إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هدية العيد الأحجية الأدبية لقراء التصفية والتربية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هدية العيد الأحجية الأدبية لقراء التصفية والتربية

    بسم الله الرحمن الرحيم
    هذه مقالة أعددتها على شكل أحجية أدبية يُطلب من قراء "التصفية والتربية" أن يبحثوا عن حلها وأن يفكوا لغزها قبل الوصول إلى نهايتها، وذلك بالبحث عن الرابط بين الجمل المرقمة المكونة لها؛ فإنه يوجد شيء يربط بين هذه الجمل وهو الأمثال العربية والمطلوب البحث عنها ومحاولة اكتشافها، ومما ينبغي التنبيه عليه أن هذه الأحجية ليس المقصود من ورائها اكتشاف اللغز الموجود بين ثناياها، وإنما فوائد عدة وهي:
    أولا: بيان أهمية المثل في لسان العرب.
    ثانيا: شرح هذه الأمثال وتقريب فهمها للقارئين فكل مثل ذكر في جملة من هذه الجمل إلا وقرب معناه في الجملة نفسها.
    ثالثا: تذكير الناس ببعض الأمثال العربية الشهيرة والتي كان لها الأثر التربوي البالغ فيما مضى فأردت أن أُذكر بها إسهاما في رد أثرها.
    رابعا: التعرف على نفسيات الناس بأنواعها وصفات البشر على اختلافها.
    خامسا: بيان أن بني آدم مختلفون في هممهم وعزائمهم ولذلك تفاوتت أحوالهم وتباينت مسالكهم.
    سادسا: الترغيب في الأخلاق الحسنة الفاضلة والترهيب من الأخلاق السيئة المرذولة.
    سابعا: تمكين قراء التصفية والتربية من التمتع بالبحث عن الأمثال العربية المذكورة في الجمل الآتية وبخاصة المهتمين منهم باللغة العربية وآدابها فتجتمع لهم في أثناء قراءة هذه المقالة المتعة مع الفائدة.

    تنبيه أول: قد يكون في بعض الجمل أكثر من مثال فتنبه.
    تنبيه ثاني: سيأتي بعد ترك فرصة معتبرة - إن شاء الله - ذكر حل الأحجية بأكملها.

    وكانت النية في البداية أن أترك الأمر مبهما والرابط بين الجمل مجهولا ليكون اللغز أكثر غموضا وأصعب حلا ثم بدى لي أن أفسح المجال أكثر وأن أيسر ولا أعسر فعينت الشيء المشترك بين الجمل وهو المثل وخليت اكتشاف أفراده المبثوثة بين ثنايا الكلام للإخوة القراء للفوائد المتقدم ذكرها والله الموفق.
    وإليكم نص الأحجية بمقدمتها وجملها:

    الأحجية الأدبية
    من الحقائق الماثلة للعيان أن الله نوع في خلق الناس وأخلاقهم، وفي أوصافهم وصفاتهم، حتى إن الناظر إليهم والمتدبر في أمورهم، يرى فيهم ما يحيره، ويطلع منهم على ما يدهشه، فأحوالهم متضادة وطرائقهم قِددا، كما أن هممهم متفاوتة ومساعيهم شتى، وإليك أمثلة من أصنافهم تدل على صدق ما أشرت إليه من تفاوت أحوالهم وتباين مسالكهم الدالة على تباين أفكارهم ومفاهيمهم وهممهم وعزائمهم:
    1- فمنهم: من أوتي طلاقة اللسان، ووهب سحر البيان، فيسحر الناس بكلامه، ويؤثر في السامعين لحديثه، إذا خطب أقنع، وإذا خاصم غلب وارتفع، تسمع حديثه فيبهرك، ويغشى بيانه قلبك فيسحرك، لا تكاد تتسلل كلماته في أذنك إلا وتحدث في قلبك أثرا، وإن من البيان لسحرا.
    2- ومنهم: من يبالغ في طلب الشيء وتحصيله، حتى يُفَوِّته على نفسه بتعبه فملله فانقطاعه، وكان الأجدر به، والأولى في حقه؛ أن يسعى لتحصيل مراده برفق وتؤدة، مراعيا القدرة الممكنة والاستطاعة الموجودة، فلا يكلف نفسه ما لا يطيق، حتى لا ينقطع في أثناء الطريق، ديدنه أن يسعى في طريقه على قدر حاله ليستمر ويبقى، لأن المُنْبَتَّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى.
    3- ومنهم: من يحرص على غاية الصواب، في الفعل والحال والخطاب، فيكثر صوابه بين الناس، ويتعدد سداده كتعدد الأنفاس، إلا أنه قد يعثر في حياته العثرة، وتقع منه أثناءها الزلة، فاللئيم يؤاخذه بتلك الزلة التي وقع فيها، والكريم يعذره لعلمه أنه لا مناص له منها، ويقول: إن الجواد قد يعثر، وليس في ذلك ما يستنكر، وكما قيل:
    من ذا الذي تُرضَى سَجَاياه كلُها***كَفَى المرءَ نُبْلاً أن تُعَدّ مَعَايبُه
    فإذا فقد من أصحابه من يعذره، ويتجاوز عنه عند زلته، قال منبها لمن لامه من إخوانه على هفواته الواقعة منه: إِذا كان لك أكثري فتجاف لي عن أيسري، يعني إذا كنت تنتفع بي دائما، فلا تكن من أجل هفوة لي لائما.
