إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تفريغ كلمة بعنوان : كلمة وعظية قصيرة حول فايروس كورونا لفضيلة الشيخ الدكتور محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله تعالى-

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تفريغ كلمة بعنوان : كلمة وعظية قصيرة حول فايروس كورونا لفضيلة الشيخ الدكتور محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله تعالى-

    تفريغ كلمة بعنوان:
    كلمة وعظية قصيرة حول فايروس كورونا
    لفضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي
    -حفظه الله تعالى-

    والتي ألقاها في يوم الجمعة
    25 رجب 1441ه ـ
    بالمدينة النبوية

    بسم الله الرحمن الرحيم

    كلمة وعظية قصيرة حول فايروس كورونا لفضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي - حفظه الله-
    قال حفظه الله: )الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد.
    فإلى جميع إخواني المسلمين ممن يسمعون كلامي هذا ويصل إليهم، سائلاً الله -جل وعلا- أن ينفعنا وإياهم جميعًا بما علمنا، وأن يرزقنا وإياهم الفقه في الدين والبصيرة فيه، وأن يجعلنا جميعًا ممن يعبد الله على بصيرة، وأن يجعلنا جميعًا ممن يحرص على أخذ العلم الصحيح من مصادره الصحيحة ،وعن أهله الذين يؤخذ عنهم.
    أقول -معشر الإخوة في كل مكان-: بمناسبة ما نزل بالمسلمين وغيرهم من عباد الله -جل وعلا- عمومًا من هذا البلاء الذي ابتلى الله -سبحانه وتعالى- به عباده؛ عباده المؤمنين، وعباده الكافرين، عبودية القهر والغلبة، فهم عبيده لا يخرجون عن أمره و حكمه -سبحانه وتعالى- وتدبيره ،هذا البلاء الذي نزل بهم، وهو وباء ما كان يعرف من قبل، وعرف في هذا الزمن في هذه الأيام باسم «وباء كورونا»، وحصل بسببه شرٌ عظيم، نسأل الله العافية والسلامة.
    فبسبب ذلك أوجه هذه الكلما ت، راجيًا الله -جل وعلا- أن ينفعني بها أولًا، ثم إخواني الذين يسمعونها ثانيًا، قائلًا :
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، أما بعد.
    ----------------------------------------------------------
    )1( ألقاها فضيلته يوم الجمعة 25 رجب 1441هـ بالمدينة النبوية .


