إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مقال بعنوان: السبيل إلى علاج آفتين هما أساس كل ذنب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقال بعنوان: السبيل إلى علاج آفتين هما أساس كل ذنب

    بسم الله الرحمن الرحيم


    السبيل إلى علاج آفتين هما أساس كل ذنب
    الشيخ حسن أيت علجت حفظه الله


    ومن عجائِبِ حِكْمَةِ اللهِ تعالى، أنْ عاقَب كُلاًّ من الأُمَّتيْن بنقيضِ قَصْدِها: فلمَّا كان أصْلُ دينِ اليهودِ الكبرَ: عاقَبَهم بالذِّلَّة، فقال سبحانه فيهم: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ[آل عمران: 112]، وكذلك لمَّا كان أصْلُ دينِ النَّصارى الإشراكَ بتعديد الطُّرُق إلى الله: أضلَّهم عن سبيلِه القويم وصراطِه المستقيم، فقال سبحانه: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيل﴾ [المائدة: 77](5).
    أمَّا السَّبيل إلى علاج هاتين الآفتين:
    فإنَّ من رحمة الله تعالى بعباده أنْ جَعَلَ لِكُلِّ داءٍ ضِدًّا من الدَّوَاء يُعَالَجُ به، فقد قرَّر الإمامُ ابن القيِّم في «زاد المَعَاد» (4/3 ـ 11) أنَّ مِنْ أصُولِ الطبِّ وقوَاعِدِه: اِسْتِفْرَاغُ الموادِّ الفاسدة، ودفْعُ العلَّةِ الموجودةِ بالضدِّ والنَّقيضِ؛ وعليه فإنَّ من أضْدَادِ الشِّرك والكِبْر: الإسلامُ الذي هو دينُ الله الَّذي أنزَلَ به كُتُبَهُ وبعَثَ به رُسُلَه، ذلك بأنَّ الإسلامَ يتضمَّنُ معنيَيْن(6): معنى السَّلامةِ، ومعنى الاستسلام.
    أمَّا السَّلاَمَةُ:
    فهي الإخلاصُ الَّذي هو: إفرادُ الله تعالى بالقصْدِ في الطَّاعة، وهو ضدُّ الشِّرك ونقيضُهُ، تقول العرب(7): سلِمَ لي الشَّيء الفلانيُّ، أي: خَلُصَ لي، ومن ذلك قولُه تعالى: ﴿وَرَجُلاً سَلَمًا لِّرَجُلٍ[الزُّمَر:29]، أي عبدًا خالصًا لسيِّده، لهذا قال ابن كثير في «تفسيره» (1/559) عند تفسير قوله - عز وجل -: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله﴾ [النساء:125]: «أي: مَنْ أخْلَص العمَلَ لله وحده لا شريك له، كما قال ـ عز وجل ـ: ﴿فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ﴾ [آل عمران:20]» اهـ.
    أمَّا الاسْتِسْلامُ:
    فهو الانقيادُ والخضوعُ المنافيان للكِبْرِ، ومِن ذلك قولُه تعالى: ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُون﴾ [آل عمران: 83]، أي: وله انْقَاد وخضَعَ مَنْ في السَّماوات مِنَ الملائكة، ومَنْ في الأرض مِنَ سائِرِ المخلوقات الأرضيَّة، طائعين أو مُكْرَهين(8).
    ومن أضدادِ الشِّرك والكبْر الَّذي يُدْفَعان به: التحقُّقُ بـ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِين﴾ [الفاتحة: 5] عِلْمًا ومَعْرِفَةً، وعَمَلاً وتَطْبِيقًا.
    ذلك بأنَّ ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ معناه: لا نعبُدُ غيرَك، ويتضمَّنُ إفرادَ الله - جلَّ وعَلاَ - بالعِبَادَةِ والتَّألُّه دُونَ مَن سِوَاه، وهذا هو حقيقةُ الكلِمَةِ الطيِّبَةِ التي هي رأسُ الإسلامِ، وأفْضَلُ الكلام وهي: «شهادة أن لا إلهَ إلَّا الله»، وهذا الَّذي يَنْقُضُ بُنيانَ الشِّرك، ويُقَوِّضُ أساسَه وأركانَهُ.
    أمَّا ﴿وإِيَّاكَ نَسْتَعِين﴾ فمعناها لا نستعينُ بسواكَ، ويتضمَّنُ التبرُّؤَ من حوْلِ العبد وقُوَّته وطَوْلِهِ، وهو عَيْنُ التَّواضُعِ والاستسلام لله تعالى اللَّذَيْن يقصمان الكِبْرَ ويَجْتَثَّانِهِ من أُصُولِهِ.
    لهذا قال ابن القيِّم في «مدارج السَّالكين» (1/54): «وكثيرًا ما كُنتُ أسمَعُ شيخَ الإسلام ابْنَ تيمية ـ قدَّس الله روحه ـ يقول: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ تدْفَعُ الرِّياءَ، و﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين﴾ تدفَعُ الكِبْريَاءَ»» اهـ.
    والرِّياءُ مِن الشِّرك، كما ثبَت ذلك مِنْ حديث مَحْمُود بْنِ لَبِيدٍ - رضي الله عنه - أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ أخْوَفَ مَا أخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الأصْغَرُ»، قالوا: ومَا الشِّرْكُ الأصغر؟ قال: «الرِّيَاءُ، يقولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لأَصْحَابِ ذَلِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ إِذَا جَازَى النَّاسَ: اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا، فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً»(9).

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (5) انظر: «فتاوى ابن تيمية» (7/624 - 628).
    (6) انظر: «فتاوى ابن تيمية» (7/623 و635) و(10/14)، وانظر له أيضًا «الاقتضاء» (2/376).
    (7) انظر: «لسان العرب» لابن منظور (باب: سلم وباب: شكس).
    (8) انظر: «أيسر التفاسير» لأبي بكر جابر الجزائري (1/340).
    (9) صحيح؛ رواه أحمد وغيره، «الصحيحة» (951).
    [الشرك والكبر أساس كل ذنب].
    الأخ:
    محمد بن موسى أبو صهيب
    - غفر الله له -
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2020-04-09, 05:11 PM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X