إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وجهة نظر في آخر فتنة ألمت ببلدنا "الجزائر"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وجهة نظر في آخر فتنة ألمت ببلدنا "الجزائر"

    بسم الله الرحمن الرحيم


    وجهة نظر
    في آخر فتنة ألمت ببلدنا "الجزائر"
    ـــ . ـــ



    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه أما بعد:
    اعلموا رحمكم الله أن الفتن إذا أطلت بقرنها، ونزلت على الناس بكلكلها، يختلط فيها الحابل بالنابل، والحق بالباطل، ويكثر فيها القيل والقال، والمستقيم والمحال، ولذلك وجب على العبد عند ورودها أن لا يدخلها، ولا يستعجل بالخوض مع الناس فيها؛ لأنه لا يندم على سكوته وصبره، وإنما يندم بخوضه واستعجاله؛ ولذلك منذ أن برزت هذه الفتنة الأخيرة ببلدنا وأنا أنصح إخواني بعدم الاستعجال، والخوض فيما لا يمكن أن يغيره أمثالنا بحال من الأحوال؛ باستثناء بعض إخواننا المقربين الذين كنت أثق فيهم فأحدثهم بما ألاحظه وأخشاه وأخاف أن يصل حال السلفية في بلدنا إليه، وكما قلت فيما مضى أنني لم أخض في هذه الفتنة ولم أكتب في هذه الملمة كلمة واحدة ولم أنشر جملة مفيدة ولا غير مفيدة أنتصر فيها لطرف من الأطراف أو أنصر فيها أحدا فيما يدور من الخلاف، لأسباب:
    الأول: لأن المشايخ لم يُحَذِّر بعضهم من بعض، ولم أفهم مما وصلني من كلام العلامة فركوس حفظه الله ما يدل على إسقاطه لهم، وتحذير الناس من مجالستهم، وإنما الطعونات الموجودة، والتجريحات المنتشرة هي: من شباب مبتدئين، ومجاهيل غير معروفين، وأصحاب أسماء مستعارة مريبين؛ وما كان لي أن آخذ عن أمثال هؤلاء، وأعتبر كلامهم قادحا فيمن شابت لحاهم في الدعوة إلى الله، وعرفوا بها، وبالاجتهاد في نشرها، والذب عنها، وأثنى عليهم علماء السنة المعرفون، ونصحوا بهم، وأوصوا بأخذ العلم عنهم؛ على سبيل المثال: العلامة محمد بن هادي المدخلي، والشيخ سليمان الرحيلي حفظهما الله ورعاهما.
    الثاني: ما كنت آمله -ولا زلت- من اجتماع مشايخنا لرأب الصدع وفض النزاع، وإنهاء الخصومات والصراع؛ وهم أهل لذلك لكمال عقولهم، وكبير فقههم، وعظيم حرصهم على خير الدعوة والمدعوين والبلاد والعباد.
    الثالث: أن ترك أحد هؤلاء المشايخ لا يمكن أن أصير إليه، وأقع فيه، إلا بأدلة ظاهرة ظهور الشمس في رائعة النهار؛ بأن تكون أخطاؤهم منهجية أو عقدية واضحة يقعون فيها ثم يصرون عليها ولا يريدون تركها ولا التراجع عنها.

    والذي دفعني للكتابة اليوم خلافا لما كنت أنهجه وأسير عليه أمور هي:
    الأول: أنني لم أر فيما يذكره المنكرون على المشايخ المحاولون للنيل منهم وإسقاطهم ما يؤيد كلامهم ولا يدعم موقفهم وكل أدلتهم التي اطلعت عليها ضعيفة واهية أو على غير أساس متهاوية.
    الثاني: ما وصل به حال كثير منهم إلى الاحتجاج بما قاله الصعافقة الأوائل من كلام باطل عاطل من أجل تأييد المذهب المطروق ودعم التوجه المسلوك، وهذه طريقة خطيرة سيأتي بإذن الله ذكر مفاسدها.
    الثالث: ما وصل إليه الطاعنون في المشايخ من حوم حول تكفير بعضهم وإخراجه من الملة بأوهام الصعافقة الأوائل وتلبيساتهم العواطل.

    والآن أقول وبالله التوفيق: إن هذه الفتنة تدور على جملة مسائل هي:
    المسألة الأولى: انتقادات العلامة فركوس حفظه الله ورعاه على الشيخ أزهر والشيخ جمعة حفظهما الله ورعاهما في بيانه المسمى بـ:" شهادة للتاريخ".
    المسألة الثانية: ما ينقله المؤيدون للشيخ فركوس –حفظه الله- والمنتصرون له من طعونات في المشايخ قصد إسقاطهم وتنفير الناس عنهم.
    المسألة الثالثة: ما أثمرته الفتنة من أشياء خطيرة ومنعرجات مبيرة.

    وإلى بيانها وبالله أستعين على تجليتها:
    المسألة الأول: انتقادات العلامة فركوس حفظه الله ورعاه على الشيخ أزهر والشيخ جمعة حفظهما الله ورعاهما:
    مما هو معلوم أن العلامة محمد علي فركوس حفظه الله ورعاه قد انتقد على الشيخين أزهر وجمعة حفظهما الله جملة انتقادات في البيان الذي وجهه إليهم وما تبعه من كلام كان في مجالس الشيخ العامرة حفظه الله ورعاه، والانتقادات هي:

    الانتقاد الأول: أن المشايخ خالفوا قواعد المنهج السلفي وعلى رأسها:
    اتخاذ الكتاب والسنة ميزانا للقبول والرد فما وافقهما أخذنا به وما خالفهما تركناه. وضرب حفظه الله على مخالفة المشايخ لهذه القاعدة مثلا بالمسائل المطروحة والتي ذَكر فيها الأدلة الكثيرة ولكن اعتُرض عليها بأقوال أئمة الهيئة وقدمت أقوالهم على النصوص الآمرة بالتراص.
    ومنذ أن قرأت هذا الكلام استشكلته ولم أستطع استيعابه لأنه حُكم على المشايخ المقصودين بالكلام وهم الشيخ أزهر والشيخ عبد المجيد جمعة -على الأقل- بتقديم كلام العلماء على سنة النبي صلى الله عليه وسلم والواقع أنهم –فيما أعتقد وهو ظاهر- لم يقدموا كلام العلماء مجردا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما اتبعوهم على أدلتهم التي قدموها وبراهينهم التي احتجوا بها وهذا الذي فعلوه لا يمكن أن ينكر عليهم ولا يُتَرَّبَ بسببه عليهم لأنهم على أقل أحوالهم من المتبعين الذين يتبعون العالم لدليله، وهذه المسألة من المسائل الخلافية التي قوي فيها الخلاف، فأشكل علي كيف يُتَرَّبُ على من أخذ بقول دون الآخر وينكر عليه فضلا أن يوصف بأنه خالف قواعد المنهج السلفي ومن الأدلة التي تبنوا لأجلها هذا القول وتركوا بسببها الأصل[1]؛ الآتي:
    الدليل الأول: قول الله تعالى:" وَخُذُوا حِذْرَكُمْ" سورة النساء من الآية 102. وأخذ الحذر في هذه الأيام يقتضي التباعد في الصلاة كما قرر الشيخ العلامة الفوزان حفظه الله ورعاه بل قال الأخذ بالأسباب ومنها التباعد في هذه المسألة واجب[2].
    الدليل الثاني: قول الله تعالى:" فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" سورة النحل من الآية 43 وسورة الأنبياء من الآية 7، وأهل الذكر في هذا الباب هم الأطباء كما قالت هيئة كبار العلماء فيؤخذ بقولهم ولا ترد نصائحهم.
    الدليل الثالث: القاعدة الفقهية المعروفة:" الضرورات تبيح المحظورات وهي تقدر بقدرها كما هو معلوم" وهذا الوباء يراه العلماء بناء على قول أهل الخبرة من الضرورات، وأدلة هذه القاعدة معروفة ومعلومة، وإن كان للشيخ فركوس –حفظه الله ورعاه- كما هو معلوم كلام على مسألة الضرورة هنا وهو من أقوى أدلته وأسدها عند من اتبعه وأخذ بقوله وسيأتي الكلام عليه.
    الدليل الرابع: قول النبي صلى الله عليه وسلم:" لا ضرر ولا ضرار" وتقارب الناس قد ثبت عند أهل التخصص أنه من أسباب انتقال المرض والتباعد من أسباب الحماية منه والوقاية منه فنحافظ على صلاتنا ونتباعد محافظة على أنفسنا يوضحه:
    الدليل الخامس: قول الله عز وجل:" فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ" سورة التغابن من الآية 16، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:" ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ" رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ونحن مأمورون بصلاة الجماعة وثبت بقول أهل التخصص والفن أن في تقاربنا مضرة علينا وأُمرنا بحفظ أنفسنا وعدم الإضرار بغيرنا فالصلاة بالتباعد جماعة هو استطاعتنا التي أمرنا بها شرعا فنفعلها ولا نتركها.
    الدليل السادس: أن حفظ النفس من مقاصد الشريعة الكلية وهذا الإجراء وهو التباعد في الصلاة مما يعين على حفظها وموافقة هذا المقصد من شريعة الله سبحانه والأخذ به من القرب التي يتقرب العبد بها لربه[3].
    الدليل السابع: أن أدلة التراص في الصلاة أصلا للاستحباب على قول الجمهور ولا يضر من تركها تركُه لها وبخاصة من فعل ذلك لعلة شرعية اقتضت ذلك منه[4].
    الدليل الثامن: أن الشروط تترك لتحصيل الأصول فكيف بالصفات الخارجة عن العمل[5].
    وهذه الأدلة منها ما هو من القواعد الكلية في الإسلام والتي يعتمد عليها العلماء والفقهاء في إصدار فتاويهم، والحكم على النوازل التي تنزل بأمة نبينا صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
    ومن هنا نعلم أن مشايخ الجزائر لم يتركوا أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأقوال علماء الهيئة مجردة عن أدلتها، وإنما قالوا بأقوالهم المستندة إلى أدلتها، ولو لم يذكروها، ففي إحالتهم على أقوالهم إحالة على أدلتهم التي اقتنعوا بها واعتمدوا عليها.
    فحتى لو فرضنا أن أدلتهم ضعيفة وليست مقنعة بالنسبة لمن يقول بقول الشيخ فركوس –حفظه الله ورعاه- ويأخذ باجتهاده إلا أنهم يعتقدون صحتها ويرون قوتها فهم معذورون مأجورون وكذلك بالنسبة لمن اقتنع بقولهم وأخذ باجتهادهم، سواء كان مقلدا لهم لعدم أهليته وثقته بهم أو ببعضهم، أو كان متبعا يتبع العالم بدليله فأداه جهده واجتهاده بعد النظر في أدلة الطرفين إلى تبني قولهم، واتباع فتواهم، فلا تتريب عليه وقد فعل الذي كلفه الله به.
    أما الأدلة التي أدلى بها شيخنا ووالدنا الكريم -حفظه الله ورعاه- والتي حكم من خلالها على المشايخ بأنهم خالفوا قواعد المنهج السلفي لتركهم إياها فلا يمكن أن تكون داعمة لحكمه فيما أعتقد لسببين وجيهين وهما:

    السبب الأول:أنهم لم يتركوها تنكبا لطريقها ولا زهدا في العمل بها وحاشاهم –نحسبهم كذلك والله حسيبهم ولا نزكيهم على الله سبحانه- وإنما تركوها للضرورة الموجودة وللنازلة المعروفة ومعلوم أنه يجوز فعل المحرم وترك الواجب بل والركن إذا دعت الضرورة إليه أو لم تتوفر المقدرة والاستطاعة على فعله، وأمثلة هذا كثيرة ومعروفة:
    فمنها: ترك الصيام لمن لم يقدر عليه وهو من أركان الإسلام ومبانيه العظام ولكن الله سبحانه وتعالى أباح تركه لمن لم يقدر عليه أو شق عليه صومه قال الله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)" سورة البقرة. فأباح الله الفطر في رمضان لمن له عذر حتى يزول عذره فمن باب أولى أن يباح التباعد لوجود العذر حتى يزول كما قرر العلامة الفوزان حفظه الله تعالى، بل إن الفقهاء قرروا أنه يجوز الفطر خوف زيادة المرض أو تأخر البرء فكيف بمن خاف حصول المرض المهلك.
    ومنها: ترك القيام في الصلاة وهو ركن من أركانها وقد أمر الله به في محكم تنزيله قال الله تعالى:" حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)" سورة البقرة. ومع ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ" رواه البخاري رحمه الله عن عمران بن حصين رضي الله عنه وقد قاله له النبي صلى الله عليه وسلم لما كانت به بواسير.
    ومنها: ترك ستر العورة عند عدم المقدرة وهو شرط من شروط الصلاة العظيمة، بل وقرر الفقهاء جواز صلاة العراة جماعة على أن يقف إمامهم وسطهم، وهذا فيه ترك شرط من شروط الصلاة مع عدم القدرة فترك التراص وهو واجب على الصحيح للحاجة والضرورة يجوز من باب أولى.
    وغيرها كثير.

    السبب الثاني:أن كثيرا من الأدلة التي استدل بها شيخنا وعلامة ناحيتنا –حفظه الله وبارك في عمره وفي أنفاسه- ليست قوية في دلالتها ويمكن أن تورد الإشكالات الكثيرة عليها التي تمنع من الأخذ بها والاعتماد عليها وتوهي الأحكام التي تنبني عليها، وإلى ذكر بعضها:
    - الدليل الأول:من أقوى الأدلة التي استدل بها شيخنا –حفظه الله ورعاه- جملة من النصوص الآمرة بالتراص في الصلاة والمحذرة من الاخلال به وهي معروفة وهذا الدليل مقابل بالأدلة الكثيرة والقواعد الكلية التي تبيح للآخذ بها أن يترك العمل بتلك النصوص رجاء تحصيل المصلحة الشرعية في فترة معينة ثم يرجع للعمل بها حين زوال العلة؛ وقد تقدم ذكرها، لكن هل يمكن ترك العمل بالحكم الشرعي ريثما تزول العلة وهل لذلك من أمثلة:
    الجواب: يجوز وقد تقدم ذكر الأدلة على ذلك، أما الأمثلة:
    فمنها: أَمْرُ عمر رضي الله عنه وأرضاه في عام الرمادة بعدم قطع يد السارق، وحكمه بذلك رضي الله عنه وأرضاه لوجود المجاعة التي تعتبر شبهة، فلا يمكن أن يقال أنه عطل الحكم وعمل بخلاف ما تقتضيه النصوص الشرعية الواضحة والصريحة.
    ومنها: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه ترك العمل بالنص في مسألة مصرف المؤلفة قلوبهم فلا يمكن أن يقال أنه عطل النص وعمل بخلاف ما تقتضيه الآيات القرآنية والنصوص الشرعية.

    تنبيه:
    لقد قرر الإمام الألباني رحمه الله أنه يمكن ترك العمل بالنص وتوقيفه إذا استجد أمر يدعو لذلك بشرط أن لا يكون ذلكم الأمر موجودا في عهد نزول النص وهو زمن التشريع[6] وهذا الذي فعله علماء السنة فيما أفتوا به في مسألة التباعد كما سيأتي تقريره إن شاء الله.

