احكام

احكام

السِّقط.. مسائل.. وأحكام / إبراهيم بويران لـ: إبراهيم بويران

اقتضت حكمة الله تعالى أن يمرَّ خلقُ الإنسان بعدد من الأطوار والمراحل قبل خروجه من بطن أمه إلى هذه الحياة، وقد جاءت الإشارة إلى هذه الأطوار في نصوص كثيرة من الكتاب والسنة، من ذلك قوله تعالى في سورة الحج:﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا﴾.


ففي هذه الآية بيان للمراحل الثلاث التي يمر بها الجنين، وهي طور النطفة، ثم العلقة، ثم المضغة، وقد وصف الله تعالى المضغة بأنها مخلقة وغير مخلقة، والمراد بغير المخلقة عند جماعة من أهل العلم: السِّقط.


قال الإمام ابن جرير (رحمه الله) في تفسير هذه الآية: «اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ﴿مخلَّقة وغير مخلَّقة﴾، فقال بعضهم: هي من صفة النطفة، قال: ومعنى ذلك: فإنا خلقناكم من تراب، ثم من نطفة مخلَّقة وغير مخلقة قالوا: فأما المخلقة فما كان خلقا سَوِيًّا وأما غير مخلقة، فما دفعته الأرحام، من النطف، وألقته قبل أن يكون خلقا...
وقال آخرون: معنى ذلك: تامة وغير تامة...
وقال آخرون: معنى ذلك المضغة مصوَّرة إنسانا وغير مصوَّرة، فإذا صورت فهي مخلقة وإذا لم تصوَّر فهي غير مخلقة.


وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: المخلقة المصورة خلقًا تامًا، وغير مخلقة: السِّقط قبل تمام خلقه، لأن المخلقة وغير المخلقة من نعت المضغة والنطفة بعد مصيرها مضغة، لم يبق لها حتى تصير خلقا سويا إلا التصوير، وذلك هو المراد بقوله ﴿مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ﴾ خلقا سويا، وغير مخلقة بأن تلقيه الأم مضغة ولا تصوّر ولا ينفخ فيها الروح»[ جامع البيان (18/567)].


وبوَّب البخاري في كتاب الحيض من «صحيحه» باب "مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ"
 

ثم قال: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلَكًا يَقُولُ يَا رَبِّ نُطْفَةٌ يَا رَبِّ عَلَقَةٌ يَا رَبِّ مُضْغَةٌ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ خَلْقَهُ قَالَ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى شَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ فَمَا الرِّزْقُ وَالْأَجَلُ فَيُكْتَبُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ».


قال الحافظ ابن حجر:« قوله باب «مخلقة وغير مخلقة» رويناه بالإضافة أي: باب تفسير قوله تعالى: «مخلقة وغير مخلقة...ومناسبة الحديث للترجمة من جهة أن المذكور مفسر للآية.


وأوضح منه سياقًا ما رواه الطبري من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود قال: « إذا وقعت النطفة في الرحم بعث الله ملكا فقال: يا رب مخلقة أو غير مخلقة؟ فإن قال غير مخلقة مجها الرحم دمًا، وإن قال مخلقة، قال: يا رب فما صفة هذه النطفة؟ » فذكر الحديث وإسناده صحيح وهو موقوف لفظا مرفوع حكما.


وحكى الطبري لأهل التفسير في ذلك أقوالا وقال: الصواب قول من قال: المخلقة المصورة خلقًا تامًا وغير المخلقة السقط قبل تمام خلقه، وهو قول مجاهد والشعبي و غيرهما »[فتح الباري (2/210)] .


و يترتب على السقط عدد من الأحكام التي ينبغي على المسلم معرفتها وتحصيل الفقه الصحيح فيها، لاسيما وأنها مسألة قد عمَّت بها البلوى، مع ما نراه من جهل كثير من المسلمين بأحكامها أو بعضها.


