إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

[مقال] دحض شبهة عدم صحّة ولاية الحاكم المتغلب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [مقال] دحض شبهة عدم صحّة ولاية الحاكم المتغلب


    بسم الله الرحمن الرحيم

    أدرت هذا الموضوع على خمسة محاور

    1- الإجماعات التي ذكرها العلماء
    2- أقوال أصحاب المذاهب الأربعة
    3- أقوال جملة من أئمة السلف في إنعقاد ولاية الحاكم المتغلب
    4- فتاوى العلماء الذين ماتوا إلى عهد قريب رحمهم الله
    5- فتاوى العلماء الأحياء حفظهم الله



    ➊ الإجماعات التي ذكرها العلماء:

    وقد حَكَى الإجماعَ على وجوبِ طاعةِ الحاكمِ المُتغلِّبِ

    1- الإمام ابن بطال رحمه الله

    ☚ قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله- ( الفتح 13/9 ، تحت الحديث رقم : 7054) :
    قال ابن بطال : وفي الحديث حجة على ترك الخروج على السلطان ولو جار ، وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه ، وأن طاعته خير من الخروج عليه ؛ لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء . وحجتهم هذا الخبر وغيره مما يساعده ، ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح ".

    ☚ ونقل الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى كلام ابن بطال السابق في كتابه نيل الأوطار (ج7/ص361-362) وأقرّه وزاد عليه بعد أن سرد أحاديث الأمر بالصبر على جور الأئمّة وإن جاروا وظلموا وفسقوا:

    ((وقد استدل القائلون بوجوب الخروج على الظلمة ومنابذتهم السيف ومكافحتهم بالقتال بعمومات من الكتاب والسنة في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا شك ولا ريب أن الأحاديث التي ذكرها المصنف في هذا الباب وذكرناها أخص من تلك العمومات مطلقا وهي متواترة المعنى كما يعرف ذلك من له أنسة بعلم السنة)) اهـ

    2- الشيخُ محمَّد بنُ عبد الوهَّاب ـ رحمه الله ـ
    قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب –رحمه الله- ، في قوله : " الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلب على بلد أو بلدان ، له حكم الإمام في جميع الأشياء ، ولولا هذا ما استقامت الدنيا ؛ لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا ، ما اجتمعوا على إمام واحد ولا يعرفون أحداً من العلماء ذكر أن شيئاً من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم " .
    الدرر السنية (7/239)

    3- الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ
    قال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ –رحمه الله- قال : " وأهل العلم مع هذه الحوادث متفقون على طاعة من تغلب عليهم في المعروف ، يرون نفوذ أحكامه ، وصحة إمامته ، لا يختلف في ذلك اثنان ، ويرون المنع من الخروج عليه بالسيف ، وتفريق الأمة ، وإن كان الأئمة ظلمة فسقة ، مالم يروا كفراً بواحاً ، ونصوصهم في ذلك موجودة عند الأئمة الأربعة ، وغيرهم ، وأمثالهم ونظرائهم " .
    مجموعة الرسائل والمسائل النجدية ( ٣ / ١٦٨ ) .

    ➋ أقوال أصحاب المذاهب الأربعة:

    1- الحنفية:
    ☚ قال الحصكفي الحنفي (ت١٠٨٨هـ) في الدر المختار: وتصح سلطنة متغلب للضرورة. اهـ.
    ☚ وقال ابن عابدين الحنفي (ت١٢٥٢هـ) في حاشيته(٤٥٠/٤): الامام يصير إماما بالمبايعة أو بالاستخلاف ممن قبله. قوله: (يصير إماما بالمبايعة) وكذا باستخلاف إمام قبله، وكذا بالتغلب والقهر كما في شرح المقاصد. اهـ.

    2- المالكية:
    ☚ قال ابن أبي زيد القيرواني المالكي (ت٣٨٦هـ) ويُلقب ب"مالك الصغير"، قال في رسالته المعروفة "مقدمة ابن أبي زيد القيرواني": فمما أجمعت عليه الأمة من أمور الديانة، ومن السنن التي خلافها بدعة وضلالة ... - ثم قال - : والسمع والطاعة لأئمة المسلمين، وكل من ولي من أمر المسلمين عن رضا أو عن غلبة، فاشتدت وطأته من بر أو فاجر، فلا يخرج عليه جار أم عدل ... - ثم قال -: وكل ما قدمنا ذكره فهو قول أهل السنة وأئمة الناس في الفقه والحديث علىما بيناه، وكله قول الإمام مالك، فمنه منصوص من قوله ومن معلوم من مذهبه. اهـ.

