إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأيَّامُ الزّاهيَّةُ الزَّاهِرَةُ في مَطْلَعِ ( الوَقْتُ جُزءٌ مِنَ عِلَاجِ ) الأَقْزَامِ الفَالِحِيَّةِ الْمُجَاهِرَةِ ( الْحلقة 04)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأيَّامُ الزّاهيَّةُ الزَّاهِرَةُ في مَطْلَعِ ( الوَقْتُ جُزءٌ مِنَ عِلَاجِ ) الأَقْزَامِ الفَالِحِيَّةِ الْمُجَاهِرَةِ ( الْحلقة 04)

    الأيَّامُ الزّاهيَّةُ الزَّاهِرَةُ
    فِي مَطْلَعِ العَلَمِ فَرْكُوسٍ وَالأَعْلاَمِ السَّلَفِيَّة الظَّاهِرَةِ([1])
    وَمَصْرَعِ الأَقْزَامِ الفَالِحِيَّةِ الْمُجَاهِرَةِ([2])
    ( الْحلَقَةُ الرَّابِعَةُ )
    قَال العَلَّامَةُ صَالِحٌ آل الشَّيخِ :"الَّذِي لَيسَ في قَلْبِهِ شُكرُ النّاسِ إذَا أَدُّوا إليْهِ مَعروفًا ، أَو عَملُوا مَعَهُ عَـمَلاً طَيّبًا فَإنَّهُ لِنِسْيَانِ فَضْــــلِ اللهِ وَنِعَمِهِ الْمُتَوَاتِرَةِ أقربُ ؛ لِهَذَا قَالَ :"لَا يَشْكُرُ اللَّهُ مَنْ لَا يَشْكُــــرُ النَّاسَ "، وَفِي الْحَقِيـقَةِ النَّاسُ أَسْبَابٌ ، فَإنَّهُ مَنْ تَركَ شُــكْرَ السَّبَبِ عَلَى مَا قَامَ بِهِ فِي مَقْــــدُورِهِ مِنْ وَاجِبٍ أَو مُستَحَبٍّ فَإنّه لَم يَشْــــكُرِ اللهِ فِي الْحَقِيــــقَةِ ؛ لأنَّ اللهَ هُوَ الَّذِي أَقَامَــهَم أَسْبَابًا .... كَانَ أَحَدُ الْمُحَاضِـرينَ تَكَّلَمَ بِكَلِمةٍ ، فَقَامَ إِليْهِ أَحَــــدُ النَّاسِ أَرْسَلَ إِلَيْهِ ، وَقَالَ نَشكُرُكَ ... فَقَالَ الْمُحَاضِرُ : لَا شُكرَ عَلَى وَاجِبٍ ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ سَـمَاحَةُ الشَّيْخ عبْدُ العَزِيز ابن بَازِ - رَحِمَه الله - بَعْدْ النَّدوَةِ قال: هَذِهِ الكَلِمَةُ غَلَطٌ ؛ لأَنَّ الوَاجِبَ يُشْكَرُ عَلَيْه "اهـ([3]).
    فَلِذَا أَتَوَّجَهُ بِالشُّكرِ إِلَى مُشْرِفِي مُنتَدَيَّاتِ (الإبَانَةِ ) السَّلَفِيَّةِ ، وَشَيْخِنَا أَبِي عَبْدِ اللهِ لَزهَرَ سِنيقْرَةَ - وَفَّقَـهُم اللهُ لِمَا يُحِبُّه وَيَرْضَى - عَلَى الْمَجْــهُودَاتِ الَّتي يَبْذُلُونَهَا اقتِطَاعًا من حَيَاِتهم ، وَأَشكرُهم خُصُوصًا عَلَى إِذنِهم بِنَشْرِ(الفَصْلِ الأوَّلِ) مِنَ هَذِهِ الوُرَيقَاتِ الْمَوسُومَةِ بـِ(الأَيَّامِ الزَّاهِيَّةِ الزَّاهِرَةِ ) الَّذي تَضَمّنَ إِحْدَى عَشَرَ شَاهدًا ، وَتَمَحَّضَ لِبَيانِ ( مَعَايِيرَ في تَمْيِيزِ العِالِمِ مِنَ الْمتعَالِمِ)؛ وذكْـرِ مَنَاقِبِ شَيْخِنَا الأُصُولِيِّ الفَقِيهِ العَلَّامَةِ الكَبيرِ أَبِي عَبْدِ الْمُعِزِّ مُحمَّد عَلِيّ فَركُوس القُبِّيُّ الْجَزَائِرِيُّ - بَارَكَ اللهُ في أَنفَاسِهِ ، وَانتَخَبْتُهُ أُنْمُوذَجًا حَيًّا ؛ لأَسْبَابٍ ، وَمِنْهَا :
    (أَوّلاً): قَالَ ابنُ حَزْمٍ(ت:456هـ):"شُكْرُ الْمُنعِمِ فَرْضٌ وَاجِبٌ ، وَإِنَّمَا ذَلِك بِالْمُقَارَضَةِ لَهُ بِمثْلِ مَا أَحْسَنَ ، فَأكْثرَ ، ثمَّ بِالتَهَمُّمِ بِأُمُورِهِ ، وَالتَأَتِّي بِحسُنِ الدِّفَاعِ عَنْهُ ، ثُـمَّ بِالْوَفَاءِ لَهُ حَيًّا وَمَيِّتًا ، وَلِمَن يتَّصِـلُ بِهِ مِنْ سَاقَةٍ وَأَهْلٍ كَذَلِكَ ، ثمَّ بِالتَّمَادِي عَلَى وُدِّهِ ، وَنَصِيحَتِهِ ، وَنَشْرِ مَحَاسِنِه بِالصِّدْقِ ، وَطَيِّ مَسَـاوِيهِ مَا دُمت حَيًّا ، وَتَوْرِيثِ ذَلِك عَقِبَكَ وَأَهْلَ وُدِّكَ "اهـ([4])، وَقالَ ابنُ قَيَّمِ الْجَــوْزِيَّةِ(ت:751هـ):"صَلَاحُ الْوُجُودِ بِالعُلَمَاءِ ، وَلَوْلَاهُم كَانَ النَّاسُ كَالْبَهَائِمِ ، بَلْ أَسْوَأُ حَالاً ... فَمَوْتُهُم فَسَادٌ لِنِظَامِ الْعَالَم "اهـ([5])، وَقالَ مُحَمَّدٌ أمينٌ الْحَمَوي(ت:1111هـ)في تَرْجَـمَةِ أَحَدِ شُيُوخِهِ :"لَوْ صَرَفْتُ أَوْقَات عُمُرِي ، وَتَشَرَّعْتُ بِجَمِيعِ مَذَاهِب الثَّنَاء وَالدُّعَاء لَهُ طُولَ دَهْري لَمَا كُنتُ إلَّا في كَمَال التَّقْصِير ، وَمُعتَرفًا بِالْعَجْزِ الْكَثِيرِ ، وَمِمَّا شَنَّفَ سَـمْعِي بِهِ في أثْنَاء الْمُذَاكَــرَةِ أَيَّامَ تَشَرُّفيِ فِي مَجَالِسِهِ« الزَّاهِيَّةِ الزَّاهِرَةِ» قَولُهُ ...الَخ "اهـ([6]).
    (ثَانيًّا): الْحُكمُ عَلى الْشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ تَصَوُّرِهِ ؛حيث غَرَّد أحدُ الْمَخْدُوعِينَ قَائلًا: "الْمُرَابطُ لَمْ يَتَكَّلَم فِي عُلَمَاءٍ ، وَإِنَّمَا تَكَّلَــــمَ فِي فَركُوسٍ وَلَزْهَـرَ سنِيقرَةَ فَقَطْ ، وَلَا يُعَدُّوا مِن العُلَمَاءِ يَومًا ، وَأَثبِتُوا لَنَا عَالِمًا قَالَ عَنهُم عُلَمَاء "اهـ([7]).
    (
    ثَالِثًا): بَيَانُ كَذِبِ العَيَّابِ الطَّعَانِ خالِدٍ حَمُّودَةَ ؛ حَيْثُ قَالَ :"جمُعَةُ رَجُلٌ مَاكِرٌ جِدًّا مِن مَكَائِدِهِ أَنَّهُ بْدَا يْنَفَخْلْهُم فِي الشَّيْخِ فَرْكُوسٍ ، مُفْتِي الْمَغْرِبِ الإسْــــلاَمِيِّ .... وِإلاَّ قَبْلَ سَنَوَاتٍ فَقَط هُنَاكَ أَفْرَادٌ مِنَ الإِخْــوَةِ يَعْتَقْدوا فِيهِ أَنَّه عِالِــــمٌ ، عَامَّةُ الإِخوْةِ كَانُوا يَعْتَقْدُوا أَنَّهُ شَيْخٌ مِنَ الْمَشَايِخ ، أَو كَبِير الْمَشَايِخ ... لَكِنّ لَمَّا جَاتْ الفِتنَةُ فَجْأَةً وَلّى - أَي أَصْبَحَ - علّامَــةً ، عَالَمُ الْمَغرِبِ الإسْلاَمِيّ ... الشَّيْخُ كَغَيْرِهِ مِن الْمَشَايِخِ ، كَسَائِر الدَّكَاتِرَةِ الأَكَادِمِيِّين .... بَصَّــحْ مَا تَرْفْعُوهْشْ إِلَى مَرَاتِبِ العُلَمَاءِ، وَمَصَافِّ العُلَمَاءِ([8] ولا سِيَّمَا وَقَدْ دَلَّ الوَاقِعُ عَلَى أَنَّهُ لاَ تَمْيِيزَ عِندَهُم فِي مَرَاتِبِ العُلَمَاء ما عَنْدْهُمْشْ تَمْيِيزْ، مَا يَعَرْفُوا مَرَاتِبَ النّاسِ ، مَا يَعَرَفُوا مَراتِبَ العُلُومِ ، مَا يَعَرْفُوا يْقِيسُوا العُلمَاءَ كِيفَاشْ تَعْرَف هَذَا عِالِم ، وَهَذَا مَشِي عِالِم؟ مَا عِنْدَهُمْش مِيزَانٌ "اهـ([9]).
    ( الفَصْلُ الثَّاني : في الشّاهِدِ الثَّاني عَشَرَ )
    وَهَذَا(الفَصْلُ الثَّانِي)َ قدْ تَمَحَضَّ للشَّاهِدِ ( الثَّانِي عَشرَ )، وبيَانِ صِـحَّة القاعدِة (الزّمَانُ جُزءٌ مِنَ العِلَاجِ )، وذكْرِ شَواهِدَ دَوَّنَها الزّمَانُ ، تُترْجِـمُ عَن صِدقِ شَيْخِنَا وَإخْوَانهِ ، وعَنْ أَضْدَادٍ تَتَمَتَّعُ بِها هَذه (الأَقْزامِ) ، وَأَغْلَبُهَا امتدادٌ لِخِصَالِ الْحَدَّاديَّةِ ، وَمَدرسَةِ فَالِحٍ الْحَرْبيِّ وَأَقْزامِه الغَبِيَّةِ .
    وَأَغْلَبُ هَذِه الشَّواهدِ وَقَفْتُ عَلَيْهَا بِلَا جُهْدٍ أَو قَصْدٍ ، فَلَوْ جَمَعَ الْمرْءُ هِمَّتَهُ ، فَتَتبَعَّ وَاسْتَقْرَأَ أَحْوالَ الأَقْزامِ لاسْتَخَرَجَ العَجَائِبَ ، لَكنّ الوَقْتَ عَزِيزٌ جِدًّا ، ولاَ ثَمْرةَ تٌرجَى مِنْ جَـمعِها ، إلَّا كَمَا قَالَ ابنُ حَزم(ت:456هـ):" يَجِبُ أَنْ تُؤَرَّخَ الفَضَائِلُ وَالرَّذَائِلُ؛ لِيَنْفُرَ سَامِعُهَا عَنِ القَبيحِ الْمَأثُورِ عَنْ غَيْرِهِ ، وَيَرْغَبَ فِي الْحُسْنِ الْمَنْقُـــولِ عَنِ مَنْ تَقَدَّمَهُ ، وَيَتَّعِـظَ بِمَا سَـلَفَ ، تَأَمَّلتُ كُـلًّ مَا دُونَ السَّــــمَاءِ وَطَالَتْ فِيهِ فِكْرَتِي ، فَوَجَدتُ كُلَّ شَيْءٍ فِيهِ مِنْ حَيٍّ وَغَيْرِ حَيّ مِنْ طَبْعِهِ - إنْ قَوِيَ - أَن يَخْلَعَ عَن غَيْرِهِ مِنِ الأَنوَاعِ كَيْفِيَّاتِهِ، وَيُلْبِسَهُ صِفَاتِهِ ، فَتَرَى الْفَاضِلَ يَوَدُّ لَو كَانَ النَّاسُ فُضَلَاءَ ، وَتَرَى النَّاقِصَ يَوَدُّ لَو كَانَ النَّاسُ نُقَصَاءَ ..."اهـ([10]).
    قَالَ العَلَّامَةُ رَبيع بن هَادِي :"فاحْرِصُــوا عَلَى أَنْ تَسْتَسْلِمُوا وَتَنْقَادُوا ، وَتَتَصِّفُوا بِصِفَاتِ الْمُؤْمِنِين وَصِفَاتِ عِبَادِ الرَّحمَنِ ، فَإذَا كُنتَ عَلَى خَطَأ فَارْجِعْ ، وَإِذَا كُنتَ عَلَى صَوَابٍ فَازْدَدْ إِيمَانًا﴿ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْـهُمْ إِيمَاناً﴾، وَإيَّاكَ ، ثُم إيَّاكَ أَنْ تَتَشَبَّهَ بِالكَافِرِينَ الْجَاحِدِينَ ، أَوْ بِالْمُبْتَدِعِينَ الضَّالِينَ ، الْمُعَانِدِينَ ، تَتَّصِفُ بِهِذِهِ الصِّفات، وَاللهِ إِنَّ بَعْضَ السَّلَفِيِّينَ أَوِ الْمُتَسَلِّفِينَ يَنْحَرِفُ فِي جُزْئِيَّةٍ أَوْ كُلِّيَّةٍ ، ثُمَّ تُتْلَى عَلَيْهِ الآيَاتُ والأَحَادِيثِ وَأَقْوَالِ العُلَمَاءِ ، فَلَا يَرْجِعُ ، فَيُصْبِحُ أَسْوَأَ مِنْ أَهْلِ البِدَعِ ، يُصْبِحُ أَسْوَأَ ، وَأَفْجَرَ ، وَأَخْبَثَ مِنْ أَهْلِ البِدَعِ ؛ لأَنَّ فِيهِ شَبَهًا بِالْمُرْتَدِينَ ، الْمُرْتَدُ عَرَفَ الإسْلَامَ ، وَعَرَفَ الْحَقَّ ، ثُمَّ انحرَفَ عَنِ الإسْلَامِ ، وَارتَدَ عَنْهُ ، فَهُو أَقْبَحُ ، وَأَخْبَثُ مِنَ الكَافِرِ الأَصْلِيِّ ، وَهَذَا الَّذِي كَانَ سَـلَفِيًّا ، ثُمَّ انْحَرَفَ يَكُونُ أَقْبَـحَ مِنَ الْمُبتَدَعِ الأَصِيـلِ ، وَأَشَدَّ عنَادًا ، وَيَدْخُلُ فِي الكَذِبِ وَالبُهْتَانِ فِي مُحَارَبة الْحَقِّ وَأَهْلِهِ ، وَنحْنُ نَعِيشُ مِنْ سَنَوَاتٍ مَعَ أُنَاسٍ يَلْبَسُونَ لِبَاسَ السَّلَفِيَّةِ ، وَ هُم أكذبُ وَأَفْجَرُ مِنْ أَهْلِ البِدَعِ -والعِيَاذُ بِاللهِ- ، وَيَقَعُونَ فِي كَذِبٍ يخْجَلُ مِنهُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى هَؤُلَاءِ فِيهِم شَبَهٌ بِالْمُرتَدِينَ ، الَّذِينَ عَرَفُوا الْحَـقَّ ، وَنَابَذُوهُ ، وَحَارَبُوا أَهْلَهُ ، وَأَخْشَى أَنَّ بَعْضَهُم يَقَعُ فِي الرِّدَّة - وَالعِيَاذُ بِالله - ؛ لأَنَّهُ عَرَفَ الْحَـقِّ ، وَحارَبَهُ ، وَأَبْغَضَــــهُ - والعِيَاذُ بِاللهِ - ، وَأَبْغَضَ أَهْلَهُ وَحَـارَبَـهُم ، فَهَذَا الآنَ يَـجْرِي فِي أُنَاسٍ يَرْفَعُونَ عَقِيرَتَـهُم بِأَنَّهُم مِنَ
    السَّلَفِ ، وَهُم أَسْوَأُ مِنَ الْخَلَفِ ، وَأَحَطَّ أَخْلَاقًا ، فَاحْذَرُوا هَذِهِ الأَصْنَافَ ، وَحَذِّروا مِنْهَا "اهـ([11]).
    ﴿ وَقَالَ الَّذِيـنَ لَا يَعْلَمُـونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِيــنَ مِنْ قَبْلِـهِمْ مِثْلَ قَوْلِــهِمْ تَشَابَـهَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾، فَالأَوَّلُونَ والآخَرُونَ قُلُوبُـهُم مُتَشَابِـهَةٌ فِي رَدِّ الْحَقِّ ، وَالعِنَادِ ، وَالتَّعَنُّتِ ، وَ الْجُحُودِ ، مِنْ أَوَّلِ مَا بُعِثَتِ الرُّسُلُ ، إِلَى خَاتِمِهِم مُحَمَّـدٍ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم -، بَلْ وَإِلَى يَوْمِ القِيَامَـــةِ([12])، فالزَّمَانُ "الْمَاضِي أَشْبَهُ بِالآتِي مِنَ الْمَاءِ بِالْمَاءِ"([13]).
    ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ﴾، ومنْ آياتِ الله تَعَالَى : الزّمَانُ ؛ حَيثُ أَقْسَـمَ الله بِالدَّهْرِ - وَهُوَ الزَّمَانُ -([14])قَائلاً:﴿ وَالْعَصْـرِ﴾، وَالدَّهُـرُ يَشْتَمِلُ عَلَى الأَعَاجِيبِ الدَّالَةِ عَلَى كَـمَالِ قُـــدْرَةِ خَالِقِهَا ... بَلْ نَفْسُ الدَّهْرِ مِنْ أَعْـجَبِ الأَشْيَاءِ ؛ لأَنَّهُ مَوْجُودٌ شَبِيهُ الْمَعْــــدُومِ ، وَمُتَحَـرِّكٌ يُضَاهِي السَّاكِنَ :
    وَأَرَى ( الزَّمَانَ ) سَفِينَةً تَجْرِي بِنَا ****** نَحْوَ الْمَنُونِ وَلَا نَرَى حَرَكَاتِه([15])
    وَقدْ أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِالدَّهرِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْعَجَائِبِ ، أُمَّةٌ تَذْهَبُ ، وَأُمَّــــةٌ تَأْتِي ، وَقَدَرٌ يَنْفُذُ ، وَآيَةٌ تَظْـهَرُ([16]فَتُفصِحُ لذَوِي الْبَصَـائِرِ ، وَتَفْضَـحُ عَدُوَّهُم ، وَتُمِيطُ عَنْ هَذِهِ الأَبْصَارِ غِشَاوَتَها ، وَعَنِ الأَسْـمَاعِ صَـمَمَهَا ، وَلَكِنَّ الزَّمَانَ " هُوَ هُوَ، لَا يَتَغَيَّرُ ، لَيْلٌ يَعْقُبُهُ نَهَارٌ ، وَنَـهَارٌ يَطْرُدُهُ لَيْلٌ ، فَهُوَ فِي نَفْسِهِ عَـجَبٌ ...هُوَ فِي نَفْسِهِ آيَةٌ ، سَوَاءٌ فِي مَاضِيهِ لَا يَعْلَمُ مَتَى كَانَ ، أَوْ فِي حَاضِـرِهِ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ يَنْقَضِي ، أَوْ فِي مُسْتَقْبَلِهِ"([17]).
    وَالزَّمَانُ: هُوَ مَحَلُّ الْحَوَادِثِ ([18])، وَحَرَكَاتِ بَنِي آدَمَ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ ([19])، وَمُنَاجَاتُه وَالتَّفَكُّرُ في مَا يَحْمِلُهُ مِنْ حَوَادِثَ وِفِتَنٍ لَهُ أَصْلٌ عِنْدَ العَرَبِ قَبْلَ الاِسْلاَمِ ؛ حَتَّى صَارَ (الزّمَانُ) وَاعِظًا ، وَآلتْ مُنَاجَاتُهُ أَمْثَالاً وَحِكَمًا تُروَى شِعْرًا وَنَثْرًا ؛ حَيثُ قَالَ - مَثلاً - أسَدُ بن نَاعِصَةَ :
    فَلَـمْ أَرَ كَالأَيَّامِ لِلْمَــرْءِ وَاعِــظَاً **** وَلاَ كَصُـرُوفِ الدَّهْــرِ لِلْمَـــرْءِ هَاديًا ([20])
    وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَـــمَاءُ :" كَفَى بِالتَّجَارِبِ تَأْدِيبًا ، وَبِتَقَلُّبِ الأَيَّامِ عِظَـةً "اهـ([21])، فَمَا أَحسَـنَ صَنِيعَ عَبْدِ العَزِيزِ السَّلمَان(ت: 1422هـ) عِندَمَا وَســمَ كِتَابَه «مَوَاردَ الظَّمآن ، لِدُرُوسِ الزَّمَانِ»، وَمِمَّا قَالَ فيهِ:" تَفَكَّــرُوا ِفي حَوَادِثِ الأَيَّامِ ، فَإِنَّ فِيـهَا الْمُزْدَجَرُ ، وَتَأَمَّــلُوا دَوْرَ الزَّمَانِ عَصْـرًا ، فَعَصْرًا أَيَّامًا ، وَشَهْرٌ يَتْلُو شَهْرًا وَسَنَةٌ تَتْلُو سَنَةً وَأَوْقَاتٌ تُطْوَى "اهـ([22]).
    فَلَا تَحْسِبَنَّ - يَا غَافِلُ - الدَّهْرَ صَامِتًا **** فَأَفْصَحُ شَـيْءٍ لَيْلُهُ وَنَـهَارُهُ
    أَصِـخْ لِمُنَاجَاةِ الزَّمَانِ فَإِنَّهُ **** سَيُغْنِيكَ عَنْ جَـهْرِ الْمَقَالِ سِـرَارُهُ ([23])
    ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾، فَتَارَةً يُشَدِّدُ الْمِحْنَةَ عَلَى الْكُفَّارِ ، وَأُخْــرَى عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ؛﴿ لِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا ، فَلَوْ شَـدَّدَ الْمِحْنَةَ عَلَى الْكُفَّارِ فِي جَـمِيعِ الْأَوْقَاتِ ، وَأَزَالَهَا عَنِ الْمُؤْمِنِينَ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ لَحَصَلَ الْعِلْمُ الِاضْطِرَارِيُّ بِأَنَّ الْإِيمَانَ حَقٌّ، وَمَا سِوَاهُ بَاطِــلٌ ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَبَطَلَ التَّكْلِيفُ وَالثَّوَابُ وَالْعِقَابُ ، فَلِهَـــذَا الْمَعْنَى تَارَةً يُسَلِّطُ اللَّهُ الْمِحْنَةَ عَلَى أَهْلِ الْإِيـمَانِ ، وَ أُخْرَى عَلَى أَهْلِ الْكُـفْرِ ؛ لِتَكُونَ الشُّبُـهَاتُ بَاقِيَةً ، وَالْمُكَلَّفُ يَدْفَعُهَا بِوَاسِـطَةِ النَّظَرِ فِي الدَّلَائِلِ الدَّالَّةِ عَلَى صِـحَّةِ الْإِسْلَامِ ، فَيَعْظُمُ ثَوَابُهُ عِنْدَ اللَّهِ([24]).
    وَقَدْ نَـهْجُو الزَّمَـانَ بِغَيْرِ جُـرْمٍ **** وَلَوْ نَطَقَ الزَّمَـانُ بِهِ هَجَانَا([25])
    وَإنَّ الْعَرَبَ كَانَ شَأْنُهَا أَنْ تَسُبَّ الدَّهْرَ عِنْدَ النَّوَازِلِ وَالْحَـوَادِثِ وَالْمَصَائِبِ النَّازِلَةِ بِهَا مِنْ مَوْتٍ أَوْ هَرَمٍ أَوْ تَلَفِ مَالٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، فَيَقُولُونَ :"يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ" وَنَحْـوُ هَذَا مِنْ أَلْفَاظِ سَبِّ الدَّهْرِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ"، أَيْ : لَا تَسُبُّوا فَاعِلَ النَّوَازِلِ ، فَإِنَّكُمْ إِذَا سَبَبْتُمْ فَاعِلَهَا وَقَعَ السَّبُّ عَلَى اللَّهِ ؛ لِأَنَّهُ هُـوَ فَاعِلُهَا وَمُنْزِلُهَا ، وَأَمَّا الدَّهْرُ - الَّذِي هُوَ الزَّمَانُ - فَلَا فِعْلَ لَهُ، بَلْ هُوَ مَخْلُوقٌ مِنْ جُمْلَةِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعْنَى "فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ"، أَيْ : فَاعِلُ النَّوَازِلِ وَالْحَوَادِثِ ، وَخَالِقِ الكَائِنَاتِ([26]). لَكِنّ كَثِيرًا مَا يَقَعُ الْإِسْنَادُ إِلَى الظَّرْفِ ، وَفِي الْحَقِيقَةِ الْإِسْنَادُ لِغَيْرِهَ ، كَقَولِه تَعَالَى :﴿ بَلۡ مَكۡـــرُ ٱللَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ ﴾([27])يُريدُ :مَكرُهُم فِي اللَّيلِ وَالنَّهَارِ([28])، وَمِثلُهُ :﴿وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ﴾([29])، أَيْ :يُسْرَى فِيهِ ، كَمَا يُقَالُ : لَيْلٌ نَائِمٌ ، وَنَهَارٌ صَائِمٌ([30])، وَيَوْمٌ عَبُوسٌ ، وَيَوْمٌ عَصِيبٌ، وَيَوْمٌ بَسَّامٌ ، وَالْحَقِيقَةُ وَصْفُ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ شِدَّةٍ أَوْ سُرُورٍ([31])، فَالْعَرَبُ قَد تُضِيفُ الْفِعْلَ إِلَى اللَّيْل وَالنَّهَارِ عَلَى تَوَسُّعِ الْكَلَامِ([32])، وَأنشَدُوا :
    حَارِثٌ قَدْ فرَّجْتَ عَنِّي هَـمِّي **** فَنَامَ لَيْلِي وَتَـجَلَّى غَـمّي .
    وَاللَّيلُ لاَ يَنَامُ ، بَلْ ينَامُ فِيهِ ، وَإِنَّمَا يُستَعمَلُ مِثلُ هَذَا فِيـمَا يَزُولُ فِيهِ الإِشْكَالُ ، وَيُعْلَـمُ مَقصُودُ قَائِلِهِ([33])، ومَن هَذَا البَابِ صَـحَّ قَولُ طَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ فِي مُعَلَّقَتِهِ :
    سَتُبْدِي لَكَ الْأَيَّامُ مَا كُنْتَ جَاهِلاً **** وَيَأْتِيكَ بِالْأَخْبَــارِ مَنْ لَــــمْ تُزَوِّدِ
    وَقَالَ العَلاَّمَةُ مُحَمَّد بن هَادِي :"وَسَتَكْشِفُ لَكُم الأَيَّامُ مَا عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الصَّعَافقَةُ([34] اتْركُــوهُم ، مَا لَھُم قِيـمَةٌ ...هَؤُلاَءِ يَتَلاَشَوْنَ مَعَ الزَّمَنِ "اهـ([35])، وقَالَ الشَّيْخُ محمَّد عَكّورٌ(80عَامًا):"هَؤُلَاءِ الَّذِينَ زَهِدُوا فِي عِلمِ العُلَمَاءِ ...الوَقْتُ كَفِيلٌ بِإظْهَارِ وَضْعِهِم وَحَالِهِم ... نَعَم جُزْءٌ مِنَ العِلَاجِ ... سَتَرَوْنَ النَّتَائِجَ تَسُرُّكُـم "اهـ([36]) .
    وَسُئِلَ شَيْخُنَا فَركُوسٍ عَنْ ( طَلَاقِ امْــرَأَةٍ بسَبَبِ عُيُوبٍ قَابِلَةٍ لِلعِلَاجِ ) ، كَالشَّخِيرِ ، وَالبُرُودَةِ الْجِنْسِيَّةِ ، فَأَجَابَ قَائِلاً:" الشَّخيرُ حَسَبَ خِبْرَةِ أَطبَاءِ أَمرَاضِ الأَنفِ وَالْحُنجُرَةِ يُمكِنُ أَن يُعَالَـجَ .... أَمَّـا البُرُودَةُ الْجِنْسِيَّةُ فَهِي بِحَسَبِ رَاحَــــةِ الْمَرأَةِ ، وَاسْتِقرَارِهَا ، وَخُلُوِّ مَشَاغَلِها ، وَهُو أَمــرٌ - أَيضًا- يَقبَلُ العِلاَجَ بِالتَرَوِّي وَمُرُورِ الوَقتِ ، إِذِ الوَقْتُ جُزءٌ مِنَ العِلاَجِ "اهـ([37]) .
    فَالسِّيَاقُ يُرْشِدُ إِلَى تَبْيِينِ الْمُجْمَلِ ، وَتَعيينِ الْمُحتَمَلِ ، وَالقَطعِ بِعَدَمِ احتِمَالِ غَيْرِ الْمُرَادِ ... وَهَذَا مِن أَعظَمِ القَرَائِنِ الدَّالَةِ عَلى مُرَادِ الْمَتَكَلِّمِ ؛ فَمَنْ أَهْمَلَهُ غَلَطَ فِي نَظَرِهِ، وَغَالَطَ فِي مُنَاظَرَتِهِ ، فَانْظُرْ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ كَيْفَ تَجِدُ سِيَاقَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الذَّلِيلُ الْحَقِيرُ([38]).