    لكن قد يقال الطواعين كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء من بعده ولم يتركوا التراص في الصلاة مع وجودها أقول: هذا الكلام صحيح ولكن استجد من المعلومات في زمننا عن الأمراض ما لم يكن معلوما في زمنهم فطرأ ما يؤثر في تغير الحكم، يوضحه التعليق على:
    - الدليل الثاني:احتجاج الشيخ -حفظه الله ورعاه- باستمرار الصلاة بالتراص مع وجود الأوبئة والطواعين كما نقل ذلك محب العلم والعلماء عنه في المقالة المعنونة بـ: "التلخيص الحبير لما في سلسلة الفوائد من العذب النمير" حيث قال ص4:" وعليه فمع وجود هذه النصوص العظيمة التي تدل صراحة على حفظ الدين وأن الأمة تبقى فيها طائفة على الحق متمسكة به موصوفة بقيامها بأمر الشرع في كل عصر من الأعصار وهذا خبر المعصوم الذي قوله حق وصدق يمتنع أن يكون في الواقع خلافه ومع هذا كله فكيف تغيب صلاة التباعد عنهم قولا وفعلا طيلة هذه القرون كلها ثم تظهر لنا في زمننا هذا، ويغيب عنها هذا الحق كل هذه المدة هذا من المحال لأن وصفها بأنها على الحق يكون مسلوبا عنها فكان والحال هذه أن صلاة التباعد ليست من الشرع المحفوظ وهذا هو المطلوب".
    وهذا الكلام صحيح لو كان واقعهم مثل واقعنا، والمعطيات التي بنيت عليها فتوى علمائنا اليوم كانت موجودة عندهم ولم يأخذوا بها، وبيانه: أن الفتوى بالصلاة بالتباعد مبناها على ما قرره الأطباء من أن التباعد بين الناس على مقدار المسافة المحددة يحميهم من انتقال العدوى بينهم وهذا ما لا نعلمه كان معلوما مثله عند علمائنا على اختلاف عصورهم، فلا يمكن أن نحتج بعملهم ولا قولهم على عدم الجواز إلا بتحقق أمرين اثنين الأول: أن يكون الأطباء في زمنهم أخبروهم أن التباعد بهذا المقدار المعين يحميهم من العدوى. والثاني: أنهم لم يأخذوا بكلامهم وأفتوا الناس بإبقاء الصلاة على هيأتها دون تغيير فيها. وهذا ما لا يمكن إثباته لأنه أمر مستجد في زمننا ولذلك لا يصح قياس واقعنا على واقعهم ولا الاحتجاج بما كانوا عليه على ما استجد عندنا والله أعلم.
    وهذا ما قال نحوه الشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله في بعض أجوبته[7].
    - الدليل الثالث: احتجاجه -حفظه الله- بالإجماع العملي الثابت بالاستقراء في تركهم لصلاة التباعد مع قيام المقتضي من وجود الأمراض المعدية وانتفاء المانع.
    - الدليل الرابع:احتجاجه -حفظه الله- بقاعدة "عدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة":
    قلت: وهذان الدليلان مردودان بالجواب المذكور على الدليل الثاني، وما يؤيده من كلام الإمام الألباني رحمه الله، وبكلام الشيخ سليمان الرحيلي الذين ذكرتهما سابقا فتأمله؛ لأن الإجماع العملي كان يصح الاحتجاج به لو كانت الوقائع واحدة والمعطيات متحدة.
    - الدليل الخامس:احتجاجه -حفظه الله- بالقاعدة التي ذكرها محب العلم مستدلا بها في ص5 من المقالة نفسها وهي: "الأصل في العبادات التوقف":
    والجواب عليها هو: أن مسألتنا هذه ليس فيها إثبات عبادة جديدة وإنما تغيير في صورة وهيئة عبادة مشروعة لأجل الضرر وهذا مما جاءت به الشريعة ويظهر جليا في نصوص السنة وأعظم مثال لها هو صلاة الخوف التي جاءت على صفات مختلفة كثيرة كلها على خلاف الأصل.
    ثم يقال: ما مثل التباعد في الصلاة المشروعة لأجل الضرورة الذي أنكره الشيخ -حفظه الله- إلا مثل تغطية الوجه بالقناع الذي أقره من بعض الوجوه -حفظه الله ورعاه- وبيانه أن يقال هل يُقَرُّ العبد في الحالات العادية والطبيعية أن يتقنع في صلاته؟.
    كما قال محب العلم والعلماء في مقالته المعنونة بـ "التلخيص الحبير لما في سلسلة الفوائد من العذب النمير" ص3:" ... وأما غيرهم من الأصحاء فيلزمهم البقاء على الأصل في حضور الجمعة والجماعات والتسوية والتراص في الصفوف مع أخذ أسباب الوقاية من التعقيم والفحص بالمقياس الحراري وارتداء القناع الواقي ونحوها من الإجراءات والتدابير اللازمة".
    فالشيخ -حفظه الله ورعاه- أيضا أفتى بما يعتبر تغييرا في صفة وهيئة الصلاة وهو ارتداء القناع بسبب وجود الوباء.
    - الدليل السادس:احتجاجه -حفظه الله- باستصحاب الأصل وقاعدة "الأصل بقاء ما كان على ما كان":
    والجواب: أن العلماء لم يخالفوا في هذا الأصل وإنما نقلوا الناس عنه للضرورة المعلومة ولفترة محدودة ويدل على صحة كلامهم وأن هذه القاعدة لا يمكن أن تَرِدَ على قولهم الكلام المتقدم على الدليل الثاني وكذلك كلام الإمام الألباني رحمه الله وكلام الشيخ الرحيلي الذي تقدم ذكرهما، كما يرده قول العلامة فركوس –حفظه الله- بجواز التقنع وهو على خلاف الأصل الذي يستصحب وأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، فتأمله.
    - الدليل السابع:احتجاجه –حفظه الله- بأن الأصل عدم الضرورة وأن هذه الضرورة متوهمة:
    قلت: وهذا هو أقوى دليل -فيما أعتقد- عند شيخنا -حفظه الله ورعاه- وهو الذي اقتنعت أنا به، وملت إلى هذا القول بسببه، وإلا فما أورده العلماء القائلون بالجواز حفظهم الله من الأدلة قوي ومقنع، وهنا تضاربت الأدلة وتدافعت البراهين ولكل وجهة نظره ولا إنكار عليه إذا عمل وأفتى بما أداه إليه اجتهاده كما تعلمنا من أئمتنا وعلمائنا في مثل هذه المسائل التي يسوغ فيها الاجتهاد.
    فالشيخ -حفظه الله وبارك في عمره- رأى أن الضرورة متوهمة ومما يقوي كونها متوهمة عنده حال الناس في زمن الوباء فهم مختلطون في الأسواق وفي البريد والمواصلات وأحيانا في المقاهي ونحوها.

    والعلماء الآخرون يرون الضرورة حقيقية ويقينية وبنوا قولهم على أمور:
    الأول: قول أهل التخصص في العالم من الأطباء والباحثين ووزارات الصحة بما فيهم أطباء مسلمون وأخصائيون ثقات في بلاد المملكة وغيرها.
    الثاني: ما هو قطعي من تأثر الناس بهذا المرض وسرعة انتقاله وعظيم انتشاره وظهور نتائجه في الأمم من آلام أصابتهم وموت ذريع ألم بهم بل إن مما قوى قولهم وأكده أن الاجراءات الاحترازية من حجر وتباعد ونحوه كلما فُرط فيها وتساهل الناس في الأخذ بها تكاثرت الإصابات وتعددت الوفيات بالعشرات والمئات بل بالآلاف وأكثر من ذلك.
    أما احتجاج بعضهم بفعل الناس على خلاف قول أهل التخصص، فيقول: إذا كانت الضرورة قائمة فهل هي خاصة بالمساجد لأننا نرى الناس يختلطون في أسواقهم ونواديهم وغير ذلك من الأماكن التي تجمعهم ولم نر شيئا يصيبهم ولا ضرر يلحقهم؟ فهذا الاستدلال في الحقيقة ضعيف ولا يمكن أن يؤخذ به لأن عدم استجابة الناس لأهل التخصص وأيضا عدم ظهور الضرر عليهم لا يجعل قول هؤلاء المتخصصين باطلا وإلا لتركنا ما لا يمكن الشك فيه من كلامهم وتقريراتهم وكمثال على ذلك: شرب الدخان الذي يجمع الناس من أهل التخصص وغيرهم على ضرره وتأثيره ومع ذلك فنسبة كبيرة تعد بالملايين تتعاطاه ولا تسمع لقول المتخصصين ولا لكلام العلماء المحرمين، وأكثرهم لا يظهر الضرر عليهم.
    ثم كثير من الدول تمنع منه في الأماكن العامة والناس يتعاطونه في غيرها من الأماكن وهذه الأمور كلها لا تعني أنه لا يضر وليس منه على الناس ضرر.
    وزيادة على هذا ليست فتاوى علمائنا بجواز الصلاة بالتباعد مبناها على القول بالضرورة فقط بل منهم من بناها على الاحتياط للنفس، ومنهم من بناها على حكم الاصطفاف في الصلاة رأسا ونحوها من الأدلة التي تقدم ذكرها فحتى لو رأينا ضعف قولهم فلا أقل من أن نعذرهم كما هو صريح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في حكم المجتهدين.

    وبناء على الذي مر يتبين أمور:
    الأمر الأول: أن الخلاف قوي ولذلك لا يُتَرَّبُ على أحد من العلماء المجتهدين، ولا طلبة العلم المتَّبعين، ولا على عموم المسلمين المقلِّدين؛ وهذا هو منهج أهل السنة والجماعة، ولأجل هذا لا يمكن أن نصف أحدا قال بالتباعد أنه خالف قواعد المنهج السلفي، ولذلك أشكل علي كلام الشيخ حفظه الله ورعاه.
    الأمر الثاني: أن ما يفتي به العلماء لا ينبني على قول الأطباء في مخالفة النصوص، وإنما أخذا بنصوص أخرى مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم:" لا ضرر ولا ضرار"؛ ولكن الضرر قد يكون ظاهرا لكل أحد، وقد يكون ظاهرا لأهل التخصص ولذلك يعول على قولهم، ويؤخذ بتقريراتهم، ولكن مِن العلماء مَن اشترطوا فيهم أن يكونوا ثقات[8]

    لا يشك في ذممهم ولا نزاهتهم والظن بالعلماء أنهم لا يفتون في مثل هذه المسائل إلا بناء على قول ثقات الأطباء وهم موجودون والحمد لله في كل بلد وفي بلاد السعودية خاصة.
    فإذا قرر أهل التخصص وهم الأطباء مثلا بأن الأمر فيه ضرر تُرك واجتُنب ليس لأقوالهم وإنما للنصوص الشرعية الآمرة بتجنب الضرر والاحتماء منه أو إزالته عند وقوعه، وللنصوص الأخرى التي تأمر بالأخذ بقول أهل التخصص:
    أما النصوص الآمرة بتجنب الضرر والاحتماء منه أو إزالته عند وقوعه فقد تقدم نقلها ومنها:
    قول الله تعالى:" وَخُذُوا حِذْرَكُمْ" سورة النساء من الآية 102. وأخذ الحذر في هذه الأيام يقتضي التباعد في الصلاة كما قرر الشيخ العلامة الفوزان حفظه الله ورعاه.
    قول النبي صلى الله عليه وسلم:" لا ضرر ولا ضرار" وتقارب الناس قد ثبت عند أهل التخصص أنه من أسباب انتقال المرض والتباعد من أسباب الحماية منه والوقاية منه.
    ونحوها من النصوص والقواعد المتقدمة فلم يترك العمل بنصوص الاصطفاف في الصلاة إلا للحاجة المعلومة والضرورة الواقعة وهي ليست على سبيل الدوام وإنما بقدر الحاجة والتي إذا زالت عادت الأمور إلى نصابها والمياه إلى مجاريها كما قرر العلامة الفوزان حفظه الله.
    وما مثله إلا مثل إباحة الإفطار في رمضان للمريض والمسافر حتى يزول السبب ويصومه.
    وكذلك ترك القيام في الصلاة مع وجود الداعي ثم الرجوع إلى الصفة المأمور بها مع زوال المانع منها.
    وأما النصوص التي دفعت العلماء للاعتماد فيما يفتون به ويقررونه على أهل التخصص من أطباء وغيرهم هو:
    - قوله تعالى:" فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" سورة النحل من الآية 43 وسورة الأنبياء من الآية 7.
    - ولذلك لم يزل الرجوع لأهل التخصص هو فعل أهل الفقه وشيخنا ووالدنا وعلامة ناحيتنا منهم ومن أمثلة فعله لذلك –حفظه الله ورعاه-:
    قوله حفظه الله في الفتوى رقم 760
    الصنف فتاوى الطهارة – الحيض والنفاس.
    بعنوان: في المترددة بين دم النفاس والحيض والعلة.
    ... فالأصل في الدماء الحيض.
    لكن إذا أخبرت طبيبة مختصة بأن هذا الدم ليس حيضا ولا نفاسا، وإنما هو دم علة تحدثه حبوب منع الحمل، فإن تؤكد من ذلك فالمرأة معدودة من الطاهرات، ويجوز للرجل أن يجامعها ولو مع خروج دم العلة بسبب حبوب منع الحمل... إلى آخر ما قال حفظه الله ورعاه.
    وقوله حفظه الله ورعاه في الفتوى رقم: 160
    الصنف: فتاوى المعاملات المالية
    بعنوان: في حكم التعويض بسبب الحوادث
    ...وإلا فيعاد تقديره من جديد بحضرة المعني بالأمر، وما انتهت إليه الخبرة الطبية فإنه يعوض على قيمتها مكونة بحسب طبيعة الضرر وحجم العجز، وإن سبق وأن دفع له طيلة فترة عجزه عن العمل أجرة شهرية –بصفته عاملا- بنية تغطية ضرره فإنه يحتسب ذلك بعد تقويم الخبرة الطبية" اهـ.
    فها هو شيخنا -حفظه الله- يعتمد قول الأطباء ويأخذ به ويعول عليه لأنهم أهل التخصص الذين أمر بالرجوع إليهم في تخصصهم والاسترشاد بأقوالهم والاعتماد عليها فيما يفتي به ويقرره.
    فلا يمكن أن يقال فيه –حفظه الله ورعاه- أنه ترك النصوص الشرعية –في الحيض والنفاس واستباحة أموال المسلمين المحترمة- لأقوال الأطباء وإنما يقال أفتى بالنصوص الشرعية مسترشدا بأقوال أهل التخصص.
    بل أكثر من هذا أنه –سلمه الله- في مسألتنا هذه أخذ في جوانب منها بأقوال الأطباء ومن ذلك:
    - ما أثر عنه أنه حينما سئل -حفظه الله- عن أخذ اللقاح كان من ضمن جوابه: أن أوصى من أُلجئ إليه أن يستعمل نوعا معينا منه وهذا لا يمكن أن يكون صدر عنه إلا بناء على قول بعض أهل التخصص.
    - وأيضا ما جاء في قول محب العلم والعلماء -وهو ما أخذه عن الشيخ كما أخبر به وقرره في بعض مجالسه- في مقالته المعنونة بـ "التلخيص الحبير لما في سلسلة الفوائد من العذب النمير" ص3:" ... وأما غيرهم من الأصحاء فيلزمهم البقاء على الأصل في حضور الجمعة والجماعات والتسوية والتراص في الصفوف مع أخذ أسباب الوقاية من التعقيم والفحص بالمقياس الحراري وارتداء القناع الواقي ونحوها من الإجراءات والتدابير اللازمة".
    وهنا الشيخ -حفظه الله- قرر الأخذ بكلام أهل التخصص من تعقيم وقياس بالمحرار والقناع الواقي ولم يستثن سوى التباعد، وغيره -حفظه الله- لم يستثنه بالنصوص التي تدعوا إلى أخذ الحذر ونحوها، وقد تقدم ذكرها؛ فالمسألة خلافية بينهم -حفظ الله الجميع- توسعا وتضييقا في الأخذ بكلام الأطباء.
    فلإن كان الحق عدم الأخذ بكلام الأطباء في هذه المسألة فلماذا نأخذ بجانب من توصياتهم دون جانب آخر وكل من الجانبين فيه تغيير لصفة الصلاة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم ذكره؟.
    فهذا هو معتمد القائلين بالتباعد من المفتين والمتبعين والمقلدين فحتى لو اعتبرناهم مخطئين ولم نقتنع بقولهم فهم معذورون على أقل أحوالهم.
    هذه مسألة لم أستطع أن أوافق الشيخ عليها للإشكالات المتقدمة التي وقعت لي في كلامه -حفظه الله ورعاه- واستشكالي لما جاء في كلامه –حفظه الله- لا يعني أنني أطعن فيه وأنتقص من قدره بل هذا اتباعا له في منهجه الذي يدعو إليه وهو النهي عن التقليد والذي كتب بيانه حفظه الله ورعاه لحربه وإنكاره.

    والانتقاد الثاني: ما انتقده عليهم –حفظه الله- من الوقوع في التقليد وهذا مبناه على الانتقاد السابق.

    الانتقاد الثالث: أن المشايخ لم يبينوا الحق لما ظهرت مسألة الصلاة في الأبنية ولم يصدوا غارات طعونات الصعافقة العارية عن الدليل:
    2- قال العلامة محمد علي فركوس حفظه الله ورعاه:" .... فجاءت –في بداية الأحداث- مسألة صلاة الجمعة في الأبنية، فأخرج الصعافقة –إثر الفتوى- تبرئة منها، ولم نعلم أن المشايخ قد تحركوا لبيان الحق فيها، أو صد غارات الطعونات العارية عن النظرة الفقهية والأسلوب العلمي، مع أن الفتوى مدعمة بالدليل وشواهد اعتبارها من أقوال العلماء".
    قلت: هنا مسألة مهمة وهي: أنه لا يمكن لمن يعتقد خلاف قول العالم أن ينصر قوله، ويؤيده على ما ذهب إليه؛ إلا من الناحية العامة وهي: تأييده على الاجتهاد والنظر في المسائل وهو أهل لذلك، أما أن يؤيده في المسألة الخاصة وهو يعتقد خلافها فهذا لا يمكن، والمشايخ لو تكلموا في تلك المسألة بما يعتقدون فهذا سيفهم على أنهم للصعافقة يؤيدون؛ مع أنه كان في إمكانهم أن يذكروا معتقدهم في المسألة بالدلائل، ويردوا عدوان الصعافقة على الشيخ حفظه الله وتطاولهم، وسوء طريقتهم ومنهجهم، وهذا هو الأولى والأفضل والأحسن.
    لكن هل يلزم هذا في شريعة الله ويجب؟ هذه مسألة تحتاج إلى جواب من الشيخ نفسه حفظه الله ورعاه.
    وهذا ما استوجب عدم اقتناعي بهذا الانتقاد.