    ☚ وقال الدردير المالكي (ت١٢٠١هـ) في شرح الكبير (٢٩٨/٤): اعلم أن الإمامة العظمى تثبت بأحد أمور ثلاثة؛ إما بإيصاء الخليفة الأول لمتأهل لها، وإما بالتغلب على الناس؛ لأن من اشتدت وطأته بالتغلب وجبت طاعته ولا يراعى في هذا شروط الإمامة؛ إذ المدار على درء المفاسد وارتكاب أخف الضررين. اهـ.

    3- الشافعية:
    ☚ قال الامام الشافعي(ت٢٠٤هـ): كل من غلب على الخلافة بالسيف حتى يسمى خليفة ويجمع الناس عليه فهو خليفة. رواه البيهقي في مناقب الشافعي (٤٤٩/١).

    ☚ وقال ابن حجر الهيتمي الشافعي (ت٩٧٣هـ) في "تحفة المحتاج في شرح المنهاج": المتغلب يصير كالحاكم لدفع المفاسد المتولدة بالفتن لمخالفته. اهـ.

    4- الحنابلة:
    ☚ قال الإمام أحمد بن حنبل (ت: ٢٤١هـ) في رسالته "أصول السنة": ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين، وقد كان الناس اجتمعوا عليه، وأقروا له بالخلافة بأيِّ وجه كان بالرضا أو بالغلبة؛ فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية. اهـ.

    ☚ وقال ابن قُدامة الحنبلي (ت٦٢١هـ) في المغني (9/5): وجُملة الأمر أن من اتفق المسلمون عَلَى إمامته، وبيعته، ثبتت إمامته ووجبت معونته لِمَا ذكرنا من الحديث والإجماع، وفي معناه من ثبتت إمامته بعهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم أو بعده إمام قبله إليه فإن أبا بكر ثبتت إمامته بإجماع الصحابة عَلَى بيعته، وعمر ثبتت إمامته بعهد أبي بكر إليه، وأجمعَ الصحابة عَلَى قبوله، ولو خرج رجل عَلَى الإمام فقهره وغلب الناس بسيفه حتَّى أقروا له وأذعنوا بطاعته وتابعوه صار إمامًا يَحرم قتاله والخروج عليه، فإن عبد الملك بن مروان خرج عَلَى ابن الزبير، فقتله واستولى عَلَى البلاد وأهلها حتَّى بايعوه طوعًا وكرهًا، فصار إمامًا يَحرم الخروج عليه، وذلك لِمَا فِي الخروج عليه من شق عصا المسلمين وإراقة دمائهم وذهاب أموالِهم. اهـ.


    ➌ أقوال جملة من أئمة السلف في إنعقاد ولاية الحاكم المتغلب

    1- قال النوويُّ ـ رحمه الله ـ: «وأمَّا الطريقُ الثالثُ فهو القهرُ والاستيلاء: فإذا ماتَ الإمامُ فتَصَدَّى للإمامة مَنْ جَمَعَ شرائطَها مِنْ غيرِ استخلافٍ ولا بيعةٍ، وقَهَرَ الناسَ بشوكته وجنوده؛ انعقدَتْ خلافتُه ليَنْتَظِمَ شَمْلُ المسلمين، فإِنْ لم يكن جامعًا للشرائط بأَنْ كان فاسقًا أو جاهلًا فوجهانِ: أَصَحُّهما: انعقادُها لِمَا ذَكَرْناهُ وإِنْ كان عاصيًا بفِعْلِه»«روضة الطالبين» للنووي (١٠/ ٤٦).

    2- قال أبو الحسنِ الأشعريُّ ـ رحمه الله ـ ـ وهو يُعدِّدُ ما أَجْمَعَ عليه السلفُ مِنَ الأصول ـ: «وأجمعوا على السَّمْعِ والطَّاعةِ لأئمَّةِ المسلمين، وعلى أنَّ كُلَّ مَنْ وَلِيَ شيئًا مِنْ أمورهم عن رِضًى أو غَلَبةٍ وامتدَّتْ طاعتُه مِنْ بَرٍّ وفاجرٍ لا يَلْزَمُ الخروجُ عليهم بالسيف، جارَ أو عَدَلَ» «رسالةٌ إلى أهل الثغر» للأشعري (٢٩٦)

    3- قال ابنُ تيميَّة ـ رحمه الله ـ: «فأهلُ السنَّةِ لا يُطيعون وُلَاةَ الأمورِ مطلقًا، إنما يُطيعونهم في ضِمْنِ طاعةِ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، كما قال تعالى: ﴿أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡ﴾ [النساء: ٥٩]»«منهاج السنَّة» لابن تيمية (٢/ ٧٦).
    وقال ـ رحمه الله ـ ـ أيضًا ـ: «ولهذا كان مذهبُ أهلِ الحديث: تَرْكَ الخروجِ بالقتال على الملوك البُغَاة، والصبرَ على ظُلْمِهم إلى أَنْ يَسْتريحَ بَرٌّ أو يُسْتراحَ مِنْ فاجرٍ» «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٤/ ٤٤٤).