    وَانْظُرُ إَلَى جَوابِ شَيْخِنا تَـجِدُ سِيَاقَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الوَقْتَ جُزْءٌ منْ أَجْــزَاءِ العِلاَجِ ، وَليْسَ هُوَ العِلاَجُ ، وهو لَيسَ فَوْرِيًّا ، بَلْ يَـجبُ الصَّبْرُ وُجُوبًا ، وَمَنِ الْتَفَتَ إلى لَفَظَةِ العِلاَجِ لَيُدْرِكُ عَلَى البَدِيـهَةِ أَنَّـها مِنْ لُغَةِ وَعُرفِ أَطِبَاءِ النَّفسِ وَالأَبْدَانِ ، حَيْثُ قَالُـوا مَثَلاً :" تَشْخيصُ الدَّاء نِصْفُ العلاَجِ([39]وَوَعْيُ الْمُجتَمَعِ نِصفُ العِلَاجِ([40]والصِّيام نصفُ العلاَج([41])وَالْمُعَامَلَةُ الْجَيِّدَةُ نِصفُ العِلاَج ([42]والْمُهَرِّجُ الطِّبِّيُّ نِصفُ العِلاَجِ([43]وَالفَضْفَضَــةُ نِصْـــفُ العِلَاجِ([44])، وَالْحَالَةُ النَّفسِيَّةُ نِصْـــــفُ العِلَاجِ ، أَو غَالِبِيَتُهُ مِنْ فَيْرُوسِ كُورُونَا([45]والتَّضَامُنُ الاِجتِمَاعِيُّ مَعَ مُصَـابِ كُورُونَا نِصفُ العِلَاجِ([46])... الِخَ .
    وكَذِلِكَ الْحَالُ في الأَدوَاءِ الْمَعنَوِيَّةِ ، كَالْكُفرِ وَالشِّركَ وَالكبَائِر وَالْمَعَاصِي والسّلوكات السَّيِّئَةِ ، فإنَّ الْمُنتَقِلَ مِنَ البَاطِلِ الّذِي اعَتَادَهُ قَلبُهُ لَا يُؤمَنُ أَنْ يَكُونَ فِي قَلْبِهُ بَقِيَّةٌ مِنْ تِلْكَ العَادَةِ ... لَا تَزُوُلُ إِلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ([47])من الزَّمن ، وَأَهْلُ السُنَّةِ مَهْمَا انْدَسَّ بَينَهُم مُندَسٌّ ، وَمَهْمَا تَزَيَّا بِزَيِّهِم مَاكِرٌ ، فَإنَّ الله سَوفَ يَهْتِكُ سِترَهُ ، وَ يَفضَحُ أَمـرَهُ ، فَمَا أَسَرَّ عَبْدٌ سَرِيـرَةً إِلاَّ أَخرَجَهَا اللهُ - سُبحَانَهُ - عَلَى فَلتَاتِ لِسَانِهِ ، وَقَسمَاتِ وَجْـهِهِ([48]).
    ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ ﴾ ، أَيِ : اِعْتَقَدَ الْمُنَافِقُونَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَكْشِفُ أَمْرَهُمْ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، بَلْ سَيُوَضّحُ أَمْرَهُمْ وَيُجَلِّيهِ؛ حَتَّى يَفْهَمَهُمْ ذَوُو الْبَصَائِرِ([49]وَلَم يُعْرَفُ قَطٌّ فِي بَنِي آدَمَ أنّهُ اشتَبَهَ صَادِقٌ بِكَاذِبٍ إلاَّ مُدَّةً قَلِيــلةً ، ثُمَّ يَظْهْرُ الأَمْرُ([50])، فَإِنَّ الْكَذِبَ وَالْبَاطِلَ لَا بُدَّ أَنْ يَنْكَشِفَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ ، فَيَرْجِعَ عَنْهُ أَصْـحَابُهُ ، وَيَمْتَنِعَ عَنْهُ مَنْ لَمْ يَدْخُــلْ فِيهِ ، وَالْكَذِبُ لَا يَرُوجُ إِلَّا قَلِيلًا ، ثُمَّ يَنْكَشِـــفُ ، فَالْكَذِبُ لَا يَرُوجُ إِلَّا قَلِيلًا ، ثُمَّ يَنْكَشِـفُ([51])بِإذْنِ الله ، قَالَ زُهَيْرُ بن أَبِي سَلْمَى :
    وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِىءٍ مِنْ خلِيقَةٍ **** وإن خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَـمِ
    فَأيُّ خُلُقٍ عِندِ الإنسَـانِ يَقُـومُ بِهِ - وَإن ظَنَّ أَنَّ النَّاسَ لاَ يَعلَمُونَ - فَإنَّـهُم لاَبد أَنْ يَعلَمُـوهُ ، فَإذَا عَلِمُوا بِطَاعَتِهِ، وَمَدَحُوهُ ، وَأَثنَوا عَلَيْهِ ، فَهَذَا لَيسَ بِرِيَاءٍ هَذَا عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤمِنِ([52])، وَالطَّالِبُ الَّذِي يَغشُّ فِي الاِمتِحَـانِ سَوْفَ يَعْتَمِـدُ عَلَى الغِشِّ ، وَهَـذَا يُؤَدِّي إِلَى ضُعْفِ تَكْوينِهِ العِلْمِيِّ ، وَ يَظْهَرُ ذَلكَ بَعْدَ التَّخَرُّجِ ، وَبَعْدَمَا يَتَوَّلَى وَظِيفَتُهُ([53]). فَأيُّ خُلُقٍ عِندِ الإنسَانِ يَقُومُ بِهِ- وَإن ظَنَّ أَنَّ النَّاسَ لاَ يَعلَمُونَ - فَإنَّهُم لاَبد أَنْ يَعلَمُوهُ([54])، كَـمَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ :"مَا أَسَرَّ عَبْدٌ سَرِيرَةً إلاَّ أَلبسَهُ الله رِدَاءَهَا إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ ، وَإنْ شَرًّا فَشَرٌّ "اهـ، قَالَ الأَلْبَانِيُّ (ت:1420هـ):"مَا أَجْـمَلَهُ مِن حَدِيثٍ لَو صَـحَّ "اهـ([55]).
    وَإِذَا كَانَتِ الْخَلَائِقُ النَّفْسِيَّةُ وَالْأَعْمَالُ السِّرِّيَّةُ لَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ مُحَاوَلَةِ صَاحِبِهَا لِإِخْفَائِهَا ، فَمَاذَا يُقَالُ فِي الْأَعْمَالِ الَّتِي هِيَ مُقْتَضَى الْعَقَائِدِ وَالْأَخْـلَاقِ ، وَمَا انْطَبَعَتْ عَلَيْهِ النَّفْسُ مِنَ الْمَلَكَاتِ ، وَمُرِّنَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعَـادَاتِ؟ ، نَرَى الْمُؤْمِنِيـنَ الصَّادِقِيـنَ يُخْفُونَ بَعْضَ أَعْـمَالِ الْبِرِّ الَّتِي يُسْتَحَبُّ إِخْـفَاؤُهَا - كَالصَّدَقَـةِ عَلَى الْفَقِيـرِ الْمُتَعَفِّفِ - ؛ سَتْرًا عَلَيْهِ ، وَمُبَالَغَةً فِي الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ تَعَالَى ، الَّذِي يُنَافِيهِ الرِّيَاءُ وَحُبُّ السُّمْعَةِ ، وَلَكِنَّـهُمْ لَا يَلْبَثُونَ أَنْ يَشْتَـهِرُوا بِهَا ، وَنَرَى بَعْضَ الْمُنَافِقِينَ يُخْفُونَ بَعْضَ أَعْمَالِ النِّفَاقِ؛ خَوْفًا مِنَ النَّاسِ لَا مِنَ اللهِ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَلْبَثُونَ أَنْ يَفْتَضِحُوا بِهَا ، وَمِنْ أَمْثَالِ الْعَوَامِّ : إِنَّ الَّذِي يَخْتَفِي هُوَ الَّذِي لَا يَقَعُ([56]).
    فَالْمَرْءُ يُبْلِيهِ بلَاءَ السِّرْبَال **** مَرُّ اللَّيَالِي وَاخْتِلاَفُ الْأَحْوَال([57])
    وَلَم تَكُنِ انتَقَادَاتُ مَشَايِخِنَا لِرِجَالِ مَجَلَّةِ الاِصْلَاحِ ، إلاَّ بَعدَ مُعَاشَرَةٍ لَهُم مُنذُ سِنِينَ تَصَـرَّمَت ، وَ مَعرِفَةٍ بِـهِم مِن أَعْوَامٍ تَجرَّمَت([58])؛ فَلاَ تتَعَجَّلْ - يَا غَافِلُ - بِالتَّعَصُّبِ لِعُصْبَةٍ تَظلَّمَتَ ، وَإنَّـمَا :
    سَلْ عَنْهُمْ صَرْفَ (الزَّمَانِ) فَإِنَّهُ ***** بِـهِمْ مِنَ الدَّارِ الْمحِيلَةِ([59])أَعْلَـمُ([60])
    وَلَقَدْ أَبَانَ الزَّمَانُ عَنْ أَجْوَبَتِهِ ، وَلاَ يَزَالُ يُجِيبُ بِمَا يُصَـرِّفُهُ اللهُ مِنْ أَقْدَارٍ في جُعْبَتِهِ ؛ حَيثُ ألْهَم اللهُ أَقْزَامَ فَالِحٍ وَرُموزَهم أَجْوِبَةً تُنْبِئُ عَنْ تَحَالُفِهم ، وَتَعَصُّبِهِم ، وَلُؤْمِهمِ ، وَسَعْيِهم إلَى مَا يَعُـودُ عَلى ذَوَاتِـهِم وَمَصَالِحِهِمِ ، وَعَلى رَأْسِهَا : الإِطَاحَـــةُ بالعَلاَّمَتَيْنِ الْمُحَمَّدَيْـنَ ، وَهُوَ مَا عَبَّرُوا عَنهُ حَاقدينَ بِـ "محمَّد بن هَادِي الفَرْكُوسِيُّ "([61])، وَمِنْ مَظَاهِرِ التَّعَصُّبِ([62])وَأَشَدِّ اللُّؤْمِ([63])وَالْحَدَّاديَّةِ : الطَّعْنُ في أَهْلِ السُنَّةِ وَعُلَـمَائِهم ؛ قَالَ العَلّامَةُ رَبيع :" أَخِي فَالِـحُ ... أَدْعُوكَ إِلَى السَّعْي فِي جَـمع الكَلِمَة ... وَالتَّصَدِّي لِمَنْ يَطْعَنُ فِيــهِم ... ؛ لأَنَّ هَذَا الصِّنْفَ قَدْ جَنَى عَلَى الدَّعْوَةِ السَّلَفِيَّةِ وَأَهْلِهَا جِنَايَةً كَبِيرَةً ، وَشَوَّهُوهُم فِي أَعْيُنِ النَّاسِ "اهـ([64])، لَكنَّ الْسُنَّةَ كَـمَ قَالَ الشَّاعِرِ :
    في كُلِ عَصْـرٍ (للْجُنَاةِ ) جَرِيرَةٌ **** لَيْسَتْ عَلَى مَـرِّ ( الزَّمَانِ ) تَزُولُ ([65])
    وَفي هَذَا الأَيَّامِ للْجُنَاةِ أَقزَامِ فَالِحٍ جَراَئرُ ، وَلَا سيَّمَا الْجِنَايَّةِ عَلَى (ريحانةِ الْجَزَائِرِ )، فَمَتَى تَنْقَطِعُ تِلْكَ الْجِنَايَةُ الهِسْتِيرِيَّةُ ؟!، وَلاَ يَزَالُ (الزَّمَانُ) يُجِيبُ ، وَيُبيِّنُ ، وَيُكرَّرُ عِظَاتِهِ ، فَعُذْرًا يَا غَافِلُ :
    أَفْهِمْتَ عَنِ (الزَّمَانِ) جَوَابَهُ **** فَلَقَدْ أَبَانَ لَكَ الْعِظَاتِ وَكَــرَّرَا ؟! ([66])
    بَلَى، إِنَّ الْمُبَيِّنَ هُوَ الله ؛ حيثُ يُلْهِمُ الْمُنْحَرِفَ أَجْوِبَةً تُسْفِرُ عَنِ انْـحِــرَافِهِ ، قَالَ الأَلْبَانِيُّ فِي رَدِّهِ عَلَى أَحدِ الْمُتَعالِمينَ :"لَقَدْ كَشَفَ اللهُ عَنْ سَرِقَةِ هَذَا الْمُدَّعِي ، وَعَنْ جَهْلِهِ وَعُجْبِهِ وغُرُورِهِ ، بَأَن أَلْهَــمَهُ أَنْ يُحَوِّلَ أَرقَامَ أَطْـرَافِ الأَحَادِيثِ إِلَى أَرقَامِ صَفَحَاتِـهَا ؛ تَدْلِيسًا وَتَمْوِيهًا "اهـ([67])، وَقَالَ ابنُ القَيّـِم (ت:751هـ) :" البَلاَيَا تُظْهِرُ جَوَاهِرَ الرِّجَالِ ، وَمَا أَسْرَعَ مَا يفتضَـحُ الْمُدَّعِي([68])، وَيَأبَى الله إِلَّا أَنْ يَفْضَحَ الْمُفتَرِيَ الْكَذَّابَ ، وَيُنْطِقَهُ بِمَا يُبَيِّنُ بَاطِلَهُ "اهـ([69])، وَقَالَ العَلاَّمَةُ مُحَمَّد بن هَادِي الْمَدْخَـليُّ :"يُوشِكُ اللهُ - جَلَّ وَعَلاَ - أَن يَفَضَحَهم - أي : الصَّعافيقِ - وَيَهِتَكَ سِترَهُم ، وَيَفضَــحَ أَمرَهُم ، وَيُظهِرَ خِزيَهُم عَلَى رُؤُوسِ الأَشْهَادِ "اهـ([70]). وَقالَ شُيُوخُ العَابِطِ:"إنَّ مِنَ العقُوبَةِ الوَاقِعَةِ عَلَى هَؤُلَاءِ فَضْحَ اللهِ تعَالَى لَهُم بِكَشْف طَعْنِهم الَّذي تكتَّموا عَلَيْهِ فِي مَجَالِسِهم الْخاصَّة ، وَافْتَضَحَ أَمْرُهُـم ، وَتَسرَّبَت صوتيَّاتهم ، ونُشِرَ كَلَامُهُم ، مَعَ شدَّة التَّحفُّظِ وَالإصْرَارِ عَلَى مَنْعِ النَّشرِ ، فَكَذَّبَتْ أَقْوَالُهُم أَفْعَالَهُم ، وَتَـحَقَّقَ فِيــهم مقُولةُ « وعادَةُ الله في هتْكِ أسْتَار مُنتَقِصيهم معْلُومَةٌ » "اهـ([71])
    وَقَدْ أَلْهَمَ اللهُ شُيوخَ العَابِطِ وَغلمَانَهُم أَجْوِبَةً تُنْبِئُ عَنْ تَعَصُّبِهِمِ ، وَسَعْيِهم إلَى مَا يَعُودُ عَلى ذَواتِـهم وَمَصَالِحِهِمِ([72] أَمَّا الزَّمَانَ فَهُوَ هُوَ لَا يَتَغَيَّرُ، لَيْلٌ يَعْقُبُهُ نَهَارٌ ، وَنَهَارٌ يَطْرُدُهُ لَيْلٌ([73])، فَلَا عَيْبَ لَهُ ، وَلَا ذَمَّ ؛ لِأَنَّ اللَّهُ تَعَالَى يُصَرِّفُ أَقْدَارَهُ فِيهِ([74]).
    فَأَلْهَمَ الله تَعَالَى شَيْخَ العَابِطِ أَن يَقُولَ :"هَذِهِ مِنْ قَديم النَّاسِ يُطْلِقونَهَا، الطَّبِيبُ يَسَتَعْمِلُ الزَّمَنَ جُزُء مِنَ العِلَاجِ... كقولهم الْحُكمُ عَلَى الشَّيءِ فَرْعِ عَنْ تَصَوُّرِهِ، هَذِه تجِدُهَا عِنْدَ الْمَنَاطِقَةِ ،الفُقَهَاءِ وَكُلِّ شَيْء، وَلِهَذَا النَّاس يَقُولُونَ :"قَالَ فُلَانٌ"، لَا وَالله ... كَانَتْ قَبلَ أَنْ يُولَدَ فُلَانٌ ، وَقَبْلَ أَن يُولَدَ مِنْ كَتَبَ الكِتَابَ الذِي قَرَأَ فِيهِ تِلكَ الكَلِمَةِ ، وَهَكَذا ، هَذَا الْجَـــهْلُ الَّذِي يَترُكَ الْمَسَاكِينَ لأَوَّلِ مَا يَسْمَعُ الكَلِمَةَ يَظُنُّ أَنَّ قَائِلَهَا ، وَأنَّ مَصْدَرَهَا فُلَانٌ ، هَذَا غَلَط "اهـ([75]) .
    وَفي هَذَا رَدٌّ صَرِيـحٌ علَى ذَلِكَ العَابِطِ عِنْدَمَا زَعَمَ أنَّ جُمْلَةَ (إمَّا يَتُوبُوا أو يَذُوبُوا) منْ قَامُوسِ عَليٍّ الْحَلَبِيّ (تَ:1442هـ)([76]) ، وَكَذَلِك رَدٌّ صَرِيـحٌ عَلَى شَيخِ العَابِط (عُمرَ الْحَاجِ ) عندَمَا زَعـمَ أَنّ ( الوَقتَ جَزءٌ مِنَ العلاجِ ) مَشهُورَةٌ عَن الإخْوَانِ الْمُسلِمِينَ ، وأنَّه قَالَهَا حَسَنٌ البنَّا كَـمَا في «رِسَالَةِ التَّعاليم» ومُحمَّد الغَزَالِيّ في كِتَابِهِ «الطَّريقُ مِنْ هُنَا»([77])، وَالْحَقُّ مَا شَهِدَ بِهِ الأعدَاءُ .