    الانتقاد الرابع: كثرة الخوض والتسفيه في مسألة التباعد إلى أن أخرجت عن مسارها الفقهي الاجتهادي:
    3- قال العلامة محمد علي فركوس حفظه الله ورعاه:" .... ثم تلتها مسألة التباعد في الصلاة التي كثر فيها الخوض والتسفيه إلى حد إخراج المسألة عن مسارها الفقهي الاجتهادي والولوج بها ضمن المسائل المنهجية".
    قلت: والذي انتشر عنه التسفيه، وأُدين به، وأُنكر عليه، هو: الشيخ أزهر -حفظه الله- وقد كنت استشكلت أمرا وقع لي في الكلام الذي نقل عنه لإثبات هذه التهمة فيه، إشكال توقفت عنده ولم أستطع أن أستوعبه وهو: هل يؤاخذ القائل بلازم قوله ولو منع التلازم وانتفى منه ولم يلتزمه؟ هذا إشكال! الذي علمناه من كلام علمائنا:" أن اللازم من قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم إذا صح أن يكون لازما فهو حق، وذلك لأن كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حقٌ، ولازمُ الحق حق، ولأن الله تعالى عالم بما يكون لازما من كلامه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، فيكون مرادًا.
    وأما اللازم من قول أحد سوى قول الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فله ثلاث حالات:
    الأولى: أن يذكر للقائل ويلتزم به. فهذا يكون لازم قوله قولا له لأنه التزمه....
    الحال الثانية: أن يذكر له ويمنع التلازم بينه وبين قوله. وهذا لا يكون لازم قوله قولا له....
    الحال الثالثة: أن يكون اللازم مسكوتا عنه، فلا يذكر بالتزام ولا منع، فحكمه في هذه الحال أن لا ينسب إلى القائل، لأنه يحتمل لو ذكر له أن يلتزم به أو يمنع التلازم، ويحتمل لو ذكر له فتبين له لازمه وبطلانه أن يرجع عن قوله، لأن فساد اللازم يدل على فساد الملزوم.
    ولورود هذين الاحتمالين لا يمكن الحكم بأن لازم القول قول..."[9].
    فالمثال الدال على هذا الإشكال: هو ما شاع وذاع من طعن في الشيخ أزهر -حفظه الله- بلازم قوله الذي نشر عنه وهو: إذا لم نأخذ بكلام الأطباء هذا سفه منا[10]. فاستُلزم من قوله هذا أنه يصف الشيخ الوالد –حفظه الله- بالسفه، واعتبروا لازم قوله قولا له، وهذا مخالف لما قرره العلماء بأن لازم القول ليس بقول إلا إذا ذُكر لصاحبه فالتزمه وواقع الشيخ أزهر –حفظه الله- خلاف هذا المقرر لأنه قد انتفى من هذا اللازم بِبَيان مقصوده بكلامه[11] وأنه لم يقصد الشيخ -حفظه الله ورعاه-، فكيف يكون قولا له؟ ومع بيانه هذا حفظه الله إلا أنهم لا يزالون يؤاخذونه به ويطعنون فيه بسببه.
    وهذه القاعدة العلمية استوجبت مني أن لا آخذ بهذا الانتقاد.
    وأنا أعتقد أن المشكلة في النقلة الذين يوصلون إلى الشيخ الكلام مبتورا أو مبدلا ومغيرا وهم ثقات عنده فيبني على قولهم وإلا فالشيخ العلامة حفظه الله أجل من أن يؤاخذ الشيخ أزهر بلازم قوله وبخاصة وهو قد تبرأ منه.
    ومما يدل على أن النقلة ينقلون للشيخ حفظه الله ما لا حقيقة له ما سيأتي من الكلام على الانتقاد التاسع وغيره.

    الانتقاد الخامس: احتجاجهم في مسألة الصلاة بالتباعد بوجوب طاعة ولي الأمر:
    - قال العلامة محمد علي فركوس حفظه الله ورعاه:" .... وعارضوا ذلك بوجوب طاعة ولي الأمر من غير التفات إلى قيود طاعة ولي الأمر، ومنها: أن تكون في المعروف دون المعصية، ولم يفرقوا بين طاعة ولي الأمر مطلقا وبين مطلق الطاعة، وأن قاعدة "رفع الحاكم الخلاف" لا تدخل في باب العبادات، وإن سلم دخولها فبضوابط مذكورة في محلها، ثم تلتها –بعد ذلك- قاصمة الظهر وهي مسألة الإنكار العلني على ولاة الأمور، فبينت هذه المسألة بيانا كافيا، ورددت على شبهات القوم، وفندت إشكالاتهم بما لا مزيد عليه، ففرح –وقتئذ بهذه المسائل- أهل الاتباع، واغتاظ أهل التقليد، فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها".
    قلت: الظاهر أن ذكر المشايخ لطاعة ولاة الأمر في مسألة التباعد ليس استدلالا بها ولا جعلوها حجة يُستند عليها وإنما ذكروا ذلك فيما ظهر لي على أحد وجهين:
    الوجه الأول:أن المشايخ لم يفتوا الناس بالصلاة بالتباعد لأن ولي الأمر هو الذي أمر وإنما لأجل الضرورة التي يعتقدون وجودها وتحققها بناء على قول أهل التخصص الذين أَخَذَ بقولهم ولي الأمر فَذِكْرُ ولي الأمر ليس للاحتجاج به وإنما لأنه أَمَرَ بشيء شرعي في نظرهم يجب العمل به فتجب طاعة ولي الأمر فيه بناء على التفصيل الذي يذكره العلماء في أوامر ولي الأمر وهو:
    قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في "شرح رياض الصالحين" ج2 ص277:
    وقوله: (والسمع والطاعة) هذا الإطلاق مقيد بما قيده به النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (إنما الطاعة في المعروف) ثلاث مرات، يعني فيما يقره الشرع، وأما ما ينكره الشرع، فلا طاعة لأحد فيه حتى لو كان الأب أو الأم أو الأمير العام أو الخاص، فإنه لا طاعة له.
    فمثلاً لو أمر ولي الأمر بأن لا يصلي الجنود، قلنا: لا سمع ولا طاعة، لأن الصلاة فريضة، فرضها الله على العباد وعليك أنت أيضاً، أنت أول من يصلي، وأنت أول من تفرض عليه الصلاة، فلا سمع ولا طاعة.
    ولو أمرهم بشيء محرم، كحلق اللحى مثلاً. قلنا: لا سمع ولا طاعة، نحن لا نطيعك، إنما نطيع النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: (اعفوا اللحى، وحفّوا الشوارب).
    وهكذا كل ما أمر به ولي الأمر، إذا كان معصية لله، فإنه لا سمع له ولا طاعة، يجب أن يعصى علناً ولا يهتم به، أن من عصى الله وأمر العباد بمعصية الله، فإنه لا حق له في السمع والطاعة. لكن يجب أن يطاع في غير هذا. يعني ليس معنى ذلك أنه إذا أمر بمعصية تسقط طاعته مطلقاً. لا. إنما تسقط طاعته في هذا الأمر المعين الذي هو معصية لله. أما ما سوى ذلك، فإنه تجب طاعته، وقد ظن بعض الناس أنه لا تجب طاعة ولي الأمر إلا فيما أمر الله به، وهذا خطأ، لأن ما أمر الله به فإنه يجب علينا أن ننفذه ونفعله، سواء أمرنا به ولي الأمر أم لا.
    فالأحوال ثلاثة: إما أن يكون ما أمر به ولي الأمر مأموراً به شرعاً، كما لو أمر بالصلاة مع الجماعة مثلاً، فهذا يجب امتثاله لأمر الله ورسوله ولأمر ولي الأمر. وإما أن يأمر ولي الأمر بمعصية الله، من ترك واجب أو فعل محرم، فهنا لا طاعة له ولا سمع. وإما أن يأمر الناس بما ليس فيه أمر شرعي ولا معصية شرعية، فهذا تجب طاعته فيه، لأن الله قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (النساء: 59) فطاعة ولي الأمر في غير معصية طاعة لله ولرسوله. والله الموفق.
    والخلاصة: أن ذكر المشايخ لطاعة ولي الأمر مبناه على اعتقادهم صحة الصلاة بالتباعد بل منهم من يعتقد الوجوب على قول الشيخ الفوزان حفظه الله ورعاه فبناء عليه تجب طاعة ولي الأمر حينئذ، وقول الشيخ فركوس حفظه الله لا تجب طاعتهم هذا بناء على ما ذهب إليه ببطان الصلاة بالتباعد، فلا يمكن أن نعتب على أحد من المفتين لأن أقوالهم ليست مبنية على الأهواء النفسية ولا تنكبا منهم للقواعد العلمية هذا ما لا نعتقده في مشايخنا أولا، وهذا ما يدل عليه واقع حالهم ثانيا والله أعلم.
    الوجه الثاني:أن ذكرهم لطاعة ولاة الأمر في مسألة التباعد وغيرها إنما كان من باب درأ الفتنة المتوقعة والتي وقعت بعض بوادرها، ونصوا على أن المسائل المتعلقة بالعامة هي من اختصاص أولي الأمر وأنه لا يفتات في ذلك عليهم ولا يظهر مخالفتهم حفاظا على الاجتماع وقطعا لأسباب النزاع وكفا لتطاول الدهماء والرعاع[12]، وهذا مما أشكل علي في كلام الشيخ -حفظه الله- لأن هذه المسائل لا يمكن إنكارها لموافقتها لتعاليم الإسلام وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام، ومن الأدلة التي تدل عليها:
    الدليل الأول: عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ:" كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ يُمِيتُونَ الصَّلاَةَ عَنْ وَقْتِهَا". قَالَ: قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟. قَالَ:" صَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ" رواه مسلم وفي الباب أحاديث كثيرة في هذا المعنى.
    ومن ذلك ما رواه البخاري رحمه الله تحت باب تَضْيِيعِ الصَّلاَةِ عَنْ وَقْتِهَا من كتاب مواقيت الصلاة:
    - عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-. قِيلَ الصَّلاَةُ. قَالَ أَلَيْسَ ضَيَّعْتُمْ مَا ضَيَّعْتُمْ فِيهَا. الحديث رقم: 529.
    - عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِدِمَشْقَ وَهُوَ يَبْكِي فَقُلْتُ مَا يُبْكِيكَ فَقَالَ لاَ أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا أَدْرَكْتُ إِلاَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ، وَهَذِهِ الصَّلاَةُ قَدْ ضُيِّعَتْ. الحديث رقم 530.
    قلت: وقد قال كثير من الشراح أن تأخير الصلاة عن وقتها وتضييعها هو تأخيرها عن وقتها المختار لا إخراجها عن الوقت ولكن الحافظ رحمه الله رد هذا في الفتح ونبه إلى أن الواقع يرده ويشهد على خلافه:
    - قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" ج2 ص17: قَوْله:" وَهَذِهِ الصَّلَاةُ قَدْ ضُيِّعَتْ" قَالَ الْمُهَلَّبُ وَالْمُرَادُ بِتَضْيِيعِهَا تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا الْمُسْتَحَبِّ لَا أَنَّهُمْ أَخْرَجُوهَا عَنِ الْوَقْتِ، كَذَا قَالَ، وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ، وَهُوَ مَعَ عَدَمِ مُطَابَقَتِهِ لِلتَّرْجَمَةِ مُخَالِفٌ لِلْوَاقِعِ؛ فَقَدْ صَحَّ أَنَّ الْحَجَّاجَ وَأَمِيرَهُ الْوَلِيدَ وَغَيْرَهُمَا كَانُوا يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا، وَالْآثَارُ فِي ذَلِكَ مَشْهُورَةٌ، مِنْهَا مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: أَخَّرَ الْوَلِيدُ الْجُمُعَةَ حَتَّى أَمْسَى فَجِئْتُ فَصَلَّيْتُ الظُّهْرَ قَبْلَ أَنْ أَجْلِسَ ثُمَّ صَلَّيْتُ الْعَصْرَ وَأَنَا جَالِسٌ إِيمَاءً وَهُوَ يَخْطُبُ. وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ عَطَاءٌ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْقَتْلِ. وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي جُحَيْفَةَ فَمَسَّى الْحَجَّاجُ بِالصَّلَاةِ فَقَامَ أَبُو جُحَيْفَةَ فَصَلَّى. وَمِنْ طَرِيقِ بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ الْحَجَّاجِ فَلَمَّا أَخَّرَ الصَّلَاةَ تَرَكَ أَنْ يَشْهَدَهَا مَعَهُ. وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ قَالَ: كُنْتُ بِمِنًى وَصُحُفٌ تُقْرَأُ لِلْوَلِيدِ فَأَخَّرُوا الصَّلَاةَ فَنَظَرْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ يُومِئَانِ إِيمَاءً وَهُمَا قَاعِدَانِ.
    - قال النووي في شرحه على مسلم ج5 ص16 وهو يشرح حديث مسلم المتقدم: وَمَعْنَاهُ صَلُّوا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ يَسْقُطُ عَنْكُمُ الْفَرْضُ ثُمَّ صَلُّوا مَعَهُمْ مَتَى صَلَّوْا لِتُحْرِزُوا فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَفَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ وَلِئَلَّا تَقَعَ فِتْنَةٌ بِسَبَبِ التَّخَلُّفِ عَنِ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ وَتَخْتَلِفُ كَلِمَةُ الْمُسْلِمِينَ.
    - قال الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار" ج2 ص29: الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ لِوَقْتِهَا وَتَرْكِ الِاقْتِدَاءِ بِالْأُمَرَاءِ إذَا أَخَّرُوهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَأَنَّ الْمُؤْتَمَّ يُصَلِّيهَا مُنْفَرِدًا ثُمَّ يُصَلِّيهَا مَعَ الْإِمَامِ فَيَجْمَعُ بَيْنَ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَطَاعَةِ الْأَمِيرِ. وَيَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ لِئَلَّا تَتَفَرَّقَ الْكَلِمَةُ وَتَقَعَ الْفِتْنَةُ وَلِهَذَا وَرَدَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى:" إنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ". وهذا قد قال النووي مثله في شرحه على مسلم.
    - الدليل الثاني: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ صَلَّى عُثْمَانُ بِمِنًى أَرْبَعًا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ زَادَ عَنْ حَفْصٍ وَمَعَ عُثْمَانَ صَدْرًا مِنْ إِمَارَتِهِ ثُمَّ أَتَمَّهَا. زَادَ مِنْ هَا هُنَا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُّرُقُ فَلَوَدِدْتُ أَنَّ لِي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَيْنِ مُتَقَبَّلَتَيْنِ. قَالَ الأَعْمَشُ فَحَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ عَنْ أَشْيَاخِهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ صَلَّى أَرْبَعًا قَالَ فَقِيلَ لَهُ عِبْتَ عَلَى عُثْمَانَ ثُمَّ صَلَّيْتَ أَرْبَعًا قَالَ الْخِلاَفُ شَرٌّ" رواه أبو داود وقال العلامة الألباني رحمه الله في صحيح أبي داود (الأم) ج6 ص204: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه دون حديث معاوية بن قرة. وهذا إسناد صحيح؛ فإن الأشياخ جمع ينجبر بعددهم جهالتهم، مع احتمال أن يكونوا من الصحابة- وجهالتهم لا تضر-؛ فإن معاوية ابن قرة تابعي.
    - قال الإمام الألباني رحمه الله في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" ج1 ص440 عند ذكره لفقه الحديث رقم 224 وهو:" الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون" قال رحمه الله:
    فقه الحديث:
    قال الترمذي عقب الحديث:" وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث، فقال: إنما معنى هذا الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس ". وقال الصنعاني في " سبل السلام " (2 / 72):" فيه دليل على أنه يعتبر في ثبوت العيد الموافقة للناس، وأن المتفرد بمعرفة يوم العيد بالرؤية يجب عليه موافقة غيره، ويلزمه حكمهم في الصلاة والإفطار والأضحية ".
    وذكر معنى هذا ابن القيم رحمه الله في "تهذيب السنن" (3 / 214)، وقال:" وقيل: فيه الرد على من يقول إن من عرف طلوع القمر بتقدير حساب المنازل جاز له أن يصوم ويفطر، دون من لم يعلم، وقيل: إن الشاهد الواحد إذا رأى الهلال ولم يحكم القاضي بشهادته أنه لا يكون هذا له صوما، كما لم يكن للناس".
    وقال أبو الحسن السندي في "حاشيته على ابن ماجه" بعد أن ذكر حديث أبي هريرة عند الترمذي:" والظاهر أن معناه أن هذه الأمور ليس للآحاد فيها دخل، وليس لهم التفرد فيها، بل الأمر فيها إلى الإمام والجماعة، ويجب على الآحاد اتباعهم للإمام والجماعة، وعلى هذا، فإذا رأى أحد الهلال، ورد الإمام شهادته ينبغي أن لا يثبت في حقه شيء من هذه الأمور، ويجب عليه أن يتبع الجماعة في ذلك".
    قلت: وهذا المعنى هو المتبادر من الحديث، ويؤيده احتجاج عائشة به على مسروق حين امتنع من صيام يوم عرفة خشية أن يكون يوم النحر، فبينت له أنه لا عبرة برأيه وأن عليه اتباع الجماعة فقالت: " النحر يوم ينحر الناس، والفطر يوم يفطر الناس".
    قلت: وهذا هو اللائق بالشريعة السمحة التي من غاياتها تجميع الناس وتوحيد صفوفهم، وإبعادهم عن كل ما يفرق جمعهم من الآراء الفردية، فلا تعتبر الشريعة رأي الفرد -ولو كان صوابا في وجهة نظره- في عبادة جماعية كالصوم والتعبيد وصلاة الجماعة، ألا ترى أن الصحابة رضي الله عنهم كان يصلي بعضهم وراء بعض وفيهم من يرى أن مس المرأة والعضو وخروج الدم من نواقض الوضوء، ومنهم من لا يرى ذلك، ومنهم من يتم في السفر، ومنهم من يقصر، فلم يكن اختلافهم هذا وغيره ليمنعهم من الاجتماع في الصلاة وراء الإمام الواحد، والاعتداد بها، وذلك لعلمهم بأن التفرق في الدين شر من الاختلاف في بعض الآراء، ولقد بلغ الأمر ببعضهم في عدم الاعتداد بالرأي المخالف لرأى الإمام الأعظم في المجتمع الأكبر كمنى، إلى حد ترك العمل برأيه إطلاقا في ذلك المجتمع فرارا مما قد ينتج من الشر بسبب العمل برأيه، فروى أبو داود (1 / 307) أن عثمان رضي الله عنه صلى بمنى أربعا، فقال عبد الله بن مسعود منكرا عليه: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين، ومع عثمان صدرا من إمارته ثم أتمها، ثم تفرقت بكم الطرق فلوددت أن لي من أربع ركعات ركعتين متقبلتين، ثم إن ابن مسعود صلى أربعا! فقيل له: عبت على عثمان ثم صليت أربعا؟ ! قال: الخلاف شر. وسنده صحيح. وروى أحمد (5 / 155) نحو هذا عن أبي ذر رضي الله عنهم أجمعين.
    فليتأمل في هذا الحديث وفي الأثر المذكور أولئك الذين لا يزالون يتفرقون في صلواتهم، ولا يقتدون ببعض أئمة المساجد، وخاصة في صلاة الوتر في رمضان، بحجة كونهم على خلاف مذهبهم! وبعض أولئك الذين يدعون العلم بالفلك، ممن يصوم ويفطر وحده متقدما أو متأخرا عن جماعة المسلمين، معتدا برأيه وعلمه، غير مبال بالخروج عنهم، فليتأمل هؤلاء جميعا فيما ذكرناه من العلم، لعلهم يجدون شفاء لما في نفوسهم من جهل وغرور، فيكونوا صفا واحدا مع إخوانهم المسلمين فإن يد الله مع الجماعة" اهـ.
    قلت: فلماذا لم يأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم في زمن الأمراء الذين يخرجون الصلاة عن وقتها أن نصلي جماعة في الوقت أو أن نترك الصلاة معهم رأسا وإنما أمرنا بصلاتها في الوقت ثم إعادتها معهم؟ الجواب: هو ما تقدم من كلام العلماء؛ فكلام علمائنا في مسألتنا هذه مسألة التباعد مطابق تمام المطابقة لما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث وهذا هو المقصود من ذكرهم لطاعة ولاة الأمر عند كلامهم على مسألة التراص في الصلاة وبخاصة وهم يرون جواز الصلاة بالتباعد وصحة ما يأمر به ولي الأمر فهذا من باب أولى كما لا يخفى وتقدم.
    ثم هذه المعاني المتقدمة من كلام النووي والشوكاني والألباني رحمهم الله هي التي لاحظها العلامة المحدث عبد المحسن العباد حفظه الله تعالى حينما سحب فتواه التي أفتى بها فهو لم يُخَطِّأْ نفسه ويقول ببطلان كلامه وإنما سحب فتواه حفاظا على الجماعة وحرصا على بقاء السمع والطاعة.
    فإن قال قائل: نحن نعتقد أن الصلاة باطلة بالتباعد فيقال لهم إما أن تصلوا في بيوتكم أو تصلوا معهم وتعيدوا صلاتكم كما يفعله السلفيون جميعا في مسألة هي أعظم من هذه المسألة وأوضح دليلا وهي مسألة صلاة الصبح في غير وقتها والتي أفتى فيها الشيخ الألباني رحمه الله بالصلاة معهم وجوبا -كما في أسئلة الحويني (المنحرف) للإمام الألباني رحمه الله- ثم الإعادة في البيت بعد دخول الوقت، هذا إذا لم يوجد مسجد يصلي أهله في الوقت وإلا صلوا معهم، مع إفتاء كثير من العلماء بأن صلاة الصبح في الوقت ولم تثر الفتنة يومئذ بين علمائنا لأنها مسألة مبنية على الاجتهاد السائغ مثل مسألتنا.
    ثم الحرص على توقي الفتنة شيء متفق عليه بين الطرفين فحتى شيخنا ووالدنا العلامة فركوس -حفظه الله ورعاه- أفتى من سأله كيف يفعل والناس يصلون بالتباعد أنه: إن وجد من يصلي معه بالتراص ولو واحدا من إخوانه، وأمنت الفتنة، وأنكر عليهم بقلبه جاز له أن يصلي، وبعض هذه الشروط الثلاثة يصب في نفس المعنى الذي قال به القائلون بالقول الثاني إلا أنه اختلفت التعابير، ولكل دوافعه التي دفعته لكلامه:
    فشيخنا ووالدنا فركوس-حفظه الله- له دوافعه التي دفعته لقوله وهو اعتقاده بطلان الصلاة بالتباعد.
    والمشايخ الآخرون لهم دوافعهم التي دفعتهم لقولهم وهو اعتقادهم صحة الصلاة مع ما بلغ مسامعهم من صلاة الناس على خلاف ما أمر به ولي الأمر علانية وبخاصة في أماكن قد لا تؤمن الفتنة فيها كمثل ساحة المسجد الحرام فأفتوا بذلك درءا للفتنة ودفعا لوقوعها.
    والخلاصة:
    أن المشايخ لم يجعلوا ولاة الأمر حجة في أنفسهم يبنون على كلامهم الافتاء بالصلاة بالتباعد وإنما ذُكر ولاة الأمر في المسألة إنما مبناه على أحد الوجهين السابقين، فكلا القولين له وجهه والاختلاف في هذه المسألة مبناه أصلا على اختلافهم في حكم الصلاة بالتباعد، والله أعلم.