    ➍ فتاوى العلماء الذين ماتوا إلى عهد قريب

    1- الشيخ العثيمين رحمه الله :

    ☚ الحاكم المتغلب هل يشترط رضى الشعب عنه في وجوب السمع و الطاعة له ؟

    للإستماع و التحميل

    http://ar.alnahj.net/audio/884

    التفريغ :

    قال: "الأمر الثالث: القهر: يعني لو خرج رجل واستولى على الحكم وجب على الناس أن يدينوا له، حتى وإن كان قهراً بلا رضا منهم؛ لأنه استولى على السلطة .ووجه ذلك أنه لو نوزع هذا الذي وصل إلى سدة الحكم ؛ لحصل بذلك شرٌ كثير .وهذا كما جرى في دولة بني أمية ، فإن بنيامية منهم من استولى بالقهر والغلبة ، وصار خليفة يُنادى باسم الخليفة ، ويُدان له بالطاعة امتثالاً لأمر الله - عز وجل "

    ☚ شرعية الحاكم المتغلب
    للإستماع و التحميل
    http://ar.alnahj.net/audio/2799

    التفريغ :
    القهر:
    يعني لو خرج رجل واستولى على الحكم وجب على الناس أن يدينوا له، حتى وإن كان قهراً بلا رضا منهم؛ لأنه استولى على السلطة، ووجه ذلك أنه لو نوزع هذا الذي وصل إلى سدة الحكم لحصل بذلك شر كثير. وهذا كما جرى في دولة بني أمية فإن منهم من استولى بالقهر والغلبة، وصار خليفة ينادى باسم الخليفة، ويدان له بالطاعة امتثالاً لأمر الله عز وجل.

    ☚ الحاكم المتغلب الكافر هل يجب الصبر عليه عند القدرة على إزالته ؟

    للإستماع و التحميل

    http://ar.alnahj.net/audio/882


    التفريغ :

    فلو استولى عليهم كافر بالقهر، وعندهم فيه من الله برهان أنه كافر؛ بأن يعلن أن يهودي أو نصراني مثلاً، فإن ولايته عليهم لا تنفذ ولا تصح، وعليهم أن ينابذوه، ولكن لابد من شرط مهم وهو القدرة على إزالته، فإن كان لا تمكن إزالته إلا بإراقة الدماء وحلول الفوضى، فليصبروا حتى يفتح الله لهم باباً؛ لأن منابذة الحاكم بدون القدرة على إزالته لا يستفيد منها الناس إلا الشر والفساد والتنازع، وكون كل طائفة تريد أن تكون السلطة حسب أهوائها


    2- الشيخ إبن باز رحمه الله

    ☚ حكم البيعة و السمع والطاعة للحاكم المتغلب - الشيخ بن باز

    للإستماع و التحميل
    http://ar.alnahj.net/audio/879

    التفريغ :
    فالبيعة لا تكون إلا لولي الأمر إما بالقهر والغلبة إذا تولى على المسلمين وقهرهم بسيفه، بايعوه كما بايع المسلمون عبدالملك بن مروان وبايعوا آخرين، أو باتفاق أهل الحل والعقد على بيعة إنسان يتولى عليهم؛ لكونه أهلاً لذلك، أما بيعة أفضال الناس هذا شيء لا أصل له، أو بيعة رؤساء الجمعيات، هذا شيء لا أصل له، فالبيعة لا تكون إلا من جهة أهل الحل والعقد في البلاد التي فيها دولة ليس فيها سلطان ليس فيها أمير، فيجتمع أهل الحل والعقد على بيعة إنسان أهلاً لذلك؛ لأن سلطانهم أو رئيس جمهوريتهم قد مات، فيتفقون على بيعة إنسان بدلاً من الميت، أو يبايع إنسان استولى عليهم بالقوة والغلبة حتى صار أميراً عليهم بقوة وغلبة، فإنه يبايع حينئذ . نعم.
    المصدر : https://binbaz.org.sa/fatwas/9139/%D...B9%D8%AA%D9%87


