بسم الله الرحمن الرحيم
«إذا لم تستحْي فاصنع ما شئت»
«إذا لم تستحْي فاصنع ما شئت»
الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد؛ فقد روى أبو مسعود عقبة، قال: قال النبي ﷺ: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة، إذا لم تستحي فافعل ما شئت»[رواه البخاري (3473)].
فأخبر النبي ﷺ: أن من حكم الأنبياء، والمأثور عنهم؛ مما تداوله الناس، وجرى على ألسنتهم، وتوارثوه عنهم قرنا بعد قرن: أن من نزُع منه الحياء، وانخلع عنه؛ فَعل كل القبائح؛ من الكذب، والبهتان، والنميمة؛ وغيرها من المنكرات؛ فمن كان لا يستحيي، صنع ما يشتهي.
يَعيشُ المَرءُ ما استحْيا بخَيرٍ ::: ويبقى العودُ لما بَقِيَ اللِّحاءُ
فلا واللَهِ ما في العيشِ خَيرٌ ::: ولا الدنيا إذا ذهب الحَياءُ
إِذا لَم تَخشَ عاقِبَةَ الليالي ::: ولم تَستحيِ فافعَلْ ما تَشاءُ
لَئيمُ الفعلِ مِن قَومٍ كِرامٍ ::: لَهُ مِن بَينِهِم أَبَدًا عُواءُ
* * *
هذا؛ فقد زعم الرجل كذبا وبهتانا: المطالبة بحقوق طبع رسائل، والمقدرة بـ: 100 مليون؛ والأصل أنه:
أولا: من كانت له مظلمة عند أخيه؛ أن يراجعه فيها؛ إن كانت له بينة.
ثانيا: إن لم يطالبه بها، وذهب يتكلم في عرضه عند الناس؛ فهو من الظلم، والبغي، والعدوان.
وهذا ما فعله الرجل، في مجالسه؛ التي ينشر فيها الكذب، والزور؛ ويتّهم بالباطل، والبهتان؛ تعييرا، وتشهيرا، وانتهاكا للحرمة، واستطالة في العرض؛ والله الموعد؛ والله المستعان.
وقد قال تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا}[الأحزاب: 58].
وروى سعيد بن زيد، عن النبي ﷺ، قال: «إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق» [رواه أبو داود (4876)؛ وصححه الألباني في «صحيح أبي داود»].
ومن يسمع لمثل هذا، ويتبعه، وينشر كلامه في العامة، ومواقع التواصل؛ دون تثبت، ولا تبين. فإنه يدخل في قوله تعالى: {سمّاعون للكذب سمّاعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرّفون الكلم من بعد مواضعه}[المائدة: 41].
وقوله سبحانه: {إذ تلقّونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيّنا وهو عند الله عظيم (15) ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلّم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم (16) يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين (17) ويبيّن الله لكم الآيات والله عليم حكيم (18) إن الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدّنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون (19) ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأنّ الله رءوف رحيم (20)}[النور].
وقوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبيّنوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}[الحجرات: 6].
ثم لم يكتف بعقد مجالس الزور، بل كتب منشورا، أثار فيه بعض الشبهات؛ يؤكد فيها زورا ما كان ينشره في مجالسه.
وقد تضمن جوابه جملة من الأكاذيب، والأغاليط.
وقبل أن أرد على هذه الشبهات؛ أنبه إلى أن ما ادّعاه الرجل من أني لم أعطِه حقوق الطباعة، والمقدرة بـ 100مليون؛ هو محض كذب، وافتراء وبهتان.
والدليل على ذلك:
أولا: شهادة بعض الإخوة، الذين تكفلوا بطباعة الرسائل؛ جزاهم الله خيرا.
ثانيا: وصل دفع مستحقات الطباعة والتي قيمتها 27مليون وليست 100 مليون.
أولا: شهادة الإخوة الذين تكفلوا بطباعة الرسائل:
10 شعبان 1443هـ/ الموافق لـ 13 مارس 2022م
شهادة حقّ
في مجلس بعين البيضاء، وفي بيت الأخ سفيان خلف الله، وبحضور الشهود:
عبد النصير أبو أنس، وزهير أبو معاوية، والنوري جمال، وإدريس مبارك، وسمير ميرابيع.