    4- ومنهم: من صارت القبائح له سجية، والرذائل عنده مزية، تكثر فيه الصفات المستنكرات، وتتكاثر منه الهنات والزلات، حتى ما يكاد يُرى إلا والخطيئة تصحبه، وكأنها شعاره ودثاره الذي لا يفارقه، إلا أنه قد يُسدد أحيانا للخير ويُوفق، فيحسن العمل ويصدق في القول وإن الكذوب قد يصدق، فمن نظر إليه زمن إحسانه أحسن الظن به، ومن نظر إليه أزمان إساءته لم يتصور وقوع الحسن منه، فالناس فيه بين مستنكر كثرة إساءاته الصادرة عنه، ومستغرب من الحسنة اليتيمة الواقعة منه.
    5- ومنهم: من يكثر اعتذاره لغيره، وطلبه مسامحتهم له، وما ذلك إلا لكثرة سقطه، وقلة تحرزه في تصرفاته وأقواله، والتحرز في الحال، أولى من الاعتذار في المآل، فإن الاعتذار قد تشوبه النقائص والعيوب، والآفات والمنكرات والخطوب، ومن ذلك ما حذر منه إبراهيم النخعي رحمه الله حيث قال لمن جاء يعتذر إليه مما وقع فيه: قد عذرتك غير معتذر إن المعاذير يشوبها الكذب.
    6- ومنهم: من يقع في السوء وكان في إمكانه تجنبه، ويغشى المنكر وكان في مقدوره تلافيه، لعدم معرفته بالمخارج الشرعية، والوسائل الجائزة المرعية، فإن الله سبحانه جعل في الحق ما يغني عن الباطل، وفي الوحي الكامل ما يكفي عن العقل الناقص العاطل، وفيما يتيقن من السنن فسحة من الوقوع في الظنون والشكوك والرِيَب، وإنَّ في المعاريض لمندوحة عن الكذب، وهكذا ما من شر إلا ويمكن تركه، بفعل غيره مما لا شبهة فيه، ولكن من يدرك هذا ويعلمه، والجهل صار كالليل الذي أرخى على الناس سدوله، وأفرط طوله حتى نأى أوله عن آخره، فظُن أن لا فجر يأتي من بعده.
    7- ومنهم: الرجل الفذ، الذي لا تكاد تجد منه في الزمن إلا الواحد الفرد، من حسنت أخلاقه، وكثرت محاسنه، وشرفت خصاله، وعظم كرمه، وعَزَّتْ كرائمه، الذي ينفع غيره إذا حضر، وإذا غاب لم يستغن عنه بل ينتظر، والذي إذا رئي قيل في الحال، لكرمه إنه لوَاهًا[1] مِنَ الرجال، جوده كبير، وخيره كثير، وإحسانه وفير، ولذلك فليس له في الأقارب ولا الأباعد نظير.
    8- ومنهم: من يأتي الأمور وهو عالم بها، خبير بأسرارها ودخائلها وخباياها، فلا هو يترك منافعها لما خالطها من الأضرار، ولا الضار يشتبه عليه بالنافع فيخبط فيه خبط الأغمار الأغرار. فالأمور ثلاثة: نافع محض الناس جميعا يطلبونه، وضار محض العقلاء كلهم يجتنبونه، وما اجتمعت فيه المنافع والأضرار والأرباح والأخطار فهذا الناس فيه ثلاثة أقسام: قسم آثر السلامة لنفسه فترك نفعه خشية ضره، وقسم طلب النفع الذي يشتهيه، وعمي عن الضرر الذي فيه، فتعطب بسبب عماه أو تعاميه، وقسم يقبل عليه وهو يقول لسامعيه ممن يخشى العطب عليه إني لآكل الرأس وأنا أعلمُ ما فيه، وهذا القسم الأخير هو خير الأقسام، لانتفاعه بكل نافع على الدوام، وما ذاك إلا لعلمه وخبرته، وذكائه وفطنته، ثم يليه القسم الأول الذي آثر السلامة، ثم لا يُرتب معهما القسم الثاني لأنه يستحق الذم والملامة.
    9- ومنهم: من يكون سره عن الناس مستورا، وأمره عن علمهم مغمورا، فيتضايق لنزقه من كتمه، ويضعف لحمقه عن تحمله وحفظه، فيبوح به وقد يكون في البوح حتفه، ويفشيه ولو ترتب على ذلك هلاكه، ومن المعلوم أن الأسرار واجبها الإخفاء والإسرار، والجدير بصاحبها أن يضمرها ولا يبديها، ومع ذلك فيوجد من هو على طريقة من قالت بلسانها: إن من وراء الأكمة ما وراءها، فأفشت سرها لغيرها، وجنت بنفسها على نفسها، ولو سكتت لسلمت، ولكن تكلمت فتعرضت.
