وأمثال هؤلاء العلماء الرّاسخون في العلم لا شكّ ولا ريب أن الله جلّ وعلا قد وهبهم من الخير العظيم وأكرمهم وأنعم عليهم بفهم كتاب الله تبارك وتعالى بحسن تدبّره وتدبّر هذا الكتاب منوطٌ بحسن فهمه.
ولهذا نحن دائمًا وأبدًا ننبّه إخواننا وأبناءنا في هذا الباب أّلا يجعلوا همّهم في كتاب الله جلّ وعلا مجرد حفظ ألفاظه بل لا بد أن يجتهدوا فيه على الوجه المطلوبِ، والله تبارك وتعالى قال ﴿ليدّبَرُوا آيَاتِه﴾ [ص 29]، أنزل علينا هذا الكتاب لنتدبّر هذه الآيات، لأنّ من خلال تدبّر الآيات يزيد إيماننا بربّنا تبارك وتعالى لقوله جلّ وعلا ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [الأنفال 2] ويزيد قربنا من الله عزّ وجل، لأنّ القرب من الله وتعالى منوطٌ بالأمرين؛ منوطٌ بالعلم النّافع وبالعمل الصّالح، والعلم النّافع والعمل الصّالح بهما بُعث نبيّنا عليه الصّلاة والسّلام، مصداقا لقول ربنا تبارك وتعالى﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [التّوبة 33]، قال أهل التّفسير: (الهدى) هو العلم النّافع، و(دين الحق) هو العمل الصّالح.