نشهد على ما وقع في المجلس من اعتراف:
الأخ بلماضي كريم بمساهمته في طباعة رسائل الشيخ عبد المجيد جمعة بمبلغ 14 مليون، وأمور أخرى، يحتاج مراجعة شركته.
والأخ سفيان خلف الله بمساهمته أيضا المفتوحة عند إرادة طباعة رسائل الشيخ عبد المجيد جمعة، وبتصرف نبيل باهي.
كما صرح هاتفيا الأخ: عبد الباقي صاحب كريم بأن الأخ إبراهيم من دار البيضاء ساهم أيضا في طباعة رسائل الشيخ بمبلغ 60000دج.
شهادة حقّ
في مجلس بعين البيضاء، وفي بيت الأخ سفيان خلف الله، وبحضور الشهود:
عبد النصير أبو أنس، وزهير أبو معاوية، والنوري جمال، وإدريس مبارك، وسمير ميرابيع.
نشهد على ما وقع في المجلس من اعتراف:
الأخ بلماضي كريم بمساهمته في طباعة رسائل الشيخ عبد المجيد جمعة بمبلغ 14 مليون، وأمور أخرى، يحتاج مراجعة شركته.
والأخ سفيان خلف الله بمساهمته أيضا المفتوحة عند إرادة طباعة رسائل الشيخ عبد المجيد جمعة، وبتصرف نبيل باهي.
كما صرح هاتفيا الأخ: عبد الباقي صاحب كريم بأن الأخ إبراهيم من دار البيضاء ساهم أيضا في طباعة رسائل الشيخ بمبلغ 60000دج.
ثانيا: وصل دفع مستحقات الرسائل
وبيان كذبه، وبهتانه في زعمه أني لم أعطه حقوق الطباعة، والمقدرة بـ 100 مليون:
- فالرسالة الأولى؛ هي: «اعتقاد الشافعي»؛ قيمتها: 86000 دج؛ وقد صرح الرجل بأن الرسالة قد تكفل بها محسن.
- والرسالة الأخيرة؛ وهي «رسالة في الوباء والطاعون»؛ وقيمتها: 328000،00 دج؛ وقد صرح بأني قد دفعت له: 30 مليون.
أولا: فلو سلمنا جدلا؛ أنه هو من تكفّل بطباعة بقية الرسائل، وليس المحسنين:
قيمة بقية الرسائل الثلاث، هي: 60000دج+145000دج+65000دج
وقيمتها الإجمالية: 27 مليون.
فأين ما ادّعاه، أن المبلغ 100 مليون؟!
ثانيا: لو سلمنا جدلا؛ أنه هو من تكفل بطباعة كل هذه الرسائل:
فقيمة خمس رسائل، هي: 86000دج + 60000دج+145000دج+65000دج + 328000دج.
فالمبلغ الإجمالي: 684000دج.
وتلاحظ -أخي القارئ-: أنه لا تبلغ قيمة ما زعمه الرجل؛ وهو 100 مليون.
ثالثا: زعمه أن قيمة الرسائل 100 مليون، يدل على أحد الأمرين:
أولهما: أنه دليل على أنه لا يملك الفواتير؛ فيكون -بذلك- كذب في بيّنته؛ بقوله: أملك الفواتير.
ثانيهما: يحتمل أنه يملك الفواتير، ويظن أنه لا أملكها؛ بحكم أني أجهل مكان المطبعة؛ وهو من كان يتولى الطباعة.
رابعا: أنه ما دام يطالبني بـ 100 مليون؛ فهذا تصريح منه على أنه جمع هذا المبلغ؛ وهو يدل على أحد أمرين:
الأول: أنه جمع مبلغ 100 مليون حقيقة لطباعة الرسائل الثلاثة، وهي: الثانية، والثالثة، والرابعة. وقد تقدم أن قيمة طباعة هذه الرسائل الثلاثة: 27 مليون؛ فما بقي من 100 مليون؛ وهو 73 مليون؛ فبأيّ حقّ، يطالبني بـ 100 مليون؟!
الثاني: أنه محض كذب، وافتراء، وبهتان؛ جمعه لهذا المبلغ، وأراد الاحتيال عليَّ؛ ليأخذ من عندي مبلغ 100 مليون، وتشويه السمعة.