    10- ومنهم: من هو بار بصاحبه، يتلطف في معاملته له، ويسعى في نفعه جهده، فهو معه كالأم فرشت فأنامت، وكالأب رأف فعطف، وكذي الرحم لان فأعان، فهذا النوع من الأصحاب إن وجدته فعليك أن تآخيه، وأن تحرص عليه ولا تفرط فيه، وأن تلزمه وتكرمه بالإحسان إليه، وكما قال قائلهم:
    أخاكَ أَخَاكَ إِنَّ مَنْ لا أَخالَهُ***كَسَاعِ إلَى الهَيْجا بِغَيْرِ سِلاَحِ
    ثم ليس كل إخوانك من كانوا من نسبك، فرُب أخ لك لم تلده أمك، ونافع لك لا ينتظر نفعك، بل كما قال الشاعر:
    إِنَّ أخَا الْهَيْجَاءِ مَنْ يَسْعى مَعَكْ***وَمَنْ يَضُرُّ نَفْسَهُ لِيَنْفَعَكْ
    ولكن للأسف الشديد هذا النوع من الأخوان، قَلَّ في هذه الأزمان، حتى غَرب عن حياة الناس وغُرِّب، وكأنه ممن حَلَّقَتْ بِهِ عَنْقَاءُ مُغْرِب، وهو كما قيل في الجود:
    إذا مَا ابْنُ عَبْدِ اللّهِ خَلَّى مَكَانَهُ***فقد حَلَّقَتْ بالجُودِ عَنْقَاءُ مُغْرِبُ
    11- ومنهم: من هو عزيز في نفسه، أَبِيٌّ عن الإذعان لغيره، قؤول فعول، وعلى أعدائه صارم مسلول، وَصْفُهُ كما قال السموأل:
    إذَا سَيِّدٌ مِنَّا خَلاَ قَامَ سَيِّدٌ***قَؤُولٌ لِمَا قالَ الْكِرَامُ فَعُولُ
    إلا أنه لا يترفع على إخوانه، ويبذل لهم ما كان في إمكانه، يهون بين أيديهم، ولا يتعزز عليهم، إذا رغبوا إليه في شيء لبى، وإذا ألحوا على أمر في مقدوره لم يتأب، وبخاصة عند إصرارهم وتعززهم فإنه يلين ويسكن، عاملا بقول القائل إِذا عَزَّ أخوك فهن، وهذه التصرفات والأفعال، تدل على نبل في الخصال، ومروءة تخللت سائر الأوصال.
    12- ومنهم: من هو معتد بنفسه، مزهو بما آتاه الله من فضله، لا يظن أن أحدا يقدر عليه، ولا يعتقد أن يوجد في الدنيا من هو أقدر منه، ولذلك تجده يتفاخر فيتجاسر، ويتمادى فيتعدى، ويطاول فيصاول، ولا يزال على هذه الحال، حتى يقدر له فحل من الرجال، فيكسر شوكته، ويكف حدته، ويقول له بعد ما يصرعه:إن كنت ريحا فقد لاقيت إعصارا، وإن كنت حجرا فقد لاقيت جرارا[2].
    13- ومنهم: من لا يرضى في إخوانه الخصلة القبيحة، فيمحض لهم جاهدا النصح بدون فضيحة، فيوجه إلى النافع ويسدد، ويدل على الخير ويرشد، وينهى عن السوء ويشدد، همه الأكبر صلاح إخوانه وكمالهم، ولذلك يصدقهم لينفعهم ولو غضبوا، ولا يسكت عن باطلهم وزللهم وإن رغبوا، فأخوك من صدقك النّصيحة، ولم يتركها خشية أن تكون منك الكرة الجارحة، وكما يقال: صديقك من صَدَقَكَ لا من صَدَّقَك.
    14- ومنهم: من لا يماثله أحد من الناس، وكأنه في أوصافه الفانوس والنبراس، ترى فيه العجائب المفردات، والغرائب المنفردات، متفرد في فصاحته، منفرد بحسن تصرفه، سابق غيره بإتقان عمله، ليس له ثان في معناه، كما لا شبيه له في محياه، يصح أن يقال فيه إنَّهُ نَسِيجُ وَحْدِهِ، وفَرِيدُ عَصْرِهِ، وَوَحِيدُ قَرْنِهِ.
    15- ومنهم: من يقترض أموال الناس ويسهل عليه أخذها، فإذا طولب بها صعب عليه دفعها، وكأنه طولب بنفسه فتجده يدافع عنها، ويصد من أراده عليها، وهذا صنف من الناس عجيب، وليس له في المروءة نصيب، يتذلل عند الأخذ، ويماطل عند الرد، عند الأكل يبلع، وعند القضاء يدافع،فالأكل سلجان[3] والقضاء ليان[4]، فالله على أمثاله المستعان.
    16- ومنهم: من يحرص على الأخذ بثأره، ممن أساء إليه في بعض أمره، فيطلب غريمه بكل حيلة، ويتوسل للإيقاع به بكل وسيلة، فإذا وقع بين يديه، وصار تحت قهره وتصرفه، تجاوز عنه وعفا، وكأن التمكن منه كفى وشفى، لأن الْمقدرة تذهب الْحفيظة[5]، ووقوع الخصم بين اليدين يزيل الغيظة.