    قُلتُ : الظَّاهِرُ أَنَّ العَابِطَ أوَ شِلَّتَهُ عكَـفُوا مُتَسوِّلِينَ بِشَيْخِهِم (جُوجَل)، عسَى وَلَعلَّ أَنْ يَعَطفَ عَلَيْهِم بنَبَأٍ يُصَدِّقُ ظَنَّهُم؛ حتَّى شَحَّ بِمَا يَظُنُّونَهُ دَلِيلاً يُثْبِتُ امْتِدَادَ شَيْخِنَا إلَى الإخْوَانِ ، ثُمَّ طَارُوا إلَى شَيِخِهم الْحَاجِ ، قَالَ العَلَّامَةُ رَبيع :" قَدِ اِجتَهَدَ فَالِحٌ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ وَمَألوفَاتِه ، أَوُ اجْتُهِدَ لَهُ بِوَاسِطَةِ الْحَاسُوبِ ، فَجُمِعَ كَلَامُ شَيْخِ الإسَلَامِ ...؛ لِيُثْبِتَ أَنَّ رَبيعًا قَدْ خَانَ وَبَتَرَ ، إِلَى آخِرِ طُعُونِهِ وَاتِّهَامَاتِه "اهـ([78]) .
    فَأَثبِتْ - يَا عَابِطُ - أَنَّ جُمْلةَ ( إمَّا يَتُوبُوا أَوْ يَذُوبُوا ) منْ قَامُوسِ عَليِّ الْحَلَبِيّ ، ثُمَّ سَاعدْ شَيخَكَ الْحَاجَ عَلَى البَحْثِ عَن القَائل الأَوَّلِ (الوَقْتَ جُزْءٌ مِنَ العِلَاجِ) ، ومَتَى صَدَقَتُمَا قِيلَ لَكُمَا :"هَذَا الأَلبَانيُّ لَطَالَمَا جَرَتْ عَلَى لِسَانِهِ :«أَقِيـمُوا دَوْلةَ الإسْلَامِ في قُلُوبِكم تَقُمْ لَكُم في أَرْضِكم » ؛ وَالكُـلُّ يَعلْم أَنَّ قَائِلَهَا هُوَ حَسَنٌ البنَّا زَعِيمُ «الإخَوَان الْمُسلِمين»، فَهَلْ تَجْرُؤُ يَا عُمَرُ أَنْ تَقُولَ في الشَّيْخ الأَلبَانيِّ مَا قُلتَهُ فِي شَيْخِنَا فَركُوسٍ ؟! "([79])، لَكنَّهُم يُفَرّقُونَ بَينَ مُتَمَاثَلينِ .
    فالْحَاصِلُ وَالْمَقْصُودُ : أَنَّ الفَاضِلَ مَا يَستَعْمَلُ - الْبَتَةَ - قَاعدةَ ( الوَقْتُ جُزءٌ مِنَ العِلاجِ ) دَلِيلاً وَحْدَهُ يُدِينُ بِهِ الْمُخَالِف؛ لِأَنَّ "الفَاضِلَ لوْ لَاحَ لَهُ مَا لَاحَ لَكَ لَرَجَعَ إِلَيْكَ ، وَلَو لَمْ يَفْعَلْ لَكَانَ غَيْرَ فَاضِلٍ"([80])؛ وَلقَدْ أَيْقَنَ شيخُنَا فَرْكُوسٌ انْحِـرَافَ رِجَــــالِ مَجَلَّةِ الاِصَلَاحِ .
    فَبَيَّنَ مَا اسْتَطَاعَ أَن يُبَيِّنَهُ لِمَنْ جَهِلَهم ، وَعَلىَ قَدْرِ عَقُولِهِم ، وَلَعَلَّ مَا أَخْفَاهُ شَيْخُنَا أعْظَمُ ، لأَنَّهُ
    لَيْسَ كُلُّ مَا يُعْلَمُ يُقَالَ ؛ وَلاَ كُلُّ مَا يُقَالُ يُقَالُ في كُلِّ حَالٍ([81])، وَقَالَ العَابِطُ :"السَّــــلَفِيُّ الذَكِيُّ يُلَاحِظُ فِي بَعْضِ الأَحَايِينِ أَنَّ الشَّيْخَ - رِبيعًا - يَسْكُتُ عَنْ بَعْضِ الغَوْغَاءِ مِنَ النَّاسِ ، وَلَا تَجِدُهُ يَردُّ ، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّيْـخَ - شَـهَادَةً للهِ - يَعْتَقِدُ في بَعْضِــهَا أَنَّها أُمورٌ مَسَّتْ شَـخْصِيَّتَهُ ، وَلَم تَمُسَّ الْمَنْهجَ السَّلَفِيَّ ، وَأَنّ عِنْدَ الشَّيْخِ مِنَ الْحَقَائِقِ الَّتِي لَوْ يَذْكَرُ بَعْضَـهَا لَكَانَ مَصِيرَ الْمُعَادِ كَـمَصِيرِ السَّارِقِينِ عِندَمَا تُقطَعُ مِنهُم الأَيَادِي ، فَتَجِدُ الشَّيْخَ صَـابِرًا حَلِيـــمًا ، لَا يَرُدُّ السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ ، وَلَا يَسْتَدْرِجُهُ الْمُخَالِفُ لِلمَنِّ وَالأَذَى ... وَمِثَالُهُ : أَنَّ أَحَــــدَ مَنْ عُرِفَ بِشَـرِّه أَعْلَنَ حَرْبًا شَـرِسَةً عَلَى الشَّيْخِ ، وَ الشَّيْـخُ قَابَلَهُ بِالصَّبْرِ ، وَلَم يجُرّه إِلَى الْمَــــنِّ ... وَنبَّهْتُ لِهَذَا ؛ حَتىَّ لَا يظُنّ العَاقِلُ فِي بَعْضِ الأَحْيَانِ أَّنَّ الرَّادَّ عَلَى الشَّيْخِ، قَدْ وُفِّقَ في رَدِّه ، و إنَّمَا «الأَيَّامُ تُبَيِّنُ صِدْقَ الرَّدِّ وَصَاحِبِه» ... أَكثَرُ الطَّاعِنِينَ فِي الشَّيخِ نَالُوا مِنْ خَيْرَاتِهِ ... صِنْفٌ كَانَ الشَّيْخُ يَعنِيهم بِقَولِهِ :(الكَثِيرُ يَجلِسُ أَمَامِي ، وَأَنَا لَا أُرِيدُهُ )، فَكَانُوا يجْلِسُونَ بِجَنْبِ الشَّيخِ لِقصِدٍ شَخْصِيٍّ «ظَهَرَ بَعْدَ زَمَنٍ ، وَرَأَيْنَاهُ اليَوْمَ» "اهـ([82])، لَكنَّهُم يُفَرّقُونَ بَينَ مُتَمَاثَلينِ .
    وَقَدْ يَنْكَشِفُ للعَالِمِ مِنْ أَحْوالِ أَقوَامٍ مَا لاَ ينْكَشِفُ لِغَيْرِهِ مِنَ أَهلِ العلم ، قَالَ الْمُحَدِّثُ الوَادِعِيُّ (ت:1422هـ):" مَنْ قَالَ لَهُ رَبِيع بن هَادِي إِنَّهُ حِزْبيُّ « فَسَيَنْكَشِفُ لَكُم بَعْدَ أَيَّامٍ أنَّهُ حِزْبِيٌّ» .... فَقَط الشَّخْصُ يَكُـونُ في بِدْءِ أَمْرِهِ مُتَسَتِّراً "اهـ([83])، وَقَالَ العَلَّامَةُ رَبيع بن هَادِي :"عَبْدُ اللَّطِيفُ لُغْزٌ لَا يَعْرِفُهُ إلاَّ القَلِيلُ ، وَأَنَاـ إِنْ شَاءَ اللهُ ـ مِنْهُم ، وَيحْتَاجُ مَعْرِفَةِ هَذَا اللُّغْزِ إِلَى التَّجَـرُّدِ وَالفِطْنَةِ وَالفِرَاسَةِ "اهـ([84]).
    لَكِنَّ بَعضَ الضِّعَافِ يُثِيرُهُ الفضُولُ ، فَيَأْذَنُ بِوُرُودِ الشُّبَهِ عَلى قَلْبِه الضَّعِيفِ ، فَيَفْتَقِرُ-حَتْمًا- إلى جَوابٍ شَافٍ كَافٍ ، فَيَتَرَدَّدُ مَريضًا مُلِحًّا عَلَى العَالِـم ؛ لِيَكْشِفَ عَنهُ الشُّبُهَ العَالِقَةِ بِقَلبِهِ ، وَقَدْ يُجِيبُ العَالِمُ السَّائِلَ جَوَابًا كَافِيًّا ، لَكِـنّ "وُرُودَ بَعضِ الشُّبُهَاتِ ، وَوُرُودَ الرَّد عَلَيْـهَا يَكُونُ عِندَ السَّائِلِ غَيْرُ وَاضِحٍ"([85])، وأَكْثَرُ أَئِمَّةِ السَّلَفِ ... يَرَوْنَ أَنَّ القُلُوْبَ ضَعِيْفَةٌ ، وَالشُّبَهُ خَطَّافَةٌ([86]).
    بَلْ إنَّ ذَلِك الإِلْحَـاحَ قَد يَصْدُرُ من مَشَـايِخَ وَطُلاَّب عِلمٍ ، فلَا يَكَادُ يُسْـمَعُ مِنَ العَالِم إلَّا مِثْل مَا قَالَ شَيْخِنَا "الوَقتُ جُزءٌ مِنَ العِلاَجِ "، قَالَ الشَّيخُ رَبِيعٌ :" اِنصَرَفْتُ إِلَى مَشَــــاغِلِي وَقتاً طَوِيلاً مُتَغَافِلاً عَنهُ - أَيْ أَبِي الْحَسَنِ - ... وَهُوَ وَأَتبَاعُهُ يَتَحَدَّونَ السَّلَفِيِينَ بِكِتَابِهِ "قَطعِ اللُّجَاجِ" ، وَأَلَحَّ بَعضُ الْمَشَايِخِ وَطلَبَةِ العِلمِ عَلَى أَن أَرُدَّ عَلَى هَذَا الكِتابِ، فَأَتَعَلَّلُ بِمَشَاغِلِهِ، وَبِأَنَّ بَاطِلَهُ سَيَظْهَرُ للنَّاسِ ، فَلَـم تَنقِطِعُ الأَلسِنَةُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ عَنِ الْمُطَالَبَةِ بِالرَدِّ ، فَاضْطَرَرْتُ إِلَى أَن أَقُومَ بِالرَّدِّ عَلَى بَعضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا هَذَا الكِتَابِ "اهـ([87])، فَتَأَمَّلْ - يَا مُنصِفُ- قَولَهُ:" أَلَحَّ... سَيَظْهَرُ ... اضْطَرَرْتُ "، لَكنَّهُم يأبونَ إِلَّا أَنْ يُفَرّقُوا بَينَ مُتَمَاثَلينِ .
    وَلَقَدْ أَلْهَمَ اللهُ أَقْزَامَ فَالِحِ أَنْ يَنْطقوا بِمَا يُرَادِفُ (الوَقْتُ جُزءٌ مِنَ العلاجِ)؛ فَقَالَ العَابِطُ :"ظَهَرَتِ الْحَقَائِقُ ، وَانْكَشَفَتْ الأَسْرَارُ وَبَانَ كُلُّ إنسَانٍ عَلَى حَقِيقَتَهِ، فَمَهْمَا صَرَخَ الثَّرْثَارُونَ فَالتَّارِيخُ قَدْ كَتَبَ خِيَانَتَهُم وَغَدْرَهُم ، وَمَهْمَا ذَرَفَتْ عُيُونُهُم (فَالأَيَّامُ قَدْ أكَّدَتْ) تَلَاعُبَهُم ، وَكَذِبَهُم([88]تَأَمَّلْ فِي حَيَاتِكِ ، وَفِي تَجَارِبِكِ مَعَ النَّاسِ تَجِدُ أَنَّكَ سَكَتَّ عَنْ أُنَاسٍ لَا رَهْبَةَ مِنْهُمُ ، وَلَا رَغْبَةَ فِيـهِم ، بَلْ صَبَرتَ عَلَيْـهِم ، وَأَحْسَنْتَ بِـهمُ الظَنُّ ، لَكِنّ مَعَ ( مُــرُورِ الوَقْتِ أَدْرَكْتَ ) أَنَّ مَا كُنْتَ تَرَاهُ هُوَ مَنْهَجٌ قَائِـمٌ فِي نُفُوسِهِم ، وَلَيْسَتْ مُجَرَّدَ أَخْطَاءٍ "اهـ([89] وَإنْ شَاءَ اللهُ ،( سَيُدْرِكُ الغَافِلُ - وإن طَالَ الزَّمَنُ -) بِأَنَّ الْمَدَاخِلَةَ جَمَاعَةٌ لَا حَقِيقَةَ لَهَا ، كَمَا أَدرَكَ مِنْ قَبْلُ بِأَنّ الوَهَّابِيَّةَ جَمَاعَةٌ مَكْذُوبَةٌ سَيَنْتَبِهُ الْجَمِيعُ ([90]أَيُّهَا السَّلَفِيُّ النَّاقِمُ عَلَى الْمُفَرِّقَةِ مَنهَجَهُم الْمُنْحَرِفَ : تَأكَّدْ - رَحِمَكَ اللهُ - بِأَنَّ مَحَطَّاتٍ كَثِيرَةً تَنْتَظِرُكَ فِي دَعْوَتِكَ سَيَكتَشِفُ النَّاسُ فِيهَا هَلْ كُنتُ صَادِقًا ، وَيَعْرِفُ القَرِيبُ وَالبَعِيدُ حَقِيقَةَ مَا أَنكَرْتَهُ عَلى الْمُفَرِّقَةِ ... سَتُمْتَحَنُ "اهـ([91])، وَقَالَ مَجْنُونُ الدَّامُوس :" كُلَّمَا طَالَ زَمَنُ الفِتنَة ، وَعَظُمَتِ الْمِحنَةُ ظَهَرَتْ حَقِيقَةُ كَثِيرٍ مِنْ أَدْعِيَاءِ السَّلَفِيَّةِ ، وَخَاصَّة مَنْ كَانَ يُشَارُ إِلَيْـهِم بِالبنَانَ ، وَيُزْعَمُ أَنَّهم مِنَ الْمَشَايْخ "اهـ([92])، وَقال دَجَّـالُ قَنَاةِ الْمَاكِرِ: " كُلُمَّا مَرَّ الوَقْتُ عَلَى جَـمَاعَةِ فَركُوسٍ كُلَمَا انكَشَفُوا بِأَنَّهُم مُجتَمَعُونَ فِي الظَّاهِرِ اهـ([93])، لَكنَّهُم يأبونَ إِلَّا أَنْ يُفَرّقُوا بَينَ مُتَمَاثَلينِ .
    وَكَذَلِكَ ذَكَرَ العَابِطُ أَنَّهُ " كَانَ ضِدَّ فَالَحٍ قَبْلَ أَن يَتَكَلَّمَ فِيهِ العُلَمَاءُ "([94])، وكأنَّ هَذَا العَابِطَ أَيْقَنَ بِأَنَّهم سَيَقِفُونَ ضِدَّ فَاِلِح ، لَكِنّهُ - زَعَـمًا - لَا يُسَابِقُ العُلَمَاءَ ، فَأَقَلُّ مَا فَعَلَ لَزِمَ الصَّمْتَ ، وَتَركَ الوَقتَ يُعالِجُ فالِحًا الغَبِيًّ ؛ قَالَ الشَّيخُ رَبيعٌ :" وَلِفَالِحٍ عَجَائِبِ وَغَرَائِبُ تَدُلُّ عَلَى غَبَائِه "اهـ([95]).
