إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الرد المفرد على شبهات الصعافقة الجدد الجزء الأول

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرد المفرد على شبهات الصعافقة الجدد الجزء الأول

    الرد المفرد على شبهات الصعافقة الجدد







    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه أما بعد:
    اعلم رحمك الله أنه لما ظهرت الأدلة والبراهين التي تدين الدكتور في مسائل عدة، وأمور متعددة، حاول المتعصبون من أتباعه، والغالون فيه، والمقدسون له، ردها وتفنيدها، ولكنهم لم يقابلوها بالحجج الواضحة، والأدلة الصريحة، وإنما قابلوا الحجة بالشبهة، والدليل بسوء التأويل، والبرهان الواضح بالضعف الفاضح والهوى القادح؛ ومن تلكم الشبهات التي أثاروها، وروَّجُوا -بين الأتباع المغيَّبِين- لها، ولازالوا يردِّدُونها، الآتي:
    الشبهة الأولى: يريدون إسقاطه:







    من أعظم الشبه عندهم والتي يَرُدُّونَ بها كلَّ ما يُورد من الأدلة التي تُدين شيخهم عليهم أن يقول قائلهم: إنَّكم تريدون إسقاطه، أو كل من تكلم فيه فهو يريد إسقاطه، والجواب على هذه الشبهة الواهية من وجوه:
    الوجه الأول: أن أمر سقوط الشخص، أو بقائه قائما عالي الرأس، هو بيد الله وحده سبحانه؛ فهو الضار النافع، الخافض الرافع، يعزُّ من يشاء ويذلُّ من يشاء، فإذا كان المرء على الجادَّة فلا يخاف –بإذن الله- أحدا، فكلام الغير لا يمكنه أن يضرَّه إلا إذا كان مبنيًّا على براهين وأدلة، وحجج قائمة قوية، وهذا الذي ينبغي أن يُعتنى ببحثه والنظر فيه، فإذا ثبت على المرء ما يوجب إدانته وإسقاطه أدين وأسقط، ولو دافع عنه الناس جميعا، وإذا كان المذكور فيه، والمنكر عليه؛ لا دليل يدعمه، ولا حجة تؤيده، فلا يضره أحد ما دامت السموات والأرض، فهل الأدلة التي ذكرت في شيخكم، وأدين بها مقَدَّسُكم؛ ثابتة قوية أم ضعيفة متهاوية؟ الجواب الذي لا يمكن أن ينكره أحد من المنصفين: أن ما أدين به مقَدَّسكم كالشمس في رائعة النهار وضوحا، وكالجبل الأشم القاسي صلابة وقوة، ولذلك لمَّا لم تقدروا على ردِّها، لجأتم إلى هذه الشبهة الواهية لتبرروا ترككم لها، وتنكبكم لطريقها، فقولكم تريدون إسقاطه هي حجة الضعفاء، ودليل أهل العاطفة والدهماء، فالعواطف عواصف ولا يضرب على وترها إلا ضعيف الحلية صاحب الحجج الهزيلة.
    الوجه الثاني: قولكم "تريدون إسقاطه" هو من قبيل قلب الحقائق، وتغيير الوقائع؛ وإلا من الذي أراد أن يسقط الآخر؟ أليس الدكتور هو الذي سعى جاهدا في إسقاط المشايخ والعلماء، واستبدالهم بالرويبضات والسفهاء؟
    فمن الذي بدأ هذه الفتنة وحاول فيها إسقاط مشايخ ودعاة وعلماء الأمة؟ من الذي كتب شهادة للتاريخ والتي جاء فيها ضرب الدعاة والمشايخ ومحاولة إسقاطهم وتأليب الغوغاء السفهاء عليهم؟ أليس هو الدكتور؟
    ومن الذي وصف مشايخ ودعاة الجزائر بأهل التبعية الصرفة والتقليد المذموم؟
    ومن الذي نعت علماء الأمة من أئمة السنة في المملكة بأنهم الوجهة التقليدية؟
    ومن الذي وصفهم بأنهم لم يتخذوا الكتاب والسنة ميزانا للقبول والرد فما وافقهما أخذنا به وما خالفهما تركناه؟
    ومن الذي وصفهم بأن بعضهم لا يفرقون بين الطاعة المطلقة للأئمة ومطلق الطاعة؟
    ومن الذي وصفهم بأنهم خالفوا نصوص الوحي بالقياس والرأي؟
    ومن الذي وصف الآخر بالجمود الفقهي وغلق باب الاجتهاد؟
    ومن الذي وصف أحد علماء الأمة وأئمتها بأنه تنازل عن الدليل وخالف هو وغيره مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله؟
    ومن الذي كان يحذر منهم ويأمر بهجرانهم وتحذير السلفيين منهم؟.
    وغيرها كثير، وهذه الطعونات كلها منها ما هو متعلق بمشايخ الجزائر جميعا كهذه الأخيرة، ومنها ما يتعلق بعلماء السنة في المملكة وغيرها.
    فمن الذي حاول إسقاط الآخرين في أعين السلفيين، واجتهد في تقزيمهم، وتأليب الغوغاء عليهم؛ حتى ظهر بسبب ذلك تطاول السفهاء على مشايخنا، بل وعلى علمائنا وأئمتنا؛ من طعونات ذكرتها بدلائلها في مقالة "الأدلة الجلية على اتصاف الصعافقة الجدد بصفات الحدادية وكثير من النحل الردية" الجزء الأول؟ أليس هو الدكتور؟ فعودوا إليها لتطَّلعوا على بشاعتها، ولتعلموا فداحة ما قام به الدكتور والله المستعان.
    - ومن آخرها قول أحدهم وهو أبو عبد الله الجزائري:
    السحيمي وبازمول مرجئة حتى النخاع، وليسوا علماء ربانيين بل هم علماء بن سلمان المنشار، قطعهم الله.
    الوجه الثالث: من الذي سعى لرأب الصدع، وحرص على بقاء الكلمة مجتمعة؟ ألم يسكت المشايخ على الدكتور ويصبروا عليه مع طعنه فيهم، ومحاولته لإسقاطهم؟ كل ذلك درءا للفرقة، وحتى لا يقع الشقاق بين الإخوة؛ مع مقدرتهم على الردِّ والبيان، بالدليل والحجة والبرهان؛ الردُّ الذي يعجز خصومهم، ويظهر للناس ضعفهم وإفلاسهم؛ كما وقع لهم الآن مع ردود الشيخ عبد المجيد جمعة –حفظه الله- التي بلبلت أفكارهم، وأقلقتهم، وأظهرت للناس جميعا مستواهم.
    ثم من الذي ذهب إلى الآخر وحاول لملمت المسائل، ومكث عند بيته الساعات الطوال يرجو اللقاء به ومكالمته، أليس هو الشيخ الحيي المهذب الدكتور عبد المجيد جمعة -حفظه الله ورعاه-؟ فمن الذي سعى إلى الآخر للتناصح والصلح، ومن الذي رفض وعاند وكلَّف من يقول للشيخ عبد المجيد لا تحرجني، واترك الأمور تهدأ بعد ستة أشهر أو سنة؛ يعني: بعد أن يَنتهي أمرُكم، ويتأكَّدُ سقوطُكم، ونتخلَّصُ نهائيا منكم؟، هذا الذي كان يرجوه، وهو الظاهر من تصرفاته وإصراره، وقد مضى أكثر من تلكم المدَّة، ولم يقع ما وعد به في تلكم الفترة، مما يؤكد -مع غيره- أن الدكتور لم تكن له تلكم النية.
    ثم من الذي كان يعتذر عما لم يخطئ فيه، ولم يجانب الصواب في قوله، ويقول: أنه مستعد للقاء به، ويكرر طلب ذلك في كل مناسبة تتيسر له، بل قد صرَّح باستعداده لتقبيل رأسه حين يلقاه؟ أليس هو الشيخ الوقور والوالد الكريم الشيخ أزهر سنيقرة -حفظه الله ورعاه-؟ ومع ذلك لم نر استجابة من الدكتور، ولا حتى أدنى محاولة لإصلاح الأمور.
    فهل هذا الذي فعله مشايخنا ووقع من علمائنا ودعاتنا دليل على محاولتهم إسقاطه؟ أم دليل على حرصهم عليه وتقديرهم له وسعيهم في الإبقاء على مكانته بينهم ومنزلته التي كانت له في قلوبهم؟.
    إن الأمر واضح وبيِّن لكن لمن لم يكن متعصبا غاليا، مقدسا مغاليا، نسأل الله الهداية لنا ولهم.
    تنبيه:
    ثم بعد نشر هذه المقالة واستفادة الناس منها –والحمد لله وحده- خرج علينا محامي الدكتور الأكبر والمنافح عن أخطائه الأشهر بقوله: أن إرادة الإسقاط تسبق الفعل والإسقاط له الآن واقع والجواب على هذا الهراء الآتي:

    أولا: إذا كانت إرادة الإسقاط سابقة على الفعل وهي من الأمور الباطنة فكيف عرفها هؤلاء الذين وصفوا السلفيين بها هل شقوا صدورهم واطلعوا على ما في قلبوهم؟.
    ثانيا: أن المنكر عليهم أن جعلوا هذه الكلمة مطية لرد الحقائق ودفع أدلة أهل الحق، وإلا فالعبرة بالأدلة فإذا وجدت الأدلة التي تدين الشخص وأصر عليها فأسقط فهو الذي أسقط نفسه بإصراره على أخطائه وليس إرادة من أراد إسقاطه –لو وجدت- هي التي أسقطته.
    ثالثا: فإذا قلت أن ذكركم لأخطائه ونشركم لزلاته ومخلفاته للمنهج السلفي هو أكبر دليل على محاولتكم لإسقاطه فجوابه من وجوه:
    الأول: هذه الشبهة ليست وليدة اليوم وإنما منذ البداية وهم يقولونها؛ يوم أن كان السلفيون مشايخ وطلبة علم صابرين على الدكتور ويحاولون معه ليرأبوا الصدع ويلموا الشمل.
    الثاني: أن الأدلة على خلاف هذه الدعوى كثيرة، وقد تقدم ذكرها في الوجوه السابقة: من صبرهم عليه، وسعيهم في إصلاح الأمور معه، وغير ذلك.
    الثالث: أن ذكر الأدلة الآن التي تدينه ليست لمحاولة إسقاطه بل لبيان المنهج الذي تنكبه وحاول تبديله وتغيره وإلى الآن هم يطالبونه بالرجوع عنها، والتوبة لله منها، وإلا أسقط نفسه بنفسه.
    الرابع: أن هذه الكلمة يا من يريد التلبيس: يعنون بها أنكم تريدون إسقاطه بافتعال أمور عليه ليست حقيقية ولا ثابتة، وهذه مجرد شبهة كما هو واضح من الكم الهائل من الأدلة التي قدمها السلفيون، والثابتة من مصادرها بدلائلها، فكيف يُزعم أن السلفيين يفتعلون أمورا لإسقاطه؟.
    رابعا: هما دعوتان متشابهتان إحداهما منهم والأخرى منا: فهم يدعون أننا نريد إسقاطه ونحن نقرر أن الدكتور أراد إسقاط العلماء والمشايخ، ولكن الفرق بين الدعوتين شاسع والبون واسع وبيانه:
    أن ادعاءهم مبني على أوهام لا حقيقة لها والأدلة من واقع المتهمين تردها ولذلك فهذه الكلمة مجرد شبهة يقصد بها استعطاف قلوب الأتباع والتأثير على الهمج الرعاع.
    أما دعوانا فمبنية على قرائن نعرفها وحقائق نتيقن منها ومن ذلك:
    1- ما تقدم نقله من كلام الدكتور في علمائنا وكلماته في مشايخنا.
    2- بل كان الطعن فيهم قبل ذلك بكثير وهي من الأدلة على أن هذا الأمر –كما يقولون- مدبر بليل فقبل كورونا وبُعَيْدَ فتنة الصعافقة الأوائل بقليل نشر أحد المقربين من المدعو "يطو" والمسمى "جعفر" والذي كان يرافقه إلى ناحيتنا للفسحة والنزهة في إحدى المجموعات عندنا في ناحيتنا طعنا في الشيخ لزهر حفظه الله ولما اتصل أحد إخواننا مستنكرا بالمشرف على المجموعة قائلا له: كيف يكون معنا أحد الصعافقة؟ قال له المشرف: لا، هذا المرافق للشيخ! يطو ثم حذفت ولم يكرروا الكرة لوجود من أنكر عليهم فعلتهم.
    3- وقبل حوالي عشرة أشهر وبعد نشري لمقالة "وجهة نظر" راسلني أحدهم في الواتساب وهو المسمى "جمال" والرسالة لا زالت عندي حيث جاء فيها:" هذا قاله عندنا في البيت في حضرة 12 أخ وليس الناقل أغمار كما ذكرت بل قال بصريح العبارة: اتركوهم وحذروا منهم ولا تشيخوهم".
    ثم سمى من كان في المجلس قائلا:
    أعطيك هذ الأسماء الذين سمعوا كلام الشيخ في الداموس:
    كنا أحد عشر شخصا والشيخ:
    - هواري عبد الحميد.
    - محمد بو عبد الله صاحب البيت.
    - محفوظ باجي.
    - محمد ستوش.
    - بوعلام تيغزة.
    - رفيق يوسفي.
    - عمر قبريلي.
    - تيراوي عبد اللطيف.
    - جمال قبايلي.
    هؤلاء كلهم من الداموس مكان الملتقى إلا الثامن (عبد اللطيف) من قوراية.
    - خالد حطالي (حجرة النص).
    - عبد الجليل (ملازم الشيخ)" اهـ.
    إذن من بداية الأحداث والدكتور يأمر الأتباع بالتحذير منهم والطعن فيهم ونزع المشيخة عنهم ولم يكن ذلك في العلن وإنما في السر كما هي طريقته فيما يخشى من تبعاته ويخاف من ردة الفعل عليه كفتواه في مسألة الصلاة بالتباعد ونحوها.
    4- ومن القرائن الدالة على أن الأمر كان مدبرا له من قديم ينتظر به الوقت المناسب ليجعل حيز التنفيذ كلام الواصف لنفسه بـ"محب العلم والعلماء" المدعو لحسن منصوري والذي قال في رسالته التي بعثها إلى الدكتور بعد بيانه المشؤوم "شهادة للتاريخ" مباشرة:"
    مقال قوي ومتين لسماحة الوالد أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله، الشيخ الإمام المجتهد، الأصولي الفقيه، مفتي الديار، فارس المنقول والمعقول، قامع التقليد وأهله، ناصر الحجة وأهلها، مجدد الدعوة السلفية في بلاد إفريقية، ومحي آثارها، ورافع لوائها، والله وتالله وبالله لو كنت صحيحا، أستطيع السفر إلى القبة عاصمة السنة –جعل الله شهبها محرقة لكل ضلالة وبدعة- لأتيت إليها بالليل قبل النهار، لأسلم على رأس إمامها على هذا المقال، أطال الله في عمره، ونفع الله به الإسلام والمسلمين، ورزقه الله العافة والسلامة في الدنيا والدين، حفظه الله من كيد الكائدين، ومن شر الحاقدين الحاسدين، والشانئين المناوئين، آمين".
    قلت: أنظروا رحمكم الله إلى فرحته العارمة وسروره الكبير ببيان الدكتور حتى أنه لو لم يمنعه مانع المرض لأتى إليه في الليل قبل النهار ليقبل رأسه إذن الأمور كانت مدبرة وعند الأتباع المقربين منتظرة وإلا لما قال هذا الكلام ولما فرح مثل هذا الفرح؟ والأمر بين واضح.
    إذن فرق بين كلامنا وادعائهم فإن كلامنا والحمد لله مبناه على حقائق بينة وأدلة ثابتة بينما ادعاؤهم فمبناه على شبهات واهيات وأوهام وخيالات.
    الشبهة الثانية: نحن ننتظر كلام الكبار:







    ومن أكبر الشبهات التي يتَّكئون عليها في ردِّ البراهين الكثيرة والحجج الواضحة الظاهرة التي تدين شيخهم ومقدَّسهم وتستلزم منهم تركه وترك الانتصار بالباطل له هي أن يقول لك قائلهم: أنا أنتظر كلام العلماء الكبار.
    وهذا من أكبر الشبهات الواهية والتبريرات الضعيفة وبيان ذلك من وجوه:
    الوجه الأول:أليس العبرة عند السلفيين والمعتمد عند السنيين هو الدليل والبرهان والحجة والبيان؟ إن مما تربى عليه السلفيُّون أنَّ الدَّليل قائدُهم، والبرهان أميرُهم؛ لا يقدِّمون عليه كلام أحد كائنا من كان، ولا يتردَّدون في العمل به والإذعان له ولو ترتب عليه ما ترتب من الابتلاء والامتحان، فما بالكم ترفضون الأدلة وتردُّونها بأمثال هذه الشبهة؟ وما حالكم في هذا إلا كحال جماعة "لا يلزمني" "ولم تقنعني" الذين ردَّ على بعضهم العلامة ربيع -حفظه الله- بنحو هذا الكلام: أنا لا أُلزمك ولكن الدليل يُلزمك، والبرهان يرغمك؛ أي: إذا كنت يا هذا سلفيا، ومتبعا سنيا، لأن السني لا يتردد في الاستجابة للدليل، ولا يتلكأ عن العمل بالبرهان؛ بعكس أهل الأهواء الذين يردُّون الأدلَّة، والبراهين البيِّنة؛ بالشبهات الواهيات والتأويلات المستكرهات.
    الوجه الثاني:لقد ردَّ على شيخكم ومقدَّسكم الدعاة المعرفون والعلماء المبرزون وفيهم من هو كبير في السن والعمر، والمنزلة والقدر، ولكنكم لم تقبلوا قولهم، ورفضتم أحكامهم، من أمثال:
    1- الشيخ عبد الرحمن محي الدين -رحمه الله-:
    أ- والذي قال في شيخكم ومقدَّسكم:
    الله أكبر، فتنة يا بني كنا نحسبه على خير، والله المستعان.
    ب- وقال في فتواه في الإنكار العلني:
    لا يلتفت إليها.
    2- الشيخ العلامة صالح السحيمي -حفظه الله-:
    أ- والذي قال في صوتية عن مقدَّسكم:
    - وقع في عقيدة الخوارج في الإنكار العلني على الحكام.
    - وإن كان هو طالب علم ربما أنه فاضل، لكن في الآونة الأخيرة له فتاوى لا يوافق عليها.
    - عنده فتوى أخرى في الحقيقة يعني أخطأ فيها خطأ جسيما، بل أرى أنه خطأ إجراميا، هو يفتي بأن التباعد في وقت كورونا يبطل الصلاة، وهذا ضلال، خالف فيه علماء الأمة الكبار، وإنما اخترعه من نفسه، أو قلَّد فيه غيره، أو اجتهد فلم يحالفه الصواب في هذا الاجتهاد.
    - وهو ليس من أهل الاجتهاد، أهل الاجتهاد هم العلماء الربانيون الكبار.
    - فإذا كانوا يعرفونه يناصحونه من نشر هذه الفتاوى الشاذة التي تخالف فتاوى علماء الأمة.
    ب- وقال في صوتية أخرى:
    - اتركوا الدخول في المسائل هذه، واطلبوا العلم ودعوا عنكم بنيات الطريق أنتم وفركوس وغيركم، دعوا هذه الأمور واطلبوا العلم على العلماء الربانيين، اتركوه.
    فجعله ضمن من لابد أن يطلب العلم.
    3- الشيخ الدكتور محمد بن ربيع المدخلي -حفظهما الله-:
    أ- والذي وصف مقدّسكم في شعر له بالأوصاف التالية:
    - بأنه شيخ تمادى على ما هو عليه من الأخطاء والزلات.
    - بأن الظن قد خاب فيه بعد ما كان يؤمل فيه من الإعانة على الدعوة وتقويتها.
    - بأن دأبه صار كما هو ظاهر العناد وعدم الرجوع للحق.
    - وبأن الدكتور أصبح يظن نفسه أن لا مثيل له بسبب مدح المادحين وإطراء المطرين ممن حوله.
    ب- ووصف مقدّسكم بالأوصاف التالية:
    - أنه يكذب على الأئمة الثلاثة الألباني وابن باز والعثيمين متعمدا مدعيا أنهم قائلون بجواز الإنكار العلني على السلطان، ومتجاهلا نصوصا كثيرة لهم في النهي عن ذلك بناء على حديث عياض بن غنم، ودرءا للفتن وإراقة الدماء، وفتاويهم موجودة على النت في متناول طلاب الحق.
    - وأن الذي حمله على الكذب على الأئمة الثلاثة هو نصرة فتواه السرورية بالباطل.
    - أنه يستعمل أتباعه ويضلِّلهم.
    - أنه قرّر عن طريق السؤال الاستنكاري أن مقدَّسَكم لا يصلح قدوة ومعلما للمنهج السلفي.
    ت- وقال عن مقدَّسِكم:
    - أما الشيخ فركوس اليوم إذا قال لك اللبن أبيض فلا تصدقه.
    ث- وقال عن مقدَّسِكم:
    - أنه يرى التقليد لغيره منقصة أما له فرشد وتسديد.
    - أنه يرى أن الدَّليل حصر عليه لا يتكلم إلا به أما غيره من العلماء فقولهم وحديثهم هذر لا دليل عليه ولا برهان يؤيده.
    ج- وقال عن مقدَّسِكم:
    - أنه أحدث في الدين وتأثر بأفكار سيد قطب وحسن البنا وعلي بلحاج.
    ح- وقال عن مقدَّسِكم:
    أن الشيخ سليمان خير منه وأن الدكتور فركوس متأثر بالإخوان والسرورية.
    خ- وقال عن مقدَّسِكم أيضا:
    ليس هو بأفضل من المأربي والحلبي وعرعور والمغراوي والبخاري فهم عندهم علم ويرون أنفسهم سلفيين خلصا كما يدعي صاحب القبة ويُدعى له من أتباعه.
    فسنوا به سنتهم.
    4- الشيخ سليمان الرحيلي -حفظه الله-:
    - قال عن فتاوى مقدَّسِكم الأخيرة: أنا أخالفه في فتاوى وأعجب أحيانا من تأصيلاته الأخيرة؛ لا تتوافق مع ما أعرفه عنه من تأصيل أصولي، أتعجب منها كثيرا وأنا أقولها بكل وضوح..".
    - وقال عن فتاواه الأخيرة أيضا: ولكن الحقيقة ما يطرحه في الأخير أنا أرى أنه مدخول.
    - وأنه من قِبل مندسين عليه، ممن واضح من تغريداتهم، وواضح من إصرارهم، وواضح من منهجهم، وواضح من (تنفيذهم) وواضح من كذا، أنهم ما هم على الجادة، وهؤلاء هم الذين يحذر الشيخ سليمان حفظه الله منهم، ويعتبرهم أعداءه، ويتقرب إلى الله بوجوب كشفهم وإسقاطهم، وهم الذين يرجو من الله أن يخلص الدكتور منهم.
    ويكفي حكمه على علمه أنه مدخول.
    5- الشيخ ناصر زكري -حفظه الله-:
    - قال عن مقدَّسِكم وعن أخطائه التي بلغته عنه:
    - أنها خطيرة إلى الآن لا أتصور أنها صدرت من الشيخ فركوس لأنها خطيرة جدا مخالفة لمنهج السلف مخالفة واضحة.
    - وأنه يرى لزاما من الرد عليها أو توضيح الحق فيها فلا يجوز السكوت وقت الحاجة. ولا أحد أعلى من الحق.
    6- الشيخ علي رضا المدني -حفظه الله-:
    - حكم على كلامه الصادر في السعودية بأنه عمل باطل ومخزي أن يصدر ممن كان يظن به السلفية فإذا به سروري تكفيري عياذا بالله.
    فوصفه بالسرورية والتكفير.
    - حكم عليه بأنه متروك! وهو في علم الحديث معناه كما ذكر الشيخ حفظه الله: ضعيف جدا أو متهم بالكذب.
    ثم قال بعد هذا الحكم: فهذا خلاصة قولي فيه ولا أحتاج إلى سرورياته الضالة!.
    - فركوس متروك عند أهل العلم.

    7- الشيخ علي السالم -حفظه الله-:
    - قال عن مقدَّسِكم:
    متى ما رأيت "الشيخ المفتي الدكتور" يحوم حول الفتاوى السياسية التي تضرب بأصول السنة، خاصة في باب السمع والطاعة للأئمة، فأمسك عنه، واعلم أن الفرار بدينك منه أسلم لك ولأهلك!.
    8- الشيخ طلعت زهران -حفظه الله-:
    - أنكر على مقدَّسِكم الإصرار على الخطأ.
    - أنكر عليه تفريق السلفيين في الجزائر وغيرها من البلدان؟
    - وقرَّرَ أن الدكتور مطالب بالرجوع عن أخطائه التي تسببت في تفريق الصف السلفي في الجزائر وغيرها من بلدان المسلمين.
    حتى يحفظ على طلبة العلم أوقاتهم التي أهدرت في هذه الأحداث الأخيرة.
    وغير هؤلاء المشايخ والعلماء في الخارج فضلا عن مشايخنا في الداخل؛ فهم جميعا على خلافه، ويردُّون عليه، ويستنكرون ما ظهر من حاله، وبان مما كان يخفيه وهو يدينه.
    فلماذا لم تأخذوا بأقوالهم، ولم تعتمدوا أحكامهم؟ فإن قلتم ليسوا من الكبار أو أننا لا نعرفهم؛ قلنا لكم: اسألوا الكبار عنهم وعن أقوالهم وأحكامهم، وهل نأخذ بها أم نتركها ولا نعتبرها؟ وحينئذ تعملون بكلام الكبار أكانت معهم أو على خلافهم، أما أن تتركوا أقوالهم من غير أن تسألوا الكبار عنهم راضين بأحكامكم وأحكام الجهال من أمثالكم، متكئين في رد كلام العلماء على أننا ننتظر كلام الكبار، فاعلموا أن هذه الحجة لا تنفعكم في آخرتكم، ولا تنجيكم يوم تقومون بين يدي ربكم.
    الوجه الثالث:ثم اعلموا أنكم إذا قلتم أن هؤلاء ليسوا من الكبار عندنا الذين نلتزم أقوالهم ونأخذ بأحكامهم، سمينا لكم الكبار عندنا وعندكم ممن لا يختلف فيهم اثنان، ولا ينتطح فيهم عنزان كما يقولون؛ وهم: العلامة ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله ورعاه- والعلامة عبيد بن عبد الله الجابري -رحمه الله ورفع درجته في عليين- فإن هاذين العالمين قد تكلما في شيخكم ومقدَّسِكم وطعنا فيه، وحذرا منه؛ وهما من الكبار عندنا وعندكم، فلماذا لم تأخذوا بأقوالهما وتعتمدوا أحكامهما؟ فإن قلتم لأن العبرة بالدليل ولم يقدِّما دليلا، قلنا لكم: صدقتم، لكن إذا كانت العبرة بالدَّليل فلماذا تردون الآن الأدلة زاعمين أنكم تنتظرون كلام الكبار؟ وإن كنتم تأخذون بكلام الكبار فها قد سمينا لكم الكبار ممن تكلم فيه، وردَّ عليه، وحذر منه. فما عندكم من هذه الورطة التي وضعتم فيها أنفسكم مخرج أبدا.
    فإن قلتم لنا: إن هاذين العالمين الكبرين قد تكلما أيضا في الشيخين عبد المجيد جمعة وأزهر سنيقرة -حفظهما الله- فلماذا لم تأخذوا بقوليهما؟ قلنا لكم لأننا نتبع الدليل، ولم نجد دليلا على إدانتهما في كلام علمائنا، أما فيما يخصُّ الدكتور اليوم فقد وجدنا الأدلة الكثيرة على إدانته فأخذنا بها، فنحن مع الدليل –والحمد لله- سابقا ولاحقا، أما أنتم فأتباع الهوى في كل أحوالكم، فعند كلام الكبار تقولون لابد لنا من الأدلة، وإذا أُوردت عليكم الأدلة الواضحة قلتم لابد لنا من كلام الكبار، فإن لم يكن هذا هو الهوى فلا أدري ما هو.
    إذن فهذه الشبهة واهية في كل الأحوال، وليس فيها متمسك لكم بحال من الأحوال.
    الوجه الرابع:ثم إنكم مختلفون فيما بينكم: فمنكم من يقول ننتظر كلام الكبار ويُعَيِّنُهم: الشيخ ربيع والشيخ عبد المحسن والشيخ الفوزان، ومنكم من يقول: حتى ولو جاء كلام من العلامة الفوزان فلا آخذ به بمعنى ولا أعتبره.
    أما هذا الأخير فقد كفانا المؤنة وبيَّن أنه من المقدسة المتعصبة، وهو من أمثال وأتباع أبو جويرية القائل:" هي قاعدة احفظوها: من تدخل في الأحداث الأخيرة من خارج الجزائر انفضوا يديكم منه.
    يعني ولو كان من العلماء الكبار، وأئمة الفقه والآثار؛ وهذه هي حقيقة الجميع وطريقة الكل؛ إلا أن القسم الأول لم يصرح كهذا الثاني، ولِجُبْنِهِ لم يكن واضحا كهذا الجاني، فسلك هذه الطريقة ليُخْفِي الحقيقة، فعيَّن هؤلاء العلماء ظنًّا منه صعوبة صدور كلام لهم في مقدَّسِه؛ ثم هو وإن تكلموا لم يعجزه أن يلتحق بالقسم الثاني، وجواب أمثال هذا المحتال زيادة على الوجوه المتقدمة الآتي:
    أولا: ما هو الدليل على هذا التعيين من كتاب ربنا المبين، وسنة نبينا الأمين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم؟ من المعلوم أن الله ربطنا بعلماء السنة قاطبة، وفقهاء الملة جميعا؛ فتسأل من تيسَّر لك، وتسترشد منهم من أمكنك؛ ثم تعمل بقوله وتأخذ بإرشاده ما لم يخالفه من هو أقوى دليلا منه.
    ثانيا: ما حقيقة هذه الدعوى وهذا التعيين؟ هل أنتم فعلا لا تأخذون في باب الجرح والتعديل إلا بأقوال هؤلاء العلماء؟ فإن كان جوابكم بالإيجاب فأين هي أقوالهم في: العيد شريفي والمغراوي وجماعة المجلة ونحوها، وإن كانت العبرة عندكم بالدليل فقد تقدم الجواب.
    ثالثا: هل صحيح أنكم تأخذون دينكم من هؤلاء العلماء والأئمة الفقهاء؟ فإذا قلتم نعم؛ فلماذا لم تأخذوا بقول الشيخ ربيع -حفظه الله- في شيخكم، وهو قد تكلم فيه، وحذر منه؟ ولماذا لم تغضبوا لهم وتردُّوا على شيخكم لما تجنى عليهم وطعن فيهم؟ فهم عنده الوجهة التقليدية، ويفتون بما يخالف مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله، وتنازل أحدهم عن الدليل، ويُطعن في واحد منهم بالإرجاء فلا يُدَافِعُ عنه مع أن كلام الطاعن عُرض عليه.
    رابعا: ما هو الأقوى عندكم والمقدم لديكم الدليل والبرهان أم كلام هؤلاء العلماء؟ فمهما كان جوابكم فهو عليكم لا لكم، كما تقدم بيانه في الوجوه السابقة فراجعها.
    خامسا: ماذا تصنعون إذا مات هؤلاء العلماء -نسأل الله أن يحفظهم ويبارك في أعمارهم ويطيلها في طاعته سبحانه- ولم يتكلموا في هذه المسألة أتتعبدون لله بالجهل ومخالفة من تكلم فيها من أهل العلم، أم أنكم سترضون بأقوالهم وتأخذون بأحكامهم؟ فإن كانت الأولى فهو الهوى، وإن كانت الثانية -وهو الذي يلزمكم شرعا- فما بالكم تتردَّدُون في الأخذ بها الآن، والله المستعان؟.
    وهذه الوجوه كلها تردُّ أيضا على من يتساءل قائلا: لماذا لم يرد الشيخ محمد بن هادي -حفظه الله- على الدكتور تصريحا؟
    وهذا السؤال الأخير والله لقد ذكرني بنقاش وقع لي مع إمام مسجد يتظاهر بالتسنن أراد أن ينكر ردود الشيخ ربيع -حفظه الله ورعاه- على سيد قطب فكانت شبهته التي أوردها وتكلم بها هي: إذا كان كل هذا حقا وقد بينه الشيخ ربيع -حفظه الله- فلماذا لم ترد عليه اللجنة الدائمة والشيخ بن باز والشيخ العثيمين رحمهما الله؟
    فكان جوابي له يومئذ التالي:
    الأول: أن هذا من فروض الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، ولذلك تجد العلماء لا يتكلمون جميعا في الأمر الواحد اكتفاء منهم بمن قام به من إخوانهم. يوضحه ويدل عليه:
    الثاني: أن الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- قد سئل عن بعض كتب سيد قطب فقال أنه لم يقرأها وأحال على من رد عليه وهما الشيخ التويجري -رحمه الله- والشيخ ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله ورعاه-.
    وفاتني يومها أن أذكر له فتوى الشيخ بن باز -رحمه الله- بتمزيق كتبه.
    ثم مع وجود كلام بعض من عَيَّنَهُم لم يأخذ به ولم يعتبره فدل أن تعيينهم لعالم إنما هو من باب دفع الحجج والبراهين وليس من باب طلب الحق ممن يوثق به من علماء المسلمين، ولذلك لا تنتظر من مثل هؤلاء استجابة للحق إذا تحقق طلبهم ووقع اقتراحهم، والله المستعان.
    إذن فتعيين عالم من العلماء يُطلب جوابه في المسألة المعينة هذا ليس من دين الله سبحانه، وهو احتقار لكل من سواه من العلماء ولو كانوا في العلم دونه؛ لأن الله ربطنا بهم جميعا ولم يربطنا بصنف خاص منهم، ثم هو مجرد فرار من الإقرار.
    الشبهة الثالثة: كنتم تثنون عليه والآن أصبح عندكم مطعونا فيه:







    ومن أكبر الشبهات التي يثيرونها من أجل ردِّ الأدلَّة التي تُدين شيخهم وتبيِّنُ حقيقة مقدَّسِهم أن يقول لك قائلهم: ألم يكن عندكم شيخا مكرما، وعالما مُعلما، وكنتم تصفونه بالأوصاف الكبيرة، وتثنون عليه بفضائله الكثيرة؟ فالجواب من وجوه وهي: ما كنت رَدَدْتُ به على أبي الفضائح لما طالبني أن أتذكر ما أعلمه من خير كان عليه، فالشُبَهُ واحدةٌ متكرِّرةٌ، والجوابُ عليها واحدٌ مُتَّحِدٌ:
    فهذه الشبهة كلام إنشائي إنما يُخدع به من لا علم لديه، ويُغَلِّبُ عاطفته على عقله، أما من علم مذهب السلف، وكان دينه مبنيًّا على الأدلة لا الآراء والعواطف، فإنه لا يغترُّ بها، ولا يخدعه من يقولها وإن زخرفها ونمَّقها؛ أمّا وجوهُ ردِّها فهي:
    الوجه الأول:أن من المتقرِّر عند السلفيين، والمعروف من دين السنيين: أن الأحياء لا تؤمن عليهم الفتنة؛ كما روي عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أنه قَالَ:" مَنْ كَانَ مُسْتَنًّا فليسن بِمَنْ قَدْ مَاتَ فَإِنَّ الْحَيَّ لَا تُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ" فنحن وإن علمنا منه هذا الذي تدَّعُونه وتزعمونه فإننا لا نَأْمَنُ الفتنة عليه، ولا على غيره.
    الوجه الثاني:أيضا من المتقرِّر عند أهل السنة والجماعة؛ أن العبد قد يضلُّ بعد هدى، وقد يهتدي بعد ضلالة، بل قد يؤمن بعد كفر، وقد يكفر بعد إيمان، كما دلت على ذلك النصوص المتكاثرة ومنها:
    - عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-:" مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلاَّ أُوتُوا الْجَدَلَ". ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ:" مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ" رواه أحمد والترمذي وغيرهما وحسنه العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب رقم 137.
    - وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:" بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا" رواه مسلم.
    وغيرها كثير. فأين أنتم من هذه النصوص الشرعية التي تنكبتموها ولم ترفعوا رأسا بها.
    الوجه الثالث:أن مما جاء عن سلفنا وتقرر في كتب العقيدة عندنا؛ الإخبار عن حقيقة الضلالة وهي: التغيّر والتبدّل، والانتقال والتحوّل، وإنكار المعروف بعد معرفته، ومعرفة المنكر بعد إنكاره؛ وهذا بيانا لسبيلها، وتحذيرا من الوقوع فيها:
    فعَنْ خَالِدِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ فَقَالَ لَهُ:" اعْهَدْ إِلَيْنَا فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُكَ بِأَحَادِيث قَالَ أَومَا أَتَاكَ الْحَقُّ الْيَقِينُ قَالَ بَلَى قَالَ اعْلَمْ أَنَّ مِنْ أَعْمَى الضَّلَالَةِ أَنْ تَعْرِفَ مَا كُنْتَ تُنْكِرُ أَوْ أَنْ تُنْكِرَ مَا كُنْتَ تَعْرِفُ وَإِيَّاكَ وَالتَّلَوُّنَ فِي دِينِ اللَّهِ فَإِنَّ دِينَ اللَّهِ وَاحِد".
    وفي رواية:" فَاعْلَمْ أَنَّ الضَّلَالَةَ حَقَّ الضَّلَالَةِ أَنْ تَعْرِفَ مَا كُنْتَ تُنْكِرُ وَأَنْ تُنْكِرَ مَا كُنْتَ تَعْرِفُ، وَإِيَّاكَ وَالتَّلَوُّنَ، فَإِنَّ دِينَ اللَّهِ تَعَالَى وَاحِدٌ" رواه البيهقي في السنن الكبرى وابن بطة في الإبانة والهروي في ذم الكلام وغيرهم كثير.
    وشيخكم ومقدَّسُكم صار ينكر ما كان يعرف، ويعرف ما كان ينكر، ومنها: مسألة الإنكار العلني التي كان يقول أن مذهب السلف يرده، وصار الآن ينسبه إليهم، ويدعيه مذهبا لهم، ومنها: أنه كان يثني على مشايخ السنَّة ويردُّ النَّاس إليهم، ثم صار يطعن -بدون مبرر شرعي- فيهم، ويحاول -بلا أدلة مقنعة- إسقاطهم، وغيرها كثير.
    الوجه الرابع:أن عدد من ضل بعد هداية كان عليها، وزاغ وانحرف بعد سنة عرف بها؛ كثير جدا، والأمثلة على ذلك لا يمكن حصرها، ويصعب إحصاؤها، ومن أقربها قصة عبد الله القصيمي الذي ارتد عن دين الإسلام بعد أن كان منافحا عنه، ذابا عن حياضه، وبعد كثرة الثناء عليه، والحث على الاستفادة من كتبه.
    فهؤلاء المساكين يطالبوننا أن نعامل شيخهم ومقدَّسهم على حسب ما كنَّا نعلمه منه، وأن لا نعامله على حسب الذي صار ظاهرا عليه، وهذا –وعليهم كل المؤاخذة- مخالف لما تعلمناه من ديننا، وأخذناه عن علمائنا، فإن قلتم كان الواجب الستر والنصيحة دون التشهير والفضيحة، قلنا لكم: هذا بالنسبة لمن لم يظهر لنا عناده، ولم يتبيّن لنا إصراره، ونحن قد جربنا معه طريق النصيحة والستر[1] فوجدناه لا يرفع بها رأسا، ولا يصلح بها نفسا، ثم إن الخطأ كما هو معلوم من كلام علمائنا يرد على قائله كائنا من كان؛ حتى ولو كان من علماء السنة ومن فقهاء الملة؛ تنزيها للدين وحفظا لقلوب المسلمين، وكل راد ومردود عليه، أما العالم السني فيرد على خطئه ولا يتبع في زلته وتحفظ كرامته وإن بُيِّن له خطؤه وأصرَّ عليه ولم يتب لله منه ترك حديثه ولم يؤخذ عنه:
    قال العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله في "جناية أبي الحسن على الأصول السلفية": إن نجا أبو الحسن من حكم ابن تيمية فلن ينجو من حكم أئمة الحديث في المعاندين، قال الخطيب في الكفاية (ص229):" قد ذكرنا في الباب الذي قبل هذا عن عبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل وعبد الله بن الزبير الحميدي (الحكم) في من غلط في رواية حديث وبيّن له غلطه فلم يرجع عنه وأقام على رواية ذلك الحديث أنه لا يكتب عنه، وإن هو رجع قبل منه وجازت روايته.
    قال الخطيب: وهذا القول مذهب شعبة بن الحجاج- أيضاً- ثم ساق الخطيب إسناده إلى عبد الرحمن بن مهدي قال:" كنا عند شعبة فسئل يا أبا بسطام حديث من يترك؟؛ قال: من يكذب في الحديث، ومن يكثر الغلط، ومن يخطئ في حديث مجتمع عليه فيقيم على غلطه فلا يرجع، ومن روى عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون".
    قال الخطيب:" وليس يكفيه في الرجوع أن يمسك عن رواية ذلك الحديث في المستقبل فحسب، بل يجب عليه أن يظهر للناس أنه كان قد أخطأ فيه وقد رجع عنه".( قلت: انظر إلى قوله يجب عليه أن يظهر للناس أنه كان قد خطأ فيه ورجع عنه لا أن يصحح ذلك أو بعضه في السر وكلامه الباطل في الأمة منتشر).
    قال العراقي في ألفيته في هذا الصنف:
    ........................... ........................ثُمَّ إنْ
    بُيِّنْ لَهُ غَلَطُهُ فَمَا رَجَعْ سَقَطَ عِنْدَهُمْ حَدِيْثُهُ جُمَعْ[2]
    كَذَا (الحُمَيْدِيُّ) مَعَ (ابْنِ حَنْبَلِ) و(ابْنِ المُبَارَكِ) رَأَوْا فِي العَمَلِ
    قَالَ[3]: وَفيهِ نَظَرٌ ، نَعَمْ إذَا كَانَ عِنَادَاً مِنْهُ مَا يُنْكَرُ ذَا
    وأبو الحسن له أخطاء جسيمة منها ما ناقشه فيه من يسميهم بالحدادية وعاند فيها، ومنها ما ناقشته فيه في" التنبيه" وفي "الإعانة" وعاند فيه، ومنها هذه المناهج والمذاهب التي عرضتها هنا والتي هي أصول أخطائه.
    فهو معاند شديد العناد ويرفق عناده بحروب وفتن.
    وإنَّ بعض ما وقع فيه ليسقطه بمقتضى منهج أئمة الإسلام، وما تظاهر بالرجوع فيه فهو ساقط به مدة عناده، وما تمادى فيه إلى الآن يرميه في هوة السقوط عند السلف، ثم إنَّ ما ذكرته هو حكم علماء المسلمين فيه وفي أمثاله من أهل الفتن والمعاندين لا حكمي".
    الوجه الخامس:أن يقال لكم: فعلى منطقكم هذا الذي تتكلمون به، ومنهجكم هذا الذي تسلكونه وتسيرون عليه، لا يمكن أن يُجرح رجل عرف بالمنهج السلفي، ولا يُحذر من شخص كان على الهدي النبوي؛ مهما فعل وقال، وحتى لو تغيَّر وتبدَّل؟ وعلى قولكم ومنطقكم هذا فقد أخطأ علماؤنا عندما تكلموا في المأربي وعلي حسن عبد الحميد وسليم الهلالي والعيد شريفي الجزائري والمغراوي المغربي وفلاح بن نافع حربي والحجوري وعبد الله البخاري وعبد الغني عويسات وتوفيق عمروني ورضا بوشامة والقائمة طويلة لأن هؤلاء جميعا كانوا يوصفون بالسلفية، ويعدون من مشايخ الدعوة المرضية، وأخطأتم أنتم أيضا باتباع العلماء في تجريحهم وكلامهم فيهم؟ فإن قلتم نحن تبعناهم للأدلة التي أيّدوا بها قولهم، قلنا لكم فلماذا لم تتبعوهم في شيخكم وأدلة إدانته أكثر وأكبر، وأعظم وأظهر من أدلة إدانة أكثر من ذكرنا؟ إنه الهوى والعياذ بالله.
    الوجه السادس:أن يقال لكم: فعلى منطقكم هذا الذي تتكلمون به، ومنهجكم هذا الذي تسلكونه وتسيرون عليه؛ لا يمكنكم الطعن فيمن طعن فيه شيخكم، ولا أن تتكلموا فيمن حذركم منه مقدَّسُكم؛ وهم مشايخ الدعوة السلفية في بلدنا الشيخ أزهر والشيخ جمعة حفظهما الله؛ لأنهما باعتراف الجميع من مشايخ الدعوة السلفية في الجزائر، وممن أثنى عليهم علماء السنة من أمثال العلامة محمد بن هادي والعلامة سليمان الرحيلي –حفظهما الله- وغيرهما، وكنتم تثنون عليهما، وتذكرون فضائلهما، بل إن شيخكم ومقدَّسكم كان يحيل في مسائل الجرح والتعديل كما هو معروف على الشيخ عبد المجيد جمعة -حفظه الله- فما بالكم تجرحون من هذا حاله؟ والعجيب لم يقدم شيخُكم ومقدَّسُكم إلى الساعة دليلا محترما على جرحه لهما والله المستعان.
    والنصيحة هي: أدركوا أنفسكم قبل أن تُسلب السلفية دون أن تشعروا من قلوبكم، وتصبحوا على غيرها وأنتم تظنون أنفسكم أولى من تمسك بها، كسائر من اتبع هؤلاء المتقدمين وتعصب لهم، ولم يتبع الأدلة لغلوه فيهم وتقديسه لهم؛ من المغراويين والمأربيين والحلبيين والعيديين وغيرهم كثير لا كثرهم الله.
    الشبهة الرابعة: الاحتجاج بكثرة من معه ولا زال يؤيده وينصره:







    ومن الشبهات التي يثيرونها ليردُّوا الأدلَّةَ الكثيرة التي تدين شيخهم ومقدَّسَهم أن يقول قائلهم لمن يخاطبه ويورد الحجج والبراهين عليه: أن غالب السلفيين معه، وتعالى معي إلى العاصمة لتنظر كثرة الوافدين عليه، والمقبلين على مجلسه؛ والجواب على هذه الشبهة الواهية الضعيفة من وجوه:
    الوجه الأول:أن العبرة بالحجج والأدلة لا بالأتباع والكثرة؛ لأن الكثرة في الغالب مذمومة في شريعة الإسلام، غير محمودة في دين النبي عليه الصلاة والسلام، كما جاء في كثير من آيات الكتاب العزيز:
    - قال الله تعالى:" اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ" سورة سبأ من الآية 13.
    - وقال الله تعالى:" وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ" سورة ص من الآية 24.
    - وقال الله تعالى:" وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116)" سورة الأنعام.
    - وقال الله تعالى:" وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89)" سورة الإسراء.
    ولقد وصف الله جل وعلا الكثرة بأوصاف متعددة منها أنهم لا يسمعون ولا يعقلون ولا يعلمون:
    - قال الله تعالى:" أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44)" سورة الفرقان.
    - وقال الله تعالى:" أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (55)" سورة يونس.
    - وقال تعالى:"فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (49)" سورة الزمر.
    وفي صحيح مسلم عن ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:" عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلاَنِ وَالنَّبِيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ إِذْ رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي فَقِيلَ لِي هَذَا مُوسَى -صلى الله عليه وسلم- وَقَوْمُهُ وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ. فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ فَقِيلَ لِي انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ الآخَرِ. فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ فَقِيلَ لِي هَذِهِ أُمَّتُكَ وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلاَ عَذَابٍ".
    والآيات في هذا كثيرة متعددة تذم الكثرة وتمدح القلة، فاحتجاجكم بالكثرة حول شيخكم لا ينفعه ولا ينفعكم، وبخاصة والأدلة تدينه، وتثبت الأخطاء الشنيعة عليه، يوضحه:
    الوجه الثاني:أن العبرة في شريعة الإسلام بالأدلة الشرعية والحجج المرعية فمن كانت الحجة معه والبرهان يؤيده فهو المحق ولو كان واحدا، فضلا عن جماعة متعددة، ومن كانت الحجة تدينه والبرهان يخالفه فهو المبطل ولو كان معه الناس جميعا والخلق قاطبة، فالعبرة في معرفة المحق من المبطل الأدلة والبراهين لا كثرة المعتنقين والمتبعين، وانظر في واقع الناس تتيقن من هذا الكلام، وتعلم أن الاحتجاج بالكثرة من قلة العقل والفقه في الدين، أليس الكفار هم أكثر أهل الأرض اليوم؟، ثم في أهل الإسلام أليس الطوائف الضالة والفرق المنحرفة أكثر بكثير من أهل الحق حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أهل الحق طائفة واحدة ضمن ثلاث وسبعين طائفة؟.
    الوجه الثالث:أن الكثرة تكون محمودة إذا كانت في جانب الطائفة المنصورة والفرقة الناجية، ويُعرفون -مع الأدلَّة- بالنظر إلى علماء الأمة من أهل الحديث والأثر، وأهل الفقه والنظر؛ فهم علامةُ أهل الحق فحيثما وجدتَّهم فالحق –إن شاء الله- معهم؛ وبخاصة عند إجماعهم واتفاقهم، ومما فُسر به حديث الطائفة المنصورة كما هو معروف ومشهور: أنهم أهل الحديث، وأهل العلم والآثار؛ كما قال أحمد بن سنان الثقة الحافظ روى الخطيب عن أبي حاتم قال: سمعت أحمد بن سنان وذكر حديث " لا تزال طائفة من أمتي على الحق " فقال: هم أهل العلم وأصحاب الآثار" ذكره الإمام الألباني في الصحيحة ج1 ص539 كما ذكر غيرها من الآثار، ومن المعلوم في فتنة الجزائر هذه الأخيرة أن العلماء على خلاف الدكتور، ولم يوافقه واحد -فيما أعلم- على ما أحدثه من فتاوى شاذة، بل منهم من أنكر عليه، ورد قوله، وبيّن بطلان ما يفتي به وينشره وينصره، بل منهم من وصفه بالسرورية والنحلة التكفيرية، فكيف يُترك قول هؤلاء العلماء الذين فُسِّر الحديث بهم، ويُحتجُّ بالغوغاء والدهماء ممن قال فيهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما في نصيحته لكميل بن زياد المشهورة:" النَّاسُ ثَلَاثَةٌ: فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ، وَمُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ النَّجَاةِ، وَهَمَجٌ رِعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ، وَلَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ" قال الإمام ابن القيم رحمه الله في شرحه لهذا الأثر في كتابه القيم "مفتاح دار السعادة" ج1 ص355[4]:" وَقَوله:" النَّاس ثَلَاثَة فعالم رباني ومتعلم على سَبِيل النجَاة وهمج رعاع" هَذَا تَقْسِيم خَاص للنَّاس وَهُوَ الْوَاقِع؛ فَإِن العَبْد إِمَّا أن يكون قد حصّل كَمَاله من الْعلم وَالْعَمَل أو لا، فالأول الْعَالم الرباني، وَالثَّانِي إما أن تكون نَفسه متحركة فِي طلب ذَلِك الْكَمَال ساعية فِي إِدْرَاكه أو لا؛ وَالثَّانِي هُوَ المتعلم على سَبِيل النجَاة، الثَّالِث وَهُوَ الهمج الرعاج، فالأول هُوَ الْوَاصِل وَالثَّانِي هُوَ الطَّالِب وَالثَّالِث هُوَ المحروم" وقال أيضا في ج1 ص358-360[5]:" الْقسم الثَّالِث: المحروم المعرض فَلَا عَالم وَلَا متعلم، بل هَمَجٌ رَعَاعٌ، والهَمَجُ من النَّاس: حَمْقاؤُهم وَجَهَلَتُهُم، وأصله من الهَمَج جمع هَمَجَة وَهُوَ ذُبَابٌ صَغِيرٌ كالبعوض يسْقطُ على وُجُوهِ الْغَنَمِ وَالدَّوَابِّ وأعينِها، فَشبَّه هَمَجَ النَّاس بِهِ، والهَمَجُ أيضا مصدر قَالَ الراجز:
    قد هَلَكت جارتنا من الهَمَجْ ... وَإِنْ تَجُعْ تَأْكُلْ عَتُودًا اَوْ بَذَجْ
    والهَمَجُ هُنَا مصدر وَمَعْنَاهُ سوء التَّدْبِير فِي أَمر الْمَعيشَة.
    وَقَوْلهمْ "هَمْجٌ هَامِجُ" مِثْلُ "لَيْلٌ لَايِلٌ".
    والرَّعَاعُ مِنَ النَّاسِ الحَمْقَى الَّذين لا يعتد بهم.
    وَقَوله:" أَتبَاع كُلِّ ناعق" أَي: من صَاحَ بِهِمْ ودعاهم تبعوه، سَوَاءٌ دعاهم إلى هدى أوْ إلى ضلال، فإنهم لَا علم لَهُم بِالَّذِي يُدْعَوْنَ إليه أحقٌّ هُوَ أم بَاطِل فهم مستجيبون لدعوته.
    وَهَؤُلَاء من أضرِّ الْخلق على الأديان؛ فَإِنَّهُم الأكثرون عددا الأقلون عِنْد الله قدرا، وهم حطب كل فتْنَة؛ بهم توقد ويشب ضرامها، فَإِنَّهَا يَعْتَزِلُهَا أولو الدّين، ويتولاها الهمج الرَّعَاع.
    وَسُمِّي داعيهم: ناعقًا؛ تَشْبِيها لَهُم بالأنعام الَّتِي ينعق بهَا الرَّاعِي فتذهبُ مَعَه أيْنَ ذهبَ؛ قَالَ تَعَالَى:" وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171)" سورة البقرة.
    وَهَذَا الَّذِي وَصفهم بِهِ أمير الْمُؤمنِينَ هُوَ من عَدَمِ علمهمْ، وظلمة قُلُوبهم، فَلَيْسَ لَهُم نورٌ وَلَا بصيرةٌ يفرِّقون بهَا بَين الْحق وَالْبَاطِل، بل الْكل عِنْدهم سَوَاء.
    وَقَوله رضي الله عَنهُ:" يميلون مَعَ كل ريح" وَفِي رِوَايَة:" مَعَ كل صائح" شبه عُقُولهمْ الضعيفة بالغصن الضَّعِيف، وَشبه الأهوية والآراء بالرياح، والغصن يمِيل مَعَ الرّيح حَيْثُ مَالَتْ، وعقول هَؤُلَاءِ تميل مَعَ كل هوى وكل دَاع، وَلَو كَانَت عقولا كَامِلَة كَانَت كالشجرة الْكَبِيرَة الَّتِي لا تتلاعب بهَا الرِّيَاح".
    ومن عجائب ما عليه هؤلاء أنهم يحتجون بكثرة الأتباع فإذا احتججت عليهم بالعلماء، وأنه ليس مع شيخهم واحد منهم، قال لك: العبرة ليست بالكثرة، وهذه من المضحكات المبكيات؛ فهم عُمْيٌ في كل أحوالهم، فلذلك لا يرون الحقيقة الماثلة أمامهم، وأن لا شيء يُؤَيِّدُ شيخهم ومقدَّسَهم، فلا الأدلة تدعمه، ولا واحد من العلماء وقف معه وأيّده.
    ووالله إن كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لينطبق حقيقة عليهم، وانظر إلى شرح الإمام ابن القيم رحمه الله تجده وكأنه يتحدث عن هؤلاء الذين يناصرون الدكتور ويتعصبون له:
    فوصفهم بأنهم همج رعاع: فَلَا عَالم وَلَا متعلم، فغالبهم وأكثرهم من الجهلة والحمقى الَّذين لا يعتد بهم، وحتى المتعلم منهم فهم مقلدة كما هو معروف عنهم ومشهور من تصرفاتهم بل ومن كلامهم.
    كما وصفهم بأنهم اتبَاع كل ناعق أَي من صَاح بهم ودعاهم تبعوه سَوَاء دعاهم إلى هدى أوْ إلى ضلال، فإنهم لَا علم لَهُم بِالَّذِي يُدعونَ إليه أحق هُوَ أم بَاطِل فهم مستجيبون لدعوته؛ وَهَذَا الَّذِي وَصفهم بِهِ أمير الْمُؤمنِينَ هُوَ من عدم علمهمْ وظلمة قُلُوبهم فَلَيْسَ لَهُم نور وَلَا بصيرة يفرقون بهَا بَين الْحق وَالْبَاطِل بل الْكل عِنْدهم سَوَاء.
    كما وصفهم بالعقول الضعيفة ولذلك فهي تميل مع الأهواء والآراء وتستجيب لكل داع ولو كانت عقولهم كاملة ما تلاعب بهم الجهلة وقادهم المقلدة وهم يرون العلماء على خلاف قولهم والأدلة تدمغ باطل مقدسهم.
    الشبهة الخامسة: عنده أخطاء ولكن تحفظ كرامته ولا نرضى بالسرورية وصفا له:







    ومن الشبهات التي يثيرونها ليردوا الأدلة الكثيرة التي تدين شيخهم ومقدَّسَهم أن يقول قائلهم لمن يخاطبه ويورد الحجج والبراهين عليه: أنا أعترف وأقرُّ بأخطائه وأنه خالف الحق في كثير من تقريراته وفتاويه ولكن لا أقبل بالسرورية وصفا له؛ والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
    الوجه الأول:أن الذي وصفه بالسرورية ثلة من علماء السنة، ودعاة السلفية المحضة، ممن تقدم ذكر أسمائهم، ونقل كلماتهم فيه وأحكامهم، فكيف رضيتم بتخطئتهم له ولم ترضوا بأحكامهم عليه؟ فهل هم أهلٌ عندكم لمعرفة الأخطاء، وليسوا أهلا لإصدار الأحكام؟ ثم أخذ التخطئة عنهم ورد أحكامهم هذا حكم منكم عليهم وعلى أحكامهم، فهل أنتم أهل لذلك؟ وهل تعتقدون في أنفسكم الأهلية في اتخاذ هذه المواقف وسلوك تلكم المسالك؟ يوضحه:
    الوجه الثاني:إذا كنتم تقرُّون بأخطائه، وتتَّفقُون معنا على ما أُنكر عليه من زلاته ومخالفاته؛ فما الذي جعلكم تردُّون أحكام أهل العلم عليه وتخالفونهم في تصنيفهم له على حسب تلك الأخطاء -المتفق عليها بيننا- والثابتة عليه من كلامه وخط بنانه؟ فإمَّا أنَّكم في مستواهم أو أعلى منهم، فإن كنتم كذلك فبيِّنوا لنا بالأدلَّة الشرعيَّة حكمه ووصفه الذي يليق به، وحينئذ إذا وجدنا أدلَّتكم أقوى من أدلَّة من أدانه وحكم بالسرورية عليه فسنتبعكم ونتمسك بأدلتكم، ونترك أدلة من خالفكم لضعفها ووهائها، أمّا إذا كنتم أقلَّ من مستواهم وأنتم من عوام السلفيين الذين ضعف علمهم فلا يخلوا أمركم من حالين اثنين:
    الحال الأولى: أن يكون عندكم علماء آخرون حكموا بخلاف حكم أولئك العلماء عليه، وخالفوهم في حكمه والوصف الذي ينطبق عليه؛ فسمُّوا لنا رجالكم، واذكروا أدلتهم التي أقنعتكم، فلعلنا نقتنع أيضا بها، ونتَّبعها ولا نتنكب -إن شاء الله- طريقها، فإن لم يوجد علماء آخرون، أو وجد من لا اعتبار بقوله، ولا أحد من أهل العلم ينصح به، ويوصي بالتعويل عليه، فيلزمكم الأخذ بقولهم، وعدم مخالفتهم؛ لأن هذا هو واجبكم الذي حثكم الله عليه ورغبكم فيه قال الله تعالى:"فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" سورة النحل من الآية 43 وسورة الأنبياء من الآية 7.
    قال الإمام ابن باز رحمه الله:" أما العامي فيكفيه أن يسأل أهل العلم، ويلزمه أن يأخذ بما أفتوه به؛ لأنه ليس من أهل النظر، وإنما يسأل أهل العلم كما قال الله عز وجل:" فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" سورة النحل من الآية 43، فعليه أن يسأل، ويتحرى، ويلتزم".
    ضمن جواب على سؤال وجه إليه وهو: ما حكم الفتوى بالتقليد؟ وهل تصح الفتوى بدون استدلال؟ كما في موقعه رحمه الله.
    الحال الثانية: أنكم تقولون برأيكم، وتردون أحكام أولئك العلماء باجتهاد عقولكم؛ وهنا أنتم على خطر عظيم، ومسلك وخيم، نسأل الله لنا ولكم النجاة منه، فما عليكم إلا أن تتوبوا إلى ربكم، وتسكوا السبيل التي ترضيه سبحانه عنكم، وتُعِدُّوا الحجة التي تنفعكم بين يديه يوم لا يجدي أحد -مهما كان- شيئا عنكم، ولا يقدر -أيا كان- على أن ينفعكم.
    فإن قال قائلهم ويوجد فيهم من قالها: لكن الشيخ الرحيلي وصفه بالعلم ولم يصفه بالسرورية؟ فالجواب من وجوه:
    الأول: أن الشيخ الرحيلي -حفظه الله ورعاه- وإن كان لم يصفه بالسرورية فهو قد وصف كلامه بأنه مدخول، وأن المحيطين به هم سبب ما قاله وانْتُقِدَ عليه، وهذا الوصف يكفي في التنفير من علمه، ونزع الثقة منه، ومما يصدر عنه.
    الثاني: أن الشيخ الرحيلي –حفظه الله- في الصوتية الأخيرة قال عنه :" أن الرجل على السنة هذا الذي كنا نعرفه" إذن هذا ما كان يعرفه إلا أن الأمور تغيرت، ولذلك قال بعد هذا الوصف عنه:" ولكن الحقيقة ما يطرحه في الأخير أنا أرى أنه مدخول" ثم ذكر أن ذلك بسبب المندسين عليه.
    الثالث: أن الشيخ الرحيلي –حفظه الله- وإن لم يصفه بالسرورية لم يخطأ من وصفه بها، ولم يخالف من يرى من المشايخ أنه واقع فيها، بل صرح في آخر الفتوى أن هذا الذي تكلم به هو رأيه، وأن كلا من المشايخ له اجتهاده ورأيه في المسألة، وأنه لا يحكم على غيره، فهو وإن لم يوافقهم لم يخالفهم ويخطئهم.
    - أما قول قائلكم: عنده أخطاء ولكن تحفظ كرامته، فجوابه من وجوه:
    الوجه الأول:من قال من أهل العلم بهذا الكلام؟، فإن قلتم هو الشيخ الرحيلي –حفظه الله- فجوابكم أنه لم يقل تحفظ كرامته، وإنما خطأه، وبين حاله، وما يعتقده فيه، ودعا الله له أن يخلصه من المحيطين به والمندسين عليه، ولم يخالف من وصفه بالسرورية بل هو يرى أن كل شيخ وله في المسألة اجتهاده؛ كما تقدم كل هذا.
    الوجه الثاني:كيف تحفظ كرامة من لم يحفظ كرامة غيره من أهل العلم، وبيانه:
    - أنه لم يحفظ كرامة علماء السنة في المملكة حيث وصفهم بالوجهة التقليدية.
    - ولم يحفظ كرامة علماء السنة ودعاة الأمة في مسألة الصلاة بالتباعد حيث زعم أنهم لم يتخذوا الكتاب والسنة ميزانا للقبول والرد فما وافقهما أخذنا به وما خالفهما تركناه.
    - ولم يحفظ كرامتهم حيث زعم أن بعضهم لا يفرقون بين الطاعة المطلقة للأئمة ومطلق الطاعة.
    - ولم يحفظ كرامتهم حيث زعم أنهم تركوا حديث رسول الله لكلام الأطباء.
    - ولم يحفظ كرامتهم حيث زعم أنهم تركوا حدث رسول الله لكلام مسيس، وبخاصة منهم من أمر بطاعة ولاة الأمر.
    - ولم يحفظ كرامتهم حيث شبه من قال بجواز الصلاة بالتباعد للضرورة بالإخوان الذين يتمسكون بالضرورة في تغييرهم الدين ومحبتهم لتغيير الشريعة.
    - ولم يحفظ كرامتهم حيث وصف مجموعة منهم بالمقلدة وبأصحاب الجمود الفقهي وغلق باب الاجتهاد.
    - ولم يحفظ كرامتهم حيث حاول إسقاط ثلة طيبة من خيرة دعاتهم في بلدنا الجزائر بدون برهان يقدمه ولا دليل يحتج به.
    - ولم يحفظ كرامتهم حيث سلط الغوغاء والدهماء عليهم، وسكت على طعوناتهم فيهم وتطاولهم عليهم، كما ذكرت كلماتهم في ذلك في "الأدلة الجلة" عكس ما يفعله الأئمة والعلماء كالإمام الألباني –رحمه الله- لما وقع الخلاف بينه وبين علماء المملكة في حرب الخليج وسمع بطعن بعض من ينتصر لقوله ويؤيده فيه في هؤلاء العلماء رد على الطاعنين، وبين احترامه للعلماء وعظيم منزلتهم عنده فكان ذلك زاجرا للطاعنين مبينا للناس موقفه منهم ومن علماء الأمة، وهذا ذكرته في "الأدلة الجلية" وقلت حينها أنه الأمر الذي يرجوه علماؤنا من الدكتور ولكنه لم يفعل وسكت على طعونات الطاعنين في علمائنا وهو المطلع على كل شيء كما يصفه أتباعه بل كما وصف هو بذلك نفسه.
    - بل لم يحفظ كرامتهم لما أثنى على من يطعن فيهم وينتقص من قدرهم كالغر الغمر المسمى بعيسى الشلفي وغيره.
    - ولم يحفظ كرامتهم لما استبدلهم بمن هو أدنى منهم بل من العيب أن يقاس بهم من أمثال: المقلد يطو وباهي وزرارقة والكفيف وجعل هؤلاء موجهين للمتعصبين له والمقدسين من أتباعه في كل ربوع الوطن ولذلك أصبحت تعقد لهم المجالس وتأخذ منهم التوجيهات، فسمعت منهم الأباطيل والمهازل، حتى صح أن يقال: لقد هزلت.
    وووو
    الوجه الثالث:أن الأصل في العالم السني إذا أخطأ أن يعامل كما تقدم بالطريقة التالية:" أن يرد على خطئه ولا يتبع في زلته وتحفظ كرامته" لكن إذا بُيِّن له خطؤه وأصرَّ عليه ولم يتب لله منه ترك حديثه ولم يؤخذ عنه بمعنى تسقط كرامته وقد تقدم نقل كلام العلامة ربيع في ذلك وما نقله عن المتقدمين من أئمتنا.
    بل قد يصل الأمر إلى تبديعه والحكم بخروجه عن منهج السلف الصالح فأي كرامة حينئذ تكون له:
    قال العلامة ربيع -حفظه الله ورعاه- في ضمن جوابه على السؤال التالي:
    سئل العلامة ربيع بن هادي المدخلي –حفظه الله ورعاه- السؤال التالي:
    هل يشترط في تبديع من وقع في بدعة أو بدع أن تقام عليه الحجة لكي يبدع أو لا يشترط ذلك؟.
    فكان من ضمن جوابه عليه قوله:
    القسم الثالث: من كان من أهل السنة ومعروف بتحري الحق ووقع في بدعة خفية فهذا إن كان قد مات فلا يجوز تبديعه بل يذكر بالخير، وإن كان حياً فيناصح ويبين له الحق ولا يتسرع في تبديعه فإن أصر فيبدع.
    ومن أراد أن يطلع على الفتوى كاملة فلينظرها في الحاشية ففيها من العلم النافع ما لا يستغني عنه طالب حق[6].
    الشبهة السادسة: قولهم أن الشيخ لا يتكلم من فراغ:







    ومن الشبهات التي يثيرونها ليردوا الأدلة الكثيرة التي تدين شيخهم ومقدَّسَهم أن يقول قائلهم لمن يخاطبه ويورد الحجج والبراهين عليه: إن الشيخ لا يتكلم من فراغ، أي أن كل ما يتكلم به فله أدلة عليه ولو لم يُظهرها ويُطلع الناس عليها؛ والجواب على هذا الكلام المتهافت من وجوه:
    الوجه الأول:هذا الكلام مخالف لطريق أهل السنة والجماعة الذين لا يعتبرون القول ويعتدون به إلا إذا كان الدليل يدعمه ويؤيده؛ فالأقوال عندهم لا يحتج بها وإنما يحتج بأدلة قائليها، فقول القائل: أن الشيخ لا يتكلم من فراغ هو احتجاج بقوله العاري عن الدليل والبرهان وادعاء بأن ما من قول يقوله إلا وله أدلة عليه، وهذا كلام باطل لا يقوله عاقل.
    الوجه الثاني:أننا لو سلمنا أن شيخكم ومقدسكم لا يتكلم إلا بدليل فهل يلزمنا كلامه الذي لم يذكر دليله في شريعة الإسلام ودين النبي عليه الصلاة والسلام؟ قطعا لا يلزمنا لأن الله لم يتعبدنا إلا بالوحي المنزل على نبيه صلوات الله وسلامه عليه، ولم يتعبدنا بقول أحد غير نبيه كائنا من كان.
    الوجه الثالث:أننا لو سلمنا أن شيخكم ومقدَّسكم لا يتكلم إلا بدليل فلابد له إن أراد أن يقتنع الناس بقوله أن يدلي به ويظهره؛ ذلك أن الناس يختلفون في الأدلة واعتبارها، وفهمهم لها عند اتفاقهم عليها، فقد يكون دليلا معتبرا عندك ما ليس دليلا عند غيرك، وقد تفهم من الدليل ما لا يفهمه سواك، فلذلك لا يصلح أن يحال على دليل غير معلوم، يوضحه:
    الوجه الرابع:أن هذا القول إحالة على دليل غير معلوم والذي هو في حكم المعدوم، ومما لا شك فيه أن المعدوم لا تقوم به حجة ولا تثبت به دعوى، وما مثل من يقول هذا القول إلا كمثل من يقف بين يدي القاضي ويريد أن يحكم له بشهود عنده لم يأت بهم ولا حتى ذكر أسماءهم، وإذا سئل عنهم سكت ولم يحر جوابا، فحري بمثل هذا أن يحكم القاضي عليه لا له، فاعتبروا يا أولي الأبصار.
    الوجه الخامس:أن قولكم هذا ليس حكرا عليكم فقد يدعيه ويقول به غيركم؛ فقد يتكلم بعضهم في شيخكم ومقدَّسكم ويجرحونه ويطعنون فيه ويحذرون منه ثم يزعمون أن لهم أدلة على ذلك يخفونها ولا يطلعون أحدا عليها فهل تقبلون حينئذ بكلامهم أم تردونه عليهم؟ فجوابكم على هذا السؤال سيطلعكم على حقيقة دعواكم.
    الوجه السادس:إذا كان شيخكم لا يتكلم من فراغ فلماذا لا يظهر ما عنده ليعلم صحة ما تدعونه فيه، فلماذا لم يذكر مثلا وإلى اليوم أدلته على انتقاداته التي انتقد بها مشايخ الدعوة السلفية في الجزائر؟ مع زعمه أن له أطنانا منها، حتى قال الشيخ لزهر –حفظه الله- نريد نحن غراما واحدا من هذه الأطنان وإلى اليوم وهو ساكت لم يذكر شيئا منها اللهم إلا التركيز على تأكل الشيخ جمعة بالدعوة الفرية التي ردها الشيخ حفظه الله بالبراهين والأدلة ولا زال أتباع الدكتور يرددونها لأنهم ليس لهم غيرها.
    الشبهة السابعة: لماذا لم تذكر هذه الانتقادات عليه قبل اليوم:







    ومن الشبهات التي يثيرونها ليردوا الأدلة الكثيرة التي تدين شيخهم ومقدَّسَهم أن يقول قائلهم لمن يخاطبه ويورد الحجج والبراهين عليه: لماذا لم يذكر المشايخ هذه الانتقادات عليه قبل النزاع معه وكانوا يدافعون عنه ويرفعونه ثم بعدما تكلم فيهم أظهروا ما أظهروه وتكلموا بما تكلموا به، والجواب على هذه الشبهة الواهية من وجوه:
    الوجه الأول:لقد بين المشايخ أنهم كانوا يحسنون الظن به، وما كانوا يعرفون هذه الأمور كلها عليه، بل لم يخطر على بالهم وجود أمثال هذه الطوام في كتاباته، وهذه التأصيلات الباطلة فيما خطه ببنانه، ولكن بعدما أخرج الشباب السلفي من طلبة العلم ما عنده، ونشروا كلامه محالا إلى مصادره؛ تكلم المشايخ بما يلزمهم حينها، وبينوا موقفهم منها؛ وهذا ليس من باب الانتقام والتشفي كما تزعمون، وإنما من باب حفظ المنهج السلفي الذي صار عرضة للتبديل من الدكتور لو كنتم تعلمون.
    الوجه الثاني: أن المرء لا يلام على حسن ظنه، وإنما يلام على تركه الحق بعد ظهوره وبلوغه مسامعه، فالمشايخ كانوا يحسنون الظن به على حسب ما يعلمونه منه، ثم لما تبيَّن خلاف ذلك تكلموا بما علموا وهذا يمدحون عليه، ولا يذمون به، ولقد وقع مثل هذا ممن هو أعظم وأجل منهم، مع من هو أظهر انحرافا من مقدَّسِكم:
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج2 ص464-465:" وَإِنَّمَا كُنْت قَدِيمًا مِمَّنْ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِابْنِ عَرَبِيٍّ وَيُعَظِّمُهُ: لِمَا رَأَيْت فِي كُتُبِهِ مِنْ الْفَوَائِدِ مِثْلِ كَلَامِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ "الْفُتُوحَاتِ" "والكنة" "وَالْمُحْكَمِ الْمَرْبُوطِ" "وَالدُّرَّةِ الْفَاخِرَةِ" "وَمَطَالِعِ النُّجُومِ" وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَلَمْ نَكُنْ بَعْدُ اطَّلَعْنَا عَلَى حَقِيقَةِ مَقْصُودِهِ وَلَمْ نُطَالِعْ الْفُصُوصَ وَنَحْوَهُ وَكُنَّا نَجْتَمِعُ مَعَ إخْوَانِنَا فِي اللَّهِ نَطْلُبُ الْحَقَّ وَنَتَّبِعُهُ وَنَكْشِفُ حَقِيقَةَ الطَّرِيقِ فَلَمَّا تَبَيَّنَ الْأَمْرُ عَرَفْنَا نَحْنُ مَا يَجِبُ عَلَيْنَا. فَلَمَّا قَدِمَ مِنْ الْمَشْرِقِ مَشَايِخُ مُعْتَبَرُونَ وَسَأَلُوا عَنْ حَقِيقَةِ الطَّرِيقَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَالدِّينِ الْإِسْلَامِيِّ وَحَقِيقَةِ حَالِ هَؤُلَاء: وَجَبَ الْبَيَانُ".
    وبعد كتابة هذه المقالة نشر كلام للشيخ عبد المجيد جمعة –حفظه الله- يبيِّن فيه هذا الأمر ويجلِّيه فقال في جواب على سؤال وجه إليه عبر الواتساب:

    " كنا نحسن الظن به ولم نكن نعلم ما يخفيه من منهجه وما أمرنا أن نشق على قلبه ولا تتبع عورته، ولسنا أحسن حالا من شيخ الإسلام ابن تيمية الذي كان يحسن الظن بابن عربي ويثني عليه قبل أن يتبين له حاله، ولا من الشافعي الذي كان يحسن الظن بشيخه المتهم بالكذب، ولا من كثير من الحفاظ النقاد الذين أحسنوا الظن ببعض الرواة فصححوا أحاديثهم وهي تتعلق بكلام المعصوم؛ ولهذا نجد كثيرا منهم مثل يحي بن معين وأحمد وغيرهما لهم قولان بل أحيانا ثلاثة أقوال أو أربع في رجل واحد، وهذا يعلمه أهل الاختصاص ومن له عناية بعلم الرجال.
    بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الظن بالمنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك ولما جاءوا يعتذرون قبل عذرهم وعفا عنهم فعاتبه ربه فقال:" عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ" سورة التوبة من الآية 43.
    ولسنا أحسن حالا من الشيخين ( الكلام غير واضح والظاهر أنه يقصد الشيخين ربيعا حفظه الله وعبيدا رحمه الله) لما أحسنا الظن بالصعافقة ولا بكثير من المشايخ أحسنوا الظن ببعض الدعاة.
    فالعبرة بالحال وليس بكان فإن كان: فعل ماضي ناقص.
    الوجه الثالث: تزعمون أن المشايخ إنما تكلموا فيه انتقاما منه، فإذا كان كلامكم صحيحا فلماذا لم يحذروا منه مباشرة، وحرصوا عليه، وحاولوا التواصل معه؟ بل منهم من رد على من تكلم فيه، ونشر كلاما يدينه، وهو الشيخ عبد المجيد –حفظه الله- الذي سئل عن مجموعة ترد على الدكتور فاتهمهم ورد عليهم اعتقادا منه أنهم من الصعافقة الأوائل، الذين سلكوا المنهج التمييعي الباطل، وهذا يدلنا على أنهم كانوا يحسنون الظن به، ولم يتصوروا بشاعة وفظاعة ما هو عليه.
    الوجه الرابع: أننا لو سلمنا لكم جدلا أن المشايخ إنما تكلموا فيه انتقاما لذواتهم، وإشفاء لغيظ نفوسهم، وأنهم ليسوا صادقين في تحذريهم منه، وإبرازهم لأخطائه، ألستم مطالبين باتباع الحق ولو قال به من قال، والخضوع له ولو جاء من ألد الخصوم من الرجال؟ أليس النبي صلى الله عليه وسلم أقر الحق الذي تكلم به الشيطان؟ فإذا كان كلامهم حقا بأدلته فالواجب عليكم قبوله، وإذا كان باطلا للبراهين الدالة عليه فيرد لبطلانه، لا لأن الذي تكلم به له غرض سيء من ورائه. ومما يدل على بطلان هذا الاتهام ويوضحه:
    الوجه الخامس: من هو المتهم عندكم بأنه إنما تكلم فيه انتقاما لنفسه إذ لما حذر الدكتور منه قام بمقابلته بمثل فعله؟ ألستم تقصدون الشيخين أزهر وجمعة -حفظهما الله ورعاهما-؟ وهو الجواب الذي ليس لكم غيره، إذ تحذير شيخكم ومقدَّسِكم كان منهما، فماذا أنتم قائلون في سائر المشايخ الذين ردوا عليه ولم يوافقوه على أخطائه وأحكامه في الداخل مثل الشيخ حسن آيت علجت والشيخ سمير ميرابيع والشيخ محمد تشلابي والشيخ سالم موريدا وغيرهم من المشايخ وطلبة العلم فهل هؤلاء خالفوه أو تكلموا فيه انتقاما لأنفسهم؟، بل ما هو قولكم فيمن خطأه ورد عليه ومن حكم بانحرافه من مشايخ الخارج كالشيخ محيي الدين عبد الرحمن –رحمه الله- والشيخ صالح السحيمي –حفظه الله- والشيخ سليمان الرحيلي –حفظه الله- والشيخ الدكتور محمد بن ربيع المدخلي –حفظهما الله- والشيخ علي رضا –حفظه الله- والشيخ طلعت زهران –حفظه الله- والشيخ ناصر زكري –حفظه الله- وغيرهم، هل هؤلاء جميعا تكلموا فيه انتقاما منه ومعاملة له بمثل فعله؟.
    إنكم واهمون وهذه الشبهة لا تنفعكم عند ربكم فتقوا الله وخذوا الحق بدلائله، ولا توردوا مثل هذه التفهات عليه لتبرروا لأنفسكم تركه والبقاء على ما أنتم عليه من الغلو والتقديس والتعصب المقيت والله المستعان.
    الوجه السادس:
    سئل الشيخ لزهر حفظه الله عن هذه المسألة السؤال التالي:

    كيف الرد على من يقول أين كانت أخطاء الدكتور وتقريراته قبل هذه الفتنة؟
    فأجاب بجواب نافع ماتع وأن المسألة فيها تفصيل ملخصه الآتي:
    - أولا: فيه مسائل تغير فيها قوله ومذهبه كان يقول بأمر ثم أصبح يقول بخلافه؛ ومثاله: أنه كان يقول بعدم جواز الإنكار العلني كما يقوله علماؤنا وأئمتنا وهذا مسطر ومكتوب في موقعه ثم صار يقول بجوازه مع أن الأدلة لم تتغير والبراهين لم تتبدل بل بقيت كام كانت ولم تظهر أدلة جديدة لم تكن منتشرة ككتاب طبع جديدا. وهذه من الأمور المحدثة الجديدة التي انحرف فيها عن الجادة، فلا يمكن أن يقال أين كانت أخطاؤه في هذه العينة لأنها ظهرت اليوم بعد أن لم تكن من قبل.
    - ثانيا: أمور كانت عنده وكنا نجهر بمخالفته، وأحيانا نتقصد مخالفته، ومثالها: ما كان يقوله ويدندن حوله ودائما وأبدا يكرره في حق إخواننا في الأسلاك الأمنية من النهي عن إلقاء السلام عليهم وأنهم يحمون الديمقراطية ونحو هذا من الكلام الذي شاع عنه وعرف من أقواله، وهذه كنا نراها فتوى باطلة ونخالفه فيها لمخالفتها لواقع هؤلاء المجندين ولدين رب العالمين ولأخلاق العلماء الربانيين وهذه كنا نجيب بخلافه فيها، ومن المسائل والتي كنا نجيب أيضا بخلافه فيها: قضية سفر المرأة بغير محرم. وقضية الصلاة بالتباعد وقوله ببطلانها، كنا نصرح أن هذا القول باطل، وهذا كان سبب المشاكل معه وهي من المسائل التي أثارت حفيظته.
    - ثالثا: أمور كانت منتقدة عليه مثل مسألة السرقات العلمية فأنا اطلعت على بعض تلكم الانتقادات ورددت على ما اطلعت عليه منها لأنني لم أره مما يدخل تحت مسماها وحقيقتها ولكن بعد أن تثبتنا في الأمر وأعدنا مراجعته –وهذا أمر عادي أن يفوتنا الحق في أمر لضعفنا الذي نعترف به- وقفنا على حقائق صادمة حيث وجدنا هذا الأمر في نتاجه كله لا يكاد يخلو منه شيء من آثاره؛ لا الفتاوى ولا الرسائل ولا التقريرات عندئذ ذكرنا هذا من باب إقامة الحجة على صاحبها، ومن باب بيان منزلته الحقيقية، وأنه متشبع بما لم يعط و" الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ" كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام من حديث أسماء بن أبي بكر رضي الله عنهما. ولهذا قلنا له كما قال هو لغيره: لابد أن ينصح ولابد أن يعلن التراجع مكتوبا وإلا هو ساقط العدالة.
    وهذه الأمور في الحقيقة لم نقف عليها لسببين:
    - الأول: أننا كنا نعمل حسن الظن، ولقد وقع هذا ممن هو أفضل وأعظم منزلة وقدرا منا وهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الذي كان يحسن الظن بابن عربي صاحب كتاب الفصوص والذي طعن فيه بعد ذلك وشنع عليه.
    - الثاني: لم تكن عندنا –وأنا أتكلم على نفسي بالخصوص- تلكم المتابعة الدقيقة لنتاجه والقراءة المستمرة لما يصدر عنه.
    ثم لما وقفنا عليها لم يكن لنا سبيل إلا بيانها وتوضيحها ونصيحته عن طريق هذه القنوات أن يتراجع عنها لأنه لم يفتح لنا المجال للقاء به ونصحه وإلا لكان الأمر سرا بيننا وبينه دون أن نُطلع عليه أحد من خلقه.
    - وجواب الشيخ كاملا كما ذكره -مع نوع تصرف- هو:

    كيف الرد على من يقول أين كانت أخطاء الدكتور وتقريراته قبل هذه الفتنة؟
    فكان جوابه الآتي:
    كانت في مكانها، على كل حال هذه فيها تفصيل
    وهذه شبهة من شبه القوم سواء من المعاندين أو من المتعاطفين الذين التبس عليهم الأمر.
    فأقول جوابا على هذا السؤال -الذي بدأته بهذا العنوان أن فيه تفصيلا-:
    التفصيل:
    - فيه مسائل تغير فيها قوله ومذهبه كان يقول بكذا ثم أصبح يقول بخلافه، كان يقول بما قرره علماؤنا وأئمتنا بعدم جواز الإنكار العلني على ولاة الأمر في غيبتهم ومسطرة ومكتوبة في موقعه ثم فجأة تغير القول وقرر خلاف ما قال سابقا ولم يأت بشيء جديد لم يأت بدليل قال الدليل كان مفقودا ثم ظهر كان في مخطوطة لم تطبع ثم طبعت هذا غير وارد الأدلة هي هي نفسها وكل دليل من الأدلة التي ساقها هو أو غيره فيها ما يدل على أن هذا الدليل بعينه حجة عليهم لا لهم كلها بدون استثناء حتى أقوال العلماء منها ما بتر من آخره ليصبح السياق يدل على ما ذهبوا إليه، منها ما هو مكذوب على الأئمة مكذوب أقولها نعم مكذوب وسآتيكم بالبيان والدليل على هذا من كلام الشيخ العباد لما سئل في هذه المسألة وينسبونه إلى القول بالإنكار العلني وما ينسبونه للشيخ مقبل بن هادي الوادعي والشيخ مقبل معروف قوله في هذا، معروف قوله بناء على تضعيفه لحديث عياض ورغم ذلك هو مخطئ فيما ذهب إليه لأن الدليل ليس حديث عياض فحسب بل حديث عياض وحديث ابن عباس وحديث أسامة كلها وما قرره الأئمة من بعدهم كلها على خلاف هذا الأمر وأخونا الشيخ أبو أسامة نُشر له كلام جيد وهو من أعرف الناس بمذهب شيخه الذي هو الشيخ مقبل وذكر لنا تفصيل ما ذهب إليه الشيخ مقبل وبرغم ذلك خالفه، هذه هي صفة المتبع للحق لم يقل هذا شيخي وأنا لا أستطيع أن أخالف شيخي مثلما قال ذاك الشخص قال أنا أعتقد أن الحق في هذه المسألة على خلاف ما ذهب إليه المقدس ولكني لا أستطيع أن أخالفه، هذ صاحب حق هذا؟ ويلتفت إلى قوله؟ مقلد، المقلد لا يصلح أن يكون داعية إلى الله لأن الداعية إلى الله داعية إلى الحق لا إلى زيد أو عمرو، المهم حتى لا أطل هذا نوع من الأنواع.
    - نوع آخر كان عند الشيخ وكنا نجهر بمخالفته، وأحيانا نتقصد مخالفته نحن على علم بالفتوى التي كان يقولها ويدندن حولها ويكررها دائما وأبدا في حق إخواننا في أسلاك الأمن وأنهم كذا لا يلقى عليهم السلام ولا كذا ولا كذا ولا كذا، كنا نراها أنها فتوى باطلة واتهامهم أنهم يحمون الديمقراطية هذا قصدهم وهذه نيتهم هذا تألي على الله ما أدراك أنت شققت على صدورهم؟ وأنا أعلم يقينا وأنتم تعلمون هذا يقينا أن غالب هؤلاء لا توجد هذه النية في قلوبهم أبدا، غالبهم اِلتحق من باب التكسب أحبها وظيفة لنفسه وبعضهم اِلْتحق من باب اعتقاد الدفاع عن بلده وأنه يؤجر في هذا؛ يوجد بعض الإخوان يعني آباؤهم من الناس المجاهدين قديما من العائلات الثورية كما يقال يعني عندهم عرف في العائلة يتشرفون أن يكون أحد أبنائهم من حماة الوطن وهذا شيء مطلوب شرعا والنبي صلى الله عليه وسلم قال في حق هؤلاء :" عَيْنَانِ لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"[1]، هؤلاء الناس الذين هم على ثغورنا نحن نيام وهم أيقاظ يحرسوننا ويحفظون أمننا هؤلاء هكذا بمثل هذا الكلام السخيف نهدر جهودهم ونفسد نياتهم سبحانك هذا بهتان عظيم، والله كنا نقولها أنا قلت صحيح يوجد هناك مخالفات في هذا الأمر نسأل الله أن يرفعها وأن يبصر المسؤولين في هذا الباب قضية حلق اللحية أو قضية منع بعضهم الجنود من أداء الصلاة في وقتها وما إلى ذلك هذه من المخالفات الخاصة التي يؤاخذ عليها من وقع فيها ولكن أننا نجعل أصلا ونفسد نيات الناس بهذه الصورة هذا لا يستقيم أبدا وليس من دين الله وليس من أخلاق العلماء لأن من أخلاق العلماء الإشفاق على الأمة على جميع الأمة على محسنها ومسيئها، محسنها يشكر ويدعى له ويثنى عليه ومسيئها يدعى له وينصح يدعى له بالصلاح والسداد والرجوع والإنابة هذا هو الواجب وبهذا مدح الله جل وعلا أصحاب نبيه حيث قال:" مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ" سورة الفتح من الآية 29، الرحمة بينهم، وهؤلاء أصحاب جماعة، الصحابة والسلف كلهم أصحاب جماعة والنبي صلى الله عليه وسلم قال في الجماعة:" الجماعة رحمة والفرقة عذاب" الذي يقول أنا لا أبالي بالجماعة وأنا أعمل وحدي وأنا من القِدم وأنا وحدي، ماسك لنا في الموال هذا وهو يغني به بمناسبة وبغير مناسبة، يا أخي وحدك وحدك اذهب يا أخي، من القِدم وأنت وحدك فليكن ذلك اذهب وحدك، من القِدم وأنت وحدك يعني الكذب الصريح على الأمة كلها، الأمة كلها تعرف أنه كان مع إخوانه ومع جماعته وهو يقول أنا وحدي، أنت وحدك؟ سلمنا لك امشي وامضي لوحدك، لماذا تلتفت لغيرك؟ يعني تريد أن تكون لوحدك فعلا؟ لا تذكر إلا أنت ولا يعرف الناس إلا أنت؟ هذا هو قصدك؟ أن تكون وحدك بمعنى إلغاء غيرك كائنا من كان؟ وهذا موجود في أتباعه، لا يوجد واحد أهل لأن يسأل ولا يوجد واحد أهل لأن يجلس إليه ومثلما قال ذاك الشخص ومثلما قال تلبيسا قال هؤلاء -لما ذكر تلك القصة المتعلقة بالفتوى التي قلتها لكم- من بعد ذلك علق بتعليق قال: هؤلاء يصلح أن يكونوا مشايخ؟ ماذا سيكون الجواب؟ لا يصلح، كيف وهؤلاء ينصحون بـ "البارسا" ويتركون الصلاة هؤلاء لا يصلح لا أن يكونوا مشايخ ولا أن يكونوا حتى جلساء للمشايخ سبحانك هذا بهتان عظيم، هذا نوع ثاني يعني والإنسان إذا جهل الشيء حكم بخلافه هذه كنا نجيب بخلافه ،كنا نجيب بخلاف ما ذهب إليه في قضية سفر المرأة بغير محرم، كنا نجيب بخلاف ما يدندن حوله من بداية الأمر -ولم نخش في الله لومة لائم- في قضية التباعد ما التباعد وصلاة التباعد باطلة؛ هذا القول الباطل، كنا نصرح أن هذا القول باطل ما قال به أحد كنا ... وإلا ما الذي سَبَّبَ المشاكل بيننا وبينه؟ أننا خالفناه، أننا خالفناه، وهو يمشي على قاعدة إذا خالفتني أنت عدوي، والتي قررها في أتباعه؛ أتباعه المخالف يصفونه أنه طاعن، والراد على أخطائه بالحق، بالأدلة، يصفونه أنه طاعن، كما قال أحد أغبيائهم قال: قبل كنا نقول لهم أنتم تطعنون، فيحلفون بالأيمان المغلظة أنهم ما طعنوا والآن يطعنون جهرا وسرا ليلا ونهارا. يا جاهل! يا جاهل! المشكلة فيك أنت لا تفرق بين الرد بالحق -على أقل فيم نعتقد نحن- الرد بالحق على المخالف وبين الطعن، أنا لما قلت في هذه الفتوى وافق علي بلحاج الذي اتفق السلفيون جميعا مشايخ وطلبة على أنه على غير منهجنا صحيح أم لا؟ نحن برآء منه وهو بريء منا، ونعتقد أنه كان سببا في فساد عظيم في هذا البلد خلف دماء وأشلاء ويتم في أمتنا، عامله الله بما يستحق، حقيقة نقر بها، ونعترف بها، ولا نتشرف بأمثال هؤلاء لا أن يُنسبوا إلينا، ولا أن نُنسب إليهم، قلت في هذه المسألة وافق علي بلحاج قلتها ولما اعترض علي الجاهلون قلت هذه ليس فيها طعن لأنها حقيقة هذا الرجل خالفناه وتركناه لما ما استجاب لنصح إخوانه، وإخوانه نصحوه وعقدوا له مجلس وقالوا له: اتق الله في نفسك، اتق الله في نفسك، في أمة نبيك عليه الصلاة والسلام، ولا تزجها في فتنة لا يعلم شرها إلا الله، اترك الطعن في ولاة الأمور، أترك تهييج الدهماء والغوغاء من الناس، هذا باب شر عظيم، أبى على إخوانه، أبى على إخوانه، وقال لهم: ماذا أقول للناس؟ أنا هيجتهم والآن ماذا أقول لهم؟ مثلما قال صاحبه -غفر الله له قد أفضى إلى ما قدم- قال عقارب الساعة لا ترجع إلى الوراء يعني لا توجد مراجعة أبدا، لا يوجد عندهم محور تبديل السرعة إلى الخلف انتزعوه إلى أمام فقط، إلى الأمام بالشر، بالفساد، بالتقتيل، بكل شيء، نحن برآء من هذه الأعمال يا عباد الله، والله نحن برآء، نحن برآء إلى الله، هذا هو: نحن نبيِّن خطورة المآل، والرجل أصولي المُقَدَّسُ يعرف الفتوى –وهذه ربما من الفقه الذي لا يعلمه الكثير من الناس- الفتوى بالنظر إلى مآلات الأمور، أحيانا تعرف شيء وتعلم أن ذاك الشيء إذا قلته في الناس ينجم عنه شر عظيم، وإن كان ذاك الشيء حق أنا لا أقوله، أنا لا أقوله؛ أتريث حتى يتهيأ هؤلاء لمثل هذا، هذا عند العلماء والأئمة بالنظر إلى مآلات الأمور، هذا ليس بدعة أتينا به من عند أنفسنا، ألم تسمعوا قول الصحابي الجليل الملازم لرسول الله حافظ الصحابة بلا منازع أبو هريرة رضي الله تعالى عنه قال:" حفظت عن نبيكم وعاءين من العلم أما أحدهما فقد بثته" يعني: نشرته، "وأما الثاني لو بثته لقطع مني البلعوم" يؤدي إلى قتلي فسكت، ولا يوجد في هذا مضرة لأن هذا من الفقه الذي لا يعلمه إلا القليل، إلا أمثال هؤلاء، الشاهد هذا الذي يقصد هذا الجاهل، لما قلت: وافق علي بلحاج، إذن قولوا بربكم وأنتم طلبة علم تريدون الحق وتحرصون على معرفته والتزامه وتدعون ربكم جل وعلا صباح مساء:" اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه" أليس هذا من الحق؟، أجيبوا، إذا كان باطلا قولوا لي: باطل، عادي أتقبلها منكم، وأناقشكم وأغلبكم بإذن الله، قولوا: بلى، بلى وافق، حسنا؛ هذا صاحبه قال لما بيّنا خطأه وجنياته في السرقات العلمية قال مدافعا عنه بالباطل: قال هذه ليست سرقة علمية، لكنه وافق فيما ذهب إليه آل فراج، آل فراج هذا تكفيري جلد معروف، يا سبحان الله! يعني السيئة أصبحت حسنة؟ قالها لزهر كانت سيئة، قالها الملبس أصبحت حسنة؟ قولوا بربكم: يستقيم هذا؟ هذا ميزان عدل؟ إيه، من المفروض هؤلاء يستحيون على أنفسهم ويدخلوا دهاليزهم ولا خرجوا منها، انتهى فضح الأمر، انتهى يا هاذا ماذا بقي لكم؟ وما يزالون يطوفون ويتجولون ويفسدون مصرين لإسقاط هؤلاء، هذه دعوتهم الآن إسقاط إخوانكم الذين وقفوا بالحق، -والله لا نبغي من وقوفنا هذا لا محمدة الناس، ولا تزلفا للناس أبدا، والله نحتسب هذا عند ربنا-، وأنا قلتها في أول يوم قلت: نحن أولى بالدفاع عن الدكتور قبل غيرنا، نحن أولى بالدفاع، نحن ندافع عليه، لكن لما أظهر المخالفة، وتنكر لأصولنا ولمنهجنا، لا توجد محاباة في دين الله، ليس عندنا محاباة، قلناها لمن قبلنا، قلناها للعيد شريفي أيام كنا من ملازميه ومن الداخلين عليه في كل وقت وحين، وكنا نجله ونحترمه لبلائه في الدعوة، وجهده فيها، ولكن لما ظهر منه مخالفات صريحة وواضحة وتبنى الدفاع عن جماعة الحلبي وأضرابه والطعن في المشايخ والأئمة من مثل الشيخ ربيع وغيره قلنا له هذا فراق بيننا وبينك، نفس الأمر بالنسبة للرمضاني -هذا رفيق العمر صحبة طويلة دراسة مع البعض ودخول وخروج على بعضنا البعض- ولما نصحته، وأقمت عليه الحجة، وقلت له: اتق الله في نفسك يا أخي، أنت على غير سبيل الهدى، ركب رأسه وقال: لا أنتم على غير سبيل الهدى، أنتم تتابعون ذاك الغالي في التجريح والمفسد، في ربيع بن هادي المدخلي، ونحن في الحقيقة لا نحب هذه الادعاءات والنسب هذه، نحن لسنا أتباعا إلا للحق، إمامنا هو نبينا، وقدوتنا هو رسولنا، أنا لا تنسبني لأي أحد؛ لا للوهابي، ولا للمدخلي، الحمد لله عندنا ما هو أوسع وأحب وأولى نبي الهدى عليه الصلاة والسلام، لأن هؤلاء ما يستطيعون نسبتنا للنبي صلى الله عليه وسلم وحده؛ يفضحون، إذن نحن ماذا، إذن نحن ماذا؟ قولوا نحن أهل السنة، نبقى أهل السنة، تميزنا بهذا، ونعرف بهذا والسلام، يعني: على كل حال لو يسعني الوقت لقرأت لكم كلاما لشيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الباب.
    يعني هذا في النوع الثالث: من الأمور التي كانت موجودة ونحن ما قرأناها، ولا وقفنا عليها؛ السرقات العلمية أنا قرأت لمن كتب من الأول الصعافقة الأول ورددت عليه، وقلت هذه ليست –مما ذكره هو- ليست من السرقات، وبعد لما تثبتنا في الأمر وأعدنا المراجعة –عادي نحن ضعاف نعترف بهذه- وأعدنا المراجعة وقفنا على حقائق صادمة، تفهمون معنى صادمة؟ يعني تقريب في الأمور كلها في الفتاوى، في الرسائل، في التقريرات، عجيب، عجيب، فذكرنا هذا من باب إقامة الحجة على صاحبها، ومن باب بيان منزلته الحقيقية هذا لا شيء، هذا متشبع بما لم يعط "والمتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور" يقول النبي عليه الصلاة والسلام صحيح أم لا؟ هذه هي الحقيقة، كما قالها هو في غيره نقولها فيه، قال في غيره: ثبت في حقه السرقات العلمية -كان يسرق خطب برمتها والحمد لله الفضل بعد الله عز وجل يعود إلى بعض شبابنا هم الذين اكتشفوا هذا الأمر في موقع الإبانة يعني كان قبل "التصفية" والحمد لله لما رجعوا إلي وسألوني في هذا الأمر قلنا عادي هذا لا ينشر له شيء حتى يرجع يتوب نراسله إذا رجع اللهم بارك ما رجع.. راسلوه كابر وعاند- وحينها الدكتور كان معنا، وقال: لابد أن ينصح ولابد أن يعلن التراجع مكتوبا وإلا هو ساقط العدالة بهذا اللفظ، آه هكذا في غيرك وفي نفسك لا؟ قدسية هذه؟ إذا هذه قدسية أنت اصطنعتها أو اصطنعها لك أتباعك نحن لا نعتقدها، لا نعتقدها لا فيك، ولا فيمن هو أعلم منك بمفاوز، لا نعتقدها حتى في الأئمة، لا نعتقدها حتى في الصحابة رضي الله عنهم، وأمرنا أن ننزل الناس منازلهم، فمثل هذه الأمور نحن ما وقفنا عليها؛ لأننا ببساطة كنا نعمل حسن الظن، ولم يكن عندنا تلك المتابعة الدقيقة والقراءة المستمرة لكل ما يكتب صراحة -أنا أتكلم عن نفسي- لم أكن أقرأ كل ما يكتب، ولكن لما بان الأمر ووقفنا على هذه المخالفات اعتقدناها وبيَّناها، نحن لم تعط لنا الفرصة لمقابلته، وإلا كان هذا الأمر يكون بيننا بينه، مثل النصيحة لولي الأمر فليكن بيننا وبينه، لكن قال اغلقت الباب، ما دام اغلق الباب نحن هذه القنوات موجودة وندعوه من خلالها أن يراجع وأن يتراجع هذا أسلم له، وأرفع لقدره ومنزلته عند ربه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من تواضع لله رفعه" والتواضع هو الإذعان للحق إذا بان وظهر ونحن نعتقد أن هذا وقع، شيخ الإسلام ابن تيمية كان معجبا بابن عربي الزنديق الذي كفره بعد ذلك، ويقول هو قرأ له بعضا من كتبه وما زال يحسن به الظن وبعضها فيها ضلالات ولكن على جلالة قدره ما تفطن لها على جلالة قدره وسعة علمه حتى لقب بشيخ الإسلام ثم لما وقف على الفصوص كتاب الفصوص الذي فيه الكفر والزندقة حكم عليه بذلك، كان معجبا فأصبح محذرا مشنعا عليه فالحمد لله لنا سلف في هذا، وسلف له قدر وقيمة الذي هو شيخ الإسلام ابن تيمية هذا باختصار والله أعلم.
    الوجه السابع:
    كلام الشيخ عبد المجيد جمعة –حفظه الله- حول هذه الشبهة:

    - ومن الردود على هذه الشبهة ما قاله الشيخ الدكتور عبد المجيد جمعة حفظه الله في مقالته الأخيرة وهي الحلقة الثانية من "تهافت التهافت في كشف تلبيسات وفضح تمويهات إدارة موقع المعترض" حيث قال:"
    وأما ثناؤنا على المعترض سابقا؛ فقد كان حسب ما بدى لنا من ظاهره؛ وأمرنا: أن نأخذ بالظواهر، والله يتولى السرائر؛ وما أمرنا أن نشق قلبه، ولا نتتبع عورته؛ وإذا كان هناك لوم، وعتاب؛ فالأولى أن يسلط على من أخفى سريرته، ومنهجه طيلة عقود من الزمن؛ ثم سعى لإسقاط المشايخ، حتى يخلو له الجو لنشره، ونصره.
    والأخذ بظاهر أحوال الناس، وحسن الظن بهم؛ هو امر مشروع ومتفق عليه؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إني لم ومر أن أنقب على قلوب الناس، ولا أشق بطونهم".
    وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:" إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْىِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَإِنَّ الْوَحْىَ قَدِ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ، وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ، اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ، وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ" رواه البخاري (2541).
    وقال نافع:" كان ابن عمر إذا اشتد عجبه من ماله، قرّبه لربه. قال نافع: وكان رقيقه، قد عرفوا ذلك منه، فربما شمَّر أحدهم، فيلزم المسجد، فإذا رآه ابن عمر على تلك الحالة الحسنة: أعتقه. فيقول له أصحابه: يا أبا عبد الرحمن، والله ما هم إلا أن يخدعوك! فيقول ابن عمر: فمن خدعنا بالله، انخدعنا له" رواه أبو نعيم في "معجم الصحابة" (4298)، وفي "الحلية" (1/294).
    ولقد أحسن النبي صلى الله عليه وسلم الظن بالمنافقين، الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، وعفا عنهم لما جاؤوا ليعتذر لهم؛ فعاتبه ربع عز وجل، فقال:" عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43)" سورة التوبة.
    وقد أسن الظن كثير من الحفاظ النقاد ببعض شيوخهم، وبعض الرواة الضعفاء، والمتروكين –والحال: أن الأمر يتعلق بأحاديث المعصوم صلى الله عليه وسلم، وينبني عليها قواعد الإسلام، وأصول الإيمان، وتفاصيل الحلال والحرام- ولا أحد من أهل العلم لامهم، ولا عاتبهم، أو أنكر عليهم.

    فقد خفي حال إبراهيم بن أبي الليث عن الأئمة الثلاثة أركان الجرح والتعديل: أحمد، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني. قال صالح الجزرة:" إبراهيم بن أبي الليث: كان يكذب عشرين سنة، وقد أشكل أمره على يحيى، وأحمد وعلي بن المديني، حتى ظهر بعد بالكذب، فتركوا حديثه" رواه الخطيب في "تاريخ بغداد" (7/141).
    وكثير من النقاد كنا يوثق بعض الرواة، فإذا استبان لهم حالهم، تركهم؛ وهذا الأمر معلوم، مقطوع به، لا ينكره إلا من جهل هذا الفن.
    وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية كان يحسن الظن بابن عربي، وكان يثني عليه، لكن لما عرف حاله، تركه، وتكلم فيه، ورد عليه في غير موضع.
    قال في "مجموع الفتاوى" (2/ 464-465):
    " وَهَؤُلَاءِ مَوَّهُوا عَلَى السَّالِكِينَ: التَّوْحِيدَ - الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْكُتُبَ وَبَعَثَ بِهِ الرُّسُلَ - بِالِاتِّحَادِ الَّذِي سَمَّوْهُ تَوْحِيدًا وَحَقِيقَتُهُ تَعْطِيلُ الصَّانِعِ وَجُحُودُ الْخَالِقِ. وَإِنَّمَا كُنْت قَدِيمًا مِمَّنْ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِابْنِ عَرَبِيٍّ وَيُعَظِّمُهُ: لِمَا رَأَيْت فِي كُتُبِهِ مِنْ الْفَوَائِدِ مِثْلِ كَلَامِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ " الْفُتُوحَاتِ " " والكنة " " وَالْمُحْكَمِ الْمَرْبُوطِ " " وَالدُّرَّةِ الْفَاخِرَةِ " " وَمَطَالِعِ النُّجُومِ " وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَلَمْ نَكُنْ بَعْدُ اطَّلَعْنَا عَلَى حَقِيقَةِ مَقْصُودِهِ وَلَمْ نُطَالِعْ الْفُصُوصَ وَنَحْوَهُ وَكُنَّا نَجْتَمِعُ مَعَ إخْوَانِنَا فِي اللَّهِ نَطْلُبُ الْحَقَّ وَنَتَّبِعُهُ وَنَكْشِفُ حَقِيقَةَ الطَّرِيقِ فَلَمَّا تَبَيَّنَ الْأَمْرُ عَرَفْنَا نَحْنُ مَا يَجِبُ عَلَيْنَا. فَلَمَّا قَدِمَ مِنْ الْمَشْرِقِ مَشَايِخُ مُعْتَبَرُونَ وَسَأَلُوا عَنْ حَقِيقَةِ الطَّرِيقَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَالدِّينِ الْإِسْلَامِيِّ وَحَقِيقَةِ حَالِ هَؤُلَاءِ: وَجَبَ الْبَيَانُ. وَكَذَلِكَ كَتَبَ إلَيْنَا مِنْ أَطْرَافِ الشَّامِ: رِجَالٌ سَالِكُونَ أَهْلُ صِدْقٍ وَطُلِبَ أَنْ أَذْكُرَ النُّكَتَ الْجَامِعَةَ لِحَقِيقِيَّةِ مَقْصُودِهِمْ" انتهى.
    كما أن كثيرا ممن كان ينتسب إلى العلم، وكان على اعتقاد صحيح، ومنهج سليم؛ ثم لعبت بهم الأهواء، فأخذتهم ذات يمين وذات شمال؛ وأضلتهم عن الصراط المستقيم، كالكرابيسي، الذي كان على اعتقاد أهل السنة، ثم لعبت به الأهواء، فأتى ببدعة اللفظية.
    وعبد الله القصيمي الذي لقب بشيخ الإسلام في وقته، ودافع عن الإسلام الصحيح؛ فكان يرد على العلمانيين، والملحدين، ثم عصفت به الأهواء، فارتد عن دينه، وكتب كتابه المعروف:" هذي هي الأغلال" الذي هاجم فيه على الإسلام، وعقائده، وشرائعه.
    فانبرى له الشيخ العلامة السعدي، ورد عليه في كتابه:" تنزيه الدين وحملته ورجاله مما افتراه القصيمي في أغلاله".
    وغيرهما كثير.
    لهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه، قال:" لا يقلدن أحدكم دينَه رجلا، فإن آمن آمن، وإن كفر كفر، وإن كنتم لابد مقتدين، فاقتدوا بالميت، فإن الحي لا يؤمن عليه الفتنة" أخرجه الطبران في "الكبير" (9/152)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد" (1/104)، وأبو نعيم في "الحلية" (1/136).
    الشبهة الثامنة: نحن متوقفون:
    ومن الشبهات التي يثيروها بعضهم ويتكلم بها جملة منهم حينما يواجهون بالأدلة الكثيرة التي تدين الدكتور وتبين حقيقته التي كان يخفيها على الخواص والجمهور: نحن متوقفون في المسألة، ويظنون أن هذا الكلام منهم ينفعهم وهذا الادعاء من فضائلهم ومميزاتهم؛ والحقيقة التي تعمى عنها قلوبهم ولا تدركها عقولهم أنهم كما هو واضح من حالهم وكما يراه السلفيون فيهم: لا يخلو أمرهم من أحد حالين:
    الأولى: أنهم مع الدكتور ويؤيدونه على منهجه، ويوافقونه على مذهبه؛ ولكنهم إذا لقوا السلفيين يتظاهرون أمامهم بالحيادية، وعدم نصرة طائفة معينة، من أجل أن يتمكنوا منهم، فيلقوا الشبهات عليهم، ولذلك يبدأ أمثال هؤلاء بقول أحدهم: أنا محايد؛ ثم سرعان ما يتلو على مسامعك من شبهات القوم ما يدل على أنه غارق في أوحالهم، مكبل بسلاسلهم، وهذا ليس هو حال المحايد؛ لأن المحايد هو الذي لا يسمع لأحد الطرفين، ولا يطلع على كلام إحدى الطائفتين، وإذا جاءه أحد من الخصمين أبى أن يسمع له، ويطلع على ما عنده، ولو وُجد هذا الصنف فهو المحايد المتوقف حقيقة، ولكنه يكون مذموما قطعا؛ لأن حياده عند افتراق الناس إلى محق ومبطل، يدل على عدم عنايته بمعرفة الحق من الباطل، وهذا شيء مذموم غير محمود.
    الثانية: أنهم جبناء، ومن جبنهم وخورهم لا يريدون مواجهة طائفة من الطائفتين، ولا فرقة من الفرقتين، فتراهم يمسكون العصا من الوسط، وإن كانت قلوبهم مائلة مع أهل الشطط.
    وعلى كلٍّ الجواب على هذه الشبهة من وجوه:
    الوجه الأول:مَنْ مِنْ أهل العلم أفتاكم بالعمل بموقفكم هذا، واتخاذه في هذه النازلة التي نزلت بكم وبغيركم؟ فإن كان لكم عالم قال بهذا فسموا لنا رجالكم؟ وإن لم يكن لكم عالم فلن تخرجوا عن كونكم متبعين لجاهل من الجهال ولو ظننتموه ذا دراية وعلم، وفقه وفهم؛ لأنه لو كان عنده بعض ما تدعونه فيه لدرس المسائل بدلائلها، واتخذ الموقف الشرعي منها، ثم نصح إخوانه بما يلزمهم في دينهم، وينفعهم عند ربهم، ولكن هيهات أن يقع ذلك من جاهل جبان، نخب مُنْتَزَعِ الجنان.
    الوجه الثاني:أقول لهؤلاء المتوقفين: هل توقفكم هذا كان بعد دراسة الأدلة على المسائل التي أنكرت على الدكتور أم أنكم توقفتم دون دراسة لها ولا تعرف عليها؟ فإن كانت عن دراسة فما هو الشيء الذي وجدتموه فيها ودعاكم للتوقف عن الأخذ بها؟ هل توقفكم كان بسبب عدم ثبوت الأخطاء عليه عندكم مع أنها مذكورة بمصادرها محالة على مواضعها أم أن سبب ذلك هو في اعتقادكم عدم مخالفتها للحق مع ثبوتها؟ أذكروا لنا حقيقة موقفكم؟ أما إذا كان توقفكم لأنكم لم تدرسوها ولم تتعرفوا عليها فهذا لا يكون إلا من غلوكم وتقديسكم وخوفكم من الاطلاع على الأدلة التي تصدمكم وتلزمكم باتخاذ الموقف الذي يجب عليكم؟ وهذه طريقة كل مبطل يُدعى إلى الحق أنه لا يريد سماع الأدلة حتى لا تؤثر فيه وما مثلهم في هذا إلا كمثل من قال الله فيهم:" وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26)" سورة فصلت. ومن قال فيهم:" وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (72)" سورة الحج. ومن قال فيهم:" وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7)" سورة نوح.
    وهنا أقول حتى لا يُلبس بعض الملبسين على كلامي كما لبس من قبل على بعض ما قلته: اعلموا رحمكم الله أنني أخاطب هنا كل من يَدَّعِي أنَّه يأخذ الحق بدليله وأنه لا يقلد أحد في دينه وأنه يميز بين الحق والباطل إذا عرضت عليه أدلته وبراهينه وحججه، ولا أخاطب من لا علم له ولا مقدرة لديه ممن هو منقاد لكل من وثق به وأحسن الظن فيه، وبالمناسبة أن المدعي للمنزلة الأولى -من عدم التقليد واتباع الدليل- كثر وهم من يقود أصحاب المنزلة الثانية، ولذلك فهذا الكلام موجه لهم وعليهم أن يثبتوا حقيقة ما يدعونه في أنفسهم.
    الوجه الثالث: أنه لا يمكن بعد تبيُّن الأمور وانجلاء المسائل وبروز الدلائل أن يبقى العبد متوقفا، لا يتخذ موقفا؛ لأنه في هذه الحال يكون ملزما بلزوم الحق وعدم الحيد عنه، فإذا قال أنا أتوقف أو أقف حياديا فهذا معناه أنه يحيد عن الحق ويخذله، ويسالم الباطل ولا يعاديه، وهذا من أعظم المنكرات وأشنع المواقف الهزيلات، وانظر في كلام أحد أئمتنا وكبار علمائنا وهو الإمام العلامة ابن باز رحمه الله إذ يقول وهو يتحدث عن الفتن كما في "مجموع فتاوى" ج6 ص87-88:" فالمقصود أن هذا عند خفاء الأمور وعند خوف المؤمن على نفسه يجتنبها، أما إذا ظهر له الظالم من المظلوم والمبطل من المحق فالواجب أن يكون مع المحق ومع المظلوم ضد الظالم وضد المبطل، كما قال صلى الله عليه وسلم:" انصر أخاك ظالما أو مظلوما قيل يا رسول الله كيف أنصره ظالما؟ قال تحجزه عن الظلم فذلك نصره" أي منعه من الظلم هو النصر".
    إذن فنصرة المحق على المبطل واجب على كل مسلم بعد تبين الحق بدلائله وانجلائه ببراهينه، والمتتبع لهذه الفتنة يعلم أنها صارت واضحة بينة لمن لم يكن من أهل التقديس والعصبية أو المصالح الشخصية أو المكاسب الدنيوية.
    الوجه الرابع: ثم يقال لهؤلاء: هل هذا الموقف الذي اتخذتموه وتدعونه، والمسلك الذي تسيرون عليه وتتبعونه هو موقفكم مع كل خلاف وقع وأدركتموه؟ ومع كل فتنة حصلت ومرت وكانت وانتهت؟ فإن كان جوابكم –وليس لكم غيره- هو: لا، لم يكن هذا موقفا لنا، ولا مسلكا من مسالكنا، قيل لكم: فما الذي تغير في هذه الفتنة، وتبدل عند نزول هذه المحنة؟ فالمسائل اليوم ودلائلها أكثر وأشهر وأبرز وأظهر، وتمايز الطائفتين أصرح وأوضح:
    فطائفة الدكتور موقفها أضعف وأخطاؤه التي أدين بها لا ينكرها إلا غالي منحرف أو مجنون مخرف وليس معه أحد من أهل العلم يؤيده ويناصره ويدافع عنه ويذود عن حياضه.
    أما السلفيون والحمد لله فأدلتهم أكثر وأظهر والعلماء معهم ويوافقونهم على موقفهم ويؤيدونهم في كلامهم وأحكامهم.
    الوجه الخامس: الدكتور حاول أن يغير منهج السلف الصالح وقد صرح بهذا حينما زعم أنه يصحح المسار أي الطريق والمنهاج، ألم يخطر ببالكم أيها المتوقفة أنه يَدَّعِي على علمائنا وأئمة دعوتنا أنهم منحرفون، وما يدعون إليه من منهج ليس هو منهج أهل الحق الذي كان عليه سلفنا الصالح، ودعا إليه نبينا بقوله الصريح الواضح؟.
    ألم يطرق سمعكم، ولم تقع أبصاركم على وصفه بالمجدد، وتصريح أحدهم أن التجديد الذي يقوم به هو تجديد السلفية ذاتها، والقيام بإصلاح جذري فيها؟ ويتمثل ذلك في مقارعة الحزبية التي دخلتها والقواعد الباطلة المحدثة التي ولجت إليها في التعامل مع أمور معينة ومسائل محددة وهي:
    المخالفين
    ولاة الأمور
    العلماء
    ومسائل عقدية عديدة..
    وهذا الذي صرح به أحد المتعصبين له والغلاة فيه هو حقا ما يقوم الدكتور به وبيانه:
    فأما في معاملة المخالفين فتجديده هو بأخذ تأصيلاتهم وقواعدهم وعقائدهم ومناهجهم التي يرى أنها من السنة التي تنكبها علماء السنة، وتركها فقهاء الملة؛ فهو يأخذ عنهم، بل ويسطو على كتبهم وينهل منها، ويغرف من مستنقعاتها كما هو مشهور عنه اليوم، ثم ينسب ذلك لمنهج السلف، ويضيفه إلى بعض علماء الأمة كذبا عليهم، ومحاولة لإمراره بين السلفيين وترسيخه فيهم.
    وأما في معاملة ولاة الأمور فتجديده بالدعوة إلى الإنكار العلني عليهم، وتخطئة منهج علمائنا الذين لا يجيزون ذلك في غيبتهم، ويرون أن الإنكار عليهم إنما يكون في السر وبضوابطه الشرعية، وقد قال أحد الغلاة من أتباعه والداعين لمنهجه ومذهبه:" أوضح معلم من معالم تجديد العلامة فركوس؛ فتواه في قضية الإنكار العلني كسرت الصورة النمطية المحدثة المبتدعة من بعض شيوخ السوء أدعياء السلفية حول العلاقة بين الراعي والرعية". كما يكون تجديده بالتدخل في أمور ولاة الأمور مما هو من مهامهم ومسؤولياتهم وكل هذا مشهور عنه منشور من أقواله وتقريراته.
    وأما في معاملة العلماء فبالانتقاص منهم، والتشهير -عند المخالفة- بهم، وتأليب السفهاء والغوغاء عليهم، بل والتصريح بالطعن في أئمتهم ومقدميهم؛ كما وقع له مع الإمام الألباني رحمه الله، وقد تقدم نبذة عن معاملتهم لهم.
    وأما في مسائل عقدية عديدة فتجديده فيها بكسر الحاجز بين أهل السنة والمخالفين لهم؛ ولذلك فهو يأخذ عن الأشاعرة تعريفاتهم، ويعلن بمخالفته لأئمة الدين في أمور من المنهج والعقيدة هكذا دون تعيين لها كما صرح في الصوتية التي سئل فيها عن الإمام الألباني رحمه الله.
    إذن السلفية التي يدعوا علماؤنا لها، ويحاولون إصلاح المجتمعات -بل والدنيا- بها؛ مدخولة عند هؤلاء قد اندرست كثير من معالم الحق فيها، وتفشت الحزبية والقواعد الباطل المحدثة بين جنباتها؛ والدكتور يحاول إصلاحها.
    ألم تتنبهوا إلى الآن أن الدكتور يحاول تغيير منهجكم، ويقدح في علمائكم، وهو يعمل على ذلك منذ زمن، وسيظهر أمره بإذن الله أكثر وأكثر، والحمد لله أن قام علماؤنا يقفون في وجه مشروعه، ويحذرون من شره، وبهذا يحفظ اللهُ سبحانه دينه، ويعلي كلمته، ويخذل من تنكب الصراط المستقيم، والطريق القويم، ولن يضر دينَ الله الحَقَّ أحد من الناس مهما كانت منزلته، وعلت في الأمة رتبته، ولقد حاول هذا الكثيرون فرجعوا بخفي حنين خائبين والحمد لله رب العالمين.
    فهل هذ التجديد وتصحيح المسار هو تصحيح للمنهج السلفي أم هو دعوة للمنهج السروري الخلفي؟
    ولذلك أقول لمن بقيت فيه بقية من السلفية ولم تغلب عليه إلى الآن نزعة التقديس والعصبية: أفيقوا من نومكم، واستيقظوا من رقدتكم، وفروا بدينكم، وتمسكوا بقواعد منهجكم، والزموا غرز علمائكم؛ قبل أن تسلب السلفية من قلوبكم، وتصبحوا كغيركم ممن كان على السلفية وانحرف عنها من أجل مُعَظَّمٍ عنده، فهم الآن مع معظميهم ومقدَّسيهم ولن يغنوا عنهم من الله شيئا يوم بعثهم ونشورهم.
    وأخيرا وبعد كل هذا أقول: فما هو عذر من تنكب الحق ولم يسر عليه وتركه وادعى أنه متوقف فيه؟
    والخلاصة:






    هذه جملة من الشبهات العامة التي يثيرونها ويحاولون رد الحقائق بها، وهناك شبه أخرى خاصة بمسائل معينة أيضا يثيرونها ويروجون لها؛ ومنها: جملة من الشبهات الواهيات، والتلبيسات المفضوحات؛ التي أثارها أسامة العتيبي –هداه الله- نصرة لوجهة نظره التي يدعو إليها، ودفاعا عن رؤيته التي لا يرى غيرها ولذلك يحاول تعميمها وإلزام السلفيين بها، ولو قال علماء آخرون بخلافها ممن هم أعلم منه وأكثر، ومكانتهم أعظم وأشهر، وهذه أخصص لبعضها -إن شاء الله- المقالة القادمة، بيانا لحالها وحال المتكلم بها وقطعا على الصعافقة طريق الاحتجاج بها لعل بعضهم يبصرون وعن شرودهم يعودون وبالحق الظاهر بدلائله يتمسكون، والله من وراء القصد وهو يهدي إلى سواء السبيل.
    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع أثره إلى يوم الدين.
    وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
    وكتبه: أبو عبد السلام عبد الصمد بن الحسين سليمان
    يوم الثلاثاء: 13 جمادى الأولى 1444هـ
    06 / 12 / 2022م
    [1]- لقد راسلته والحمد لله في أول الأحداث وبعد صدور بيانه شهادة للتاريخ برسالة موجودة عندي عن طريق أحد أصدقاء صهره وبلغته وأبى أن يقرأها قائلا من كانت عنده استشكالات فليعرضها بعد عودة المجالس التي يعقدها.

    [2]- قال العلامة ربيع حفظه الله في الحاشية: أي سقط حديثه كله.

    [3]- قال العلامة ربيع حفظه الله ورعاه في الحاشية: يعني ابن الصلاح أي أن ابن الصلاح لا يرى سقوط حديث كل من لم يرجع عن خطئه إلا المعاندين فإنه يرى سقوط حديثهم كله.


    [4]- طبعة دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع تحقيق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله.

    [5]- طبعة دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع تحقيق: عبد الرحمن بن حسن بن قائد وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله.

    [6]- السؤال1/ هل يشترط في تبديع من وقع في بدعة أو بدع أن تقام عليه الحجة لكي يبدع أولا يشترط ذلك.
    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ابتع هداه أما بعد:
    فالمشهور عن أهل السنة أنه من وقع في أمر مكفر لا يكفر حتى تقام عليه الحجة.
    أما من وقع في بدعة فعلى أقسام:
    القسم الأول: أهل البدع كالروافض والخوارج والجهمية والقدرية والمعتزلة والصوفية القبورية والمرجئة ومن يلحق بهم كالأخوان والتبليغ وأمثالهم فهؤلاء لم يشترط السلف إقامة الحجة من أجل الحكم عليهم بالبدعة فالرافضي يقال عنه: مبتدع والخارجي يقال عنه: مبتدع وهكذا، سواء أقيمت عليهم الحجة أم لا.
    القسم الثاني: من هو من أهل السنة ووقع في بدعة واضحة كالقول بخلق القرآن أو القدر أو رأي الخوارج وغيرها فهذا يبدع وعليه عمل السلف.
    ومثال ذلك ما جاء عن ابن عمر -رضي الله عنه- حين سئل عن القدرية قال:" فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني" رواه مسلم.
    قال شيخ الإسلام رحمه الله في درء تعارض العقل والنقل (1/254):" فطريقة السلف والأئمة أنهم يراعون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع والعقل. ويرُاعون أيضاً الألفاظ الشرعية، فيعبرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيلا. ومن تكلم بما فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه. ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقا وباطلا نسبوه إلى البدعة أيضا، وقالوا: إنما قابل بدعة ببدعة وردَّ باطلا بباطل".
    أقول: في هذا النص بيان أمور عظيمة ومهمة يسلكها السلف الصالح للحفاظ على دينهم الحق وحمايته من غوائل البدع والأخطاء منها:
    1- شدة حذرهم من البدع ومراعاتهم للألفاظ والمعاني الصحيحة المعلومة بالشرع والعقل، فلا يعبرون -قدر الإمكان- إلا بالألفاظ الشرعية ولا يطلقونها إلا على المعاني الشرعية الصحيحة الثابتة بالشرع المحمدي.
    2- أنهم حراس الدين وحماته، فمن تكلم بكلام فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه. ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقاً وباطلاً نسبوه إلى البدعة ولو كان يرد على اهل الباطل، وقالوا إنما قابل بدعة ببدعة أخرى، ورد باطلا بباطل، ولو كان هذا الراد من أفاضل أهل السنة والجماعة، ولا يقولون ولن يقولوا يحمل مجمله على مفصله لأنا نعرف أنه من أهل السنة.
    قال شيخ الإسلام بعد حكاية هذه الطريقة عن السلف والأئمة:" ومن هذا القصص المعروفة التي ذكرها الخلال في كتاب " السنة" هو وغيره في مسألة اللفظ والجبر".
    أقول: يشير - رحمه الله تعالى- إلى تبديع أئمة السنة من يقول:" لفظي بالقرآن مخلوق" لأنه يحتمل حقاً وباطلاً، وكذلك لفظ "الجبر" يحتمل حقاً وباطلاً ، وذكر شيخ الإسلام أن الأئمة كالأوزاعي وأحمد بن حنبل ونحوهما قد أنكروه على الطائفتين التي تنفيه والتي تثبته.
    وقال رحمه الله:" ويروى إنكار إطلاق "الجبر" عن الزبيدي وسفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم.
    وقال الأوزاعي وأحمد وغيرهما:" من قال جبر فقد أخطأ ومن قال لم يجبر فقد أخطأ بل يقال إن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء ونحو ذلك.
    وقالوا ليس للجبر أصل في الكتاب والسنة وإنما الذي في السنة لفظ -الجبل- لا لفظ الجبر؛ فإنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأشج عبد القيس:" إن فيك لخلقين يحبهما الله: الحلم والأناة فقال: أخلقين تخلقت بهما أم خلقين جبلت عليهما؟، فقال:" بل جبلت عليهما"، فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله".
    وقالوا إن لفظ "الجبر" لفظ مجمل.
    ثم بيّن أنه قد يكون باعتبار حقاً وباعتبار باطلاً، وضرب لكل منهما مثالاً.
    ثم قال:" فالأئمة منعت من إطلاق القول بإثبات لفظ الجبر أو نفيه، لأنه بدعة يتناول حقاً وباطلاً".
    وقال الذهبي رحمه الله:" قال أحمد بن كامل القاضي: كان يعقوب بن شيبة من كبار أصحاب أحمد بن المعذل، والحارث بن مسكين، فقيهاً سرياً، وكان يقف في القرآن.
    قال الذهبي قلت: أخذ الوقف عن شيخه أحمد المذكور، وقد وقف علي بن الجعد، ومصعب الزبيري، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وجماعة، وخالفهم نحو من ألف إمام، بل سائر أئمة السلف والخلف على نفي الخليقة على القرآن، وتكفير الجهمية، نسأل الله السلامة في الدين.
    قال أبو بكر المروذي: أظهر يعقوب بن شيبة الوقف في ذلك الجانب من بغداد، فحذر أبو عبد الله منه، وقد كان المتوكل أمر عبد الرحمن بن يحيى بن خاقان أن يسأل أحمد بن حنبل عمن يقلد القضاء، قال عبد الرحمن: فسألته عن يعقوب بن شيبة، فقال: مبتدع صاحب هوى.
    قال الخطيب: وصفه بذلك لأجل الوقف" السير (12/478).
    وقدم داود الأصبهاني الظاهري بغداد وكان بينه وبين صالح بن أحمد حَسنٌ، فكلم صالحاً أن يتلطف له في الاستئذان على أبيه، فأتى صالح أباه فقال له: رجل سألني أن يأتيك. قال: ما اسمه؟. قال: داود. قال: من أين؟ قال: من أهل أصبهان، قال: أيّ شيء صنعته؟ قال وكان صالح يروغ عن تعريفه إيَّاه، فما زال أبو عبد الله يفحص عنه حتى فطن فقال: هذا قد كتب إليّ محمد بن يحيى النيسابوري في أمره أنه زعم أن القرآن محدث فلا يقربني. قال: يا أبت ينتفي من هذا وينكره، فقال أبو عبد الله: محمد بن يحيى أصدق منه، لا تأذن له في المصير إليَّ. [تاريخ بغداد ( 8/374 )].
    القسم الثالث: من كان من أهل السنة ومعروف بتحري الحق ووقع في بدعة خفية فهذا إن كان قد مات فلا يجوز تبديعه بل يذكر بالخير، وإن كان حياً فيناصح ويبين له الحق ولا يتسرع في تبديعه فإن أصر فيبدع.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:" وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة، إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة، وإما لآيات فهموا منها ما لم يرد منها، وإما لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم، وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله :" ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، وفي الحديث أن الله قال:" قد فعلت"، وبسط هذا له موضع آخر"[معارج الوصول ص:43].
    وعلى كل حال لا يجوز إطلاق اشتراط إقامة الحجة لأهل البدع عموماً ولا نفي ذلك والأمر كما ذكرت.
    فنصيحتي لطلاب العلم أن يعتصموا بالكتاب والسنة وأن ينضبطوا بمنهج السلف في كل ناحية من نواحي دينهم، وخاصة في باب التكفير والتفسيق والتبديع حتى لا يكثر الجدال والخصام في هذه القضايا.
    وأوصي الشباب السلفي خاصة بأن يجتنبوا الأسباب التي تثير الأضغان والاختلاف والتفرق الأمور التي أبغضها الله وحذّر منها، وحذّر منها الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- والصحابة الكرام والسلف الصالح، وأن يجتهدوا في إشاعة أسباب المودّة والأخوة فيما بينهم الأمور التي يحبها الله ويحبها رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
    كتبه
    ربيع بن هادي عمير المدخلي
    في 24/رمضان/1424هـ

  • #2
    بارك الله فيك أخي عبد الصمد وسلمت يمينك وجعلها في ميزان حسناتك

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا أخي الفاضل

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا وبارك فيكم ونفع بكم أخي عبد الصمد
        لقد أسمعت لو ناديت حيا ... ولكن لا حياة لمن تنادى
        ونارا لو نفخت لقد اضاءت ... ولكن أنت تنفخ في رماد
        نسأل الله أن يردهم إلى الحق ردا جميلا

        تعليق


        • #5
          ماشاء الله والله الحق عليه نور والحمد لله كل يوم ما نزداد الا يقينا انهم على باطل . وحسبنا الله ونعم الوكيل . جزاك الله خيرا اخ الفاضل عبد الصمد , وفقت ايما توفيق احسنت احسن الله اليك

          تعليق


          • #6
            جزاك الله خيرا ونفع بما تكتب

            تعليق


            • #7
              بارك الله فيك أخي عبد الصمد وجزاك الله خيرا

              تعليق


              • #8
                جزاك الله خيرا أخي عبد الصمد وأحسن الله اليك

                تعليق


                • #9
                  "الردّ الـمفرد على شبهات الصّعافقة الـجدد" ملف جاهز بصيغة الوورد لـمن يودّ طباعته.
                  الملفات المرفقة

                  تعليق


                  • #10
                    جزاك الله خيرا

                    تعليق


                    • #11
                      جزاك الله خيرا وبارك فيك ونفع بك
                      وأسأل الله العليم الخبير أن يرزقناجميعا الإخلاص في القول والعمل والسر والعلن
                      وأن يرد من ضل إلى جادة الصواب

                      تعليق


                      • #12
                        جزاك الله خيرا و بورك فيكم.

                        تعليق


                        • #13
                          وإياكم إخواني الكرام جميعا وبارك الله فيكم ونفع بكم وجمعنا دائما وأبدا على طاعته سبحانه، هذا أولا.
                          وثانيا: من باب التنبيه فقد أضفت إلى المقالة جملة إضافات:
                          الأولى: أضفت في آخر الشبهة الأولى تنبيها أراه مهما لأن فيه الرد على شبهة جديدة متعلقة بالشبهة الأصلية وهي قولهم "يريدون إسقاطه" أثارها العتيبي.
                          الثانية: أضفت في الوجه الثاني على الشبهة السابعة كلاما جديدا للشيخ عبد المجيد جمعة حفظه الله لتعلقه به.
                          الثالثة: أضفت الكلام والرد على شبهة كنت نسيتها وهي ادعاء بعضهم أنهم متوقفون وهي الشبهة الثامنة فمن شاء راجع هذه المواطن التي أضفتها أو استدركتها.
                          والله الموفق لا رب لنا سواه.
                          وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

                          تعليق

                        الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
                        يعمل...
                        X