    17- ومنهم:قليلُ المسألة للناس تعفُّفاً، فلا يسألهم إلحافا ولا يقصدهم متلهفا، راض بما أعطاه الله، وصابر على حاله المقدر عليه لله، الناس كلهم يحبونه، وبالجميل يذكرونه، لا تجد فيهم إلا قائلا فيه إِنه لخفيف الشقة، لأن صحبته لا تكلفهم فِلسا وَلَا مَشَقَّة، فهم محتاجون إليه لشرف نفسه، وهو غني عنهم بقناعته، يصدق فيه قول الشاعر:
    غنيت بلا مال عن الناس كلهم ***وإن الغنى العال عن الشيء لا به
    وقول الخليل بن أحمد لما كتب إليه سليمان بن علي يستدعيه الخروج إليه، وبعث إليه بمال كثير، فردّ المال عليه وكتب إليه:
    أبلغْ سليمانَ أني عنه فيسَعَــةٍ *** وفي غنًى غيرَ أني لَسْتُ ذامَــالِ
    يسخُو بنفسيَ أني لا أرى أحـداً *** يموت هُزْلاً ولا يَبْقَى علىحَــال
    والفَقْرُ في النفس لا في المال نَعْرِفهُ *** ومِثْلُ ذاك الغنى في النفس لا المـالِ
    والمالُ يَغْشَى أناساً لا خَلاقَ لهـم ***كالسَّيْلِ يَغْشَى أُصول الدِّنْدِنِ[6]البالي
    كلُّ امرئ بسبيل المـوت مرتَهَنٌ *** فاعمَلْ لنفسك؛ إني شاغلٌ بــالي
    18- ومنهم: الرجل اللوذعي، من يقال فيهإنه لألمعي، الذي يصيب بظنونه، ولا يكاد يخطئ بحدسه، كأنه مُحَدَّثٌ مِنَ المُحَدَّثِينَ، وملهم من الملهمين، ظنه كسمع السامعين، وحدسه كرؤية الرائين، هو كما قالأوس بن حجر:
    الألْمَعِيّ الذِي يَظُنُّ بِكَ ال *** ظَّنَّ كأنْ قَدْ رَأَى وَقَدْ سَمِعَا
    19- ومنهم: من يخالط إخوانه على ما فيهم من علات، ويصبر عليهم مهما ارتكبوا من الزلات، لأنه يعلم أنهم غير معصومين، وأنه لا يمكنهم تلافي كل ما يَقبح ويُشين، لبشريتهم التي لابد أن تعتريها النقائص والخطايا، وتشينها الخسائس والدنايا، ومن المعلوم أن الإنسان إذا طلب إخوانا لا عيب فيهم، وخلانا لا نقص يعتورهم، فقد طلب المحال، ومنته نفسه ما لا يمكن بحال، وإذا كان الأمر كذلك فكل من تخالطه فإنك واجد فيه ما يشينه، ومتلمس منه ما ينقصه ويعيبه، فإن أنت تركته لأجل ما فيه من النقائص، لم تبق على أخ لك يؤانس، وكما قال النابغة:
    ولَسْتَ بِمُسْتَبْقِ أخاً لا تَلُمُّهُ *** على شَعَثٍ أيُّ الرجالِ المهذَّبُ
    20- ومنهم: من إحسانه قليل، وعطاؤه ضئيل، وحاله قريب من حال البخيل، تمر عليه الليالي والأيام، فلا يُرى منه إنعام ولا إكرام، فبذله إنَّما هو كبارح الأروى[7] قليلا ما يُرى، وكالرجل الضعيف نادرا ما يُخيف، فإحسانه لقلته لا يكاد يذكر، وبذله لندرته يستنكر ولا يشكر، فإذا كثر هذا الصنف في الوجود، فسيقل بوجوده الكرم والجود، فنسأل الله عز وجل أن يقللهم في الدنيا كقلة عطائهم، وأن يكثر أهل الجود ككثرة منع من نتحدث عنهم.
    21- ومنهم: من يعد ويخلف، ويعاهد فيتخلف، إنَّما هو كبرق الْخُلَّب[8]،والسَّحاب الذي لا يسكب، يعدك ويمنيك، حتى إذا ظننت أنه سيعطيك، قطع أمانيك، بسيف من الإخلاف يشقيك، وعده مقرون بعدم الوفاء، والاعتماد عليه مجموع بخيبة الرجاء، فاحذر أن يكون لك صديقا، أو أن تكون له موافقا، فإن الصاحب ساحب، ومن وافق عبدا فهو على طريقه ذاهب.
    22- ومنهم: من يذم الأشياء وهو ينتفع بها، ويزدريها وهو لا يستغني عنها، النعمة بين يديه وهو محتقر لها، والخيرات تأتي إليه وهو كافر بها، إذا جمع لَمَّ، وإذا أكل ذم، وإذا فقد اغتم، يتجشأ من الطعام بشما، ويكفر من النعم نعما،يقضي حياته أكلا وذما، ويطوي عمره حرصا وندما، فكيف السبيل إلى تنبيه هذا الغافل، وتفطين هذا المتغافل، حتى يعلم أنه في نِعَمٍ لا ينبغي له احتقارها، فضلا أن يذمها وهو ينتفع بها.
    23- ومنهم: من يكثر خيره ويتعدد، ويعظم نفعه ويتجدد، من يأتيك الخير من قبله في كل الأحيان، وتستفيد منه الفوائد المختلفة على اختلاف الأزمان، لا تملك نفسك والخيرات التي تأتيك منه تعد ولا تحصى، إلا أن تقول له: إنك خير من تفاريق العصا[9]، شكره على حسن صنائعه منك مطلوب، والثناء عليه بخصاله عليك مكتوب.