    قلْتُ :إنَّ غَبَاءَ الْمُفَرِّقَةِ - عَلَى لَغْو العَابِطِ -"لَا نَظِيرَ لَهُ"([96])، فَإنْ كَانَتِ الغَبَاوَةُ حَمَلَتهُم عَلَى الثِّقَةِ فِي العَلَّامَــةِ فَرْكُوسٍ لَزِمَ العَابِطَ الصَّبْرُ على غَبَاوَتِهِم ، وإن أَخَذَ منْهُ الدَّهْرَ ، وَلَا أَظنُّهُ إلَّا سَيُوَّلِي الظَّهْرَ ، وَيَنتَظِرُ الزَّهْرَ([97])؛ حَيثُ عَاتَبَهٌم قَائِلاً: "سَتَمْضِي هَذِهِ الأَيَّامُ بِخَيْرِهَا وَشَرِّهَا ، وَسَتَحِلُّ عَلَيْكُم النَّوَازِلُ ، وَيَوْمُها سَتَعْرِفُونَ قِيـمَةَ مَنْ تَخَلَّيْتُم عَنْهم([98]قُلنَا لَكُم: التَّكْفِيرُ قَادِمٌ "اهـ([99])، وَ قَالَ دجَّالُ قَنَاةِ الْمَاكرِ:" تَنتِظُرُكُم أَيَّامٌ حُبْلَى بِالفَضَائِحِ الْخَطِيرَةِ "اهـ([100])، وَقَال الدَجَّالُ أَبُو حُذَيْفَةَ حَفْنَاوِي :"الأيَّامُ كَفِيلَةٌ بِبُرُوزِ فِرقٍ أُخرَى بَطَلُهَا جُمعُةُ ، فَارتَقِبُوا ([101]الْمُفَرِّقَةُ فِي أَمْرِ مَرِيـج ... يُوشِكُ أَنْ تَعُودَ غَمَامَةُ الفِيسِ قَدِيمًا ، فَتكْتبُ : "إنْ يَنْصُرُكم اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُم "اهـ([102])، وَقَالَ الدَجَّـالُ أَبُو عَبْدِ البَاريِ أَحْمَدُ صَّغِيرٌ :"سَتَكُونُ عَلَيهِم أَيَّامًا قَاهِرَةً ، فَلْيُبَشِّرُوا "اهـ([103]).
    قُلتُ : قَالَ ابن عُثَيْمِينَ(ت:1421هـ):" فاَطِمَةُ - بنتُ قَيْسٍ- جَاءَتْ تَسْتَشِيرُهُ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم - فِي ثَلَاثَةٍ خَطَبُوهَا : أُسَامَةَ بن زَيْد ... أَبُو جَهْمٍ ... مُعَاوِيَة بن أَبي سُفيَانَ ، فَقَالَ الرَّسُولُ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم - «أَمَّا أَبُو جَـهْمٍ فَضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ » ... وَقَالَ فِي مُعَاوِيَةَ: «صُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ» ، يَعْني: فَقِيرٌ ، وَقَالَ: «انكِحِي أُسَامَةَ» ... فَإنْ قَالَ قَائِلٌ : كَيَفَ يَقُولُ الرَّسُولُ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «مُعَاوِيَّةُ صُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ» ؟، وَهُو لَا يَدْري ، فَلَعَلَّهُ يَكُونُ ذَا مَالٍ ، وَفِعْلًا كَانَ ذَا مَالٍ ... صَارَ خَلِيفَةً ... فَنقولُ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا: إِنَّهُ يُؤخَذُ مِنْهُ فَائِدَةٌ مُهِمَّةٌ جِدًّا ، وَهِيَ أَنَّ العِبْرَةَ فِي الأُمُورِ بِالْمَنْظُورِ مِنْهَا ، لَا بِالْمُنْتَظِرِ ، أَنْتَ غَيْرُ مُكَلَّفٌ بِأَمْرٍ غَيْبِيٍّ ، أَنتَ مُكَلَّفٌ بِشَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْكَ "اهـ([104]).
    قُلتُ : وَالَعَجِيبُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الأَقْزَامَ لَــــم يَقُولُـوا إنْ شَـاءَ الله ، هَلْ صَـارُوا مُحَدَّثينَ مُلْهَمِينَ ، أَم دَجَاجَلَةَ مُوهِمِينَ؟!، قَالَ العَلَّامَةُ صَالِحٌ آل الشَّيخ :"بِالاستِقرَاءِ وَجَدْنَا كَثِيرًا مِنَ الْمُصَنِّفِينَ وَعَدُوا في كُتُبِهِم بِأَنَّهُم سَيَبسُطُونَ القَوْلَ فِي مَسْأَلَةٍ فِي مَوضِع آخرَ ، وَلَم يَقُولُوا إنْ شَاءَ اللهُ ، فَفَاتَهُم فِي الْمَوضِعِ التَّذّكُّـرُ ، وَهَذَا مَوجُـودٌ فِي كُتُبْ كَثِيرَةٍ ، فَيَكثُرُ فِي فَتـــح البَارِي فِي مَوَاضِعَ عِدَّةٍ ، قال سَتَأتي فِي كِتَابِ كَذَا ، وَسَيَأتِي بَيَانُـهَا فِي بَابِ كَذَا ، وَلَـــم يَقُلْ إِن شَاءَ اللهُ فَفَاتَهُ ، مَعَ طُولِ مَدَّةِ التَّألِيفِ ؛ حَيْثُ أَمْضَى فِي تَأْلِيفِهِ أكثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً كَـمَا هُوَ مَعْلُومٌ ، كَذِلِكَ صَاحِبُ الرَّوضِ الْمُرْبِع فِي فِقهِ الْحَنَابَلَةِ فِي مَوَاضِعَ "اهـ([105]).
    هَل تَأَوَّلَ الأَقزَامُ آيَةً أَو حَدِيثًا ؟! وَإلاَّ فَلِمَاذَا الْجَزْمُ ؟!هَلْ يَعْلمونَ الغَيْبَ ؟! قَال ابنُ تَيْمِيَّةَ (ت:728هـ):"ومَنِ ادَّعَى أَنَّهُ يَعْرِفُ مَآلَ الْخَلْقِ وَمُنْقَلَبَهُمْ ، وَعَلَى مَاذَا يَمُوتُونَ عَلَيْهِ ، وَيُـخْتَمُ لَهُمْ - بِغَيْرِ الْوَحْيِ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ وَقَوْلِ رَسُـولِهِ - فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبِ مِنْ اللَّهِ ، وَالْفِرَاسَـةُ حَقٌّ عَلَى أُصُولِ مَا ذَكَرْنَاهُ "اهـ([106])، بل إنَّ ابْنَ تَيْمِيَّةَ كَانَ يَحْلِفُ لِلْأُمرَاءِ وَالنَّاسِ : إِنَّكُمْ فِي هَذِهِ الْكَرَّةِ مَنْصُـــورُونَ عَلَى التَّتَارِ؛ فَيَقُولُ لَهُ الْأُمَرَاءُ : قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَيَقُولُ : إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَحْقِيقًا ، لَا تَعْلِيــــقًا ، وَكَانَ يَتَأَوَّلُ فِي ذَلِكَ أَشْيَاءَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ([107])، فَهَلْ تقُولُون - يَا أقزَامُ - : "نحَنُ أَهلُ فِراسَةٍ وإلهَامٍ " ؟!
    وَيُرْوَى عَنْ أَحَدِ مَشَايِخِنَا أَنَّهُ قَالَ :"سَتَعْرِفُونَ أَيَّامًا زَاهِيَّةً "اهـ([108])؛ لأنَّ اللهَ قَال:﴿ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾، أَيْ : نُديل عَلَيْكُمُ الْأَعْدَاءَ تَارَةً ، وَإِنْ كَانَتِ الْعَاقِبَةُ لَكُمْ ، لِمَا لَنَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكَمِ ، وَلِهَذَا قَالَ الله تَعالَى :﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾([109])، وَالعَرَبُ تَقُــولُ :" مَنْ يُرَ يَوْمًا يُرَ بِهِ([110])،أي : مَنْ يَرَى لِنَفْسِهِ يَوْمَ سُرُورٍ بِمَصْرَعِ غَيْرهِ رأَى غَيْرُه مِثلَ ذَلِكَ اليَوْمِ بِـمَصْرَعِهِ ، وَكُـلُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُعَبَّر بِاليَوْمِ وَالأَيَّامِ مِنْ حَادِثَاتِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ([111])، فَلِذَا وُسِمتَ هَذِه الوُرَيْقَاتُ بِـ (الأيَّامُ الزّاهِيَّةُ الزَّاهِـرَةُ ، في ... مَصْرَعِ الأَقْزَامِ الفَالِحِيَّةِ الْمُجَاهِـرَةِ ) ، وَسَيَأَتِي غَيْضٌ ِمنْ فَيْضِ الْمَصَارعِ ، وَيَظهَرُ مَنْ هُوَ الْمُحَاكي لِفَالِحٍ وَالْمُضَارعُ ، وَمَنْ هُوَ الْمُتَابِعُ للعلمَاءِ مِنَ الْمُقَارعِ .
    وَكَـمْ صَـرَعَ التَّهمِيشُ - بِفَضْلِ اللهِ - مِنْ صَعَافِيقَ وَأَحْـدَاثٍ ؟!، فَصَـرَخُــوا بإيلَامِــــهِ مِنْ مَطْلَعِ مَا يَجرِي مِنْ أَحْــدَاثٍ ، فَتَعَجَّلُوَا ازْهْـرارَها ؛ لأَنَّهُ انْقَضَى سَنَوَاتٌ ثَلَاثٌ ، وَلَمْ يَبْـقَ في ظَنِّ شَيْخهم مِنَ مصْرعِ شُيُوخِنَا الثَلاَثِ([112])، إلَّا العَلَّامَةُ فَرْكُوسٌ يَسُدُّ البَابَ ، وَقَدِ انقَطَعَتْ بهِ - في رأيهم - الأَسْبَابُ ، وَلَم يَبْقَ إلَّا إقْرَارُهُ بحقِّ شُيُوخِ الْمَجَلَّةِ وَالشَّبَابِ ، وَكَأَنَّ حَالَهم يُـخَاطبُهُ قائلا :"الآنَ حَصْصَ الْحَقُّ : أيْنَ الْمَفَرُّ؟، بَحْرُ «الأَكَابِرِ» مِنْ أَمَامِكَ ، وَنَحنُ مِنْ وَرَائِك "اهـ .
    كَـمْ آلَمَ وَصْفُ فَرْكُوسٍ « عَالِمٌ» أَقْزَامَ فَالِحٍ إِلى النُّخَاعِ ؛ فَوَجَدُوا حَرَجًا مِنْ السَّمَاعِ ، وَإِنَّ لِسَانَ حَالِهم لَيشْهَدُ عَلَى مَا يَتَضَوَّرونَ مِن التَّهمِيشِ وَالأَوْجَاع ؛ حَيثُ قَالَ :
    لِكُلِّ ما يُؤْذِي - وإِنْ قَلَّ - أَلَمْ ***** ما أَطْوَلَ اللَّيْلَ عَلى مَنْ لَمْ يَنَـمْ([113])
    وَلِذَا تَعَجَّلَ أَقْزَامُ فَالِحٍ ازْهْرارَ أيَّامِـهم ، وَتَحَقُّقَ أَحْلَامِهِم ؛ فَقَبْلَ حَوْلَيْنِ كَامِلينِ تَفَاءَلَ هَذَا العَابِطُ قَائِلاً:" إِذَا كَانتْ أَخْطَاءُ الْمُفَرِّقِينَ وَاضِـحَةً عِندَ أَئِمَّتِنَا كَالشَّمْسِ فِي رَائِعَةِ النَّهَارِ ، فَهَلْ بَقِي قَوْلٌ لِأَبْوَاقِ الفِتْنَةِ ؟!"اهـ([114])، ثمَّ بَعْدَهَا بأشْهرٍ غَرَّدَ العَابِطُ قَاِئلاً: "مِنْ أَسْبَابِ ظُهُورِ الْحَقِّ فِي هَذِهِ الفِتْنَةِ :أَنَّ بَيَانَ الْحَقِّ فِي بِدَايَةِ الأَحْدَاثِ تَكفَّلَ بِه العُلَمَاءِ، وَالْمَشَايِخ ، والطَّلَبَةُ البَارِزِينَ ، وَبقي النَّاسُ يَومَهَا فِي تَرَقُّبٍ وَتَأَمُّلٍ فِي بَرَاهِينِهِم وَحُجَجِهِم الَّتِي بُنِيَتْ عَلَى صِدْقٍ ، وَتَرْكِيزٍ ، وَمُشَاوَرَةٍ وَسُؤَالٍ ؛ حَتَّى أَثْمَرَتْ هَذِهِ الاِنتصَارَاتِ العَظيـمة "اهـ([115])، ثمَّ قَالَ دَجَّالُ البُلَيْدَةِ :"هَا هِيَ الفِتنَةُ تَلْفِظُ أَنْفَاسُهَا الأَخِيرَةُ ، وَقَدِ انحَسَرَت عَنْ فَضَائِحَ مُخْزْيَةٍ ، لَا يُمْكِنُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ عُقُوبَةً مِنَ اللهِ لأَهْـلِ الفِتْنَةِ "اهـ([116])، وَقَالَ دَجَّــــالُ بَلْدِتِنَا حَفْنَاوِي :"مَجْلِسُ أَمْسٍ فِي مَدِينَةِ عَيْنَ الدَّفْـــــلَى مَعَ الْمَشَايِخِ الأَفَاضِلِ حَـمُّودَةَ وَمُرَابِطٍ وَخَــالِدٍ فُضِيلٌ ، وَثُلَّةٌ مِنْ طَلَبَةِ العِلمِ السَّلَفِيِّينَ فِي هَذِهِ البَلْدَةِ الطَّيِّبَةِ ؛ يَدُلُّنَا دِلَالَةً صَرِيـحَةً وَاضِـحَةً أَنَّ فِتْنَةَ الْمُصَــــعْفِقَةِ قَدْ وَلَّتْ مُدْبِرَةً ، وَأَنَّ الأَيَّامَ الزَّاهِيَّةَ قَدِ اتَّضَحَتْ مَعَالِمُهَا فِعْلاً([117]وفي رِوَايَةٍ : الزَّاهِرَةُ([118]).
    فَإنَّ« الأَيَّامَ الزَّاهِيَّةَ» بَيِّنَةٌ عَلى لسَان هَذَا «الْمُقَدِّسِ» الْمُرِيدِ ، لَكِنّ لَم يَحْمِلهَا إِلَيْنَا البَرِيدُ ، وَوَاضِحَةٌ مِنَ زَهْو «غُلَام فَالِح الْجديد »، وَظَاهِرَةٌ في «الْمُقَايَضَةِ وَالتَّهْدِيدِ»، إمَّا مَسْقَطُ شُيُوخِنَا وَالعَلَّامَةِ فَرْكُوسِ الصِّنْديد ، وإمَّا فِدْيةُ « السُّكُوتِ وَالاِحتِواءِ وَالتَّقْلِيدِ »([119])، وَلاَسيَّمَا الرِّضَا بـِ« تَشَيُّخِ وتَدَخُلِّ » الصَّعْفوقِ البَليدِ ، لَكِنّ هَيْهَاتَ ، هَيْهَاتَ أيُّهَا الغِرُّ الوَليدُ .
    وَلَعمْرِي : إِنْ تَأَمَّلْنَاهُـمُ مَا عَلَوْا ***** لَكِنّ طَفَوْا مِثلُ الْجِيَفِ
    جِيَفٌ تَطْفُو عَلَى بَـحْرِ الغِنَى ***** حِينَ لَا تَطْفُو خَبِيئَاتُ الصُّدَفِ([120])
    وَمَحَلُّ الْفَتَى (سَيَظْهَرُ فِي النَّاسِ ) **** وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا يُـخْفِيهِ([121]).

    وَعَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «قَدْ كَانَ يَكُونُ فِي الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ مُحَدَّثُونَ ، فَإِنْ يَكُنْ فِي أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ ، فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنْهُمْ » ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: تَفْسِيرُ مُحَدَّثُونَ : مُلْهَمُونَ "اهـ([122]قَالَ الأَلْبَانِيُّ(ت:1420هـ):"وَالإلْهَامُ لَيْسَ هُوَ الوَحْيُ ، لَكِنَّهُ يَلْتَقِي مَعَ الوَحْيِ أَحْيَانًا مِنْ حَيْثُ اكتِشَافِ مَا سَيَقَعُ ظَنًّا ، وَلَيْسَ يَقينًا ، أَي : أَنَّ الَّذِي أُلْهِم بِشَيْءٍ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ :إنَّ هَذَا سَيَكُونَ حَتْمًا ، إِلَّا مَا نَدَرَ جِدًا جِدًا ، وَهُوَ يَعْتَرِفُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مَعْصُومًا ، أَمْا الوَحْيُ : فَهُو يُقْطَعُ بِهِ كَـمَا هُوَ حَيٌّ تَمَامًا ... عُـمَرُ بن الْخَطَّابِ تحَدَّثَ بِأُمُــورٍ نَزَلَ القُـرْآن عَلَى وِفْقِ مَا تَحَدَّثَ بِهِ كَقَوْلِه لِلرَّسُولِ- عَلَيْهِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَام - :[لَوْ حَجَبْتَ نِسَاءَكَ]، فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ الْحِـجَابِ .... فَهَذَا لَيْسَ مِنِ بَابِ الاِطِّلَاعِ عَلَى الغَيْبِ إطْـــلَاقًا ، وَإِنَّمَا هُوَ الظَّنُّ ، وَالظَنُّ قَدْ يُصِيبُ ، وَقَدْ يخْطِئُ ، وَهَذَا يَقَعُ مِنَ العُلَمَاءِ فِي مُنَاسَبَاتٍ كَثِيرَةِ ، وَكَثِيرَةٍ جدًّا ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَ مَشَايِخِ الطُّرُقَ يَسْتَغِلّونَ هَذِهِ الوَقَائِعَ ، وَيُوهِمُونَ النَّاسَ أَنَّهَا كُشُوفَاتٌ ، وَأَنَّهُم يَطَّلِعُونَ عَلَى مَا فِي صُدُورِ النَّاسِ... إنّمَا هِيَ الفِرَاسَةُ ... فَالغَيْبُ هُوَ الأَمرُ الَّذِي يَقْطَعُ بِهِ الرَّسُولُ- صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَدْ أَوحَى بِهِ إِلَيْهِ ، أَمَّا العَالِمُ ذُو الفِرَاسَةُ أَو مُفَسِّرُ الْمَنَامِ : فَهَذَا لَم يَطَّلِعُ عَلَى الغَيْبِ ، فَقَدْ يُصِيبُ ، وَقَدْ يُخْطِئُ "اهـ([123]).
    وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ أَتَمُّ النَّاسِ
    فِرَاسَــةً ، وَأَصْدَقُـهُمْ إلْهَامًا([124])، قَالَ الأَلْبَانِيُّ:" اِتَّفَقَ لِي مِـرَارًا ـ وَيَتَّفِقُ مِثلُهُ لِغَيْرِي ـ أَنَّنِي وَأَنَا فِي صَدَدِ تَقْرِيرِ مَسْأَلَةٍ يَقُومُ بَعْضُ الْحَاضِـرِينَ يُرِيدُ أَنْ يَسْــأَلَ فَأُشِيرُ إِلَيْهِ بِأَنْ تَمَهَّلْ ، فَإذَا فَرَغْتُ مِنْهَا قُلتُ لَهُ : الآنَ فَسَأَلْ ، فَيَقُولُ مَا أَرَدتُ السُّؤَالَ عَنْهُ قَدْ حَصَــــلَ ... فَمِثلُ هَذِهِ الإجَابَةِ قَدْ تَقَعُ تَارَةً عَفْوًا ، وَتَارَةً بِقَصْدٍ مِنَ الْمُدَرِّسِ الَّذِي بِحُكمِ مَرْكَــزِهِ قَدْ يَنْتَبِهُ لَمَا لَا يَنْتَبِهُ لَهُ الْحَاضِرُونَ ... فَيَظُنُّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ كَشفٌ ، أَوْ إِخبَارٌ عَمَّا يُضْـــمِرِ فِي نَفْسِهِ، وَإنَّمَا هُوَ الظَنُّ وَالفِرَاسَةُ ، وَيستَغَلُ ذَلِكَ بَعْضُ الدَّجَّالِينِ ، فَيُلْقُونَ فِي نُفُوسِ مُرِيدِيهِم أَنَّهم يَطَّلِعُونَ عَلَى الضَّمَائِرِ ، وَأَنَّهُم يَعلَمُونَ الغَيبَ ؛ فَيَتَقَبَّلُونَ ذَلِكَ مِنهُم بِبَسَاطَةٍ اهـ([125] وَقَالَ الْعَلَمُ ربيعُ بن هَادِي الْمَدْخَلِيُّ :"أَنَا أَرَى أَنَّ هَؤُلاَءِ الْحَــدَّادِيَّةَ سَيَلْحَقُونَ القُطبِيَّةَ فِي الْجَمعِ بَيْنَ الْخُروجِ والإرْجَاءِ "اهـ([126]).