ولذا رأيت أن أجلي بعض ما خفي من هذه الأحكام في هذا المقال مقتصرًا على الأهم فالمهم من ذلك، عسى أن يجد فيه المسترشد بغيته، و المستشكل حاجته، و قد جعلته في فصلين:


الأول: أحكام تتعلق بالسِّقط نفسه
الثاني: أحكام تتعلق بأمه

الاختلاط في الكتاب والسنّة وفتاوى السّلف وعلماء هذه الأمّة (القسم الثالث) / مراد قرازة لـ: مراد قرازة

بسم الله الرحمن الرّحيم …… تابع البحث الرابع : في أسباب الاختلاط وعواقبه الوخيمة أ– من أسباب الاختلاط: أسباب هذه الجريمة عديدة ، ومنابت الإثم منها كثيرة ، لكنّنا سنختصر على ذكر أربعة منها ، وهي التي لها الدور الأكبر في تفشي هذا الدّاء العضال والمرض المزمن: 1– خروج المرأة من بيتها : لاشكّ ولا […]

الاختلاط في الكتاب والسنّة وفتاوى السّلف وعلماء هذه الأمّة (القسم الثاني) / مراد قرازة لـ: مراد قرازة

  بسم الله الرّحمن الرّحيم الاختلاط في الكتاب والسنّة وفتاوى السّلف وعلماء هذه الأمّة   ……(تابع)     المبحث الثاني : حكم الاختلاط وأدلته حكم الاختلاط :         لا شكّ أنّ حكم الاختلاط بمعناه المقرّر المنعُ وعدمُ الجواز؛ لاعتبار مآل تعلُّق كُلِّ فردٍ من الجنسين بالآخر، تعلُّقًا يفضي إلى ما تؤدِّيه الحالة […]

الاختلاط في الكتاب والسنّة وفتاوى السّلف وعلماء هذه الأمّة (القسم الأوّل) / مراد قرازة لـ: مراد قرازة

 

لا شكّ أنّ بلية الاختلاط ، من أعظم البلايا وأكبر الرّزايا ، التي ورثتها بلادنا وأغلب بلاد المسلمين ، عن دولة الاستعمار ، وحقبة الاستدمار ، وذلك لما حملته هذه البلوى من مصائب ، وفجائع ، نزلت على دين المسلمين ، كالصواعق المرسلة ، والفتن المدلهمة ، فأفسدت أديانهم وشوّهت أعراضهم ، وذهبت بالشّرف ، والمروءة ، والحياء ، والحشمة من حياتهم .
وقد كنّا إلى أمد قريب نظنّ أنّ حرمة الاختلاط من القضايا المسلمة ، والأحكام القطعية ، التي لا يتسلل إليها شك ، ولا تحوم حولها شبهة ، حتى ظهر فينا على حين غفلة ، من يطلب ضرب ديننا ، والقدح في شرعنا بوجه خفيّ ، ومكر مستتر بلباس شرعي ، وأظهر من كان ينتسب الى العلم والدين - بهتانا وزورا - من الكلام ما يندى له الجبين وتذهل له العقول ، وتحار له الأفئدة
ذلك أنه زعم أن الكلام في الاختلاط حادث مبتدع من المتعصّبين والمتزمّتين ، وألا وجود لهذا الحكم في نصوص الوحي ، ولا كلام السّلف ، وألا أثر له في كتب العلماء ودواوين الاسلام ، وألا دليل في الشرع على حرمته ، بل تمادى أكثر من ذلك ، فزعم أن تركه خلاف الأولى ، وأنّ فعله أقرب إلى روح الشريعة ، وأنسب بحال العصر ، وأحرى بتحقيق المصلحة ، وحشد في سبيل ذلك العديد من الشبه والأباطيل التي يحقّ في مثلها قول الشّعر :

 

شبه تهافت كالزّجاج تخالها **** حقّـا وكلّ كاسـر مكســور

وقد أحببت أن أجمع في هذا المقال شتات هذه المسألة ، وأضبط حدّها ، وأبيّن حكمها ، وأدلّتها ، وأقوال السلف والعلماء فيها ، وأرد الشبه عنها ومن حولها ، حتى لا يبقى بعد ذلك في قلب قارئه ما يحزّ بنفسه من كلام المبطلين ودعاوى المغرضين ، فأقول وبالله التوفيق وعليه التكلان وهو حسبي ونعم الوكيل .

قاعدة « كلٌّ يؤخذ من قوله ويردُّ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم » . روايةً ودراية / إبراهيم بويران لـ: إبراهيم بويران

إن من القواعد المقررة عند أهل السنة والجماعة، و التي تعتبر عُمدةً عندهم في باب التلقي والاستدلال قولهم:« كلٌّ يؤخذ من قوله ويردُّ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ».
ولعظم شأن هذه القاعدة عند أهل السنة أحببت أن أكتب هذا المقال الذي هو عبارة عن دراسة مختصرة لهذه القاعدة من جهة الرواية والدراية.