    24- ومنهم: العاقل الحازم، من تراه للحرز ملازم، من يستوثق في أموره، ويتحفظ في شؤونه، لا يخوض في الأمر حتى يعد له عدته، ولا يقبل على الفعل حتى يعرف مدخله ومخرجه، ومما يدل على حزمه أنه يقول لغيره ناصحا له بأن يحتاط في أمره:أن تَرِدَ الماء بماء أكيس، وأن لا تخوض الحرب حتى تَتَّرَّس أفرس، وأن تستشير أهل الخبرة والتجارب، وأهل البصيرة بالنتائج والعواقب، قبل أن تختار جانبا من الأمور على جانب، هو أنفع لك وأصوب.
    25- ومنهم: من يحرص على إخوانه الحرص الشديد، فتجده يبدئ في إرضائهم ويعيد، فيبذل في ترضيهم جهده، ويداريهم ليبقي على مودتهم وسعه، وإن كان هذا منه يدل على كريم خصاله، فهو يدل على أن هؤلاء ليسوا من إخوانه، لأنك إذا تَرَضَّيْتَ أخاك فلا أخا لك، وإذا داريته جهدك فكيف يكون من خلانك، فأخوك هو الذي لا تحتاج أن تعطيه لترضيه، ولا أن تداريه لتدنيه، فهو الذي يحبك لشخصك لا لصلاتك، ويودك لذاتك لا لعطاياك، والذي يجعلك من نفسه كنفسه يرضى عنها مهما فعلت ويعتذر لها مهما اقترفت، لا من يجعلك معه كعبده لا يرضى عنه ولو أحسن ولا يعذره ولو أتقن.
    26- ومنهم: من يحسن بفعله إلى نفسه، ويمن به على غيره، فيتظاهر وهو يجلب المنافع إليه، أنها في صالح من يمن عليه، وهذا في غاية ما يمكن من الخداع، وصاحبه مختال خداع، ينبغي أن ينبه إلى نفسه وسوء ما هو عليه في تصرفاته، بأن يقال له: أيها الممتن على نفسك فليكن المن عليك، ويا أيها النافع لذاتك فاطلب شكر نفسك منك.
    27- ومنهم: من يُفقد بفقده النصير، ويَذهب بذهابه الظهير، ولا يبقى من بعده إلا من لا غناء له ولا حاجة فيه، فهو الذي يسمع ويشفع، ويعين على النوائب ويدفع، ويحزن عند مصابك وعينه تدمع، ففقده مصيبة عظيمة، وملمة جسيمة، يتسلط بعده الأعداء، ويأكلونك أكلهم للشاء[10]، فتصير كمن قال: إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض[11]، وهذا ما ينتج عن فقد أمثاله ويتمخض.
    28- ومنهم: من لا يعجز عن شيء يطلبه، ولا عن أمر يريده، إن قوي عليه أخذه بالقوة، وإن كاد يعجز عنه فالخديعة هي الفتوة، قانونه الذي سار عليه وتمذهب، إِن لم تغلب فاخلب، وهو كما قيل: نَفَاذُ الرأي في الحرب، أنفذ من الطعن والضرب، بل إنه على طريقة من قدم الرأي على الشجاعة، ورغب فيه قبل الحرب فإن الحرب خدعة، وهو المتنبي حيث قال:
    الرأيُ قبلَ شجاعةِ الشجعانِ *** هو أولٌ وهي المحلُّ الثاني
    فإِذا هما اجتمعا لنفسٍ حرةٍ *** بلغَتْ من العلياءِ كُلَّ مكانِ
    ولربما طعنَ الفتى أقرانَهْ *** بالرأْيِ قبلَ تطاعُنِ الأقرانِ
    29- ومنهم: من يرضى في الأشياء بالدون، ولضعف همته النفيس عليه يهون، فيتركه لغيره، ولا ينافس أحدا عليه، ولذلك فله الفضلة من كل الأشياء، والدون من كل ما يُطلب ويُشاء، كالإبل آخرها أقلها شربا، وكالعاجز إذا شرق الناس لمهم سار هو غربا، ومثل هذا يخضع لغيره ويساس، ولن يكون له شأن ما بقي في الناس، واعلم أن الذي لا يخاطر في طلب المعالي، لا يحصل شيئا من النفائس واللآلي، وإنما الحر الكريم من يخاطر، على حد قول المنصور أبي عامر:
    رميت بنفسي هول كل عظيمة ... وخاطرت والحر الكريم يخاطر
    وما صاحبي إلا جنان مشيع ... وأسمر خطي وأبيض باتر
    فسدت بنفسي أهل كل سيادة ...وفاخرت حتى لم أجد من أفاخر
    وما شدت بنيانا ولكن زيادة ... على ما بنى عبد المليك وعامر
    رفعنا المعالي بالعوالي حديثه ... وأورثناها في القديم معافر
    30- ومنهم: من أكل عليه الدهر وشرب، وطالت به الحياة حتى شاب واختضب، وأدرك من نسله أبناء الأبناء، ورأى في مدته ما يسر به ويساء، وجرب الدنيا وسبر أغوارها، وخبر الحياة وعرف أحوالها، إذا كلمته كأنك تستنطق في التاريخ كتابا، وإن حاورته فتحت على الماضي والحاضر أبوابا، اجتمعت في شخصه أجيال وأجيال، وتفتقت شخصيته عن حكم وأمثال، هو الماضي بأخباره وذكرياته، والحاضر بحكمته وتوجيهاته، لو سألته عن حياته التي طالت مدتها،وعن مدته التي أمد الله له فيها، كيف وجدتها؟ وهل أحسست كيف مرت عليك أيامها؟ لقال لك كأني دخلت من باب وأوشك أن أخرج من أخرى، فكأن بقاءه للناس عِبرة، تستوجب التأمل والفكرة، وتستدعي الخوف والعَبرة، والعمل بجد استعدادا للأخرى.