    الانتقاد السادس: سؤال المشايخ لأهل العلم في المشرق للظفر بقول يدعم موقفهم أو تجريح في الشيخ ليخرجوا من ورطتهم:
    - قال العلامة محمد علي فركوس حفظه الله ورعاه:"... وسألوا العلماء –شرقا- لعلهم يظفرون بقول يدعم موقفهم أو تجريح في مصدر الفتوى ليخرجوا من ورطتهم..".
    قلت: هذا الانتقاد يحتاج إلى أمرين اثنين ليمكن للسلفي أن يأخذ به ويبني الأحكام عليه:
    الأمر الأول: ثبوت سؤال المشايخ لعلماء المشرق.
    الأمر الثاني: قصد المشايخ بذلك أن يدعموا موقفهم وأعظم منه أن يظفروا بتجريح في الشيخ حفظه الله.
    وكلا الأمرين يحتاج إلى دليل قاطع لا يحتمل التأويل.
    والأمر الأول حتى مع ثبوته لا ضرر فيه لأن العلم ليس حكرا على أهل منطقة من المناطق ولا شيخ من الشيوخ كما هو معلوم ومعمول به على اختلاف العصور.
    وأنا عن نفسي لم يصلني إلى حد الساعة دليل على هذه المسألة إلا ما نُشر وبلغني مؤخرا وهو:
    إنكار بعضهم على مكي التهرتي كتابته التي أراد بها تكذيب مراسلة الشيخ أزهر لعلماء الحجاز وزعم الناشر أن كتابة التهرتي تؤكد المراسلة لا تنفيها ولذلك نشر ما كتبه هذا الأخير وهو:
    فعلق الشيخ لزهر حفظه الله على هذه المسألة بقوله:
    راسلت في هذه المسألة –أي مسألة الصلاة بالتراص في المسجد زمن الوباء- الشيخ اللحيدان رحمه الله فقال ولده الشيخ مريض ولا يستطيع الجواب، والشيخ الفوزان والشيخ عبد المحسن والشيخ محمد بن هادي حفظهم الله جميعا فلم يجيبوا. ثم قال الشيخ لزهر حفظه الله أنتم في الغرب –أي غرب الجزائر- تقولون (الغراوين) ومعناها بالعامية الجزائرية (الصغار) قال حفظه الله: العلماء يحجمون والغراوين يتكلمون. انتهى تعليقه حفظه الله وأدامه مربيا ناصحا.
    وهذا يشهد عليه صاحب الوكالة الونشريسي وإن لم يشهد اليوم على صدق ما نقول فستشهد عليه جوارحه :" يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)" سورة النور.
    وكتب أبو عبد الرحمن عمر مكي التيهرتي كان الله له.
    قلت: وهذا المنشور لا دليل فيه على هذا الانتقاد الذي نحن بصدد الكلام عليه من وجهين:
    الأول: أن كلام الشيخ لزهر يدل على أن هذا سؤال كان في بداية الوباء وأنهم لم يجيبوه تورعا وإلا بعد ذلك كانت لهم أجوبة عن هذه الصلاة فالشيخ عبد المحسن قال بالبطلان والشيخ الفوزان قال بالوجوب فهذا مما يدل على أن السؤال كان في البداية فكيف يستدل بهذا الكلام على أن الشيخ أزهر سأل عن فتوى الشيخ وأعظم منه أن يكون دليلا أنه كان يريد دعم موقفه وأعظم وأعظم أنه كان يريد تحصيل جرح في العلامة محمد علي فركوس حفظه الله.
    الثاني: أن مضمون كلام الشيخ فركوس حفظه الله وسياقه وسباقه يدل على أن السؤال المغرض كان لعلماء المشرق حول الإنكار العلني أو على أقل عن المسائل الثلاثة كلها فيكون بعد مسألة الإنكار العلني حيث قال:" ثم تلتها –بعد ذلك- قاصمة الظهر وهي مسألة الإنكار العلني على ولاة الأمور، فبينت هذه المسألة بيانا كافيا، ورددت على شبهات القوم، وفندت إشكالاتهم بما لا مزيد عليه، ففرح –وقتئذ بهذه المسائل- أهل الاتباع، واغتاظ أهل التقليد، فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها، وسألوا العلماء –شرقا- لعلهم يظفرون بقول يدعم موقفهم أو تجريح في مصدر الفتوى ليخرجوا من ورطتهم، فلم يجدوا إلا رمي بالخارجية تنفيرا للناس عن الدعوة إلى الله بأسلوبها الصحيح" وكلام الشيخ أزهر كما هو واضح كان في بداية الوباء أي قبل مسألة الإنكار العلني فأين الدلالة فيه.
    هذا فيه رد على من يستدل بكلام التهرتي وإلا فالشيخ فركوس حفظه الله لم تصلنا أدلته على هذه المسألة إلى الساعة.

    الانتقاد السابع: رميهم للشيخ حفظه الله ورعاه بالخارجية:
    - قال العلامة محمد علي فركوس حفظه الله ورعاه:"... فلم يجدوا إلا رمي بالخارجية تنفيرا للناس عن الدعوة إلى الله بأسلوبها الصحيح، وكان ذلك بتفعيل وجوه الأولين بنفس الأدوات والأشخاص الذين زعموا أن بيدهم الداء والدواء والجرح والتعديل، سوء بلسان الحال أو لسان المقال".
    قلت: وهذا الأمر يحتاج إلى تعريف بمن قاله، وما الدليل على أنه تكلم به؛ لأن هذه الفتنة كثرت فيها النقولات ونحن لا نتهم الشيخ حفظه الله ورعاه فهو ثقة عندنا وفوق كل تهمة لدينا –والحمد لله- لكن ليس كذلك من يَنْقُلُ له قد يكون: مغرضا، أو متأولا، أو ممن أصيب بالوهم، أو سوء الفهم، أو غير ذلك، ومما دفعنا لمثل اعتقادنا هذا فيهم أن بعض الأمور التي نقلت للشيخ ليست بصحيحة وبعضها مبناه على سوء الفهم أو القصد كما تقدم بعضه وسيأتي الكلام على باقيه.

    الانتقاد الثامن: بث المشايخ لعيون الوشاية في مسجد الهداية وفي الجامعة بخروبة:
    - قال العلامة محمد علي فركوس حفظه الله ورعاه:"... فأقبوا على الساحة ببث عيون الوشاية في مسجد الهداية بالقبة أو في رحاب الجامعة بالخروبة..".
    قلت: وهذا يقال فيه ما قيل في سابقه.

    الانتقاد التاسع: إرعاب الأئمة والطلبة ومن خالفهم بالتهديد والتجريح:
    - قال العلامة محمد علي فركوس حفظه الله ورعاه:"... وأرعبوا الأئمة والطلبة وكل من خالفهم بتهديده بالتجريح وتوعده بالانتقام...".
    قلت: وهذا أيضا نحتاج إلى دليل عليه، ومن هم هؤلاء الأئمة والطلبة الذين أرعبوهم لما خالفوهم، وهددوهم بالتجريح والانتقام منهم، ثم مَنْ مِنَ المشايخ فعل هذه الأمور بهم؟.
    أنا أذكر عن نفسي أنني لم أتصل في هذه الفتنة بشيخ من المشايخ ولم أحاول الدخول فيها لا من قريب ولا من بعيد باستثناء اتصالي مرة واحدة بالشيخ نجيب -حفظه الله- ولم يطل الحديث حول المسألة لا من الشيخ ولا مني، ثم جاء الشيخ أزهر حفظه الله مؤخرا إلى مدينتنا والتقينا به لمدة يومين حفظه الله فلم نثر الموضوع معه أصلا ولم يكلمنا هو بدوره ولا حتى إشارة، مع ما لنا معه من الصلة الطويلة والعلاقة الوطيدة.
    فوالله لم يتكلم أصلا في الموضوع فضلا أن يطلب منا تأييده عليه فضلا أن يرهبنا بمخالفته وعدم موافقته ويوجد في بلدتنا من طلبة العلم الأخ الدكتور أحمد بوزيان حفظه الله وهو ممن التقى بالشيخ لزهر حفظه الله في زيارته الأخيرة لمدينتنا ولم يكن شيء من ذلك معه أيضا.

    الانتقاد العاشر: إطلاقهم نعوتا خبيثة على الشيخ نفسه حفظه الله:
    - قال العلامة محمد علي فركوس حفظه الله ورعاه:"... والنعوت الخبيثة من الوصف ب:"النفس الخارجي" و"الأحمق" و"الفتاوى الشاذة" و"المسحور" و"الملبس عليه" و"من معه فهم صعافقة جدد" و"لم يوافقه إلا المبتدعة" و"ردوا عليه باطله" وغيرها كثير.
    قلت: وهذه الكلمات لم يصلني إلى الآن دليل عليها ولا برهان يثبتها ويثبت من قالها وتلفظ بها إلا في ثلاثة منها وهي "الأحمق" و"المسحور" و"الملبس عليه".
    - أما الطعن في الشيخ "بالأحمق" فالذي وصلني إلى الآن فيه الآتي:
    أن بعضهم أدان الشيخ عبد المجيد جمعة -حفظه الله- بكلام رجل ينسب إليه وكان الشيخ قد أثنى عليه وهو المسمى "عبد الله محمد" الذي نشر كلاما يرد فيه على بعضهم مستهلا بقوله :"إلا الحماقة أعيت من يداويها" فاستلزموا من ذلك أنه يصف والدنا وشيخنا العلامة فركوسا -حفظه الله- بالحمق، ثم نقلوا ثناء الشيخ عبد المجيد عليه واستلزموا منه أمرين اثنين وهما: الأول: أن الشيخ يوافق على طعوناته في الشيخ العلامة -حفظه الله وسلمه- بالحمق ونحوه. والثاني: أن الشيخ هو من نصبه وفتح له هذه القناة التي يطعن فيها في شخصه الكريم ومقامه الرفيع.
    والحقيقة أن تزكية الشيخ عبد المجيد له والتي اعتمدوا عليها واستندوا إليها ليس فيها ما يدل على أحد الأمرين فضلا عن كليهما، وبقراءتها تتبين حقيقتها وهي:
    السائل: حياكم الله شيخنا أبا عبد الرحمن. شيخنا الله يحفظكم، هل تعرفون الأخ (عبد الله محمد)؟ يقول البعض أنه يكتب باسم مستعار، لكن كتاباته كلها في الدفاع عنكم وعن مشايخنا وبيان حال أصحاب المجلة –غفر الله لهم-، بل وذكر أمورا لا يعرفها إلا بعض من يعرفهم جيدا فأحببنا السؤال عنه وعما يكتبه. جزاك الله عنا خيرا.
    الجواب: لا أعرفه، لكن أحيانا أقرأ تغريداته فيظهر أنه رجل قوي في العلم مؤصل في المنهج متمكن في الكتابة قوي في الأسلوب مدرك لواقعه وكأنه عاش ويعيش واقعه فأنصح الإخوة بالاستفادة منه ومتابعة حساباته فقد قض مضاجع جماعة المصالح وأذنابهم الصعافقة وهتك أستارهم سدد الله سهمه وصوب قلمه".
    أقول: كيف يستلزمون من هذا الجواب أن الشيخ يوافقه على طعوناته في الشيخ فركوس حفظه الله، وأنه فتح له قناة ونصبه إلى آخر ما تقدم؛ مع أن جوابه يرد هذا الاستلزام إذ صرح فيه أنه لا يعرفه، أما ثناؤه عليه فإنما كان –كما هو واضح- مبنيا على ما قرأه له، وعلى دفاعه عن المشايخ، وعلى ردوده على جماعة المصالح والصعافقة، فالسؤال والجواب قديمان جدا فكيف يستلزمون منه أمورا مبناها على ما جد اليوم من أمر هذا المسؤول عنه؟.
    هذا بغض النظر عن الاستلزام الأصلي حيث استلزموا من قول المسؤول عنه "إلا الحماقة أعيت من يداويها" أنه يصف الشيخ بالحمق.
    وبناء الأحكام على لوازم الأقوال مما لا يقره علم ولا يرضاه مسلم.
    وهذه أمور مشكلة وأفعال ممن ينشر مريبة وسيأتي الكلام في المقالة القادمة إن شاء الله على مثيلاتها.
    - أما الطعن في الشيخ "بالمسحور" فقد بلغني شهادة أحدهم في نبيل باهي أنه هو الذي قال في العلامة محمد علي فركوس حفظه الله "وكأنه مسحور" وهذا الأخير –فيما بلغني- قد ذهب إلى الشيخ وسوى الأمور معه ولعله قد تحلل منه وطلب مسامحته فسامحه الشيخ حفظه الله ورعاه والشيخ أهل لذلك لكمال أخلاقه ورفيع علمه وكبير تواضعه ونأمل من الله أن يسامح الشيخ فركوس حفظه الله كل من للشيخ عليه ملاحظة ثبتت عنه وتحققت فيه.
    - أما الطعن في الشيخ بكلمة "الملبس عليه" فلم تصلني بهذا اللفظ وإنما وصلتني بكلمة قريبة منها وهي "أن مجالس الشيخ فيها تلبيس" فإن كانت هذه هي الكلمة المقصودة فالمتهم بها والمدان بقولها:
    هو الشيخ حسن آيت علجت حفظه الله الذي نشر عنه أنه يحذر من مجالس الشيخ فركوس -حفظه الله ورعاه- لما فيها من التلبيس وهذه التهمة لما بلغته وسئل حفظه الله عنها أجاب قائلا: أما فيما يخصني فهو كذب له قرون. عامله الله بعدله.
    فكيف نقبل نقلا مثل هذا بدون بينة ودليل وبرهان؟.
    أما البقية فلم يصلني دليل يثبتها ولا برهان يدل عليها ويعين قائلها.
    إلا ما كان من كلام الشيخ أزهر حفظه الله وتصريحه بأن هؤلاء المدافعين عن الشيخ فركوس –حفظه الله- ممن يطعن في المشايخ ويسبهم يشتمهم ويحاول جاهدا بكل وسيلة إسقاطهم هم صعافقة جدد، وهذا مبناه على ما ظهر له من حالهم وتحققه من سوء أخلاقهم وضحالة علمهم وسيأتي في المقالة القادمة ما يدل على ذلك فيهم والشيخ العلامة محمد علي فركوس حفظه الله بريء منهم ومن أفعالهم ولا يشرفه انتسابهم إليه ولا دفاعهم عنه لما سيأتي ذكره وبيانه بأدلته والله الموفق.