    3- الشيخ الألباني رحمه الله

    ☚ وجوب السمع و الطاعة للحاكم المتغلب

    للإستماع و التحميل
    http://ar.alnahj.net/audio/877

    التفريغ :
    يُشبه هذه المسألة، إطاعة الحاكم الْباغي، الذي بَغى، واعتَدى، وتَغلّبَ على الحاكم الشَّرعي، أيضًا هذا أَمرٌ عارِض، ويَنبغي أن يُعطى له حُكْمُه، فهؤلاء البُغاة إذا ما سيطروا على البلاد، وقَضوا على الحاكم المبايَع من المسلمين، لا نقول نحنُ نخرج أيضًا عليهم، ونقاتلهم، وإنّما نُطيعهم أيضًا من باب دَفع المفسَدَة الكُبرى، بِالمفسَدة الصُّغرى، هَكذا تعلَّمنا من الفُقهاء من تأصيلهم، ومن تفريعهم، وما تَلَوتَه آنفًا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، وصدّيق حسن خان، كلامهما يَنبُع من مُراعاة الأصل، ومُرعاة الضَّرورة الطَّارِئة، ولِكُلٍ حُكمه.

    4- الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي

    ☚ قال الشيخ محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي (ت 1393 هـ) في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (ج1/ 22-23):
    « فَاعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَةَ تَنْعَقِدُ لَهُ بِأَحَدِ أُمُورٍ:
    الْأَوَّلُ: مَا لَوْ نَصَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ فُلَانًا هُوَ الْإِمَامُ فَإِنَّهَا تَنْعَقِدُ لَهُ بِذَلِكَ.
    وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ إِمَامَةَ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ ; لِأَنَّ تَقْدِيمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إِمَامَةِ الصَّلَاةِ وَهِيَ أَهَمُّ شَيْءٍ، فِيهِ الْإِشَارَةُ إِلَى التَّقْدِيمِ لِلْإِمَامَةِ الْكُبْرَى وَهُوَ ظَاهِرٌ.
    الثَّانِي: هُوَ اتِّفَاقُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ عَلَى بَيْعَتِهِ.
    وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ إِمَامَةَ أَبِي بَكْرٍ مِنْهُ ; لِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ عَلَيْهَا بَعْدَ الْخِلَافِ، وَلَا عِبْرَةَ بِعَدَمِ رِضَى بَعْضِهِمْ، كَمَا وَقَعَ مِنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ عَدَمِ قَبُولِهِ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
    الثَّالِثُ: أَنْ يَعْهَدَ إِلَيْهِ الْخَلِيفَةُ الَّذِي قَبْلَهُ، كَمَا وَقَعَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
    وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ جَعْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْخِلَافَةَ شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ.
    الرَّابِعُ: أَنْ يَتَغَلَّبَ عَلَى النَّاسِ بِسَيْفِهِ، وَيَنْزِعَ الْخِلَافَةَ بِالْقُوَّةِ حَتَّى يَسْتَتِبَّ لَهُ الْأَمْرُ، وَتَدِينَ لَهُ النَّاسُ لِمَا فِي الْخُرُوجِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مِنْ شَقِّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ، وَإِرَاقَةِ دِمَائِهِمْ.
    قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ قِيَامُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَتْلِهِ إِيَّاهُ فِي مَكَّةَ عَلَى يَدِ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ، فَاسْتَتَبَّ الْأَمْرُ لَهُ. كَمَا قَالَهُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي (الْمُغْنِي)».



    ➎ فتاوى العلماء الأحياء حفظهم الله :

    1- الشيخ صالح الفوزان حفظه الله

    ☚ قال معالي الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان "يحفظه الله" في محاضرة (الإعلام بكيفية تنصيب الإمام في الإسلام):
    « وتنصيب الإمام يتم بطرق:
    الطريق الأول: بيعة أهل الحَلِّ والعقد له؛ كما حصل لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه-.
    الطريق الثاني: أن يعهد الإمام إلى من بعده بالإمامة؛ كما عهد أبو بكر الصديق إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-، فلزمت إمامتُه، وانقادَ الناس له، فكان ذلك خيرًا للإسلام والمسلمين.
    الطريق الثالث: أن يعهد الإمامُ إلى جماعةٍ من أهل الشورى، يختارون مِن بينهم إمامًا للمسلمين؛ كما عهد عمر الفاروق -رضي الله عنه- إلى الستة الباقين من العشرة المفضَّلين، وهم: عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنهم-، فاختاروا من بينهم أفضلهم، عثمانَ بن عفان -رضي الله عنه-، وبايعوه، فلزمت بَيْعتُه لجميع المسلمين، وتمَّت له الخلافةُ -رضي الله عنه- عن جَدَارةٍ، وعن اختيارٍ موفَّقٍ؛ لأنه أفضلُ الباقِين من العشرة، فكان في ذلك الخيرُ للمسلمين.
    الطريق الرابع: أن يتغلَّب مسلمٌ بسيفه حتى يخضع له الناس وينقادوا له؛ فتلزم إمامته جمعًا للكلمة، وخروجًا من الخلاف، ويكون إمامًا للمسلمين، كما حصل لعبد الملك بن مروان -رحمه الله-.
    هذه هي الطرق التي يتم بها تنصيبُ الإمام في الإسلام، وكلُّها ترجع إلى أهل الحَلِّ والعقد والمشورة من المسلمين، ويلزم الباقين من الأمة أن يَسمعوا ويُطيعوا لمن يتم له أمرُ الإمامةِ».
    وهذا رابط الموضوع على الموقع الرسمي لمعالي الشيخ يحفظه الله.
    http://www.alfawzan.af.org.sa/node/14223