    31- ومنهم: من هو أهلٌ لأن تأتي منه الخصال الكريمة، والصفات العالية العظيمة، فخيره عميم، وسمته قويم، صبور على المعتدين حليم، عطوف على البائسين كريم، الكرم والجود له طريق ومنهاج، وخيره يطال ما أمكن من فقير ومحتاج، من تعرف عليه قال:إِنه لأريَضٌ[12] للخير، وخليق بأن ينال كل خير، وكما جاء في كتاب ربنا الرحمن:" هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ".
    32- ومنهم: من إِذا سأل ألحف، وَإنْ سُئل سَوَّف، إن وَعد أخلف، وإذا وُعد تلهف، حبه للمال كبير، وغرامه بالدنيا مبير[13]، ليس له في الدنيا صديق ولا حبيب، إلا من قطع أنه لا يريد أن يضرب في ماله بنصيب، أو طمع هو أن يصيب منه ويصيب، يدور في فلك الدرهم والدينار، فلا يعرف لأجلهما حرمة قريب ولا جار، صار عبدا لماله، والحر يستعبد مالَه ولا يستعبده مالُه، وكما قال حاتم الطائي الشاعر الجاهلي في قصيدة له:
    ولا أشْتَرِي مالاً بِغَدْرٍ علِمْتُهُ ... ألاَ كُلُّ مَالٍ خالطَ الغَدْرَ أنْكَدُ
    إذا كان بعضُ المالِ ربّاً لأهْلِهِ ... فإنِّي بحمد الله مَالِي مُعَبَّدُ
    يُفَكَّ به العانِي ويُؤكل طيِّباً ... ويُعطَى إذا ضَنَّ البخيل المُصَرَّد
    إذا ما البخيلُ الخِبُّ أخْمَد نارَه ... أقولُ لِمَنْ يصْلَى بنارِيَ أوْقِدُوا
    توسَّعْ قليلاً أو يكن ثَمَّ حَسْبُنَا ...ومُوقدها البادِي أعَفُّ وأحمدُ
    كذاك أمُورُ الناسِ رَاضٍ دَنِيَّةً ... وسامٍ إلى فَرْع العُلا مُتَوَرِّد
    فمنهم جوادٌ قد تلفَّت حَوْلَه ...ومنهم لئيم دائم الطرف أقْوَدُ
    وَدَاعٍ دَعاني دَعْوةً فأجَبْتُه ... وهل يَدَعُ الدّاعِين إلا اليَلَنْددُ
    33- ومنهم: من يحرص على تنمية ماله وحفظه، ليحافظ به على بعض إخوانه، فإن الحبيب إلى الإخوان ذُو المال، الذي يستعان به في مختلف الأحوال، فإذا أردت المحافظة على صنف من إخوانك، فعليك أن تجتهد في حفظ مالك، فإن من الإخوان من لا يحس بأخوتك، إلا إذا وصلته عطيتك، ونفعته منحتك، ورجا في أيام شدته نوالك، فالمال هو الحبل الوثيق إذا انقطعت الصلات، واللسان الناطق إذا عجزت اللغات، والصديق المرافق إذا انعدم المؤانس في الرحلات، فينبغي للإنسان أن يحتفي به لما يرجوه من نفعه، ويحافظ عليه ليحفظ به دينه وعرضه ومروءته.
    وقالأُحَيْحَة بن الجُلاح:
    اسْتَبْقِ مالَكَ، لا يَغْرُرْكَ ذُو نَشَبٍ ... مِن ابنِ عَمِّ ولا عَمٍّ ولا خالِ
    فَلنْ أَزالَ على الزَّوْراءِ أَعْمُرُها ... إنَّ الحَبيبَ إلى الإخْوانِ ذُو المالِ
    كُلُّ النِّداءِ إذا نادَيْتُ يَخْذُلُنِي ... إلاّ نِدايَ إذا نادَيْتُ يا مالِي
    34- ومنهم: من جرب الأمور وعرفها، حتى صار خبيرا بها وبخباياها، إذا تكلم عنها أحسن وصف دقائقها، وإذا حذر منها أبدع في ذكر مضارها، فإذا أنكر عليه من لا علم له بها، وأراد أن يخالفه في بعض ما قاله فيها، قال له: أنت أعلم أم من غصَّ بها، وأنت أدرى أم من اكتوى بنارها، وكأنه يقول له: ليس للغر الجاهل أن يخالف العالم العاقل، وليس لقليل التجارب أن يعارض من جرب وجرب.