    والآن أقول:
    هل مجرد الخبر يدين الشخص ولو كان فاضلا معروفا وشيخا ثبتا معدلا أم أنه يجب التثبت ومعرفة دليل إدانته؟؛ لأن كثيرا من النقولات التي نقلت عن المشايخ في هذه الفتنة ممن ينتسبون للشيخ وينتصرون له -وكانت سببا للطعن فيهم، والقدح في عدالتهم، ومحاولة إسقاطهم- تجدها على وجوه: إما أنهم تبرؤوا منها فهذه لابد من الدليل عليها، وإما أنهم أدينوا بلازم قولهم وتبرؤوا منه ولم يلتزموا به وهذه لا عبرة بها في قواعد أهل العلم، وإما أنهم طعن فيهم بالمبتور من قولهم مع أن سياقه وسباقه يدل على خلاف ما أراد الناشر به.
    فمثال الأول:
    ما نشر عن الشيخ حسن آيت علجت -حفظه الله- أنه يحذر من مجالس الشيخ فركوس -حفظه الله ورعاه- لما فيها من التلبيس وهذه التهمة لما بلغته وسئل حفظه الله عنها أجاب قائلا: أما فيما يخصني فهو كذب له قرون. عامله الله بعدله.
    ومثاله أيضا: ما نقل للشيخ عن أئمة مساجد معروفين وطلبة علم سلفيين أنهم حاربوا من يصلي بالتراص بل وطردوهم من مساجدهم كما قال العلامة محمد علي فركوس حفظه الله في بيانه بناء على ما نقل له:" ومحاربة لكل من يصلي بالتراص اقتداء بالسنة النبوية، بل وحتى إخراجه من المسجد، وغيرها كثير".
    مع أن هؤلاء المتهمين قد تبرؤوا مما نسب إليهم بقالهم أو بشهادة غيرهم من إخوانهم وهم: الإخوة الأفاضل والأئمة القائمون بالدعوة: الشيخ ياسين شوشار والأخ محمد مزيان والأخ شريطي كان الله لهم.
    ومثال الثاني:
    ما تقدم ذكره في الإشكال السابق وهو طعنهم في الشيخ أزهر حفظه الله بلازم قوله الذي انتفى منه وبين وجهه.
    ومثال الثالث:
    ما نشر عن الشيخ أزهر بعنوان "طعن صريح من الشيخ لزهر في الشيخ فركوس" ومضمون الصوتية المنشورة هو:" كانت حقائق، كانت حقائق؛ أصبحت الآن من إساءات الظن؛ الأمور التي اعتقدناها من بداية هذا البيان وما ذكر الشيخ اعتقدنا التلبيس واعتقدنا التحريش واعتقدنا إساءة الظن، أن الشيخ أساء الظن بنا، هذه أقولها وأعتقدها...".
    وبتروها من ها هنا وأخرجوها عن سياقها الذي يدل على حقيقتها، وتتمتها من صوتية "كفاك تلبيسا يا باهي":" هذه أقولها وأعتقدها ولي أدلة على ذلك، الأخ نبيل باهي دليل من الأدلة لأن الشيخ اتهمه بأنه ممن يطعن فيه وأنا سعيا للخير وللإصلاح اتصلت به وبأخيه الدكتور عادل لأجل كتابة الاعتذار وفي البداية أبوا ورفضوا قالوا: أنهم ما طعنوا؛ أنا لا أخالفهم في هذا لأن هذا حق، لأن هذا حق بحسب ما ذكروا لي حينها، الآن الأمور ربما تغيرت الرجل هذا أصبح يقول: أن هناك طعونات كأنه شاهد عليها، وأنا والله لا أعلم واحدة منها؛ من هذه الطعونات، بل أن الأخ نبيل قال: وما هو أشد، فأصبح الحليم حيرانا في مثل هذه التصريحات ومثل هذه المواقف، ثم يريدون منا أن نصف هذا بالثبات وأنه من الرجولة، عن أي رجولة تتكلمون وتتحدثون لعل معاني مثل هذه المصطلحات تختلف بيننا وبينكم.....".
    إذن له على ذلك أدلة ومنها قصة الأخ نبيل وأن الشيخ ناصحه وطلب منه أن يكتب اعتذارا، وكان مما انتقده عليهم العلامة محمد علي فركوس حفظه الله ورعاه أنهم لم ينكروا على من طعن فيه ولم يردوا عليهم مع أن الشيخ فعل على الأقل مع نبيل باهي وصاحبه عادل ولقد أعاد في آخر الصوتية الإشارة إلى ذلك حيث قال:" أين هذه الطعونات؟ أنظر في البيان ترى الطعونات، أين هذا يا إخوان؟ أنتم عندكم نظرات خاصة أو ترون ما لا نراه نحن؟ الشيخ أجمل كما قلت، نعم أجمل، والتفسير والتفصيل أرسله للشيخ عبد المجيد في مجمل المؤاخذات، وأنت كنت من هذه المؤاخذات، بل أنت وصاحبك من أول الملاحظات، قال: إنهم يطعنون ولم تردوا عليهم ولم تنكروا عليهم، وأنا قلت لك لم أسمع منك طعنا ولا شيء من هذا القبيل؛ مسألة التي قلت بعد ذلك بأنها أصبحت مسألة علمية وعادي جدا كنت ترسل لي دائما وأبدا –أنا هذا أشهد به وأعترف به- ما يثبت خلاف فتوى الشيخ في قضية التباعد وكذا...".
    إذن المقصود بإساءة الظن ما ظنه -حفظه الله- بهم من عدم إنكارهم على من طعنوا فيه وأساؤوا التعامل معه مع أن النصيحة تمت والإنكار وقع، وهذا مما يدل على أن الأمور تحتاج إلى بيان وتوضيح وتدارك وتصحيح لتنجلي الأمور وتظهر الحقائق أسأل الله أن يقع ذلك في أقرب الآجال.

    والخلاصة:
    أن مثل هذه الأمور جعلتني أتوقف في كثير مما ينقل في هذه الفتنة إلا أن يقوم الدليل الواضح عليه لأنني لا أدري تحت أي مثال من هذه الأمثلة يندرج.

    وليس هذا من قبيل ترك قول الشيخ وخبره وهو معتبر ومصدق -حفظه الله ورعاه- ولكن الانتقادات التي وصلتني أدلتها كان حالها ما تقدم الكلام عليه، وما كنت لأعتمد عليها في قبول إسقاط شيخ من المشايخ عرف بالسلفية والدفاع عنها والدعوة إليها لمدة طويلة وهذا كله ريبا فيمن ينقل للشيخ وقد يدس بعض الباطل عليه إما بسوء تأويل أو بسبب جهل أو تعمد ظلم وباطل ويكون ثقة عند والدنا -حفظه الله ورعاه وسلمه من الشرور كلها- فيقبل قوله ولا يراجع وراءه.
    ثم اعلموا رحمكم الله: أن هذه جملة من الإشكالات التي وقعت لي وحالت دون أن أوافق من يؤيد الشيخ وينتصر له، وأنا الآن موقفي من الفتنة أنني أحترم الجميع وأوقرهم، وشيخنا ووالدنا العلامة فركوس -حفظه الله ورعاه وسدد على الحق خطاه- على رأسهم، فموقفي مشابه تماما لموقف السلفيين من الخلاف الذي كان بين الشيخين الجليلين ربيع بن هادي المدخلي ومحمد بن هادي المدخلي حفظهما الله حيث أبقوا على حبهم لهما، واحترامهم لكليهما، وأخذهم من علومهما، وثنائهم عليهما، وذبهم عن عرضيهما، وكل ذلك مخافة أن أقع في الظلم الذي هو ظلمات يوم القيامة، ولأن أموت مظلوما خير لي من أموت ظالما.
    وأخيرا أقول:أَعْلَمُ أن الطريق السهل لمن يتعصب للشيخ ويخالف ما أوردته هنا هو أن يصفني بالطعن في الشيخ والانتقاص من قدره وهذا ما فعلوه، وأنا أكاد أجزم أنهم سيأوون –بعد هذه المقالة- إليه، ويجاوبون به، ولذلك أقول لهم بيني وبينكم الشيخ العلامة -حفظه الله ورعاه- اعرضوا عليه قولي المتقدم برمته -دون أن تنقلوا خلاصتكم لكلامي وتلخيصكم له- ثم اسألوه إن كان كلامي يدل على طعن فيه أو هو جَلِيٌّ في أنه كلام طويلب علم استشكل أمورا فلم يأخذ بها، ولم تصله أدلة أمور أخرى فتوقف فيها، وبالتالي فلا لوم عليه فيما ذهب إليه إلى أن يجد ما يُلزمه بالذي يراد منه ومن أمثاله، وأنا راض بما يجيبكم به الشيخ حفظه الله بشرطه الذي قدمته.

    تنبيهات لابد منها:
    التنبيه الأول:استشكال طلبة العلم بعض ما يقوله العلماء لا ضير فيه ولا ضرر منه ولا يعتبر طعنا فيهم ولا انتقاصا من قدرهم وإن كان البعض يستلزم ذلك منه انتصارا لمذهبه وتعصبا للشيخ الذي عظم في عينه فكل مخالفة له يترجمها طعنا وانتقاصا وتطاولا وازراء وبخاصة في أيام الفتن المدلهمة والنفوس المشحونة، ومن المعلوم أنه لازال طلبة العلم يستشكلون كلاما للعلماء وأحيانا كثيرة يكون استشكالهم سببا في تغيير العالم موقفه وتصحيح خطأه ومن أمثلتها:
    الأول: قال الإمام الألباني رحمه الله في "الضعيفة" ج13 ص246: ثم تبين لي منذ سنين أنني كنت واهماً في ذلك فذكرت في "الضعيفة" (3/76) عن أنس أنه كان يكتحل وهو صائم. وقلت:" وفي معناه أحاديث مرفوعة لا يصح منها شيء؛ كما قال الترمذي وغيره".
    فأشكل هذا على بعض الطلبة الجزائريين -وحق له ذلك- حينما وجد هذا التضعيف العام معارضاً لتصحيحي للحديث في (صحيح ابن ماجه !" (1360) معزواً لـ"الروض"، فرأيتني مضطراً لإعادة النظر في هذا الحديث على ضوء ما جد من المعلومات والمطبوعات الحديثية.
    الثاني: كنت استشكلت نقلا وقع للشيخ العلامة محمد علي فركوس –حفظه الله- في أحد كتبه عن الإمام ابن القيم رحمه الله وأرسلت له مع أحد إخواننا العاصميين حول هذا الإشكال فوعد الشيخ بأنه سيصححه في الطبعة التالية.
    الثالث: كنت قد قرأت فتوى في باب الصيام للعلامة محمد علي فركوس حفظه الله واستشكلتها وأخبرت بذلك أخوين من إخواننا فاتصل أحدهما بالشيخ نجيب حفظه الله الذي اتصل بدوره بشيخنا العلامة حفظه الله وقام الشيخ بتغيير الفتوى والحمد لله.
    واستشكلت كلاما لمشايخ كثيرين منهم: من حاولت الاتصال به ولم أوفق، ومنهم: من لايزال الإشكال في كلامه عندي إلى الآن ريثما أستطيع مراسلته، وقد أذكر ذلك لبعض إخواني من طلبة العلم وغيرهم، ولم يُفهم عني أنني أطعن فيهم إلا في هذه الفتنة التي تغيرت فيها مفاهيم بعضهم أو نياتهم ومقاصدهم والله أعلم بأحوالنا وأحوالهم نسأل الله السلامة والعافية.
    وكل هذا مبناه على ما جاء عن سلفنا الصالح رضوان الله عليهم:
    فعن ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَتْ لاَ تَسْمَعُ شَيْئًا لاَ تَعْرِفُهُ إِلاَّ رَاجَعَتْ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفَهُ، وَأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:" مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ". قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ أَوَ لَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ( فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ) قَالَتْ فَقَالَ:" إِنَّمَا ذَلِكَ الْعَرْضُ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَهْلِكْ". رواه البخاري رحمه الله في كتاب العلم: 36- باب مَنْ سَمِعَ شَيْئًا فَرَاجَعَ حَتَّى يَعْرِفَهُ. رقم: 103.
    - قال الإمام الألباني رحمه الله في "الدعوة السلفية": فالناس من جملة ما اضطربت فيه مفاهيمهم، وخرجوا عن الفهم الصحيح للكتاب والسنة: أن المسلم إذا قال في حق رجل عالم أخطأ، اعتبر هذا طعنا في الذي قيل فيه: إنه أخطأ وهذا جهل".
    التنبيه الثاني:أن الشيخ حفظه الله مأجور على كل حال لأنه عالم مجتهد، وكذلك حكم من سار خلفه وقلد؛ فأخذ بقوله سواء في العقائد أو الأحكام أو الحكم على الرجال ما لم يتجاوز قول الشيخ ويقل كلاما يعتدي فيه على غيره، أما الذي يعتبر نفسه متبعا وعلى فهم الأدلة مقتدرا ثم ينتصر لقول العالم لذاته فهذا على خطر وهو غير مشمول بالعذر؛ قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله في "جامع العلوم والحكم" ص477: وهاهنا أمرٌ خفيٌّ ينبغي التَّفطُّن له، وهو أنَّ كثيراً من أئمَّةِ الدِّينِ قد يقولُ قولاً مرجوحاً ويكون مجتهداً فيه، مأجوراً على اجتهاده فيه، موضوعاً عنه خطؤه فيهِ، ولا يكونُ المنتصِرُ لمقالته تلك بمنْزلته في هذه الدَّرجة؛ لأنَّه قد لا ينتصِرُ لهذا القولِ إلاَّ لكونِ متبوعه قد قاله، بحيث أنَّه لو قاله غيرُه من أئمَّة الدِّينِ، لما قبِلَهُ ولا انتصر له، ولا والى من وافقه، ولا عادى من خالفه، وهو مع هذا يظن أنَّه إنَّما انتصر للحقِّ بمنْزلة متبوعه، وليس كذلك، فإنَّ متبوعه إنَّما كان قصدُه الانتصارَ للحقِّ، وإنْ أخطأ في اجتهاده، وأمَّا هذا التَّابعُ، فقد شابَ انتصارَه لما يظنُّه الحقَّ إرادة علوِّ متبوعه، وظهور كلمته، وأنْ لا يُنسَبَ إلى الخطأ، وهذه دسيسةٌ تَقْدَحُ في قصد الانتصار للحقِّ، فافهم هذا، فإنَّه فَهْمٌ عظيم، والله يهدي مَنْ يشاء إلى صراطٍ مستقيم".
    - وقال المعلمي رحمه الله في "رفع الاشتباه" ج2 ص294: واعلم أن الله تعالى قد يوقع بعض المخلصين في شيء من الخطأ ابتلاء لغيره أيتبعون الحق ويدعون قوله أم يغترون بفضله وجلالته؟ وهو معذور بل مأجور؛ لاجتهاده وقصده الخير وعدم تقصيره؛ ولكن من تبعه مغترا بعظمته بدون التفات إلى الحجج الحقيقية من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يكون معذورا، بل هو على خطر عظيم".
    قلت: يناسب هذا التأصيل ما جاء في البخاري رقم 3772: عَنِ الْحَكَمِ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ لَمَّا بَعَثَ عَلِىٌّ عَمَّارًا وَالْحَسَنَ إِلَى الْكُوفَةِ لِيَسْتَنْفِرَهُمْ خَطَبَ عَمَّارٌ فَقَالَ إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ ابْتَلاَكُمْ لِتَتَّبِعُوهُ أَوْ إِيَّاهَا".
    التنبيه الثالث:أن الارتياب فيمن ينقل للشيخ والشك فيه لا يعني الارتياب في الشيخ نفسه، فقد يكون الشخص الناقل عند الشيخ معتمدا لما يعلمه فيه ويراه منه ويكون عند غيره متهما لما علم منه واطلع عليه من أمره، وهؤلاء الذين ينقلون للشيخ حفظه لله ورعاه ثبت عندنا من شواهد الاعتبار –وقد تقدم بعضها- ما يجعلنا نشك فيهم ولا نتبنى حكما بني على نقولاتهم وأقوالهم، إلا إذا:
    1- ظهرت لنا حجج جلية واضحة بينة.
    2- ونصح من قامت عليه.
    3- ثم أبى الانصياع للحق الذي بُيِّنَ له بأدلته.
    فهنا نتركه ولا كرامة له أيا كانت منزلته ومهما كان شخصه.
    التنبيه الرابع:
    قد يقول قائل وقد قالها بعض إخواننا: من يكون الأخ عبد الصمد سليمان هذا حتى يستشكل كلام الشيخ فركوس –حفظه الله- ويتوقف في الأخذ به؟ أقول مجيبا: -والله الذي لا إله إلا هو- الذي أعتقده في نفسي أنني لست بشيء فلا قدر لي في العلم يذكر، ولا منزلة أراها لنفسي فأغتر؛ وهذا يعلمه كل من خالطني من السلفيين، وعرفني من إخواني سليمي الصدور الطيبين؛ ولكن الله سبحانه مَنَّ عليَّ -والحمد له وحده- بقليل من العلم، ونزر ضئيل من الاطلاع والفهم، أتلمس بهما نجاتي، وأحاول أن أنفع بهما ما شاء الله من إخواني، أما حقيقة أمري مع هذه المسائل التي قد أستشكلها، وأتوقف فيها، بل أحيانا قد أتكلم أو أكتب عنها -كما أفعل الآن للأسباب المتقدمة- ما قاله الإمام ابن القيم رحمه الله –من بعض الوجوه فقط- في "مدارج السالكين" ج2 ص137:" وَلَوْلَا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَأَنَّ كُلَّ مَا عَدَا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَمَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ وَمَتْرُوكٌ، وَهُوَ عُرْضَةُ الْوَهْمِ وَالْخَطَإِ، لَمَا اعْتَرَضْنَا عَلَى مَنْ لَا نَلْحَقُ غُبَارَهُمْ، وَلَا نَجْرِي مَعَهُمْ فِي مِضْمَارِهِمْ، وَنَرَاهُمْ فَوْقَنَا فِي مَقَامَاتِ الْإِيمَانِ، وَمَنَازِلِ السَّائِرِينَ، كَالنُّجُومِ الدَّرَارِيِّ. وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ فَلْيُرْشِدْنَا إِلَيْهِ. وَمَنْ رَأَى فِي كَلَامِنَا زَيْغًا، أَوْ نَقْصًا وَخَطَأً، فَلْيَهْدِ إِلَيْنَا الصَّوَابَ. نَشْكُرُ لَهُ سَعْيَهُ. وَنُقَابِلُهُ بِالْقَبُولِ وَالْإِذْعَانِ وَالِانْقِيَادِ وَالتَّسْلِيمِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَهُوَ الْمُوَفِّقُ.
    التنبيه الخامس: أنا مع الشيخ في تركه للعمل الجماعي مع مشايخنا لأمور:
    الأول: لأنه حق الشيخ حفظه الله وحده.
    الثاني: لأن هذا الاجتماع هو مما استحسنه المشايخ عندنا من زمن بعيد وهو غير لازم لهم ولذلك لم نعهد عن علمائنا أنهم كانوا يجتمعون ليتخذوا الموقف الواحد من الأحداث المتنوعة والوقائع المختلفة إلا فيما يتعلق بالهيئات الحكومية مثل هيئة كبار العلماء ونحوها.
    الثالث: الحجة التي أدلى بها الشيخ وهي مخالفته للمشايخ في أسلوب الدعوة إلى الله وفي كيفية توظيف الأدلة والنصوص واستخدامها، فلكل أسلوبه وطريقته في الفتاوى ومعالجة القضايا والمسائل المطروحة وكيفية تأسيس أحكامها" فحتى لا تحسب أقوالهم عليه وتنسب اختياراتهم إليه أعلن تركه للعمل الجماعي معهم وهذا كما تقدم حقه.
    التنبيه الأخير: مما كنا نتوقعه بعد لقاء نبيل باهي بالعلامة محمد علي فركوس حفظه الله ورعاه وسماعه منه وإظهاره الرجوع عما كان عليه وموافقته لمن هم مع العلامة فركوس حفظه الله ينتسبون إليه وينتصرون له ويحاولون إسقاط غيره أن يذكر الأدلة التي سمعها من الشيخ حفظه الله وأقنعته وكانت سبب تحوله حتى نأخذ بها ونسترشد في هذه الفتنة على الأقل ببعضها، ولكننا وجدناه يكرر ما هو موجود أصلا في الساحة وأحيانا يذكر أشياء ضعيفة متهاوية كما وقع له في "تلمسان" مما لعلي سأتعرض لبعضه في المقالة القادمة، قلت: وهذا مما جعلني أتمسك أكثر بموقفي في معاملة سائر مشايخي على الوجه الذي تقدم ذكره والله المستعان.

