إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

البراهين الجلية على غلو الدكتور فركوس في مسألة الحاكمية وموافقته للنحلة السرورية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • البراهين الجلية على غلو الدكتور فركوس في مسألة الحاكمية وموافقته للنحلة السرورية

    بسم الله الرحمن الرحيم


    البراهين الجلية
    على غلوّ الدّكتور فركوس في مسألة الحاكميّة
    وموافقته للنّحلة السّروريّة
    ـــ . ـــ


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه أما بعد:
    تنبيه مهم:
    اقرأ البحث إلى آخره، ثم احكم بعدل وإنصاف عليه.
    واحذر أن تكون ممن يعيش بعقل غيره، ويُرَدِّدُ كلَّ كلام يُملى عليه، دون أن يتأكد بنفسه، ومع ذلك يظن أن هذا التصرف يكفيه، وينفعه عند ربه.
    اللهمّ قد بلّغت اللّهمّ فاشهد.

    بعد هذا التنبيه المهم أقول وبالله التوفيق:
    لقد تقدم في المقالة السابقة التي كانت في السرقات العلمية ذكر القاعدة التي يجب أن يتبناها السّلفيّون ويعتمدها السّنيّون فيما يتعلّق بالانتقادات الموجّهة للشّخص المعيّن من كلام العلّامة ربيع ابن هادي -حفظه الله ورعاه- وخلاصتها:
    أنه إذا تُكلم في شخص يتصرف السلفي كالآتي:
    أولا: يأخذ أقوال النّاقدين ويتفهّمها.
    ثانيا: يتأكّد من ثبوتها.
    ثالثا: إذا تبيّن الأمر له يحكم من منطلق الوعي والقناعة لا تقليدا ولا تعصّبا لأحد من النّاس.
    ومن فعل هذا أخرج نفسه من زمرة المتعصبين للباطل ومفهومه أنه إذا لم يفعل كان من زمرتهم ومن الواقعين في باطلهم".
    ومن الانتقادات التي وجهت للدكتور -أصلحه الله- مسألة الحاكمية والتي قرر أنها جوهر التوحيد؛ الكلمة التي افترق الناس فيها بين راد ومدافع، ومتهم ومبرئ؛ فأردت أن أعرف حقيقتها فأجريت هذه الدراسة المتواضعة عليها والتي كانت كالتالي: بالنظر ابتداء إلى أدلة ثبوتها، ثم بتمحيصها وهل هي دالة على مخالفته لأهل السنة فيما قرره فيها، ثم بجمع أقوال العلماء والمشايخ وما حكموا به عليه بسببها، ثم بالتدبر في أجوبته التي أجاب بها على بعض الانتقادات الموجهة إليه وهل هي أجوبة مقنعة قوية أم ضعيفة واهية، ثم ما هي الشبهات التي أثيرت من قبل بعض أتباعه لرد سهام الحق التي أصابت شيخهم بسببها، فأقول مستعينا بالله سبحانه متوكّلا عليه وحده لا شريك له:

    مسألة الحاكمية التي أُنكرت على الدكتور محمد علي فركوس -أصلحه الله-:

    اعلم رحمك الله أن مسألة "الحاكمية هي جوهر التوحيد" هذه الكلمة التي انتقدت على الدكتور فركوس -سلمه الله ووفقه للرجوع عن أخطائه- والتي أنكرها وحاول في المقالة الأخيرة "الجواب على محرف عبارة (مخالفة صريحة لجوهر التوحيد)" أن يتنصل منها، هي مسألة ثابتة عليه، محققة من قوله ومنهجه، لا يمكنه إنكارها، ولا يسعه التنصل منها، وليس له طريق سليم تجاهها؛ إلا أن يتوب لله سبحانه من وقوعه فيها، وقد ثبتت عنه -أصلحه الله- في مقالة "التنبيه والإشادة" حيث قال -سلمه الله-:
    " فهذه التشريعات الوضعية التي يحكمون بها ويتحاكم المسلمون إليها ويرضون بحكمها فهي -بلا شك- منازعة لله في حق الأمر والنهي والتشريع بغير سلطان من الله، ومخالفة صريحة لجوهر التوحيد، وتمرد على حقيقة الإسلام التي توجب على عباد الله القبول والانقياد والاستسلام لدين الله تعالى".
    إذن التشريعات الوضعية هي مخالفة صريحة لجوهر التوحيد، وإذا أردت أن تعرف أن كلامه موافق للكلمة التي أُدين بها، وأنه وافق أهل الأهواء فيها، فأجب على السؤال التالي: ما هو الأمر الذي تخالفه التشريعات الوضعية؟ قطعا تخالف التشريعات الإلهية، وهي ما اصطلح عليه باسم الحاكمية، فعلى هذا هي مخالفة صريحة للحاكمية، وحينئذ تكون الحاكمية هي جوهر التوحيد في كلام الدكتور -سلمه الله- فالكلام واضح لا إشكال فيه.
    - قال الشيخ محمد تشلابي -حفظه الله- بعد نقله لهذا الكلام:
    قلت: ومثل هذا الكلام، فإن السلفي البصير لا يرتاب لحظة في بطلانه، مع اعتقاد خطورته لاشتماله على مناقضة تامة لبعض أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، ويظهر ذلك في نقطتين:
    الأولى: أنه جعل "الحكم بغير ما أنزل الله" مخالفة صريحة لـ "جوهر التوحيد" ونحن نعترض بشدة ونقول: إن ذلك مخالف لنوع من التوحيد فقط، وليس لـ "جوهره" الذي هو توحيد العبادة، ونطالب الشيخ بإثبات عكس ذلك من كتب السلف ودواوينهم المنتشرة في مشارق الأرض ومغاربها، مع ذكر من سبق إلى هذا القول ممن يعتد بقولهم من العلماء الربانيين!!..." اهـ.
    وبالمناسبة أن الدكتور فركوسا -سلمه الله- في مقالته الأخيرة "الجواب على محرف عبارة (مخالفة صريحة لجوهر التوحيد)" التي كتبها للدفاع عن نفسه، ومحاولة الاستدلال لهذه الكلمة التي أنكرت عليه؛ لم يكن دفاعه مؤسسا على البراهين والأدلة، ولا رده مبنيا على مقارعة الحجة بالحجة، ومن ذلك أنه لم يجب على تساؤلات الشيخ تشلابي -حفظه الله- هذه، ولا رد على إلزاماته؛ وإنما دار كلامه على أمور هي:
    الأولى: الطعن في المنتقد له، والمنكر هذه الكلمة عليه؛ بأنه حرف الكلمة عن معناها، وفسرها على غير وجهها، وأن فاعل هذا رجل مهين رقيق الدين، وغير ذلك من الطعونات والأحكام المغلظة.
    الثانية: أن الداعية الراد: إما أنه لم يطلع على العبارة، أو لم يقرأ المقال من مصدره ومعينه، وإما أخذه من أفواه المغرضين الشانئين والمتربصين، وإما أن يكون قرأه بنقص في علمه، وقصور في فهمه؛ فعابه وبنى طعوناته الكاذبة عليه، وإما قرأه متصيدا ما يحسبه في ظنه أنه يمكنه أن يلفق مطعنا يروج على الأغرار والأغمار.
    الثالثة: أن الحكم لله وحده سبحانه وتعالى لا يشركه فيه غيره.
    الرابعة: الشبهة التي ذكرها، وتعلق بها، وأراد أن يبرر لنفسه بإيرادها، وهي: كلام الإمام ابن القيم الذي نقله وكرره، وذكر في الأول ملخصه؛ وهو قوله:" وقد وصف ابن القيم رحمه الله هذه المقامات الثلاثة: أن لا يتخذ سواه ربا، ولا إلها، ولا غيره حكما، بأنها أركان التوحيد...".
    ولو أنه أجاب على سؤال الشيخ محمد تشلابي -حفظه الله- لكان أنفع له، ولقراء كلامه، ولكن شيئا من ذلك لم يكن، فأنى له أن يُقنع بصحة كلامه طلابَ العلم فضلا عن علمائهم؟ والله المستعان.
    أما كلامه في هذه المقالة الأخيرة فسيأتي التعليق عليه في حينه، وبيان ضعفه ووهائه، وأنه أقر بما انتقد عليه، ولم يستطع التدليل على ما أقر به، فضلا عن الدفاع عنه وتثبيته، فترقبه.
    أما الآن فإلى بيان بطلان هذا الذي قرره من أن الحاكمية هي جوهر التوحيد، وذلك من خلال جملة وجوه هي:
    الوجه الأول: جوهر التوحيد هو لبه وخالصه، وهو توحيد الألوهية عند علماء السنة، وأما الحاكمية فهي فرع من فروع توحيد الألوهية، وليست جوهرا له عند علمائنا، وفي تقرير أئمتنا؛ ومنهم:
    - الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- حيث قال في صوتية مشهورة ومنشورة الآتي:
    ".... الحاكمية من فروع الأحكام، يجب على الحاكم أن يحكم بالشرع.... فهذه من مفردات الشرائع التابعة لتوحيد العبادة" وسيأتي نقل باقي كلامه من الصوتية في حينه إن شاء الله.
    - الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله- في صوتية مشهورة ومنشورة:
    ".... الحاكمية فرع من فروع توحيد الألوهية..." وسيأتي نقل باقي كلامه من الصوتية في حينه إن شاء الله، كما سيأتي نقل كلام عن العلامة صالح الفوزان حفظه الله أنها من الجزئيات.
    فالحاكمية ليست لبا لتوحيد الألوهية، بل هي فرع من فروعه، ولو أردنا أن نصف شيئا من العبادات بأنه لب لتوحيد العبادة لكان هو الدعاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ". ثُمَّ قَرَأَ:" وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ" رواه الترمذي من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه وصححه العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الجامع الصغير رقم3407. وفي اللفظ الآخر والذي لو صح لكان نصا في المسألة وهو عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:" الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ" رواه الترمذي وضعفه العلامة الألباني رحمه الله في ضعيف الجامع رقم3003. لأن مخ الشيء هو لبه وجوهره، ومع ضعفه فإن معناه صحيح كما قال الإمام الألباني رحمه الله في "أحكام الجنائز" ص247:" لكن معناه صحيح بدليل حديث النعمان".
    الوجه الثاني:أن هذه الكلمة في حد ذاتها من كلمات المبتدعة، وليست من كلام أهل السنة:
    - قال الشيخ حسن آيت علجت حفظه الله في مجلس بني مسوس:
    كلمة جوهر التوحيد: هذه كلمة فلسفية، فلفظة الجوهر والعرض ونحو هذه الكلمات لا يستعملها أهل السنة والجماعة وإنما يستعملها أهل الكلام...."اهـ.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "درء تعارض العقل والنقل" ج1 ص44:" فَالسَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ لَمْ يَكْرَهُوا الْكَلَامَ لِمُجَرَّدِ مَا فِيهِ مِنْ الِاصْطِلَاحَاتِ الْمُوَلَّدَةِ، كَلَفْظِ الْجَوْهَرِ وَالْعَرَضِ وَالْجِسْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ بَلْ لِأَنَّ الْمَعَانِيَ الَّتِي يُعَبِّرُونَ عَنْهَا بِهَذِهِ الْعِبَارَاتِ فِيهَا مِنْ الْبَاطِلِ الْمَذْمُومِ فِي الْأَدِلَّةِ وَالْأَحْكَامِ مَا يَجِبُ النَّهْيُ عَنْهُ، لِاشْتِمَالِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَلَى مَعَانِي مُجْمَلَةٍ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي وَصْفِهِ لِأَهْلِ الْبِدَعِ، فَقَالَ: هُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي الْكِتَابِ، مُخَالِفُونَ لِلْكِتَابِ، مُتَّفِقُونَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْكِتَابِ، يَتَكَلَّمُونَ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ الْكَلَامِ، وَيُلَبِّسُونَ عَلَى جُهَّالِ النَّاسِ بِمَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ مِنْ الْمُتَشَابِهِ".
    وكلامه في هذا كثير.
    الوجه الثالث: إن كلمة "الحاكمية" التي أكثر الشيخ منها إنما هي من الكلمات المحدثة، والتي صارت شعارا سياسيا لأهل البدع، فكيف تكون جوهرا للتوحيد:
    1- قال الإمام الألباني -رحمه الله- في صوتية منشورة:" الحاكمية فرع من فروع توحيد الألوهية، والذين يدندنون بهذه الكلمة المحدثة في العصر الحاضر يتخذونها سلاحا ليس لتعليم المسلمين التوحيد الذي جاء به الأنبياء والرسل كلهم، وإنما سلاحا سياسيا...".
    2- وسئل رحمه الله السؤال التالي كما في "متفرقات" 14:" يقول السائل في آخر سؤال: ينتقد الشيخ ربيع بن هادي المدخلي سيدا رحمه الله لكونه... الحاكمية ولقوله... فهل هذا.. توحيد الحاكمية وما ذكره العلماء السابقون من توحيد الطاعة والعبادة.
    الشيخ: أولا هذا اصطلاح حادث توحيد الحاكمية اصطلاح حادث، ثم هو اصطلاح سياسي أكثر مما هو اصطلاح عقدي ديني...قد انحرفوا عنه كلية إلى الدندنة حول الحاكمية لله، لا شك: الله عز وجل هو أحكم الحاكمين:" إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ" فهذه المسألة لا يختلف الناس.. لكنها مسألة تتعلق بطائفة قليلة جدا من الناس ألا وهم الحكام فما بالهم تركوا المحكومين في ضلالهم؟ ذلك لأن دعوتهم هي دعوة سياسية لذلك نحن نقول:
    أولا: هذا اصطلاح مبتدع وسياسي ونحن لا نجاريهم في هذا المصطلح لأنه اصطلاح ملغوم ملغوم... لا سيما وأكرر أنه اصطلاح حادث يأتي ليس محالفا للدين وإنما للسياسة ... ولذلك نحن إذا أرادوا بهذه الكلمة أو هذا الاصطلاح الحادث معنى يدخل في التوحيد المعروف عند المسلمين فنحن سبقناهم لكن بتعبير لم نحدثه من عندنا، وإن أرادوا كما .. أمرا سياسيا نحن لا نؤيدهم، هذا ما عندي" اهـ.
    وخلاصة كلام الإمام الألباني -رحمه الله-:
    1- أنه اصطلاح مبتدع. 2- الذين يتكلمون به اتخذوه سلاحا سياسيا. 3- هو اصطلاح سياسي أكثر مما هو اصطلاح عقدي ديني. 4- مسألة الحاكمية –أي في اصطلاحهم- تتعلق بطائفة قليلة من الناس. 5- أنه اصطلاح ملغوم ملغوم. 6- هو اصطلاح حادث لا يأتي محالفا للدين وإنما للسياسة.
    قلت: فكان الأولى بالدكتور تركه وعدم الدندنة حوله؛ لأمور مهمة يحرص عليها كل مسلم صادق، فضلا عن السلفي المُتَّبِع، فضلا عن العالم المُتَّبَع:
    الأول: حتى لا يُنسب إلى الفرق المنحرفة والطوائف الضالة؛ ومعلوم قول النبي صلى الله عليه وسلم:" فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ" رواه مسلم وغيره من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، فالاستبراء للدين والعرض أمر مطلوب شرعا.
    الثاني: حتى لا يلتبس الأمر على من يثق به؛ وبخاصة ومستوياتهم مختلفة، وأفهامهم متفاوتة، فيظنون أن الدندنة حول الحاكمية من طريق أهل الحق، وبالتالي يقبلونها من كل قائل لها ومتكلم بها، ولو كان من أهل البدع والأهواء.
    الثالث: وحتى لا يكون كلامه حجة يعتمدها المبطلون، ويرتكز للتلبيس عليها المخالفون، وهذا قد وقع حيث فرح بتأصيلات الدكتور الجديدة بعض أهل البدع:
    1- كما اشتهر من تكبير بعض المبتدعة في مسجد من مساجد البليدة عند صدور فتوى الإنكار العلني.
    2- وكما قال الشيخ محمد تشلابي –حفظه الله- في مجلس قلال:" هناك خارجي قال لأحد الإخوة بلغوا سلامي الحار للدكتور وقولوا له إني أحبك في الله!.
    3- وكما نشر المدعو: علي محمد بن يطو قائلا:
    خالفت شيخي الد –محمد علي فركوس- أصلح الله حاله قبل سنوات!، وكتبت حول ما رأيته قد خالف فيه معتقد أهل الحديث والأثر، وللإنصاف والعدل أقول: كل ما كتبه هذه الأيام عن الحاكمية، والحكم بما أنزل الله، والحكم بغير ما أنزل الله، صواب أوافقه عليه، وأزيد القول: أنه مع صوابية ما قرره هناك إلا أنني أعتقد أنه قد تساهل! في الحكم على بعض (الصور والحالات) المتعلقة بالحكام والمحكومين.
    أما (كل) خصومه في تلك المسائل فهم يتخبطون في الإرجاء! وغارقون في شبهات المرجئة!.
    4- وكما نشر قبل يوم واحد المدعو يوسف عبد السميع وهو من التكفيريين المعروفين صورة الدكتور مقدما لها بالكتابة التالية:
    كلنا فركوس..
    حسبنا الله ونعم الوكيل فيمن يريد الشقاق بالدعوة في بلدنا".
    وبالمناسبة قد نشر بعض إخواننا صورة لهذا المدافع عن الدكتور وهو مع رأس الخوارج في بلدنا علي بلحاج، فانظر إلى ما وصل إليه حال الدكتور أن يدافع عنه ويذب عن حياضه الخوارج والتكفيريون نسأل الله السلامة العافية.
    5- بل إني لأعرف بعضا ممن كانت عنده شبهات التكفير قديما ثم انتسب إلى السلفية وتظاهر بها، حتى صار يستضيف في بيته بعض شيوخها وطلبتها، -كل ذلك بسبب ما رآه من قوة المنهج السلفي وانتشاره، والتفاف الشباب جميعا حوله- أصبح يظهر انتصاره للدكتور ويعلن أن الحق الذي كنا نعتقده من قديم هو ما صرح الدكتور به اليوم، وكما يقولون: رب ضارة نافعة؛ فكم أظهرت هذه الفتنة من أفاعي كانت في جحورها قابعة.
    هذا واعلم -رحمك الله- أن من عجيب أمر الدكتور أنه لما أنكر عليه قوله والذي مفاده وملخصه هذه الكلمة الباطلة من أن "الحاكمية هي جوهر التوحيد" انبرى للدفاع عن نفسه، وعما كتبه وقرره؛ بمقالة أخرى زاد فيها الطين بلة، وهي: "الجواب على محرف عبارة (مخالفة صريحة لجوهر التوحيد)" والتي سيأتي الكلام عليها بإذن الله سبحانه، وكأنه بهذه المقالة يطوي الحديث عن هذه المسألة، وكأن الكلمة التي يريد إثباتها والدفاع عنها هي الكلمة الوحيدة التي أنكرت عليه وردت من أقواله، والحقيقة أنها ليست الكلمة الوحيدة في هذا الباب التي أنكرت عليه وأدين بها وإنما له أخوات ومثيلات لها توضحها وتبينها وتزيد تأكيدا لها؛ إما من كلامه وكتاباته، أو من مواقفه وتوجيهاته وإلى بيان بعض ذلك مستعينا بالله سبحانه:

    1- فمن الكلمات التي تبين سوء تصوّره في مسألة الحاكمية وغلوّه فيها:

    وأن كلمة "جوهرة التوحيد" ليست هي الكلمة الوحيدة التي صدرت عن الدكتور –سلمه الله- بل له مثيلات لها كلها تدور حول معناها وتؤكد الدعوة التي صار الدكتور ينسب إليها ويتهم بها الكلمات التالية:
    الكلمة الأولى:والتي تؤكد المعنى الذي نسب للدكتور -أصلحه الله- وأراد أن يتبرأ منه ما جاء في آخر الجملة المنتقدة من جعله التشريعات الوضعية تمردا على الإسلام بإطلاق:
    حيث قال:".... ومخالفة صريحة لجوهر التوحيد، وتمرد على حقيقة الإسلام التي توجب على عباد الله القبول والانقياد والاستسلام لدين الله تعالى".
    قال الشيخ محمد تشلابي -حفظه الله- بعد نقله لهذا الكلام كاملا:
    قلت: ومثل هذا الكلام، فإن السلفي البصير لا يرتاب لحظة في بطلانه مع اعتقاد خطورته لاشتماله على مناقضة تامة لبعض أصول عقيدة أهل السنة والجماعة، ويظهر ذلك في نقطتين:
    وبعد أن ذكر النقطة الأولى وقد تقدمت قال:
    والثانية: أنه جعل ترك[1] "الحكم بغير ما أنزل الله" مما يكفر به مطلقا، لأنه وصفه بأنه "تمرد على حقيقة الإسلام"، وهو خلاف المعهود من علماء السلف من الصحابة والتابعين والمعاصرين الذين يفصلون في حكم تارك الحكم بغير ما أنزل الله ما بين كافر أو ظالم أو فاسق، حسب المقتضي لذلك.
    ثم نقل نقلين عن العلامتين ابن باز والعثيمين رحمهما الله فيهما التفصيل المشهور عن أهل العلم فيمن يحكم بغير ما أنزل الله وأنه على أقسام هي:
    - من حكم بها وهو يعتقد جوازها.
    - من حكم بها وهو يعتقد أنها مثل شريعة الله.
    - من حكم بها وهو يعتقد أنها أفضل من شريعة الله.
    فهؤلاء جميعا كفار عند جميع أهل العلم.
    - من حكم بها وهو يعتقد أنه عاص وظالم ومخطئ لكن حكم بها لأغراض كمحاباة قريب أو مضارة عدو أو ما أشبه ذلك، ولم يعتقد إباحة ذلك فإنه لا يكون كافرا كفرا أكبر بل كفر أصغر وظلم أصغر وفسق أصغر.
    - ثم بعد هذا البيان قال الشيخ محمد تشلابي –حفظه الله-: والمصيبة الآن كل المصيبة أن هذا الكلام الخاطئ، والتقرير المغلوط، ما يزال إلى حد هذا الوقت الذي أسطر فيه هذه الكلمات موجودا على موقع الشيخ يرفرف بجناحيه، عرضة لأن يتلقفه بعض من هو ليس في أصول العقيدة بمستبصر، ولا بالفهم العميق للمنهج بمعتصم، والمسؤولية يتحملها الشيخ وحده، والله المستعان.
    قلت: وأعظم من ذلك أن تعلم أيها السني السلفي –يا من سلمك الله من الغلو في الدكتور وتقديسه لدرجة عدم رؤية الحق مع قوة أدلته- أن هذا الكلام الأخير قد أخذه –سلمه الله وأصلحه- من رجل معروف بانحرافه وضلاله ألا وهو صلاح الصاوي القطبي حيث يقول في: "نظرية السيادة وأثرها على شرعية الأنظمة الوضعية" ص19-20:" وغالب الأنظمة التي تحكم بلاد المسلمين –من خلال استقراء دساتيرها- إنما هو انسلاخ من عقيدة إفراد الله وحده بالتشريع، حيث جعلت التشريع والسيادة للأمة أو الشعب، وربما جعلت الحاكم مشاركا في سلطة التشريع، وقد يستقل بالتشريع في بعض الأحوال، وكل ذلك تمرد على حقيقة الإسلام التي توجب الانقياد والقبول لدين الله".
    فقارنوا بين الجملة الأخيرة من كلام الصاوي وبين كلام الدكتور حيث قال:" وتمرد على حقيقة الإسلام التي توجب على عباد الله القبول والانقياد والاستسلام لدين الله تعالى". فليس بينهما من الاختلاف إلا زيادة الدكتور لكلمات ثلاثة وهي: - على عباد الله. – والاستسلام. – تعالى. وهي كما لا يخفى لا تغير من المعنى شيئا فالمعنى واحد.
    وإذا عرف المنبع الذي يستقي الدكتور منه معلوماته، ويعتمده في تقريراته؛ لم يُستغرب بعد ذلك ما وصل إليه، وأضحى يوصف به، والله المستعان.
    الكلمة الثانية: ومن الكلمات الأخرى التي صرح فيها بمضمون هذا الذي أدين به وأنكر عليه من غلوه في الحاكمية إلى أن جعلها جوهرا للتوحيد على طريق القطبيين الضالين والسرورين الزائغين وهي:
    قوله في الكلمة الشهرية رقم 33 قبل التصحيح:
    "ولا يخفى أن أساس أنواع الشرك وأخطرها: التشريع من دون الله، فأثبت لهم الضلال بأخبث أنواع الشرك والعبادة من دون الله افتراء عليه..
    وبعد التصحيح السري قال:" ولا يخفى أن من أخطر أنواع الشرك: التشريع من دون الله، فأثبت لهم الضلال بأخبث أنواع الشرك والعبادة من دون الله افتراء عليه...".
    التعليق:إذن جعل أخطر أنواع الشرك هو الشرك في الحاكمية، ثم لما صححها في السر -بطبيعة الحال- وجعلها من أخطر أنواع الشرك، نسي أن يصحح الكلام كاملا، ويعدِّل اللفظ كلّية، فأبقى ما يدينه ويظهر للناس خطأه وغلطه، وموافقته للمنحرفين من السرورين وهو قوله: "فأثبت لهم الضلال بأخبث أنواع الشرك والعبادة من دون الله افتراء عليه....".
    - وقد سئل العلامة صالح الفوزان –حفظه الله- عن هذا الكلام:
    السؤال التالي: أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ هذا سائل يقول: ما حكم هذا الكلام إن أساس أنواع الشرك وأخطرها التشريع من دون الله؟.
    فأجاب: لا! ليس كذلك، ليس كذلك بل التشريع من دون الله نوع من الشرك، لكن ليس هو أعظم الشرك، نعم" اهـ.
    ثم أقول: ومما لا يخفى أن أخطر أنواع الشرك وأخبثه هو الشرك في عبادة الله سبحانه، ودعاء غيره معه جل جلاله.
    - عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ:" أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ". قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ:" أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ". قَالَ: ثُمَّ أَيُّ قَالَ:" أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ" فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقَهَا:" وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا" رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم.
    - وفي رواية لهما: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ:" أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ". قَالَ: قُلْتُ لَهُ إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ. قَالَ: قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ:" ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ". قَالَ: قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ:" ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ" واللفظ لمسلم.
    قال العلامة الفوزان –حفظه الله ورعاه- في "شرح الثلاثة الأصول" ص87-88:" هذا تعريف الشرك: هو دعوة غيره معه: بمعنى أن يُصرف شيء من العبادة لغير الله من ملك من الملائكة أو نبي من الأنبياء أو صالح من الصالحين أو بَنِيَّةٍ من البَنِيَّات أو غير ذلك من كل المخلوقات، فمن صرف شيئا من العبادة لغير الله فهذا هو أعظم ما نهى الله عنه، هذا هو الشرك.
    فاعرفوا تفسير التوحيد وتفسير الشرك، لأن هناك من الناس من يفسر التوحيد بغير تفسيره، ومن يفسر الشرك بغير تفسيره.
    من الناس من يقولون إن الشرك هو الشرك في الحاكمية، وهذا ظهر الآن مع الأسف، الحكم بغير ما أنزل الله نوع من أنواع الشرك يسمى شرك الطاعة، لا شك أن طاعة المخلوق في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله هذا نوع من الشرك؛ لكن هناك ما هو أعظم منه وهو عبادة غير الله -عز وجل- بالذبح والنذر والطواف والاستغاثة، فالواجب أن يحذر من الشرك كله لا يؤخذ منه ويترك ما هو أعظم وأخطر منه، فلا يفسر الشرك بأنه شرك الحاكمية فقط أو الشرك السياسي، ويقولون الشرك بالقبور هذا شرك ساذج، أي هين، هذه جراءة على الله سبحانه وتعالى، الشرك أعظم ما نهى الله عنه، وهو دعوة غيره معه، هذا هو الشرك.....
    لكن هؤلاء الذين يقولون هذه المقالات إما أنهم جهال لم يتعلموا التوحيد والشرك، وإما أنهم مغرضون يريدون صرف الناس عن هذه الحقائق إلى أشياء هم يريدونها، ومآرب يريدونها، والله أعلم بالمقاصد.
    المهم أن هذا ليس هو الشرك، الشرك هو دعوة غير الله معه، أو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله كالذبح والنذر والدعاء والاستغاثة والاستعانة والالتجاء والخوف والرجاء وغير ذلك، هذا هو الشرك الذي هو أعظم الذنوب، دعوة غيره معه سبحانه وتعالى، لأن الدعاء هو أعظم أنواع العبادةكما قال سبحانه:" لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ" [الرعد: 14] . وقال:" فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ" [غافر: 14]. فدعاء غير الله هو الشرك الذي حرمه الله ورسوله، أما هذه الجزئيات التي يجعلونها هي الشرك فليس كذلك، لكن يقال: إن بعضها جزء من الشرك؛ وإن هناك ما هو أخطر منه وأهم منه، لأن الشرك يتفاوت، بعضه أشد من بعض والعياذ بالله.
    الكلمة الثالثة:ومن الكلمات الأخرى التي صرح فيها بمضمون هذا الذي أدين به، وأُنكر عليه، من رفعه لأمر الحاكمية وغلوه فيها؛ إلى أن جعلها جوهرا للتوحيد على طريق القطبيين الضالين، والسرورين الزائغين، التالي:
    قال الدكتور –أصلحه الله- كما في "الحلل الذهبية شرح العقائد الإسلامية" ص589:" فكانت الغاية –إذن- من تنزيل الكتاب هي إقامةَ حكمه والعمل بشريعته كما بينه تعالى بقوله:"إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105)" سورة النساء، ومن منطلق هذه الغاية جعل الله من صفات المؤمنين: الحكم بما أنزل الله والتحاكم إليه؛ وبالمقابل جعل من صفات المنافقين: العدول عن حكم الله وشرعه إلى تحكيم حكم الطاغوت والجاهلية..." وجعل في الفهرس عنوانا لهذا الكلام وهو: الغاية من إنزال الكتب.
    التعليق:
    وهذا من المواطن التي أخطأ فيها الدكتور –أصلحه الله-، وغلا فيها في مسألة الحكم حيث جعله الغاية من إنزال كتاب الله سبحانه، وهو الأمر الذي لا يشك من شم رائحة السلفية في بطلانه، ومخالفته للحق الذي يقرره علماء السنة، وفقهاء الملة؛ من أن الغاية من إنزال الكتب وإرسال الرسل هي عبادة الله وحده لا شريك له، ومن الأدلة على ذلك:
    - قال الله تعالى:"وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36)" سورة النحل. إذن لماذا أرسل الله الرسل؟ لعبادته وحده لا شريك له، ومن المعلوم أن الرسول من أتى برسالة فيها مضمون دعوته، فتكون رسالات الرسل التي أنزلت عليهم إنما جاءت بهذه المسألة التي جُعلت أساس دعوتهم.
    - ويزيده وضوحا وبيانا قول الله تعالى:" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)" سورة الأنبياء.
    قال العلامة السعدي رحمه الله:" ولما حول تعالى على ذكر المتقدمين، وأمر بالرجوع إليهم في بيان هذه المسألة، بيَّنها أتم تبيين في قوله:" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ" فكل الرسل الذين من قبلك مع كتبهم، زبدة رسالتهم وأصلها، الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له، وبيان أنه الإله الحق المعبود، وأن عبادة ما سواه باطلة".
    - ومما يدل على أن هذه الآية كمثل الآية السابقة في الدلالة على أن الكتب إنما أنزلت للدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك الله قول الإمام ابن كثير رحمه الله عند تفسيرها: ولهذا قال:" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا يُوحَى إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ"، كما قال:" وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ" [الزخرف: 45]، وقال:" وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ" [ النحل:36]، فكل نبي بعثه الله يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له...
    - قال العلامة الشنقيطي –رحمه الله- في "أضواء البيان" عند تفسيره لقول الله تعالى:" الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2)" سورة هود.
    هذه الآية الكريمة فيها الدلالة الواضحة على أن الحكمة العظمى التي أنزل القرآن من أجلها: هي أن يعبد الله جل وعلا وحده، ولا يشرك به في عبادته شيء، لأن قوله جل وعلا:" كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ" الآية - صريح في أن آيات هذا الكتاب فصلت من عند الحكيم الخبير لأجل أن يعبد الله وحده".
    - قال العلامة أحمد بن يحيى النجمي –رحمه الله- في "المورد العذب الزلال" ص123:" ونحن نؤمن أن من لم يلق الله بالتوحيد الذي ما أنزلت الكتب وأرسلت الرسل وحقت الحاقة وخلقت الجنة والنار إلا من أجله أنه سيواجه الحقيقة المرة حتى وإن كان ممن يزعم أو يزعم له أنه من الدعاة إلى الله، ومن شك في هذه الحقيقة فليعلم أنه لم يعرف الدين الإسلامي الذي جاء به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي تحدث عنه القرآن فأسهب وبين ما يناقضه بيانا شافيا لا يتسرب إليه شك ولا يبقى وراءه للحقيقة مطلب كقوله تعالى:" إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)" سورة النساء.
    - قال الإمام ابن القيم رحمه الله في شفاء العليل ص238:" فإن الإله هو المستحق لصفات الكمال المنعوت بنعوت الجلال وهو الذي تألهه القلوب وتصمد إليه بالحب والخوف والرجاء فالتوحيد الذي جاءت به الرسل هو إفراد الرب بالتأله الذي هو كمال الذل والخضوع والانقياد له مع كمال المحبة والإنابة وبذل الجهد في طاعته ومرضاته وإيثار محابه ومراده الديني على محبة العبد ومراده فهذا أصل دعوة الرسل وإليه دعوا الأمم وهو التوحيد الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه لا من الأولين ولا من الآخرين وهو الذي أمر به رسله وأنزل به كتبه ودعا إليه عباده ووضع لهم دار الثواب والعقاب لأجله وشرع الشرائع لتكميله وتحصيله...".
    - وقال –رحمه الله- في مقدمة كتابه النفيس "زاد المعاد في هدي خير العباد" ج1 ص36:" وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، كَلِمَةٌ قَامَتْ بِهَا الْأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ، وَخُلِقَتْ لِأَجْلِهَا جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَبِهَا أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ، وَشَرَعَ شَرَائِعَهُ، وَلِأَجْلِهَا نُصِبَتِ الْمَوَازِينُ، وَوُضِعَتِ الدَّوَاوِينُ، وَقَامَ سُوقُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَبِهَا انْقَسَمَتِ الْخَلِيقَةُ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ وَالْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ، فَهِيَ مَنْشَأُ الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَهِيَ الْحَقُّ الَّذِي خُلِقَتْ لَهُ الْخَلِيقَةُ، وَعَنْهَا وَعَنْ حُقُوقِهَا السُّؤَالُ وَالْحِسَابُ، وَعَلَيْهَا يَقَعُ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ، وَعَلَيْهَا نُصِبَتِ الْقِبْلَةُ، وَعَلَيْهَا أُسِّسَتِ الْمِلَّةُ، وَلِأَجْلِهَا جُرِّدَتْ سُيُوفُ الْجِهَادِ، وَهِيَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ، فَهِيَ كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ، وَمِفْتَاحُ دَارِ السَّلَامِ، وَعَنْهَا يُسْأَلُ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ، فَلَا تَزُولُ قَدَمَا الْعَبْدِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ مَسْأَلَتَيْنِ: مَاذَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ وَمَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ؟ .
    فَجَوَابُ الْأُولَى بِتَحْقِيقِ " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " مَعْرِفَةً وَإِقْرَارًا وَعَمَلًا.
    وَجَوَابُ الثَّانِيَةِ بِتَحْقِيقِ " أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ " مَعْرِفَةً وَإِقْرَارًا وَانْقِيَادًا وَطَاعَةً" الخ.
    - بل إن مما قرره الإمام ابن القيم –رحمه الله- كما هو معروف ومشهور عنه أن كتاب الله كلّه في التوحيد وإذا كان الأمر كذلك فالغاية من إنزاله قطعا هي الدعوة إلى ما تضمنته كل سوره وآياته؛ قال رحمه الله في "مدارج السالكين" ج3 ص417-418:" بَلْ نَقُولُ قَوْلًا كُلِّيًّا: إِنَّ كُلَّ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ فَهِيَ مُتَضَمِّنَةٌ لِلتَّوْحِيدِ، شَاهِدَةٌ بِهِ، دَاعِيَةٌ إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ: إِمَّا خَبَرٌ عَنِ اللَّهِ، وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ، فَهُوَ التَّوْحِيدُ الْعِلْمِيُّ الْخَبَرِيُّ، وَإِمَّا دَعْوَةٌ إِلَى عِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَخَلْعُ كُلِّ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِهِ، فَهُوَ التَّوْحِيدُ الْإِرَادِيُّ الطَّلَبِيُّ، وَإِمَّا أَمْرٌ وَنَهْيٌ، وَإِلْزَامٌ بِطَاعَتِهِ فِي نَهْيِهِ وَأَمْرِهِ، فَهِيَ حُقُوقُ التَّوْحِيدِ وَمُكَمِّلَاتُهُ، وَإِمَّا خَبَرٌ عَنْ كَرَامَةِ اللَّهِ لِأَهْلِ تَوْحِيدِهِ وَطَاعَتِهِ، وَمَا فَعَلَ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَمَا يُكْرِمُهُمْ بِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَهُوَ جَزَاءُ تَوْحِيدِهِ وَإِمَّا خَبَرٌ عَنْ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَمَا فَعَلَ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ النَّكَالِ، وَمَا يَحِلُّ بِهِمْ فِي الْعُقْبَى مِنَ الْعَذَابِ، فَهُوَ خَبَرٌ عَمَّنْ خَرَجَ عَنْ حُكْمِ التَّوْحِيدِ.
    فَالْقُرْآنُ كُلُّهُ فِي التَّوْحِيدِ وَحُقُوقِهِ وَجَزَائِهِ، وَفِي شَأْنِ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ وَجَزَائِهِمْ فَـ "الْحَمْدُ لِلَّهِ" [الفاتحة: 2] تَوْحِيدٌ "رَبِّ الْعَالَمِينَ" [الفاتحة: 2] تَوْحِيدٌ "الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" [الفاتحة: 3] تَوْحِيدٌ "مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ" [الفاتحة: 4] تَوْحِيدٌ "إِيَّاكَ نَعْبُدُ" [الفاتحة: 5] تَوْحِيدٌ "وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" [الفاتحة: 5] تَوْحِيدٌ "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ" [الفاتحة: 6] تَوْحِيدٌ مُتَضَمِّنٌ لِسُؤَالِ الْهِدَايَةِ إِلَى طَرِيقِ أَهْلِ التَّوْحِيدِ، الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ "غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ" [الفاتحة: 7] الَّذِينَ فَارَقُوا التَّوْحِيدَ، وَلِذَلِكَ شَهِدَ اللَّهُ لِنَفْسِهِ بِهَذَا التَّوْحِيدِ، وَشَهِدَ لَهُ بِهِ مَلَائِكَتُهُ، وَأَنْبِيَاؤُهُ وَرُسُلُهُ، قَالَ:" شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ" [آل عمران: 18]" انتهى المقصود من كلامه.
    - وأخيرا أقول: اعلم رحمك الله أن هذا الكلام المنتقد على الدكتور –أصلحه الله- سبب وقوعه فيه، وتلبسه به، –مع بعده عن الحق الظاهر بدلائله- اعتماده على المنحرفين، ونقله عن الزائغين؛ وهذا هو الذي أورده الموارد، وأبعده عن الحق إلى هذا الحد، وهذه الكلمة المنتقدة عليه، والمنكرة من كلامه؛ إنما أخذها وتبناها مقرا لها من كلام عبد العزيز آل عبد اللطيف القائل في كتابه "نواقض الإيمان القولية والعملية" ص294:" - منزلة الحكم بما أنزل الله من الدين:
    فرض الله تعالى الحكم بشريعته، وأوجب ذلك على عباده، وجعله الغاية من تنزيل الكتاب، فقال سبحانه:" وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ" سورة البقرة من الآية 213، وقال تعالى:" إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ" سورة النساء من الآية 105".
    ومن المعلوم انحراف هذا الشخص، ولقد بلغني أنه حكم عليه بالسجن خمس سنوات في المملكة العربية السعودية لانتماءاته الإخوانية وغير ذلك.
    - تنبيه:وفيه جواب شبهة قد ترد على القارئ لكلام الدكتور فركوس –سلمه الله وأصلحه- السابق:
    إذ قد يقول قائل: أليست الآية التي احتج بها الدكتور تدل دلالة واضحة على أن القرآن إنما أنزل للحكم به، وأن ذلك هو الغاية من إنزاله؟
    والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
    الأول: أن تفسير الآية بهذا المعنى لم يقل به أحد من أهل التفسير فيما راجعته واطلعت عليه.
    الثاني: أن هذا التفسير مخالف لما يقرره علماء السنة وفقهاء الملة من أن الغاية من إنزال الكتب هو توحيد الله، والدعوة إلى إفراده بالعبادة، وقد تقدمت بعض أقوالهم الصريحة في ذلك.
    الثالث: أن آيات الكتاب تدل على خلاف هذا الفهم كما تقدم، ولا يمكن أن يوجد تعارض في كلام الله سبحانه كما هو متقرر ومعلوم.
    الرابع: أن قول الله تعالى:" إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105)" سورة النساء. ليس فيه أن الغاية من تنزيل الكتاب هي إقامة حكمه، والعمل بشريعته؛ كما قرر الدكتور -أصلحه الله-، والوجوه السابقة دالة على ذلك وكافية فيه؛ أما إذا فهم "اللام" –تبعا لمن نقل عنه- في قوله تعالى: "لتحكم" أنها غائية فهي ليست كذلك لأن "لام التعليل هذه قد يكون معناها: إما تعليل غاية أو تعليل علة" وهنا لا يمكن أن تكون لتعليل الغاية لأن هذا التفسير يؤدي إلى معنى جد خطير وبيانه:
    أن التمييز بين اللام التي تكون لتعليل الغاية والأخرى التي تكون لتعليل العلة هو أن "اللام" التي تكون لتعليل الغاية:" يكون ما بعدها مطلوبا لكن قد يكون وقد لا يكون.... بخلاف "اللام" التي يكون معناها العلة؛ وهي التي يترتب عليها معلولها، والتي يقول العلماء في نحوها: الحكم دائر مع علته وجودا وعدما، فتلك هي علة القياس التي لا يتخلف فيها المعلول عن العلة"[2].
    إذن وبناء على هذا الكلام لو فسرنا "اللام" في الآية أنها لتعليل الغاية كما قرر فيها الدكتور –أصلحه الله- فسيوقعنا هذا التفسير في معنى جد خطير؛ وهو: أن النبي صلى الله عليه وسلم أُنزل عليه كتاب الله لغاية هي الحكم به، ولكنه قد يحكم به وقد لا يحكم به، وهذا التفسير باطل قطعا، ومردود شرعا وواقعا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بما أنزل الله عليه في أبواب الدين كلِّها، وهو أوَّلُ وأولى من يقوم بما أمره الله به، ويحقق ما رغِّب فيه على أكمل وجوهه، والله أعلم.
    ومن عجائب الأمور أن وقع الدكتور وهو الأصولي المشهور في هذه الزلة، وقال بهذه المقولة، لكن سرعان ما يزول عجبي ويتلاشى استغرابي حينما أتذكر أن سبب وقوعه فيها وتلبسه بها اعتمادُهُ على كلام الزائغين، وأخذُهُ من كتب المنحرفين دون مراجعة وتدقيق ولا تحكيم لقواعد علم الأصول الدقيق؛ وهي البلية العظيمة التي نسب الدكتور إليها، ورمي بها، ولا يمكن لأحد أن يبرئه منها؛ وهي: السرقات العلمية، وقد تقدم بحمد الله إجراء دراسة على بعض كتابات الدكتور وتبين بالأدلة القاطعة وقوعه فيها وتلبسه بها، والله المستعان.
    - الكلمة الرابعة:ومن الكلمات الأخرى التي صرح فيها بمضمون هذا الذي أُدين به، وأُنكر عليه، من رفعه لأمر الحاكمية، وغلوه فيها؛ إلى أن جعلها جوهرا للتوحيد على طريق القطبيين الضالين، والسرورين الزائغين، هي:
    - قوله معنونا كلمته الشهرية رقم: 137 بـ:" التنويه والإشادة بمقام إفراد الله في الحكم والتشريع والعبادة".
    وهذا العنوان يوحي بغلوه في الحاكمية عند بعض من كتب في الرد والإنكار على الدكتور –أصلحه الله-؛ حيث قدم الحكم والتشريع على العبادة، وهذا واضح عندهم في أن الدكتور يركز على الحكم ويقدمه حتى على عبادة الله سبحانه وإفراده بها، الأمر الذي لا يعرف إلا عند الحزبيين والمنحرفين؛ من أمثال المودودي وسيد قطب ومن سلك سبيلهما ونحا نحوهما، والحقيقة أن هذا الكلام محتمل فقد يكون كما قال هؤلاء الإخوة الرادون، ويحتمل أنه إنما قدم الحكم على العبادة لأجل السجع في عنوان مقالته، ولكن حتى هذا الاحتمال لا يمكن الاعتذار له به لأمرين اثنين:
    الأمر الأول: أنه كان يمكنه أن يَعْدِلَ عن هذا العنوان إلى غيره، ويختار كلاما مناسبا للعقيدة ليس فيه أدنى ريبة.
    الأمر الثاني: أنه لم يُنكر عليه عنوان مقالته، ويُرتاب في أمر قصده وغايته، إلا بسبب ما اشتهر عنه من كلام أُدين به في هذه المسألة بعينها وقد تقدم جملة منه وسيأتي بإذن الله تعالى باقيه.
    - الكلمة الخامسة:ومن الكلمات الأخرى التي صرّح فيها بمضمون هذا الذي أُدين به، وأُنكر عليه، من رفعه لأمر الحاكمية وغلوّه فيها، إلى أن جعلها جوهرا للتوحيد على طريق القطبيّين الضالّين، والسّروريّين الزائغين، هي:
    قوله في كلمته الشهرية رقم: 137:" بهذا النوع من الحكم الذي يسمونه الدمقراطية، والتي بلغ التهويل بها والتعويل على دساتيرها وقوانينها والغلو في تعظيم نظامها الأغلبي إلى حد العبودية والتقديس كما لو كانت شريعةً إلهيةً منزلةً من الحيِّ الذي لا يموت...".