    ☚ وفي حاشية كتابه "حفظه الله" (الأجوبة المفيدة على أسئلة المناهج الجديدة):
    «وقد ترد شبهة أخرى؛ فيقال: لا تكون الإمامة إلا بالاختيار والرضى من الرعيّة .
    فنقول : هذا الكلام لا يَرد إلا من اثنين:
    - إما جاهل بالسنة: فهذا يُبيّن له الأمر، ونسأل الله أن يشرح صدره.
    - وإما صاحب هوى عرف الحق وعاند: فهذا ليس في مخاطبته حيلة.
    وردًّا على هذه الشبهة؛ نقول- وبالله نستعين-: ليعلم الجميع من طلبة العلم وعامة الناس أنّ الخلافة والإمامة تنعقد بأمور: .....
    - وإما بالغلبة والسيف، كما هو في عهد بني أمية وغيرهم؛ فقد حصلت الخلافة لبني أمية في الأندلس، والخلافة قائمة في بغداد للعباسيين ، والأئمة والعلماء متوافرون، منهم: حميد الطويل، وشعبة بن الحجاج، والثوري، وحمّاد بن سلمة، وإسماعيل ابن عياش، وابن المبارك، وابن عيينة، ويحيى القطان، والليث بن سعد، وغيرهم.
    ولم يقل أحد منهم بإبطال قيام خلافة الأندلس، والبيعة لخليفتها.
    ولا ننسَ أن لازم هذا المذهب- أي: أن الإمامة لا تكون إلا بالرضى- إبطال لخلافة علي وابنه الحسن رضي الله عنهما، الذي آلت إليه الخلافة بعد مقتل أبيه؛ إذ لم تجتمع جميع الأمة على بيعتهما. فتأمّل وتدبر !!!».
    (تعقيب: وهذا إقرار من الشيخ الفوزان "حفظه الله" باطلاعه على حواشي الكتاب وإقراره لها:
    الرابط الصوتي:
    https://soundcloud.com/mohammad-al-terkait/qrsm1w86brsi)