    فيا معشر الإخوان: إن البلاء إذا نزل بالعباد وابتلاهم الله -جل وعلا- به وعمّهم وانتشر بينهم
    وضاقت بهم الحال، فإنه لا سبيل إلى رفعه عنهم إلا بتضرعهم إلى الله عزوجل ،وبلجوئهم إليه -سبحانه وتعالى-، فهو ربهم، وخالقهم، ورازقهم، ومدبر أمورهم، وهو الذي يكشف الكروب ،و ينجي كل مكروب.
    قال -جل وعلا-: ﴿ وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ]يونس: 107[، -سبحانه وتعالى-، آمنت به وعليه توكلت.
    فعلينا -معاشر الإخوان-: أن نت هضرع إلى الله ربنا -جل وعلا- في هذه النازلة العظيمة، وهي هذا الوباء -كما قلت-، هذا الوباء الجائح، الذي أصاب -حتى اليوم هذا اليوم يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر رجب أو السادس والعشرين أصاب- قريبًا من مئةٍ وسبعين دولة من العالم ،فعمهم بذلك كلهم، وبسببه عمهم الهلع، واشت هد لديهم الرعب والخوف، ووقفوا عاجزين أمام هذا الوباء ،فظهرت بذلك قدرة الله عليهم، وأنهم مهما بلغوا من القوة، ومهما بلغوا من التقدم والرقي والحضارة، ومهما بلغوا من التطور في الطب، ومهما بلغوا من التقدم فيه إلا أن الله -جل وعلا- قادر على أن يرسل عليهم أضعف شيء يظهر فيه عجزهم ،ويظهر فيه ضعفهم في الطب وفي جميع علوهم في هذا الباب، ليريهم -جل وعلا- قدرته -سبحانه وتعالى- عليهم.
    وإذا كان الأمر كذلك -معشر الإخوا ن- فإننا نحن معاشر المسلمين نختلف عن الكفار ،نختلف عنهم تمامًا؛ وذلك لعمارة قلوب المؤمنين وأهل الإسلام والإيمان حملة القرآن وقراء القرآن ومستمعي القرآن والمؤمنين بهذا القرآن، يختلفون عن أهل الكفر، والإلحاد، والضلال، يختلفون عنهم تمامًا، وذلك لأن هؤلاء لا يفِرون إلا إلى أمورهم الحسية، وإلى أسبابهم الحسية التي ظهر عجزها أمام ما يقدره الله -جل وعلا- من هذه البلايا ومن هذه الكوارث النازلة، فنحن نختلف عنهم.
    فأول دواءٍ نهرع إليه هو: لجوؤنا إليه -سبحانه وتعالى-، صادقين في ذلك، منيبين إليه -سبحانه
    وتعالى-.
    وثانيًا: مع عودتنا ولجوئِنا إليه نظهر الفقر والحاجة إليه -جل وعلا-، فهو الغني -سبحانه وتعالى-، ونحن الفقراء ،والله -جل وعلا- هو الغني الغنى المطلق من كل وجه، ونحن الفقراء إليه
    -سبحانه وتعالى-، كما قال: ﴿ يا أيها الناس أنْتم الْفقراء إلِى الله ]فاطر: 15[ .
    فعلينا جميعًا أن نظهر الفقر والحاجة إليه -سبحانه وتعالى-، وأننا ليس لنا غنىً عنه -جل وعلا- طرفة عين، وقد قرر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك حينما دعا ربه -سبحانه وتعالى- بقوله: (أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين).
    فالواجب على المؤمن أن يظهر فقره وحاجته إلى الله -جل وعلا-، وعجزه، وأنه ضعيف مفتقر إلى رحمته -سبحانه وتعالى-، وإذا كان كذلك فهذا يجره إلى أمر ثالث أو إلى مرتبة ثالثة، ألا وهي: الاستغاثة بالله -سبحانه وتعالى- وحده، والإكثار من التضرع إليه -جل وعلا-، فإذا استغاث العبد ربه صادقًا منيبًا راجعًا تائبًا أوّاهًا مخبتًا عالماً بأن الله -سبحانه وتعالى- هو الذي يكشف الضر وهو الذي ينزل الخير، ﴿وهو الذِي ينزل الْغيْث مِنْ بعْدِ ما قنطوا و ينشر رحمْته وهو الْولِي الحْمِيد [الشورى: 28].