    التعليق:
    قوله:" الغلو في تعظيم نظامها الأغلبي إلى حد العبودية والتقديس كما لو كانت شريعة إلهية منزلة من الحي الذي لا يموت" في الحقيقة أن هذا الكلام مبالغ فيه، متجاوز حد حقيقة واقع من يوصف به؛ وبخاصة والدكتور –هداه الله- قد عمم -في مقالته هذه- مثل هذه الأحكام على الناس دون استثناء أو قيد، كما سيأتي في الجمل التالية، فلإن كان الحكم الذي أصدره في هذه الجملة منطبقا على بعض الناس من العلمانيين واللبراليين والشيوعيين ممن تنكب الصراط المستقيم، بل وممن ألحد في دين رب العالمين -ممن تجده يعظم هذه النظم ويغلو فيها- فهو غير منطبق على سائر المسلمين، ولو كانوا بالدمقراطية محكومين؛ لأنهم -والحمد لله- لا يعظمون إلا شريعة الله سبحانه، ولو كانوا لا يطبقونها في واقعهم، ولا تظهر كثير من تعاليمها -لأسباب عدة- في حياتهم، أما استلزام رضاهم بها، وتقديسهم لها، من مجرد كونهم محكومين بها؛ فهذا استلزام غير سديد، وهو عن الحقيقة جد بعيد.
    - الكلمة الخامسة:ومن الكلمات الأخرى التي صرح فيها بمضمون هذا الذي أدين به، وأنكر عليه، من رفعه لأمر الحاكمية وغلوه فيها، إلى أن جعلها جوهرا للتوحيد على طريق القطبيين الضالين، والسرورين الزائغين، هي:
    قوله في كلمته الشهرية رقم: 137:" وهكذا أصبح هذا المبدأ الفكري الجاهلي بنظامه ودساتيره وقوانينه له الحرمةُ والتعظيمُ والقدسيَّةُ في نفوس النَّاس كأنَّه الفيصلُ في الدين والشريعة، بل هو دينٌ آخرُ فرض على المسلمين بدلا من دينهم الحقِّ وشريعتهم النقية، فلا دندنة إلا على حكم الدمقراطية وإرادة الشعب والأكثرية، ولا حديث إلاَّ عن تقديس البرلمان المتشرِّع، وتعظيمِ الدستور والتنويه بالقانون، وحرمةِ المحكمة وقدسية القضاء الوضعي، فباسمِ الشعب تستفتحُ الخطاباتُ الرسميَّةُ وغيرُ الرسميَّة، ولا اعتبار فوق إرادة الشعب، منه المبدأ وإليه المنتهى والمصير؛ وعليه، فقد تبلور جليًّا أن التشريع للشعب والسيادة له وحده لا شريك له، فلا التفات إلى شرع الله ولا اعتبار لحكمه، بل شريعة الإسلام خاضعة –عندهم- للقوانين والقواعد الأساسية المولدة من الشعب عن طريق سلطته التشريعية، وما كان منها موافقا للشريعة فإنما وافقها عرضا ومصادفة، لا سلوكا ولا اتباعا وخضوعا...".
    التعليق:
    وهذا الكلام مما يؤكد في تعبيرات عدة منه ما تقدم في التعليق على الجملة السابقة؛ وهي:
    التعبير الأول:" وهكذا أصبح هذا المبدأ الفكري الجاهلي بنظامه ودساتيره وقوانينه له الحرمةُ والتعظيمُ والقدسيَّةُ في نفوس النَّاس كأنَّه الفيصلُ في الدين والشريعة".
    أقول: هل هذا صحيح أن هذا المبدأ الفكري الجاهلي بنظامه ودساتيره وقوانينه أصبح له الحرمة والتعظيم والقدسية في نفوس الناس كأنه الفيصل في الدين والشريعة؟ الذي أعتقده أن هذا مبالغ فيه، وليس وصفا لواقع الناس الذين يتحدث عنهم، وينكر حالهم، فالناس ليس عندهم هذا الاحترام والتعظيم فضلا عن القدسية لهذه النظم المستوردة، ولا لهذه التشريعات المخالفة لدين الله سبحانه؛ فهم على عجرهم وبجرهم لا يعظمون الدمقراطية كتعظيمهم لدين الله سبحانه، فضلا أن يقدسوها كتقديسهم لتعاليم الإسلام التي جاء بها النبي عليه الصلاة والسلام، وهذه كلمة في حق الناس خطيرة جدا؛ إذ هي تحوم حول رميهم بما يعتبر من نواقض الإسلام، وغيرها مما سيأتي ذكره أبلغ في هذا منها والله المستعان.
    التعبير الثاني:" بل هو دينٌ آخرُ فرض على المسلمين بدلا من دينهم الحقِّ وشريعتهم النقية، فلا دندنة إلا على حكم الديمقراطية وإرادة الشعب والأكثرية، ولا حديث إلاَّ عن تقديس البرلمان المتشرِّع، وتعظيمِ الدستور والتنويه بالقانون، وحرمةِ المحكمة وقدسية القضاء الوضعي، فباسمِ الشعب تستفتحُ الخطاباتُ الرسميَّةُ وغيرُ الرسميَّة، ولا اعتبار فوق إرادة الشعب".
    أقول: هل هذا المذكور في هذه الجملة هو واقع الناس اليوم؟ فهل واقعهم أنهم:
    - لا دندنة لهم إلا على حكم الديمقراطية وإرادة الشعب والأكثرية؟.
    - ولا حديث لهم إلاَّ عن تقديس البرلمان المتشرِّع، وتعظيمِ الدستور والتنويه بالقانون، وحرمةِ المحكمة وقدسية القضاء الوضعي؟.
    - وهل صحيح أنه باسمِ الشعب تستفتحُ الخطاباتُ الرسميَّةُ وغيرُ الرسميَّة؟.
    - وأنه لا اعتبار فوق إرادة الشعب؟.
    هذه كلها أمور لا حقيقة لها في واقع من يتكلم عنهم، ويصف حالهم، وبيانه:
    - أما "الدندنة على حكم الديمقراطية وإرادة الشعب والأكثرية وأن لا حديث لهم إلاَّ عن تقديس البرلمان المتشرِّع، وتعظيمِ الدستور والتنويه بالقانون، وحرمةِ المحكمة وقدسية القضاء الوضعي"!. فقد تكون من بعضهم وليس قطعا من كلهم؛ وهؤلاء البعض أصناف وأجناس: - فمنهم: من هو ملحد في دين الله محارب لشريعة الله سبحانه وهم قلة في بلاد الإسلام والحمد لله.
    - ومنهم: من هو طالب للسلطة والمكانة، وتحقيق المصالح الخاصة؛ مع علمهم بمخالفة هذه النظم لدين الله وأن الواجب الحكم بشريعة الله سبحانه.
    - ومنهم: الجاهل أصلا بحقيقة وحكم أمثال هذه النظم في دين الله، بل قد يعتقد بعضهم -لجهلهم ولتلبيس بعض مشايخ الضلال عليهم- أن فحوى الديمقراطية متضمن لروح الإسلام، أو أنها أعظم وسيلة لتطبيق الشريعة الإسلامية:
    قال الإمام الألباني رحمه الله في "الصحيحة" عند ذكره لفوائد الحديث 181:" الطائفة الثالثة: وهم الذين يطيعون ولاة الأمور فيما يشرعونه للناس من نظم وقرارات مخالفة للشرع كالشيوعية وما شابهها وشرهم من يحاول أن يظهر أن ذلك موافق للشرع غير مخالف له. وهذه مصيبة شملت كثيرا ممن يدعي العلم والإصلاح في هذا الزمان، حتى اغتر بذلك كثير من العوام...".
    وفيهم وفيهم... فهم ليسوا على درجة واحدة ولا يشملهم –كما هو معلوم- حكم واحد.
    - وأما استفتاح الخطابات الرسمية وغير الرسمية باسم الشعب فلعل الدكتور –أصلحه الله- يتكلم عن عهد ولى، وأناس ذهبوا؛ ممن كان أحدهم يستفتح بهذه الصيغ الباطلة قطعا، والمردودة شرعا، أمَّا اليوم فحكام المسلمين –فيما علمت والحمد لله رب العالمين- يستفتحون بذكر اسم الله، بل منهم من يحمد الله ويصلي على رسوله صلى الله عليه وسلم، ويذكر في خطاباته نصوصا قرآنية ونحوها.
    - وأما أنه لا اعتبار فوق إرادة الشعب فهذا لا يقول به إلا قلّة كما تقدم والله أعلم.
    فلماذا نؤاخذ الكل بجريرة البعض؟ وهل من الإسلام التعميم في الأحكام مع العلم اليقيني بأن الناس ليسوا على درجة واحدة ولا طريقة وعقيدة متحدة؟.
    - الكلمة السادسة:ومن الكلمات الأخرى التي صرح فيها بمضمون هذا الذي أدين به، وأنكر عليه، من رفعه لأمر الحاكمية وغلوه فيها، فعل المنحرفين الضالين، والسرورين الزائغين، هي:
    قوله في كلمته الشهرية رقم: 137:" فهذه التشريعات الوضعية التي يحكمون بها ويتحاكم المسلمون إليها ويرضون بحكمها فهي –بلا شك- منازعة لله في حق الأمر والنهي والتشريع بغير سلطان من الله، ومخالفة صريحة لجوهر التوحيد، وتمرد على حقيقة الإسلام التي توجب على عباد الله القبول والانقياد والاستسلام لدين الله تعالى".
    التعليق:
    وهذ الجملة قد تقدم الكلام على بعض ما جاء فيها مما يخالف طريق أهل السنة والجماعة، والذي أردت أن أعلق الآن عليه، وألفت النظر إليه هو: زعم الدكتور –أصلحه الله- أن المسلمين يرضون بحكم هذه التشريعات الوضعية؛ وهذا كلام غير معهود مثله في كلام علمائنا وأئمتنا، والسؤال الذي يجب على الدكتور أن يجيب عليه هو: ما حكم من رضي بالتشريعات الوضعية المخالفة لشريعة الله؟ وهل الرضا بها يخرج عن دائرة الإسلام أم لا؟ إن الخطب جلل والله المستعان. وأعظم من هذه والتي قبلها ما سيأتي في الكلمة التالية وهي:
    - الكلمة السابعة:ومن الكلمات الأخرى التي صرح فيها بمضمون هذا الذي أدين به، وأنكر عليه، من رفعه لأمر الحاكمية وغلوه فيها، فعل المنحرفين الضالين، والسرورين الزائغين، هي:
    قوله في كلمته الشهرية رقم: 137:" وقد تمكن حماة الديمقراطية وسعاتها والمروجون لها –من المفتونين بالغرب والمتبنين للطرح العلماني وبقية إخوانهم في الغيِّ- من الوصول إلى غرس مبادئ الديمقراطية ودساتيرها وقوانينها في نفوس المسلمين، حتى أشربوا في قلوبهم حُبَّها ندا وعدلا كحب الله، والرضوخ لها، وطاعة دساتيرها وقوانينها، والتعصب لها، واتخاذها دينا جديدا يعتقدونه ومذهبا ينتحلونه، يسيطر على أهوائهم وشهواتهم، لا يخضعون إلا له، ولا يتحركون إلا به، فيجتمع لهم فيها جانب المحبة والتعظيم والطاعة، وعنصر الولاء والبراء، فالإخوان الدمقراطيون وأضرابهم يتآخون في ديمقراطيتهم، ويتناصرون عليها، ويتحزبون لقوانينها ودساتيرها ولاء وبراء، فهم –في التبعية العمياء للغرب- يصفون الدمقراطية بصفات الربوبية الصمدية، ويصبغونها بصبغات لا تليق إلا لله تعالى من كمال الذل والتعظيم والمحبة والخضوع والاستكانة، فهؤلاء –في اتخاذهم الدمقراطية ندا مع الله- لا يسوونها بالله في الخلق والرزق والتدبير، وإنما يسوونها به في:
    أولا: المحبة والتعظيم والعبادة؛ إذ الحب –في الحقيقة- هو أصل العبادة، لأن العبادة تشمل الإرادة والمحبة، وعليهما يدور كل عمل وحركة، وقد بيّن ابن تيمية –رحمه الله- هذا المعنى بقوله:" وَإِذا كَانَت الْمحبَّة والإرادة أصل كل عمل وحركة وَأَعْظَمهَا فِي الْحق محبَّة الله وإرادته بِعِبَادَتِهِ وَحده لَا شريك لَهُ وَأَعْظَمهَا فِي الْبَاطِل أَن يتَّخذ النَّاس من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ويجعلون لَهُ عدلا وشريكا علم أَن الْمحبَّة والإرادة أصل كل دين سَوَاء كَانَ دينا صَالحا أَو دينا فَاسِدا فَإِن الدَّين هُوَ من الْأَعْمَال الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة والمحبة والإرادة أصل ذَلِك كُله"؛ فمن هذا البيان يتجلى للعاقل أن من أحبَّ من يستحق المحبة –على الحقيقة- ووضع الحق في موضعه كانت محبته عين صلاحه وسعادته وفوزه؛ وبالمقابل فمن أحب من لا يستحق من المحبة شيئا ولم يضع الحق موضعه فظلم حق الله وتعدى حدوده كانت محبته عين شقائه وفساده وتشتُّت أمره؛ قال تعالى:" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)" سورة البقرة".
    التعليق:
    وهذه الفقرات فيها مجموعة من الجمل المردودة والتعابير المرفوضة وهي:
    - الجملة المردودة الأولى: قوله:" وقد تمكن حماة الديمقراطية وسعاتها والمروجون لها –من المفتونين بالغرب والمتبنين للطرح العلماني وبقية إخوانهم في الغيِّ- من الوصول إلى غرس مبادئ الديمقراطية ودساتيرها وقوانينها في نفوس المسلمين، حتى أشربوا في قلوبهم حُبَّها ندا وعدلا كحب الله، والرضوخ لها، وطاعة دساتيرها وقوانينها، والتعصب لها، واتخاذها دينا جديدا يعتقدونه ومذهبا ينتحلونه، يسيطر على أهوائهم وشهواتهم، لا يخضعون إلا له، ولا يتحركون إلا به".
    فبالله عليكم هل هذه الحال التي ذكرها الدكتور –أصلحه الله- وصفا للمسلمين قائمة حقيقة، وواقعة صدقا؟
    فهل غرست مبادئ الديمقراطية ودساتيرها وقوانينها في نفوس المسلمين، حتى أشربوا في قلوبهم حُبَّها ندا وعدلا كحب الله؟ وما حكم من يحب شيئا كحبه لله سبحانه؟
    وهل هم راضخون لهذه الديمقراطية، طائعون لدساتيرها وقوانينها؟.
    وهل هم متعصبون لها، قد اتخذوها دينا جديدا يعتقدونه ومذهبا ينتحلونه، يسيطر على أهوائهم وشهواتهم، لا يخضعون إلا له، ولا يتحركون إلا به؟ ثم ما هو حكم من هذه حاله؟.
    بالله عليكم هل عهدتم عالما من علماء السنة وفقيها من فقهاء الملة يتكلم عن الشعوب المحكومة بالديمقراطية بمثل هذه الكلمات الغريبة ويحكم عليهم بمثل هذه الأحكام المريبة؟ لتعلموا بُعد الدكتور في مسألة الحاكمية عن الطريقة السنية، ولتتأكدوا من غلوه فيها وانحرافه عن السلفية بسببها.
    الجملة المردودة الثانية: قوله:" فالإخوان الدمقراطيون وأضرابهم يتآخون في ديمقراطيتهم، ويتناصرون عليها، ويتحزبون لقوانينها ودساتيرها ولاء وبراء، فهم –في التبعية العمياء للغرب- يصفون الدمقراطية بصفات الربوبية الصمدية، ويصبغونها بصبغات لا تليق إلا لله تعالى من كمال الذل والتعظيم والمحبة والخضوع والاستكانة، فهؤلاء –في اتخاذهم الدمقراطية ندا مع الله- لا يسوونها بالله في الخلق والرزق والتدبير، وإنما يسوونها به في:
    أولا: المحبة والتعظيم والعبادة..".
    التعليق:
    هذا من عجائب هذه المقالة وغرائبها؛ إذ قرر فيها أن الديمقراطيين قد اتخذوا الديمقراطية ندا لله سبحانه، وإلاها يعبدونه من دونه؛ يسوونها به في المحبة والتعظيم والعبادة وإن كانوا لا يسوونها به في الخلق والرزق والتدبير، وهذا غلط لا محالة؛ لأن الديمقراطية نظم وضعية، وتشريعات أرضية، فهم لم يعظموها تعظيمَ الرب الخالق الملك المدبر، ولا الإله المحبوب المعبود، وإنما عظموها تعظيمَ الأديان المحبوبة والمعظمة، والشرائع المنتهجة والمسلوكة، فوصفها الذي يليق بها -بالنسبة لأهلها المتبنين لها ليس لكل الشعب- أنها دين يتدينون به، وليس ربا يعبدونه، ففرق عظيم بين الرب والإله والدين والشريعة، فالديمقراطية هي نظام ينتهجه أهلها، جعلوه بدلا من دين الله تعالى، وهو طريقة يسلكونها، ومنهاج حياة يسيرون عليه، وليس إلاها يعبدونه ويصرفون –كما قرر الدكتور- خالص حق الله من العبادة إليه، فهذا خلط عجيب من الدكتور-أصلحه الله- بين أمرين مختلفين، استوجبه له ودعاه إليه غلوه في مسألة الحاكمية، ومما يدل على بطلان هذا القول وضعفه ووهائه: السؤال التالي:
    ما هي العبادة التي يصرفونها للدمقراطية وكيف يتعبدون للنظم والشرائع؟ إذا قال سووها بالله في التعظيم والمحبة قلت: إنما ذلك من قبيل تعظيم الدين ومحبته وتقديمه على كل دين سواه مثل تعظيم سائر أهل الملل والنحل لمللهم ونحلهم ومحبتهم لها أكثر من محبتهم لغيرها كما قال الله تعالى:" لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)" سورة الكافرون.
    فالديمقراطية والاشتراكية والشيوعية هي ديانات بشرية، ونظم مخترعة أرضية، وليست آلهة ومعبودات تصرف لها أنواع الطاعات والعبادات.
    سئل العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله السؤال التالي:
    عرض التلفزيون مساء الجمعة 4 صفر 1403 هـ برنامج العالم الفطري، والذي يقدمه إبراهيم الراشد، وكانت الحلقة عن الهند، وفي مستهل مقدمته قال: حقا إن الهند تسمى بلاد الأديان، ففيها نجد: الهندوسية، البوذية، السيخ.. إلخ، فأرجو منك إيضاح الآتي: هل الأديان التي ذكرها مقدم البرنامج كما يدعي حقا أديان؟ وهل هي منزلة ومرسلة من عند الله؟
    وفقكم الله لتصحيح المفاهيم.
    فأجاب: كل ما يدين به الناس ويتعبدون به يسمى دينا وإن كان باطلا، كالبوذية والوثنية واليهودية والهندوسية والنصرانية وغيرها من الأديان الباطلة. قال الله سبحانه وتعالى في سورة الكافرون:" لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)" فسمى ما عليه عباد الأوثان دينا.
    والدين الحق هو الإسلام وحده، كما قال الله عز وجل:" إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ" سورة آل عمران من الآية 19، وقال تعالى:" وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)" سورة آل عمران، وقال تعالى:" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا" سورة المائدة من الآية 3، والإسلام هو عبادة الله وحده دون كل من سواه، وطاعة أوامره وترك نواهيه والوقوف عند حدوده، والإيمان بل ما أخبر الله به ورسوله مما كان وما يكون.
    وليس شيء من الأديان الباطلة منزلا من عند الله ولا مرضيا له، بل كلها محدثة غير منزلة من عند الله، والإسلام هو دين الرسل جميعا، وإنما اختلفت شرائعهم لقول الله سبحانه:" لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا" سورة المائدة من الآية 48.
    انظر: مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز ج4 ص320.
    فالديمقراطية دين عند أهلها والمؤمنين بها والمقدمين لها على دين الله سبحانه، وليس إلاها يعبدونه من دونه، ولكن الدكتور-أصلحه الله- جعلها إلها وربا معبودا يسوونها بالله في الحب والتعظيم والعبادة وهذا كما تقدم خلط وخبط، يدل على عدم تحقيق وضبط، ووالله لم أعرف لماذا جعلها إلها عند أهلها أبقصد التحذير منها والتنفير عنها، أم بقصد الحكم بالكفر على من تبناها وتمسك بها أم ماذا؟ وعلى كل حال الديمقراطية نظام مستورد من عند الكفار لا يمت إلى الإسلام بصلة أما الذي يحكم بها ففيه التفصيل المعروف عند علمائنا فيمن يحكم بغير ما أنزل الله والذي تقدم ذكره ولا بأس من إعادته وهو:
    - من حكم بها وهو يعتقد جوازها.
    - من حكم بها وهو يعتقد أنها مثل شريعة الله.
    - من حكم بها وهو يعتقد أنها أفضل من شريعة الله.
    فهؤلاء جميعا كفار عند جميع أهل العلم.
    - من حكم بها وهو يعتقد أنه عاص وظالم ومخطئ لكن حكم بها لأغراض كمحاباة قريب أو مضارة عدو أو ما أشبه ذلك، ولم يعتقد إباحة ذلك فإنه لا يكون كافرا كفرا أكبر بل كفر أصغر وظلم أصغر وفسق أصغر.
    ولعله –أصلحه الله- لا يريد هذا التفصيل ولذلك جعل الديمقراطية معبودا ليكون حكم من تبناها، وحكم بها؛ الكفر مطلقا، فإن كانت هذه هي حقيقة واقعه فالأمر جد خطير، وعلى كل مهما كان السبب الذي أوقعه في هذا الكلام الباطل والتقرير العاطل فهو من الغلو في الحاكمية لا محالة، ومن الأدلة على سوء تصوره لهذه المسألة، والله المستعان.
    - ثم اعلم أنه قال بعد الكلام السابق الذي جعل فيه الديمقراطية ندا لله عند أهلها، يسوونها بالله في المحبة والتعظيم والعبادة:" إذ الحب –في الحقيقة- هو أصل العبادة، لأن العبادة تشمل الإرادة والمحبة، وعليهما يدور كل عمل وحركة، وقد بيّن ابن تيمية –رحمه الله- هذا المعنى بقوله:" وَإِذا كَانَت الْمحبَّة والإرادة أصل كل عمل وحركة وَأَعْظَمهَا فِي الْحق محبَّة الله وإرادته بِعِبَادَتِهِ وَحده لَا شريك لَهُ وَأَعْظَمهَا فِي الْبَاطِل أَن يتَّخذ النَّاس من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ويجعلون لَهُ عدلا وشريكا علم أَن الْمحبَّة والإرادة أصل كل دين سَوَاء كَانَ دينا صَالحا أَو دينا فَاسِدا فَإِن الدَّين هُوَ من الْأَعْمَال الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة والمحبة والإرادة أصل ذَلِك كُله...".
    وكأنه تصور أن كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- هذا فيه ما يدل على ما قرره من أن الدين المتبع والنظام المسلوك يكون ندا لله وإلها يسويه أهله به سبحانه في المحبة والتعظيم والعبادة، وهذا غلط في الاستدلال كغلطه في التقرير أو أشد، لأن غاية ما قرره شيخ الإسلام رحمه الله في هذا الكلام: أنه "إذا كانت المحبة والإرادة أصل كل عمل وحركة علم أَن الْمحبَّة والإرادة أصل كل دين سَوَاء كَانَ دينا صَالحا أَو دينا فَاسِدا فَإِن الدَّين هُوَ من الْأَعْمَال الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة والمحبة والإرادة أصل ذَلِك كُله" وهذا ليس فيه أن الدين رب محبوب وإله معبود؛ ومما يدل على هذه الحقيقة باقي كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- والذي حذفه الدكتور -أصلحه الله- ولم يذكره؛ وهو:" وَالدّين هُوَ الطَّاعَة وَالْعِبَادَة والخُلق[3]" ولم يقل أن الدين هو المطاع والمعبود، أما أول كلام شيخ الإسلام والذي التبس عليه مع آخره وهو قوله:" وَإِذا كَانَت الْمحبَّة والإرادة أصل كل عمل وحركة وَأَعْظَمهَا فِي الْحق محبَّة الله وإرادته بِعِبَادَتِهِ وَحده لَا شريك لَهُ وَأَعْظَمهَا فِي الْبَاطِل أَن يتَّخذ النَّاس من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ويجعلون لَهُ عدلا وشريكا" فما هو إلا تمثيل بأعظمها في الحق وأعظمها في الباطل وليس معناه أن المحب للنظام الديمقراطي والمعظم له يكون بذلك قد اتخذه ربا وإلاها معبودا، وإنما الصحيح أنه اتخذه دينا متبعا ومنهجا مسلوكا كما تقدم، وهو من أمثلة المحبة والتعظيم في الباطل أن يتخذ دينا ما ليس بدين ومنهجا متبعا ما ليس بمنهج.
    - إذن هو خلط عجيب من الدكتور –أصلحه الله- أن يتصور كما هو ظاهر من تقريره أن محبتهم للديمقراطية تدل على عبادتهم لها وبالتالي الديمقراطية هي إله عند أهلها لأن المحبة والإرادة هي أصل كل عمل وحركة، ومن ذلك عبادة الله أو اتخاذ الأنداد معه، وهذا التقرير خطأ لأن المحبة والإرادة قد تكون للمعظم الآمر الناهي إلى درجة العبودية وهذا هو الذي يكون إلها كمثل: حب النصارى لعيسى، وحب المشركين لأصنامهم، أما المحبة والإرادة للنظام والتشريع فهي التي يترتب عليها سلوك تعاليمه وتقديمه على كل من سواه وهذه لا تستلزم أن يكون النظام المتبع سواء كان ديمقراطية أو غيرها إلها مقصودا وندا معبودا كما تقدم فالنصارى مثلا محبتهم وإرادتهم لدينهم -وهو النصرانية- هي أصل عملهم وحركتهم من التزام به، وتعبد بتعاليمه، ودعوة إليه، ودفاع عنه، وموالاة ومعاداة فيه، فهل نقول: أنهم جعلوا دينهم إلها يعبدونه من دون الله؟ وعلى هذا فقس.
    أما بالنسبة لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الذي ساقه فإنه لا يدل على مراده كما تقدم، وهو واضح لمن قرأه كاملا وتدبره، وأما بالنسبة للآية التي ختم بها جملته المشتملة على تقريره وهي قوله تعالى:" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)" سورة البقرة. فليس فيها أن النظامَ المحبوبَ يكون ندا لله سبحانه، وتفاسير العلماء لهذه الآية تدل على بطلان هذا التقرير وبعده، والله المستعان:
    - قال العلامة السعدي رحمه الله عند تفسيره لهذه الآية:" مِنَ النَّاسِ" مع هذا البيان التام من يتخذ من المخلوقين أندادا لله أي: نظراء ومثلاء، يساويهم في الله بالعبادة والمحبة، والتعظيم والطاعة.
    ومن كان بهذه الحالة -بعد إقامة الحجة، وبيان التوحيد- علم أنه معاند لله، مشاق له، أو معرض عن تدبر آياته والتفكر في مخلوقاته، فليس له أدنى عذر في ذلك، بل قد حقت عليه كلمة العذاب.
    وهؤلاء الذين يتخذون الأنداد مع الله، لا يسوونهم بالله في الخلق والرزق والتدبير، وإنما يسوونهم به في العبادة، فيعبدونهم، ليقربوهم إليه، وفي قوله:" اتخذوا" دليل على أنه ليس لله ند وإنما المشركون جعلوا بعض المخلوقات أندادا له، تسمية مجردة، ولفظا فارغا من المعنى، كما قال تعالى:" وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي الأرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ".
    "إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ" فالمخلوق ليس ندا لله لأن الله هو الخالق، وغيره مخلوق، والرب الرازق ومن عداه مرزوق، والله هو الغني وأنتم الفقراء، وهو الكامل من كل الوجوه، والعبيد ناقصون من جميع الوجوه، والله هو النافع الضار، والمخلوق ليس له من النفع والضر والأمر شيء، فعلم علما يقينا، بطلان قول من اتخذ من دون الله آلهة وأندادا، سواء كان مَلَكًا أو نَبِيًّا، أو صَالِحًا، صَنَمًا، أو غير ذلك، وأن الله هو المستحق للمحبة الكاملة، والذل التام، فلهذا مدح الله المؤمنين بقوله:" وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ" أي: من أهل الأنداد لأندادهم، لأنهم أخلصوا محبتهم له، وهؤلاء أشركوا بها، ولأنهم أحبوا من يستحق المحبة على الحقيقة، الذي محبته هي عين صلاح العبد وسعادته وفوزه، والمشركون أحبوا من لا يستحق من الحب شيئا، ومحبته عين شقاء العبد وفساده، وتشتت أمره".
    ومن باب التقريب لمن قد ينغلق عليه فهم الكلام السابق أن يقال:
    هل يمكن صرف العبادة على اختلاف أصنافها: من قلبية كالخوف والرجاء والتوكل ونحوها، ولسانية كالدعاء والاستعانة والاستغاثة ونحوها. وبدنية: كالركوع والسجود والذبح ونحوها للنظم والتشريعات، فكما لا يتصور اعتقاد أحد أن التشريعات والنظم تخلق وترزق وتدبر فلا يمكن أن يتصور من أحد أن يصرف العبادة بمختلف أنواعها للنظم والتشريعات فما بال الدكتور إذن يقول:" فهؤلاء –في اتخاذهم الدمقراطية ندا مع الله- لا يسوونها بالله في الخلق والرزق والتدبير، وإنما يسوونها به في: أولا: المحبة والتعظيم والعبادة..". هذا أولا.
    وثانيا: حتى المنحرفين ممن يعظم هذه النظم تعظيما أكبر من تعظيمه لدين رب العالمين يفرقون بين المعبود والشريعة فمثلا بعض أتباع حزب البعث الاشتراكي وهو حزب قومي علماني دينه الاشتراكية والعروبة يقدمهما على دين الله سبحانه قال شاعرهم:
    آمنتُ بالبعثِ ربًّا لا شريك له ... وبالعروبة دينًا ما له ثانِ

