ولا غلبة الشهوة على قلبه وفهمه ومن أجل ذلك قال ابن مسعود:( وما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم، إلاكان لبعضهم فتنة.) ولقد سأل سائل ابن عباس رضي الله عنهما​ عن آية من كتاب الله، فقال: ما يؤمنك أن أخبرك بها فتكفر؟!
    وقال أيوب السختياني: لا تحدثوا الناس بما يجهلون فتضروهم
    وما منع الله تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم​ البيان عن بعض ما سأله، إلا وقد علم أن ذلك المنع إعطاء، وأن المنع أجدى على الأمة وأسلم لهم في بديهم وعاقبتهم ولولا ذلك لكان من سأل من المشركين والأمم الكافرين رسلهم وأنبياءهم الآيات وصنوف العجائب والبينات معذورين، ولكانت الرسل في ترك إسعاف أممهم
    مذمومين ولكان كل ما سألوا من آية دونها آية، وفوقها أخرى، حتى أفضى ببعضهم إلى أن سألوا أن يروا ربهم جهرة. وسأل بعضهم رسولنا من الدليل على أمره: تفجير الأنهار والينابيع، فقالوا: { لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا} وما ضمت الآيات به، ولو كان الأمر في ذلك على عقول البشر، لقد كانوا يرون منعهم الدليل على صدق ما أتت به أنبياؤهم ورسلهم غير نظر لهم؛ لأن زيادة البيان إلى البيان تسكين النفوس عن نفارها، وطمأنينة القلوب،
    وطيب طباع الإيمان، غير أن الله منعهم ما سألوا؛ إذ فوق ما سألوا آيات لا يوقف على منتهاها فلم يكن يجب أن لو كان ذلك كذلك إيمان على أحد، حتى يبلغ من غاية معرفة بأمورالله عز وجل​ ما أحاط به علم الله، ثم كذلك الأمر الذي لا يعذر به عبد أن يسأله بل الأمر فيه إلى الله عز وجل​ فيما يوفق ويخذل، وفيما يبين ويبهم، وفيما يشرح ويمنع، حتى يكون العباد في كل وقت مسلمين لأحكامه، لا يتعقبونها بتكييف، ولا مسألة عن غاية مراده فيها ولقد ذكر يونس بن عبد الأعلى عن الشافعي -رحمه الله​- أنه قال: ما من ذنب يلقى الله به عبد بعد الشرك بالله أعظم من أن يلقاه بهذا الكلًم، قال: فقلت له: فإن صاحبنا الليث بن سعد كان يقول: لو رأيت رجلً من أهل الكلًام يمشي على الماء فلًا تركن إليه. فقال الشافعي: لقد قصر، إن رأيته يمشي في الهواء فلًا تركن إليه.
    - وذكر يونس -هو ابن عبد الأعلى- عن الشافعي قال: مذهبي في أهل الكلًام مذهب عمر في صبيغ؛ تقنع رؤوسهم بالسياط، ويسيرون من البلاد
    ....).
    انتهى كلامه

    أبويونس طارق العنابي
    يوم 19 شعبان 1441 هجري



    ______________________
    1- المقالة ذكرها الامام ابو اسماعيل الهروي في كتابه ذم الكلام واهله 3/ 347/ 357
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2020-04-13, 10:29 PM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X