وقد عامله الله بنقيض قصده.
قال ابن القيم في «إعلام الموقعين» (3/434) في شرحه لرسالة عمر بن الخطاب في القضاء: «وأما قوله: «ومن تزين بما ليس فيه شانه الله». لما كان المتزيّن بما ليس فيه ضد المخلص -فإنه يظهر للناس أمرا، وهو في الباطن بخلافه- عامله الله بنقيض قصده؛ فإن المعاقبة بنقيض القصد ثابتة شرعا وقدرا». قال: «هذا، ولما كان من تزين للناس بما ليس فيه من الخشوع والدين والتنسك والعلم وغير ذلك قد نصب نفسه للوازم هذه الأشياء ومقتضياتها فلا بد أن تطلب منه، فإذا لم توجد عنده افتضح، فيشينه ذلك من حيث ظن أنه يزينه.
وأيضا: فإنه أخفى عن الناس ما أظهر لله خلافه؛ فأظهر الله من عيوبه للناس، ما أخفاه عنهم؛ جزاء له من جنس عمله».
وقال في موضع آخر (5/161): «إنّ مَن كاد كيْدًا محرّمًا؛ فإنّ الله يكيده، ويعامله بنقيض قصده، وبمثل عمله».
قوله: «المحسن تولى مصاريف رسالة واحدة».
هذا كذب؛ فقد تولى بعض المحسنين طباعة الرسائل؛ كما سبقت شهادتهم.
وقوله: «على أساس أن يسدد صاحب الرسالة قيمة الرسائل...».
وجوابه: أنه قام صاحب الرسالة بتسديد قيمة الرسالة؛ وهي رسالة «الوباء والطاعون»؛ وأرسل إليه قيمة 30 مليون، والباقي سدده المحسنون وقد تقدمت شهادتهم.
وقوله: «وعددها أربع أو خمس رسائل»
عجبا للرجل؛ يزعم أنه يملك الفواتير؛ بينما يرتاب في عدد الرسائل.
قوله: «إن المحسن المشار إليه هو نفسه أبو رغال».
هذا كذب؛ بل تقدمت شهادة بعض الإخوة: أنهم هم من تكفلوا بطباعة الرسائل؛ وليس هو.
فإذا كان هو من تولى طباعة الرسالة الأولى؛ فأين ذهب مال المحسنين؟! وأين ذهبت قيمة 100مليون التي طالبني بها وصرح أنها حقوق الطبع.
وقوله: «الذي ربما صحح بعض الرسائل وراجعها».
هذا من الكذب الصريح؛ بل الرسائل كانت ترسل إليه مصففة، بصيغة بي دي أف؛ وغير خاف على أهل التخصص؛ أن ما كان بهذه الصيغة، لا يمكن تصحيحه، وتصويبه؛ بل لو حوله إلى صيغة وورد؛ ثم تصرف فيه، ولو قليلا؛ قد يختل الصف؛ وتتأثر الحواشي.
وقوله: «أما المادي فيحملها إلى باب بيته مع مخاطر الطريق والحواجز الأمنية مع عدم وجود رخصة لنقل الكتب ولا سجل تجاري».
وجوابه من وجهين:
أولهما: أنه لا ينبغي للإنسان أن يمنّ بفعل الخير؛ والمتطوع أمير نفسه.
ثانيها: أن صاحب المطبعة، كان يسلم رخصة التنقل؛ وهي التي ادعيتم أنها فواتير، وزعمتم امتلاكها.
وقوله: «وأما الحمل المعنوي فبتدريسها في المجالس والقنوات».
وجوابه من وجوه:
أولها: أنه هو من كان يستأذن في تدريسها.