    فجعل حزب البعث ربا لأن له الأمر والنهي والثواب والعقاب وجعل العروبة والتي قرروا أن الاشتراكية هي لحمتها دينا لهم.
    ومن أمثلته الواضحة: الديانة البوذية المعروفة فهم يعبدون بوذا مؤسس هذه الديانة ومخترعها وينتهجون ويتعبدون بالبوذية التي هي جملة الوصايا التي شرعها لهم بوذا وخلفها من ورائه ليقيموا دنياهم عليها ويجتمعون بينهم على أساسها.
    - الكلمة الثامنة:ومن الكلمات الأخرى التي صرح فيها بمضمون هذا الذي أدين به، وأنكر عليه، من رفعه لأمر الحاكمية وغلوه فيها، فعل المنحرفين الضالين، والسرورين الزائغين، هي:
    قوله في كلمته الشهرية رقم: 137:" هذا، وإن تقديس الأنظمة المستوردة، وتقدير رجالها وإكبارَ روَّادها، والاعتماد على الاتِّجاهات الفكرية والحركات الهدامة بالمشارب الغربية، والتغاضي عن عيوبها وعيوب المدنية على أنموذج الحياة الفكرية والسلوكية الغربي ما زادت الأمة إلا ذلا وانبطاحا وتيها وخبالا وانحرافا وبعدا عن شرع الله تعالى وإعراضا عنه، إذ كان من اللازم: الإذعانُ له، والانقياد لحكمه، والاستسلام لشرعه، وقيادة الناس به، يستوي في ذلك الحكام والمحكومون، في جعل كلمة الله هي العليا، وكلمة الباطل السفلى، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم:" كلكم راع ومسئول عن رعيته: فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته".
    فالمسؤولية –إذن- ملقاة على جميع المسلمين في أن يحرصوا على جعل شريعة الله تعالى هي المصدر الوحيد للتشريع، ومهيمنة على كافة الشرائع الباطلة الأخرى، لا مصادر تشريعية أصلية أو تبعية أو فرعية مع الأنظمة المستوردة، فلا ركون لآراء البشر وأهوائهم المصادمة لشريعة الإسلام، ولا نزول على إرادة الشعب ولا انقياد لرغبته إذا كان الشعب –ولو برمته- يرفض الاستسلام لدين الله والرجوع لشرعه وحكمه القائم على كلمة التوحيد...".
    التعليق:
    قوله:" فالمسؤولية –إذن- ملقاة على جميع المسلمين في أن يحرصوا على جعل شريعة الله تعالى هي المصدر الوحيد للتشريع، ومهيمنة على كافة الشرائع الباطلة الأخرى"
    كيف يمكن للمسلمين أن يجعلوا شريعة الله هي المصدر الوحيد للتشريع؟ ما هي الطريقة التي يقترحها الدكتور –أصلحه الله- لتحقيق ذلك؟ لأن المسؤول عن الشيء لا بد أن يسعى جاهدا لتحقيقه، والإتيان به على وجهه؛ وإلا كان حسابه عند الله عظيما، ومصيره بين يديه سبحانه وخيما.
    من المعلوم أن المطالب بتطبيق شريعة الله هم الحكام وليس عموم المسلمين، إلا إذا قصد أن عموم المسلمين مطالبون بتطبيق الشريعة بينهم، والعمل بدين ربهم، فإذا فعلوا ذلك وحرصوا عليه وخرج الحاكم منهم فلابد أن يطبق شريعة الله فيهم؛ لأنه تربى عليها، وعلى التحاكم إليها، وهذا الأمر إذا قصده فليس واضحا في كلامه، ولا يدل عليه قوله، فلابد من تصحيح الكلام وتوضيحه بحيث لا يفهم منه ما هو باطل في دين الله.
    ومن عجيب أمر الدكتور –أصلحه الله- أن يقرر في هذه الجملة المنتقدة أن مسؤولية جعل الشريعة هي المصدر الوحيد للتشريع ملقاة على المسلمين جميعا مباشرة بعد أن ذكر الدليل الذي ينقض عليه تقريره وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم:" كلكم راع ومسئول عن رعيته: فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته".
    قال العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- في "شرح رياض الصالحين" ج3 ص149-150:" الخطاب للأمة جميعاً يبين فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أن كل إنسان راع ومسؤول عن رعيته. والراعي هو الذي يقوم على الشيء ويرعى مصالحة فيهيئها له، ويرعى مفاسده فيجنبه إياها، كراعي الغنم ينظر ويبحث عن المكان المربع حتى يذهب بالغنم إليه، وينظر في المكان المجدب فلا يتركها في هذا المكان.
    هكذا بنو آدم كل إنسان راع، وكل مسؤول عن رعيته، فالأمير راع ومسؤول عن رعيته، والأمراء يختلفون في نفوذهم وفي مناطق أعمالهم، قد يكون هذا الأمير أميراً على قرية صغيرة، فتكون مسئوليته صغيرة، وقد يكون أميراً على مدينة كبيرة فتكون مسئوليته كبيرة، وفد يكون مسؤولاً عن أمة، كالأمير الذي ليس فوقه أمير في منطقته، كالملك مثلاً هنا، وكالرؤساء في البلاد الأخرى، وكأمراء المؤمنين في عهد عمر ابن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وكالخلفاء في زمن بني أمية وبني العباس وغيرهم.
    فالرعاة تتنوع رعيتهم أو تتنوع رعايتهم ما بين مسؤولية كبيرة واسعة، ومسؤولية صغيرة، ولهذا قال: ((الأمير راع)) يعني هو مسؤول عن رعيته..." الخ.
    - الكلمة التاسعة:ومن الكلمات الأخرى التي صرح فيها بمضمون هذا الذي أُدين به وأُنكر عليه، من رفعه لأمر الحاكمية وغلوه فيها، فعل المنحرفين الضالين، والسرورين الزائغين، هي:
    قوله في كلمته الشهرية رقم: 137:" ثانيا: كما يسوون الديمقراطية بالله في التشريع والحكم بإثباتهما لغير الله أو معه؛ إذ لا يخفى أن من نصَّب الأمَّةَ أو الشَّعبَ أو أيَّ كائِنٍ آخَرَ مصدرا للسُّلطات والتَّشريع فقد وقع في هذا النوع من الشِّرك بالله في الربوبية بالأنداد في صفته وهو الحكم والتَّشريع، إذ لا يخفى –على عارف بمقتضيات كلمة التوحيد موقن بها- أن التشريع والحكم حق لله وحده لا شريك له، وأن مصدر السلطة التشريعية هو الكتاب والسنة، لا الشعب ولا الأمة ولا المجالس النيابية ولا الزعماء ولا الأئمة ولا الأولياء......".
    التعليق:
    وهذه من الكلمات التي فيها خلط وخبط وعدم تدقيق وضبط؛ حيث قرر أنهم يُسوّون الدّيمقراطيّة بالله في التّشريع والحكم بإثباتهما لغير الله أو معه؛ فالدّيمقراطيّة نظام وتشريع وليست المشرّع ولا الحاكم، وإنمّا تكون التّسوية في التّشريع والحكم بالله بمن يشرّع ويحكم سواء كان شعبا أو فردا أو مجلسا، والتّعبير الصّحيح أن يقول: فيسوون في النظام الديمقراطي غير الله معه في حق التشريع والحكم وهذا الغير إما أن يكون شعبا أو مجلسا أو برلمانا أو نحو ذلك، ووالله ما أدري هل هذا الكلام صدر منه عن سوء تصور للمسألة، أو سوء تعبير عنها، أو هو صادر عن قصد لجعل الديمقراطية إلاها وربا وبالتالي يكون الحكم بالتكفير على من يتبانها مطلقا دون تفصيل، وفي كل الأحوال فهي من الكلمات التي يدان بها وتدل على غلوه في الحاكمية، والله تعالى أعلم.
    - الكلمة العاشرة:ومن الكلمات الأخرى التي صرح فيها بمضمون هذا الذي أُدين به، وأُنكر عليه، من رفعه لأمر الحاكمية وغلوه فيها، إلى أن جعلها جوهرا للتوحيد على طريق القطبيين الضالين، والسرورين الزائغين، هي:
    قال الدكتور –أصلحه الله- في "الحلل الذهبية شرح العقائد الإسلامية" ص592:"
    المحور الثاني: مقام إفراد الله بالحكم من توحيد الألوهية والعبادة:
    يتجلى مقام الحكم بما أنزل الله ومنزلته في معنى إفراد الله تعالى بالطاعة التي هي أخص العبادة المطلقة، إذ عبادة الله سبحانه تقتضي إفراده سبحانه بالتشريع والتحليل والتحريم، ولا ينبغي أن تصرف هذه العبادة ولا غيرها إلا لله وحده لا شريك له، قال تعالى:" إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" سورة يوسف من الآية 40، لذلك كان قبول الحكم بغير ما أنزل الله من الشرك في الطاعة والاتباع، والشرك من خصال الكفر.....".
    التعليق:
    وهذا الموطن من كلامه مما انتقد عليه كونه وافق فيه أهل البدع والأهواء الذين يزعمون أن توحيد الحاكمية هو أخص خصائص التوحيد كما قال مقدمهم وسيدهم سيد قطب في "معالم في الطريق" ص5: هذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله في الأرض وعلى أخص خصائص الألوهية.. وهي الحاكمية..." اهـ.
    ومما لا شك فيه أن أخص خصائص التوحيد هو توحيد الألوهية، وما الحاكمية إلا فرع منه كما تقدم من كلام الإمامين والعلامتين الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمهما الله، وإلى كلامهما الذي يرد هذا التقرير كاملا:
    - الكلام العلامة ابن باز رحمه الله:
    السائل: بعض الناس يقول: إن الحاكمية هي أخص خصائص الألوهية؟
    الجواب:
    أخصها ترك الشرك، الحاكمية من فروع الأحكام، يجب على الحاكم أن يحكم بالشرع، أما إذا حكم بغير الشرع فيه تفصيل: إذا حكم به عن عمد واستحلال كفر، وإن حكم لهوى ورشوة صار معصية ومنكرا وكفرا أصغر، فهذه من مفردات الشرائع التابعة لتوحيد العبادة.
    س: تدخل في توحيد الربوبية أو توحيد الألوهية؟
    ج: تختلف: تارة تدخل في الكفر، وتارة تدخل في المعاصي، مثل: مسألة الزنا، ومسألة الخمر، إن استحلها صار كفرا، وإن لم يستحلها صار معصية" اهـ.
    قلت: فالحاكمية من فروع الأحكام، والمخالف لها أي: الواقع في الحكم بغير ما أنزل الله يفصل فيه؛ إن استحل كفر، وإلا لم يكفر، وهي: من مفردات الشرائع التابعة لتوحيد العبادة؛ مثلها مثل: الزنا وشرب الخمر يشترط فيها الاستحلال، فهل يكون ما هذا شأنه جوهرا للتوحيد ولبا له أم لبه هو توحيد العبادة التي إذا صرفت لغير الله كانت كفرا دون تفصيل؟.
    - كلام الإمام الألباني رحمه الله:
    - سؤال: ذكر علماء السلف عليهم رحمة الله تعالى أن التوحيد أنواع ثلاثة التي هي الربوبية والألوهية والأسماء والصفات فهل يصح أن نقول بأن هناك توحيدا رابعا هو توحيد الحاكمية أو توحيد الحكم؟
    الجواب: لا يصح، أبشر.. لا يصح لكن الرد لا يكون بهذا الجواب.
    الحاكمية فرع من فروع توحيد الألوهية، والذين يدندنون بهذه الكلمة المحدثة في العصر الحاضر يتخذونها سلاحا ليس لتعليم المسلمين التوحيد الذي جاء به الأنبياء والرسل كلهم، وإنما سلاحا سياسيا، وأنا من أجل أن أثبت لكم ما قلت آنفا أن هذا سؤال تكرر مني الجواب مرارا وتكرارا في بعض الفتاوى إن شئت –هذا بيني وبينك- أسمعتك الآن ما سبق الجواب على هذا السؤال بالذات، وإن شئت مضينا فيما نحن فيه.
    السائل: إن شئت أنت شيخنا؟
    الشيخ: لا! أنا لا أريد أن أحرج أيضا على الناس وإنما كما يريد، أنا قلت في مثل هذه المناسبة تأييدا لما قلته آنفا؛ أن استعمال كلمة الحاكمية هم من تمام الدعوة السياسية التي يختص بها بعض الأحزاب القائمة اليوم، وأذكر بهذه المناسبة قصة وقعت بيني وبين أحد الخطباء في مسجد من مساجد دمشق يوم الجمعة خطب.. خُطبته كُلها حول الحاكمية لله عز وجل، أخطأ هذا الإنسان في مسألة فقهية، لما انتهى من صلاة الجمعة تقدمت إليه وسلمت عليه وقلت له: يا أخي أنت فعلت كذا وكما.. وهذا خلاف السنة قال لي: أنا حنفي، والمذهب الحنفي يقول بما فعلته، قلت له: أنت خطبت أن الحاكمية لله عز وجل فأنتم تستعملون هذه الكلمة فقط لمحاربة من تظنون من الحكام أنهم كفار لأنهم لا يحكمون بالشريعة الإسلامية ونسيتم أنفسكم أن هذه الحاكمية تشمل كل مسلم فلماذا أنت الآن أنا أذكر لك أن الرسول فعل كذا وأنت تقول أنا مذهبي كذا، أنت خالفت ما تدعو الناس إليه، فنحن لو لا أنهم اتخذوا هذه الكلمة وسيلة للدعاية السياسية عندهم نحن نقول هذه بضاعتنا ردت إلينا نحن الدعوة التي ندعوا الناس إليها فيها الحاكمية وفيها غير الحاكمية؛ توحيد الألوهية وتوحيد العبادة يدخل فيها ما تدندنون أنتم حوله ونحن الذين نشرنا ما تذكرونه -حينما تدندنون الحاكمية- حديث عدي بن حاتم الطائي أن النبي عليه الصلاة والسلام لما تلا على الصحابة الكرام هذه الآية:" اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ" سورة التوبة من الآية 31، قال عدي بن حاتم الطائي قال والله يا رسول الله ما اتخذناهم أربابا من دون الله قال: ألستم كنتم إذا حرموا لكم حلالا حرمتموه وإذا حللوا لكم حراما حللتموه؟ قال: أما هذا فقد كان. قال: فذاك اتخاذكم إياهم أربابا من دون الله" نحن الذين نشرنا هذا الحديث ووصل هذا إلى الآخرين ثم طوروا جزءا من توحيد الألوهية أو العبادة بهذا العنوان الحديث المبتدع لغرض سياسي، أنا ما أرى شيئا في الاصطلاح هذا بيد أنهم وقفوا عنده دعاية ولم يعملوا بمقتضاه وهو كما ذكرت آنفا جزء من توحيد العبادة فتراهم يعبدون الله كيفما اتفق لأحدهم وإذا قيل كما ذكرنا آنفا في قصتنا مع الخطيب هذا العمل خلاف السنة هذا خلاف قول الرسول عليه السلام قال: أنا مذهبي كذا، الحاكمية لله ليست فقط ضد الكفار والمشركين وضد المتعبدين أيضا الذين يتعبدون الله بخلاف ما جاء به الله في كتابه أو نبيه عليه الصلاة والسلام في سنته، هذا ما يحضرني الجواب على مثل هذا السؤال.
    - الكلمة الحادية عشرة:ومن الكلمات الأخرى التي صرح فيها بمضمون هذا الذي أدين به، وأنكر عليه، من رفعه لأمر الحاكمية وغلوه فيها، فعل المنحرفين الضالين، والسرورين الزائغين، هي:
    قال الدكتور –أصلحه الله- في صوتية منشورة ومشهورة:" الأصل في الداعية أن يدعو إلى التوحيد ويبين الشرك؛ ليس الشرك الأول فقط وإنما يبين كل الشرك وخاصة في الوقت الذي يعيش فيه والناس عنه غافلون ولا يخش لومة لائم".
    التعليق:
    وهذا من المواطن التي انتقدت على الدكتور كونه قسم الشرك إلى أول وحاضر، وقديم وحديث؛ وهو مما لا يعرف إلا عن أهل البدع والأهواء؛ كما قال سيد قطب في "معالم في الطريق" ص5: هذه الجاهلية تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله في الأرض وعلى أخص خصائص الألوهية.. وهي الحاكمية... إنها تسند الحاكمية إلى البشر، وتجعل بعضهم لبعض أربابا، لا في الصورة البدائية الساذجة التي عرفتها الجاهلية الأولى، ولكن في صورة ادعاء حق وضع التصورات والقيم، والشرائع والقوانين، والأنظمة والأوضاع، بمعزل عن منهج الله للحياة، وفيما لم يأذن به الله .. فينشأ عن هذا الاعتداء على سلطان الله اعتداء على عباده....".
    - سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله كما في "لقاء الباب المفتوح" السؤال التالي:
    السؤال:
    فضيلة الشيخ! هناك سؤال وهو أننا نقرأ في بعض الكتب: أن هناك من قسَّم الشرك إلى نوعين: شرك بدائي، وشرك حضاري.
    وقالوا في الشرك البدائي: أنه شرك القبور والأصنام والأوثان.
    وأن الشرك الحضاري هو: الذي وقع فيه الناس الآن من عبادة الشهوات، وحب الرئاسة، والحكم بغير ما أنزل الله، وهكذا، فما هو رأيكم في هذا التقسيم الجديد؟
    الجواب:
    رأينا أن هذا تقسيم مبتدَع، لم يقسمه الأوائل من سلف هذه الأمة، وإنما قال سلف الأمة: إن الشرك نوعان: أصغر، وأكبر، وجلي وخفي.
    فالشرك الأكبر هو: المخرج عن الملة، والشرك الأصغر أو الخفي: ما لا يُخرج من الملة.
    هذا هو التقسيم الصحيح الذي عليه سلف الأمة؛ ولكن ما ذكره من كون محبة الرئاسة والمال والجاه نوعاً من الشرك صحيح، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة" فجعل الذين تعلقت قلوبهم بهذا وصار ذلك أكبر همهم جعل ذلك نوعاً من العبادة.
    أما أن نضرب بما ذكره سلفنا بل بما جاءت به النصوص أيضاً؛ الرسول عليه الصلاة والسلام قال:" أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسُئِل عنه قال: الرياء".
    فعلى كل حال التقسيم الذي ذكرتَ مبتدَع ولا يؤخذ به؛ لكن القول بأن الإنسان الذي ينهمك في الدنيا، ويرضى لحصولها، ويسخط لفواتها، قد وقع في نوع من الشرك؛ لأن الرسول سمى هذا عبداً لها.
    السائل: وهل يدخل تحت ذلك عبادة الشهوات.
    الشيخ: نعم.
    "اللقاء الثامن والثلاثون بعد المائة السؤال الأول بعد تفسير آيات من سورة ق".
    - قلت: ومما يدل على بطلان هذا التقسيم الذي ذكره الدكتور، والذي لا يقول به إلا أهل البدع كما تقدم؛ أن هذا الشرك كان موجودا أيضا في العهد الأول، فليس شركا جديدا طرأ على الناس، ومع ذلك لم يكن تركيز الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عليه، ولا اهتمامهم الأكبر به، كما هو حال الدكتور ومن تبعهم وسلك سبيلهم:
    - قال العلامة أحمد النجمي رحمه الله في "المورد العذب الزلال" ص184:" وزعم أن الشرك الذي حرمه الله وحذر منه هو شرك الحاكمية ونحن نقول إن شرك الحاكمية واحد من أنواع الشرك الوثني وإن الرسل قد بعثت في أقوام لهم طواغيت يتحاكمون إليهم ويخضعون لحكمهم ولم يأمرهم الله عز وجل الذي أرسلهم أن ينكروا شرك الحاكمية ويتركوا شرك العبادة بل أمرهم أن يبدؤوا بشرك العبادة فقال:"وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)" سورة الأنبياء، وشرك الحاكمية يدخل تبعا".
    إذن الشرك في الحاكمية يأتي تبعا لا أصلا يُركز عليه؛ فإذا دعا المسلم إلى توحيد الله سبحانه فإن حال المسلمين ينصلح من كل جوانبه؛ بما فيه جانب الحكم بشرع الله، لأن من وَحَّد الله وأخلص الدين له لا يرضى بحكم غيره، وهذا هو منهج الأنبياء والمرسلين في الدعوة إلى الله سبحانه كما بين ذلك أتم البيان العلامة ربيع بن هادي المدخلي –حفظه الله ورعاه- في كتابه القيم "منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله فيه الحكمة والعقل" وهو منهج علماء السنة من بعدهم؛ وخذ على سبيل المثال لا الحصر دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- كانت إلى توحيد رب العالمين، فلما استجاب له الناس وبما فيهم الحكام تأسست دولة على يديه ويدي الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- تدعو إلى توحيد الله سبحانه، واتباع نبيه صلوات الله وسلامه عليه، وتطبق شريعة رب العالمين التي أنزلها على عباده؛ بعكس كل الدعوات السياسية التي قامت على الحاكمية فإنها أولا: لا سلف لأهلها فيها إلا الثوار والخوارج من زمن أصحاب رسول الله وإلى اليوم. وثانيا: لم تنجح دعوة من تلك الدعوات في تحكيم شريعة رب الأرض والسموات، من العهد الأول وإلى زمن الناس اليوم، فتأمل هذا الأمر حق التأمل ينجيك الله من كل شبه أهل الباطل.
    - الكلمة الثانية عشرة:ومن الكلمات الأخرى التي صرح فيها بمضمون هذا الذي أدين به، وأنكر عليه، من رفعه لأمر الحاكمية وغلوه فيها، فعل المنحرفين الضالين، والسرورين الزائغين، هي:
    مقالاته التي كتبها مؤخرا في تجويز الإنكار العلني على الحكام في غيبتهم، وهذا القول هو قول المنحرفين؛ من القطبيين والسرورين، والإخوان المفلسين، ومن نحا نحوهم وسلك سبيلهم، ممن ضل عن الصراط المستقيم، في معاملة حكام المسلمين، وهذا القول الذي صار إليه باطل مردود، ورده يكون مجملا ومفصلا:
    - أما من أراد التفصيل فلقد أُلفت مقالات ورسائل في الرد على الدكتور وبيان بطلان قوله، وضعف ما استدل به؛ بل في بيان أن كل ما استدل به فهو عليه وليس له، وممن قام بالرد عليه وبيان بطلان ما ذهب إليه:
    1- الشيخ عبد القادر الجنيد –وفقه الله- في مقالات عدة وهي:
    - الرسالة الأولى بعنوان: "تروية المتفقهة بأدلة خطأ الشيخ فركوس فيما ذهب إليه من تجويز الإنكار على الحاكم علنا في غيبته".
    - الرسالة الثانية بعنوان: "النقض العلمي لاستدلالات الشيخ فركوس على جواز الإنكار على الحاكم في غيبته".
    - الرسالة الثالثة بعنوان: "نقض الضوابط التي وضعها الشيخ فركوس لجواز الإنكار العلني على الحاكم في غيبته".
    - الرسالة الرابعة بعنوان: "نماذج من تطبيقات الشيخ فركوس للإنكار العلني على الحاكم في غيبته ونقض طريقته فيها".
    2- الأخ بلال بن محمود عدار –وفقه الله- في رسالة وهي:
    "قراءة في فتاوى الإنكار العلني" قدم لها فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن سعد السحيمي –حفظه الله-.
    وغيرها ككثير.
    هذا بالنسبة للتفصيل لمن أراد الاطلاع عليه، ومعرفة الحق بدلائله، ولم يكن غاليا ممن يغلق الأبواب على نفسه، ولا يريد أن يسمع إلا ما يؤيد معتقده، الطريق الذي لا ينفعه عند ربه.
    - أما للرد على سبيل الإجمال ففي النقط التالية:
    النقطة الأولى: أن هذا القول مخالف للنصوص الشرعية، والأدلة المرعية؛ الدالة على وجوب نصيحة الحكام في حال الخلوة والانفراد بهم، دون الإعلان بذلك في غيبتهم؛ لأن هذا من التشهير والفضيحة، لا من الإصلاح والنصيحة، ومن ذلك:
    - قال الله تعالى:" اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)" سورة طه. قال: اذهبا إليه فقولا له.
    - عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ عِيَاضُ بْنُ غَنْمٍ لِهِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ أَلَمْ تَسْمَعْ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِذِي سُلْطَانٍ فَلا يُبْدِهِ عَلانِيَةً وَلَكِنْ يَأْخُذُ بِيَدِهِ فَيَخْلُوا بِهِ فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ وَإِلا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ" رواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة وصحح إسناده العلامة الألباني رحمه الله في "ظلال الجنة" رقم 1096. وقال الإمام الألباني بعد تصحيحه للطرق المذكورة في الظلال قلت: فالحديث صحيح بمجموع طرقه. والله أعلم.
    وهذا الحديث صحيح صريح حيث أمر بالنصيحة لهم سرا ونهى عن إبدائها علانية.
    النقطة الثانية: أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا على ما يوافق هذه النصوص الشرعية ومما جاء عنهم الآتي:
    - عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قِيلَ لأُسَامَةَ لَوْ أَتَيْتَ فُلاَنًا فَكَلَّمْتَهُ. قَالَ إِنَّكُمْ لَتَرَوْنَ أَنِّي لاَ أُكَلِّمُهُ إِلاَّ أُسْمِعُكُمْ، إِنِّي أُكُلِّمُهُ فِي السِّرِّ دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا لاَ أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ، وَلاَ أَقُولُ لِرَجُلٍ أَنْ كَانَ عَلَيَّ أَمِيرًا إِنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. قَالُوا وَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ:" يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ، فَيَقُولُونَ أَيْ فُلاَنُ، مَا شَأْنُكَ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ قَالَ كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ" رواه البخاري ومسلم وهذا لفظ البخاري أما لفظ مسلم فهو: عَنْ شَقِيقٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ قِيلَ لَهُ أَلاَ تَدْخُلُ عَلَى عُثْمَانَ فَتُكَلِّمَهُ فَقَالَ أَتُرَوْنَ أَنِّي لاَ أُكَلِّمُهُ إِلاَّ أُسْمِعُكُمْ وَاللَّهِ لَقَدْ كَلَّمْتُهُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا دُونَ أَنْ أَفْتَتِحَ أَمْرًا لاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ وَلاَ أَقُولُ لأَحَدٍ يَكُونُ عَلَىَّ أَمِيرًا إِنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ. بَعْدَ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ:" يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ فَيَدُورُ بِهَا كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ يَا فُلاَنُ مَا لَكَ أَلَمْ تَكُنْ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَيَقُولُ بَلَى قَدْ كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ".
    - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: آمُرُ أَمِيرِي بِالْمَعْرُوفِ، قَالَ: إِنْ خِفْت أَنْ يَقْتُلَك فَلاَ تُؤَنِّبَ الإِمَامَ، فَإِنْ كُنْتَ لاَ بُدَّ فَاعِلاً فَفِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ" رواه ابن أبي شيبة في مصنفه رقم38462.
    ورواه سعيد بن منصور في سننه بلفظ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: آمُرُ إِمَامِي بِالْمَعْرُوفِ؟ قَالَ: إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَقْتُلَكَ فَلَا، فَإِنْ كُنْتَ وَلَا بُدَّ فَاعِلًا، فَفِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ". وَزَادَ أَبُو عَوَانَةَ:" وَلَا تَغْتَبْ إِمَامَك" رقم846.
    تنبيه:هذا الأثر هو الذي بتره الدكتور محتجا بما أبقاه منه على قوله ومذهبه حيث قال في فتوى رقم 1263 الصنف فتاوى منهجية.
    المعنونة: بـ: تفنيد شبهات المعترضين على فتوى: الإنكار العلني –بضوابطه- على ولاة الأمور"
    "...ولهذا لما قال سعيد بن جبير لابن عباس رضي الله عنهما:" آمر السلطان بالمعروف وأنهاه عن المنكر" فقال:" إن خفت أن يقتلك فلا" وفي رواية أنه قال رجل لابن عباس رضي الله عنهما:" آمر أميري بالمعروف" قال:" إن خفت أن يقتلك فلا تؤنب الإمام" وعزاه إلى مصنف ابن أبي شيبة" اهـ.
    فالأثر في هذه الفتوى مبتور؛ قد بتر الدكتور كلاما مهما فيه لأنه يعود بالإبطال على مذهبه الذي يحاول أن يؤصل له ويدعو الناس إليه.
    ومن عجائب ما أخبرني به بعض إخواننا عن بعض أتباع الدكتور: أنهم يسوغون هذا المنكر العظيم الذي وقع الدكتور فيه؛ وهو بتر أثر ابن عباس رضي الله عنهما بأن الكلام المبتور لا يؤثر بتره، ولا يغيِّر المعنى وجوده، فقلت للناقل عنهم: إذا كان الكلام لا يؤثر بتره، ولا يغيِّر المعنى وجوده فلماذا بتره؟ وبخاصة وهو ليس بالكلام الطويل، ثم هل يمكنه أن يعيده كاملا في مقالته حتى ننظر إن كان القارئ سيفهم منه ما يريده شيخهم ومقدسهم؟.
    أما إذا قال قائل: إن الدكتور قد احتج بمجموعة آثار عن الصحابة رضي الله عنهم فالجواب من وجوه:
    الوجه الأول: أن الآثار التي أوردها واحتج بها ليس فيها ولا في واحد منها ما ذهب إليه؛ من الإنكار على الحاكم في غيبته، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى الرسائل السالفة ففيها البيان الواضح إن شاء الله.
    الوجه الثاني: أن يقال حتى ولو سلمنا بصحة ما ذهب إليه الدكتور من أن الآثار التي أوردها تدل على جواز الإنكار العلني على الحاكم في غيبته؛ فيكون حينئذ الصحابة قد اختلفوا، والقاعدة عند اختلافهم النظر في الأدلة، والدليل مع المانعين وليس مع المجيزين، فيتعين المصير إلى قول المانعين.
    الوجه الثالث: لو فرضنا أن الآثار التي احتج بها الدكتور تدل على ما ذهب إليه، وأن لا معارض لها من قول غيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل تُقدم هذه الآثار على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أم يقدم الحديث ويرد كل ما خالفه ويعتذر للصحابة بما يليق بهم من أن الحديث لم يبلغهم أو كان لهم نوع تأويل أو نحو ذلك؟ فكونهم فعلوا ذلك لا يسوغ لنا ترك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل الأصل أن يُنكر على كل من احتج بأقوالهم أو أفعالهم التي تخالف حديث النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال الإمام الألباني رحمه الله في "أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" ج1 ص33:" قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى:" فالواجب على كل من بلغه أمر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعرفه؛ أن يبينه للأمة، وينصح لهم، ويأمرهم باتباع أمره، وإن خالف ذلك رأي عظيم من الأمة؛ فإن أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحق أن يُعَظَّم ويُقتدى به من رأي أي مُعَظَّم قد خالف أمره في بعض الأشياء خطأً، ومن هنا رد الصحابة ومن بعدهم على كل مخالف سنة صحيحة، وربما أغلظوا في الرد، لا بغضاً له؛ بل هو محبوب عندهم مُعَظَّم في نفوسهم، لكن رسول الله أحب إليهم، وأمره فوق أمر كل مخلوق، فإذا تعارض أمر الرسول وأمر غيره؛ فأمر الرسول أولى أن يقدم ويتبع، ولا يمنع من ذلك تعظيم من خالف أمره، وإن كان مغفوراً له، بل ذلك المُخَالَف المغفور له لا يكره أن يخالف أمره؛ إذا ظهر أمر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخلافه".
    قلت: ثم علق الإمام الألباني على قول الحافظ ابن رجب رحمهما الله:" وربما أغلظوا في الرد" بقوله: قلت: حتى ولو على آبائهم وعلمائهم؛ كما روى الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/372)، وأبو يعلى في "مسنده" (3/1317 - مصورة الكتب) بإسناد جيد رجاله ثقات عن سالم بن عبد الله بن عمر قال:" إني لجالس مع ابن عمر رضي الله عنه في المسجد إذ جاءه رجل من أهل الشام، فسأله عن التمتع بالعمرة إلى الحج؟ فقال ابن عمر: حسن جميل. فقال: فإن أباك كان ينهى عن ذلك؟ فقال: ويلك! فإن كان أبي قد نهى عن ذلك، وقد فعله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمر به؛ فبقول أبي تأخذ، أم بأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! قال: بأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال: فقم عني"[4]. وروى أحمد (رقم 5700) نحوه، والترمذي (2/82 - بشرح التحفة) وصححه.
    وروى ابن عساكر (7/51/1) عن ابن أبي ذئب قال: قضى سعد بن إبراهيم (يعني: ابن عبد الرحمن بن عوف) على رجل برأي ربيعة بن أبي عبد الرحمن، فأخبرته عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخلاف ما قضى به، فقال سعد لربيعة: هذا ابن أبي ذئب -وهو عندي ثقة- يحدث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بخلاف ما قضيت به. فقال له ربيعة: قد اجتهدت، ومضى حكمك. فقال سعد: واعجباً! أُنَفذّ قضاء سعد ولا أُنَفّذ قضاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! بل أرد قضاء سعد ابن أم سعد، وأنفذ قضاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فدعا سعد بكتاب القضية فشقه، وقضى للمقضي عليه.
    النقطة الثالثة: أن علماء السنة قاطبة يقولون بعدم جواز الإنكار على الحاكم في غيبته؛ لمخالفته للنصوص الشرعية، ولما يترتب عليه من المفاسد المعلومة، وكلامهم معروف ومتداول، أما ما ساقه الدكتور من كلام بعضهم يؤيد به قوله وما ذهب إليه، فالجواب عنه من وجوه:
    الوجه الأول: أن أقوال العلماء يحتج لها ولا يحتج بها، فحتى لو فرضنا أن ما نسب إلى أولئك العلماء ثابت عنهم، على الوجه الذي يقول به الدكتور، فحديث النبي صلى الله عليه وسلم مقدم على أقوالهم، ويعتذر لهم بما يليق بهم، وتقدم مثل هذا فيمن هو أعظم وأفضل منهم أقصد الصحابة رضي الله عنهم.
    الوجه الثاني: عند اختلاف العلماء يقدم قول من معه الدليل ويؤيده البرهان.
    الوجه الثالث: أن كل ما نقله الدكتور عنهم فهو إما مبتور نزع منه ما يوضح معناه ويبين مغزاه، وإما فهمه الدكتور على خلاف وجهه، وإما وإما... وقد بين من رد على الدكتور هذه الأمور بما لا مزيد عليه ومن ذلك:
    - أنه استشهد مثلا بكلام للعلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في صوتية له مشهورة على أنه يقول بجواز الإنكار العلني على الحاكم في غيبته، والعجيب أن الصوتية نفسها التي احتج بها في آخرها ما يرد عليه فهمه، وينقض عليه مذهبه من أصله.
    سئل العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله كما في "لقاءات الباب المفتوح" اللقاء 62/ 14 السؤال التالي:
    السؤال: فضيلة الشيخ! من الذي يقرر أن ينكر علني لمنكرات معروفة في المجتمع هم العلماء أم هم الدعاة؟
    الجواب: مسألة التقرير وهو أن يتكلم عن الإنكار على الولاة وليس على المنكرات الشائعة، أي: -مثلاً- عندنا الآن منكرات شائعة مثل الربا والميسر، والتأمينات الآن الموجودة عندنا أكثرها من الميسر، والغريب أن الناس أخذوها بالقبول، ولا تكاد تجد أحداً ينكرها مع أن الله قرنها بالخمر والأنصاب والأزلام، ولكن الناس -سبحان الله- لا تجد أحداً ينكرها، تؤمن على سيارتك أو على بيتك، تسلم دراهم ولا تدري هل تخسر أكثر أم أقل، وهذا هو الميسر. فأقول: أما المنكرات الشائعة فأنكرها، لكن كلامنا على الإنكار على الحاكم مثل أن يقوم الإنسان -مثلاً- في المسجد ويقول: الدولة ظلمت.. الدولة فعلت، فيتكلم في نفس الحكام، وهناك فرق بين أن يكون الأمير أو الحاكم الذي تريد أن تتكلم عليه بين يديك وبين أن يكون غائباً؛ لأن جميع الإنكارات الواردة عن السلف إنكارات حاصلة بين يدي الأمير أو الحاكم. وهناك فرق بين كون الأمير حاضراً أو غائباً. الفرق أنه إذا كان حاضراً أمكنه أن يدافع عن نفسه، ويبين وجهة نظره، وقد يكون مصيباً ونحن مخطئون، لكن إذا كان غائباً وبدأنا نحن نفصل الثوب عليه على ما نريد هذا هو الذي فيه الخطورة، والذي ورد عن السلف كله في مقابلة الأمير أو الحاكم، ومعلوم أن الإنسان لو وقف يتكلم في شخص من الناس وليس من ولاة الأمور وذكره في غيبته، فسوف يقال: هذه غيبة، إذا كان فيك خير فصارحه وقابله.
    السائل: بعض الناس يستغل المنكرات الشائعة فينكرها بطريقة يربط بينها وبين ..كأن لولاة الأمر دخلاً في هذا، بحيث يفيد السامع أن ولاة الأمر هم السبب في هذا، فهذا أيضاً ولو أنه منكر شائع ويحذر من استغلاله ضد هذا الأمر؟
    الشيخ: لا. ليس هكذا، أنا أريد مثلاً أن أقول للناس: اجتنبوا الربا، ويأتي ويقول: هذه بيوت الربا معلنة ورافعة البناء ، فلا يقول هكذا، يعني: هذا إنكار ظني على الولاة ، لكن يقول: تجنبوا الربا والربا محرم وإن كثر بين الناس، الميسر حرام وإن أقر وما أشبه ذلك".
    وكلام العلامة ابن عثيمين رحمه الله في هذا كثير منتشر.
    والخلاصة: أن هذا مثال من الأمثلة على إحدى طرق الدكتور التي سلكها مع كلام العلماء الذين استشهد بهم، وليس في كلامهم ما يؤيد مذهبه، ويقره على ما ذهب إليه، فهو يفهم من كلامهم ما هو خلاف مذهبهم ومعتقدهم، ثم يلصقه بهم، ويرفع عقيرته بأنه إنما قال بقولهم، واتبعهم في تأصيلاتهم، والحقيقة أنه مجرد ادعاء عليهم، وتقويل لهم، نسأل الله السلامة والعافية، والله المستعان.
    - الكلمة الثالثة عشرة:ومن الكلمات الأخرى التي صرح فيها بمضمون هذا الذي أدين به، وأنكر عليه، من رفعه لأمر الحاكمية وغلوه فيها؛ فعل المنحرفين الضالين، والسرورين الزائغين، هي:
    رميه للعلماء بأن فتواهم بجواز الصلاة بالتباعد في زمن وباء كورنا مسيسة، أي: خاضعة لأغراض حكامهم، لا إلى الأدلة الشرعية التي ظهرت لهم، وبنوا عليها فتواهم؛ حيث قال الدكتور –أصلحه الله- في مجلس الأربعاء 14 ربيع الأول 1443هجرية الموافق لـ: 20 أكتوبر 2021م في ضمن جواب له على سؤال:" كذلك أصل من أصول المنهج السلفي أن لا نقدم على كلام النبي صلى الله عليه وسلم كلام غيره، وإنما نعمل على مقارعة الحجة بالحجة، إن وجد دليل آخر معارض، ونعمل بالقواعد الفقهية المعروفة، فلا نقدم كلام الأطباء ولا كلاما مبنيا على دليل غير واضح أو دليل مرجوح، ولا كلاما مسيسا أو أمر آخر".
    - وهذا الكلام يشمل العلماء قاطبة ممن قال بالتباعد، وبخاصة من صرح منهم بطاعة ولاة الأمر الذين صدرت منهم قرارات بمنع الصلاة بالتراص في المساجد، والحقيقة أن العلماء لم يفتوا الناس بالصلاة بالتباعد لأن ولاة الأمر أمروا بها، وإنما أفتوا بذلك للأدلة التي اعتمدوا عليها، وقد تقدم ذكر جملة طيبة منها، في مقالة "وجهة نظر" الجزء الأول فمن شاء الاطلاع عليها فليرجع إليها.
    - ومن المعلوم الذي لا يشك فيه سلفي أن الطعن في العلماء بأنهم يفتون بما يوافق أغراض حكامهم ويلبي رغبات أمرائهم هو فعل السرورين، والقطبيين، والإخوان المفلسين، وكل من كان على شاكلتهم، وشرب من مثل مستنقعاتهم، والله المستعان.
    - الكلمة الرابعة عشرة:ومن الكلمات الأخرى التي صرح فيها بمضمون هذا الذي أدين به، وأنكر عليه، من رفعه لأمر الحاكمية وغلوه فيها؛ فعل المنحرفين الضالين، والسرورين الزائغين، هي:
    قوله في صوتية منشورة عنه:" أنه كما قال عليه الصلاة والسلام ينقض هذا الدين وهذا الإسلام عروة عروة كلما نقضت عروة تشبث الناس بالتي يليها فأولاهما الحكم وآخرها الصلاة راك تشوف الحكم راح مكاش اللي يحكم بالتنزيل، الشريعة لا حدود ولا هذا، والأمة الإسلامية راهي كبيرة مع ذلك مكاش واحد يحكم بالتنزيل، لربما السعودية راهي يعني لكن في غالبيتها لا يحكم، خاصة أمر الصلاة كان عروة أخرى كاين أمور تاع نساء وتاع هذي وتاع التبرج".
    وهذه من الكلمات التي أنكرت عليه وردت من قوله، والأمر الذي أنكروه من كلمته هذه هو طعنه في السعودية أنها لا تحكم بما أنزل الله إلا في بعض أمورها دون سائر شؤونها، وهذا مما يدندن حوله المنحرفون، ويقوله الحزبيون الزائغون؛ كالسرورين، والقطبين، والإخوان المفلسين، ومن على نهجهم يسير، وهو خلاف ما يقرره علماء السنة في بلاد الله كلها، ومن مختلف الأجناس جميعها: أن المملكة العربية السعودية هي خير بلاد الله على الإطلاق، ومهما كان فيها من نقائص وأخطاء فهي يسيرة بالمقارنة مع الخير الذي فيها، والذي عليه أهلها، وهذا لا يعني أن لا يحاول العلماء بالطرق الشرعية والوسائل الجائزة تغيير ما يقع فيها من المنكرات، وهو الذي يفعله علماؤنا والحمد لله، ولقد كنت ذكرت في مقالة "رحلة العمرة وعجائبها العشرة" ما عليه المملكة من الخير الكثير، فمن شاء رجع إليها ليطلع -ولو اختصارا- على بعض الخير الذي فيها.
    ثم أقول: هذه من الكلمات التي أنكرت عليه وأدين بها، ولو لا أنه أقر بهذا المعنى ضمنا في توضيحه على كلام الشيخ عبد الرحمن محي الدين –حفظه الله ورعاه- لكان لكلامه ومن باب الإنصاف -نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا من أهله جميعا ما بقينا- محملا آخر؛ لأن كلامه يحتمل غير هذا الذي أدين به، فكلمة "في غالبيتها لا يحكم" كما أنها يمكن أن ترجع على المملكة العربية السعودية ويكون المعنى أنها لا تحكم بما أنزل الله إلا في بعض شؤونها، فيحتمل أيضا أن تعود هذه الكلمة على الأمة الإسلامية لأنه كان يتحدث عنها فقال:" والأمة الإسلامية راهي كبيرة مع ذلك مكاش واحد يحكم بالتنزيل، لربما السعودية راهي يعني لكن في غالبيتها لا يحكم" فيكون المعنى لربما السعودية راهي تحكم لكن الأمة الإسلامية في غالبيتها لا تحكم بما أنزل الله، فلو لا أنه أقر في التوضيح ضمنا بالمقصد الذي أوخذ به وراح يبرر له ببيان نيته وقصده لكان هذا الاحتمال أقرب ويكون كلامه حينئذ صحيحا، واللوم إنما يقع عليه بما جاء في كلماته الأخرى صريحا واضحا، لكن بما أنه أقر ضمنا في توضيحه صحة الانتقاد الذي وجه إليه وأدين به ولم يكن توضيحه قويا في تبريره فهو كما تقدم مما يلام به، وينكر عليه، ويدل على غلوه في الحاكمية وسوء تصوره لها وسلوكه غير سبيل المؤمنين فيها، والله أعلم وأحكم.