    وأختم:
    سائلا الله العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يجمع الكلمة على يدي شيخنا ويقر أعين السلفيين بعلاجه لهذه المعضلة التي أفرحت الأعداء وسرت الصعافقة البعداء وآلمت قلوب قوم مؤمنين وشققت صفوف إخوان مجتمعين.

    وإلى المقالة الثانية في بيان حقيقة ما ينقله المؤيدون للشيخ فركوس –حفظه الله- والمنتصرون له من طعونات في المشايخ قصد إسقاطهم وتنفير الناس عنهم أسأل الله التوفيق والسداد.
    وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
    وكتبه: أبو عبد السلام عبد الصمد سليمان.
    السبت 1 شعبان 1443هـ
    الموافق: 05/03/2022م.


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    [1]- وللتنبيه: نقلي لها لا يعني أنني مقتنع بها ومتبني لها ومبدئيا أن أعتقد صحة قول الشيخ فركوس -حفظه الله- في الصلاة بالتباعد لبعض أدلته التي لم أجد بدا من الاقتناع بها وسيأتي الإشارة إليها.
    [2]- ونص الفتوى مفرغة هي:" قال الشيخ الفوزان حفظه الله في مقطع فيديو منشور على اليوتيوب:" الأخذ بأسباب الوقاية مطلوب خصوصا في اجتماعهم للعدين وللصلوات الخمس وللجمعة عليهم أن يتباعدوا في هذه الأيام خشية العدوى ويكون بين الاثنين فرجة وأما في غير هذه المناسبة فإن المشروع تزاحم المصلين وأن لا يجعلوا بينهم فرجا للشيطان كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم تتلاحم الصفوف وتتقاربون، يتقاربون، ولا يختلفون لقوله صلى الله عليه وسلم:" ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم" وعلى المسلمين أن يتنبهوا لهذا وأن هذا الافتراق إنما هو مؤقت ثم يعودون لما شرعه الله سبحانه وتعالى للصفوف ويعتبرون كل وقت، كل وقت لا تعصي الله فيه فهو عيد كما جاء في الأثر وعلى المسلمين الاستمرار على طاعة الله فإن الطاعة تحتاج إلى مداومة ولا يأخذهم الملل والكسل عن المداومة على طاعة الله وعلى التقارب فيما بينهم وتبادل الزيارات والاجتماع الذي يثمر خيرا لهم ولدينهم.
    مع الأخذ بالأسباب الوقائية في هذه الأيام في هذه الأيام خاصة إذا أرشد المسؤولون عن الصحة أرشدوا إلى التباعد فهذا من باب الأخذ بالأسباب الواقية فعليهم أن يتباعدوا فيما بينهم حتى يزول هذا السبب فيعودون إلى تقاربهم وتلاحمهم لأن هذا مما شرعه الله سبحانه وتعالى لهم، هذان واجبان أداؤهم للعبادة مع الأخذ بأسباب الوقاية هذا مما أمر الله جل وعلا به في قوله تعالى:" وَخُذُوا حِذْرَكُمْ" سورة النساء من الآية 102. يعني من كل ما يضركم احذروه وابتعدوا عنه ومن ذلك التقارب في هذه الأيام فيما بين المسلمين فإن المشروع التباعد صحيا وهذا مما أوجبه الله عز وجل الأخذ بالأسباب والأخذ بالوقاية والأخذ بنصيحة الأطباء كل هذا مما اوجبه الله سبحانه وتعالى على المسلمين لأجل توفر الصحة لهم ولإخوانهم ولأجل الأخذ بالأسباب النافعة وكما يقولون الوقاية خير من العلاج.
    نعم نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرفع ما أنزل من هذا الوباء الذي لا يقدر على رفعه إلا هو سبحانه وتعالى؛ "وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)" سورة الأنعام، فالواجب على المسلمين في اجتماعاتهم التباعد فيما بينهم هذا لا يضر بالمحبة بينهم وإنما يزيد المحبة بينهم وهو من صالحهم وهو من الأخذ بالأسباب النافعة وهو من الاخذ بالتوصيات من الأطباء المختصين وكل هذه الأمور يشرع الأخذ بها والتقيد بها والتمشي عليها فإنها من صالح الجميع.
    نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن على جميع المسلمين بالعفو والعافية والسلامة من كل داء ومكروه سواء الحجاج منهم وغير الحجاج في مشارق الأرض ومغاربها أن يمن الله عليهم بالشفاء والعافية وأن ينفعهم بالأسباب النافعة وأن يبعد عنا وعنهم كل سوء ومكروه فإن الله جل وعلا قريب مجيب وهو الذي يكشف الضر ويجيب دعاء المضطر كما قال سبحانه وتعالى:" أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62)" سورة النمل.
    [3]- جواب على سؤال وجه للشيخ سعد الشثري حفظه الله منشور على شبكة اليوتيوب:
    قال السائل: التباعد بين المصلين في الحرم المكي جاء الآن تطبيقا للإجراءات الاحترازية كيف تنظرون لهذا الإجراء من الناحية الشرعية؟.
    الشيخ الشثري حفظه الله: وبعد: لا شك أن اتخاذ الاجراءات الاحترازية التي تحمى بها النفوس ويوقف بها انتشار المرض من القربات التي يتقرب بها لله عز وجل .....
    السائل: شيخ سعد في الآونة الأخيرة في اليومين الماضية تم تداول بعض المقاطع فيديوهات لمخالفين يقومون بالصلاة خارج الحرم المكي نود من فضيلتكم توجيه كلمة لمثل هؤلاء ضاربين يا شيخ عرض الحائط بالاحترازات الوقائية وبالتعليمات الصحية التي قدمتها الدولة؟
    الشيخ سعد: جاءت الشريعة بعدد من الأوامر التي توضح أن هناك مقاصد كلية لابد من ملاحظتها ومن ذلك ما يتعلق بملاحظة مقصد حفظ النفوس والدولة وفقها الله سعت سعيا حثيثا في إيقاف انتشار هذا المرض واتخذت الإجراءات الاحترازية التي تكون سببا من أسباب وقاية الناس من هذا المرض الذي نشاهد آثاره السيئة على مستوى العالم أجمع ولذلك يجب على المؤمن أن يتقرب إلى الله عز وجل بطاعة أصحاب الولاية والتزام الأوامر والتوجيهات التي تأتيه من أصحاب التخصص ومن تم فكل إنسان يلاحظ الاستجابة لهذه الأوامر ويلاحظ اتباع مقاصد الشريعة لاشك أنه أحب إلى الله سبحانه وتعالى وخير ما عمرت به البيوت الصلاة فكونك تلزم بيتك وتصلي في هذا البيت وتقوم بعمارته بالصلاة المسنونة وبذلك تكون على وفق هدي النبي صلى الله عليه وسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الليل في رمضان في بيته وإنما صلى ثلاث ليالي من إحدى الرمضانات في صلاة التهجد من آخر الليل بالمسجد وإنما بقية صلاته كانت في البيت وقد قال صلى الله عليه وسلم:" أفضل صلاة المرء بعد المكتوبة صلاته في بيته" وحينئذ إذا لاحظ الإنسان هذا المعنى وما فيه من عمر البيت بروحانيته وبالصلاة فيه، يكون من ذلك الأثر على أهل البيت أجمع وعلى عمارة البيت وعلى استمرار الطاعة فيه ما يجعل الإنسان يرتاح إلى التزام هذه التوجيهات الصادرة من جهات الاختصاص.
    [4]- جواب على سؤال وجه للشيخ سعد الشثري حفظه الله منشور على شبكة اليوتيوب:
    قال السائل: التباعد بين المصلين في الحرم المكي جاء الآن تطبيقا للإجراءات الاحترازية كيف تنظرون لهذا الإجراء من الناحية الشرعية؟.
    الشيخ الشثري حفظه الله: وبعد: لا شك أن اتخاذ الاجراءات الاحترازية التي تحمى بها النفوس ويوقف بها انتشار المرض من القربات التي يتقرب بها لله عز وجل ولإن كان التراص بين الصفوف مشروعا لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" تراصوا وسدوا الخلل ولا تتركوا فرجات للشيطان" إلا أن هذه الأوامر ليست للوجوب وإنما هي للاستحباب عند جماهير أهل العلم ولذلك لا يرون أنها مؤثرة على صحة الصلاة خصوصا إذا كان هناك عذر يستدعي هذا التباعد وقد استدل جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة على أن هذا ليس من الواجبات بما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن إقامة الصف بأنها من تمام الصلاة قالوا وهذا يدل على أن هذه الإجراءات مستحبة لأنه لم يذكر أنها من أركان الصلاة ولا واجباتها إذ تمام الشيء أمر زائد على حقيقته التي لا يتحقق إلا بها وهكذا في قول النبي صلى الله عليه وسلم:" فإن إقامة الصف من حسن الصلاة" يدل على أن إقامة الصفوف سنة وليست واجب لأنها لو كانت فرضا لم يجعله من حسن الصلاة لأن حسن الشيء زيادة على تمامه وذلك زيادة على الوجوب ولهذا لما قيل لأنس ما أنكرت؟ قال:" ما أنكرت شيئا إلا أنكم لا تقيمون الصفوف" ولم يأمرهم بإعادة الصلاة فدل هذا على أن التراص ليس من الواجبات وليس تركه مما يؤثر على صحة الصلاة كما هو مذهب جماهير أهل العلم من السلف والخلف وهو قول الأئمة الأربعة وإنما قال بوجوبه ابن حزم الظاهري وقد خالفه علماء الشريعة ولذى فإن هذا الإجراء بوضع التباعد لا يؤثر على صحة صلاة المصلين.
    [5]- جواب على سؤال وجه للشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله منشور على شبكة اليوتيوب:
    قال السائل: يرى الصلاة بهذه الصفة محدثا فتركوا الصلاة لهذه الشبهة فما جوابكم شيخنا؟
    قال الشيخ سليمان حفظه الله ورعاه: جوابنا أن المستقر شرعا عند أهل العلم أن الشروط تترك لتحصيل الأصول فكيف بالصفات الخارجة عن العمل؛ هذه صفة خارجة عن العمل والعلماء مجمعون على أن من صلى في صف منقطع فصلاته صحيحة، فكيف تترك الصلاة لوصف خارجي تصح الصلاة بدونه.
    سائل: شيخنا ومن قالوا هذا الأمر وقع في عهد السلف الأوبئة والطواعين وما علمنا أنهم صلوا بهذه الصفة؟
    الشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله: وهل علمنا أنهم صلوا بغيرها؟
    سائل: شيخنا البعض يزعم أنه متبع وفي هذه المسألة هو في الحقيقة لا يعرف إلا ترجيح وهو في مسألة خلافية كأنه...؟
    الشيخ سليمان: كثير من الناس يتعبدون بالشيوخ لا بالقول الراجح، إذا قال الشيخ فلان قولا فهو دين الله، وهذا غلط؛ كل شيخ مهما علا فضله يصيب ويخطئ وهو مأجور في إصابته وفي خطئه لكن الواجب على طالب العلم أن يتبع الدليل أنا بلغني أن بعض الناس بدؤوا يبدعون بعضهم بهذه المسألة ويقول: فلان مبتدع وفلان على السنة بهذه المسألة وهذا لا شك بانه خطأ بين فاضح، هذه مسألة فقهية؛ نعم، لو أن إنسانا ترك الصلاة لخطأناه نحن لكن لا نبدعه بهذا، ولا نحمل عليه أعني ترك الصلاة في المسجد لهذا ما ترك الصلاة مطلقا ومن رأى أنه يصلي في المسجد فهو الذي على صواب وهو الذي يفعل الواجب عليه في هذا الأمر، لكن على كل حال أقول المسألة أما أنا فقد بحثها فقها بحثا كاملا حتى أحسست العجز عن مزيد واطمأن قلبي بلا شك ولا ريب أن الواجب على المسلمين أن يصوا في المساجد مع التباعد وأنه لا يجوز لهم المخالفة بالتراص ولا يجوز لهم المخالفة أعني الرجال بالصلاة في البيوت.
    [6]- قال الشيخ الألباني رحمه الله في سلسلة الهدى والنور-الشريط 258:
    السائل: أنا الذي فهمته أن الاجتهاد يجوز مع وجود النص، الاجتهاد في هذه الحالة أصبح جائز وأصبح ممكنا حتى مع وجود النص... ؟
    الشيخ: أنت نسيت شيء أنا أتيت به قيدا حينما سبقك بهذا الكلام، نسيته، وما أقول تناسيته ؛ ... قلنا يا أستاذ في سبب طارئ لم يكن في عهد وجود النص؛ ولذلك أخيرا جئتك بحديث "لا قطع في الغزو"، عرفت كيف؟ "لا قطع في الغزو" ما يخالف القطع في ربع دينار فصاعدا، ما يخالف وإنما يعطيك قيد للحكم العام، هذا القيد ممكن أنت تتفقه فيه وتتوسع فيه أي سوف يأتيك سؤال "لا قطع في الغزو" لماذا ؟ بمعنى هل هذا النص معقول المعنى أم تعبدي؟
    السائل: معقول المعنى.
    الشيخ: إذا كان معقول المعنى فتتوسع من الذي يوسعه ؟ ... هؤلاء الذين نقلت عنهم ولا العلماء؟ العلماء... فهل وضح لك الموضوع يا أبا يحيى؟
    السائل: وضح لي وإن كان لا أخفيك شيئا في نفسي.
    الشيخ: هاته.
    السائل: لأن هنا قد يأتي شخص...
    الشيخ: ما هي صفة هذا الشخص؟
    السائل: من عامة الناس من أي أحد.
    الشيخ: هذا ما تخلص منه، هذا ما لن نخلص منه ولو قلنا لك...
    السائل: خلينا نجيب شخص مصطفى الزرقاء.
    الشيخ: هذا يدعي العلم، ما نخلص منه أنت صحح عبارتك حتى تريح حالك، ما هي صفة هذا الشخص؟ أولا أنت أطلقت وقلت قد يأتينا شخص أي كان صاحبك مشكلتك أنك رابط مصيرك معه؛ لذلك هنا بقي...
    السائل: أنا أريد أن أفهم وأصل.
    الشيخ: آه، لكن تصل الحقيقة تحتاج إلى صبر صح أم لا؟
    السائل: هناك رجل ممن يعرف في المجتمع على أنه عالم فمثلت بالشيخ مصطفى الزرقاء، هذا الرجل يلتف حوله الناس ويعتبرونه عالما؛ فالزمن الآن تغير في التأمين مثلا، إن التأمين جائز ويحبذ عليه إلى آخره، ألا تقاس هذه الفتوى المخالفة على الفتاوى الأخرى، أو كما أفتى الشيخ شلتوت يعتبر رمزا ومعلما من معالم الأزهر، أفتى بفتاوى غريبة جدا؛ فقد يؤخذ هذا على أن هذا الرجل جاء بفتاوى نتيجة لاختلاف الظرف الآن عما كان عليه في السابق؛ فهذا إذا وسعنا الباب شديد جدا ... هذا الذي في نفسي يعني ليس مدخلا لاستباحة الأشياء لمن هب ودب... ما فيه مقدار لأنه فتح الباب.
    الشيخ: لا، لكن أنت مسئول؛ لأننا قلنا لك من هو هذا الشخص؟ قلت أي شخص، أنت تستعجل يعني الواضح من كلامك من عجلتك تريد تسأل فتصدر منك هذه الكلمات، ... نحن يا أستاذ إن كان هذا السؤال نابعا من عندك فسهل جدا الجواب عليه؛ أما إن كان نابعا من عند مصطفى الزرقا وأمثاله فنحن لم نبحث معه في هذه الجزئية، وإلا نحن الآن نقول لك مصطفى الزرقا إذا كان ماشي على الخط الذي نقول فيه، فنحن الآن لنا موقفين: ما يجوز مخالفة النص إلا إذا طرأ على الوقت الذي نحن فيه ما يوجب على العالم أن يفتي بإيقاف النص؛ ففي عندنا نحن موقفين صح؟.
    السائل: نعم.
    الشيخ: إذا كان مصطفى الزرقا أو غيره يتفق معنا في هذه المسألة فيه بإذن الله كما قلنا لكم تماما ماذا بقول في إباحة المصافحة التي ضرب بها مثلا؟، نسحبها هذه مثلا ونأتي بالأمثلة التي أتى بها، ماذا فيها حتى أوقفنا النص المحرم لهذا الشيء الذي أباحه؟ أنت تقول إنه نحن ما نقدر نقيس الأشياء التي هم أباحوها على مثل فعل عمر؛ أنا عارف أن مصطفى الزرقا أصوله غير صحيحة من يوم كنا في دمشق، هو يعتبر أن عمر بن الخطاب لما أوقف -ماذا نسميه هذا- نصيب المؤلفة قلوبهم، مصرف المؤلفة قلوبهم يقول هذا هو عطل النص، عطل النص باجتهاد منه؛ نحن هنا كنا ننكر عليه هذا التعبير وهذا التصرف، عمر بن الخطاب ما عطل النص ولا أوقفه وإنما كل الذي فعله أنه فهم المؤلفة قلوبهم، المصرف الذي جعله الرسول عليه السلام تأليفا لقلوبهم، في زمن عمر لم يكن الإسلام بسبب انتشاره تارة بالقوة وتارة بالدعوة في حاجة إلى تأليف قلوب المسلمين، هذه المسألة تماما كمسألة الطلاق، هو رأى أنه الآن في عزة قوة الإسلام لم يبق حاجة هناك لتأليف الكفار وإعطاءهم من أموال المسلمين.
    السائل: ما عاد أحد ينطبق عليه.
    الشيخ: آه؛ فهذا ليس فيه تعطيل النص حتى نتخذ هذه الحادثة من عمر بن الخطاب سببا لأمثاله في تعطيل نصوص كالجبال الرواسي ثبوتا ودلالة؛ فنحن إذا نأتي ونقول إن النصوص التي ما تزال الظروف التي كانت في ذاك الزمن هي نفس الظروف الموجودة الآن لا يجوز تغييرها؛ الربا حرمه الله في زمن الرسول بينما كان من قبل مسكوتا عنه مباحا؛ لأنه لم يكن هناك يعني تشريع في تحريمها؛ الآن الربا مثل ما كان في زمن تحريم الرسول له؛ طيب ما الذي جدّ حتى نبيح نحن نسبة معينة منه، ما فيه شيء جديد في الموضوع.
    السائل: مسائل الربا حرمت وسوف يحرم إلى أبد الآبدين؛ فهل نتصور أن يأتي زمان...؟
    الشيخ: لا لا يا أستاذ هذا نحن لسنا مختلفين فيه، بس أنت نسيت؛ قلنا لك آنفا: إنه في نص لم تأت ظروف تخالف الظروف التي جاء فيها النص، هذا تركناه؛ نأخذ الآن فيه نص كان له ظروف الآن ظروفه غير تلك الظروف؛ فأنت خذ الجانب الثاني، وأنا آتي لك بمثال الآن، ما الذي جد الآن حتى نبيح الربا؟
    السائل: ما جد شيء؟
    الشيخ: ما جد، إذن لماذا يبيحون الربا؟
    السائل: لا ما أحد يدافع عنهم؟
    الشيخ : يا أخي مصطفى الزرقا من هذا القبيل يا أخي، وإلا لماذا ضربت أنت مثالا بمصطفى الزرقا؟ ماذا فعل مصطفى الزرقا؟
    السائل: أنا بحكي على التأمين أنا ما بحكي على الربا.
    الشيخ: ما اختلفنا أنا أسألك الآن مصطفى الزرقا ماذا فعل؟ هل هو استند على القاعدة التي أتينا بها الآن؟
    السائل: أنا ما أعرف أنا لا أناقش هل هو استند على قاعدة فيما يتعلق بالربا ..
    سائل آخر: يلي في مصلحة الناس ...
    السائل: أنا لا أناقش في هذه، بس خلينا ...
    الشيخ: إذن لماذا أتيت أنت بمصطفى الزرقا؟
    السائل: بالتأمين، قضية التأمين يجيزها مصطفى الزرقا.
    الشيخ: لماذا أتيت بمصطفى الزرقا ... ؟
    السائل: باعتبار أنه رجل يشار له بالبنان ...
    الشيخ: لا لا اسمح لي، اسمح لي ما هي علاقة مصطفى الزرقا بموضوع كنا فيه سابقا؟
    السائل: أن هذا رجل تعتقده العامة أنه مجتهد.
    الشيخ: يا أخي فهمت هذا، لكن هل قال إن هذا النص نحن نوقفه الآن كما فعل عمر وعثمان، لأنه جدّ شيء لم يكن في ذلك الزمان؟
    السائل: أنا لم أحضر اسمه من هذا القبيل، قلت لي: من؟ قلت لك: مصطفى الزرقا.
    الشيخ: "من الذي" ليس له علاقة ببحثنا أما الذين يخالفون الشريعة كثير، بس مصطفى الزرقا ما هي علاقته بموضوعنا هذا ، لأنه أنت ولا مؤاخذة وأنا أنسى كثيرا مع الأسف.
    السائل: أنت لا تنسى أنا الذي أنسى.