ثانيها: أننا أذنّا له بتدريسها؛ لأننا أحسنا به الظن؛ لكن حاله، كما قيل:
إذا أنت أكرمتَ الكريمَ مَلكتَه ::: وإنْ أنت أكرمتَ اللَّئيمَ تمرَّدَا
وقال آخر:
ومَنْ يَصنَعُ المَعروفَ مَع غَيرِ أهْلِهِ ::: يُلاقِي كَما لَاقَى مُجيرُ أُمِّ عامِرِ
أعَدَّ لَها لمّا استجارَتْ بِبَيْتِهِ ::: أحالِيبَ البانِ اللقاحِ الدوائرِ
وأسمَنَها حتَىَّ إذا ما تَمَكَّنَتْ ::: فَرَتْهُ بأنيابٍ لَها وأظافِرِ
فَقُلْ لِذَوي المَعروفِ هذا جَزاءُ مَنْ ::: يَجودُ بِمَعروفٍ على غَيرِ شاكِرِ
أعَدَّ لَها لمّا استجارَتْ بِبَيْتِهِ ::: أحالِيبَ البانِ اللقاحِ الدوائرِ
وأسمَنَها حتَىَّ إذا ما تَمَكَّنَتْ ::: فَرَتْهُ بأنيابٍ لَها وأظافِرِ
فَقُلْ لِذَوي المَعروفِ هذا جَزاءُ مَنْ ::: يَجودُ بِمَعروفٍ على غَيرِ شاكِرِ
الثالث: أنه -والأهم- كان يعقد مجالس في تدريس متون في العقيدة، ولكن انظر إلى حاله الآن؛ صار يعقد مجالس في الغيبة والنميمة، والبهتان. والله المستعان.
وقد قال تعالى: {بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون}[الحجرات: 11].
قال الشيخ السعدي في «تفسيره» (801): «أي: بئسما تبدّلتم عن الإيمان، والعمل؛ بشرائعه، وما تقتضيه؛ بالإعراض عن أوامره، ونواهيه؛ باسم الفسوق، والعصيان؛ الذي هو التنابز بالألقاب».
قوله: «صاحب الرسائل لم يدفع غير مبلغ ثلاثين مليون سنتيم أرسلها لي عن طريق ابنه».
والجواب عنه من وجوه:
أولها: أنه أقر، واعترف بأني دفعت له 30 مليون؛ ولله الحمد والمنة.
الثاني: أن اعترافه بأني دفعت له مبلغ 30 مليون؛ يحتمل أحد المعنيين:
أولا: أني دفعت له المال بدون سؤاله؛ وهذا يدل على أني كنت أدفع له مال الطباعة؛ بخلاف ما افتراه.
ثانيا: أني دفعت له المال بسؤال منه؛ وهذا يدل على أمرين:
1- أنه يكذب قوله: «يمنعني الحياء».
2- أنه لو سألني عن بقية المال -كما افترى- لأعطيته إياه أيضا.
الثالث: أنه لم يذكر في مجالسه التي كان ينشر فيها الزور والبهتان: أني أرسلت له 30 مليون؛ كما لم يذكر أن الرسالة الأولى؛ قد تكفّل بها أحد المحسنين.
الرابع: وقوله: «أرسلها لي عن طريق ابنه». من كذباته؛ بل جاء ابن صاحب المطبعة إلى باب الواد، وسلمه الابن الكيس فيه المبلغ، وقبض المال من ابني مباشرة.
الخامس: قوله: «وجدته خمسة وعشرون مليون سنتيم» كذب آخر من كذباته المتتالية؛ فإن صاحب المطبعة، صرح ابنه الذي استلم المال؛ أنه وجد في الكيس 30 مليون؛ يعني أنه كما أُرسل إليه، وليس ناقصا؛ كما زعم الرجل. وهذا بشهادة الشهود.
وأخبرنا بحقيقة هذه الخمس ملايين، التي يزعم الرجل أنها ناقصة، فقال: إن قيمة الرسالة 35 مليون، وليس 30 مليون؛ فطالبوه بـ5 ملايين المتبقية؛ فاتصل بالابن، وقال له: إن المال ناقص 5 ملايين، وقال: لا داعي، سأتدبر هذا. فأعطى لصاحب المطبعة 28000دج، وقال له: سأكمل الباقي. لكنه لم يكمله. لهذا ضبط صاحب المطبعة قيمة الرسالة بـ: 328000دج، وليس 350000دج؛ لأنه استلم المبلغ الأول دون الثاني.
قوله: «صاحب الرسائل كنت أرسل له قيمة الطبعة ونتناقش في السعر ويطلب مني أن أناقش صاحب المطبعة إلى غير ذلك مما يتعلق بالمصاريف فلو أنه فهم أن بعض المحسنين يتولى طبع جميع الرسائل ما محل مناقشة السعر في القضية».
