ما حكم شخص مات وله عامان يعاني من مرض مزمن
-عافانا الله منه-، ولم يصم في العام الأول ولا في الثاني، يعني له شهران لم
يصمهم، مع العلم أني سألت فوجدت في المسألة فيها خلاف، أريد القول الأرجح في هذه
المسألة؟
الجواب على هذا أن نقول:
أن من مات وعليه صيام فرض -أي فرض رمضان-، فحكمه أن يطعم عنه مكان كل يوم نصف صاع على كل مسكين، ولا يجوز أن يصام عليه لأن فرض الصيام يجري مجرى الصلاة، فكما لا يصلي أحد عن أحد، ولا يسلم أحد عن أحد فكذلك الصيام، ما لم يكن عليه صيام نذر.
إن كان عليه صيام نذر صام عنه وليه، وقضى عنه وليه، لحديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي ﷺ قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» [أخرجه الشيخان]، والحديث وإن كان مطلقا فهو محمول على صوم النذر، لأن النذر التزام في الذمة بمنزلة الدَّين، إذ أوجبه العبد على نفسه فصار بمنزلة الدَّين الذي استدانه فيَقبَل قضاء الولي عليه كما يقضي عنه الدين، وهذا القول هو مذهب عائشة رضي الله عنها، وابن عباس، والليث وإسحاق، ومولى عثمان، وابن جبير ومذهب الإمام أحمد، وهو القول الذي نصره شيخ الإسلام ابن القيم في كتابه «إعلام الموقعين» وفي «تهذيب السنن»، وقال إنه أعدل الأقوال وعليه يدل كلام الصحابة، ويؤيد ذلك من الأحاديث منها حديث ابن عباس رضي الله عنه أن امرأة ركبت البحر، فنذرت إن أنجاها الله سبحانه وتعالى أن تصوم شهرا، فأنجاها الله سبحانه وتعالى فلم تصم حتى ماتت، فجاءت قرابة لها في رواية ابنتها وفي رواية أختها إلى النبي ﷺ وذكرت له ذلك، وقال: «أرأيت إن كان على أمك دين كنت تقضينه»، قالت نعم، قال: «دين الله أحق بالقضاء وأحق أن يقضى» وأحق […] في رواية، قال أيضا أن سعد بن عبادة رضي الله عنه استفتى الرسول ﷺ فقال: إن أختي ماتت وعليها نذر فقال: «اقضه عنها»، فمن هذا يتبين لك أن أعدل المذاهب من قال بالتفريق بين الفرض والواجب كما قرر ذلك ابن القيم، والسر في الفرق أن النذر قيام التزام المكلف بما شغلت به ذمته، والشارع ألزمه به ابتداء، فهو أخف حكما مما جعله الشارع حقا له عليه، شاء أم أبى، والذمة تسع المقدور عليه والمعجوز عنه، بخلاف واجبات الشرع، فإنها على قدر طاقة […]، هذا الذي يمكننا الجواب عليه في هذه المسألة.