    الشيخ: لا، عفوا هذه حقيقة، لكن أنا أتذكر الآن أنك أنت بدأت حديثك أنه أي شخص يأتينا ... إلى أين وصلنا؟ إلى مصطفى الزرقا.
    السائل: والشلتوت.
    الشيخ: والشلتوت جزاك الله خيرا، هذه شهادة على أنني أنسى، اسمح لي يا سيدي فإذا موضوع الزرقا هنا والشلتوت أوردت أنت لأن له علاقة بموضوعنا؛ وإذا أخيرا يتبين خاصة بالنسبة للزرقا -الشلتوت الآن ننظر ما هو رأيك فيه- ليس له علاقة الزرقا بهذا الموضوع؛ لأن الزرقا لا يستغل كلامنا ويقول أنت تقول كذا وكذا، هل نحن عملنا مثل ما عمل عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، نوقف النص لوجود أمر طارئ عرض حول النص لم يكن عارضا في زمن الرسول عليه السلام؛ لذلك أنا استغربت إيرادك لمصطفى الزرقا في هذه المناسبة وقد تبين الآن أن لا مناسبة لذكر مصطفى الزرقا؛ نرجع إلى شلتوت هو مثله وإذا كان مثله نكون اكتفينا.
    السائل: لا، في الحقيقة أنت ضيقت وحصرت الشغلة نحن نورد الأسماء فقط للتدليل... يعني مصطفى الزرقا له كثير من الفتاوى ...
    الشيخ: يا أخي عارف، عارف.
    سائل آخر: يعني طريقة القياس، إذا كانت القضية على نفس الطريقة التي بدأنا به... نحن الذين قيدنا الأمر فيه أنه كان في وضع معين؛ الآن الوضع يختلف بتقييد معين هذا التقييد يفرض علينا أننا نحن حكم معين لا نتقيد فيه إذا هذا الوضع بهذا القياس يقولك الشيخ ... الحكم أما هؤلاء إذا بقولوا قياسهم بشيء آخر وبطريقة أخرى فيكون موضوع آخر.
    الشيخ: هذا هو.
    السائل: لأنه بطريقة هذا المبدأ كثيرون مثل فلان وفلان وفلان يستطيعون يجتهدوا يقولون لك هذه القضية التي اجتهدوا فيها بطريقة هذا المبدأ، خليهم إذا ما اجتهدوا بهذه الطريقة فيكون موضوع ثاني.
    [7]- قال السائل: شيخنا أحسن الله إليكم قبل أيام كنت قد سألتكم في مسألة كون الصلاة بالتباعد أمر محدث رغم وجود الأوبئة وكذا في الزمن الأول فأجبتموني وهل ثبت لنا غيره؟
    قال الشيخ الرحيلي: عندنا وجهان فقهيان عظيمان:
    الأمر الأول: هل ثبت أنهم كانوا يصلون جماعة؟ وهل كانوا يصلون على هذا؟ هذا الأمر الأول.
    ثانيا وهذا أمر مهم جدا، هل المقتضي للتباعد في زماننا حاصل عندهم حيث جد لنا من العلم بانتقال الفيروسات والمكروبات ما لم يكن موجودا عندهم، فحصل عندنا العلم بأن التباعد يحصل به السلامة من هذا الانتقال وأن وجود الكمامة يحصل بها السلامة من هذا الانتقال، فهذا مقتضي جديد يقتضي حكما جديدا، أنا أقسم بالله أني لا أعلم مأخذا شرعيا صحيحا لمن لا يقول بصلاة الجماعة مع وجود التباعد وبصلاة الجمعة مع وجود التباعد درست المسألة حتى عجزت والله لا عذر لأحد كائنا من كان.
    السائل: شيخنا ولو ثبت أن هذا الأمر محدث فهل يلزم منه بطلان الصلاة؟
    الشيخ: قد قلتكم قبل قليل إن المقتضي حادث يقتضي حكما يناسبه، هذا شيء.
    شيء ثاني أنا قلت سابقا لا أعلم أحدا قال ببطلان الصلاة بوجود التباعد ووهم من ظن أن هذا من صلاة المنفرد فإن المنفرد يكون وحده خلف الصف هكذا النصوص وهكذا العرف، والفقهاء منهم من يؤثم من يصلي متباعدا من غير سبب ومنهم من يكره هذا فقط، ثم القاعدة واضحة جدا هذا وصف خارج عن الصلاة فكيف تبطل به الصلاة لا شك أن هذا... قلت لك وأنا على يقين لا أعلم مأخذا شرعيا صحيحا لهذا القول، نحفظ للقائل فضله وأما القول فلا يلتفت إليه أبدا.
    [8]- هذا على قول لبعض أهل العلم اشتراط الثقة والأمانة دون الإسلام وإلا فمن العلماء من اشترط فيهم أن يكونوا مسلمين، وهذه الأقوال ذكرها العلامة العثيمين رحمه الله في الشرح الممتع على زاد المستقنع: ورجح الأول رحمه الله وهو اشتراط الثقة دون الإسلام حيث قال رحمه الله: فأخذ العلماء القائلون بأن المدار على الثقة أنه يقبل قول الطبيب الكافر إذا كان ثقة، ونحن نعلم أن من الأطباء الكفار من يحافظون على صناعتهم ومهنتهم أكثر مما يحافظ عليها بعض المسلمين لا تقرباً إلى الله عزّ وجل أو رجاء لثوابه، ولكن حفاظاً على سمعتهم وشرفهم، فإذا قال طبيب غير مسلم ممن يوثق بقوله لأمانته وحذقه: إنه يضرك أن تصلّي قائماً ولا بد أن تصلّي مستلقياً فله أن يعمل بقوله، ومن ذلك أيضاً لو قال له الطبيب الثقة: إن الصوم يضرك أو يؤخر البرء عنك فله أن يفطر بقوله.
    وهذا هو القول الراجح لقوة دليله وتعليله.
    [9]- قاله العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في "القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى" ص11-13.
    [10]- قال الشيخ أزهر حفظه الله في صوتية منشورة عنه: وأنا في الحقيقة لا أنصح بمثل هذه الاجتماعات في مثل هذا الظرف الصحي اجتنبوها وخاصة التزاما بطاعة ولي الأمر في هذا الباب وأنا لا أقول مثل ما يقوله بعضهم من أن العذر متوهم وما إلى ذلك هذا كلام الخبراء والأطباء لا نسفههم ولا نسفه قولهم وهذا سفه منا إن فعلنا هذا فنسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه وبارك الله فيكم جميعا وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
    [11]- قال الشيخ أزهر حفظه الله في مقطع منشور على اليوتيوب بعنوان "توضيح الشيخ أزهر سنيقرة حفظه الله لما قصده بكلمة "التسفيه":" لو كان هؤلاء النقلة، لو كانوا أهل إنصاف لسمعوا في تلك الصوتية جوابا على هذا السؤال أو اعتراضا مني على ما ذكر محب العلم والعلماء كما سمى أو وصف نفسه عند قوله:" الضرر متوهم" أو "الضرر وهمي" قال ما يحضرني الآن، وهمي فقلت أنا سبحان الله كيف يكون الضرر وهميا والذين قالوا بالضرر لسنا نحن ولا.... قلت هذا قاله –ليس- خبراء البلد أو أطباء البلد هؤلاء خبراء لعالم بأسره وأطباء العالم بأسره وهيئة كبار العلماء لما أصدرت بيانها وأخرجت الفتوى المتعلقة بهذا الباب والتي فيها القول بالتباعد بنت على هذا قالت: عملا بقوله تبارك وتعالى:" فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" سورة النحل من الآية 43 وسورة الأنبياء من الآية 7، وعملا بقرار الأطباء وما إلى ذلك فإنه تقرر كذا وكذا وكذا، هؤلاء بنوا الفتوى على كلام أهل الذكر في هذ الباب وهم الأطباء والعالم لابد أن يرجع للطبيب فهذه الأمور، صحيح مثل ما قال الشيخ: الطبيب هو الذي يرجع للعالم هذه حقيقة ولكن العالم يرجع كذلك للطبيب في المسائل التي لا يقرر فيها إلا الطبيب، كيف هذا الفقيه هذا سيكون عالما في الطب وعالم في الفزياء وعالم في... لابد أن يرجع، المهم أنا قلت... وانظر هذه المسألة كان فيها من الوقت عشر دقائق، التسع دقائق الأولى كلها في الثناء على شيخنا؛ الثناء على الشيخ فركوس ثم في الدقيقة الأخيرة ذكرت أنه كيف نحن هؤلاء الأطباء جميعا وهؤلاء الخبراء جميعا نسفههم ونرد كلامهم قلت: أنا أو نحن والله ما أدري اللفظ.. وأنا قلت بعد ذلك: إذا قلنا هذا فهذا سفه منا، سفه منا المقصود به أنا، ونحن نعلم شيخنا من أعلم الناس لأنه عالم أصولي أن مفهوم المخالفة لا يكون حجة دائما، كيف الآن الناس هؤلاء استعملوا مفهوم المخالفة وقالوا: إذن يتهمونا بالسفه، أين؟ ذكرت الشيخ فكوس سفيه؟ ذكرت الذي قال بعدم جواز التباعد سفيه؟ ذكرت هذا؟ أبدا، أبدا هذا محض افتراء، ما ذكرت ولا قلت هذا، أضف إلى ذلك نحن نتعلم ونعلم أبناءنا أن -وهذه من أساسيات العلم- أن العبرة في النصوص إنما هي بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، تسمعني؟ ...قلت لك أننا كذلك نعلم أبناءنا وطلبتنا في هذا الباب –وهذه من أساسيات العلم- أن العبرة في النصوص إنما هي بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، أنت تأتي بلفظ هكذا مقطوعا من سياق الكلام ويعني مقطوعا عن لاحقه وعن سابقه، وبعد ذلك تقرر به حكما، وبعد ذلك تبني عليه كلام هذا لا يليق هذا يشبه عمل المحرف الذي يقول الله عز وجل حذرنا من الصلاة ويقول عندي دليل في المسألة ويأتي بقول الله عز وجل:" فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4)" سورة الماعون، "فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ" هذه وعيد، وعيد شديد في حق المصلي ولكن هل هذا هو المقصود من الكلام؟ أبدا، هذا تحريف، وهذا التحريف يؤدي إلى الكفر، وإن كان فيه اقتطاع الكلام فقط، يعني اقتطعت هذه الكلمة أو الكلمتين من سياقها الذي وردت فيه، ولكن هذا منكر، فنحن كذلك بالنسبة لهذا الأمر؛ يا عباد الله قلنا هذا الأمر ذكرني بلفظة "اللافاج" تلك التي انتشرت في العالم كله، ها هو لزهر يطعن في الشيخ ربيع ويقول عنه "لافاج" وهم غير فاهمين أصلا هذه "لافاج" هذه، خاصة في السعودية "لافاج" حتى بعضهم مثل ولده ذاك المفتري حتى النُطق بها لا يحسنه... لماذا؟ عيب عليكم عيب عليكم، والسياق واضح، سياق "لافاج" واضح أنا قلت تذهب إلى الشيخ وتدخل على الشيخ وتجلس مع الشيخ ما شاء الله يعني فرحان مستفيد قلت أنت مجرد ما تخرج من عنده يبدأ "اللافاج"، اللافاج من؟ لافاج البطانة هذه البطانة السيئة التي تسيء، فنسأل الله العفو والعافية هذا حتى تعلم بن القضية ليس فيها ذرة من إنصاف، ولو كان الإنصاف لكان هؤلاء الناس أولا سمعوا الكلام هذا الذي تكلمت به أنا؛ أنا المجرم لأني وصفت شيخي بأنه سفيه –على قولهم- وأنا أبرئ الشيخ من هذا الشيخ أتوه بهذا الكلام ولهذا دائما وأبدا علماؤنا يقولون: أن النمام مفسد وإن صدق لأنه في كل الأحوال صاحب شر، إذا كان صادقا ونقل الكلام –هب أني أنا قلت هذا وقصدت ما قالوه من حقي على إخواني جميعا أن يستروا علي ومن حقي على إخواني جميعا أن يحسنوا الظن بي، ليس يذهبوا بهذا الكلام إلى الشيخ، ويقولون ها هو يا شيخ قال كذا وكذا معناه أنتم سفهاء؛ هذا إفساد عظيم نسأل الله العفو والعافية... جزاك الله خيرا والله عز وجل لا يصلح عمل المفسدين؛ هذا يقين هذا، ولا يحيق المكر الشيء إلا بأهله، هذا هو نسأل الله أن يبصرنا بعيوبنا وأن يصلح حالنا ومال سائر إخواننا.
    وحتى في هذه المسألة هب أني أنا أخطأت وتعديت وظلمت وتجرأت وأسأت إلى شيخي هذه الإساءة ليس عندي فرصة لأن اتوب وأرجع، أتوب إلى الله عز وجل وأرجع وأستحل من عملي القبيح هذا؛ من المفروض عندي فرصة؛ لكن لما يحكم علينا قبل أن يسمع منا، هذا لا يستقيم أبدا، هذا لا يستقيم أبدا.....
    [12]- قال الشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله تعالى كما في مقطع فيديو على اليوتيوب:" ويحرم الأخذ منه بدون إذن الإمام لأن التصرف في المصالح العامة للإمام فلا يجوز لأحد أن يفتات عليه في التصرف في المصالح العامة لا عالم ولا دونه، ما يأتي أحد يقول ولكن شيخنا قال، الأصول الشرعية واضحة ويجب على الإنسان أن يخضع للأصول الشرعية وأن يجعل الأصول الشرعية عنده مقدمة على حبه لأحد، بعض الناس الآن يقول أنا مقتنع بالمسألة وأن هذا لولي الامر لكن شيخنا يقول؛ لا والله ليس هذا بهدى ولليس هذا بصواب شيخك إن كان من أهل العلم والفضل فاعرف له فضله لكن إياك أن تخالف الأصول من أجل قوله، الزم الأصل.
    فالتصرف في مصالح المسلمين العامة موكول إلى ولي امر المسلمين، وولي أمر المسلمين مفوض في ذلك، وإذا أحد أنه أخطأ فإن الواجب عليه أن ينصحه وأن يبين له لكن لا يفتات عليه، ولا يُجَرِّئُ العامة عليه، ولا يجاهر بعصيانه، فينتبه المسلم إلى هذه الأصول.
    الآن بعض إخواننا لا يروا صحة الصلاة مع التباعد مع أني أقول وأأكد وأكرر أني لا أعرف أصلا شرعيا للقول بالبطلان القول بالحرمة شيء والقول بالبطلان شيء آخر لا أعلم أصلا شرعيا للقول بالبطلان، نعم قد يقول القائل إنه حرام ولا يرى ذلك عذرا لكن هذا لا يقتضي بطلان الصلاة، هو وصف خارج ومع ذلك بعض إخواننا قد يرون عدم صحة الصلاة مع التباعد مع هذه الضرورة الموجودة ثم ماذا يفعلون يفتاتون على الإمام وقد منع الصلاة متراصين لأن المصلحة الشرعية التي ذكرها الخبراء –لا ينظر هنا إلى شيوخ ولا إلى علماء ينظر إلى أهل الفن إلى أهل الخبرة- التي ذكرها الخبراء أن المصلحة تقتضي التباعد وأن التقارب فيه مفسدة فمنع من الصلاة متقاربين متماسين فيأتي بعض إخواننا وينشؤون مصليات وربما يفتحون مساجد ويصلون متجاورين مفتاتين على ولي الأمر مجرئين للعامة مبطلين أصلا هم يؤصلونه من حيث لا يشعرون أعني أنهم يبطلون هذا الأصل في نفوس العامة ألا وهو طاعة ولي الأمر في غير معصية الله سبحانه وتعالى.
    أنا أقول يجب على كل رجل يسمع الأذان أن يصلي في المسجد ولو مع التباعد ولا يجوز له أن يصلي في بيته لكن إذا كان يرى أن الصلاة مع التباعد باطلة والشيوخ قالوا له هذا يصلي في بيته أما إنشاء مصليات ومساجد يصلي فيها الإخوة متماسين هذا افتيات على ولي الأمر وفيه من المفاسد ما الله به عليم.
    جواب على سؤال وجه للشيخ سعد الشثري حفظه الله منشور على شبكة اليوتيوب:
    قال السائل: التباعد بين المصلين في الحرم المكي جاء الآن تطبيقا للإجراءات الاحترازية كيف تنظرون لهذا الإجراء من الناحية الشرعية؟.
    الشيخ الشثري حفظه الله: وبعد: لا شك أن اتخاذ الاجراءات الاحترازية التي تحمى بها النفوس ويوقف بها انتشار المرض من القربات التي يتقرب بها لله عز وجل .....
    السائل: شيخ سعد في الآونة الأخيرة في اليومين الماضية تم تداول بعض المقاطع فيديوهات لمخالفين يقومون بالصلاة خارج الحرم المكي نود من فضيلتكم توجيه كلمة لمثل هؤلاء ضاربين يا شيخ عرض الحائط بالاحترازات الوقائية وبالتعليمات الصحية التي قدمتها الدولة؟
    الشيخ سعد: جاءت الشريعة بعدد من الأوامر التي توضح أن هناك مقاصد كلية لابد من ملاحظتها ومن ذلك ما يتعلق بملاحظة مقصد حفظ النفوس والدولة وفقها الله سعت سعيا حثيثا في إيقاف انتشار هذا المرض واتخذت الإجراءات الاحترازية التي تكون سببا من أسباب وقاية الناس من هذا المرض الذي نشاهد آثاره السيئة على مستوى العالم أجمع ولذلك يجب على المؤمن أن يتقرب إلى الله عز وجل بطاعة أصحاب الولاية والتزام الأوامر والتوجيهات التي تأتيه من أصحاب التخصص ومن تم فكل إنسان يلاحظ الاستجابة لهذه الأوامر ويلاحظ اتباع مقاصد الشريعة لاشك أنه أحب إلى الله سبحانه وتعالى وخير ما عمرت به البيوت الصلاة فكونك تلزم بيتك وتصلي في هذا البيت وتقوم بعمارته بالصلاة المسنونة وبذلك تكون على وفق هدي النبي صلى الله عليه وسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الليل في رمضان في بيته وإنما صلى ثلاث ليالي من إحدى الرمضانات في صلاة التهجد من آخر الليل بالمسجد وإنما بقية صلاته كانت في البيت وقد قال صلى الله عليه وسلم:" أفضل صلاة المرء بعد المكتوبة صلاته في بيته" وحينئذ إذا لاحظ الإنسان هذا المعنى وما فيه من عمر البيت بروحانيته وبالصلاة فيه، يكون من ذلك الأثر على أهل البيت أجمع وعلى عمارة البيت وعلى استمرار الطاعة فيه ما يجعل الإنسان يرتاح إلى التزام هذه التوجيهات الصادرة من جهات الاختصاص.
    [13]- جواب على سؤال وجه للشيخ سعد الشثري حفظه الله منشور على شبكة اليوتيوب:
    قال السائل: التباعد بين المصلين في الحرم المكي جاء الآن تطبيقا للإجراءات الاحترازية كيف تنظرون لهذا الإجراء من الناحية الشرعية؟.
    الشيخ الشثري حفظه الله: وبعد: لا شك أن اتخاذ الاجراءات الاحترازية التي تحمى بها النفوس ويوقف بها انتشار المرض من القربات التي يتقرب بها لله عز وجل ولإن كان التراص بين الصفوف مشروعا لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" تراصوا وسدوا الخلل ولا تتركوا فرجات للشيطان" إلا أن هذه الأوامر ليست للوجوب وإنما هي للاستحباب عند جماهير أهل العلم ولذلك لا يرون أنها مؤثرة على صحة الصلاة خصوصا إذا كان هناك عذر يستدعي هذا التباعد وقد استدل جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة على أن هذا ليس من الواجبات بما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن إقامة الصف بأنها من تمام الصلاة قالوا وهذا يدل على أن هذه الإجراءات مستحبة لأنه لم يذكر أنها من أركان الصلاة ولا واجباتها إذ تمام الشيء أمر زائد على حقيقته التي لا يتحقق إلا بها وهكذا في قول النبي صلى الله عليه وسلم:" فإن إقامة الصف من حسن الصلاة" يدل على أن إقامة الصفوف سنة وليست واجب لأنها لو كانت فرضا لم يجعله من حسن الصلاة لأن حسن الشيء زيادة على تمامه وذلك زيادة على الوجوب ولهذا لما قيل لأنس ما أنكرت؟ قال:" ما أنكرت شيئا إلا أنكم لا تقيمون الصفوف" ولم يأمرهم بإعادة الصلاة فدل هذا على أن التراص ليس من الواجبات وليس تركه مما يؤثر على صحة الصلاة كما هو مذهب جماهير أهل العلم من السلف والخلف وهو قول الأئمة الأربعة وإنما قال بوجوبه ابن حزم الظاهري وقد خالفه علماء الشريعة ولذى فإن هذا الإجراء بوضع التباعد لا يؤثر على صحة صلاة المصلين.
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2022-03-06, 02:36 PM.