وجوابه: أنه إذا تكفل بعض المحسنين بالطباعة، هل يلزم منه ألا أناقش صاحب المطبعة في السعر؟! ولا أراعي أموالهم؟!
قوله: «لما تطبع الرسائل ويكون المبلغ معلوما ولا يرسله صاحب الرسائل أضطر حينها إلى تسديد ديون هذه المطبعة أو الاستعانة ببعض إخواني».
وجوابه من وجوه:
أولها: أن ديون المطبعة، لا يبلغ 100 مليون؛ كما زعم؛ وإنما 27 مليون؛ كما تقدم.
الثاني: بما أنه جمع 100 مليون، وقيمة طبع الرسائل 27 مليون؛ فلماذا يطالبني الآن بـ100 مليون؟! وأين ذهب بقية المال؟!
الثالث: أنه يدعي: أني إذا لم أعطه المال، يدفع من عنده؛ وهذا محض كذب؛ لأن مال المحسنين كافٍ لقيمة الرسائل الثلاث؛ فلا يحتاج إلى ماله؛ كما سبقت شهادتهم.
وإذا كان دفع من عنده، ثم استوفاه من مال المحسنين؛ فلا يصحّ أن يقول: دفعت من عندي.
الرابع: أنه يدعي بعد طبع الرسائل: أني لم أعطه حقوق الطبع، فيستعين بإخوانه؛ فهذه دعوى باطلة:
أولا: أن النبي ﷺ قال: «لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه»[رواه البخاري (4552) ومسلم (1711) عن ابن عباس].
ثانيا: ثبوت الكذب عليه في دعواه.
ثالثا: تبيّن أن الرسائل الثلاث، قد تكفّل بطباعتها بعض المحسنين.
رابعا: أنه أقر على نفسه: أن حقوق الطبع 100 مليون.
خامسا: شهادة سفيان خلف الله بأن مساهمته في الطباعة مفتوحة غير محدودة، ووقت ما كانت الحاجة لطباعة الرسائل.
وقوله: «ويمنعني الحياء من أن أطالبه بالمال».
وهذا من عجائب تناقض الرجل: يمنعه الحياء من أن يطالبني بحقوق الطبع؛ والتي هي في الحقيقة: 27 مليون، وقد تكفّل بها بعض المحسنين؛ كما تقدم.
ولكن لم يمنعه الحياء من أن يفتري عليّ الكذب والبهتان؛ ويطالب بـ 100مليون!
وأيضا: لا يمنعه الحياء من عقد مجالس في الكذب، والزور، والغيبة، والنميمة، والافتراء، والبهتان، والاتهام بالباطل، وانتهاك الحرمة، والاستطالة في العرض...
فأين حياؤك من هذه الأفعال المشينة، والأخلاق الذميمة؟!
إذا حرم المرء الحياء فإنه ::: بكل قبيح كان منه جدير
له قحة في كل شيء وسره ::: مباح وخدناه خنا وغرور
يرى الشتم مدحا والدناءة رفعة ::: وللسمع منه في العظات نفور
ووجه الحياء ملبس جلد رقة ::: بغيض إليه ما يشين كثير
له قحة في كل شيء وسره ::: مباح وخدناه خنا وغرور
يرى الشتم مدحا والدناءة رفعة ::: وللسمع منه في العظات نفور
ووجه الحياء ملبس جلد رقة ::: بغيض إليه ما يشين كثير
وقوله: «ولكن صاحب الرسائل يعلم أنه: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس».
فإن تعجب -وعجائب الرجل جمّة- يعلم قوله ﷺ: «لا يحل مال امرئ مسلم إلّا بطيب نفس». ويستشهد به؛ ثمّ هو يدّعي زورا وبهتانا: أنّ له عليّ 100 مليون!
فهل تحلّ له؟! وهل هي بطيب النّفس؟! والرّجل ادّعاها بالمكر، والاحتيال!
يا واعظَ النّاسِ غيرَ متَّعظٍ ::: ثوبَك طهِّرْ أولًا فلا تلم
وقوله: «كحال مصاريف الرسالة الأولى والتي تولى بيعها كما باع جميع الرسائل».
وجوابه:
أما الرسالة الأولى، فقد صرّح بأن المحسن هو من تكفّل بطباعتها؟! فلمَ يتكلم عن حقوقها، وهو قبضها من المحسن؟!