    2- المواقف والتوجيهات التي تبين سوء تصوره في مسألة الحاكمية وغلوه فيها:

    الموقف الأول: أنه -سلمه الله- دندن كثيرا حول الحاكمية الأمر الذي لا يعرف إلا عند أهل البدع والأهواء:
    - قال الشيخ محمد تشلابي –حفظه الله- بعد أن ذكر في رسالته "رؤية شرعية" بعض المواطن من كلام الدكتور فركوس –سلمه الله- والتي جاء فيها ذكر شرك الحاكمية ص11: وإنما المقصود هنا توجيه الاعتراض على التركيز المفرط على الشرك في الحاكمية ليس إلا، والشيخ على أتم الدراية بأن التركيز عليه هو من سمات الطوائف المنحرفة من خوارج وقطبية وسرورية، حتى أصبح رمزا وشعارا لهم يتميزون به عن غيرهم وهو الأمر الذي قد يسهم لا محالة إن لم يتدارك في استغلال بعضهم المناسبة لإلصاق التهمة بالشيخ بأن له لوثة من ذلك أو نفس، أو أنه يقول بقولهم على أقل تقدير!!.
    - قال الشيخ حسن آيت علجت حفظه الله في مجلس بني مسوس:
    ...وأيضا أهل السنة والجماعة لا تجدهم يدندنون حول مسألة الحكم بما أنزل الله كثيرا فإنها مسألة يدندن حولها الحزبيون، والله عز وجل يقول:" إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ" سورة الرعد من الآية 11، ولم يقل:" بحكوماتهم".
    وقد تقدم بعض كلمات الدكتور التي تدل على هذه الدندنة والتركيز.
    - الموقف الثاني:حكمه على من أفتى بجواز الصلاة بالتباعد أنه خالف مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله ومن ذلك:
    - حيث قال كما في ""تآزر الطلبة" الأربعاء 29/صفر/ 1443هـ:
    "ثم عاد الشيخ إلى الكلام عن الفتاوى الثلاث فقال: حاربوا هذه المسائل بالتقليد، تقليد اللجنة، لأنهم سمعوا من بعض المشايخ هناك أنه قال:" أين أنا من اللجنة؟"، وهذا الكلام فيه تنازل عن الدليل، ومهما كان قائله فإنه مخالف لما تقرر في المنهج السلفي للإجماع الذي نقله ابن قدامة على أن المجتهد إذا اجتهد وانتهى إلى قول وجب عليه أمران:
    الأول: أن يعمل بما انتهى إليه اجتهاده.
    الثاني: أن يفتي به.
    لو قال: أنا أحتفظ بهذا لنفسي ولمن استفتاني، وما قالته اللجنة فهو لعامة الناس لكان أهون، أما التنازل عن هذا، فكيف يتنازل عن الحق وعن الدليل؟.
    فهذا يخالف اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ويخالف مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله، أنت حين تقول "أشهد أن محمدا رسول الله" فمعنى ذلك أني أجعل محمدا صلى الله عليه وسلم متبوعي، ولا أقدم عليه قول قائل، كائنا من كان".
    والظاهر أنه يقصد بكلامه هذا العلامة عبد المحسن العباد -حفظه الله ورعاه- الذي كان قد افتى بالجواز ثم أفتى بعدم التعويل على ما قال كما سيأتي بيانه.
    إذن الشيخ عبد المحسن العباد -حفظه الله- عند الدكتور تنازل عن الدليل وخالف مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وهذا من البطلان بمكان وبيانه من وجوه عدة:
    الوجه الأول: أن الشيخ –حفظه الله ورعاه- لم يتنازل عن الدليل كما وصفه الدكتور وإنما غاية ما فيه أنه رد الأمور إلى أهلها، وأحال إلى الجهة المختصة التي يعوَّل في المسائل الخاصَّة بالجماعة عليها؛ حيث قال –حفظه الله ورعاه-:" سئلت في درس عما حصل في بعض البلاد الأخرى أنهم يصلون في المساجد وبين كل شخص وآخر فرجة متر أو مترين، زعما منهم أن هذا لتوقي المرض، فما حكم ذلك؟ فأجبت بعدم صحة الصلاة؛ لأنهم يعتبرون في ذلك أفذاذا، يعني أنهم يشبهون الذي يصلي منفردا خلف الصف، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أنه رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد". وبعد صدور السماح بإقامة الجمعة والجماعة لجميع الفروض في مساجد المملكة مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية ابتداء من يوم الأحد 8/10/1441ه أصدرت وزارة الشؤون الإسلامية تعليمات للقائمين على المساجد؛ منها: إلزام المصلين على ترك المسافة بمقدار مترين بين كل مصلي ومصلي.
    وأقول الآن: لا ينبغي لأحد التعويل على ما قلته، بل يكون التعويل على ما صدر أو يصدر في ذلك من الجهة المنوط بها الإفتاء".
    وهذا ما يقتضيه العلم منه حفظه الله، ويستوجبه الشرع من أمثاله، وقد ذكرت في الجزء الأول من "وجهة نظر" الأدلة التي اقتضت منه ذلك فليراجعها من شاء.
    إذن فالخلاصة: أن الدكتور نسب إلى الشيخ ما هو بريء منه، وحكم عليه بالأحكام المغلظة بناء على ما لم يقله ولا حصل منه، وهذا مما يدين الدكتور إدانة كبيرة، لأنه إن كان حكم وهو لم يقرأ كلام الشيخ السابق فتلك مصيبة، وإن كان طالع كلام الشيخ المنشور عنه وقَوَّله ما لم يقله فالمصيبة أعظم، ورحم الله من قال:
    فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة ... وإن كنت تدري فالمصيبةُ أعْظَمُ
    الوجه الثاني: أن الأصل في علماء السنة أن نحمل كلامهم على أحسن المحامل ما وجدنا إلى ذلك سبيلا، ونوجه ما يصدر عنهم على أفضل الوجوه إلا إذا وجدنا على الغلط والخطأ دليلا، فما بال الدكتور لم يعامل الشيخ العلامة العباد –حفظه الله- بهذه المعاملة الشرعية، وكان في إمكانه أن يحمل كلامه على تغيِّر اجتهاده، أو على ظهور أدلَّة في المسألة كانت خافية عليه، أو نحوها، مع العلم أنه ليس مضطرا لكل هذا لأن الشيخ صرَّح بالعلَّة التي دفعته لقوله، وهي: إرجاع الأمر لمن كُلِّف به؛ حرصا منه على الجماعة، ودفعا لمفسدة انخرام أصل السمع والطاعة.
    الوجه الثالث: أن الدكتور كان يمكنه أن يخطِّئه، ويُبَيِّن أن الصواب في قوله الأول الذي كان عليه لا فيما صرا مؤخرا إليه؛ بأسلوب يحفظ به كرامته، ويحقق به الدعوة إلى ما يعتقده دون هذه الأحكام المغلظة التي قد تصل إلى حد الإخراج من الملَّة والعياذ بالله:
    لأن المخالف لمقتضى شهادة أن محمدا رسول الله قد يكون كافرا كفرا أكبر مخرجا من الملَّة، وقد يكون مخالفا لها بإحداث بدعة منكرة:
    - ولذلك لما سئل الشيخ علي رضا –حفظه الله- في رسالة واتسابية السؤال التالي:
    السلام عليكم ورحمة الله بركاته
    ما حكم من رمى شخصا أنه خالف مقتضى شهادة (أن محمدا رسول الله)؟
    كان جوابه: هذا تكفير" اهـ.
    ويظهر جواب الشيخ علي رضا -حفظه الله- من خلال معرف مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله وهي: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع.
    ويعبر عنه العلماء بتعبيرات متقاربة تصب في هذا المعنى الذي تقدم، فإذا كان مقتضى الشهادة هذا كله فمخالفته كفر لا محالة، فإن كان يقصد بعضه دون كله مما لا تكون مخالفته كفرا بل قد تكون بدعة أو معصية فقد خانه تعبيره، وهو من عدم ضبطه للألفاظ الشرعية، لأن القاصد لبعضها ينبغي أن يقول هذا من مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله، فمن مقتضاها طاعته فيما أمر، ومن مقتضاها تصديقه فيما أخبر، ونحوها والله أعلم.
    تنبيه: لقد عرض بعض المتعصبة والمقدسة هنا شبهة مفادها أن الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- قال الكلام نفسه، فلماذا تنكرون على الدكتور ولا تنكرون على العلامة محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله-، وكلامه الذي ساقه وقرر أنه مشابه لقول مقدَّسه هو:
    " فجميع المبتدعين لم يحققوا شهادة أن محمداً رسول الله، لأنهم زادوا في شرعه ما ليس منه، ولم يتأدبوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم".
    ثم علَّق المفتون بقوله: الشيخ ابن عثيمين يقول عن المبتدعة أنهم لم يحققوا شهادة أن محمدا رسول الله، ولم يقل أحد أنه كفرهم، لأن جميع العقلاء فهموا من كلامه أنه يقصد التحقيق الكامل لهذه الكلمة.
    فإذا قال الشيخ فركوس خالفوا مقتضى هذه الشهادة رموه عن قوس واحدة بأن هذا تكفيرا لهم" اهـ.
    وجواب هذه الشبهة أن يقال: هذا قياس ليس مع الفارق بل مع الفوارق:
    الفارق الأول: أن العلامة العثيمين –رحمه الله- يتكلم على المبتدعة، وشيخكم ومقدَّسكم يتلكم على العلامة عبد المحسن العباد -حفظه الله- وإخوانه من أهل العلم.
    الفارق الثاني: أن كلام العلامة محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله- كما شهدت أنت بنفسك كل العقلاء فهموا منه أنه يقصد التحقيق الكامل، بينما كلام مقدَّسك فمن المشايخ والعلماء فضلا عن غيرهم من فهم منه التكفير، أم أن العلماء عندك ليسوا من العقلاء؟.
    الفارق الثالث: أن سياق وسباق كلام العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- يدل على أنه يقصد عدم التحقيق الكامل، ولا يقصد نفي التحقيق المطلق حيث قال -رحمه الله-:
    خامساً: أن لا يبتدع في دين الله مالم يأتِ به الرسول صلى الله عليه وسلم، سواء عقيدة، أو قولاً، أو فعلاً، وعلى هذا فجميع المبتدعين لم يحققوا شهادة أن محمداً رسول الله، لأنهم زادوا في شرعه ما ليس منه، ولم يتأدبوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم.
    سادساً: أن لا يبتدع في حقه ما ليس منه، وعلى هذا فالذين يبتدعون الاحتفال بالمولد ناقصون في تحقيق شهادة أن محمداً رسول الله، لأن تحقيقها يستلزم أن لا تزيد في شريعته ما ليس منه" اهـ.
    إذن فالشيخ بيَّن في الموضع نفسه المقصود بالتحقيق الذي نفاه عنهم، وأنكره من فعلهم، وهو: الكامل؛ ولذلك قال:" ناقصون في تحقيق شهادة أن محمدا رسول الله" فهل في كلام شيخك ما يدل على مثله.
    ثم ما هذه المنهجية المنحرفة في تسويغ خطأ المخطئ بذكر من أخطأ مثله، مع أننا حتى لو فرضنا أن الشيخ العثيمين أخطأ -رحمه الله- في هذ الكلام الذي قاله، وأن كلامه مشابه لكلام مقدَّسكم ومعظَّمكم فالخطأ يرد على قائله كائنا من كان، وإن كان ها هنا فارق عظيم أيضا بينهما وهو:
    الفارق الرابع: أن الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- لو ثبت الخطأ عليه، وكان مماثلا لما ثبت على شيخكم ومقدَّسكم فهل ثبت أنه نوصح فيه وأصر عليه دون أن يتراجع عنه؟، فالمنكر يا هاذا على شيخكم ليس هو وقوعه في هذه الأخطاء المنكرة العظيمة كلها، وإنَّما المنكر عليه والمستنكر من فعله إصراره عليها، وعدم اعترافه بها وتوبته منها.
    وأخيرا أقول: إن أقلَّ ما يمكن أن يفهم من شيخك هو الطعن في الشيخ العلامة العباد -حفظه الله تعالى- وفي غيره من أهل العلم فهل توافق شيخك على طعنه ولو لم يكن تكفيرا؟ الله المستعان على مثل هذه الفهوم المنكوسة، والعقول المعكوسة؛ التي تريد الدفاع عن المقدَّس وفقط.
    ثم اعلم رحمك الله أن الذي اقتضى من الدكتور أن يحكم على أهل العلم وغيرهم بهذا الأحكام المغلظة من مخالفة مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو افتاؤهم بجواز الصلاة بالتباعد في زمن الوباء زاعما أنهم فعلوا ذلك تاركين للنصوص الآمرة بالتراص، فبتركهم لهذه النصوص خالفوا مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله، وإذا كان الأمر كذلك أليس هو -أي الدكتور- أحق بهذا الحكم منهم؟ حيث خالف حديث النبي صلى الله عليه وسلم الآمر بنصيحة الولاة في السر تاركا لحكمه، مفتيا بما يعارض ما جاء فيه؛ فلإن قال إنما فعلت ذلك بناء على آثار اعتمدت عليها، وأقوال للعلماء استندت إليها؛ فالجواب: أن كل ما استدللت به لم يكن في محل النزاع كما تقدم الإشارة إليه، أما علماؤنا -حفظهم الله- فلم يفتوا بما يخالف الأصل إلا لأدلة واضحة كالشمس في رائعة النهار، وهي: قواعد كلية في الإسلام، ونصوص من كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه، ولفترة وجود الوباء أي: بقدر الحاجة والضرورة، فمن أحق بأحكام الدكتور لو صح استعمالها، وأقررناه على جواز إطلاقها؟ ولم نكن لنفعل ذلك -والحمد لله- وإنما هذا من باب المحاجة.
    - الموقف الثالث:تحريمه لأموال الأسلاك الأمنية في الجزائر من جيش ودرك وشرطة ونحوها، وافتاؤه بعدم مصاهرتهم، ولا تناول طعامهم، بل أعظم من ذلك إفتاؤه بعدم الإحسان إليهم ولو بسقي أحدهم شربة ماء هو في حاجة إليها:
    وهذا من الأمور المنشورة عنه والمشهورة من كلامه، وهي من الشهرة بحيث تناقلها الكثيرون، وتحدث بها ثلة ممن كانوا له يحضرون، ولمجالسه يرحلون، بل منها ما هو مسجل عنه بصوته ومنشور من كلامه.
    فهو يحرم مالهم، ويحرم مصاهرتهم، ويأمر بعدم إلقاء السلام عليهم، بل ويطعن بالطعون الشديدة فيهم، وله في أمرهم بترك العمل في هذه الأسلاك الأمنية، وعدم البقاء فيها، وتحريم ما ينتج عنها، والأمر بمثل تلك المعاملات لأهلها؛ جملة من التعليلات، ومجموعة من المسوغات:
    فمنها: أن البقاء معهم محرم لأجل أنهم جهة تنفيذية تنفذ القرارات القضائية، والقرارات البرلمانية التي تعتبر جهة تشريعية تشرع مع الله، كما أنها تنفذ قرارات المسؤولين.
    ومنها: أنها تحمي الديمقراطية وتثبتها[5].
    ومنها: كثرة المخالفات لشريعة الله فيها من سب وكلام فاحش وأمور مخالفة للدين والشريعة والتوحيد وأن فيها نجاسة معنوية[6].
    والحقيقة أن للعلماء فيما يتعلق بالعمل في هذه الأسلاك الأمنية اختلاف فمنهم: المجيز بشروط، ومنهم: المحرم لأسباب، ومنهم: المتوقف في المسألة، وبيانه:
    القول الأول:من أجاز بشرط أن لا يتعلق عمله بشيء محرم، وأن لا يطيع غيره في معصية الله سبحانه:
    - جاء في "شرح صحيح مسلم" للعلامة عبد المحسن العباد -حفظه الله ورعاه- في كتاب الطهارة الشريط 54 الجواب على السؤال التالي:
    السؤال: يقول بارك الله فيكم دولة تحكم بالديمقراطية فهل يجوز لي أن أشتغل في أحد وزاراتها كالجيش أو الشرطة؟
    فكان الجواب الآتي: إذا كان يعني شغلك في شيء لا يتعلق بفعل محرم يعني لا تباشر عملا محرما فلك أن تعمل لكن تستقيم على طاعة الله ولا تسمع ولا تطيع إلا في المعروف لا تسمع وتطيع في شيء محرم" اهـ.
    والشيخ في هذه الفتيا كما تلاحظ لم يعتبر مسألة الديمقراطية أصلا، ولم يجعله من العمل مانعا، بل أجاز بشرطين اثنين:
    الأول: أن لا يكون العمل يتعلق بشيء محرم.
    الثاني: أن لا يسمع وأن لا يطيع إلا في المعروف.
    القول الثاني:من حرَّم لأجل المخالفات الموجودة من حلق لحية وغيرها:
    - كالإمام الألباني رحمه الله في مثل الفتوى التي يطالعها من شاء في الحاشية[7].
    ولم يتطرق للدمقراطية، ولا أنهم جهة تنفيذية، ولا نحوها مما ركز عليه الدكتور، وسيأتي ذكر السبب إن شاء الله.
    القول الثالث:المتوقف في المسألة وإن كان يميل للجواز:
    وهو العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- في مثل الفتوى التي يطالعها من شاء في الحاشية[8].
    وخلاصة ما جاء فيها أن الشيخ –رحمه الله- كما أخبر عن نفسه: متأرجح أحيانا أقول لا تدخل في الجيش، وأحيانا يقول لي فكري كيف تمنعهم من دخول الجيش وهؤلاء رجال طيبون إذا منعتهم حلَّ محلهم من؟ الفساق والفجار والمبتدعة والذين هم خطر على الإسلام فما رأيكم؟".
    يعني أقرَّ بوجود المخالفات ولكنه –رحمه الله- تأرجح في الترجيح بين المصالح والمفاسد، وبين المفاسد في ذاتها، ولكنه لم يتطرق أصلا للديمقراطية ونحوها مما ركز الدكتور عليه. فلماذا يا ترى علماء السنة لم يقل أحدهم بالذي قال به الدكتور؟
    الجواب:
    أن ما ذُكر من المخالفات والتي انبنى عليها اختلافهم في الفتوى بين مجيز بشروط تنفي الوقوع في المخالفات، وبين مانع بسببها، وبين متأرجح لم يعط الجواب القطعي في أمرها، هي: مخالفات واقعة تعم الأسلاك الأمنية كلَّها، وتتحقق في المنخرطين جميعا فيها؛ أما ما ذكره الدكتور فهو غير عام وإن عَمَّمَه، ولا يشمل الجميع وإن أوهم ذلك قوله وتقريره؛ وبيان ذلك:
    أولا:تقريره بأنها جهة تنفيذية تنفذ القرارات البرلمانية فهذا غير صحيح، وتعميمه من الخطأ البيّن الواضح، ومثله تقريره بأنها تحمي الديمقراطية، لأن الأسلاك الأمنية أقسام عدة، وتخصصات متعددة، وبيانه كالتالي:
    - فالشرطة مثلا أقسام هي: - مصالح الشرطة القضائية للولاية. - الفرق المتنقلة للشرطة القضائية. - فرقة جمهرة العمليات الخاصة للشرطة. - وحدات الأمن الجمهوري. - الوحدة الجوية للأمن الوطني: مسؤولة أساسا على تنظيم حركة المرور والإشراف عليها والبحث عن المركبات والأشخاص المشبوهين. - وحدات الاستعلامات العامة: تعمل في البحث من أجل معرفة وقائية بالإجرام بمختلف أنواعه وجمع وتحليل المعلومات بالإضافة إلى متابعة الحركات الجمعوية والحرص على احترام التنظيمات والقوانين وكذا دراسة ومتابعة الرأي العام الوطني وتقديم المشورة المطلوبة من طرف السلطات المختصة. - مصلحة حماية وسلامة الشخصيات. - الشرطة العلمية والتقنية. - شرطة الحدود. - فرقة الأنياب: وهي المسؤولة عن تدريب الكلاب على تخصصات متعددة (سلاح، مخدرات، متفجرات...).
    - والدرك الوطني أقسام أيضا وهي: - الشرطة القضائية للدرك الوطني.أمن الطرقات. حراس الحدود. المفرزة الخاصة للتدخل. خلية حماية البيئة.خلية حماية التراث الثقافي.فرق حماية الأحداث.
    - والجمارك مجموعة مديريات لها مهام متعددة.
    - والجيش الوطني الشعبي بقواته البرية والبحرية والجوية ومهمته الأساسية الدفاع عن السيادة الوطنية. (وانظر في الحاشية ذكر مهامه).
    فهذه المصالح المتعددة أغلبها لا علاقة لها بالبرلمان ولا بالقضاء ونحوها، وحتى بالنسبة لما لها علاقة بالقضاء فليس كل ما هو تابع للقضاء مخالف لشريعة الله جل وعلا، هذا أولا. وثانيا: أن المهام المعلنة من طرف بعض هذه المؤسسات ليس فيها حماية الديمقراطية ولك أن ترجع إلى النت لتعلم مهامها وتتأكد[9].
    فالخلاصة أن ما بنى عليه الدكتور أحكامه ليس عاما ولا شاملا، بعكس المخالفات التي تكلم عليها العلماء الآخرون، وبنوا عليها أحكامهم وفتاويهم، كحلق اللحية مثلا، وهنا يظهر الفرق الجلي بين الفقهاء حقيقة، ومن ينسب إليهم وليس منهم.
    ضف إلى هذا أنه ينبغي قبل الحكم أن يُنظر إلى نيات المنخرطين في السلك الأمني على اختلاف أجهزته ومؤسساته هل يوجد فيهم من خالجته نية حماية النظام الديمقراطي وتثبيته، أو تنفيذ القرارات البرلمانية التي تخالف شريعة الله سبحانه؟ المعروف عنهم والمعهود من أكثرهم أنهم يدخلون لنيات مختلفة، ومقاصد متنوعة؛ ليس فيها هذه النية ألبتة؛ فمنهم: وهو الغالب عليهم من دخل من أجل طلب الرزق الذي يحقق به حاجياته ومصالحه، ومنهم: من التحق بمثل هذه الأجهزة حبا في الجندية وما يتعلق بها من تدريبات بدنية واستعمال الأسلحة المختلفة ونحوها، ومنهم: من دخل مضطرا لأنه لم يجد غيرها وهذا حال الكثيرين من الباحثين عن عمل، بل ومنهم: من دخل لنيات نستغربها وميولات نتعجب منها كرجل أعرفه التحق بالدرك فرقة الدرجات النارية بسبب حبه للدرجات النارية، ومنهم ومنهم...
    ثانيا: مما ذكره الدكتور وجعله سببا للنهي عن العمل في هذه الأسلاك الأمنية وجود بعض المخالفات كالسب والشتم والكلام الفاحش ونحوها.
    وهذه في الحقيقة من الأمور المنكرة والموجودة فيها لا بشك، ولكن هذه الأمور غير قاصرة على هذه المؤسسات بل تجدها في غيرها من مؤسسات الدولة، فهل يحكم الدكتور –أيضا- بتركها وعدم جواز العمل فيها؟ وما قوله في المؤسسات التعليمة وما فيها من المخالفات للشريعة والمنكرات الشنيعة؛ من تبرج وسفور واختلاط بين الإناث والذكور، وصلات مشبوهة وعلاقات محرمة؟، وهو في كل هذا يجيز لنفسه بتأويلات ضعيفة العمل فيها والبقاء بين أهلها.
    فإذا قال قائل: أن أقلّ أحوالهم أنهم يقرِّون -بتواجدهم فيها وعملهم في مؤسساتها- النظمَ المخالفة لدين الله سبحانه؟
    فالجواب: أن هذا الكلام يمكن أن يقال على الدكتور أيضا لأنه يعمل في مؤسسة تعليمية فيها من النظم المخالفة لدين الله ومن المخالفات لشريعة الإسلام أمورا شنيعة في العبادات والأخلاق والآداب ونحوها:
    فمما يتعلق بالعبادات أن النظام التعليمي غير قائم على مراعاة العبادات الإسلامية أقصد رأسها وهي: الصلاة؛ فلا يراعون في ضبط مواقيت الدخول والخروج أوقات الصلوات الخمس، وبخاصة الظهر والعصر منها، ولذلك تكثر أسئلة المهتمين بصلاتهم من الدارسين عن الكيفية التي يؤدون بها -في مثل هذه الأحوال- صلاتهم؛ وأذكر أن الشيخ الألباني رحمه الله كان جوابه: أنكم تريدون أن تكيِّفوا الشرع ليوافق واقعكم، والأصل أن يكيَّف الواقع ليوافق شرع الله سبحانه.
    ومما يتعلق بالأخلاق والآداب أمور كثيرة منها الاختلاط والسفور ونحو هذا من منكرات الأمور نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين.
    وفي فتوى الإمام الألباني -رحمه الله- المذكورة في الحاشية ما يدل على عدم التفريق حيث قال له السائل بعد فتواه بعدم جواز العمل في الجيش بسبب المخالفات الموجودة من حلق اللحية ونحوها:
    السائل: هناك يا شيخنا أيضا في باقي الوظائف هناك أيضا فيها معاصي هل نقول بعموم الوظائف لا يجوز الدخول فيها؟.
    الشيخ: إيش معنى في محاباة يعني؟؛ عندنا عداء ضد الجنود وموالاة للموظفين؟، الحكم واحد أخي، الإسلام كله قضية عامة تطبق على كل مسلم؛ إن كان موظفا، إن كان طبيبا، إن كان يعني حرا تاجرا، إن كان جنديا إن كان ملكا إن كان وزيرا كلهم يجب أن يخضعوا لأحكام الإسلام، أقول لك أنا بشوف الآن أنت ولا تؤاخذني تضيع علينا الوقت لأن السؤال واحد لكن كما قيل: تعددت الأسباب والموت واحد، نستمر نسأل ولكن مكانك راوح، كل مخالفة للشريعة لا يجوز للمسلم أن يتوظف في مثل هذه المخالفة طبعا ذلك مقيد في حدود الاستطاعة لأنه نحن ابتلينا اليوم في بعض البلاد المسلم مجبور أن يخدم ما يسمونه بالجندية الإجبارية ويحلقون له لحيته هذا طبعا "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" سورة البقرة من الآية 286، أما ما يفعل البعض كيف يسمونه يتطوع في الجيش...".
    قلت: إذن الحكم واحد ولا محاباة في دين الله سبحانه، ثم قول الدكتور كما هو ثابت عنه بصوته وكلامه موجود في الحاشية وهو يتكلم على الجيش: أنه محيط عفن وأشار إلى أنه نجاسة معنوية، فماذا يقول عن المحيط في سائر الإدارات، بما فيها المؤسسات التعليمية والذي لعله يفوق من ناحية كثرة المخالفات وتنوع الشهوات التي تدعوا إلى الانحراف محيطَ الجيش الوطني؟ الدكتور كما هو معلوم يفرق بينهما ولا يصدر الحكم الواحد عليهما؟ فلماذا إذن هذا التفريق أم هو عداء للأسلاك الأمنية كما قال الإمام الألباني رحمه الله؟.
    تنبيه:وحتى لو فرضنا أن هؤلاء المنخرطين يحمون الديمقراطية وإن لم تكن لهم تلكم النيَّة؛ لأنه لولا وجودهم لم تثبت الديمقراطية ولم يبق لها أساس في الأمَّة الإسلاميَّة فالجواب من وجوه:
    الأول: ماذا تقصد ببقائها وثبوتها؟ هل تقصد أنه لولا الأسلاك الأمنية لتمكن المسلمون من تطبيق الشريعة الإسلامية والحكم بدين رب البرية؟ لأنها تمنعهم بمنع المظاهرات، ووقوفها سدا منيعا في وجه الانقلابات، ونحوها من الطرق التي يظنها المخالفون توصلهم إلى سدَّة الحكم، فإذا كان هذا المقصود فاعلم أن هذا تصور خاطئ، وتفكير قاصر، لأن التغيير والإصلاح لا يتم بهذه الطرق؛ وإنما بالتصفية والتربية ودعوة الناس للاستقامة على دين الله تعالى، فمتى ما تحقق ذلك فيهم طبق شرع الله تبعا بينهم، لأنهم حينئذ لن يرضوا سواء كانوا حكاما أو محكومين بغير دين رب العالمين، وشريعة النبي الأمين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. فبقاء الديمقراطية وغيرها من المخالفات في الأمَّة الإسلامية ليس لوجود الأسلاك الأمنية وإنما لبعد الأمة عن دين ربّ البريّة فإذا غيَّروا ما بأنفسهم غيَّر الله أحوالهم وسائر حياتهم مصداقا لقول الله تعالى:" إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ" سورة الرعد من الآية 11. وهذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة التي تربَّينا عليها أما ما يدندن الدكتور حوله من الكلام على الأسلاك الأمنية والديمقراطية والحاكمية ونحوها فهي ديدن السرورين والقطبيين والإخوان المفلسين وكل من على شاكلتهم ونهجهم.
    الثاني: ماذا تريد بمثل هذا الكلام؟ هل تريد وتتمنى أن يترك الناس جميعا هذه الأسلاك الأمنية، ويتخلون عنها بالكلية، دون النظر إلى المصالح والمفاسد التي تترتب على ذلك؟ أليس المصلحة في وجودها تربوا على مفسدتها؟ هذا إن اعتبرنا صحة القول بأنها تحمي الديمقراطية، ولولاها لما ثبتت هذه النظم في بلادنا الإسلامية، فكيف وهذا الكلام غير صحيح كما تقدم، فمصلحة حماية بيضة المسلمين، ودفع أعداء الدين من أن يتسلطوا على ديار الإسلام وأهله، وحفظ الأمن، وحجز الناس عن البغي والظلم، وغير ذلك، أربى من مفسدة استفادة النظام الديمقراطي منها، أما التغيير فليس بذهاب هذه الأسلاك الأمنية وانعدامها، وإنما بانصلاح حال الناس جميعا، وعودتهم إلى ربهم كافة، فحينئذ تتغيّر أحوالهم وأنظمتهم، وكل ما يتعلق بحياتهم، كما قيل قديما:" أعمالكم عمالكم وكما تكونوا يولى عليكم" ومصداقه في قول الله تعالى:" وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129)" سورة الأنعام. هذا هو منهج أهل السنة والجماعة الذي ضيَّعه الدكتور كما تقدم والله المستعان.
    ثم إن النظر إلى المصالح والمفاسد والموازنة بينها من أعظم الفقه الذي جاء به ديننا، وقامت عليه اجتهادات علمائنا وأئمتنا؛ ذكر ابن المنيّر المالكي رحمه الله في "الانتصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال" ج4 ص106:" أنه نقل عن بعض السلف أنه دعا لسلطان ظالم، فقيل له: أتدعو له وهو ظالم؟
    فقال: إي -والله-، أدعو له، إن ما يدفعه الله ببقائه أعظم مما يندفع بزواله"[10].
    وإذا أردت أن ترى كيف ينظر علماؤنا إلى المصالح والمفاسد فطالع بعض فتوى العلامة محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله- والتي أوردتها في الحاشية وهي قوله وهو يذكر تأرجحه بين إجازة الانخراط في صفوف الجيش مع وجود المخالفات من عدمه حيث قال رحمه الله في "شرح العقيدة السفارينية"-الشريط 29 الوجه أ:
    السائل: اللي يدخل في الجيش يا شيخ يؤمر ... شركية
    الشيخ: إيش
    السائل: يؤمر بارتكاب أمور شركية مثل تحية العلم ...
    الشيخ: طيب
    السائل: بل يؤمر أحيانا بقتال المسلمين
    الشيخ: إيش
    السائل: قتال المسلمين ...
    الشيخ: نعم نعم أما تحية العلم فلا نسلم أنها شرك، تحية العلم ما هي شرك، هل سجد له هل ركع له هل ذبح له؟ غاية.. طيب حتى التعظيم للسلام هل هو شرك؟ ما هو شرك ثم بإمكان الإنسان أن يقول كَذَا للعَلَم وهو يقول: قبحك الله نعم الكلام على النية.
    السائل: لو خلع غطاء الرأس ما ينفع ...
    الشيخ: ما يخالف، نعم أخلع غطاء الرأس لأن هذا ليس أهلا بأن أتخذ زينة عنده غطاء الرأس زينة "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ" سورة الأعراف من الآية 31، فهذا العَلم ليس أهلا لأن أكمل زينتي عنده أخلع غطاء الرأس، ولو كان عندي سروال ثاني خلعت السروال الأول نعم إهانة له، ما دام المسألة بالنية يا إخوان ما دام المسألة بالنية أنا أقول لا نفرط في المصالح لا نفرط في المصالح.
    الآن مسألة الموسيقى مثلا في بعض الجيوش لازم يعني بدل ما أن يسبح الله حين الصباح نعم يأتي بمزمار الشيطان في الصباح طيب الموسيقى الآن هل نقول اترك الجيش اللي فيه خير ومصلحة وأنت رجل من أهل الخير والصلاح من أجل هذه الموسيقى لا تتركه.
    ابن عمر كان إذا سمع زمارة الراعي وضع أصبعه في أذنيه خل عندك قطنة محكمة تماما وسد أذنيك فيها هذه واحدة.
    والشيء الثاني من علماء المسلمين من أجاز الموسيقى من علماء المسلمين وأنا لا أقول هذا إقرارا لكن أقول هذا لئلا نذهب بعيدا ونجعل أشياء موضع خلاف المسلمين نجعلها من أكبر الكبائر اللي ما تغتفر أبدا نعم.
    فالحاصل أني أقول يجب أن ننظر المصالح والمفاسد ونقارن بينها أنا عندي لو بقي الجيش على استعمال الموسيقى وحلق اللحية وتحية العَلم وقتال غير، وقتال المسلمين لا شك أن هذه منكرات لكن إذا تخلى أهل الخير عن هذا من يأتي يأتي أهل الشر اللي يفعلون هذا وزيادة.
    وقد سئل شيخ الإسلام عن شخص يريد أن يكون في المكوس والمكوس ظلم يعني الجمارك ظلم فقال:" إذا كان فيها من أجل تخفيف الظلم فلا بأس" شف كيف نظر للمصلحة العامة هو سيمارس بعض الظلم لكن يبي (يريد) يخفف ينظر للمصلحة العامة فأنا إنما مسألة حلق اللحية هي اللي أنا أتأرجح فيها والاَّ مسألة الموسيقى وما الموسيقى؟ هذه منفصلة عن البدن ما يهم الإنسان الموسيقى يسد أذانه وتحية العَلَم مثل ما قلت لكم قبل قليل نعم وتنزيل أيضا الطاقية وما أشبه ذلك أيضا يمكن يقصد بذلك الإهانة وإن كان عند هؤلاء إن هذا إكرام لكن المشكلة الذي يتعلق ببدنه وهي حلق اللحية فهل نقول إن هذا ذنب مغتفر في جانب المصالح لأن الشريعة الإسلامية شريعة عدل ومقارنة بين المصالح والمفاسد أو نقول هم أمروا بمعصية الله فلا طاعة لهم ولا خير في جيش ينبني على معصية الله..."الخ.
    قلت: هذا في مصلحة دخول أهل الخير إلى هذه الأسلاك وعدم تركها لغيرهم ممن يفسد ولا يصلح مما يخالف الشيخَ غيره فيها وفي اعتبارها، فما بالك بمصلحة حفظ بيضة المسلمين ودفع شر الكفار والملحدين من المتربصين بسائر بلاد المسلمين التي لا يختلف فيها اثنان ولا ينتطح فيها عنزان كما يقولون؟.
    تنبيه مهم: ثم من الأمور المنكرة التي انبنت على هذا التصور عند الدكتور أنه منع من التعامل معهم فحرم أكل طعامهم، ومصاهرتهم، وإعطائهم ولو شربة ماء كما هو مشهور عنه ومتواتر من قوله؛ حيث أفتى من سأله عن حكم إعانة أفراد الجيش الذين يقومون بإخماد الحرائق بالماء فمنع من ذلك والله المستعان، وهذه الفتيا من أغرب ما قاله، وأعجب ما صدر عنه؛ ولا يزول العجب والاستغراب إلا بالوجه الذي ذكره الشيخ محمد تشلابي –حفظه الله- في مجلس عقده في عقيقة بمدينة "تاشتة ولاية عين الدفلى" حيث قال:
    " الدكتور يرى أن حكمه (يعني: الشرطي) حكم الكافر المحارب، ولذلك منع عنه تلك الأشياء المذكورة (شربة ماء أو تزويجه) وغيرها، لأن الكافر غير المحارب يجوز إعطاؤه الطعام والشراب لأدلة كثيرة من القرآن والسنة، بخلاف المحارب فلا يعان، فالدكتور ما دام يمنع ذلك، فهذا دليل على أنه يعتقد أن الشرطي وأعوان الدولة محاربون للإسلام، ولذلك لا يعانون!".
    تنبيه مهم آخر: ومما يدخل تحت هذا الموقف معاملته للمنتمين لهذه الأسلاك الأمنية، وتشديده عليهم، واحتقاره لهم، ولو كانوا من المتدينين القادمين إليه لاستفتائه، ومشورته، وأخذ العلم عنه، ويدل على ذلك بعض مواقفه التي نقلت عنه:
    فمنها: معاملته السَّيِّئة لأحد قادة الجيش الوطني بشهادة أحد أبرز الدعاة لمنهجه الجديد المسمى نبيل باهي حيث قال:
    "أنا كنت مرة وكنا أبناء العشرين سنة، يأتيه واحد بمرتبة مقدم، يعني ذو مرتبة كبيرة في الجيش، ليسأله في مسألة فيقول له الشيخ: بسببك أنت وأمثالك تجدني ألقي الدرس في الطريق ثم يوبخه ووو غير ذلك ثم يجيبه فينصرف ذاك الرجل ورأسه مطأطأ نحن فيما بيننا نقول والله الشيخ غدا سيلقى عليه القبض" وكلامه كما تلفظ به بالدارجة طالعه في الحاشية[11].
    فهل هذه طريقة يعامل بها العالمُ من يُقبل عليه لسؤاله واستفساره ولو كان من العصاة والمجرمين في نظره؟ أليس يحسن به أن يعلِّمه، ويوجِّهه، ويخبره بحكم الدين في عمله، ويرغِّبه في طاعة الله، ويبشِّره بحسن تعويض الله لمن ترك شيئا لأجله سبحانه، ونحو هذا الكلام الطيِّب الذي أُمرنا به في مثل قول الله تعالى:" وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا" سورة البقرة من الآية 83، الأسلوب الذي يأتي أُكله وثماره بإذن الله سبحانه.
    ومنها: وهو من أشنع ما نقل عنه في هذا الباب أن شرطيا جاء يسأله عن حكم عمله وراتبه الذي يجنيه منه فأجابه قائلا:" مثلك كمثل البغي التي تتكسب بفجورها ثم تتحجج بأنها تطعم أولادها" الجواب الذي أثر في الشرطي تأثيرا بالغا لم يفارقه إلى الساعة، فهل هذا أسلوب شرعي يعامله به؟، أليس السائل كالمريض والمسؤول كالطبيب؟ وينبغي للطبيب أن يكون رفيقا بالمرضى، مشفقا عليهم، رحيما بهم، يعطيهم الدواء الذي ينفعهم، ويصبر عليهم حتى يعالجهم.
    - الموقف الرابع:بعض الفتاوى والأجوبة التي تدل على أنه ينحى بها منحى التكفيريين، والسرورين الضالين، والقطبيين المنحرفين؛ مما كان الإخوة يسمعونها من كلامه ويستغربونها من فتاويه:
    - فمن ذلك: ما راسلني به بعض إخواننا السلفيين والتي جاء فيها: السلام عليكم
    جزاك الله وبارك فيك لما بينته ووضحته من شبه القوم أنا مرة حضرت لمجلس الشيخ فركوس أصلحه الله، وكان يتكلم عن الدعارة المنظمة، فقال عن الحكومة:" والدليل أنهم يستحلّون: رعايتهم الصحيّة لتلك النساء" وأنا استغربت واستنكرت في قلبي هذا القول، أسأل الله السلامة".
    فبالله عليكم مَنْ مِنْ علماء السنَّة جعل الرِّعاية الصِّحيَّة للزَّواني دليلا على الاستحلال؟ أليس هذا من التكفير بالمعصية، ثم الأمر يتسلسل بعد ذلك فيقال: أنهم يستحلُّون الخمر كونهم يرخِّصون لفتح الخمارات، ويستحلُّون الرِّبا كونهم يبنون البنوك الرَّبوية ويقومون بحراسة أموالها ونحو هذا، فإذا كانت رعاية الزَّواني دليلا على الاستحلال فما بالك بما هو أشد عند الله من الزنا كالخمر الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم:" الْخَمْرُ أُمُّ الْخَبَائِثِ، فَمَنْ شَرِبَهَا لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ صَلاتُهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَإِنْ مَاتَ وَهِيَ فِي بَطْنِهِ مَاتَ مَيْتَةً جَاهِلِيَّةً" رواه الطبراني وغيره وحسنه الألباني رحمه الله في الصحيحة رقم1854، والرِّبا الذي يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيه:" دِرْهَمُ رِباً يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَشَدُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلاَثِينَ زَنْيَةً" رواه أحمد وغيره من حديث عبد الله بن حنظلة رضي الله عنهما وصححه العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الجامع رقم3375.
    - الموقف الخامس:ومن المواقف التي انتقدت عليه: نهيه عن الدعاء للسلطان على خلاف طريقة أهل السنة والجماعة الذين يأمرون بالدعاء للسلطان بالصلاح وينهون عن الدعاء عليه كما هو معروف عنهم ومدوَّن في كتبهم:
    قال الدكتور كما نقله عنه أحد المنتسبين إليه الغالين فيه وهو المسمى سيد فيصل إذ نقل قائلا:" مرّة سئل الشيخ فركوس عن الدعاء لبوتفليقة بالشفاء والعافية والنصرة وغيرها من الألفاظ.. قال: كيف ندعو له بالشفاء والنصرة ووو والزوايا والصوفية قد مكن لهم واستحوذوا على مكتب في رئاسة الجمهورية!.
    وقال أيضا: الدعاء لولي الأمر بالصلاح والإصلاح بما ورد في السنة، وإلاّ لمَّا نجده حربا على الدين ندعو الله أن يبدّلنا بمن يقيم دينه، هذا هو المنهج.
    وقال أيضا: أما مدحه والدعاء له بالشفاء وبالتمكين على ما هو فيه فهم يريدون القضاء على الدين والمنهج السلفي..ما كفناش اللي رانا فيه. اهـ

