حكم من يلحن في الفاتحة

رقم المَجلِس: 1
رقم الفَتوى: 2
المُؤلف: الشيخ أزهر سنيقرة
تاريخ المَجلِس: 07 جمادى الأولى 1436 هـ
الملف الصَّوتي تحميل
تحميل

السؤال:

هل تصح الصلاة خلف من يلحن في الفاتحة كأن يقول إياك بلا شدة على الياء وجزاكم الله خيرا؟

الجواب:

هذه أولا من المسائل التي كثيرا ما تطرح ومع الأسف الشديد أن هذه الكثرة في طرح مثل هذه الأسئلة يعود إلى مستوى الأئمة الذين ابتليت بهم الأمة، من الأئمة من لا يحسن قراءة فاتحة الكتاب، التي هي أم القرآن، والتي لا تصح صلاة مسلم إلا بها، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن ).

ومسألة اللحن في القراءة في الصلاة العلماء يقسمونها إلى قسمين:اللحن في عموم القراءة واللحن في قراءة الفاتحة خاصة.

-أما اللحن في عموم القراءة فإن اتفاق العلماء على أن الصلاة مع هذا اللحن أي في القراءة دون الفاتحة تصح، مع أن صلاة الأفضل هي الأولى لقول النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الباب: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ) ويدخل في معنى الأقرأ الأحسن قراءة والأصح قراءة، كما ذكر هذا علماؤنا وأئمتنا.

ويقسمون بعد ذلك على أن اللحن في الفاتحة خاصة ينقسم إلى قسمين -وهذا كلام الشيخ ابن باز عليه رحمة الله وغيره من علمائنا-، الشيخ ابن باز عليه رحمة الله ذكرت قوله بأنه يمثل في التفريق بين اللحن الذي يغير المعنى وبين اللحن الذي لا يغير المعنى، سؤال الأخ وهذا يرجعنا إلى أصل هذه المسألة في هذه الحيثية يعني ما تعلق باللحن في سورة الفاتحة نقول فيه أنه ينقسم إلى قسمين: لحن يغير المعنى ولحن لا يغير المعنى. والمقصود باللحن هنا: عدم قراءة ألفاظ السورة على الوجه الشرعي، لأن الله تبارك وتعالى تعبّدنا بتلاوة كلامه على الوجه المشروع، والوجه المشروع أن نخرج الحروف من مخارجها الصحيحة، وأن ننطق بألفاظ الآيات اللفظ الصحيح الذي تنزل به جبريل -عليه السلام- وأقرأه نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحافظت الأمة على هذه القراءة الصحيحة إلى يومنا هذا، وستبقى كذلك حتى يبقى آخر واحد من هذه الأمة -بإذن الله-.

فإذا كان لا يغير المعنى كأن يلحن أي يخطئ المصلي عوض أن يقول الحمدُ لله، يقول الحمدِ لله وهذا قال الشيخ ابن باز: لا يغير المعنى، ومثَّل بما يغير المعنى بإيّاك من غير التشديد عوض أن يقول إيّاك نعبد يقول إياك نعبد فهذا إذا غير المعنى من النوع الثاني الذي به تبطل الصلاة والواجب أن يتناصح الناس في هذا الباب وأن يعلم الناس بعضهم بعضا. ما أدري إن كان الشيخ خالد يسمح أن أذكر قصة طريفة لأحد مشايخ القراءات وهو أظن ممن قرأنا عليه أنا وهو: الشيخ عبيد الأفغاني عليه رحمة الله تبارك وتعالى، هذا الرجل المبارك الذي وهب نفسه لكتاب الله -تبارك وتعالى- نشهد له شهادة نلقاه بها يوم القيامة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكون ممن بشرهم نبينا -عليه الصلاة والسلام- أن القرآن حجة لهم يوم القيامة، (القرآن حجة لك أو عليك) في قصة طويلة يقول: لما أول ما جاء من أفغانستان جاء من بعثة في عهد الملك خالد عليه رحمة الله تبارك وتعالى أو قبله الملك فيصل من معلمي القرآن، جيء بهم من بلاد إسلامية كثيرة ومنها أفغانستان وفق الله عز وجل أن اختير هذا الرجل المبارك نسأل الله له ذلك لأن يكون ضمن بعثة أفغانية لتعليم القرآن وأول ما بدأ بمكة المكرمة ومكث فيها مدة وظهر نشاطه وجلده في التعليم، وأعجب به مشائخ مكة في ذلك الزمان وفي وقت من الأوقات جاء بعض المشايخ من مدينة حائل في مكة وسألوا -أنا لا أذكر الأسماء- أحد المشايخ هناك في مكة أن يدلهم على من يعلم الأبناء القرآن يعني معلم القرآن يكون نشيطا وعارفا بكتاب الله، فقال لهم ذلك الشيخ: لا أجد لكم أفضل من هذا الأفغاني فإنه رجل قرآن حقيقة، يقول الشيخ عبيد: -الذي قص القصة ليس الشيخ عبيد بل أحد أولئك الذين كانوا ضمن ذلك الوفد- أخذنا الشيخ إلى المدينة وأول ما بدأ الشيخ بدأ التدريس وفي الأسبوع الأول يقول وهو في المسجد الذي أدرّس فيه صاحب هذه القصة، يقول: لما كنت خارجا من المسجد صلاة الفجر، يستوقفني الشيخ عبيد فيقول لي: وأنت لماذا لا تحضر حلقة القرآن، فقلت له: يا شيخ أنا شيخ وأنا إمام المسجد، قال له: لا، تحضر قال: ما قال لي أنك تلحن في القراءة، ولكن قال لي: لابد أن تحضر، قال: وحضرت مع الشيخ ووفق الله عز وجل أن قرأت عليه القرآن كله مثل ما يقول طلبة القرآن: (سلكة كلها)، وقوم له القراءة بالطريق الغير مباشر.

يعني الشاهد من هذا على المسؤولين بالدرجة الأولى أن لا يقدموا للإمامة إلا الأكفاء والأكفاء في هذا الباب عملا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وامتثالا لأمر من أوامره وهذه مسؤولية عظيمة بالنسبة للمسؤولين على هذا القطاع (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) غيرهم لا يقدم والله تبارك وتعالى أعلم.