  • #2
    جزاك الله خيرا أخي أبا الحسين على هذا المقال الطيب النافع، الذي بينت فيه بالحجج والأدلة ما ينبغي بيانه مما يجري في الساحة، وإن كنا قد بينا جانبا مما تفضلت به وجمعت شتات بعض ما أوردناه في غير مناسبة، وأبدعت في إيراد أدلته وترتيبه، ورد الاعتراضات عليه، فأسأل الله أن ينفع به سائر إخوانك ويخرص به ألسنة كل شانئ معاند لا يريد خيرا لهذه الدعوة وأهلها.

    وإن كان لابد لي من ملاحظة، فهي ما تعلق بما ذكرته من قولك: " لم نعهد عن علمائنا أنهم كانوا يجتمعون ليتخذوا الموقف الواحد من الأحداث المتنوعة والوقائع المختلفة"
    فنقول أن اجتماعنا بالشيخ:
    - هو من نعم الله علينا.
    - ليس لمجرد اتخاذ القرارات والمواقف وهذه في الغالب تكون الهيئات الرسمية كما تفضلت، الا أنها كانت
    مجالس تشاور ومتابعة لشؤون الدعوة، بالاستنارة بآراء شيخنا في ذلك، وكثيرا ما استفدنا منها.
    مع اتفاقي معك على أن هذا حق للشيخ وحده، ولا يُلزم بخلافه.

    وبهذا المناسبة أتوجه لشيخنا الذي عرفناه بسعة علمه ورحابة صدره وكريم أخلاقه، أن يتكرم على إخوانه وأبنائه ويفتح لهم صدره وبيته لمعالجة القضايا بروية، رأبا للصدع وجمعا للكلمة وتأليفا للقلوب خاصة في مثل هذا ال
    شهر.

    فنسأله تعالى أن يوفق شيخنا لشرف نيل هذا الفضل وهو أحق به وأهل له.
    التعديل الأخير تم بواسطة يوسف عمر; الساعة 2022-03-06, 02:24 PM.

    تعليق


  • #3
    أحسن الله إليك أخي عبد الصمد، فقد أجدت وأفدت، وأسأل الله أن يجمع بين مشايخنا في هذا الشهر.
    اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
    وسيم بن أحمد قاسيمي -غفر الله له-

    تعليق


    • #4
      المشاركة الأصلية بواسطة أزهر سنيقرة مشاهدة المشاركة

      وبهذا المناسبة أتوجه لشيخنا الذي عرفناه بسعة علمه ورحابة صدره وكريم أخلاقه، أن يتكرم على إخوانه وأبنائه ويفتح لهم صدره وبيته لمعالجة القضايا بروية، رأبا للصدع وجمعا للكلمة وتأليفا للقلوب خاصة في مثل هذا ال[/B]شهر.

      فنسأله تعالى أن يوفق شيخنا لشرف نيل هذا الفضل وهو أحق به وأهل له.
      آمين آمين آمين

      تعليق


      • #5
        جزاكم الله خيرا وبارك فيكم ونفع بكم أخي عبد الصمد على ما خطت يمينك.
        جمع الله كلمة أهل السنة على الحق المبين.
        وأحيطك علما أخي الكريم وغيرك أن ما نشره الأغمار المحرشة عني مما نقلته مبتور ومجرد عن سياقه وسباقه ولحاقه، قد تضمن بمجموعه سبب سؤال الشيخ لزهر للعلماء المذكورين حفظ الله الأحياء ورحم الشيخ صالح اللحيدان وحشره في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
        وفي الأصل توريخ وذكر مكان، وهؤلاء المرضى على طريقة أهل الأهواء صيروه إلى ما رأيت بغرض التلبيس والتعمية والله المستعان.
        ولا حول ولا قوة إلا بالله

        تعليق


        • #6
          جزاكم الله خيرا وبارك فيكم وكتب أجركم .
          ​​​​​​

          تعليق


          • #7
            جزاكم الله خيرا أخانا الفاضل وجعل ما كتبت في ميزان حسناتك.

            تعليق


            • #8
              جزاك الله خيرا أخي الفاضل عبد الصمد وبارك فيك

              تعليق


              • #9
                بارك الله فيك أخي عبد الصمد على هذا المقال الطيب وجزاك الله خيرا

                تعليق


                • #10
                  وجهة نظر في آخر فتنة ألمت ببلدنا الجزائر

                  بصيغة البي دي أف
                  الملفات المرفقة

                  تعليق


                  • #11
                    بارك الله فيك أخي عبد الصمد على هذا المقال الطيب وجزاك الله خيرا وحفظ الله مشايخنا ونفع بهم وجمع كلمتهم على الحق

                    تعليق


                    • #12
                      جزاك الله خيراً.
                      الملفات المرفقة

                      تعليق


                      • #13
                        جزى الله خيرا شيخنا أزهر حفظه الله وسائر إخواننا المعلقين
                        وأسأل الله أن يستجيب دعاء شيخنا أزهر حفظه الله وسائر من دعى من إخواننا وأن يلم الشمل على يدي والدنا العلامة محمد علي فركوس حفظه الله ورعاه وأجزل مثوبة إنه ولي ذلك والقادر عليه
                        وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

                        تعليق


                        • #14
                          جزى الله خيرا أخانا الفاضل عبد الصمد على هذا المقال الماتع النافع ، و جعل عمله خالصا صوابا ، و أسأل الله تعالى أن يجمع كلمة مشايخنا على الحق و الهدى على يد والدنا العلامة فركوس ، و أن يرد عنهم كيد الكائدين .

                          تعليق


                          • #15
                            جزاكم الله خيرًا

                            تعليق

                            الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
                            يعمل...
                            X