    35- ومنهم: من يُحسن التلميح، إذا كان يخشى من التصريح، ويُتقن الإشارة، إذا خاف من مغبة صريح العبارة، فينطق بكلام وهو يقصد غيره، ويحدث بحديث وهو يعني سواه، فهو على
    طريقة سَهْل بن مالك الفَزَاري القائل في بعض نظمه:
    يَا أخْتَ خَيْرِ الْبَدْوِ وَالْحَضَارَهْ ... كَيْفَ تَرَيْنَ فِي فَتَى فَزَارَهْ
    أصْبَحَ يَهْوَى حُرَّةً مِعْطَارَهْ ... إيَّاكِ أعْنِي وَاسْمَعِي يَا جَارَهْ
    وهي طريقة نافعة مع أهل الفطنة والذكاء، ووسيلة مثمرة مع العقلاء الألباء، أما مع أهل الجهل والغباء، فقد لا ينفع معهم صريح الأخبار ولا واضح الأنباء، ولذلك فمن الحكمة أن تُستعمل هذه الطريقة مع أهلها، وأن تُوضع في موضعها حتى تُجتنى ثمارها.
    36- ومنهم: من يتحمل المشقة، ولو بعدت عنه الشقة، لأجل هواه الذي يريده، ومراده الذي يسعى خلفه، فإن الهوى يقطع العقبة، مهما كانت شاقة ومتعبة، والمأمول يذلل الصعاب، ولو كان فيه ذهاب وإياب، ثم بقدر نفاسة المراد، يكون الجد والاجتهاد، كما أنه بقدر علو الهمة، يكون مطلوب النفوس أسمى، كما قال أبو الطيب المتنبي:
    على قدر أهل العزم تأتي العزائم *** وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ
    وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها *** وتصغرُ في عين العظيم العظائم
    37- ومنهم: من يؤدي الحق الذي عليه، ولا يماطل صاحبه فيه، لأنه متيقن أن المال لأهله، وأن الحق لذويه، فليس بغريب إذا أدَّى قدرا مستعيرها، ورَدَ أمانة حافظها، ولكن الغريب حقا والعجيب صدقا أن يُبقي الإنسان ملك غيره عنده وهو يطالبه به، وأغرب من هذا أن يتصرف فيه وكأنه خالص حقه، وهذا هو حال الدنيا، ترى فيها الأخلاق السفلى والعليا، فكما أنك قد تخالط فيها الأمين الصادق، فقد تبتلى بصحبة الخائن المنافق[14]، والمراوغ المتحذلق، فاحذرهما فإني عليك من أمثالهما مشفق.
    38- ومنهم: الرجل القليل الحيلة، الذي لا يعرف غاية ولا يحسن وسيلة، من يحتاج في أموره أن يعان، ومن سائر مضار الدنيا أن يصان،فمن هذا الصنف من قد يموت عند بئر وهو عطشان، ومنهم من قد يقتله الدخان لمكوثه عنده وعدم تحوله عنه وكأنه قدره الذي لا مناص له عنه ولا روغان، ومع حمق هذا الأخير البادي عليه وقلة حيلته المتمكنة منه قد يأتي من يبكيه فيقول وهو يرثيه: أي فتى قتلهالدخان، وكأن الذي قتله شجاع من الشجعان أو فارس من الفرسان أو داهية لا يمكن أن يتجنبها إنسان مهما كان، فإنا لله وإنا إليه راجعون من زمان تصل فيه حالة الإنسان إلى هذا السفول والهوان.

    وكتب: أبو عبد السلام عبد الصمد سليمان
    مغنية حرسها الله
    يوم الأربعاء: 11 ذو الحجة 1439 هـ
    الموافق لـ: 22 – 08 – 2018 م


    [1]- أي أنه محمودُ الأخلاق كريم يعنون أنه أهل لأن يقال له هذه الكلمة وهي كلمة تعجب وتلذذ قال أبو النجم:
    واهاً لريَّا ثمَّ وَاهاً وَاهاَ
    ويروى " وَاهاً " بالتنوين ويقال للئيم : إنه لغَيْرُ وَاها.
    [2]- ومنه قولهم: السيل الجرار.
    [3]- السَّلْج: البَلْع. يقال: سَلَجْتُ اللقمة أي بَلَعْتُهَا.
    [4]- والليَّان: المدافعة وكذلك اللَّيُّ ومنه "ليُّ الوَاجِدِ ظلم".
    [5]- الحفيظة: الغضب.
    [6]- والدِّنْدِنُ ما بلي وعفِنَ من أُصول الشجر الواحدة دِنْدِنَة.
    [7]- وهي تُيُوس الجَبل ويقال للأُنثى عَنْزٌ وللذكر وَعِلٌ.
    [8]- يقال: بَرْقٌ خُلَّبٌ وبرقُ خُلَّبٍ بالإضافة وهما البرق الذي لا غَيْثَ معه كأنه خَادِع. والخلَّبُ أيضاً: السحاب الذي لا مَطر فيه فإذا قيل: برق الخلب فمعناه برقُ السحابِ الخلب.