    قُلتُ : إنَّ تِلْكَ الفَائِدَةَ الْمُستَنبطَةَ مِن حَدِيثِ فَاطِمَةَ - رَضِيَ الله عَنهَا -، قَدْ سَاقَها دَجَّالُ "عَيْنِ الدَّفْلَى "أبَو حُذَيفةَ حَفْنَاوِي - زَعَمًا - من بَابِ نَوَاقِضِ ( الوَقْتُ جُزْءٌ مِنَ العِلَاجِ) ، لَكِنَّهَا أَدَانتَهُ كَـمَا مَرَّ سَابِقًا ، وَلعَلَّهُ لَمْ يُدرِكْ بَعْدُ وَجْهَ ذلكَ ، فَلِهَذَا نَسْألُ السٌّـؤَال التَّالِي : مَاذَا لَو أَنَا فَاطِمَةَ - رَضِيَ الله عَنهَا - تَزَوَّجَتْ مُعَاوِيَّةَ ؟! قَالَ ابن عُثَيْمِيْنَ(ت:1421هـ):"وَمِنْ هُنَا نَعْرِفُ جَـوَابًا لِسُؤَالٍ يَقَعُ كَثِيرا : يخطُبُ الرُّجُلُ امرَأَةً مُلْتَزِمَةً ، وَهُوَ غَيْرُ مُلْتَزِمٌ ، وَتُحِبُّ أَن تَتَزَوَّجَ بِهِ ، وتقُـول: لَعَلَّ اللهَ أَن يَهْدِيَهُ عَلَى يَدِي ، وَهَذَا عَمَلٌ بِمنْتَظَرٌ مَا نَدْرِي، الْمَنظُورُ الَّذِي أَمَامَنَا أَنَّهُ غَيْرُ مُلَتَزِمٌ .. وَكَونُكِ تَضِلِّينَ عَلَى يَدَيْهِ أَقْرَبُ مِنْ كَونِهِ يَهْدِي عَلَى يَدْيْكِ ؛ لأَنَّ الْمَعرُوفَ أَنَّ سُلْطَةَ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرأةِ أَقْوَى مِنْ سُلْطَتِهَا عَلَيْهِ ، وَكَـم مِنْ إنسَانٍ يُضَايِقُ الزَّوجَةَ لِمَا يُريدُ؛ حَتَّى يَضْطَرُّهَا إِلَى أَن تَقَعَ فِيـمَا يُرِيدُ دُونَ مَا تُرِيدُ ، وَهَذَا شَيْء مُشَاهَدٌ مُجَرَّبٌ "اهـ([127]).
    قُلْتُ : تَأَمَّلْ - يَا دَجَّالُ - قَوْلَهُ - رحِمَهُ الله - :(وَهَذَا شَيْءٌ مُشَاهَدٌ مُجَـرَّبٌ)، فَهَلْ هُنَاكَ مُجَرَّبٌ بِدُونَ زَمَانِهِ ؟! وَهَلْ شَاهَدتَ شَيئًا قَبْلَ آوَانِهِ؟! قَالَ العَلَّامَةُ رَبِيعٌ :"نَحْنُ جَرَّبنَا كَثِيرًا ، جَرَّبْنَا الكَثِيرَ ؛ أكثرَ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً([128]جَرَّبْنَا كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عِنْدَهُم مُرَاوَغَاتٌ ؛ يَرُوغُ كَـمَا يَرُوغُ الثَّعْلَبُ وَيُنَاوِرُ ؛ وَيَقُولُ: أَنَا تُبتُ ، وَرَجَعتُ ؛ ثُمَّ لَا تَشْعُرُ إِلَّا وَهُوَ يَهْجِسُ هُنَا وَهُنَاكَ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ البَاطِلِ الَّذِي يَدَّعِي أَنَّهُ تَرَاجَعَ عَنْه؛ فَهَؤُلَاءِ يَنبَغِي أَنْ نَدرُسَهُم، وَنَتَأَمَّلَ فِي حَقِّهِم ؛ حَتَّى يَظْهَرَ لَنَا صِدقُ تَوْبَتِهِم ؛ وَبَعْدَ ذَلِكَ هُو أَخُونَا "اهـ([129]).
    وَلِهَذَا قَالَ ابن عُثَيْمِيْنَ بعدَهَا:"
    وَمِنْ فَوَائِدِ الْحَدِيثِ :خِبْرَةِ النَّبِيّ - صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّم - بِأَصْحَابِهِ ... وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الفَائِدَةِ : أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلإنسَانِ أَنْ يَكُونَ خَبِيرًا بِأَهْلِ زَمَانِهِ ؛ لأَنَّهُ قَدْ يحتَاجُ إِلَى هَذِهِ الْخِبرَةِ، وَإذَا احتَاجَ إِلَيهَا ، ثُمَّ سُئِل عَنْهَا ، فَرُبَّمَا لَا يَنْصَحُ لَهُ بِإعطَاءِ الْحَقيقَةِ ، وَكَـم مِنْ إنسَانٍ سَأَلَ عَنْ شَـخْصٍ فَجَعَلُوهُ فَوقَ الثَّرَيَّا ، وَهُوَ تَحتَ الثَّرَى ، لَاسِيَّمَا فِي عَصْرِنَا الْحَاضِرِ ... يَنبَغِي وَلَاسِيَّمَا الَّذِي يَتَوَلَّى أُمُورَ النَّاسِ أَن يَكُونَ عَالِمًا بِأَحْوَالِهِم "اهـ([130]).
    قُلْتُ : وَمِنْ فَوَائِدِ الْحَدِيثِ عَنْ غَبَاءِ الدَّجَّالِ حَفنَاوِي وَأَضرابِهِ أربِعَةُ خِصَالٍ حَدَّادِيَّةِ فَالِحيَّةِ :