وكذا الرسالة الأخيرة؛ قد صَرّح بأنّه قد قبض حقوق طباعتها؛ فلم يبقَ إلّا ثلاث رسائل؛ وقد شهد الإخوة: أنهم هم من تكفّلوا بحقوق طباعتها.
قوله: «هل من تولى طبع هذه الرسائل ونفقاتها وتوصيلها وتدريسها يصح أن يقال عنه «باع رجولته، باع دينه، خائن لئيم ...فأيّ فجور في الخصومة هذا».
جوابه:
بل شكرناه على صنيعه؛ كما قال النبي ﷺ: «لا يشكر الله من لا يشكر الناس»[رواه أبو داود (4811) والترمذي (1954) عن أبي هريرة؛ وصححه الترمذي، وكذا الألباني في «الصحيحة» (416)].
لكنّه؛ لمّا خَان هَانَ؛ إذ صار يعقد المجالس في الزّور، والبهتان، والكذب، والغيبة، والنّميمة...
وأيضا: هل اتهامه بالخيانة، وعدم الرّجولة؛ كان بسبب تولّيه طبع هذه الرسائل؛ أم بسبب خيانته للمجالس؟!
ولم يكتف بهذا الفجور؛ بل ذهب يفتري عليّ الكذب: أني لم أعطه مال الطّباعة، والمقدر بـ100 مليون؛ وينشر ذلك في مجالسه من أجل تشويه السّمعة.
فالحكم يدور مع الاسم والوصف وجودا وعدما؛ فإذا تغيّر الوصف والاسم؛ يتغير الحكم؛ كما قال تعالى: {بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان}[الحجرات: 11].
فما الناس بالناس الذين عهدتهم ::: ولا الدار بالدار التي كنت أعهد
وقال آخر:
اللَهُ يَعلمُ مَن تَغيَّر قلبُهُ مِنّي ::: ومِنكَ ومَن سَلَا وَتَبَدَّلا
وقال آخر:
وإخوان حسبتهم دروعا ::: فكانوها ولكن للأعادي
وخلتهم سهامًا صائبات ::: فكانوها ولكن في فؤادي
وقالوا: قد صفت منَّا قلوب ::: فقد صدقُوا ولكن عن ودادي
وقالوا: قد سعينا كلّ سعي ::: لقد صدقوا ولكن في فسادي
وخلتهم سهامًا صائبات ::: فكانوها ولكن في فؤادي
وقالوا: قد صفت منَّا قلوب ::: فقد صدقُوا ولكن عن ودادي
وقالوا: قد سعينا كلّ سعي ::: لقد صدقوا ولكن في فسادي
قوله: «بدليل كلامها على رسائل خاصة بيني وبينه «وهذه مستثناة من الخيانة» لأن الميزان الذي يكيلون به غير الميزان الذي يكتالون به».
هذا من تلبيسه؛ فأي رسائل خاصّة كانت بيني وبينه؟! نُشرت؛ بل يعلم جيّدا ما سمعته منه مرارا؛ ولم أبح به حتّى لإخواني؛ عملًا بقوله ﷺ: «ولا تخن من خانك»[رواه أبو داود (3535) والترمذي (1264) عن أبي هريرة؛ وصححه الألباني في «الصحيحة» (416)].
وأقول له: كل الناس تتكلم في الخيانة إلا أنت.
وقوله: «الفجور في الخصومة، والتآكل بالدعوة».
وجوابه:
أما الفجور في الخصومة فانظر إلى مجالسك، وما كنت تنشر فيها من الإفك، والبهتان، والغيبة، والاتهام بالباطل.
فالذي يفجر في الخصومة هو من يتهم: أني لم أعطه حقوق الطبع، المقدرة بـ100 مليون؛ والحقيقة: أنها لا تبلغ هذا المبلغ، وقد تكفل بها المحسنون.
قال ابن حجر في «فتح الباري» (1/90): «الفجور في الخصومة؛ والفجور: الميل عن الحق، والاحتيال في ردّه».
وأما التآكل بالدعوة فهي من طلب 100 مليون بالنصب والاحتيال، والكذب والبهتان.