    إذن هو ينهى عن الدعاء للسلطان مطلقا، حتى أنه لم يجز الدعاء له بالصلاح والإصلاح، وإنما المنهج عنده أن ندعو الله أن يرزقنا بدلا عنه من يقيم دينه، وهذا كله مخالف لطريقة أهل السنة والجماعة في هذا الباب من مشروعية الدعاء للسلطان بل منهم من كان يرى ذلك من الواجبات عليه، وأن يدعو بصلاحه لأن في صلاحه صلاح العباد والبلاد، وأن لا يدعو بالشرِّ عليه لأن في ذلك زيادة شرِّه، ولأنه إذا عُزل أو مات قد يأتي من هو شرٌّ منه، وكل هذه الأمور فيها آثار عظيمة، وكلمات للأئمة والعلماء معلومة؛ أذكر منها:
    - عن الفضيل بن عياض قال:" لو أن لي دعوة مستجابة، ما صيرتها إلا في الإمام". قيل : وكيف ذلك يا أبا علي؟.
    قال: متى صيرتها في نفسي لم تَجُزْني، ومتى صيرتها في الإمام -يعني: عمت-، فصلاح الإمام صلاح العباد والبلاد ... فقبل ابن المبارك جبهته وقال: يا معلم الخير‍ من يحسن هذا غيرك ؟" وصحح إسناده الشيخ عبد السلام بن برجس في كتابه "معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة" ص190، وعنه نقلت الأثر وما سيأتي بعده.
    - عن حنبل، أن الإمام أحمد قال عن الإمام:" وإني لأدعو له بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار والتأييد، وأرى ذلك واجباً علي".
    - وقال البربهاري -أبو محمد الحسن بن علي- المتوفى سنة ( 329 هـ ) في "شرح السنة":" فأمرنا أن ندعوَ لهم بالصلاح، ولم نؤمر أن ندعوَ عليهم، وإن ظلموا وجاروا، لأن ظلمهم وجورهم على أنفسهم، وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين" ا هـ.
    - وقيل: سمع الحسن رجلاً يدعو على الحجاج، فقال: لا تفعل -رحمك الله-، إنكم من أنفسكم أتيتم، إنما نخاف إن عزل الحجاج أو مات: أن تَلِيَكم القردة والخنازير.
    ولقد بلغني أن رجلاً كتب إلى بعض الصالحين يشكو إليه جور العمال فكتب إليه:
    يا أخي! وصلني كتابك تذكر ما أنتم فيه من جور العمال، وإنه ليس ينبغي لمن عمل بالمعصية أن ينكر العقوبة، وما أظن الذي أنتم فيه إلا من شؤم الذنوب والسلام".
    أقول: قارن -بارك الله فيك- بين هذه الآثار وبين كلام الدكتور تجد بينهما بونا شاسعا، وفرقا واسعا، فطريقة السلف وأهل السنة النظر إلى المرض لا تركيز على العرض، أما طريقة الدكتور ومن على دربهم يسير فيركزون على العرض ويتناسون المرض، ولذلك الحسن البصري -رحمه الله- أخبرهم أنه يخاف عليهم من هو أشنع من الحجاج؛ لأن الحجاج عقوبة على ذنوب باقية، وآفات مستمرة ومستعصية، ومن أراد أن ترفع العقوبة فما عليه إلا أن يحدث توبة، وهذا هو طريق أهل السنة معالجة الداء لا آثاره، والسلطان الظالم غير المرضي أثر من آثار انحراف الأمة عن الصراط المستقيم لا سبب في انحرافها وزيغها، فالتركيز عليه وتعليق الواقع المرّ به خلل في التصور، ومخالفة لطريقة أهل الحديث والأثر والفقه والنظر؛ لأن التركيز على الأثر لا ينفع في زوال المرض والضرر.
    فأهل السنة يقولون: ادعوا للسلطان بالصلاح، والدكتور يقول لا تدعوا له حتى بالصلاح، بل ادعوا الله أن يبدله بمن يقيم دينه، والحقيقة أن هذا كلام واهي: لأنه إذا كانت العبرة والمقصود إقامة الدين فكما أن سبيله تولية رجل صالح جديد، فسبيله أيضا صلاح الوالي الموجود، فلماذا لا يوافق الدكتور أهل السنة بالدعاء للوالي الموجود ويرى من المنهج دعاء الله أن يستبدله بغيره؟ هل هذا إلا نهي عن الدعاء للولي الموجود مطلقا، فما هي العلة يا ترى؟ لا نعلم علَّة مقنعة إلا أن يكون ما اشتهر عن الدكتور وذكرت شهادات كثيرة عليه من تكفيره للرئيس السابق بوتفليقة رحمه الله عَيْنًا، وحتَّى هذا لو صح فلا يمنع من الدعاء له بالهداية والصلاح لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للكفار بالهداية كما صح عنه صلى الله عليه وسلم:
    سئل الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز -رحمه الله- كما في "المجموع" ج8 ص209-210 السؤال التالي:
    - ومن يمتنع عن الدعاء لولي الأمر - حفظك الله -؟:
    - فأجاب قائلا: هذا من جهله، وعدم بصيرته؛ لأن الدعاء لولي الأمر من أعظم القربات، ومن أفضل الطاعات، ومن النصيحة لله ولعباده، والنبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له: إن دوسا عصت وهم كفار قال:" اللهم اهد دوسا وائت بهم" رواه البخاري ومسلم. فهداهم الله وأتوه مسلمين.
    فالمؤمن يدعو للناس بالخير، والسلطان أولى من يُدعى له؛ لأن صلاحه صلاح للأمة، فالدعاء له من أهم الدعاء، ومن أهم النصح: أن يوفق للحق وأن يعان عليه، وأن يصلح الله له البطانة، وأن يكفيه الله شر نفسه وشر جلساء السوء، فالدعاء له بالتوفيق والهداية وبصلاح القلب والعمل وصلاح البطانة من أهم المهمات، ومن أفضل القربات، وقد روي عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال:" لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان"، ويروى ذلك عن الفضيل بن عياض رحمه الله" اهـ.
    فأهل السنة لا يهمهم عين من يحكمهم وإنما يهمهم صلاحه.
    ومن عجيب ما عليه أتباع الدكتور اليوم ما أُخبرت به عن أحدهم ممن ظهر في بعض القنوات التلفزيونية وهو يثني على ولي أمرنا ويسأل الله أن يجزيه خيرا على خلاف شيخه الذي لا يجيز ذلك كما تقدم، وهذا يدل على جهلهم وعدم ضبطهم لمنهج شيخهم؛ الذي يناصرونه بالباطل، ويدافعون عنه بكل السبل والوسائل، لكن قد يقول قائل: أليس الرئيس السابق هو الذي لم يجز شيخنا الدعاء له لا الرئيس الحالي؟ فالجواب أنكم لا تعرفون منهج شيخكم ومقدَّسكم فهو يرى كما سمع منه الكثيرون:" أن النظام الحالي لا يختلف عن النظام البوتفليقي" بهذا اللفظ كما أخبرني به بعض من حضر كلامه من إخواننا الثقات.
    وإن لم تصدِّقوا فعليكم أن تسألوه مباشرة أو بواسطة الحُجَّاب الذين يحيطون به لتعلموا قوله في المسألة وحينئذ تختارون بين المنهج الذي رُبيتم عليه وبين شيخكم الذي تنتسبون إليه؟ وهذه حقيقةٌ من ضمن حقائق كثيرة -تقدم بعضها وسيأتي بإذن الله ذكر غيرها- تجعل الأتباع على المحك وفي الامتحان هل يقدمون منهجهم أم يتركونه لنصرة شيخهم ومقدَّسِهم؟ أما نحن -والحمد لله- فمنهجنا أغلى وأسمى عندنا من أن نتركه لأحد خالفه، أو انحرف عنه؛ كائنا من كان، نسأل الله الثبات على دينه إلى أن نلقاه سبحانه.
    الموقف السادس: من المواقف التي انتقدت عليه وأنكرت من فعله حذفه لدفاعاته عن الإمام الألباني -رحمه الله- من الطبعة الأخيرة لكتابه "مجالس تذكيرية" وهذه الفعلة لها خلفياتها، وإن من وراء الأكمة ما وراءها، ومنذ أن عُلم هذا الفعل منه والسلفيون يتساءلون لماذا قام بحذفها من كتابه، وما الذي دفعه لفعلته؟ حتى خرجت صوتيته التي أظهرت المكنون، وصيرت يقينا ما كان من قبيل المظنون، وهي:
    السائل: شيخنا في كتابك "مجالس تذكيرية على مسائل منهجية" في الطبعة المزيدة والمنقحة، تم حذف ثنائك على الشيخ الألباني –رحمه الله تعالى-، فما توجيهك لهذا الحذف الذي لم يكن في الطبعات السابقة، الذي كان مثبتا، فحذف في "الطبعة المزيدة والمنقحة" من "المجالس التذكيرية على المسائل المنهجية"؟.
    الدكتور: والله حذفه من ..يعني من راجعه، وحذف أيضا، هذا كان قديما، وحذف أيضا كل الأشخاص الذين ذكرتهم، الذين ظهر بعد ذلك أنهم تغيَّروا من حيث منهجهم، وكان منهجهم إخواني؛ كالقرضاوي وغيره، ولكن كان الألباني يتعامل معهم، يصحح لهم كتاب (الحلال والحرام) نتاع القرضاوي، يخرج الأحاديث في (غاية المرام)، ونتاع الغزالي كتابه في (السيرة) أيضا، ووو إلخ، هاذو كانوا موجودين، بصح التفاعل الوقت هذاك، ووجود نمط معين، أنا اعطيتو لواحد، هو نحاه، نحى هذا، نحى هذا، نحى هذا، بعدها صدرت الطبعة.. كما انتزعت عدة تزكيات سابقة، كانت تزكيتنا لهم، ثم قد ظهر على أنهم بعد ذلك أنهم مأربيين وفلاحيين –إن صح التعبير- حربيين إلخ، أزيلوا من الكتاب هذا، باش ما يبقاش تزكية هاذي.
    السائل: يعني لم تعد تنصح بالشيخ الألباني؟.
    الدكتور: علاش ما ننصحش بيه؟ أحنا ننصح بالشيخ الألباني، وسيرتنا مع الشيخ الألباني من الأول للأخير، سيرتنا من زمان وعمَرْنا ما تكلمنا عليه بالإرجاء، ولا بهاذى، وقلنا فيه فيه أمور، أحنا نخالفوه فيها في المنهج، في العقيدة، وفي كذا، لكن باش نتهموه بلي أنه أفسد القوم، وفعل كذا، هذا أبدا".
    أقول: وبغض النظر عن نسبته التصرف في كتابه لأحدهم، وأن هذا الأخير هو الذي قام بحذف دفاعاته عن الإمام الألباني من كتابه؛ الأمر الذي يصح أن يقال فيه: عذر أقبح من ذنب؛ لأنه يقال للدكتور: إذا كان تصرفه بإذنك، وتحت نظرك، وبموافقتك؛ فتكون أنت الفاعل والمتصرف حقيقة، أما إذا كان من نفسه ولا اطلاع لك على ما يقوم به، فهذا طعن فيك، وقدح في نتاجك، وتشكيك فيما ينسب إليك ويصدر باسمك، قلت: بغض النظر عن هذا كله فهذه الصوتية فيها طعن في الإمام الألباني –رحمه الله- من عدة وجوه:
    الوجه الأول: ذكر وهو يتكلم على حذفه للشيخ الألباني -رحمه الله-: أنه إنما حُذف من كتابه من تَغيَّر وهذا فيه رمي للألباني رحمه الله بأنه تَغيَّر.
    الوجه الثاني: أنه قرنه بالمنحرفين ممن حذفهم من طبعته الأخيرة من الفلاحيين والمأربيين والحربيين حيث لم يحذف كما قرر إلا من انحرف وخالف حتى لا يكون ذلك تزكية له، إذن الشيخ في نظره انحرف فحذفه حتى لا تكون تزكية له، وكأن الألباني -رحمه الله- محتاج إلى تزكيته وإلى ثنائه؟ وهذا وهم لأنه من المتقرر والمعلوم أن الذي رفع قدر الألباني –رحمه الله- هو ربه الذي وفقه لما وفقه إليه، حتى احتاج إلى علمه كل أحد من المخالفين فضلا عن الموافقين.
    الوجه الثالث: طعن فيه إذ زعم أنه له أخطاء في العقيدة والمنهج يخالفه فيها؛ حيث قال:" عمرنا ما تكلمنا عليه بالإرجاء، ولا بهاذى، وقلنا فيه أمور، أحنا نخالفوه فيها في المنهج، في العقيدة"، إذن هو يثبت للإمام الألباني أخطاء في العقيدة والمنهج ومعلوم أن الأخطاء في العقيدة والمنهج من أخطر الأخطاء وأشنعها، وهي لا محالة قد تخرج من السلفية صاحبها، وتقتضي -على الأقل- من السلفيين الحذر ممن وقع فيها وتلبس بها.
    وهذه الأمور الثلاثة كافية في بيان حقيقة الدكتور ونظرته لعلمائنا وأئمتنا، ومن لهم قدم صدق في خدمة دين الله وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه.
    والأسئلة التي يجب على الدكتور أن يبادر بجوابها ويبيِّنها حق بيانها هي: ما هي المسائل التي تحكم بخطأ الشيخ الألباني -رحمه الله- فيها وتخالفه لأجلها من مسائل العقيدة والمنهج؟ ولماذا أغفلها أهل العلم ولم يتكلموا عليها؟ وكيف ينبغي لنا أن نعامله وهو واقع فيها؟.

    ردود العلماء عليه وكلامهم بسبب هذه المسألة فيه:

    اعلم –رحمك الله- أن هذه الكلمات التي صدرت عن الدكتور –أصلحه الله-، والمواقف المنبئة عن مضمونها التي كانت منه، هي: التي أثارت ردود العلماء عليه، وتحذيرهم منه، وحُكمَ بعضهم بالأحكام المغلظة عليه، وإليكم بعضها لتعلموا خطورة ما وقع فيه وتلبس به:

    1- فمنهم: من خطَّأه في زعمه أن التشريعات الوضعية مخالفة لجوهر التوحيد:

    - الشيخ دغش العجمي –حفظه الله- حيث قال في مراسلة واتسابية مجيبا على السؤال التالي:
    السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    شيخنا قول:" فهذه التشريعات الوضعية التي يحكمون بها ويتحاكم المسلمون إليها ويرضون بحكمها فهي -بلا شك- منازعة لله في حق الأمر والنهي والتشريع بغير سلطان من الله، ومخالفة صريحة لجوهر التوحيد، وتمرد على حقيقة الإسلام التي توجب على عباد الله القبول والانقياد والاستسلام لدين الله تعالى".
    شيخنا الحبيب ما قولكم في هذا الكلام؛ وهل هو تقرير صحيح؟
    فأجاب:
    جوهر التوحيد عبادة الله وحده لا شريك له...
    والحكم بغير ما أنزل الله درجات ومراتب...

    2- ومنهم: من خطَّأه في فتوى الإنكار العلني بل لم يوافقه فيها أحد من العلماء المعاصرين:

    1- الشيخ الدكتور محمد بن ربيع المدخلي حفظهما الله حيث قال:
    الذي يكذب على الأئمة الثلاثة: الألباني وابن باز والعثيمين متعمدا مدعيا أنهم قائلون بجواز الإنكار العلني على السلطان، ومتجاهلا نصوصا كثيرة لهم في النهي عن ذلك بناء على حديث عياض بن غنم، ودرءا للفتن وإراقة الدماء، وفتاويهم موجودة على النت في متناول طلاب الحق.
    ويحمله على ذلك نصرة فتواه السرورية بالباطل، ويستعمل أتباعه ويضللهم.
    هل يصلح قدوة ومعلما للمنهج السلفي؟
    ثم من ينصب نفسه محاميا عن فواقره، ويسب ويشتم من لا يوافقه منصبا نفسه مقام شيخ الإسلام، يصوّب ويخطئ على هواه.
    ألا يستحق لقب المميع، ولقب المأربي الثاني؟.
    نشر في مجموعة "الفتح المبين" على الواتساب.
    2- الشيخ العلامة عبد الرحمن محي الدين -حفظه الله- حيث قال في جواب سؤال وجه إليه في الواتساب:
    سلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله شيخنا ونفع بكم
    ما رأيكم شيخنا في فتوى الشيخ محمد علي فركوس وفقه الله الأخيرة هذه في الإنكار العلني على ولاة الأمور؟
    وتعتبر هذه الفتوى الرابعة له في هذه المسألة صدرت قبل يومين فقط
    نريد توضيحا من فضيلتكم وفقكم الله فإن كثيرا من إخواننا السلفيين يعتقدون أن هذه هو منهج السلف في المسألة؟
    وبارك الله فيكم.
    فأجاب حفظه الله:
    لا يلتفت إليها.
    3- الشيخ صالح السحيمي -حفظه الله- حيث قال في صوتية متداولة عنه:
    وهناك كتيب يتداوله الناس لبعض الدعاة في إحدى البلدان الإسلامية وإن كان هو ليس من الخوارج، إن شاء الله لا يكون من الخوارج؛ لكنه أخطأ، وقع في عقيدة الخوارج في الإنكار العلني على الحكام، في الإنكار العلني على الحكام، وهذا قد أخطأ فيه، ولا نقره عليه، وإن كان هو طالب علم ربما أنه فاضل، لكن في الآونة الأخيرة له فتاوى لا يوافق عليها، في إحدى البلدان الإسلامية، منها: هذه المسألة يعني يرى الإنكار على الحكام علنا، وهذه أول ظاهرة بدأت في الإسلام يوم أن ثار الخوارج على أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه، وليست من دين الله في شيء أبدا، ليست من دين الله، فيناصح هذا إذا كان أحد من أصحاب ذلك البلد يسمعنا يناصح ذلك الأخ هداه الله إلى الصواب.
    عنده فتوى أخرى في الحقيقة يعني أخطأ فيها خطأ جسيما، بل أرى أنه خطأ إجراميا، هو يفتي بأن التباعد في وقت كورونا يبطل الصلاة، يبطل الصلاة، وهذا ضلال، خالف فيه علماء الأمة الكبار، وإنما اخترعه من نفسه، أو قلد فيه غيره، أو اجتهد فلم يحالفه الصواب في هذا الاجتهاد، وهو ليس من أهل الاجتهاد، أهل الاجتهاد هم العلماء الربانيون الكبار، الذين ينفون عن كتاب الله عز وجل تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وهذا وجهة نظر إن كان أحد من ذلك البلد أنا لن أسم لكن أكيد أنهم فهموا كلامي، فإذا كانوا يعرفونه يناصحونه من نشر هذه الفتاوى الشاذة التي تخالف فتاوى علماء الأمة، وأجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار كما يقول بعض السلف فانتبه لهذا".
    قلت: وقد ذكر مؤخرا بعض الطلبة أن الشيخ السحيمي –حفظه الله- كان يقصد الدكتور فركوسا -هداه الله-، وحتى لو فرضنا أنه لم يكن قاصدا له، وكان يقصد البكري كما زُعم عند صدور الفتوى، فكلام الشيخ يتناول الدكتور قطعا، لأنه يرى الإنكار العلني على الحكام، ويفتي بعدم جواز الصلاة بالتباعد، فكلام الشيخ يشمله ويقع عليه ولو كان مقصودا به غيره، والله المستعان.
    - ثم صدرت فتوى مؤخرا للشيخ السحيمي –حفظه الله- في الدكتور تؤكد ما أخبر أولئك الطلبة به من أن الشيخ السحيمي كان يقصده، وتدل على مكانة الدكتور عنده ورأيه فيه وفيما ينبغي عليه، وهي:
    المتصل: شيخنا عندي سؤال لو سمحت؟
    الشيخ: نعم.
    المتصل: شيخ عندنا في الجزائر تسمع بالشيخ فركوس فقد خالف في بعض المسائل مثل الإنكار العلني.
    الشيخ: اتركوا الدخول في المسائل هذه، واطلبوا العلم ودعوا عنكم بنيات الطريق أنتم وفركوس وغيركم، دعوا هذه الأمور واطلبوا العلم على العلماء الربانيين، اتركوه.
    المتصل: جزاكم الله خيرا.
    4- الشيخ سليمان بن سليم الرحيلي -حفظه الله ورعاه-:
    - قال في صوتيته المشهورة في أحداث الجزائر الأخيرة: أنا أخالفه في فتاوى وأعجب أحيانا من تأصيلاته الأخيرة؛ لا تتوافق مع ما أعرفه عنه من تأصيل أصولي، أتعجب منها كثيرا وأنا أقولها بكل وضوح..".
    - وقال أيضا وهو من آخر ما قال في هذه الفتنة التي ألمت ببلدنا الجزائر مجيبا على السؤال التالي:
    أحسن الله إلكم ماذا تعرفون عن أصول الشيخ فركوس حفظكم الله؟
    فأجاب: والله على كل حال الشيخ فركوس نحن ذكرنا مرارا وتكرارا أن الرجل على السنة هذا الذي كنا نعرفه، ولكن الحقيقة ما يطرحه في الأخير أنا أرى أنه مدخول، وأنا هذا رأيي أنه ما أتي من قِبل الشيخ وإنما أتي من قبل مندسين عليه، وهؤلاء يمكرون ولا أقول كل طلاب الشيخ، كثير من طلاب الشيخ فيهم خير، لكن فيه ناس واضح من تغريداتهم، وواضح من إصرارهم، وواضح من منهجهم، وواضح من (تنفيذهم) وواضح من كذا، أنهم ما هم على الجادة، ما هم على الجادة، فهؤلاء هم الذين أنا أحذر منهم، وهم أعدائي، وأنا أتقرب إلى الله بوجوب كشفهم وإسقاطهم، وأما الشيخ فأرجوا من الله أن يخلصه منهم، هذا الذي عندي أنا، وكل من المشايخ له اجتهاده في المسألة ورأي، ما أحكم على غيري".
    - وقال في تغريدته الأخيرة والتي كانت في يوم 15 جمادى الثاني 1444ه الموافق لـ: 7/ 01/ 2023م:
    لا أوافق الشيخ فركوس في فتاواه السياسية الأخيرة وما يتعلق ببعض فتاواه حول الجيش والعسكر وغيرها وأخص فتوى الإنكار العلني على ولاة الأمور وأدعوه إلى العودة الصريحة عنها وقفل باب الفتنة ولاسيما وقد رأى آثارها السيئة على الشباب وسمعة الدعوة السلفية في الجزائر.
    قلت: لقد اشتملت هذه التغريدة جملة انتقادات واضحات وهي:
    أولا: تسمية فتاواه الأخيرة بالسياسية فهي ليست شرعية على طريقة فتاوى علماء الدعوة السلفية بل هي سياسية على طريقة دعاة الحزبية ومنهم من نسب الدكتور إليهم وهم السرورية.
    ثانيا: أن الشيخ لا يوافقه على هذه الفتاوى السياسية ولا على ما صدر عنه مما يتعلق ببعض فتاواه التي قالها في الجيش والعسكر وحق له أن لا يوافقه على شيء منها لأنها من الأمور التي تذكر فتنكر ويحذر منها وينفر.
    ثالثا: أن الشيخ –حفظه الله- خص فتواه في الإنكار العلني بالذكر وعدم الموافقة عليها ونصحه بالعودة الصريحة عنها.
    رابعا: نصحه بقفل باب الفتنة -التي رأى آثارها السيئة على الشباب السلفي وسمعة الدعوة السلفية- مشيرا إلى أن قفلها بيده ومن المعلوم أنه لا يتم قفلها إلا بتوبته ورجوعه وعدم إصراره لأنه هو من فتحها وأجج نارها فانقلب عليه شررها وأحرقه لهيبها بظهور هذه الأخطاء الكثيرة عليه والتي لا يمكنه أن يتنصل منها إلاّ بالتوبة والأوبة وهو المطلوب في قفل باب هذه الفتنة والله المستعان.
    3- ومنهم: من خطَّأه في بعض مواقفه وفتاويه مما ينتقد عليه والتي تقدم الكلام على كثير منها:

    أ- الشيخ الدكتور إبراهيم المحيميد –حفظه الله-:
    - غرد حفظه الله قائلا: الساحة فكر (سلفي صوفي بنفس خارجي).
    سلفي لأنه يدعي ذلك
    صوفي لأنه يطلب منك موافقته في كل كلامه
    خارجي يطعن في العلماء والحكام بدعوى قول الحق
    خذوها مني
    من يبتر الكلام لنصرة باطله
    ويطعن في علماء وحكام بلاد الحرمين وغيرهم
    سيقود سيارة متفجرة يوما ويسفك الدماء ويصعد للجبال كما صعد سلفهم.
    - نشر تعليقا على تغريدة للمدعو سالم بن عمر وهي:
    فما أن يخرج الشيخ فركوس بفتاوى مؤصلة منهجية قال الله قال الرسول بفهم السلف الصالح نفع الله بكلمته واجتمع الناس حوله إلا وتظهر لنا طائفة خبيثة قرود أنجاس خنازير يريدون أن يسقطوه ليس همهم إلا أن يسقطوه أخزاهم الله في الدنيا والآخرة.
    فعلق الشيخ عليها قائلا:
    أخي لا تستخدم هذه الألفاظ القبيحة والأوصاف الشنيعة بحق من يخالفك من إخوانك
    الله كرَّم المسلم وأنت تصفهم بالقرود الخنازير
    فإذا كنت فاعلا فلا تكتب هذه القاذورات على صفحتي
    الذي رباك على قذف كل من يخالفك بهذه القبائح سوف يربيك يوما على تكفير المخالف وسفك دمه والخروج على المسلمين بالسلاح.
    قلت: وكلامه محتمل أنه يقصد بالمربي الدكتور فركوسا ويحتمل غير ذلك.
    ب- الشيخ الدكتور محمد بن ربيع المدخلي حفظهما الله:
    1- قال في جواب على سؤال وجه إليه في الواتساب وهو:
    السلام عليكم
    شيخنا الحبيب بعض إخواننا هداهم الله جعلوا بيان الشيخ فركوس حفظه الله تعالى شعارا لهم؛ وراحوا يعرِّضون بمشايخ البلد وعلى رأسهم فضيلة الشيخين العالمين الأزهر سنيقرة وأخاه الشيخ عبد المجيد جمعة حفظ الله الجميع؛ فهل يجوز اتخاذ الشعارات في الصفحات والمواقع لضرب المشايخ بعضهم ببعض على طريقة الصعافقة والحزبيين؛ بارك الله فيكم؟
    فأجاب حفظه الله ورعاه:
    أحيلك يا دكتور إلى صاحب الشهادة
    وكأنه لا يعلم ولا يدري
    أو أنه مغتبط وراض
    ومشكلة مشايخ الجزائر حلها بيده بعد إرادة الله، سطر واحد منه يخرس الأفواه المتطفلة" اهـ.
    ثم أعادوا سؤاله عن اتخاذ شعار "شهادة للتاريخ"؟
    فأجاب:
    لا يجوز اتخاذ هذا الشعار لأنه من قبيل الهمز واللمز للشيخين ومن يحترمهما ويقدرهما وهو داخل في قوله عز وجل:" وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)" سورة الهمزة.
    2- وسئل حفظه الله عن كلام الدكتور الذي قال فيه أن الصحابة اختلفوا في العقيدة:
    السائل: ممكن تعليق على هذا الكلام
    أي أن الصحابة رضوان الله عليهم اختلفوا في العقيدة أو في مسائل أصول العقيدة...
    حفظكم الرحمن
    فأجاب الشيخ حفظه الله:
    اسمع
    غير صحيح
    الصحابة ما اختلفوا في أصول العقيدة
    واتفق السلف على إثبات رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة
    وهي جائزة في الدنيا ولكن من أجل الإيمان بالغيب اقتضت حكمته عدم رؤيته في الدنيا
    أما هل رأى محمد ربه فيها خلاف سائغ وقال العلماء أن هذه المسألة من الفروع الفقهية وليست من الأصول.
    أما الشيخ فركوس اليوم إذا قال لك اللبن أبيض فلا تصدقه.
    وقس على ذلك بقية المسائل التي ذكرها الشيخ فركوس.
    2- وقال: بسم الله الرحمن الرحيم
    تهنئة بعيد الفطر 1443هـ
    تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام
    عيد بأية حال عــدت يا عيد وحال الذين اهتدوا هجر وتبـديد
    من البرازيل لجاكرتا تخـاصمهم أما الجزائر صـواريخ وتهـديـد
    وذاك شيخ يرى التقليد منقصـة لغـيره، أما له رشـد وتسـديد
    يرى الدليل له حصرا وماركـة وغيره قولهـم هـذر وتفنـيـد
    العلم إن لم يكن في قلب ذي رشد مثـل المسـدس يعـطاه الموالـيد
    ت- الشيخ ناصر زكري -حفظه الله-:
    قال في محادثة واتسابية:
    نعم أرسلوا مذكرة فيها ما فيها لم أطلع عليها إلا على جزئية أخطاء الشيخ فركوس
    الحقيقة إلى الآن لا أصدق فقد نقلوا نقولات خطيرة جدا ونسبوها إلى الشيخ فركوس بل ذكروا عند كل خطأ مرجع الخطأ والله إن الأخطاء التي ذكروها خطيرة إلى الآن لا أتصور أنها صدرت من الشيخ فركوس لأنها خطيرة جدا مخالفة لمنهج السلف مخالفة واضحة.
    وأرى لزاما من الرد عليها أو توضيح الحق فيها فلا يجوز السكوت وقت الحاجة.
    ولا أحد أعلى من الحق.
    والله المستعان.
    ث- الشيخ زاهد الساحلي -حفظه الله-:
    سئل عن مضمون محادثة واتسابية وهي:
    قال أحدهم: لكن الشيخ الفوزان والشيخ سليمان يقولوا بجواز التباعد يعني المسألة خلافية وهاذو مجتهدين
    فأجابه الآخر: راك من نيتك!
    الفرق واضح بين العلامة فركوس الوحيد الذي يرجع إليه في النوازل والرحيلي مجرد طالب علم ما تقارن بينهما
    والشيخ الفوزان في هذه النازلة يداهن بن سلمان العلماء في السعودية صاروا مضطهدين
    فقال له صاحبه:
    الله أكبر أنت تريد إسقاط العلماء يعني كاين عالم واحد في العالم هذا ربي يغفر لك هذا الكلام لا يقوله سلفي الشيخ الفوزان والشيخ سليمان والشيخ عبد المجيد يرجع إليهم في النوازل هاذو علماء مشي لعبة.
    فأجابه الآخر:
    الشيخ جمعة طالب علم قالها الشيخ نور الدين كامل طلبة علم والشيخ فركوس قال لا أجتمع معهم وشوف مجلس الجامعة القوي كلام منهجي.
    وكان السؤال مع هذه المحادثة التالي:
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    شيخنا هل من تعليق على هذا الكلام جزاكم الله خيرا؟.
    فأجاب الشيخ زاهد حفظه الله:
    أشنع ما قاله فركوس إنكاره صحة الصلاة مع التباعد للضرورة حيث أتى باستدلال أجنبي عن الشريعة ولا أعلم أن أحدا من أهل العلم عمم حديث "لا صلاة لمنفرد خلف الصف" فجعله شاملا لمن صلوا متباعدين في الصف فلا الشرع يسعف فركوسا ولا حتى اللسان العربي.
    وأما طعن هذا النكرة في بقية السلف العلامة صالح الفوزان واتهامه بالمداهنة فهي منه مغالطة عظيمة وكذب مفضوح فالشيخ الفوزان عرف بتمسكه بمنهج السلف الصالح ولا يرى الإنكار العلني على الحكام لأنه يحدث شرا عظيما.
    ثم سئل: شيخنا من المقصود بالنكرة في مقالك أحسن الله إليك؟
    فأجاب: المقصود بالنكرة ليس الشيخ فركوسا سدده الله، إنما المقصود به نكرة طعن في العلامة الشيخ الفوزان كما هو واضح من الرسالة ورسالتي تقف عند مناقشة فتواه فقط.
    قلت: ومما يتعلق بهذا الجواب:
    غرد الشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله:
    التعصب لعالم بعينه والتنقص لعلماء وشيوخ أهل السنة والاستهانة بالأقوال المخالفة لقول شيخ الطالب وتلقيب المخالفين لشيخ الطالب من أهل السنة بألقاب التنقص ك (داعية وطالب علم ونحو ذلك) وتصدر الصغار، من الأمراض التي يجب علاجها ومن سوء الأدب والخلق الذي يجب اجتثاثه ومخالفة لمنهج السلف.
    ج- الشيخ عبد الرحمن محيي الدين -حفظه الله تعالى-:
    سئل سؤالا طويلا ذُكر له حفظه الله فيه بعض ما ينتقده بعضهم على الدكتور فركوس -أصلحه الله- في رسالة واتسابية كالتالي:
    اللهم إنا نبرأ إليك مما صنع فكوس
    1- أفتى بجواز صلاة الجمعة في الأبنية والأقبية مخالفا بذلك العرف والنظام العام فكانت هذه الفتوى فاتحة شر على إخواننا لمشابهتهم الخوارج في ذلك.
    2- أبطل صلاة ملايين المسلمين الذين أخذوا بجواز التباعد مستدلا في ذلك بنص في غير موضعه زاعما بذلك أن المسألة نصية، ويا ليته سكت بل أخذ يشنع على كل من خالفه ولو كان أعلم منه كالفوزان والعباد ورماه بالتقليد ومخالفة حديث النبي صلى الله عليه وسلم وأطلق عنان لسانه بالسب والقدح في مشايخ فضلاء لا لشيء إلا لأنهم لم يأخذوا بقوله فحجر واسعا وأراد أن يحمل الناس على قوله وهذا الصنيع منه ينم على ضحالة العلم وضيق أفقه وأنه لم يحصله على منهجية صحيحة.
    3- قاصمة الظهر وهي إقدامه على فتح باب لطالما حرص علماء السنة على صيانته ألا وهو الإنكار العلني على الحاكم في غيبته فأجاز ذلك باستدلال غريب وعجيب لم يسبق إليه وجعل لذلك شروطا –كعادته- يستحيل تحققها، ضاربا بذلك اعتقاد أهل السنة عرض الحائط والذي زاد الأمر قبحا هو كذبه على أئمة العصر الثلاثة ابن باز والألباني وابن عثيمين وأنهم يقولون بقوله مستعملا في ذلك طرقا غير شرعية من البتر، والتدليس والتلبيس والله المستعان.
    4- إحداثه لهذا الشرخ الهائل في الصف السلفي والذي نصطلح على تسميته بـ "فتنة فركوس" انطلاقا من مسائل فقهية اجتهادية صيرها مسائل منهجية ونصب الولاء والبراء عليها بل جيش الجيوش من أجل ذلك حتى فرق بين الإخوة والأحبة وزرع بذور الفتنة وأرسى جذور التعصب والتقليد وغلا فيه أتباعه ورفعوه فوق السحاب وأضفوا عليه ألقابا تنم عن تقديس وغلو عجيب.
    5- طعنه في الشيخين الفاضلين أزهر وعبد المجيد بطعونات فاجرة وحرض عليهم الهمج الرعاع أتباع كل ناعق ولم يقدم ولا دليلا واحدا على طريقة الحدادية النتنة وهذا ينم عن حقد دفين على الشيخين وعلى الدعوة السلفية وهذا يدلنا على أن وراء الأكمة ما وراءها والأيام حبلى.
    كتابة كتبها بعض القنوات.
    فأجاب الشيخ:
    الله أكبر، فتنة يا بني كنا نحسبه على خير، والله المستعان.

    ح- الشيخ علي السالم -حفظه الله- قال في أول الأحداث:
    عباس مدني وعلي بلحاج اغتر بهم كثرة كاثرة وألوف مؤلفة من الشباب الجزائريين المتبعين للسلف؛ كانا يتظاهران باتباع السلف والعلماء الكبار ابن باز وابن عثيمين وخاصة الألباني! لكن كان عندهم حنك وأضغان داخلية عميقة دفينة! وهذا الهوى أخذ بهم إلى الانحراف عن السنة، على طريقة الجماعات السياسية!
    فلما انضم الخداع والتلبيس إلى التحريف، كانت النتيجة هي تلك المصيبة الوخيمة التي شهدتها تلك البلاد!
    قتل!
    سفك دماء!
    استباحة أعراض النساء الطاهرات!
    فوضى عارمة لا نظير لها!
    واليوم وجد في كلام من يظهر السنة –كما تظاهر أولئك- من تشهد كتاباته وما بين سطورها على أن في سويداء قلبه: الهوى ذاته! وهو ذات الهوى الذي كان عليه الخوارج الأولون، "يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان"، "يقولون من قول خير البرية"، "يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم"!.
    متى ما رأيت "الشيخ المفتي الدكتور" يحوم حول الفتاوى السياسية التي تضرب بأصول السنة، خاصة في باب السمع والطاعة للأئمة، فأمسك عنه، واعلم أن الفرار بدينك منه أسلم لك ولأهلك!

    خ- الشيخ أبو عمر محمود الشنقيطي –حفظه الله-:
    - نشر على صفحته في الفايسبوك قائلا:
    كنت في مجلس قبل قليل مع بعض المشايخ من ضمنهم الشيخ العلامة أ.د صالح السحيمي –حفظه الله-
    وهم يحذرون من الدكتور فركوس أشد التحذير، ويأسفون على ما يحصل في الجزائر، ويحملونه كل ما يحصل من تفرقة وتمزيق للصف السلفي.
    يوم الثلاثاء 14 ربيع الثاني 1444هـ/ 08/11/2022م.

    4- ومنهم: من أنكر عليه إصراره على أخطائه والتي تقدم بعضها:

    1- الشيخ طلعت زهران –حفظه الله:
    كلمتُ الشيخ طلعت زهران –وفقه الله تعالى- بخصوص العبارة التي انتشرت له مؤخرا "الأمور اتضحت الآن" فيما يخص حال الشيخ فكوس فأضاف إليها هذه العبارة:
    المشكلة في إصرار الشيخ على الخطأ وليست في وقوعه في الخطأ؛ فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
    وعليه فإن الشيخ فركوس مطالب بالرجوع عن أخطائه التي تسببت في تفريق الصف السلفي في الجزائر وغيرها من بلدان المسلمين.
    حتى يحفظ على طلبة العلم أوقاتهم التي أهدرت في هذه الأحداث الأخيرة.
    فالسني يحرص على جمع الكلمة على الحق ولو على حساب شخصه.
    بعث السائل بهذه الرسالة إلى الشيخ طلعت حفظه الله وسأله: أنقلها عنك شيخنا؟
    فأجاب: نعم.
    2- الشيخ محمد بن ربيع -حفظهما الله-:
    الشيخ الصريح سمير مرابيع
    سمير مرابيع أثلجت الصدور بما تبديه من رد على شيخ تمادى
    وخاب الظن فيـه وكنا قبـلا نؤمله معينا ونحسبه عـمـادا
    فواصـل بالشـجاعة لا تهـبه فدأب الشيخ نحسبه العـنادا
    وقد أغروه في مـدح وإطـراء فظـن بأنـه كابن المنـادى
    وإن الحـق أولى نتبـعـــه نقدمه على الغالي اعــتمادا
    كشفت عن علوم راسـخات وحقك بالفقيه أن تنــادى
    سيرتفـع المحــق ذات يوم وينزل للحضيض من تمـادى
    إذن وصفه بالتمادي والعناد.
    3
    - الشيخ عبد المجيد جمعة -حفظه الله-:
    ومن آخر ما أجاب به الشيخ -حفظه الله ورعاه- على سؤال وجه إليه في رسالة واتسابية الآتي:
    السائل: السلام عليكم وحمة الله
    شيخنا الحبيب عساكم بخير وأرجو ذلك..
    سؤال لو تتكرم بالإجابة عليه أكون لك من الشاكرين..
    س:
    كيف سنتعامل مع الدكتور فركوس إن تاب عن أخطائه وتراجع عن تقعيداته وتأصيلاته التي وافق من خلالها المنحرفين عن المنهج السلفي؟.
    أفدنا شيخنا الحبيب مشكورا مأجورا بحول الله.
    فأجاب الشيخ قائلا:
    يتوب أولا بعده فكر كيف تتعامل مع أخطائه
    يا أخي متى عهدته تاب وتراجع وأخطاؤه العلمية والمنهجية أضحت لا يختلف فيها اثنان إلا من أعمى الله بصيرته من أهل التقليد والتقديس وإلا فإن الأخطاء التي أقر بها باطنا قام بتصحيحها خلسة وخفية كما فعل في موقعه ولم يظهر التراجع.
    ومن يظن أنه يتراجع عن أخطائه فهو ينام في أحلام ويعيش في أوهام.
    السائل: جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل، هل تأذن بالنشر
    الشيخ: كما تريد
    السائل: أحسن الله إليك شيخنا الحبيب.

    5- ومنهم: من أثنى على من خالفه من مشايخنا في الداخل ووافقهم على وقوفهم ضد منهجه الجديد ومسلكه الغير رشيد أو فتاويه الأخيرة التي شذ فيها عن علماء الأمة:


    1- الشيخ زاهد الساحلي –حفظه الله-:
    قال بعد صدور رد الشيخ عبد المجيد جمعة المسمى بـ "انقضاض الاعتراض":
    قرأت رد الشيخ الدكتور والفقيه الأصولي العلامة عبد المجيد جمعة حفظه الله الموسوم بـ [انقضاض الاعتراض] فلم أرصد على جناب الشيخ خطأ علميا ولا حتى خطأ نحويا وقد استفدت من اختيارات الشيخ الفقهية وتحقيقاته الأصولية فوائد عظيمة لم تخطر لي على بال فالحق أن رد الشيخ قد احتوى على نخب علمية ومسائل نفيسة تثنى عليها الخناصر وتضرب إليها أكباد الإبل فجزاه الله خيرا على ترسمه السنة في تصويبه لجناب الشيخ محمد علي فركوس وفقه الله.
    2- الشيخ طلعت زهران –حفظه الله-:
    قال معلقا على رد الشيخ عبد المجيد جمعة –حفظه الله- "انقضاض الاعتراض":
    رد علمي مفعم بالأدلة القوية الواضحة، وفي الوقت نفسه كله أدب جم وروية ودقة، ولسان الحال: ما منا إلا راد ومردود عليه، فلنستدم الود والمحبة والتألف.
    عن الشيخ الحبيب عبد المجيد جمعة أتكلم.
    3- الشيخ أبو العباد أحمد الشافعي –حفظه الله-:
    - سئل في رسالة واتسابية بعد خروج رد الشيخ عبد المجيد –حفظه الله- "انقضاض الاعتراض" السؤال التالي:
    - تعليقكم شيخنا على مقال الشيخ عبد المجيد جمعة –حفظه الله ورعاه-؟
    فأجاب: ما شاء الله تبارك الله
    قوة في الحجة، وتأصيل في الرد، مع أدب واحترام للشيخ فركوس –حفظه الله-.
    هكذا العلماء راد ومردود عليه، مع حفظ المحبة والود بين الأحبة.
    وليخسأ الحدادية والصعافقة، وإن غدا لناظره قريب.
    4- الشيخ الدكتور محمد بن ربيع المدخلي حفظهما الله:
    - سئل في رسالة واتسابية بعد خروج رد الشيخ عبد المجيد –حفظه الله- "انقضاض الاعتراض" السؤال التالي:
    السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    هل قرأتم المقال شيخنا؟؟
    وهل من تعليق شيخنا الحبيب واستسمحك في النشر
    ابنكم ومحبكم إلياس أبو حذيفة
    فأجاب –حفظه الله-:
    استعرضت المقال وأعجبني.
    وجزى الله الشيخ الدكتور عبد المجيد خيرا وننتظر منه المزيد.
    وللصبر حدود
    فقد بلغ الفيضان الزبى
    وجرف معه الغثاء
    وثبت النجباء.
    و "لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (58)" سورة النجم.
    قال الشاعر:
    جاء (فلان) عارضا رمحه إن بني عمك فيهم رماح
    - ومن آخر ما تكلم به شعرا حفظه الله قوله:
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الشيخ الصريح سمير مرابيع
    سمير مرابيع أثلجت الصدور بما تبديه من رد على شيخ تمـادى
    وخاب الظن فيه وكنا قبــلا نؤمله معينا ونحسبه عـمـادا
    فواصـل بالشـجاعة لا تهبه فدأب الشيخ نحسبـه العـنادا
    وقد أغروه في مدح وإطـراء فظـن بأنـه كابـن المنـادى
    وإن الحــق أولى نتـبعـه نقدمه على الغـالي اعتـمـادا
    كشفت عن علوم راسخاـت وحقّك بالفقـيه أن تـنـادى
    سيرتفع المـحـق ذات يـوم وينزل للحضيـض من تمـادى
    5- الشيخ علي رضا –حفظه الله-:
    - قال في جواب على سؤال وجه إليه في الواتساب بعد صدور رد الشيخ عبد المجيد جمعة "تهاوي التهاوي" وهو:
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    شيخنا بارك الله فيكم هل اطلعتم على رد الشيخ عبد المجيد جمعة؟
    فأجاب قائلا: والله لقد تعب الشيخ جمعة في هذا الرد تعبا واضحا وأتى بالأدلة القاطعة على ما يريد إثباته فجزاه الله خيرا ونفع بما كتبه.
    كتبه: د علي رضا.
    16 ربيع الأول 1444هـ

    6- الشيخ أبو العباد الشافعي -حفظه الله-:
    - قال في جواب على سؤال وجه إليه في الواتساب بعد صدور رد الشيخ عبد المجيد جمعة "تهاوي التهاوي":
    كالعادة موفق ومسدد، وعالم نحرير وناقد بصير.

    6- ومنهم: من حكم عليه بالسرورية تلكم النحلة الردية ومشابهة المنحرفين الضالين ممن لا يشك في انحرافهم وضلالهم:

    أ- الشيخ الدكتور عبد المجيد جمعة حفظه الله ورعاه:
    نقل عنه الجواب عن السؤال التالي:
    السائل: شيخنا نقل عنكم أنكم قلتم عنه أنه تكفيري، هل هذ صحيح؟
    الشيخ: لا أنا لم أقل أنه تكفيري هذا كذب علي، بل قلت أنه سروري.
    السائل: وهل قلت عنه سروري شيخنا؟
    الشيخ: سروري ولست وحدي من قال هذا".
    مجلس باب الواد 28 من شهر الله المحرم 1444هـ.

    ب- الشيخ علي رضا المدني -حفظه الله-:
    - سئل في رسالة واتسابية السؤال التالي:
    أحسن الله إليكم شيخنا الفاضل، نشرت إحدى القنوات هذا التسجيل للدكتور فركوس –أصلحه الله- وهو يتهم الدولة السعودية بعدم الحكم بما انزل الله إلا في بعض الأمور، فما رأي فضيلتكم في هذا المنهج الذي يتربى عليه بنو جلدتنا من المقدسة؟
    فأجاب قائلا:
    هذا عمل باطل ومخزي أن يصدر ممن كان يظن به السلفية فإذا به سروري تكفيري عياذا بالله.
    وكانت الرسالة في: الثلاثاء 17 صفر 1444هـ.
    - وسئل في رسالة واتسابية أخرى مؤخرا السؤال التالي:
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الله يبارك فيك شيخنا هل من تعليق على هذه الصوتية للدكتور فركوس يتكلم فيها عن حكم التعاون مع الجيش؟
    فأجاب حفظه الله:
    بوركت: فركوس متروك! هذا في علم الحديث معناه: ضعيف جدا أو متهم بالكذب؛ فهذا خلاصة قولي فيه ولا أحتاج إلى سرورياته الضالة!
    20/ 12/ 2022م
    - وسئل عن قول أحد أتباع الدكتور وهو المدعو أبو جويرية والذي قال:
    لاحظت بعض من تصعفقوا ثم نظرت في الأسباب التي أدت إلى تصعفقهم فوجدت أن أموالهم وتجاراتهم ومناصبهم ووظائفهم تتصادم مع فتاوى العلامة فركوس حفظه الله وفي الحقيقة هؤلاء يريدون الفرار من حدود الله.
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الله يبارك فيك شيخنا هل من تعليق؟
    فأجاب الشيخ حفظه الله:
    كلام فارغ فركوس متروك عند أهل العلم.
    28 جمادى الأولى 1444ه
    23 / 12 / 2022م.
    - وسئل -حفظه الله- في رسالة واتسبية السؤال التالي:
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    شيخنا الوقور هل يلزم عند قول أهل العلم عن الدكتور فركوس بأنه قطبي وسروري أو كذاب هل يلزم من هذه الأوصاف أنه مبتدع!؟
    وجزاكم الله عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
    إبنكم ومحبكم محمد أبو سعد الوهراني الجزائري.
    فأجاب حفظه الله:
    نعم مبتدع.
    وهذا آخر جواب أجاب به الشيخ علي رضا حفظه الله في حق الدكتور فيما بلغني.


    ت- الشيخ الدكتور محمد بن ربيع المدخلي -حفظهما الله-:
    1- سئل الشيخ الدكتور الفاضل محمد بن ربيع المدخلي حفظه الله في رسالة واتسبية عن الكلام التالي:
    ما دام ولله والحمد والمنة يوجد الشيخ فركوس حفظه الله وتعصبه للدليل فقط، فلا عبرة بأحد، لا بأمثال هذا ولا بعلماء الحجاز الذين أحدثوا في الدين ما ليس فيه؛ ويجعلون السنة الصحيحة خلف ظهورهم وهم يزعمون أنهم على منهج السلف الصالح، كلا وجودهم كعدمهم، والحمد لله لن يضروا إلا أنفسهم" اهـ.
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    شيخنا نريد منكم تعليقا على هذا جزاكم الله خيرا.
    فأجاب:
    لا نشك في أن مثل الشيخ الفوزان والمفتي واللحيدان قبل موته يقومون بالنصيحة لولاة الأمر سرا بالمشافهة حينا وبالمكاتبة حينا آخر وبهذا يقومون بفرض كفاية عن بقية العلماء وتبرأ الذمة.
    فلم يحدثوا في الدين ولم يتأثروا بأفكار سيد قطب وحسن البنا وعلى بلحاج مثل شيخهم.
    2- سئل حفظه الله عن كلام للمدعو أحمد أبو دجانة الموحد إذ قال:
    أنا قلتها لكم في منشور سابق وأقولها وأعيدها الناس سليمان الرحيلي يأتي يوم ويطعن في شيخنا شيخ فركوس حفظه الله وسليمان الرحيلي ليس له علم في التوحيد والعقيدة وسليمان الرحيلي منهج ضعيف جدا وليس من كبار أهل العلم وأخيرا أقول هذه تزكيات المجانيه كل من ظهرها في الساحة زكوه وقالوا إنه كذا وكذا.
    السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياك الله شيخنا
    نريد منكم تعليقا على هذا الكلام
    جزاكم الله خيرا.
    فأجاب:
    الشيخ سليمان خير من الشيخ فركوس لأنه لم يتأثر بالإخوان والسرورية مثل الشيخ فركوس.
    قلت: هذا جواب الشيخ بغض النظر عن أخطاء الكاتب للمنشور والتي تدل على مستواه الدني وخلقه المتردي ومثل هؤلاء صار لهم كلام ومشاركة في الفتن والنوازل والله المستعان.
    3- وسئل حفظه الله السؤال التالي في الواتس:
    السؤال: أحسن الله إليكم شيخنا الفاضل، بلغنا أن الشيخ جمعة –حفظه الله- جرّح الشيخ فركوسا حيث قال عنه بأنه سروري يؤصل للبدعة وأنه خان الأمانة العلمية ببتر أثر ابن عباس رضي الله عنهما وبتر كلام العلماء لنصرة بدعته بالإضافة إلى السرقات العلمية، فما رأي فضيلتكم؟
    الجواب:
    الرأي للشيخ فركوس
    لماذا لا يرد ويبرئ نفسه من التهم إن كان بريئا؟
    وهو مدان إذا سكت حتى يتبرأ بكلام واضح بلا لف ولا دوران.
    السائل: جزاكم الله خيرا
    هل تأذنون بالنشر؟
    الجواب: نعم.
    الأحد 1 صفر 1444هـ.
    أبو البراء أحمد مرسلي الفوكي.
    4- وسئل حفظه الله في محادثة واتسابية الآتي:
    والإخوة مختلفون فيه
    فمنهم من يقول نحفظ كرامته ومنهم من يقول لا نحفظ الكرامة
    والله يا شيخنا اختلافات كثيرة بين الإخوة لأجل الدكتور.
    الشيخ حفظه الله:
    ليس هو بأفضل من المأربي والحلبي وعرعور والمغراوي والبخاري فهم عندهم علم ويرون أنفسهم سلفيين خلصا كما يدعي صاحب القبة ويُدعى له من أتباعه
    فسنوا به سنتهم
    ولا تطيعوا العتيبي فهو أوشك أن يتصعفق.
    السائل: تأذن بالنشر ليعلم الإخوة حاله
    الشيخ حفظه الله: انشر.
    ث- الشيخ محمود الشنقيطي –وفقه الله-:
    جاء عنه النقل عن أحد كبار علماء المملكة وصف الدكتور بالسرورية:
    قال في محادثة على الفايسبوك:
    قلا لي أحد كبار العلماء في المملكة العربية السعودية "أنه منهم" أي من السرورية، يعني الدكتور فركوس أصلحه الله، وأنا لا أريد أن أعلن عن اسمه، طمعا في رجوعه عما هو عليه، وبعض الإخوة يقول لي: مستحيل يرجع إلا أن يشاء الله.
    والخلاصة:
    أن حكم العلماء على الدكتور بالسرورية مبناه على حجج قوية، وبراهين واضحة جلية، فمن كان منصفا أقر بها، واتخذ الموقف الذي يلزمه بعد سماعه لها، واطلاعه عليها، وخاف أن يلقى الله تعالى متنكبا طريقها، عاملا بخلافها؛ من أجل من لا تنفعه موافقته، وتضره عند الله نصرته، فالحجة التي يلقى العبد بها ربه عليه أن يهيئها ما دام في دنياه، ويُعدها قبل أن يأتيه أجله، وليعلم أن كل متبوع في الباطل فهو متبرأ من تابعيه، ولن يغني عنهم من الله شيئا عند الوقوف بين يديه؛ قال الله تعالى:" إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167)" سورة البقرة.
    بقيت شبهة يثيرها بعض الإخوة لابد من التنبيه عليها وذكر جوابها وهي:
    يقول بعض الإخوة: أنا مقتنع بأن للدكتور أخطاء وقع فيها، وزلات ثابتة عليه لا مناص من الاعتراف بها، ولكن الأمر الذي أتوقف فيه ولا أوافق الشيخ عبد المجيد –حفظه الله- عليه هو وصفه بالسرورية؟
    والجواب أن يقال لهؤلاء الإخوة:
    أولا: لم ينفرد الشيخ عبد المجيد –حفظه الله- بهذا الحكم على الدكتور كما تقدم.
    ثم ثانيا: ما هو مستواكم؟ لأنكم إما في مستوى هؤلاء العلماء أو أعلى منهم أو دونهم.
    فإن كنتم أعلى منهم أو في مستواهم فبينوا لنا اجتهاداتكم، واذكروا لنا أدلتكم التي بنيتم عليها حكمكم، وحينئذ إن كان دليلكم أقوى، وبرهانكم أجلى؛ اتبعناكم، وقلنا بقولكم، وتركنا قول مشايخنا.
    وإن كنتم دونهم -وهذا هو واقعكم- فيلزمكم الأخذ بقولهم، وبخاصة والأدلة الكثيرة تؤيدهم، وتقوي حكمهم، وإن لم تفعلوا كنتم من جملة من خاض –وهم كثر- في هذه الفتنة بجهل، وقال على الله بغير علم، وتجرأ على من هو أعلم منه، وتقدم من أُمر باتباعه في سائر أموره.
    وهذا الحال هو حال الأكثر كما تقدم فهم مع خوضهم بالجهل، يتمادون على الباطل، ولو نخلتهم كلهم فلن تجد عندهم دليلا قائما إلا العاطفة الجياشة، والعصبية المقيتة، وزيادة الإصرار على المواقف، خشية أن يقال أخطأ السبيل وها هو قد اعترف، فيخشى على هؤلاء من داء الكبر، الذي يضر منه مثقال الواحدة من الذر، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:" لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ". قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ" رواه مسلم.
    والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
    وسبحانك اللهم وبحمد أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
    وكتبه: أبو عبد السلام عبد الصمد بن الحسين سليمان

    وكان الانتهاء من كتابته: صبيحة الاثنين 27 ربيع الثاني 1444هـ
    الموافق: 21/ 11/ 2022م

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
    [1]
    - هكذا جاء في النسخة المنشورة ولعل كلمة "ترك" زائدة أو كلمة "بغير" في الجملة التي تليها.