    2- الشيخ صالح آل الشيخ
    ☚ قال معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ "حفظه الله" في (شرح لمعة الاعتقاد: 148-151):
    «... ومن مميزات أهل السنة والجماعة: أنهم يرون الحج والجهاد ماضيين مع أئمة المسلمين بارين كانوا أو فاجرين، فطاعة أئمة المسلمين الذين حصلت إمامتهم:
    * إمّا باختيار من أهل الحل والعقد
    * أو غلبة بسيف وسنان.
    كلهم تنعقد لهم الإمامة الشرعية، ويبقى لهم حق الطاعة في المعروف، والجهاد معهم وعدم عصيانهم؛ لأن طاعتهم من طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فالخروج عليهم، أو عدم اعتقاد وجوب طاعتهم، هذا من اعتقادات الخوارج والمعتزلة.
    فإنّ المعتزلة ضمنوا أصولهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجعلوا ذلك مضمّناً للخروج على أئمة المسلمين، إذا رأوا منهم ظلما، أو رأوا منهم كثرة عمل للمعاصي، أو كثرة ممارسة للكبائر والمنكرات، فالخوارج خرجوا بها على هذا الأصل.
    وكذلك المعتزلة يرون الخروج ويعتقدونه دينا؛ لأجل هذا الأصل.
    وكذلك جماعة كبيرة من الأشاعرة يرون الخروج جائز للجَوْرِ ولانتشار الكبائر ونحو ذلك.
    أما أهل السنة والجماعة فيرون أنه ما دام أنّ اسم الإسلام باق على الإمام فإنه تجب طاعته في المعروف، ولا يجوز الخروج عليه، وهذا مما يميز أهل السنة والجماعة عن غيرهم؛ بل كان أئمة أهل الحديث، وأئمة أهل السنة يمتحنون الناس في زمن الفتن -في أواخر القرن الثالث والرابع- يمتحنون الناس بهذا الأمر: هل يرون الطاعة أم لا يرونها؟ بل قال بعض الأئمة: علامة أهل السنة الدعاء للأئمة -يعني للسلاطين-، وعلامة أهل البدعة: الوقيعة في السلاطين. وهذا ظاهر لمن تأمل هدي أهل السنة والجماعة، وتأمل أصولهم، وممن ذكر هذا ابن بطة في (الإبانة)، البربهاري في (شرح السنة)، وهو من أئمة أهل السنة والجماعة فقد فصّل القول في ذلك تفصيلا بيّناً؛ لأجل ما ظهر في زمنه من كثرة المخالفين في هذا الأصل العظيم.
    فأهل السنة يرون أن الوِلاية الشرعية تحصل عن أحد طريقين:
    * إما باختيار من أهل الحل والعقد.
    * وإما بغلبة.
    فمن غلب ودعا الناس إلى بيعته فتجب بيعته، ومن اختير من أهل الحل والعقد ودعا أهل الحل والعقد إلى بيعته وجبت بيعته، وقد حصل هذا وهذا في الإسلام، فبيعة الخلفاء الراشدين كانت عن اختيار، وبيعة الولاة وأمراء المؤمنين: بني أمية وبني العباس ومن بعدهم إلى زمننا هذا حصلت بالغلبة، لا بالاختيار، وكل من الحالين أمر شرعي، تلزم عنه وتتفرع عنه الأحكام الشرعية: من الطاعة وعدم جواز الخروج، ومن المحبة والنصرة فيما أوجب الله جل وعلا فيه النصرة وأمر فيه، وهذا مما يتميز به أهل السنة عن الخوارج والمبتدعة.
    وفي هذا الزمان كثر الاختلاف في هذا الأصل العظيم، والناجي من نجاه الله جل وعلا، وكثير ممن يعتني بمنهج أهل السنة والجماعة، لا يعتني بمنهجهم في الإمامة، وأهل السنة والجماعة عقائدهم يجب أخذها جميعا دون تفريق بين باب وباب، لأننا إذا فرقنا نكون على شيء من الهوى، فهذه الأبواب تسمى عند أهل العلم أبواب الاعتقاد في الإمامة، لأنهم خالفوا بذلك الخوارج والمعتزلة وطوائف من الأشاعرة.

    ☚ وقال "حفظه الله" في (شرح العقيدة الواسطية 323-326):
    «.... والإمارة أو الولاية أو الإمامة هذه تنعقد عند أهل السنة والجماعة بواحد من أمور :
    الأول ببيعة أهل الحل والعقد له واختيارهم له - اختيارهم له ثم بيعتهم له - وهي التي يسميها أهل العلم ولاية الإختيار ، وهذه هي أفضل أنواع الولاية لو حصلت لا يُعْدَلُ عنها إلى غيرها ، ولاية الإختيار ، أن لا يكون على الأمة إلا من يُختَارْ لها .
    وولاية الإختيار هذه منها ولاية أبي بكر رضي الله عنه ، ولاية عمر ، ولاية عثمان ، الخلفاء الراشدين وكذلك ولاية معاوية بن أبي سفيان لما تنازل له الحسن بالخلافة فإنها كانت ولاية إختيار ، ثم بعد ذلك لم يَصِرْ ولاية إختيار إلا في أزمنة محدودة وفي أمكنة متفرقة ليست عامة ولا ظاهرة .
    النوع الثاني ولاية الإجبار ، وولاية الإجبار تُسمَّى أيضاً ولاية التغلب ، وهي أن يغلب أحدٌ على المسلمين بسيفه وسنانه ويدعو الناس إلى بيعته فإنه هنا تلزم بيعته لأنه غَلَبَ .
    وهذه تسمى ولاية تَغَلُبْ كما في شرح الطحاوية وفي غيرها وفي كتب الفقه .
    هذا النوع ولاية التغلب تلزم به الطاعة وجميع حقوق الإمامة ، لكن هذا ليس هو الأصل وليس مُختاراً بل هذا لدرء الفتنة والالتزام بالنصوص فإن النصوص أوجبت طاعة الأمير وعدم الخروج عليه ، وهذا غلب على الناس ودعا الناس إلى طاعته فلا يجوز أن يُتخلَّفَ عن مبايعته .
    ثم قال:
    .... فولاية التنصيص هذه إن كان بعدها اختيار من أهل الحل والعقد صارت ولاية إختيار، وإن كانت من جهة الغلبة أنه لا يستطيع أحد أن يخالف وإلا لفُعِلَ به وفعل صارت ولاية تغلب .......
    المقصود من ذلك أن حصول الولاية الشرعية يكون بأحد هذه الأشياء .
    ولاية الاختيار وولاية الإجبار ، أو ولاية التغلب ............
    أما ولاية التغلب فإنما هي لدرء الفتنة فيُقَرُ الوالي ولو كان عبداً حبشياً كما جاء في الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام قال (اسمع وأطع ولو كان عبداً حبشياً مُجَدَّعْ الأطراف كأن رأسه زُبيبَةْ)
    وهذا في ولاية التغلب .
    والرواية الثانية -هذه وإن كان هذه عامة- والرواية الثانية قال (وإن تَأَمَرَ -فيها- وإن تأمر عليكم عبد حبشي) وفي رواية (وإن أُمِرَ عليكم حبشي) وهذه كلها فيها بيان أن فقد الشروط المعتبرة : الأئمة القرشية ونحوها هذه إنما ، يعني إجتماع هذه الشروط يكون في ولاية الإختيار أما في ولاية التغلب فلا يُنظَر إلى هذه الشروط لأن المسألة مسألة غلبة بالسيف .
    فينبغي تحرير هذا المقام وظهور الفرق بين ولاية الإختيار وولاية التغلب وكلٌ منهما ولايةٌ شرعية عند أهل السنة والجماعة يجب معها حقوق الأمير كاملةً».