    (أَوّلاً) : مَثلُ هَؤُلَاءِ الْأَقْزَامِ الفَالِحيَّةِ " كَالْمُسْتَغِيثِ مِنَ الرَّمْضَاءِ بِالنَّار([131])، حَيْثُ أَنْكَـرُوا قَاعِدَةَ (الوَقتُ جُزْء مِنَ العِلَاجِ ) ، وَاسْتَغَاثُوا بِكَلَامٍ يَتَجَـاوَزُ إِلى عِلمِ الغَيْبِ ، أَوِ الفِرَاسِةِ ، وَلَكِنّ مَنْ شَابَهَ مُحِبَّهُ فَمَا ظَلَم ؛ حَيْثُ ردَّ العَلَّامَـةُ رَبيعٌ عَلَى فَالِح قَائِلًا:" وَاللهِ مَا تَنَازَلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَّم - عَنْ لَفْــظَةِ ( رَسُولِ اللهِ) ، وَإنَّمَا تَسَامَحَ بِعَدَم كِتَابَتِهِ ( مُحمَّد رسُولِ الله) مَعَ تَمَسُّكِهِ بِالصِّفَةِ لَفظًا وَمَعْنًى ... فَأَنْتَ ( كَالْمُسْتَجِيرِ مِنْ الرُّمَضَاءِ )- وَلَا رُمَضَاءَ - بالنَّار ، تُبالغ في الإِرْجَافِ عَلَى رَبِيع؛ لأَنَّهُ قَالَ : تَسَامَحَ فِي عَدَمِ الكِتَابِةِ ، وَتَقْذِفُهُ ظُلمًا بِأنَّهُ قَدْ قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللهِ تَنَازَلَ عَنْ رِسَالَتِهِ ، وَأَنْتَ تُكَرِّرُ وَتُؤَكِّدُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّم - تَنَازَل عَنْ وَصْفِهِ بِالرِّسَالَةِ ، وتَنَازَلَ عَن لَفْظِ الصِّفَةِ ، فَأيُّهُمَا الأَشَدُّ؟ القَولُ بِالتَّسَامُحِ بِعَدَمِ الكِتَابَةِ ، أَوِ القَوْلِ بِأَنَّ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَد تَنَازَل عَنْ وَصْفِ نَفْسِهِ بِالرِّسَالَةِ ؟"اهـ([132]).
    (ثَانِيًّا) :غَباءُ الصّعْفُوقِ ؛ حيثُ يَسْتَدَلُّ بِمَا يُدينُهُ ، قَالَ العَلَّامَةُ رَبِيعٌ :"مِنْ غَبَاءِ فَالِحٍ : أَنَّهُ يَنقُلُ مِنْ كَلَامِ "اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ" مَا يُدينُهُ "اهـ([133]). (ثَالِثًا) : بَترُ النُّصُوصِ ، قَالَ العَلَّامَةُ رَبِيعٌ :"مَاذَا صَنَعَ فَالِحٌ بِهَذِهِ النُّصُوصِ هُنَا؟، لَقَد أَوسَعَهَا بَتْرًا وَتَقْطِيعًا لأَوْصَالِهَا ، عَلَى طَرِيقَةِ مَنْ يَقْرَأ قَولَهُ تَعَالَى : {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ} ، وَيَسْكُتُ عَمَّا يُبَيِّنُ هَذَا الوَعِيدُ مِمَّا بَعْدَهُ مِن كلَامِ اللهِ الْمُحكَمِ الوَاضِـحِ الْجَلِيِّ ؛ لِيُفهِمَ النَّاسَ أَنَّ اللهَ يَتَوَعَّدُ عَلَى الصَّلَاةِ الَّتِي شَرعَهَا "اهـ([134])، وَلقَدَ بَترَ هذا الدَّجالُ حفناوي نصَّ ابن عثيْمين ، فَلم يذكُـرْ ما بعدَهُ ؛ ليبطل قاعدة ( الوقت جزء من العلاج ) .
    (رَابِعًا) : تَنزيلُ النُّصُوصِ في غَيْر مَوَاضِعِها ، قاَلَ العَلاَّمَةُ رَبيع :" وَمِنْ أُصُـولِ الْحَدَّادِيَّةِ الْجَدِيدَةِ الَّتي زَادُوهَا عَلَى الْحَـدَّادِيَّةِ القَدِيـمةِ : ... 10- الكَـذبُ ، وَالْخِيَانَاتِ ، وَتَـحْرِيفُ النُّصُـــوصِ عَن مَوَاضِعِهَا ، وَتَنْزِيلُــهَا فِي غَيْرِ مَنَازِلِهَا "اهـ([135]) .
    فَصَدَقَ شَيْخُنَا فَركُوسٌ في قَولِهِ :"
    غَابَتِ الأَمَانةُ فِي النَّقْلِ ، وَ تَحَرِّي الدِّقَّةِ ، وَطَلَبِ الْحَقِّ ، وَحَلَّ مَحَلَّهَا الكَذبُ وَالْخِيَانَةُ([136]فَالبَيَانُ الِذي رَسَـمَهُ رِجَــالُ مَجَلَّةِ الاِصْلاَحِ ... أَجْوَفُ عَقِيـمٌ ، لاَ جَدِيدَ فِيه يُذكَـرُ ، فَهُوَ ـ كَسَائِرِ البَيَانَاتِ الأُخْرَى ـ لَيسَ فِيهَا إلاَّ إيرَادُ الآيَاتِ فِي غَيْرِ مَحَلِّها "اهـ([137]).