    [2]- انظر "التمهيد لشرح كتاب التوحيد" للعلامة صالح آل الشيخ –حفظه الله- ص12-13.
    [3]- ونص كلامه كاملا هو:" وَإِذا كَانَت الْمحبَّة والإرادة أصل كل عمل وحركة وَأَعْظَمهَا فِي الْحق محبَّة الله وإرادته بِعِبَادَتِهِ وَحده لَا شريك لَهُ وَأَعْظَمهَا فِي الْبَاطِل أَن يتَّخذ النَّاس من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ويجعلون لَهُ عدلا وشريكا علم أَن الْمحبَّة والإرادة أصل كل دين سَوَاء كَانَ دينا صَالحا أَو دينا فَاسِدا فَإِن الدَّين هُوَ من الْأَعْمَال الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة والمحبة والإرادة أصل ذَلِك كُله وَالدّين هُوَ الطَّاعَة وَالْعِبَادَة والخلق فَهُوَ الطَّاعَة الدائمة اللَّازِمَة الَّتِي قد صَارَت عَادَة وخلقا بِخِلَاف الطَّاعَة مرّة وَاحِدَة وَلِهَذَا فسر الدَّين بِالْعَادَةِ والخلق ويفسر الْخلق بِالدّينِ أَيْضا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم قَالَ ابْن عَبَّاس على دين عَظِيم وَذكره عَنهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَأَخذه الإِمَام أَحْمد عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَبِذَلِك فسراه
    وَكَذَلِكَ يُفَسر بِالْعَادَةِ كَمَا قَالَ الشَّاعِر
    أَهَذا دينه أبدا وديني
    وَمِنْه الديدن يُقَال هَذَا ديدنه أَي عَادَته اللَّازِمَة فَإِن ديدن من دَان بِمَنْزِلَة صلصل من صل وكبكب من كب هُوَ تَضْعِيف لَهُ والمضعف قد يكون مشددا وَقد يكون حرف لين وهم يعاقبون فِي كَلَامهم....".
    [4]- وجدت الرواة في الشاملة بلفظ أقرب من هذا وهو: عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: جَلَسَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَنَا مَعَهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا تَرَى فِي:" التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ"؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: حَسَنٌ جَمِيلٌ لِمَنْ صَنَعَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: فَإِنَّ أَبَاكَ قَدْ كَانَ يَنْهَى عَنْهَا، فَغَضِبَ عَبْدُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ: وَيْلَكَ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَبِي نَهَى عَنْهَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمِلَ بِهَا، أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْخُذُ أَمْ بِأَمْرِ أَبِي؟ قَالَ: لَا بَلْ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَقُمْ لِشَأْنِكَ" قال حسين سليم أسد إسناده صحيح.
    [5]- ومن الشهادات التي نشرت موثقة الآتي:
    في يوم السبت 3 رجب 1435هـ الموافق: 3/ 5/2014م سئل الدكتور:
    السؤال السداس: أخ مقبل على الزواج هل يأخذ الإعانة من إخوانه من الدرك والجيش؟
    فكان جوابه: الأصل أن يترفع عنها لأن هؤلاء يعملون على تثبيت النظام فالأصل أن يتنزه عنه!.
    [6]- وهذه المسوغات ثابتة عنه كلها إما بصوته أو بما ينقل عنه حتى صار من قبيل المشهور إن لم يكن من المتواتر؛ ومما ثبت عنه بصوته:
    ما جاء في صوتية مشهورة هذا تفريغها:
    السائل: شيخ لو كان نحبس من هذا العمل ونترك لوجه الله.
    الدكتور: لالا كيما قتلك أحنا مبدئيا روح حوس على عمل.
    السائل: قبل ما نحبس؟
    الدكتور: أيه على كل حال –ميكانيكي- وكذا، دوك ما راكش راح تخرج مباشرة، تخرج مباشرة يديرو عليك ماشي لونكات، دوبل لنكات.
    السائل: أنحبس نبقى ميكانسيان عادي؟
    الدكتور: عادي أنت ما دام أنت الأمر هكذا بصح لازم تروح تبحث على عمل.
    السائل: أنا لتما قاع شاكين فيا، حتى واحد غير كيما علابالك واش قالي شيخ؟ قال لي في غيابك كانوا راح يفتحوا عليك تحقيق، بارسكو أنا لتما نتكلم ما يجوزش يجوز، ما يجوزش يجوز، ولاو قاع يشوفو فيا، كي نأذن يقولوا كيفاش هذا راه يأذن؟ ولاو قاع يخزروا فيا، لي نهدر معاه يقول لي: أنت سلفي؟!
    الدكتور: أنا ننصحك غير أخرج، على خاطرش راهم يدورو بيك...
    السائل: شيخ أنا عندي كل العزيمة بأن الله هو الرزاق، ومن ترك شيئا لوجه الله عوضه الله خيرا منه، فإذا عزمت فتوكل على الله، يعني عندي كل لاخر باش نترك هذا العمل لوجه الله ونربي اللحية، نكمل الخدمة ونحوس؟ ولا نحبس ومنبعد نبدا نحوس؟
    الدكتور: حنا إذا كان دوك تبطل الخدمة وتروح تحوس هذا أحسن، إذا كان تشوف دوكا تعطي يعني مهلة لنفسك باش تروح تشوف وتخرج لك ذلك، ولكن من الأحسن الإنسان يترك هذه الأمور قبل أنو تستفحل، ممكن يصيبوك غبت مرة ولا اثنين ولا ثلاثة ممكن حتى يشكو فيك.
    الدكتور يكلم والد السائل: وأنت ما صبتش تحطو، تحطو غي تما؟
    والد السائل: شيخ ما عندو حتى حرفة لي يخدم بيها، ما عندو حتى نيفو ما عندوش باه يخدم.
    الدكتور: شو هذه المهنة مؤسسة على تنفيذ القرارات تاع القضائية والقرارات تاع البرلمان وتاع المسؤولين، والبرلمان هذا كما ذكرت آنفا راهو جهة تشريعية تشرع مع الله تعالى، الله سبحانه وتعالى قال:" أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ" سورة الشورى من الآية 21، وكي تلحق هذي قاع تجي هاذ الجهة هي تنفذ، وهذه كي تنفذ تنفذ على القرارات بغض النظر عن المحيط هذا تاع الأمني سواء درك ولا شرطة ولا... محيط شوية فيه كيما قال سب وطياح وهذي وأمور وكذا، في كل وقفة ولا جلسة إذا تسمع أمور مخالفة للشريعة، مخالفة للدين، مخالفة للتوحيد، مخالفة لكذا، وهذاك محيط عفن، الأصل فيه أن الإنسان لا يبقى فيه، الطاعة أن يترك، كما الإنسان في المسائل الحسية ما يدخلش في غرقة ولا في مكان نجس ولا هذا، نفس الشيء من الناحية المعنوية، ولهذا الإنسان دوكا ما دام عندو الوالد تاعو عندو سيارة يبقى يخدم فيها إلى حين يوجد عمل يناسبه، ولو عمل يشد حانوت ولا يشد هذي ولا هذي، يبيع فيه ولا عادي كاش واحد يعني يحتاج إلى أنو يقعدلو فيه، يخدم هذيك الخدمة، وياخذ هذيك المصيرفة هذيك، وتكون من حلال، خير من أنو يزج بنفسو في هذا، غدوة خير ما يقولك أنت راك متستر ولا كنت في جهة إرهابي فقط مخبي هنا جيتنا، إلخ إلخ.
    ومباعد الوالد تاعك راح يغرقك لتما، وكيفاش دير؟ راح تولي في المشاكل الأحسن الإنسان يجتنب هذا، فهمت هذي ولا؟ فهمت؟.
    السائل: نعم.
    والد السائل: هو يدير شبهات بزاف.
    الدكتور: ما يديرش الشبهات، هو وليدك هو هكذا عامل واش ديرلو؟ أعطيلو السيارة وخلاص.
    [7]- السائل: شيخنا جزاك الله خير نبلغك أولا سلام الشباب في الكويت عندنا ونبلغك أنهم يحبونك في الله.
    الشيخ: وعليك وعليهم السلام ورحمة الله.
    السائل: السؤال الأول هل يجوز دخول العسكرية إذا لم يكن فيها حلق لحية وسبق أن أفتيتم بعدم الجواز بوجود حلق اللحية والآن تغير الوضع عندنا فلا يوجد فيها حلق للحية؟
    الشيخ: لكن لا يوجد فيها ما يقابل حلق اللحية؟
    السائل: كيف يعني؟.
    الشيخ: لا يوجد فيها مخالفات للشريعة أخرى؟ قل: بلى.
    السائل: لالا.
    الشيخ: لا تقول؟
    السائل: موجود، موجود المخالفات.
    الشيخ: قضية حلق اللحية هو مثال ليس مقصودا بالذات فهناك تحية العلم وهناك إضاعة الصلاة عن أوقاتها فضلا عن إضاعة الصلاة مع الجماعة وأشياء كثيرة ووو .. الحكم ليس إسلاميا.
    السائل: كيف يا شيخ.
    الشيخ: يا شيخ من فمك أدينك أنا أسألك هل المخالفات الموجودة في النظم العسكرية اليوم في البلاد العربية الإسلامية زعموا، هي فقط في حلق اللحية؟ قلت لا هناك أشياء كثيرة.
    السائل: نعم.
    الشيخ: فإذن نقول لك حلق اللحية مثال ليس مقصودا بالذات ولذلك فما ينبغي أنت أن تورد هذا السؤال لأنه عبارة عن تكرار.
    السائل: هناك يا شيخنا أيضا في باقي الوظائف هناك أيضا فيها معاصي هل نقول بعموم الوظائف لا يجوز الدخول فيها؟.
    الشيخ: إيش معنى في محابات يعني؛ عندنا عداء ضد الجنود وموالاة للموظفين، الحكم واحد أخي، الإسلام كله قضية عامة تطبق على كل مسلم؛ إن كان موظفا، إن كان طبيبا، إن كان يعني حرا تاجرا، إن كان جنديا إن كان ملكا إن كان وزيرا كلهم يجب أن يخضعوا لأحكام الإسلام، أقول لك أنا بشوف الآن أنت ولا تؤاخذني تضيع علينا الوقت لأن السؤال واحد لكن كما قيل: تعددت الأسباب والموت واحد، نستمر نسأل ولكن مكان راوح، كل مخالفة للشريعة لا يجوز للمسلم أن يتوظف في مثل هذه المخالفة طبعا ذلك مقيد في حدود الاستطاعة لأنه نحن ابتلونا اليوم في بعض البلاد المسلم مجبور أن يخدم ما يسمونه بالجندية الإجبارية ويحلقون له لحيته هذا طبعا "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" سورة البقرة من الآية 286، أما ما يفعل البعض كيف يسمونه يتطوع في الجيش.
    السائل: نظامي.
    الشيخ: لا الأفسد أن يقال يتطوع لأن التطوع معناه التقرب إلى الله بما ليس فرضا.
    السائل: الاستدلال على عدم الجواز؟.
    الشيخ: سامحك الله "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" سورة المائدة من الآية 2، كويسة هذه الآية هذه؟
    السائل: كيف كويسة؟ لكن بعضهم قد يستدل بحديث النبي عليه الصلاة والسلام وهو أي: لا تكن شرطيا وعريفا ولا جابيا" ونسأل بعض المشايخ فيجيبون أنه لم يأت وقت هذا الحديث؟ ما صحة هذا الكلام؟.
    الشيخ: طيب جاء وقت الآية؟ وقت الآية جاء؟.
    السائل: أي آية؟.
    الشيخ: الله أكبر! " وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" جاء وقتها؟.
    السائل: أي نعم.
    الشيخ: لا الظاهر ما جاء وقتها، الذين يفرقون بين الله ورسوله بين كتاب الله وسنة نبيه هذا هو شأنهم يعطلون تنفيذ النصوص لأنها أحاديث وما بالنا بالآية، الآية قاعدة والرسول صلى الله عليه وسلم بوحي من الله فرع عليها أحكاما كثيرة منها: هذا الحديث ومنها: لعن الله في الخمرة عشرا، لعن بائع العنب لمن يعصره خمرا، جاء وقت هذا الحديث ولا ما جاء وقته؟ "لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه" جاء وقت هذا الحديث؟.
    السائل: نعم.
    الشيخ: طيب ما فرق بين هذا الحديث وذاك الحديث هذا جاء وقته وذاك ما جاء وقته؟ على كيفنا صار الدين هوى والعياذ بالله، ولذلك قال تعالى:" فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)" سورة النساء، لا يوجد في الإسلام جاء وقته وما جاء وقته. " مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ" سورة النساء من الآية 80، يوجد في الإسلام "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" سورة البقرة من الآية 286، كالمثال الذي ضربته آنفا جندي مجبور يحلقون له لحيته رغم أنفه هذا غير مسؤول لكن جندي خلص الجندية الإجبارية فطابت له هذه الخدمة المزعومة خاصة لما ترقت وظيفته وصار له راتبا يقول أنا أريد أن أتطوع
    في الجندية التطوع كان في الزمن الأول حينما كان الجهاد في سبيل الله عز وجل ليس في سبيل الراتب والمعاش.
    فإذن كل أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام هي شرع كآيات الله في القرآن ولا يجوز تأويل شيء منها إلا في حدود "اتقوا الله ما استطعتم" أما والله جاء زمانه وجاء وقته هذا أنا أعتقد من جملة مصائب بعض الدعاة اليوم الذين يريدون أن يكيفوا الإسلام ويتماشى مع ضعف المسلمين وإهمالهم لتطبيق الدين ويريدون أن يجعلوا الإسلام عمليا يتماشى مع أهواء الناس ولذلك تسمع فتاوى وفتاوى كثيرة وكثيرة جدا في إباحة التعامل بأنواع من الربا والله المستعان غيره تفضل.
    [8]- شرح العقيدة السفارينية-الشريط 29 الوجه أ ( الفهرسة رقم-21 )
    السائل : يا شيخ في بعض البلاد مثلا يعني التي يتسلط فيها مثلا أعداء الإسلام من ملحدين ونحوهم فيحاولون مثلا يعني إزالة من كان موجود من المسلمين مثلا من الجيش فيفرضون عليهم يقولون مثلا إما أن تحلقوا مثلا اللحى أو مثلا لا حق لكم مثلا في الجيش ولا مكان لكم ... في الجيش فيكون مثلا الواحد يريد أن يبقى في مكانه يحافظ على الإسلام ويفعل هذا وقلبه مطمئن هل يجوز هذا يعني مثلا يحلق لحيته
    الشيخ: ماذا تقولون في هذا هذه مسألة مشكلة في الحقيقة مشكلة يعني مثلا يقول هذا الفاسق نسأل الله أن لا يولي الفاسقين على المؤمنين يقول هذا الفاسق لازم تحلق لحيتك وإلا اخرج من الجيش فهذا الرجل يقول إن خرجت من الجيش حل محلي فاسق أو مبتدع خطر على الإسلام مع حلق اللحية وإن حلقت اللحية وبقيت حصل بذلك مصالح كثيرة لو لم يكن منها إلا دفع هذا المبتدع الفاسق الشرير أن يكون في هذا المقام الخطير لأن أخطر ما يكون هو مسألة الجيش فما رأيكم في هذه المسألة؟
    أنا الحقيقة أتردد فيها أحيانا أقول اخرج من الجيش لا خير في جيش ينبني على معصية الله وأحيانا أقول هذا أمر واقع فيجب أن نقدر الأمور بواقعها وأن نخفف بقدر الإمكان فهذا الرجل إذا حلق لحيته معصية لا شك نعم وليست معصية بالإجماع أيضا لاحظوا هذا لأن من العلماء من يقول إن حلق اللحية مكروه وليس بحرام أفهمتم؟ فيقول هذا الرجل أنا إذا حلقت اللحية بقيت في مكاني أمرت بمعروف نهيت عن المنكر وربما تكون الدولة فيما بعد لأهل الخير لكن إذا تخلى أهل الخير جاءنا من يحلق اللحية ومن يفسد الجيش بعقيدته أو أخلاقه فما رأيكم في هذه المسألة؟ أنا متأرجح أحيانا أقول لا تدخل في الجيش وأحيانا يقول لي فكري كيف تمنعهم من دخول الجيش وهذا وهؤلاء رجال طيبون
    السائل : يا شيخ هو ...
    الشيخ : اصبر يا عبدالله وهؤلاء رجال طيبون إذا منعتهم حل محلهم من؟ الفساق والفجار والمبتدعة والذين هم خطر على الإسلام فما رأيكم؟.
    - وأيضا في شرح العقيدة السفارينية-الشريط 29 الوجه أ ( الفهرسة رقم-22 )
    السائل : اللي يدخل في الجيش يا شيخ يؤمر ... شركية
    الشيخ : إيش
    السائل : يؤمر بارتكاب أمور شركية مثل تحية العلم ...
    الشيخ : طيب
    السائل : بل يؤمر أحيانا بقتال المسلمين
    الشيخ : إيش
    السائل : قتال المسلمين ...
    الشيخ : نعم نعم أما تحية العلم فلا نسلم انها شرك تحية العلم ما هي شيء هل سجد له هل ركع له هل ذبح له؟ غاية طيب حتى التعظيم للسلام هل هو شرك؟ ما هو شرك ثم بإمكان الإنسان أن يقول كذا للعلم وهو يقول قبحك الله نعم الكلام على النية.
    السائل : لو خلع غطاء الرأس ما ينفع ...
    الشيخ: ما يخالف نعم أخلع غطاء الرأس لأن هذا ليس أهلا بأن أتخذ زينة عنده غطاء الرأس زينة (( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد )) فهذا العلم ليس أهلا لأن أكمل زينتي عنده أخلع غطاء الرأس ولو كان عندي سروال ثاني خلعت السروال الأول نعم إهانة له ما دام المسألة بالنية يا إخوان ما دام المسألة بالنية أنا أقول لا نفرط في المصالح لا نفرط في المصالح
    الآن مسألة الموسيقى مثلا في بعض الجيوش لازم يعني بدل ما أن يسبح الله حين الصباح نعم يأتي بمزمار الشيطان في الصباح طيب الموسيقى الآن هل نقول اترك الجيش اللي فيه خير ومصلحة وأنت رجل من أهل الخير والصلاح من أجل هذه الموسيقى لا تتركه.
    ابن عمر كان إذا سمع زمارة الراعي وضع أصبعه في أذنيه خل عندك قطنة محكمة تماما وسد أذنيك فيها هذه واحدة
    والشيء الثاني من علماء المسلمين من أجاز الموسيقى من علماء المسلمين وأنا لا أقول هذا إقرارا لكن أقول هذا لئلا نذهب بعيدا ونجعل أشياء موضع خلاف المسلمين نجعلها من أكبر الكبائر اللي ما تغتفر أبدا نعم
    فالحاصل أني أقول يجب أن ننظر المصالح والمفاسد ونقارن بينها أنا عندي لو بقي الجيش على استعمال الموسيقى وحلق اللحية وتحية العلم وقتال غير، وقتال المسلمين لا شك أن هذه منكرات لكن إذا تخلى أهل الخير عن هذا من يأتي يأتي أهل الشر اللي يفعلون هذا وزيادة
    وقد سئل شيخ الإسلام عن شخص يريد أن يكون في المكوس والمكوس ظلم يعني الجمارك ظلم فقال "إذا كان فيها من أجل تخفيف الظلم فلا بأس" شف كيف نظر للمصلحة العامة هو سيمارس بعض الظلم لكن يبي يخفف ينظر للمصلحة العامة فأنا إنما مسألة حلق اللحية هي اللي أنا أتأرجح فيها والا مسألة الموسيقى وما الموسيقى؟ هذه منفصلة عن البدن ما يهم الإنسان الموسيقى يسد أذانه وتحية العلم مثل ما قلت لكم قبل قليل نعم وتنزيل وتنزيل أيضا الطاقية وما أشبه ذلك أيضا يمكن يقصد بذلك الإهانة وإن كان عند هؤلاء إن هذا إكرام لكن المشكلة الذي يتعلق ببدنه وهي حلق اللحية فهل نقول إن هذا ذنب مغتفر في جانب المصالح لأن الشريعة الإسلامية شريعة عدل ومقارنة بين المصالح والمفاسد أو نقول هم أمروا بمعصية الله فلا طاعة لهم ولا خير في جيش ينبني على معصية الله وكل جيش ينبني على المعصية فمآله الخذلان لأن الله تعالى إذا كان خذل الصحابة رضي الله عنهم في غزوة أحد مع أنهم ارتكبوا مخالفة واحدة مع التنازع قال (( حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون )) يعني حصل ما تكرهون فالحاصل إني أنا والله متأرجح فإن أعنتموني على شيء من من ترجيح أحد الاحتمالين فهذا طيب ولكن ليكن عن تروي ما هو بالآن الآن نعرف أن أكثركم يبي يقول لا لا ما في حلق لحية نعم
    الطالب : شيخ شيخ الوقت انتهى
    الشيخ : إيه.
    [9]- فمن مهامها:
    أ- بالنسبة للشرطة: تتولى المديرية العامة للأمن الوطني في إطار صلاحياتها السهر على احترام القوانين والتنظيمات لا سيما:
    - ضمان حماية الأشخاص والممتلكات.
    - التحري ومعاينة المخالفات الجزائية وكذا البحث وإلقاء القبض على مرتكبيها.
    - الحفاظ واسترجاع الأمن العمومي.
    - البحث عن المعلومات لفائدة السلطات المختصة.
    - الوقاية من الجريمة والانحراف.
    - مراقبة حركة تدفق الأشخاص على الحدود.
    - المساهمة في عمليات أمن الدولة.
    - السهر على حماية الموانئ، المطارات وبعض المؤسسات العمومية أو الممثليات الأجنبية.
    - ضمان الشرطة الإدارية.
    - المشاركة في العمليات الكبرى للدولة في إطار المهام المنوطة بها. (انظر ويكيبيديا).
    ب- بالنسبة للدرك: يشارك الدرك الوطني في مهمة الدفاع الوطني طبقا للخطط المقررة من قبل وزير الدفاع الوطني وفي محاربة الإرهاب، ويتولى ممارسة مهام الشرطة القضائية، والشرطة الإدارية والشرطة العسكرية.
    ت- بالنسبة للجمارك: فمهامها تنقسم إلى أقسام هي: - المهام الاقتصادية للجمارك. – المهام الجبائية للجمارك. – مهام الحماية للجمارك. – مهمة مساعدة اتخاذ القرار.
    وعلى سبيل التمثيل أذكر ما دخل من مهام تحت القسم الثالث:
    - محاربة الاتّجار غير الشرعي بالمخدرات ومكافحة التهريب وتبييض الأموال وبصفة عامة محاربة الجريمة المنظمة العـابرة للحدود.
    - المشاركة في الحفاظ على الأمن والنظام العموميين (السلاح والمتفجرات والمواد الكيميائية والمواد الخطيرة).
    - المشاركة في الحفاظ على الآداب العامة (الكتابات والوسائل الأخرى المنافية للآداب العامة).
    - المشاركة في حماية المستهلك بالحرص على خضوع المواد الاستهلاكية غير الغذائية والمنتجات المنزلية إلى مراقبة مطابقتها لمعايير السلامة والصناعة.
    - الحرص على أمن الأشخاص وممتلكاتهم بالاشتراك في البحث عن البضائع المحظورة والتي تشكل خطرا على الصحة والمحيط؛الحرص على حماية الإرث الوطني على الحدود فيما يتعلق بالثروة الحيوانية والنباتية المهددة بالإنقراض.
    - الحرص على حماية الإرث الطبيعي والتاريخي والفني والثقافي والآثار (مثل المنحوتات و النقوش و الرسوم الصخرية و ورود الصحراء و الخشب المتحجر ومواد ما قبل التاريخ والأعمال الفنية ... إلخ.
    - حماية الملكية الفكرية المتعلقة بالاختراعات والرسوم والنماذج الصناعية وعلامات الصنع والعلامات التجارية ضد التقليد وكذا حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة، وذلك تحت رعاية المنظمة العالمية للملكية الفكرية.
    ث- وأما بالنسبة للجيش الوطني الشعبي فقد جاء في المادة 28 من الدستور تحديد مهمته وهي: تنتظم الطّاقة الدّفاعيّة للأمّة، ودعمها، وتطويرها، حول الجيش الوطنيّ الشّعبيّ.
    تتمثّل المهمّة الدّائمة للجيش الوطنيّ الشّعبيّ في المحافظة على الاستقلال الوطنيّ، والدّفاع عن السّيادة الوطنيّة.
    كما يضطلع بالدّفاع عن وحدة البلاد، وسلامتها التّرابيّة، وحماية مجالها البرّيّ والجوّيّ، ومختلف مناطق أملاكها البحريّة.
    [10]- انظر "معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة" للشيخ الدكتور عبد السلام بن برجس رحمه الله ص 187.
    [11]- في صوتية مشهورة ومنشورة قال:" أنا كنت مرة وكنا أبناء عشرين وكذا عشرين سنة يجيه واحد ليتنو كولنيل يعني كما نقولوا حنا يعني قراد مرتبة ويقولو ويسألو في مسألة يقولو الشيخ بسببك أنت وأمثالك راني ندير هنا في الطريق ثم يوبخه ووو غير ذلك ثم يجيبه وينصرف هداك ورأسه مطأطأ حنا في بناتنا نقولو والله الشيخ غدوة يرفدوه الشيخ غدوة يهزوه".

    * * *
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2023-02-28, 09:55 AM.

  • #2
    جزاك الله خيرا وبارك الله فيكم , دمت ناصرا للحق وأهله وثبتنا الله واياكم على الحق , أما الدكتور المدمر فقد فضحه الله عز وجل ولا مفر له الا التوبة والرجوع او التصريح بمنهجه الجديد .

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا

      تعليق


      • #4
        السلام عليكم
        جزاك الله خيرا
        ليتك تجعل مقالاتك بصيغة pdf ليسهل الاستفادة منها

        تعليق


        • أبو الحارث عماد الجزائري
          أبو الحارث عماد الجزائري تم التعليق
          تعديل التعليق
          البراهين الجلية على غلو الدكتور فركوس في مسألة الحاكمية وموافقته للنحلة السرورية

          للأخ : عبد الصمد سليمان - وفقه الله لكل خير-

          ???? رابط المشاهدة المباشرة لملف pdf :

          https://drive.google.com/file/d/12NJ...w?usp=drivesdk

          ↩️ أسهم في إعادة نشر هذه الرسالة
          ✅ فالدال على الخير كفاعله

      • #5
        البراهين الجلية على غلو الدكتور فركوس في مسألة الحاكمية وموافقته للنحلة السرورية

        للأخ : عبد الصمد سليمان - وفقه الله لكل خير-

        ???? رابط المشاهدة المباشرة لملف pdf :

        https://drive.google.com/file/d/12NJ...w?usp=drivesdk

        ↩️ أسهم في إعادة نشر هذه الرسالة
        ✅ فالدال على الخير كفاعله

        تعليق


      • #6
        جزاك الله خير الجزاء وبارك فيكم أخي عبد الصمد ونفع الله أقواما متعصبين بما رقمت يداك في هذا المقال

        تعليق


        • #7
          هناك أمر مهم لم تذكره يا الشيخ عبد الصمد سليمان في ردك المسدد بارك الله فيك ، وهو بدعة التدافع و الكلام المسجل عن الدكتور في ذلك :
          https://i.top4top.io/m_2512zt6ga1.mp3

          تعليق


          • #8
            جزاكم الله خيرا على هذا الرد الشامل، نسأل الله تعالى أن ينفع به
            ​​

            تعليق


            • #9
              جزاك الله خيراً

              تعليق


              • #10
                جزاك الله خيرا أخي الفاضل عبد الصمد وبارك فيك

                تعليق


                • #11
                  جزاك الله خيرا

                  تعليق


                  • #12
                    جزاكم الله خيرا إخواني وبارك الله فيكم على تعليقاتكم وجزى الله خيرا أخانا عماد على نشره للمقالة بصيغة بي دي أف وأما بالنسبة لمسألة التدافع وأنه كان من المستحسن أن أذكرها فهو كذلك ولكنني لم أقصد استيعاب كل أخطاء الدكتور والتي لها علاقة بمسألة الحاكمية وإلا فقد تركت مسألة التدافع ومسألة عدم العذر بالجهل ونحوهما وقد ذكر كل هذا غيري من إخواننا جزاهم الله خيرا والذي قصدته أنا هو جمع شتات بعض ما أنكر على الدكتور في المسألة حتى يطلع عليها من يريد معرفة الحق فيها مجتمعة غير متفرقة ليعلم فداحة ما عليه الدكتور والله المستعان
                    ومما يجدر التنبيه عليه أن هذا الجزء الأول فقط وهناك جزء آخر خصصته لرد شبهات الدكتور وأتباعه حول هذه المسألة وكنت سأنشرها إلا أن بعض إخواني أطلعني على بعض الشبهات الجديدة التي أثيرت حول ما كتبت وأنا بانتظار انتهاء صاحبها منها لأذكر ما يستحق التعليق عليه بإذن الله سبحانه والله الموفق للصواب ولا حول ولا قوة إلا بالله الملك الوهاب وسبحانك الله موبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

                    تعليق


                    • #13
                      بارك الله فيك وأعانك ووفقك لما أنت فيه من نصرة الحق والصدع به

                      تعليق


                      • #14
                        الله المستعان
                        اللهم ثبت قلوبنا على دينك وأحسن ختامنا وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الٱخرة

                        تعليق


                        • #15
                          آمين
                          وفيكم بارك الله إخواني الكرام

                          تعليق

                          الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
                          يعمل...
                          X