    ☚ وقال أيضًا (حفظه الله) في شرح أصول الإيمان:
    «قوله: (والسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشياً) لأن الأصل أن السمع والطاعة يكون لولاية الاختيار، وولاية الاختيار هذه تكون في قريش كما قال عليه الصلاة والسلام: (الأئمة من قريش ما بقي في الناس اثنان) يعني: إذا كان الأمر أمر اختيار أما إن كان الأمر أمر تغلب فالولاية أيضاً شرعية يعني : قام قائم فغلب الناس بسيفهم أو يوجد من هو الأصلح من قريش فإن الأمير يطاع والإمام يطاع سواء كان من قريش أو ليس من قريش .
    فإذاً الولاية ولايتان -في عقيدة أهل السنة والجماعة- :

    1- ولاية اختيار: وهي التي يجتمع لها أهل الحل والعقد فيختارون من فيه صفات الإمام الكاملة من كونه قرشياً عالماً قادراً على أعباء الولاية من الجهاد ونصرة الدين ونحو ذلك سليماً من الآفات أو النقائص مثل عدم السمع والرؤية في البصر ونحو ذلك هذه تسمى ولاية اختيار، كما فعلوا لما ولى أبو بكر رضي الله عنه عمر رضي الله عنه الولاية بعده وكما فعل النفر الستة من الصحابة لما ولوا عثمان رضي الله عنه بعد عمر رضي الله عنه.

    2- فأما ولاية التغلب: فهي التي لا تجتمع فيها الشروط لكنه تغلب فتجب طاعته والسمع له وله حقوق الإمام من قريش تامة لكن الولاية تامة لهذا قال هنا: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة) يعني: وأوصيكم بالسمع والطاعة، (وإن كان عبداً حبشياً) يعني: حتى ولو وصل الأمر إلى أن يكون الذي تولى ليس من العرب وليس من قبائلها وليس من أشراف الناس بل كان عبداً حبشياً فاسمع وأطع، لآن المقصود من السمع والطاعة هو تحصيل الاجتماع في الدين فثم تلازم عظيم بين الاجتماع في الدين والاجتماع على الولاية، فلا يحصل الاجتماع في الدين إلا بالاجتماع على الولاية وإذا تفرق في الدين تفرق الناس في الولاية وإذا تفرق الناس على الولاية لم يحصل ما أمر الله جل وعلا به من الاجتماع في الدين فهذا يؤول إلى هذا وهذا يؤول إلى ذاك».

    ☚ وقال في شرحه للأربعين النووية – الشريط الثامن – شرح الحديث الثامن والعشرين:
    «قال (وَإِنْ تَأَمَّر عَلَيْكُمْ عَبْدٌ)، في قوله (تَأَمَّر) معنى تغلّب، (وَإِنْ تَأَمَّر عَلَيْكُمْ عَبْدٌ) يعني غلب عبد على الإمارة، فدعا لمبياعته أو دعا لأنْ يُسمع له ويطاع، فهنا يجب أن يُسمع له ويطاع؛ فلهذا قال العلماء الولايات الشرعية العامة تكون بإحدى طريقين:

    الطريق الأول: طريق الاختيار؛ أن يختار الإمام العام، أو أن يختار الأمير، والاختيار، ولاية الاختيار لها شروطها إذا كانت لأهل الحل والعقد، فإنهم يختارون من اجتمعت فيه الشروط الشرعية التى جاءت في الأحاديث، ومنها: أن يكون الإمام قرشيا، ومنها أن يكون عالما، ومنها أن يكون يحسن سياسة الأمور، وأشباه ذلك مما اشترطه أهل العلم في ولاية الاختيار.