    إذا عاد إلى الله بهذا الشكل فعليه أن ينتقل بعد ذلك إلى المرتبة الرابعة: وهي إعظام الرجاء منه في ربه تبارك وتعالى، بأنه هو الذي يكشف ما نزل بالعباد، فإذا كان لجوؤه إلى الله وإظهار فقره وحاجته إليه مع استغاثته به وإعظام رجاءه في ربه -جل وعلا- اجتمعت هذه الأمور فليبشر أهل الإسلام بأن يستجيب الله -سبحانه وتعالى- لهم، قال -جل وعلا-: ﴿ ولقدْ أرْسلْنا إلِى أممٍ مِنْ قبْلكِ فأخذْناهمْ باِلْبأْساءِ والضراءِ لعلهمْ يتضرعون [الأنعام: 42].
    فالله يبتلي عباده -معشر الإخوا ن- الله يبتلي عباده، ليسمع تضرعهم، و يحبِ ذلك -سبحانه -ويسمع دعائهم ،ويحِب ذلك منهم -سبحانه-، و يحِب شكواهم إليه -سبحانه وتعالى-، ويحِب انكسارهم -سبحانه وتعالى- بين يديه ، يحبِ انكسار قلوبهم بين يديه -سبحانه وتعالى-، و يحِب تذللهم له -سبحانه وتعالى-، ويحبِ منهم أن يظهروا ضعفهم، وفقرهم، وحاجتهم إليه -سبحانه وتعالى-، ويحبِّ منهم -سبحانه وتعالى- أن يرى تضرعهم وتمسكنهم وإبداء عجزهم وفقرهم وحاجتهم وذلهم وضعفهم، فرحمته -سبحانه وتعالى- ممن كانت هذه أحوالهم حينئذ أقرب إليهم من اليد إلى فم الآكل، ولكن الناس كثيرًا ما يغفلون عن ربهم -جل وعلا- في هذا الباب، وأول ما ينشطون وأول ما يهرعون يهرعون إلى أمور الطب المحسوسة ونسوا باب الدعاء، ونسوا باب اللجوء إلى الله أو غفلوا عنه من شدة ما نزل بهم من الهول.
    فنحن نذكر أنفسنا وإخواننا المسلمين بصدق اللجوء إلى الله، وكثرة التضرع إليه، فإن التضرع هو التذلل والمبالغة في السؤال له -سبحانه وتعالى-، وإظهار شدة الحاجة إليه -جل وعلا-، كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الترمذي -وإن كان في إسناده مقال-، لكنه تفسير للتضرع كما جاء ذلك في حديث الفضل بن العباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    (الصلاة مثنى مثنى، تشهدوا في كل ركعتين، وتخشعوا، وتضرعوا، وتمسكنوا وتقنع يديك ( يعني ترفعهما إلى ربك مستقبل ببطونهما وجهك ) وتقول يا رب يا رب ومن لم يفعل ذلك فهو كذا وكذا(، قال أبو عيسى الترمذي بعدما خرج هذا الحديث، قال: ) وقال غير ابن المبارك في هذا الحديث: ومن لم يفعل ذلك فهو خِداج (، وقوله خِداج يعني لا فائدة فيه، إذا لم يكن فيه إظهار الفاقة والتضرع وإظهار الحاجة وإظهار شدة الفقر إليه -سبحانه وتعالى- ورفع اليدين إلى الله التي قال النبي صلى الله عليه وسلم في صاحبها: ) إن الله حيي ستير يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما سِفرًا ( أي خاليتين.
    فالضراعة إلى الله هي سبيل النجاة في مثل هذا الحال يا إخوان، وهي السبب الأعظم والسبب الأقوى في رفع هذا البلاء والوباء، في رفع هذا الوباء النازل الذي نزل بنا معاشر المسلمين في العالم الإسلامي وبالعالم أجمع، وهذا أمر قد أمرنا الله جل وعلا -معاشر المؤمنين- به، فقال -سبحانه وتعالى-: ﴿ ادْعوا ربكمْ تضرعًا وخفْيةً إنِه لا يحبِ الِمْعْتدِين [الأعراف: 55] . قال -سبحانه وتعالى-: ﴿ فأخذْناهمْ باِلْبأْساء والضرا ِء لعلهمْ يتضرعون [الأنعام: 42]. وقال -سبحانه وتعالى-: ﴿ و ما أرْسلْنا ِفي قرْية ِمنْ نبيٍِّ إلِا أخذْنا أهْلها باِلْبأْساء والضرا ِء لعهلهمْ يهضرعون [الأعراف: 94].