    فَالْحَاصِلُ وَالْمَقْصُودُ :أَنَّ الوَقْتَ جُزْءٌ مِنَ العَلَاجٍ([138])، وَتَنْصِيصَ([139])البَيَّنَاتِ وَالشَّوَاهِدِ جُزْءٌ مِنَ العِلاَجِ، وَتَشْخِيصَ الْمَرضِ جُزْءٌ مِنَ العِلاَج ، وَتَلْخِيصَ الأَسْـبَابِ جُزْءٌ مِنَ العِلاَجِ ، فقَدْ قِيلَ فِي الْمَثَلِ- وَهُوَ قَولٌ مُسْتَفِيضٌ فِي النَّاسِ -:"إذَا عُرَفَ السَّبَبُ بَطَلَ العَجَبُ "([140])، ومِنْ أَحْلَى كلَامِ العَربِ([141]): قَولُ الْقَائِل : قَالَ الْجِدَارُ لِلْوَتَدِ لِمَ تَشُقُّنِي ، قَالَ: سَلْ مَنْ يَدُقُّنِي ، فَإِنَّ الَّذِي وَرَائِي مَا خَلَّانِي وَرَأْيِي"([142])، فَتَمَحضَّ هَذَا ( الشَّاهُدُ الثَّانِي عَشَرَ ) في :
    ( أُصُولِ الأَسْبَابِ ، فِي جِنَايَةِ "الصَّعْفُوقِ" عَلَى العُلَمَاءِ وَأُولِي الأَلْبَابِ )
    ومِنْ أَرْشيفِ « الزَّمَانِ» نَسْتَلُّ شَاهِدًا وَقَّعَهُ شُيُوخُ "مَجَلَةِ الاِصْلاحِ"- أَصْلَحَنَا الله وَإيَّاهم - ... ( يُتبَعُ ) إِن شَاءَ اللهُ تَعالَى .....
    ([1])عطف العلم فركوس على الأعلام من باب ( عطف العام على الْخاص) ، وَأُفْرِدَ الْأَوَّلُ بِالذِّكْرِ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهِ ، ومن أمثلته: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} والنسك العبادة فهو أعم (الإتقان 3/241 ) السيوطي(911هـ)
    ([2])الْمُجَاهِرَةُ : أي الإعلان ، وَفِي الْحديث :«كلُّ أمَّتي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِين» هُم الَّذِينَ جَاهَرُوا بِمَعَاصِيهم ، وأظْهَرُوها، وكَشَفُوا مَا سَتَر اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْها ، فَيَتَحدَّثون بِهِ ، والْمراد هنا : الْمعلنون لعداوتهم للعلمَاء ، وقد كانوا من قبل يطعنون سرا .
    ([3])(شرح فتح المجيد ج 3 /299 ـ 300)
    ([4])(الأخلاق والسير ص: 90 ) ابن حزمٍ(ت:456هـ)
    ([5])(مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة 1/68) ابن قَيَّم الْجَـوْزِيَّةِ (ت:751هـ)
    ([6])(خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر 4/134 )
    ([7]) تويتر تحت معرف "محب الربيع محمد" في 29/11/2019 ، الصحيح : ولا يعدون ، فأثبتوا .
    ([8])مقطع صوتي نشره ( عبد الله محمد ) في حسابه التويتر في 07 يوليو 2019
    ([9])مقطع صوتي نشره ( عبد الله محمد ) في حسابه التويتر في 03 يوليو 2019 .
    ([10])(الأخلاق والسير ص: 64 ) ابن حزمٍ(ت:456هـ)
    ([11])( صفات عباد الرحمن ص 34 ) العلامة د/ربيع بن هادي
    ([12])(تفسير الفاتحة والبقرة 2/23 ) محمد بن صالح العثيْمين (المتوفى: 1421هـ)
    ([13])( ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب ص14 ... ) عبد الرحمن بن خلدون (ت: 808هـ)
    ([14])( شرح ثلاثة الأصول ص25 ) ابن عثيـمين (ت: 1421هـ)
    ([15]) (غرائب القرآن ورغائب الفرقان 6/558) نِظَامُ الدِّينِ النَّيسَابُورِيّ (ت:850هـ)
    ([16]) تَتِمَّة ( أضواء البيان 9/87 ) عطية بن محمد سالم (ت : 1420هـ)
    ([17]) تَتِمَّة ( أضواء البيان 9/87 ) عطية بن محمد سالم (ت : 1420هـ)
    ([18]) (القواعد المثلى ص 10 ) ابن عثيـمين (ت: 1421هـ)
    ([19])(تفسير القرآن العظيم 8/480 ) ابن كثير (ت: 774هـ)
    ([20])( الأمثال والحكم 249 ) الماوردي (ت : 450 هـ)
    ([21])(سراج الملوك ص72 ) أبو بكر الطرطوشي (ت: 520هـ)
    ([22]) ( موارد الظمآن لدروس الزمان 4/206 ) عبد العزيز السلمان (ت: 1422هـ) .
    ([23]) ( القرط على الكامل 1/30 ) أبو الْحسنِ الأنصاري (ت: 571 هـ ) ، أصـِخ : أي :استمع (كتاب العين 4/286)
    ([24])( مفاتيح الغيب 9/372 ) فخر الدين الرازي (ت: 606هـ ) تنبيه : تفسير الرازي أغلبه مبني على علم الكلام والمنطق والجدل فيه أشياء كثيرة منتقدة عليه ، ولكن لا يمنع أين يكون مع هذا فيه بعض الفوائد، فطالب العلم المتمكن يقرأ فيه ، ليستفيد مما فيه من الفوائد ، ويتجنب ما فيه من الأخطاء - مقطع يوتيوب -بعنوان يسأل عن تفسير الرازي الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله
    ([25]) (الرسالة المغنية في السكوت ولزوم البيوت ص41 ) الحسن البغدادي الحنبلي (ت: 471هـ)
    ([26]) (شرح صحيح مسلم 15 /3 ) النووي (ت: 676هـ)
    ([27])(البحر المحيط في التفسير 6/410 ) أبو حيان الأندلسي (ت: 745هـ)
    ([28]) (زاد المسير 1/36 ) أبو الفرج بن الجوزي (ت: 597هـ)
    ([29]) (شرح صحيح مسلم 15 /3 ) النووي (ت: 676هـ)
    ([30]) (الجامع لأحكام القرآن 20/42 ) أبو عبد الله القرطبي (ت: 671هـ)
    ([31])(البحر المحيط في التفسير 6/410 ) أبو حيان الأندلسي (ت: 745هـ)
    ([32]) (تفسير القرآن 4/335 ) السمعاني (ت:489هـ)، (فتاوى ورسائل 1/172) محمد بن إبراهيم آل الشيخ(ت:1389هـ)
    ([33]) فَأَمّا إِذَا أُضِيفَ إِلىَ مَا يَصلُحُ أَن يُوصَفَ بِهِ ، وَأُرِيدَ بِهِ مَا سِوَاهُ ، لَم يَجُزْ ، مِثْلُ أَنْ يَقُولُ : رَبِحَ عَبْدُكَ ، وَتُرِيدُ : رَبِحتُ فِي عَبْدكَ ، وإلى هَذَا الْمَعنَى ذَهَبَ الفَرَّاءُ وابنُ قُتَيبَةَ وَالزَّجَاجُ (زاد المسير 1/36 ) أبو الفرج بن الجوزي (ت: 597هـ)
    ([34]) من محاضرة (لْتَّعْلِيقُ عَلَى أَثَرِ الإِمَامِ مُفضَّلِ بنِ مُهَلْهَلٍ فِي الْتَّحْذِيرِ مِنْ طُرُقِ أَهْلِ الْبِدَعِ.)
    ([35]) (‏ و تتوالى البشائر و لله الحمد ، تزكيات لمشايخنا أسود السنة في الجزائر) منتديات الإبانة السلفية
    ([36])يوتيوب (جديد مكالمة مع الشيخ علي بن عبد الله محمد العكور في الدفاع عن الشيخ محمد علي فركوس حفظهما الله )
    ([37])(في حُكم طلاقِ امرأةٍ بسبب عيوبٍ قـابلةٍ للعلاج) الفتوى رقم: 668
    ([38])( بدائع الفوائد 4/1344) ابن القيم (ت:751هـ)
    ([39])( الضغوط النفسية القاتل الخفي ص 124 )، ( مجلة قلب الأردن )
    ([40])موقع ( الوطن ) في 04/12/2019 .
    ([41])قاله استشاري الأمراض الباطنية والغدد الصماء الدكتور محمد قرطم ( موقع القبس يوم 28/04/2020 )
    ([42])"المعاملة الجيدة نصف العلاج , كيف أكون جزءا من محيط فعال للمصابين بسرطان الثدي؟: جلسة مع مُختصة في علم النفس .
    ([43])وكالة وطن للأطباء - 19.11.2019 -
    ([44])( جريدة الرياض )في 28 ربيع الأول 1442هـ - 14 نوفمبر 2020م
    ([45])قَالَ حسن المزين - خبير في مجال التفكير الإبداعي -: نحن أمام شعور بعدم اليقين، لذا يحتاج الإنسان لطمئنة النفس ،وبالتالي يرجع إلى أي معلومة . ( سكاي نيوز عربية )
    ([46])( صحيفة الرأي )في 24/11/2020 .
    ([47])(القول المفيد 1/213) محمد بن صالح العثيمين (ت: 1421هـ)
    ([48])( الرد العلمي على منكري التصنيف ص 23 ) عبد السلام البرجس (ت: 1425 ه )
    ([49]) (تفسير القرآن العظيم 7/321) ابن كثير (ت: 774هـ)
    ([50])(النبوات 1/557 ) ابن تيمية (ت: 728هـ )
    ([51])( شرح الطحاوية ص154 ) ابن أبي العز الحنفي(ت:792هـ)
    ([52]) ( شرح رياض الصالحين 6/355 ) ابن عثيـمين (ت: 1421هـ)
    ([53]) ( علم الأخلاق الإسلامية ص 9 ) مقداد يالْجن
    ([54]) ( شرح رياض الصالحين 6/355 ) ابن عثيـمين (ت: 1421هـ)
    ([55]) (سلسلة الأحاديث الصحيحة 6/917 ) الألباني (ت: 1420هـ)
    ([56])( تفسير المنار 11/28 ) محمد رشيد رضا (ت: 1354هـ )
    ([57])( مجمل اللغة ص 133 ) ابن فارس (ت: 395هـ )
    ([58]) ( ركوب المغمّضة والمعمّة ) الشيخ الدكتور صالح الكشبور ( منتديات الإبانة السلفية ).
    ([59]) ( الدار المحيلة: التي تغيرت وأتى عليها أحوال ، وهي السنون ) من حاشية المحقق على ( المجموع اللفيف) للأفطسي
    ([60]) (المنازل والديار ) أبو المظفر بن منقذ ( ت: 584هـ ) .
    ([61]) موقع ( الرد على الفراكسة ) ، وسيأتي - إن شاء الله - الحديث عنه .
    ([62])(كشف موقف الغزالي من السنة وأهلها ص 15 ) تأليف العلامة د/ ربيع بن هادي
    ([63])( التحفة السنية شرح منظومة ابن أبي داود الحائية ص 113 ) العلامة د/ عبد الرزاق البدر
    ([64])( نصيحة أخوية إلى الأخ الشيخ فالح الحربي ص39 )
    ([65])( ديوان حافظ إبراهيم ص113 - قصيدة الشَعبُ يَدعو اللَهَ يا زَغلولُ .. - )
    ([66]) (التبصرة لابن الجوزي 2/9 ) ابن الجوزي (ت: 597 هـ )
    ([67]) (سلسلة الأحاديث الصحيحة 6/917 ) الألباني (ت: 1420هـ)
    ([68]) (بدائع الفوائد 3/231 ) ابن قيم الجوزية (ت: 751هـ )
    ([69]) (مفتاح دار السعادة 2/185) ابن قيم الجوزية (ت: 751هـ)
    ([70])[التعليق على أثر الإمام مفضَّل بن مهلهل] الدقيقة: 40 و5 ثواني
    ([71]) (مجلة الإصلاح «العدد 58»)
    ([72]) كـمَا سيأتي إن شاء الله .
    ([73]) تَتِمَّة ( أضواء البيان 9/87 ) عطية بن محمد سالم (ت : 1420هـ)
    ([74]) (الرسالة المغنية في السكوت ولزوم البيوت ص41 ) الحسن البغدادي الحنبلي (ت: 471هـ)
    ([75])مقطع يوتيوب(عبد الغني عوسات يُنطقه حسده "الوقت جزء من العلاج" كلمة كانت قبل أن يولد الشيخ فركوس )
    ([76]) ( سلسلة كشف الشبهات 82 ).
    ([77]) ( نصيحَة مشفق ) منتديات التصفية والتربية .
    ([78]) (براءة الأمناء ص20 ) العلامة د/ ربيع بن هادي
    ([79]) (السراج في صحَّةِ مقولةِ: «الوقتُ جزءٌ مِنَ العلاج» والردِّ على عمر الْحاج ) عبد المؤمن عمار منتديات الإبانة .
    ([80])(التقريب لحد المنطق ص 194 ) ابن حزمٍ(ت:456هـ)
    ([81])( الضوابط الشرعية في الفتن ص 41 ) العلامة صالِح آ ل الشيخ .
    ([82])(تلقين الأدب لمن جـحد الرّبيع وأصابه الكلب -) محمد مرابط (منتديات التصفية والتربية في 2012 م)
    ([83])( غارة الأشرطة 11/2 )
    ([84])(إزهاق أباطيل عبد اللطيف باشـميل ص32 ) العلامة د/ ربيع بن هادي .
    ([85])(شرح كشف الشبهات صالح آل الشيخ ص 21 مفرغ ) المكتبة الشاملة
    ([86])(سير أعلام النبلاء 7/261) الذهبي(ت:748هـ)
    ([87])بيان مراحل فتنة أبي الحسن المأربي" ص6 استفدته مقال أخينا ( فضح المولى )
    ([88])تغريدة في 05 ديسمبر 2018
    ([89])تغريدة في 08 جانفي 2019 .
    ([90])تغريدة في 15أوت 2020
    ([91])تغريدة في : 05 افريل 2020
    ([92])تغريدة في 26 سبتَمبر 2019 .
    ([93])في :22 أفريل 2019 م . (الماهر في كشف حقيقة فتنة الجزائر )
    ([94])( وجاءتكم الواضـحة د5/30ثانية ) محمد مرابط
    ([95])(النهج الثابت الرشيد في إبطال دَعَاوَى فالح ....ص5 ) العلامة د/ ربيع بن هادي
    ([96]) هذا ما غرد به محمد مرابط (في 08 /09/2020)
    ([97])أي : ازهرار أيامه وانتصاره
    ([98])تغريدة في : 30/10/2020 .
    ([99])تغريدة في : 21 نوفمبر 2019
    ([100])في 16 أوت 2019 م . قناة (الماهر في كشف حقيقة فتنة الجزائر )
    ([101])تغريدة في : 27/05/2019 .
    ([102])تغريدة في 17/ يوليو 2019 .
    ([103])تعليق الصعفوق أحمد الصغير على نشرة صاحبه الكذاب حفناوي ( الزاهية وفي رواية الزاهرة ) في 14/12/2020 .
    ([104])(فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام 4/518 ـ 519 ) محمد بن صالح العثيمين(ت: 1421هـ)
    ([105])( شرح كشف الشبهات ص353 ) المكتبة الشاملة عند قول الماتن (ولنختم الكلام إن شاء الله تعالى بمسألة عظيمة مهمة جدًا)
    ([106])( مجموع الفتاوى 5/82 ) .
    ([107])(البداية والنهاية 18/23 ) ابن كثير (المتوفى: 774هـ)
    ([108])لَم أجد مصدره مكتوبا أو مسموع ، وإنَّمَا روايات .
    ([109])(تفسير القرآن العظيم 2/127 ) أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (ت: 774هـ)
    ([110])( الأمثال ص334 )أبو عُبيد القاسم بن سلاّم (المتوفى: 224هـ)
    ([111])(التَّفْسِيرُ البَسِيْط 12/405 ) أبو الحسن الواحدي الشافعي (المتوفى: 468هـ)
    ([112])قَال عز الدين الرمضـاني : "... كيـمَا لزهر وجمعة ما عندي ما ندير بهم هاذو بالنسبة إلي مع الهالكين ، قضوا على أنفسهم باش نقولوش قضوا عليهم ، بقي الشيخ فركوس، أنا مستعد في أي وقت ... كـيـمَا يحِبّْ أي شرط أنا نجي ليه ..." ( الاِحتوائيون على خطى الحدّادية 7 ) يوتيوب
    ([113]) ( مجموعة القصائد الزهديات 2/301) عبد العزيز السلمان (المتوفى: 1422هـ)
    ([114])تغريدة في 03 جانفي 2019
    ([115])تغريدة في : 03 افريل 2019 .
    ([116]) (وقفة اعتبار ) منتديات التصفية والتربية في ماي 2019 .
    ([117])في : 21/02/2019 من حساب التويتر ( أبو حذيفة حفناوي )
    ([118])في : 14/12/2020 من حساب الفايس بوك ( أبو حذيفة حفناوي )
    ([119])قال شيخنا فركوس : " ركبوا منهجَ التمييع .... وأرادوا فَرْضَه ـ تدريجيًّا ـ على غيرهم مِنَ الدُّعَاة " (نصيحة وتوجيه إلى منتدى التصفية والتربية)
    ([120])( ديوان ابن الرّومي 2/411 )
    ([121])(جامع بيان العلم وفضله 1/ 576 و577) بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (ت: 463هـ)
    ([122])( صحيح مسلم رقم (2398)) تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي
    ([123])(التعليق على التنكيل" (2/ 238 - 239)( موسوعة الألباني في العقيدة المكتبة الشاملة 3/886)
    ([124])(مجموع الفتاوى 4/9) ابن تيْمية(ت:728هـ)
    ([125])(التعليق على التنكيل" (2/ 238 - 239)( موسوعة الألباني في العقيدة المكتبة الشاملة 3/884)
    ([126])(كلمة في التوحيد ، .. وَتَعلِيق على بعض أعْمَال الْحدادية الْجديدة ص 18) .
    ([127])(فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام 4/518 ـ 519 ) محمد بن صالح العثيمين(ت: 1421هـ)
    ([128])(فتاوى في العقيدة والمنهج (الحلقة الثانية) ص31) العلامة د/ ربيع بن هادي .
    ([129])(دفاع العلاَّمة ربيع الهمام عن المحدِّث الألباني الإمام - مفرغ - ) منتديات الآجري السلفية .
    ([130])(فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام 4/518 ـ 519 ) محمد بن صالح العثيمين(ت: 1421هـ)
    ([131])يضرب لمن هرب من خلة مكروهة فوقع في أِشد منها ( مجمع الأمثال 2/149 )أبو الفضل الميداني(ت: 518هـ)
    ([132])(رد الصارم المصقول ... (نقد لفالح الحربي) - الحلقة الثانية ص13 ) العلامة د/ ربيع بن هادي .
    ([133])( النهج الثابت الرشيد ص 42 ) العلامة د/ ربيع بن هادي.
    ([134])( النهج الثابت الرشيد ص 16 ) العلامة د/ ربيع بن هادي.
    ([135])(كشف أكاذيب وتحريفات وخيانات فوزي البحريني ص3 ) للعلامة د. / ربيع بن هادي
    ([136]) ( نصيحو وتوجيه إلى منتديات التصفية والتربية ) العلامة د/ محمد فركوس .
    ([137])( المآخذ على البيان الأخير لرجال مجلة الإصلاح ـ أصلحهم الله - ) منتدى الإبانة السلفية ( أرشيف )
    ([138])قد كتب في الباب :(السراج في صحَّةِ مقولةِ: «الوقتُ جزءٌ مِنَ العلاج» والردِّ على عمر الحاج)، (فضح المولى لأصحاب المجلة ) منتديات الإبانة السلفية ( أرشيف ).
    ([139])أي حصر الأدلة بذكـرها وإبرازها ، كما تستخدم علامات التنصيص [ ] " " « » (( )) لِحصر نص معين تَمييزا له .
    ([140])(المرتجل في شرح الجمل ص145 ) أبو محمد ابن الخشاب (567 هـ). وضبط بعض المعاصرين ( بَطَلَ)- بفتح الطاء ، وليس بضمها ، أما بطُل فتعني شجُع واستبسل ( ذكرها بعض المعاصرين).
    ([141])(الجامع لأحكام القرآن 9/173 ) : أبو عبد الله القرطبي (ت:671هـ)
    ([142])(قواعد العقائد ص131 )الغزالي (ت: 505هـ) ، (الجامع لأحكام القرآن 9/173 ) القرطبي (ت:671هـ) ، (مفاتيح الغيب 1/34 ) الفخر الرازي الري (ت: 606هـ)
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو خليل عبد الرحمان; الساعة 2021-03-28, 07:40 PM.

  • #2
    بارك الله لك وبارك فيك على هذه السلسلة الدامغة أخي أبا خليل، وجدير بالذكر أنّ (العابط) ذكر مقولة «الوقت جزء من العلاج» غير مرّةٍ، بل لقد جعل الوقت نصف العلاج!!، وليس الجزءُ كالنّصف!

    فقال على حسابه في التلغرام (بتاريخ 19يوليو2017 )
    «..فالزمن نصف العلاج».

    وقال أيضا (بتاريخ 13/09/2016) جاعلا ذلك عنوانا لإحدى تسويداته:

    «صدق من قال: الزمن نصف العلاج».

    فيا ليتهم أخبرونا أيّ العبارتين أشدّ؟ آلجُزْءُ أمِ النِّصْفُ؟

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا أخي الحبيب الفاضل أبا عائشة ، وبخصوص ما ذكرته هو عند ، لكنه غير مؤرخ ، وقد حاولت أن أختصر وأنتقي الأدلَّة الظاهرة ، وأتجنب ما يحتمل أن يجد الصعفوق له تأويلا قربيا ، أما التأويل البعيد فتلك سنة القوم ، وما جمعته له كان الشرح والبيان لمعنى القاعدة ، أي أنه كفاني مؤنة الشرح ، أي قصدت عصفوين بحجر واحد ، بورك في إخواننا مشرفي منتديات الإبانة السفلية على إذنهم ، وشكرا على المرور أخي عواد ، ولقد استفدت كثيرا من حربك الطاحنة ضد هؤلاء الأقزام ، الله أسأل أن يرزقنا جميعا الاخلاص آمين .
      التعديل الأخير تم بواسطة أبو خليل عبد الرحمان; الساعة 2021-02-06, 12:32 PM.

      تعليق


      • #4
        وَمِنْ تَطبيقَاتِ ( الوَقْتِ جُزْءٌ مِنَ العِلاَجِ ) عِنْدَ العَابِطِ قَوْلُهُ :" سَيُقَالُ : مَتَى جَالَسَ -الشَّيخُ جُمُعَةُ - مُخَالفًا ؟ ، وَجَوَابُهُ : انتَظِرْ ؛ حَتَّى يَذْهَبَ غُبَارُ هَذِهِ الْمَعَارِكِ ، وَبَعْدَهَا سَتَتَأكَّدُ بِنفْسِكَ ، فَشَيْخُكُ يحتَاطُ الآنَ ، وَسَيَرْجِعُ إِلَى عَوَائِدِهِ بَعْدَ انتِهَاءِ هَذِهِ الفِتنَةِ ... " انظر مَنشُورَتَه ( السّيوف الْمَاحقة ، لبدع المفرقة 1 )

        تعليق


        • #5
          ردًّا على صوتية مرابط الأخيرة (ما أجرأَك على الله يا باهي!)

          تعليق


          • #6
            جزاك الله خيرا أخي الفاضل أبو خليل

            تعليق

            الاعضاء يشاهدون الموضوع حاليا: (0 اعضاء و 0 زوار)
            يعمل...
            X