ثم أقول:
- هل قبول الهدايا تعتبر متاجرة بالدّعوة؟! وقد قالت عائشة: «كان رسول الله ﷺ يقبل الهدية ويثيب عليها» رواه البخاري (2585).
وقال ﷺ: «لو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت». رواه البخاري (2568) عن أبي هريرة.
قال المناوي في «فيض القدير» (5/314): «(لو أهدي إلي كراع) كغراب ما دون الركبة إلى الساق من نحو شاة، أو بقرة. (لقبلت) ولم أرده على المُهدي؛ وإن كان حقيرًا؛ جبرا لخاطره».
- وهل قبول عطية من غير إشراف من نفس، ولا سؤال؛ تعتبر متاجرة بالدعوة؟! فعن ابن عمر: «أن رسول الله ﷺ كان يعطي عمر بن الخطاب رضي الله عنه العطاء، فيقول له عمر: أعطه، يا رسول الله، أفقر إليه مني. فقال له رسول الله ﷺ: خذه؛ فتموّله، أو تصدق به، وما جاءك من هذا المال، وأنت غير مشرف، ولا سائل؛ فخذه، وما لا، فلا تتبعه نفسك. قال سالم: فمن أجل ذلك كان ابن عمر، لا يسأل أحدا شيئا ولا يرد شيئا أعطيه». رواه البخاري (7162) ومسلم (1045).
وقوله: «كان بن عمر لا يسأل أحدا شيئا، ولا يرد شيئا أعطيه». قال الحافظ في «الفتح» (13/153): «وهذا بعمومه ظاهر في: أنه كان لا يرد ما فيه شبهة؛ وقد ثبت أنه كان يقبل هدايا المختار بن أبي عبيد الثقفي؛ وهو أخو صفية زوج بن عمر بنت أبي عبيد. وكان المختار غلب على الكوفة، وطرد عمال عبد الله بن الزبير، وأقام أميرا عليها مدة في غير طاعة خليفة، وتصرف فيما يتحصل منها من المال على ما يراه؛ ومع ذلك؛ فكان ابن عمر يقبل هداياه؛ وكان مستنده: أن له حقًّا في بيت المال، فلا يضره على أي كيفية وصل إليه، أو كان يرى أن التبعة في ذلك على الآخذ الأول، أو أن للمعطي المذكور مالا آخر في الجملة، وحقا ما في المال المذكور؛ فلما لم يتميز، وأعطاه له عن طيب نفس؛ دخل في عموم قوله: «ما أتاك من هذا المال من غير سؤال ولا استشراف فخذه». فرأى أنه لا يستثنى من ذلك إلا ما علمه حراما محضا».
- وهل الدّعوى إلى طعام تعتبر متاجرة بالدعوة؛! وقد قال النبي ﷺ في الحديث السابق: «لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت».
قال الحافظ في «الفتح» (5/199): «وخصّ الذّراع والكراع بالذّكر؛ ليجمع بين الحقير، والخطير؛ لأنّ الذّراع كانت أحبّ إليه من غيرها؛ والكراع لا قيمة له. وفي المثل: أعط العبد كراعا يطلب منك ذراعا».
وهل البيع والشراء متاجرة بالدّعوة؟! قال ابن القيم في «زاد المعاد» (1/154-156): «وباع رسول الله ﷺ، واشترى؛ وكان شراؤه -بعد أن أكرمه الله تعالى برسالته- أكثر من بيعه... وآجر واستأجر؛ واستئجاره أكثر من إيجاره؛ وإنما يحفظ عنه أنه أجر نفسه قبل النبوة في رعاية الغنم. وأجر نفسه من خديجة في سفره بمالها إلى الشام... ووكّل وتوكّل؛ وكان توكيله أكثر من توكله؛ وأهدى، وقبل الهدية، وأثاب عليها؛ ووهب واتهب، فقال لسلمة بن الأكوع -وقد وقع في سهمه جارية-: «هبها لي». فوهبها له، ففادى بها من أهل مكة أسارى من المسلمين. واستدان برهن، وبغير رهن، واستعار، واشترى بالثمن الحال، والمؤجل».
وسيأتي توضيح المسألة أكثر في موضع آخر -إن شاء الله-.
هذا؛ وأما ما ذكره مما هو خارج محل النزاع؛ فليس هذا موضع ذكره.