    فالضراعة إلى الله -معشر الإخوان- هي إظهار الفقر وإظهار الضعف وإظهار العجز وإظهار الحاجة وإظهار الفاقة إلى الله -تبارك وتعالى-، وهذا من العبودية، إذ العبودية الصحيحة هي إظهار كمال الحب مع كمال الذل لله -سبحانه وتعالى-.
    وعبادة الرحمن غاية حبه ... مع ذل عابده هما قطبان وعليهما فلك العبادة دائر ... ما دار حتى قامت القطبان
    فينبغي لنا -معشر الإخوة-: أن نذكر أنفسنا ونذكر أهلينا وإخواننا الذين يستمعون إلينا أو نجلس معهم نذكرهم بهذا الأمر العظيم الذي تغافل عنه كثير من الناس، وخلدوا إلى الأسباب الحسية وضعف اليقين عند كثير منهم، وأهالهم الإعلام الغربي أو الشرقي من إعلام الكفار حتى أصبحوا في أكثر أحوالهم متعلقين بالأسباب، غافلين عن ربها الذي سببها -سبحانه وتعالى-، فهو الذي يصيب بالداء وهو الذي يرفعه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: (ما أنزل الله داءً إلا وأنزل له دواءً علمه من علمه وجهله من جهله)، وقال عليه الصلاة والسلام: (تداووا عباد الله فإن الله لم ينزل دا ءً إلا أنزل له دواءً غير السام والهرم)، والسام هو الموت ،والهرم الزيادة في السن بكبر السن، هذان لا دواء لهما، وأما ما عدا ذلك فالدواء موجود، ولكن قد يتأخر الكشف عنه. وفي هذا الحديث منه صلى الله عليه وسلم فيه بعث الهمة وعدم اليأس لدى الأطباء في البحث عن الأدوية الصالحة للأدواء التي تنزل.
    وفيه أيضًا بعث الهمم في نفوس المرضى من أصيبوا بالأدواء بأن الأمر بيد الله -جل وعلا- ،وأنه ما من داء ينزل في هذه الدنيا إلا وقد جعل الله له دواء، فيبقى الأمل عند المريض المسلم قوي بالله -سبحانه وتعالى-.
    فنحن نختلف يا معاشر الإخوة يا معاشر المسلمين نختلف عن غيرنا من الكفار.
    فعلينا بصدق اللجوء إلى الله وإكثار الضراعة إليه -سبحانه وتعالى-، قال -جل وعلا- عن قوم يونس: ﴿ فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ﴾ [يونس: 98].
    قال جمعٌ من المفسرين وقد نقل ذلك عن قتادة وسعيد بن جبير وعبد الله بن مسعود وغيرهم رحمهم الله ورضي عنهم قالوا: إن قوم يونس لما أوشك أن ينزل الله بهم العذاب أقبلوا على الله -جل وعلا-، وتضرعوا إليه -سبحانه وتعالى-، فخرجوا في الطرقات، خرجوا رجالًا ونساءً ، خرجوا بأزواجهم وأولادهم وأطفالهم وبأنعامهم وبهائمهم يضرعون إلى الله -جل وعلا-، يقال إنهم مكثوا على ذلك أربعين ليلة وهم يتضرعون إلى ربهم ويدعونه أن يكشف عنهم البلاء، يدعونه أن يرفع عنهم العذاب أربعين ليلة، حتى رأى منهم -سبحانه وتعالى- صدقهم وهو العليم بهم -جل وعلا- قبل أن يخلقهم، لكن أحب أن يرى ذلك منهم، فكشف عنهم -سبحانه وتعالى- بعد أربعين ليلة، كما قال ذلك جمعٌ من السلف رحمهم الله تعالى، وذكر ذلك أئمة التفسير كالحافظ ابن كثير وغيره رحمهم الله تعالى، أربعين ليلة وهم يضرعون إلى الله ويتضرعون إليه ويلِحون في الدعاء لربهم -سبحانه- ويظهرون الفاقة والعجز والفقر، وبعد أربعين ليلة كشف الله -جل وعلا- عنهم العذاب.
    فلا إله إلا الله ما أسرع رحمة الله وأقربها من عباده، ولكن العباد يغفلون عن الدعاء وهو أعظم الأسباب في كشف البلاء ويغفلون عن العودة إلى الله -سبحانه وتعالى- والتوبة من الذنوب ومقارفة الذنوب وهذا أعظم الأسباب الذي يرفع الله -سبحانه وتعالى- به البلاء، فإنه ما نزل بلاءٌ إلا بذنبوما رفع إلا بتوبة.
    فنسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يرفع عن المسلمين ما نزل بهم، وأ ن يلطف بهم أينما كانوا بفضله ومنه ورحمته، وجوده وإحسانه، إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين.
    وبعد، فهذه بعض السؤالات أيضًا وردت علي في الهاتف النقال كثيرًا من كثير من أنحاء الدنيا:
    السؤال الأول:
    يسألون فيه عن إغلاق المساجد في الجماعات وإغلاق الجوامع وترك الجماعات وترك الجمع؟ ما
    فأقول: إن الأصل هو التضرع إلى الله -سبحانه وتعالى-، والقيام بعبادته -سبحانه وتعالى-، وعمارة المساجد وإظهار الفاقة إليه والقنوت بدعائه -سبحانه وتعالى- أن يرفع عن المسلمين ما نزل بهم، فإذا كان الوباء هذا شديد الفتك وشديد الانتشار وشديد العدوى ويحصل بسبب التجمعات فلا بأس، وقد أفتى أهل العلم -ولله الحمد- وتنوعت فتاواهم في هذا وتعددت، والتعدد إنما هو في ذكر الأدلة وذكر القواعد وذكر التعليلات الشرعية، وإلا فالحكم الذي انتهوا إليه واحد، فنسأل الله -جل وعلا- أن يوفقنا وإياكم وإياهم وأن يثيبهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
    أقول: إذا وصل الأمر كذلك فلا مانع من أن يصلي المرء في بيته جمعةً أو جماعة، إذا خشي هذا البلاء، أوعم وانتشر في بلده، فإنه لا مانع من ذلك أن يصلي المرء في بيته والحمد لله يصلي بأهله جماعةً .
    وأما السؤال الثاني فجاءني من عدد أيضً ا من البلدان الإسلامية وغير الإسلامية، يسألون: هل يجتمع الإخوان في بيت واحد منهم ويصلون جماعة؟
    الجواب: لا ،فإن النبي صلى الله عليه وسلم حينما أمر بالصلاة في الرحال لم ينقل عن أصحابه رضي الله عنهم أنهم اجتمعوا مع بعض وصلوا جماعة، وإنما كل امرئ يصلي في بيته فهذا من رحمة الله وتيسيره، والمرء يصلي مع من هو عنده، فإن كانت له أسرة صلى مع أسرته، وإن كان يسكن مع إخوان له كأن تكون جماعة مجتمعة مستأجرين بيتًا وساكنين وهم مجموعة يشتغلون وعمال لهم أعمال مختلفة ويجمعهم بيت واحد صلوا جماعة.
    وهكذا السؤال الثالث أيضًا تكرر السؤال فيه من الداخل والخارج: هل يجتمع الإخوان في بيت أحدهم ويصلون الجمعة ؟
    أقول له: لا، فإن هذا أمر محدث، ولم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا على عهد أصحابه وقد حصل هذا في عهد الصحابة رضي الله عنهم، وفي حديث ابن عباس حينما أمر مؤذنه أن يقول بدل حي على الصلاة حي على الصلاة أمره بأن يقول: صلوا في بيوتكم كما هو في الصحيح كان هذا في يوم جمعة، وقد أنكروا ذلك عليه فرأى ذلك منهم فقال: كأنكم أنكرتم ذلك علي ! إن الجمعة عزمة، وإني خشيت أن أكلفكم في الدحض والزلق، ثم ذكر لهم، قال: قد فعل ذلك من هو خير مني ، ورفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    فالمرء يصلي في بيته وإذا لم يكن هناك جامع أو أوقفت الجمعة لعذر من الأعذار الشرعية فإنه يصليها ظهرًا، ولكن عليه ألا يصلي الجمعة إلا بعد أن يتأكد من قضاء وقت صلاتها انتهاء وقت صلاتها، فمثلًا يقدر أن الصلاة صلاة الجمعة في بلده يخرجون الواحدة ظهرًا فبعد الواحدة يصلي ظهرً ا ،لأنه انتهى وقت صلاة الجمعة في هذه، أو كان في قرية قريبة منهم ليس فيها بلاء ولا وباء أو ليس فيها مطر وهم يصلون في الواحدة فإنه ينتظر حتى تمر الواحدة ويصلي بعد ذلك ظهرًا.