    والقسم الثاني: ولاية التغلب: وهو أن يغلب الإمام، أن يغلب أحد أميرٌ أو غيره ممن لا تتوفر فيه الشروط، أو بعض الشروط، أو تكون تتوفر فيه لكنه غلب إماما آخر قبله، فإنه هنا إذا غلب فيبايع، ويُسمع له، ويطاع؛ لأن البيعة هنا أصبحت بيعة تغلب، والولاية ولاية غلبة وسيف. فهذا كما أوصى هنا عليه الصلاة والسلام أن يسمع ويطاع لمن لم تتوفر فيه الشروط التي تكون في ولاية الاختيار؛ حيث قال هنا عليه الصلاة والسلام (وَإِنْ تَأَمَّر)، ونفهم من التأمُّر أنه لم يكن ثم اختيار، فهذه ولاية التغلب، وقال (وَإِنْ تَأَمَّر عَلَيْكُمْ عَبْدٌ) ومعلوم أن العبد لا يُختار لِيَلِي أمور المسلمين، فدل هذا على أن وِلاية الغلبة يجب لمن غلب فتولى، يجب له السمع والطاعة، كما تجب للإمام الذى يُختار اختيارا، لا فرق بينهما في حقوق البيعة والسمع والطاعة؛ وذلك لأجل المصلحة العامة من المسلمين.
    وإذا نظرت فإنّ الاختيار وقع في تاريخ هذه الأمة على الخلفاء الراشدين الأربعة، وعلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وما بعد معاوية من عهد يزيد إلى زماننا هذا، فالولايات ولايات تغلب؛ لأنها تكونت الدّويلات، وهذا يعارض هذا إلى آخره، فكلها لم تنشأ كتواتر أو كتتابع لأصل الخلافة الراشدة، وإنما صارت ولاية تغلب، وهذا هو الذى جاء في الحديث الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام قال «تكون خلافة النبوة ثلاثين عاما» أو قال «ثلاثون عاما خلافة النبوة ثم يكون ملكا عاضا » وهكذا، يعني أن الخلافة التي على منهاج النبوة تكون في هذه الأمة فقط لمدة ثلاثين عاما بعده عليه الصلاة والسلام، وهي التي انتهت بمقتل علي رضي الله عنه.
    وولاية معاوية كما هو معلوم ولاية اختيار؛ لأن الحسن بن علي تنازل له عن الخلافة، فاجتمع عليه الناس، وسُمِّي ذلك العام عام الجماعة؛ لاجتماعهم على معاوية رضي الله عنه وما بعده أصبحت ولاية تغلب، وأهل السنة والجماعة أجمعوا لما صنفوا عقائدهم من القرن الثاني إلى زماننا هذا على أن البيعة منعقدة لمن تغلب، ودعا الناس إلى إمامته، مع أنّ الذى يشترط للإمام غير متوفر فيه أو هو متوفر فيه، فالأمر سِيَّان من جهة حقوقه، حقوق الطاعة والسمع والبيعة، وما يترتب على ذلك من الجهاد معه والتجميع عليه، وعدم التنفير عنه، وسائر الحقوق التي جاءت بالأئمة والأمراء».

    ☚ وقال (نفع الله بعلمه) في شرحه للفتوى الحموية الكبرى:
    «أما إذا حصل تغلب من إمام ودعا الناس إلى بيعته وتغلب بسيفه فهذه تسمى عند العلماء بيعة غلبة ليست بيعة اختيار، وللإمام هذا جميع حقوق الأئمة من قريش لما جاء من الأحاديث لقوله عليه الصلاة والسلام «وإن تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زُبيبة»».

    و لعله سيتبع إن شاء الله بمزيد من النقولات


    نقلت هذه الفوائد من :
    1- مقال للشيخ فركوس حفظه الله بعنوان في طُرُق تنصيب إمام المسلمين وتقرير وجوب الطاعة وبذل النصيحة
    2- مقال بعنوان : الغلبة في الحكم عند المذاهب الأربعة للأخ عبدالله بن خالد شمس الدين
    3- مقال بعنوان للأخ أحمد عبد الهادي




الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
يعمل...
X