والحاصل: أنّ ما طالب به الرجل من 100 مليون، هي دعوى كيدية؛ وهي دعوى باطلة، مرفوضة؛ وقد بناها على الكذب، والبهتان.
وقد روى أبو ذر أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: «من ادعى ما ليس له فليس منا، وليتبوأ مقعده من النار» رواه البخاري (3508) ومسلم (61).
قال ابن دقيق العيد في «الإحكام» (2/209): «قوله: «إن ادعى ما ليس له» يدخل فيه الدعاوى الباطلة كلّها؛ ومنها: دعوى المال بغير حقّ؛ وقد جعل الوعيد عليه بالنار».
وروى ابن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ: «من أعان على خصومة بظلم -أو يُعين على ظلم- لم يزل في سخط الله حتى ينزع» رواه أبو داود (3598) وابن ماجه (2320) واللفظ له؛ وصححه الألباني في «الصحيحة» (437 و1021).
قال ابن الملك في «شرح المصابيح» (4/216): «مَن أعان على خصومة؛ لا يدري أحقّ هو أم باطل؟! فهو في سخط الله حتَّى ينزع».
وقال ابن رسلان في «شرح سنن أبي داود» (14/666): «قال: «من أعان» مخاصمًا «على خصومة» خاصمها. يدخل في عمومها الخصومة في حقّ، والخصومة في باطل؛ لكن الإثم في الباطل أكثر من الإعانة في الحق. والإثم في الحق لا لكونه حقًّا؛ بل لكونه أعان في الحق بغير حقّ».
ومسك الختام، أقول ما قاله الشافعي:
إِذا الـمَـرءُ لا يَـرعاكَ إِلّا تكَلُّفاً ::: فَدَعـهُ ولا تُـكثِر عليه التَأَسُّفا
ففي النَّاسِ أبْدَالٌ وفي التَّرْكِ رَاحة ::: وفي القلبِ صبرٌ للحبيب ولو جفا
فما كلُّ مَن تَهْوَاهُ يَهْوَاكَ قلبهُ ::: ولا كـلُّ مَن صَافَيْتَه لك قَد صَفَا
إذا لـم يـكن صفو الوِداد طبيعةً ::: فـلا خـيـرَ في ودٍ يجيءُ تكلُّفا
ولا خـيـرَ فـي خلٍّ يخونُ خليلهُ ::: ويـلـقـاه من بعدِ المودَّة بالجفَا
ويُـنْـكِـرُ عَيْشًا قد تَقَادَمَ عهدُهُ ::: ويُـظْهِر سِرًّا كان بالأمس قد خَفَا
فسَلامٌ على الدنيا إذا لَمْ يَكُنْ بهَا ::: صديقٌ صَدوق صادق الوعد منصفا
ففي النَّاسِ أبْدَالٌ وفي التَّرْكِ رَاحة ::: وفي القلبِ صبرٌ للحبيب ولو جفا
فما كلُّ مَن تَهْوَاهُ يَهْوَاكَ قلبهُ ::: ولا كـلُّ مَن صَافَيْتَه لك قَد صَفَا
إذا لـم يـكن صفو الوِداد طبيعةً ::: فـلا خـيـرَ في ودٍ يجيءُ تكلُّفا
ولا خـيـرَ فـي خلٍّ يخونُ خليلهُ ::: ويـلـقـاه من بعدِ المودَّة بالجفَا
ويُـنْـكِـرُ عَيْشًا قد تَقَادَمَ عهدُهُ ::: ويُـظْهِر سِرًّا كان بالأمس قد خَفَا
فسَلامٌ على الدنيا إذا لَمْ يَكُنْ بهَا ::: صديقٌ صَدوق صادق الوعد منصفا
ولا يسعنا بعد هذا البيان إلا أن نقول: حسبنا الله، ونعم الوكيل؛ والله المستعان، وعليه التكلان؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
ـــــ . ـــــ
وكتب:
عبد المجيد جمعة
ليلة الخميس 13 شعبان 1443 من هجرة المصطفى
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
* * *
*
تحميل المقال بصيغة [pdf]
وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
ـــــ . ـــــ
وكتب:
عبد المجيد جمعة
ليلة الخميس 13 شعبان 1443 من هجرة المصطفى
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
* * *
*
تحميل المقال بصيغة [pdf]
تعليق