    وهناك سؤال رابع أيضًا: وهذا جاءني اليوم: يقول فيه صاحبه: هل يجمع الرجل بأهل بيته؟
    أقول له: لا، فإن الرجل مع أهل بيته إنما يصليها ظهرًا كما فعل ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وأيضًا هنا سؤال خامس ألا وهو: هل يقنت في هذه الحال؟
    أقول: نعم، يقنت في مثل هذه الحال، إذا كانت هناك مساجد قائمة وتقوم بالجماعات في بعض البلدان الإسلامية فإنه يشرع لهم القنوت في المغرب والعشاء، فيقنتون ويرفعون أكف الضراعة إلى الله -جل وعلا- بأن يرفع عن المسلمين ما نزل بهم من هذا البلاء وأن يدفع عمن لم ينزل بهم بلطفه و منه وجوده، وكرمه سبحانه، يشرع لهم هذا لأن هذا وباء عام، وبلاء عام نزل بالمسلمين، والمسلمون في حاجةٍ إلى ربهم دائمًا وأبدًا وهم في أمس الحاجة في مثل هذه الظروف.
    نسأل الله -جل وعلا - أن يرفع عنهم ما نزل بهم، وأن يكشف الكروب ويفرج الخطوب بمنه وكرمه، ونسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يمتعنا وإياكم على طاعته، وأن يكشف ما نزل بنا وبالمسلمين وأن يرفع عن المسلمين ما نزل بهم، وأن يدفع عمن لم ينزل بهم شيء من هذا الوباء وألا يصل إليهم، كما أسأله -سبحانه وتعالى- أن يعمر قلوبنا بطاعته، وأن يعمر قلوبنا بمحبته، وأن يعمر قلوبنا بالإيمان به وصدق اللجوء إليه والافتقار إليه، والتضرع إليه، والانكسار بين يديه، والتوبة والإنابة إليه، وتحقيق العقيدة والتوحيد له -سبحانه وتعالى-.
    ولا يفوتني في ختام هذه الكلمات وقبل أن أنهيها: أن أدعو لولاة أمورنا في بلاد الحرمين الشريفين إمامنا إمام المسلمين خادم الحرمين -وفقه ا لله- وولي عهده -وفقهما الله جميعا لما يحب ويرضى-، وجزاهم الله عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء على كل ما يقومو ن به من حماية للمسلمين في بلاد الحرمين، من مواطنين ومقيمين أيضًا، وتسخيرهم كل الإمكانات في هذا الباب، للدفع قبل الرفع، ثم للرفع عمن نزل به هذا البلاء والإحسان إليه، وذلك بالعناية بعلاجهم، وحجرهم عن الناس حتى لا يتأثر الناس بهم وينتشر البلاء بين الناس بسببهم، على كل ما يقومون به، وهكذا الجهات المعنية كلها التي قامت بامتثال أوامر ولاة أمورنا في هذا الباب -وفقهم الله- على ما يبذلونه من جهود موفقة ومباركة، فجزاهم الله عنا وعن الإسلام والمسلمين في هذه البلاد وغيرها خير الجزاء.
    كما نسأله -سبحانه وتعالى- ألا يحرمهم أجر ذلك وأن يجعله في صحائف أعمالهم، وأن يبارك في أعمارهم وأعمالهم، وأن يصرف عنا وعنهم وعن جميع ا لمسلمين الشرور والفتن بجميع أنواعها وصنوفها، إنه جواد كريم.
    وصلى الله وسلم وبارك على عبده و رسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

    انتهى كلام الشيخ حفظه الله.

    فرغه محب الشيخ وتلميذه
    صباح السبت 26 رجب 1441هـ
    بالمدينة النبوية
    ~
    رابط الاستماع والتحميل للصوتية بصيغة mp3 :
    https://g.top4top.io/m_1540ba95u1.mp3
    التعديل الأخير تم بواسطة نسيم منصري; الساعة 2020-03-21, 11:00 AM.

  • #2
    بارك الله فيك اخي

    اللهم حفظ الشيخ محمد بن هادي المدخلي

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا

      تعليق


      • #4
        بارك الله فيك أخي أحسنت

        تعليق


        • #5
          آمين وفيكم يبارك الله

          تعليق


          • #6
            بوركت اخونا الغالي نسيم، وفقك الله لما يحبه و يرضاه

            تعليق

            الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
            يعمل...
            X