    [9]- قيل لأعرابي: ما تَفَاريق العصا؟ قال: العصا تُقْطع ساَجورا والسَّوَاجير تكون للكلاب وللأسْرَى من الناس ثم تقطع عصا الساجور فتصير أوتاداً ويفرق الوتد فتصير كل قطعة شِظَاظا فإن جعل لرأس الشِّظَاظ كالفَلَكة صار للبُخْتي مِهَارا وهو العود الذي يدخل في أَنْفِ البُخْتى وإذا فرق المِهار جاءت منه تَوَادٍ وهي الخشبة التي تشد على خِلْفِ الناقة إذا صُرَّت هذا إذا كانت عصاً فإذا كانت قَنَاة فكل شَق منها قَوْس بندقٍ فإذا فرقت الشقة صارت سهاماً فإن فرقت السهام صارت حِظاء فإن فرقت الحظاء صارت مغازل فإن فرقت المغازل شَعَبَ به الشَّعَّابُ أقداحه المَصْدُوعَةَ وقِصَاعه المشقوقة على أنه لا يجد لها أصلح منها وأليق بها.
    [10]- بمعنى الشاة وللأصمعي كتابا عنونه بهذا اللفظ " الشاء" تكلم فيه عن الغنم وأسنانها وأسماء أولادها والعيوب التي تكون فيها وغير ذلك من الفوائد.
    [11]-روى ابن أبي شيبة في مصنفه هذا اللفظ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث قال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ زوذي أَبِي كَثِيرَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ يَوْمًا، فَقَامَ الْخَوَارِجُ فَقَطَعُوا عَلَيْهِ كَلاَمَهُ، قَالَ: فَنَزَلَ فَدَخَلَ وَدَخَلْنَا مَعَهُ، فَقَالَ: أَلاَ إنِّي إنَّمَا أُكِلْت يَوْمَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبْيَضُ، ثُمَّ قَالَ: مَثَلِي مَثَلُ ثَلاَثَةِ أَثْوَارٍ وَأَسَدٍ اجْتَمَعْن فِي أَجَمَةٍ: أَبْيَضَ وَأَحْمَرَ وَأَسْوَدَ، فَكَانَ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا مِنْهُنَّ اجْتَمَعْن، فَامْتَنَعَنْ مِنْهُ، فَقَالَ لِلأَحْمَرِ وَالأَسْوَد: إِنَّهُ لاَ يَفْضَحُنَا فِي أَجَمَتِنَا هَذِهِ إِلاَّ مَكَانُ هَذَا الأَبْيَضِ، فَخَلِّيَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ حَتَّى آكُلَهُ، ثُمَّ أَخْلُو أَنَا وَأَنْتُمَا فِي هَذِهِ الأَجَمَةِ، فَلَوْنُكُمَا عَلَى لَوْنِي وَلَوْنِي عَلَى لَوْنِكُمَا قَالَ: فَفَعَلاَ قَالَ: فَوَثَبَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُلْبِثْهُ أَنْ قَتَلَهُ.قَالَ: فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا اجْتَمَعَا، فَامْتَنَعَا مِنْهُ، فَقَالَ لِلأَحْمَرِ: يَا أَحْمَرُ، إِنَّهُ لاَ يُشْهِرُنَا فِي أَجَمَتِنَا هَذِهِ إِلاَّ مَكَانُ هَذَا الأَسْوَد، فَخَلِّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ حَتَّى آكُلَهُ، ثُمَّ أَخْلُو أَنَا وَأَنْتَ، فَلَوْنِي عَلَى لَوْنِكَ وَلَوْنُك عَلَى لَوْنِي، قَالَ: فَأَمْسَكَ عَنْهُ فَوَثَبَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُلْبِثْهُ أَنْ قَتَلَهُ.ثُمَّ لَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ لِلأَحْمَرِ: يَا أَحْمَرُ، إنِّي آكُلُك، قَالَ: تَأْكُلُنِي، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: إِمَّا لاَ فَدَعَنْي حَتَّى أُصَوِّتَ ثَلاَثَةَ أَصْوَاتٍ، ثُمَّ شَأْنُك بِي، قَالَ: فَقَالَ: أَلاَ إنِّي إنَّمَا أُكِلْت يَوْمَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبْيَضُ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ: أَلاَ وَإِنِّي إنَّمَا وَهَنْتُ يَوْمَ قُتِلَ عُثْمَان" وإسناده ضعيف لضعف مجالد بن سعيد وجهالة عمير بن زوذي كما جاء في كتاب:" الأحاديث المرفوعة والموقوفة في كتاب «حياة الحيوان الكبرى» للدَّمِيري، من بداية حرف (التاء) إلى نهاية حرف (الجيم)، تخريجاً ودراسة" رسالة: مقدمة لنيل درجة الماجستير، قسم السنة وعلومها، كلية أصول الدين، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – الرياض -. إعداد: إبراهيم بن عبد الله بن عبد الرحمن المديهش.
    [12]- يقال: أَرُضَ أَرَاضَة فهو أريض كما يقال: خَلُق خَلاَقة فهو خَلِيق.
    [13]- بمعنى مهلك.
    [14]- والمقصود بالمنافق هنا من وقع في النفاق الأصغر الذي من أوصافه:" إذا اؤتمن خان" والله المستعان.
    التعديل الأخير تم بواسطة عبد الصمد سليمان; الساعة 2018-08-23, 03:19 PM.
الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 1 زوار)
يعمل...
X